إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









تسلسل الأحداث المهمة

طارق عزيز:

    ولكن هذا ما نسمعه من مصادر مختلفة، منذ حصلت الأحداث الأخيرة. أنتم زرتم المنطقة مرات عديدة، ولكن لا أذكر أنك زرت المنطقة قبل 2 أغسطس. وبالنسبة لبلادنا لم يزرنا سوى السيد كيلي.

بيكر:

    لقد ذهبت إلى المنطقة مرات عديدة، لقد كانت لدينا أشياء كثيرة مهمة مثل وحدة ألمانيا والعلاقات مع الاتحاد السوفيتي.

طارق عزيز:

    أعرف كنتم دائماً مشغولين وقضايانا تأتي في آخر القائمة. وفي حديثي عن الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين وهذه النقطة قضيت الكثير من وقتي بشأنها، وقد اقتربنا كثيراً وإن لم نحقق النجاح من الواضح أن هذه القضية إحدى المشاكل الكبرى في المنطقة.

    إن لبلدي فهماً آخر؛ ولديّ أسبابي، الفلسطينيون كانوا يطلعوننا وينسقون معنا أولاً بأول، ونعرف ما كان يقال ويعمل. تقديرنا أن ما يجري لا يحل القضية الفلسطينية على أساس عادل، وإنما هو مجرد كسب للوقت. وذلك في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في الاحتلال وفي إقامة المستوطنات وتنظيم هجرة اليهود السوفيت.

بيكر:

    إني لم أدخل في هذه الجهود لأكسب وقتاً، ولربما كنت وحيداً. ولكن مهما قلت لم يكن هذا سبب بذل جهودي.

طارق عزيز:

    إني لا أتحدث عن النيات، ولكن عن النتائج. لقد قلت إن تاريخ 15/1 هو حقيقي. ونحن لم نجادل في هذا ولكننا قلنا إننا لن نعترف بالقرار الأخير لمجلس الأمن. وكذلك القرارات الأخرى؛ لأنها ظالمة ومجحفة وصدرت كأحكام غيابية ضد بلد مستقل، هو العراق. لذلك، فالتعامل مع هذا التاريخ هو أمر متروك لكم. وأقول لك، بالنسبة لنا الأمر لم يتغير. أنا قلت لكم منذ بداية الأحداث، ونحن نتوقع العمل العسكري، وقبل صدور القرار الأخير عن مجلس الأمن، أنتم والسيدة تاتشر، كنتم تقولون إن المادة 51 من الميثاق كافية لعمل عسكري. وكنا نأخذ هذه التصريحات على محمل الجد.

    الآن أنا مسرور أن هذا اللقاء قد تم. صحيح أن الخلافات عميقة بيننا، ولكننا استطعنا تبادل وجهات النظر. ولو حصل هذا في وقت مبكر، ربما كنا حصلنا على نتائج أفضل. والآن أنتم تضعون موعداً نهائياً.

بيكر:

    المجتمع الدولي قال هذا، منذ خمسة وأربعين يوماً.

طارق عزيز:

    المهم هناك تاريخ تشيرون إليه. والوقت المتبقي قصير جداً. ولو أننا فكرنا في عملية دبلوماسية جدية، فإن الوقت لا يسمح بمثل هذه العملية. أنا لا أدري ماذا يعني هذا الموعد بالنسبة لكم. إذا كنتم تعنون أنه بعده يمكن أن تشنوا الحرب، طبعاً باستطاعتكم أن تفعلوا ذلك. ولكن إذا كنتم مهتمين بالمزيد من المحادثات، فيمكن أن تكون هناك محادثات. وعندما تلمسون أنكم في وضع يدفعكم للقيام بالحرب يكون الأمر متروكاً لكم.

