إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









تسلسل الأحداث المهمة

وثيقة

المبادرة النفطية

التي أعلنها الرئيس العراقي، صدام حسين، إلى العالم الثالث

يوم الإثنين، 10 سبتمبر 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة والأصدقاء، قادة وشعوب بلدان العالم الثالث المحترمون.

السلام عليكم.

إن الدول الكبرى، والمتطورة، أرادت، في وصفكم ووصفنا معكم بالعالم الثالث، ليس وصف الفجوة التي تفصلنا عنهم، في الجوانب، العلمية والتقنية، ومستوى التطور الاقتصادي ودرجته بعامة، مما كانت الدول الاستعمارية، التي تشكل أساس عالمهم، مسؤولة عنه، بالدرجة الأولى؛ وإنما أرادوا من وصف عالمنا بالعالم الثالث، تحديد الدرجة الإنسانية التي قرروا أن يمنحوها لنا، في مستوى تعاملهم معنا، ونظرتهم إلينا.

وهذا هو سلوكهم وتعاملهم الفعلي مع الجميع. ولذلك، لا تستغربوا، أيها الإخوة، عندما لا تضع لكم الدول الكبرى، والمتطورة، نصيب اهتمام لقضاياكم ومشاكلكم وإنسانيتكم، في كل إجراء أو قرار يتخذونه. وعلى هذا الأساس، أيضاً، فإن الذين قرروا غزو بلاد البترول، في الشرق الأوسط، وأهانوا مقدسات المسلمين، عندما احتلوا أرض نجد والحجاز ـ لم يسألوا ولم يجيبوا على ما سيصيب بلدان العالم الثالث من أذى، جراء فعلهم الشائن هذا. وفي الوقت الذي راحت فيه الشركات الاحتكارية النفطية، تغرف الربح الحرام، جراء هذه الأزمة، تركوا بلدان العالم الثالث، تتخبط بأزماتها، بسبب ازدياد أسعار، البترول نتيجة جريمتهم، زيادة، لا يقوى اقتصاد العالم الثالث على استيعابها. وإذا ما عزّ البترول أو تناقص عن الحاجة، فلا نشك مطلقاً بأنكم لن تحصلوا من البترول، إلا على ما هو فائض عن حاجة الكبار، والدول الأكثر تطوراً، حتى لو أصابتكم الكوارث الكبرى.

    وانطلاقاً من هذا التقدير، ومن روحية الأخوّة والتضامن معكم، نحن وأمتنا العربية، التي هي جزء من حالكم ومصيركم، استهدفتنا أمريكا والصهيونية، والدول الإمبريالية السائرة في ركابهما، والمتأثرة بهما.

وانطلاقاً من هذا الحال، أيضاً، وتضامناً معكم، في كل الظروف والأحوال السابقة، دعَونا إلى التخفيف عن كاهلكم، في مؤتمر عدم الانحياز، الذي انعقد في هافانا، سنة 1979. وكان العراق، يومها، وفياً لدعوته، يوم تنازل عن فروقات ارتفاع أسعار البترول، للدول التي كانت قد اشترت البترول منه، من بلدان العالم الثالث؛ وإن الدول التي شملناها بذلك، لا بدّ أنها ما زالت تذكر تلك المبادرة الكريمة.

    وانطلاقاً من هذا التقدير، والشعور الأخوي التضامني معكم، وتقديراً لموقفكم المنصف في قضايا العرب المصيرية، وفي المقدمة منها قضية فلسطين، نعلن، اليوم، أننا إخوة لكم، وأننا وإياكم في مصير واحد. ولذلك، فإننا نعلن، الآن، استعدادنا لتزويد المحتاجين، من بلدان العالم الثالث، ببترول العراق، من غير ثمن.

فعلى من يرغب بمثل هذه الترتيبات، التي نفترض بأنها غير مشمولة بالمقاطعة الأمريكيـة، لأنها لا تنطوي على بيع أو شراء، نقول فإن من يرغب في ذلك، عليه أن يتقدم إلينا بطلباته، مبيّناً الكمية والنوع، الذي يحتاجه من النفوط. وإذا ما تعذر علينا نقل النفط له في ناقلاتنا، فعليه تدبير ذلك على حسابه الخاص.

أيها الإخوة.

إننا عندما نتخذ هذا القرار، فإن الأساس فيه، هو الأساس المبدئي، والأخلاقي، للتخفيف عن كاهلكم، والتضامن معكم، في وقت نحن قادرون فيه على أداء مثل هذا الدور. وإن هذا الموقف، لم ولن يرتبط بنوع قرار أي منكم وموقفه من الأزمة الحالية؛ ذلك لأننا نحترم رأي الدول والشعوب، ونعرف أن لأي منها تقديره وموقفه، وأننا لا نفترض التطابق في كل القضايا، لتترابط عُرَى الصداقة والأخوّة. ولا نزعل من اختلاف المواقف، على أساس اختلاف زوايا النظر، أو التباين في المعطيات والمعلومات؛ وإنما نزعل فقط، عندما يحاول من يحاول، من الدول الإمبريالية، فرض موقفهم علينا، بالقوة، تعبيراً عن عقدة عدم احترامهم لبلدان وشعوب العالم الثالث، وعدم الشعور، إزاءها، بالمساواة والتقدير الإنسانيَّين.

تحياتنا إليكم وإلى كل الشعوب المظلومة والفقيرة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والله من وراء القصد.

                                                                     أخوكم صدام حسين

  20 صفر 1411هـ

الموافق 10 سبتمبر 1990م