إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









تسلسل الأحداث المهمة

وثيقة

نص كلمة الأمير جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت

إلى المؤتمر الإسلامي العالمي

المنعقد في مكة المكرمة، لبحث الأوضاع في الخليج العربي

يوم الإثنين 10 سبتمبر1990

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وصلى الله على سيدنا ونبيناً محمد  ، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهَدْيه إلى يوم الدين.

أيها الإخوة العلماء.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

    قال الله تعالى: ]وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ (الحجرات:9) صدق الله العظيم.

    وقال رسول الله r "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسْلِمه ولا يخذله. كل المسلم على المسلم حرام، عرضه وماله ودمه. التقوى هاهنا. حسب أمرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم"[1].

هذه هي مبادئ الإسلام، التي اتخذناها شرعة ومنهاجاً، وسرنا في هديها، مستنيرين بضيائها، وداعين إليها، في كل مناسبة يثور فيها خلاف بين المسلمين.

وإنكم تعلمون، ولا شك، ما تعرضت له دولة الكويت، من عدوان سافر، وغادر، من دولة جارة، ومسلمة، هي العراق. لم ترعَ حق الجوار، ولا حرمة الإسلام، في الشهر الحرام. ففي الحادي عشر من محرم، اجتاحت القوات العراقية، في نحو مائة وعشرين ألف جندي، دولة الكويت، في هدأة الليل. واستباحت تلك القوات الأعراض والأموال والدماء. واتخذت من المساجد والمدارس ومؤسسات الدولة المختلفة، ثكنات عسكرية، تنشر منها الدمار، وتروع الآمنين. فنهبت البنوك والمتاجر والمساكن. وسرقت دار الآثار الإسلامية، التي تعتز بها الكويت وتفاخر. وهدمت العديد من المنشآت المدنية، أو أحرقتها.

ونتيجة لذلك، فقد تشرد مئات الآلاف، من أبناء الكويت، وأبناء الدول، العربية والإسلامية، الأخرى، وسُلبت مدّخراتهم. وسقط المئات منهم، غدراً، برصاص الجنود العراقيين.

لقد تحولت، أيها الإخوة، الكثير من المؤسسات، التي كانت تنشر الخير والعدل والسلام في دولة الكويت، إلى معتقلات، يتلقى فيها أبناؤنا هناك أصناف التعذيب والإذلال. ويرِدنا، كل يوم، خبر عن مذبحة جديدة لمواطنين آمنين، يقتَلون، ويمثّل بهم، في قسوة وحشية، لا يقرها شرع، ولا ترضاها ملة؛ ولا ذنْب لهم، إلا أن يقولوا: ]إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ[ (الحج:38-39) صدق الله العظيم.

إن ما حدث، أيها الاخوة، هو سطو همجي مسلح، على دولة الكويت. ولم يكن، بأي حال من الأحوال، نزاعاً بين دولتَين على جزء من الأرض.

أخواني علماء الأمة الإسلامية.

لقد كان هذا قدر الكويت، التي كانت تتطلع، دائماً، إلى التعاون البنّاء مع الدول الإسلامية. فهي أول من طالب بإنشاء محكمة العدل الإسلامية، لحل النزاعات، التي تنشأ بين الدول الإسلامية. وكان لها الفضل في حل كثير من الخلافات بين الدول، العربية والإسلامية، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بضرورة تسوية المنازعات بين الدول الإسلامية، بالوسائل السلمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. وهو ما نصت عليه رسالة الإسلام، ومبادئ ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي.

وإن ما يعزي النفس، أن العالَم كله، لم ينس للكويت مواقفها. فالقرارات الصادرة عن أجهزة منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ودول عدم الانحياز، كلها قد أجمعت على الاستنكار الكامل للعدوان، والمطالبة بالانسحاب الفوري، وغير المشروط، للقوات العراقية، وعودة الحكومة الشرعية إلى الكويت.

ومع ذلك كله، فإن حكومة العراق، لم تفئ إلى أمر الله. وظلت، حتى الآن، سائرة في بغيها، غير عابئة بنداء العالم قاطبة. بل يحاول العراق صرف الأنظار عن الآثار، الناجمة عن احتلاله الكويت، بإثارة مشكلات جانبية، ومبادرات، لا تعبّر إلا عن عنف النظام في العراق وتعنّته. وهو، بذلك، يجر هذه المنطقة من بلاد الإسلام، إلى حرب، تأكل الأخضر واليابس. وسيكون شعب العراق المسلم، أول الخاسرين فيها.

أيها الأخوة الأجلاء.

إن من ركائز الإيمان الوقوف مع الحق، ودفع الظلم، وردع الفئة الباغية، قولاً وعملاً، والدعوة إلى حكم الله في الطائفتَين، اللتَين تبغي إحداهما على الأخرى.

قال ـ تعالى ـ ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[ (الأنفال:24-25) صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



[1] بالبحث في الكتب التسعة، وجد أن أقرب نص للحديث المذكور، ورد في سنن أحمد، الحديث الرقم 8365، والذي نصه: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا يُشِيرُ إِلَى صَدْره.