    أنا لدي اقتراح، سبق للرئيس بوش أن اقترح أن أزور واشنطن، وأنت تزور بغداد. ونحن وافقنا على هذا الاقتراح، واختلفنا على المواعيد. أنا أقترح كما اقترح بوش، أن أقوم أنا بزيارة واشنطن، وإذا حددت لي موعداً، فيمكنني أن أوافق عليه؛ وأن تقوم أنت بزيارة إلى بغداد. أنا شخصياً يهمني أن التقي مع الرئيس بوش، لكي أنقل انطباعاتي عن اللقاء إلى رئيسي. وإن رئيسي لا يعرف الرئيس بوش. وكذلك الرئيس بوش لا يعرف رئيسي. وكل واحد يسمع عن الآخر من مصادر مختلفة بعضها يمكن أن يكون مغرضاً. وستتاح لك الفرصة لمعرفة الرئيس صدام حسين وأن تنقل انطباعاتك المباشرة إلى رئيسك، وأعتقد أن مثل هذه العملية في تصوري، يمكن أن تكون مفيدة. وهذا مقترح من جانبنا. وأترك الموضوع لكم.

بيكر:

    هذا أول اقتراح من جانبكم من أجل محادثات مباشرة. ويأتي قبل ستة أيام لما نقول إنه تاريخ حقيقي ونهائي. عندما قدم الرئيس بوش اقتراحه، كنا على استعداد لاستقبالك في السابع عشر من ديسمبر. وطلبنا منكم فقط أن تحددوا ميعاد لزيارتي إلى بغداد. واقترحنا أن تختاروا أياً من خمسة عشر يوماً، ولكنكم أصررتم بأن تاريخاً واحداً مقبولاً، وهو يقع في 72 ساعة فقط قبل انتهاء الميعاد النهائي. وقلنا ذلك في السابق وأقوله الآن إنكم اخترتم هذا التاريخ للتلاعب بالميعاد النهائي والرئيس بوش قال دعني أقُل لك إنه بعد انسحابكم من الكويت وإعادة الحكومة الشرعية سيسعدني أن آتي إلى بغداد.

    أنا أحب أن أحصل منك على جواب، بالنسبة إلى جو ولسون والدبلوماسيين الأربعة الآخرين. إننا قلنا في مناسبات عديدة، قبل العشرين من ديسمبر، أن يوافق العراق على أي من التواريخ الخمسة عشر، بدلاً من أن تتلاعبوا بما يؤمن المجتمع الدولي بأنه تاريخ نهائي وحقيقي.

طارق عزيز:

    نحن حقيقة لم نفهم موقفكم من مسألة المواعيد. أنتم اقترحتم زيارة إلى واشنطن وإلى بغداد. والرئيس بوش اقترح أن تكون زيارتي في النصف الثاني من الأسبوع الذي يبدأ في العاشر من ديسمبر. حين جلسنا أنا وزملائي في الوزارة لنبحث الموعد في ضوء هذا المقترح، وجدنا أن النصف الثاني من ذلك الأسبوع يقع يوم الأربعاء أو الخميس.

بيكر:

    أي يوم من الثلاثاء إلى الجمعة كان ملائماً. كنت أنتظر فقط عودتي من تكساس.

طارق عزيز:

    إذا ذهبنا الأربعاء سيكون شامير في واشنطن. شيفاردنادزه هناك أيضاً؛ وستكونون منشغلين. وأنا لا أريد أن أكون في واشنطن في الفترة التي يكون فيها شامير.

بيكر:

    قلنا حسناً. تعالوا يوم السابع عشر.

طارق عزيز:

    تعرفون السفر يحتاج إلى نهار كامل. وكذلك الحاجة للراحة. ويتم اللقاء الجمعة، بعدها يأتي السبت والأحد. وكنت راغباً برؤية الناس؛ لدينا أصدقاء أردنا الحديث معهم، اقترحوا الإثنين كي نذهب في عطلة الأسبوع.

    نحن اقترحنا يوم الثاني عشر لزيارتك. وأنتم زعلتم وقلتم هذا سيؤدي إلى استغلال يوم الخامس عشر. نحن لم نفهم، كان بإمكانك القدوم في الثاني عشر.

