إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









تسلسل الأحداث المهمة

وثيقة

الترجمة العربية

لرسالة الرئيس الأمريكي، جورج بوش

التي وجّهها إلى العراقيين، عبْر التليفزيون العراقي

يوم الأحد، 16 سبتمبر 1990

"إنني هنا، اليوم، لكي أشرح للشعب العراقي، لماذا ردّت الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، بالشكل الذي جرى، على احتلال العراق للكويت. وهدفي ليس تبادل الاتهامات، ولا تصعيد حرب الكلمات؛ ولكن للحديث بودّ عن أسباب هذه الأزمة، التي تواجهنا. ولا يجب ألاّ تخلط الأوراق أبداً؛ فلا خلاف بيننا وبين الشعب العراقي. ولقد كررت، مراراً، وأكرر ذلك، مرة أخرى، الآن، أن النقطة الجوهرية، هي معاداتنا للغزو، الذي أمر به صدام حسين.

في اليوم الثاني من أغسطس، اتخذت قيادتكم قرارها، غزو ومهاجمة دولة صغيرة، لا تمثل أي خطر على دولتكم، بلا ذريعة. وكانت الكويت هي الضحية. والعراق هو المعتدي.

وواجه العالم الغزو العراقي بِبُوقَة من التنديد، وقرارات جماعية في الأمم المتحدة. واستجابت سبع وعشرون دولة، غنية وفقيرة، عربية وإسلامية وآسيوية وإفريقية، دعوة المملكة العربية السعودية، والكويت الحرة، وأرسلت قواتها إلى منطقة الخليج، للدفاع ضد العراق. وللمرة الأولى في التاريخ، دانت 13 دولة عربية، من أعضاء الجامعة العربية، تمثّل 80% من الشعب العربي، دولة عربية شقيقة. واليوم، بمعاداة الرأي العام العالمي، يقف العراق وحيداً، ومعزولاً.

ولا أعتقد أنكم، شعب العراق، تريدون الحرب. فلقد تحملتم معاناة وأهوالاً، لا حصر لها، خلال ثماني سنوات طويلة، من الحرب ضد إيران. وهي حرب، لامست حياة كل مواطن عراقي. حرب سلبت حياة مئات الآلاف من الشباب الواعد بطموحات جيل كامل. ولا أحد يعرف أفضل منكم، النفقات الباهظة للحرب، النفقات التي تستنزف مقدرات أمة كاملة وطاقاتها، في خلاف يلتهمها. ولا أحد يعرف، كيف يمكن أن تكون صورة العراق، اليوم، والرفاهية والسلام، اللذَين كان من الممكن التمتع بهما، لو لم يدفع بكم زعماؤكم إلى الحرب.

والآن، مرة أخرى، يجد العراق نفسه على شفا الحرب. مرة أخرى، أخطأت القيادة العراقية نفسها الحسابات. ومرة أخرى، يواجه الشعب العراقي المأساة.

إن صدام حسين، يقول لكم، إن القوات العراقية دعيت لدخول الكويت. وهذا ليس صحيحاً. وفي الحقيقة، فإن الشعب الكويتي، بمواجهة قوات أكثر كثافة، يقاوم، بشجاعة، هذا الاحتلال. وسوف يؤكد لكم جنودكم العائدون، أن الكويتيين يقاتلون بشجاعة، وبكل الوسائل المتاحة.

وصدام حسين، يقول لكم، إن هذه الأزمة، هي صراع بين العراق والولايات المتحدة. والحقيقة أنها (مواجهة) بين العراق والعالم. وحينما اجتمعت إلى الرئيس جورباتشوف، في هلسنكي، اتفقنا على أنه من غير الممكن، أن يتحقق السلام والعدل الدوليان، إذا كان يمكن الدول الكبرى، أن تلتهم الصغرى. ولم يسبق، من قبل، أن اتّحد الرأي العام العالمي، بهذه القوة، ضد العدوان. كذلك، وحتى احتلال الكويت، لم تعاد الولايات المتحدة العراق. وفي الماضي، ساعدته على استيراد الطعام والسلع الأخرى، بقيمة مليارات الدولارات. كما أن الحرب ضد إيران، لم تكن لتنتهي، منذ عامَين، من دون دعم الولايات المتحدة ومساندتها، في الأمم المتحدة.