بيكر:

    كان من الممكن أن تروني في بغداد خلال خمسة عشر يوماً. وكنا سنتحدث عن تأجيل التاريخ المحدد في الخامس عشر.

طارق عزيز:

    أنت لم تأت، وكان باستطاعتك عند عدم رؤية نتيجة، أن تعود لواشنطن، وتبدأوا الحرب يوم 15/1. إنما قلنا، وعبر صديقنا المشترك، غينشر، بأن هناك قاعدة، أن كل رئيس يحدد موعد استقبال الوزير الآخر. وإذا وافق الجانب الأمريكي على الاقتراح، فنحن على استعداد لنتخذ موعداً أقرب من يوم 13/1.

بيكر:

    هذا لم ينقل لنا. ولكن إذا أردت أن تبدأ العملية، لماذا لم تقبَل عرض الرئيس بوش؟

طارق عزيز:

    المقترح الأول للرئيس بوش أنه يرغب بإرسال بيكر إلى بغداد في 15 ديسمبر و5 يناير.

بيكر:

    وذلك في وقت مناسب للجانبين، ولم يكن مناسباً لكم إلا اليوم الثاني عشر، ولم يكن مناسباً لي القدوم بعد اليوم الثالث. رئيسكم استطاع أن يقابل محمد علي كلاي وكونالي وهيث، ولكن الحقيقة أنه لم يكن له وقت خلال خمسة عشر يوماً ليقابل الوزير بيكر. أنتم اخترتم ذلك. لـذا، لا أستطيع أن آتي إلى بغداد.

طارق عزيز:

    ذكرت زيارات لبغداد. وهذه تمت بترتيب مسبق. وقد انتظر بعضهم أياماً. وزيارتك تختلف، أنت تقابل الرئيس يوم وصولك أو في اليوم التالي بعد استراحتك. على كل، هذا مقترحي، نحن نرغب بمواصلة المباحثات، ونرغب أن ألتقي الرئيس بوش، وأنت الرئيس صدام. وإذا كنتم اتخذتم قراراً بالحرب، فبإمكانكم أن تنفذوا هذا القرار في أي وقت.

بيكر:

    إننا لم نأخذ هذا القرار، ولا نريد أن نأخذ هذا القرار. ولكن الحرب بدأت في 2/8، وما نحاول أن نقوم به هو أن ننهي هذا العدوان ضد دولة عربية صغيرة. لقد مضت خمسة شهور ورأينا اثني عشر قراراً للأمم المتحدة. لذا، فالوقت للحديث بدأ ينقضي. إنه وقت لإجراء فعلي من قِبل العراق لكي يستجيب لقرارات الأمم المتحدة.

طارق عزيز:

    لدي سؤال. لماذا لا تشجعون ما يسمى بالحل العربي؟

بيكر:

    لا أعرف ما هو هذا الحل. توجد دول عربية تقول إن الحل هو قرارات الأمم المتحدة. وأنـــا لا أعرف أي دولة صوتت ضد هذا. وكما قلت لا توجد دولة عربية لم تدِنْ غزوكم للكويت. قد يكون هناك متحالفون معكم بشكل آخر، مثل السودان واليمن، وإلى حدِّ ما الأردن، ولكن هؤلاء أيضاً دانوا غزو الكويت، فما هو الحل العربي؟ إننا نعمل على حل دعمته ست من دول الخليج وسورية ومصر والمغرب. وعدد كبير من الدول العربية تريد تنفيذ هذه القرارات. فماذا تقصد بالحل العربي؟

طارق عزيز:

    إذا كنت تتحدث عن قرار قمة القاهرة، فهذا قرار باطل شرعياً. باستطاعتك أن تكلف مستشارك القانوني أن يدرس المادة السادسة من ميثاق الجامعة العربية، هذه المادة تشترط الإجماع في أي قرار من النوع الذي صدر في ذلك الاجتماع. وكثير من القادة العرب يعتبرون ما حصل في القاهرة مهزلة. وتسأل ما هو الحل العربي! هناك حلول عربية، كان هناك وضع في لبنان وتم حل عربي لهذا الوضع، واتفاق الطائف أنتم أيدتموه.

    إذاً هناك تاريخ وتجارب سابقة تسمح بالتفكير بحل عربي، أي أن يجتمع عدد محدود في البداية من القادة العرب، من بينهم قائداً العراق والسعودية، ويفكروا بحلول. ويمكن لهذه الحلول أن تعرض على الهيئة الدولية في المستقبل.

    أنا قابلت الرئيس اليمني بعد لقائك إياه في صنعاء. وهو قال لي إنه قال لكم إنكم تدخلتم في اجتماع الرباط بين الملك الحسن والرئيس بن جديد والملك حسين، لمنع حصول تقدم. وهكذا، ماتت تلك المحاولة. الشائع في منطقتنا هو أن الولايات المتحدة تقف في وجه مثل هذا الحل. ونحن نسأل هذا السؤال: لماذا لا نجرب هذا الأسلوب؟

بيكر:

    يمكن أن يكون هناك حل عربي. العراق يستطيع أن ينسحب من الكويت بالطريقة التي طلبها المجتمع الدولي. قال البعض إن الحل العربي كان قبل 2 أغسطس، وأنتم لم تقبلوه. ولكن كما قلت إن الغالبية من الدول العربية صوتت في الهيئة الدولية ضدكم، وأيدت تطبيق هذه القرارات.

    ولكن كيف تشرح ما تم في الجمعية العامة؟

طارق عزيز:

    أعرف كيف تمت هذه التصويتات. وأعرف أن ما جرى ليس جدياً. وهناك مواقف عربية جيدة. ونحن كنا على اتصال خلال الفترة الماضية مع عُمان؛ وعُمان مع الحل العربي. واليمن مع الحل العربي، وأنت سمعته مباشرة. والأردن مع الحل العربي. وليبيا مع الحل العربي، وقد اقترح الرئيس الليبي لقاء بين رئيسي والملك فهد. وتونس والسودان والجزائر مع الحل العربي. والمغرب مع حل عربي. وموريتانيا مع حل عربي. وفلسطين مع حل عربي. والعراق. إذاً، الأغلبية مع الحل العربي.

    وأنا أعطيت بعض الوقائع، الملك الحسن دعا لاجتماع عربي، والملك الحسن دعاني للاجتماع مع سعود الفيصل في الرباط. وتونس دعت رسمياً إلى حل عربي، فمن الذي عارض؟

بيكر:

    أنتم، أساساً، لأنكم قلتم: " لا. الكويت لنا. نحن ضممناها، ولا نهتم بما ستقوله الأمم المتحدة ". هذه هي المشكلة الرئيسية. أنا آسف لهذا الاختلاف. وقلت لك إننا لم نتخذ قراراً، ولكن هذا لا يعني أن يوم 15/1 ليس حقيقياً. أنا أعرف أنكم تتوقعون الأشياء منذ فترة طويلة؛ لأنكم عندما تبدأ فعلاً عملاً عسكرياً، تفترض أيضاً أننا نتعرض لنفس الشيء. لقد كنا واضحين جداً في فترة الخمسة والأربعين يوماً السابقة، أنه لن يكون هناك هجوم، لأن ذلك لم يخول من قبل الأمم المتحدة. لكن الوقت بدأ ينقضي. وقد يكون ما رمزت له بالقدر سيحدث. وهذا بدون شك شيء مؤسف. ولكن هذا التاريخ، بعد أن جلستم لمدة خمسة شهور ورفضتم لفترة سبعة عشر يوماً أن تبادروا، فنحن لن نتراجع، نحن منفتحون وصريحون حول هذه النقطة. وقلنا أي يوم من الخمسة عشر يكون مناسباً. وقلنا نأمل أن يستغل العراق الفرصة. أردنا تاريخاً مناسباً لنا، وإنه يمكنك أن تأتي للولايات المتحدة في 17/12 الآن هذا تاريخ. ولكن الرئيس قال إنكم لم تأخذوا عرضه الأصلي، لذلك لن يكون هنا سفر إلى بغداد.