صدام حسين، يقول لكم، إن احتلال الكويت، سوف يفيد الدول الفقيرة في العالم. والحقيقة أن احتلال الكويت لا يساعد أحداً، بل إنه يضر بكم، كشعب عراقي، ويضر بشعوب، لا حصر لها، بين فقراء العالم. وبدلاً من الحصول على آبار نفط جديدة، بضم الكويت، فإن هذا العمل العدواني المضلل، سوف يكلف العراق 20 مليار دولار، سنوياً، من عوائد النفط المفقودة. وبسبب العدوان العراقي، فإن مئات الآلاف، من العمال الأجانب الأبرياء، يهربون من العراق والكويت. وهم مشردون على حدود العراق، بلا مأوى، ولا طعام أو دواء، ولا وسيلة للعودة لبلادهم. إن هؤلاء اللاجئين يعانون، وهذا شيء مخزٍ. ولكن الأسوأ من ذلك، أن آخرين هم محتجزون، كرهائن، في العراق والكويت؛ واعتقال الرهائن عمل، يعاقب البريء، ويفرق الأُسر، وهو عمل بربري. ولن يفلح هذا العمل، كما لن يؤثر في قدرتي على اتخاذ قرارات صعبة. ولا أودّ أن أضيف إلى معاناة الشعب العراقي؛ فالأمم المتحدة، فرضت عقوبات، ليس لمعاقبة الشعب العراقي، بل كوسيلة لإقناع قيادتكم بالانسحاب من الكويت. وهذا القرار هو في يد صدام حسين.

إن الألم، الذي تعانونه، الآن، هو نتيجة مباشرة للطريق، الذي اختارته قيادتكم. وحينما يعود العراق إلى طريق السلام، وحينما تنسحب القوات العراقية من الكويت، وحينما تعود الحكومة الشرعية لهذا البلد، وحينما يُطلق الأجانب المحتجزون ضد إرادتهم، حينذاك، وحينذاك فقط، سوف ينهي العالم هذه العقوبات.

وربما لا تقدر قيادتكم قدرة القوات المتحدة ضدها. أقولها بوضوح، ليس هناك أي احتمال لأن يفوز العراق. وفي النهاية، لا بدّ للعراق أن ينسحب من الكويت.

ولا أحد، لا الشعب الأمريكي ولا هذا الرئيس، يريد الحرب. ولكن، هنالك أوقات، تضطر فيها دول تقدر مبادئ السيادة والاستقلال، أن تقف ضد العدوان. وكأمريكيين، نحن بطيئون في رفع يدنا بالغضب. ويهمنا استكشاف كل الوسائل السلمية، لإنهاء نزاعاتنا. ولكن، بعد استنفاد كل البدائل المتاحة، وحينما نواجه احتمال المواجهة والحرب، فليس هناك أمة على الأرض، تصميمها أكبر، وصمودها أقوى منّا.

إن الأعمال، التي قامت بها قيادتكم، وضعت العراق في مواجهة العالم. ولكن، وبينما هذه الأعمال قرّبتنا من حافة المواجهة، فإن الحرب ليست حتمية. فما زال هناك فرصة لإنهاء هذه الأزمة، بالوسائل السلمية. وحينما نقف مع الكويت ضد العدوان، فإننا نقف مع مبدأ مفهوم جيداً في العالم العربي. ودعوني أُشِرْ إلى كلمات قائد عربي، صدام حسين نفسه: "إن دولة عربية، ليس لها الحق في احتلال دولة عربية أخرى. وإذا حاد العراق ـ لا قدر الله ـ عن طريق الصواب، فسوف نرغب في أن يرسل العرب جيوشهم، لإصلاح الأحوال. وإذا ما انتشى العراق بقوّته، وزحف بقواته إلى دولة عربية أخرى، فإن العرب سيكونون على حق، لنشر جيوشهم، ووقف هذا الزحف".

هذه هي كلمات قائدكم، صدام حسين، التي أطلقها، في 28 سبتمبر 1988، في حديث إلى المحامين العرب. واليوم، وبعد عامَين، فإن صدام حسين، زحف واحتل (أراضي) عضو من أعضاء الأمم المتحدة والجامعة العربية. ولن يسمح العالم لهذا العدوان بأن يستمر. ولا بدّ للعراق أن ينسحب من الكويت، من أجل المبدأ، من أجل السلام، ومن أجل الشعب العراقي".