طارق عزيز:

    على كل حال، هذا هو قراركم. نحن نرغب باستمرار الحوار بيننا. أنا لا أستطيع أن أتجاهل حقيقة كبيرة جداً وخطيرة جداً، أن اللقاء الوحيد الذي جرى بيننا يجري في ظل التهديد بموعد معين.

بيكر:

    كان هذا حقيقة لمدة أربعين يوماً.

طارق عزيز:

    حتى الأربعون يوماً، لا أزعم الخبرة في تاريخ الدبلوماسية، ولكن لا توجد سابقة من هذا النوع وهو أن تفكر بحل سلمي لمسألة خطيرة في منطقة متفجرة تتداخل فيها المشاكل والمخاطر، ويقال إن عليك أن تعالج هذه المسألة خلال خمسة وأربعين يوماً أو خلال اثني عشر يوماً أو ستة أيام. العمل السياسي والدبلوماسي له قواعده، ويجب أن تشعر الأطراف التي تقبِل على العمل السياسي بأنها ليست مهددة وموضوعة تحت مطرقة، ولكي تفكر بشكل بناء تفكيراً من النوع الذي يفتح آفاق المستقبل، وليس باتخاذ قرارات تحت الضغط. هذا لم يكن سلاماً، هذا استسلام. ونحن لن نقبل الاستسلام. وشرحت لك الأسباب الجوهرية التي تدفعنا إلى هذا. نحن نريد سلاماً شاملاً ودائماً، سلاماً قائماً على العدل والإنصاف والمشروعية الدولية. هذه هي رغبتنا المخلصة.

بيكر:

    لقد أخذ منكم يومين الذهاب إلى الكويت. ولقد مرت الآن خمسة شهور، نحن قمنا بإنجاز اجتماع طويل ومركز. وأشكر الفرصة التي أتاحت مناقشة هذه القضايا. أنا أشعر بخيبة أمل لعدم وجود طريقة لحل سلمي. ولكن إذا اعتقدت أن الأمر سيأخذ فترة طويلة لمناقشة قضايا أخرى في المنطقة، فنحن لن نربط هذه المشكلة معها.

    نحن سنعمد لحل المشاكل الأخرى، كما فعلنا في السابق، وبشكل مكثف. ولكن يجب أن نسألك أن تحترم قرارات المنظمة الدولية. وليس هناك شيء نستطيع أن نقوم به في هذا الصدد. ما زلت لم أحصل على إجابة بشأن قضية جو ولسون.

طارق عزيز:

    نحن سنطبق قواعد القانون الدولي في هذه المسألة.

بيكر:

    شكراً جزيلاً.

طارق عزيز:

    فيما يخص الربط إذا وقعت العمليات العسكرية، فإن جميع الأطراف في المنطقة ستشترك فيها. وإذا اشتركت هذه الأطراف فبعد فترة من الزمن ستتوقف الحرب، سنة أو سنتين أو ستة أشهر، أنا لا أجادل على الزمن. أنتم تراهنون أنها ستكون قصيرة. ونحن مصممون وواثقون أنها ستكون طويلة. ولكن بعدها هل ستترك المنطقة بدون سلام؟ هل ستترك لمزيد من الحروب اللاحقة؟ إذا كان الجواب هو أنه يجب أن يكون سلام في المنطقة، فلا بد أن يجتمع المعنيون بالحرب ليصنعوا السلام. فلماذا لا يفعلون ذلك اليوم؟

بيكر:

    لماذا لم يقوموا بذلك في العشرين وبعده لغاية 3/1/1991؟

طارق عزيز:

    أنا لا أقصد العراق والولايات المتحدة فقط، وإنما أقول الأطراف التي ستشترك في الحرب. من المؤكد أن هذه الأطراف: الولايات المتحدة، العراق، السعودية وإسرائيل.

بيكر:

    إذا استجبتم لقرارات مجلس الأمن، فإن هناك الكثير الذي يمكن أن يحدث. ولكن إذا لم تطبقوها واستمريتم بقول لا، إنها لنا (الكويت) وسنحتفظ بها، فيجب ألا نتكلم بعد خمسة أشهر ونصف الشهر.

    يمكن أن هذا لم يتم سابقاً، لم أقم ببحث. ولكن أقول إنه لم يحدث سابقاً إجماع دولي مثل هذا، تستطيع أن تقول إنها الولايات المتحدة فقط. وقد يكون البعض يتحدث عن الربط، ولكن هذا عدد قليل جداً ولا يمثلون ثقلاً. وبصراحة لا توجد رغبة بهذا من قبل 28 دولة التي توجد لديها قوات في المنطقة. وحتى الذي سيقبلون الفكرة وعددهم قليل، فإنهم سيكونون هناك وقواتهم هناك وسيكونون ملتزمين. قد يكون هذا ليس له سابقة، ولكن هناك إجماع دولي كبير. وأعتقد أنكم منعزلون، كما لم يحدث جولة أخرى منذ زمن طويل.

    أشكرك مرة أخرى لإعطائكم التأكيدات في قضية الدبلوماسيين التي طرحتها عليكم. وأطلب أن يسمح لهم بمغادرة العراق في 12/1.

طارق عزيز:

    حول موضوع الربط بين قضايا المنطقة، أنا سمعت أكثر من تصريح منك ومن الرئيس بوش، بأنكم لن تسمحوا بإعطاء جائزة للعدوان كما وصفتموه، وأنكم لا تريدون إعطاء جائزة للرئيس صدام حسين. نحن لم ننظر إلى المسألة من زاوية الجوائز.

    أنتم في الولايات المتحدة دولة كبيرة وقوية وغنية. هناك مشاكل في العالم تهتمون بها. ولكن لم يحصل أن ضربت عاصمتكم بصاروخ أو هاجمتها طائرة وكذلك مدنكم الأخرى، كما حصل لبغداد والقاهرة ودمشق. لذلك، مسألة السلام بالنسبة لنا هي ليست مسألة جائزة مثلما يذهب أحد إلى أستوكهولم ليتسلم جائزة نوبل، هذه ليست المسألة. المسألة لنا هي حياة أو موت، هل نعيش كأمة بكرامة ويكون لنا مستقبل ولأبنائنا ولأحفادنا؟ أم يستمر الصراع والقتل؟ فإذا ساهمت الولايات المتحدة في صناعة السلام الشامل والدائم في المنطقة ككل، فلتكن الجائزة لها؛ نحن سنكتفي بجائزة الحياة الكريمة وهناك مستقبل أبنائنا وأحفادنا.

بيكر:

    أقول إنكم تستطيعون أن تعيشوا بكرامة إذا وافقتم على تنفيذ القرارات. ثم بعد هذا تكون المناقشات مع أي طرف تعتقدون أنه مناسب. ولكن لا نستطيع أن نضع شروطاً للاستجابة لقرارات الأمم المتحدة تتعلق بعوامل وقضايا أخرى.

طارق عزيز:

    ولكن تلك المشاكل فيها قرارات للأمم المتحدة.

بيكر:

    كما ذكرت، القرارات حول الصراع العربي ـ الإسرائيلي تتحدث عن حل عن طريق التفاوض ولا تقول انسحب دون شروط. أنا لا أريد أن أجادلك في الكلمات.

طارق عزيز:

    أنا أيضاً، لا أريد أن أجادل في القرار 660 لأني لا أعرف به. ولكني سمعت من يقول إن المفاوضات عنصر جوهري في ذلك القرار. هذا لا يعني أني أتعامل مع القرار، ولكن لغرض الشرح، وهذا لم يقله عراقي.

بيكر:

    القرار 660 يشير إلى حل خلافاتكم مع الكويت عن طريق التفاوض، بعد الانسحاب.

السفير روس:

    هل أنت مستعد للانسحاب والدخول في مفاوضات مع الكويت؟

السفير القيسي:

    القرار لا يذكر بعداً، بل يقول فوراً للمسألتين.

طارق عزيز:

    لا أدخل في جدال. ولكن بيكر قال إن تلك القرارات حول القضية الفلسطينية والشرق الأوسط تتضمن مفاوضات، وهذا لا يتضمن أن القرارات التي تخص القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط، مضى عليها ثلاث وعشرون سنة، في حين توضع هذه القرارات كسيف مسلت وهذا هو موضوع المعايير المزدوجة. لقد قلت إن المسألة هي احترام الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة والمشروعية الدولية؛ فهناك أيضاً قرارات الأمم المتحدة، ويجب أن تحترم.

بيكر:

    إن جميع القرارات يجب أن تحترم.

طارق عزيز:

    إسرائيل لم تحترم هذا المبدأ. ولم تطبقوا على إسرائيل قرارات الحظر والحصار الاقتصادي والجوي. فهل أفهم أن هذا هو مجهود لتطبيق قرارات مجلس الأمن؟ إنه عمل عدواني ضد العراق. وليتك قمت بربع جهدك تجاه إسرائيل، ولم أكن لأتجادل معك.

بيكر:

    لقد استنفدنا جهودنا.

روبير كيميت (وكيل الخارجية الأمريكية):

    نذكر هنا القرارين 242 و 338.

بيكر:

    إن الظروف هنا مختلفة تماماً حول الطريقة التي تم بها الاحتلال، ودون الدخول في تفاصيله الفنية. لقد تحركت القوات نحو الحدود الإسرائيلية، وصدرت التهديدات بدفعهم إلى البحر. وحاربت إسرائيل ضد عدد من الدول، وانتصرت. ومن هنا جاء الاحتلال.

    أما هنا، فنجد دولة لها قوات عسكرية وتفاوت كبير في القوة، ذهبت واحتلت. وقمتم بالتعامل بشراسة مع دولة عربية صغيرة. نحن نرى الشيئين مختلفين. ونحن لم نجلس مكتوفي الأيدي.

طارق عزيز:

    وهنا تأتي المعايير المزدوجة.

بيكر:

    الاتفاقية الموجودة التي تمت (كامب ديفيد) تمت من خلال وساطتنا.

كيميت:

    توجد قوة عسكرية أمريكية في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات في سيناء، للتأكد من تنفيذ الاتفاقية.

طارق عزيز:

    إن هذه القوة التي تتحدث عنها، هي ضمن القوة متعددة الجنسيات لحفظ السلام. المهم أن الأراضي العربية الفلسطينية محتلة منذ ثلاث وعشرين سنة. هذه حقيقة. وأن الجولان قد ضمت بقرار إسرائيلي. وأن القدس قد ضمت بقرار إسرائيلي. ويومياً اسحق شامير يقول إن هذه الأرض هي يهودا والسامرة. والمستعمرات مستمرة في البناء. والقتل مستمر. وما تسميه بالقسوة مستمر يومياً، وليس من خلال تقرير مشكوك في مصداقيته، ولكن من خلال وقائع حية تعرض يومياً على التليفزيون منذ أربع سنوات. أنا هنا أرى أن المعايير مزدوجة فعلاً. هذا هو شعور الفلسطينيين. القرار الأخير كم يوماً اتخذت مناقشته في مجلس الأمن؟ في حين وفي نفس الوقت صدرت قرارات عديدة ضد العراق!

بيكر:

    السبب الذي أخذ القرار وقتاً طويلاً، هو أننا لم نصوت ضده.

السفير القيسي:

    وهل هذا موقف صحيح؟

بيكر:

    إذا لم تعجبك طريقة العمل في الأمم المتحدة، فيمكنك أن تنسحب.

طارق عزيز:

    نحن انتمينا إلى الأمم المتحدة. ولكن الأمم المتحدة قامت من أجل العدالة والسلام، وعندما تطبق معايير مزدوجة، فإننا نشعر بالأسى. أنت قلت إن القرار الأخير تأخر، لأنكم لم تستخدموا الفيتو.

بيكر:

    لقد عملنا بشكل شاق.

طارق عزيز:

    أنتم تقدمون الحماية لإسرائيل. ولو كان العراق عميلاً للاتحاد السوفيتي لما صدرت هذه القرارات ضده.

بيكر:

    لقد كانوا يصوتون بالفيتو في السابق.

طارق عزيز:

    إذا رجعت للمناقشات في الأعوام 1961 ـ 1963، لوجدت أن الاتحاد السوفيتي كان معنا وعرقل دخول الكويت إلى الأمم المتحدة. نحن ليس لدينا من يحمينا، وأنتم تحمون إسرائيل.

بيكر:

    إذا كنتم فقراء، فذلك لأنكم صرفتم كل أموالكم على الأسلحة.

طارق عزيز:

    إذا تحدثنا عن الأسلحة والفقر، فإن الكثير من الفقراء في الولايات المتحدة، يقولون نفس الشيء، لأن الحكومة الأمريكية تصرف المال على السلاح.

بيكر:

    لأن هناك معايير مزدوجة في الولايات المتحدة، فإن هذا يبرر أن نغزو ونعامل بطريقة شرسة دولة عربية صغيرة لكي نكون متساوين مع إسرائيل؟ أنا لا أفهم ذلك!

طارق عزيز:

    حصل اعتداء على العراق، والعراق حذر منه مرات عديدة. وأعطيتك أمثلة ومذكرات أرسلت للجامعة العربية وخطاب للرئيس صدام حسين في قمة بغداد وخطاب في 16 يوليه. بلدنا كان مهدداً وقد تصرفنا للدفاع عن بلادنا.

بيكر:

    لن يصدق أي شخص هذا. ولا أعتقد أن أي شخص سوف يصدقه. لقد تعقبنا المكالمة بين الملك حسين وبوش.

السيدة جارلس:

    لقد حصلنا على النصوص، وكانت مخطئة في نقطة واحدة. الرئيس تحدث مع الملك حسين مرتين في 28 يوليه و31 يوليه في 28 يوليه. قال الرئيس أنا منزعج وآمل ألا يخرج الموقف عن حدود المعقول. الملك حسين رد بأنه لا توجد هناك إمكانية لحدوث هذا، ولن تصل إلى هذه النقطة.

    في 31 يوليه قال الملك حسين للرئيس: العراقيون غاضبون. ولكن أنا آمل أن شيئاً يمكن أن يتم لمصلحة وتعاون أكبر في المنطقة. سأل الرئيس: دون أي حرب؟ قال الملك حسين: نعم، آمل أن هكذا سوف تكون القضية.

طارق عزيز:

    إن المكالمة الثانية تمت أثناء قمة جدة وهذا لن يغير الحقيقة، لأننا كنا نأمل والملك حسين أيضاً أن تؤدي محادثات جدة إلى اتفاق. والملك حسين كان يعبر عن الأمل، ونحن كنا نأمل في الجانب العراقي أن تؤدي المحادثات بنتيجة إلى السلام. ولكن تأكد لنا أن الحكومة الكويتية كانت ماضية في المؤامرة، لذلك تصرفنا.

بيكر:

    قلت إن الملك حسين قال لنا إنكم ستقومون بهذا العمل.

طارق عزيز:

    الملك دقيق جداً. وقال العراق غاضب. وهذا ما قاله في الكويت. إنه لم يقُل إن العراق سيقوم بعمل عسكري، لأننا لم نقُل له ذلك. ولكنه كسياسي ذكي، يعرف ويستطيع أن يستنتج كيف تتطور الأمور في مثل هذه الحالة. ولهذا جئت بهذه المقارنة لأبين أن ما قاله مبارك ليس صحيحاً؛ لأن استنتاج مبارك كان خاطئاً، سواء كان بحسن نية. أو بسوء نية ولكن استنتاجه كان خاطئاً تماماً وكلامه عن الرئيس صدام حسين بأنه لم يكن وفياً لكلمته، كان افتراء.