إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









مقدمة

المبحث الثاني

مواقف المنظمات والتجمعات الدولية الأخرى

أثارت الأزمة ردود فعل واسعة النطاق، شملت العالم بأسْره إذ إنها حملت في طياتها قضايا وموضوعات عديدة، أثرت تأثيراً، مباشراً أو غير مباشر، في مصالح دول العالم كافة، من دون استثناء، وإنْ بدرجات ونتائج متفاوتة. إضافة إلى نتائجها وانعكاساتها على موازين القوى وعلى الأوضاع الإستراتيجية في العالم برمّته. من بين هذه القضايا:

  • إمدادات النفط وأسعاره المتزايدة.
  • مصير البعثات، الدبلوماسية والقنصلية، في الكويت.
  • أوضاع العاملين في الكويت والعراق.
  • الرهائن الأجانب المحتجزين في الكويت والعراق.
  • نتائج الحظر، الاقتصادي والعسكري، المفروض من جانب مجلس الأمن.

    لذلك، لم يكن غريباً، أن تصدر بيانات عن كافة المنظمات والتجمعات الدولية، من دون استثناء، تحدد مواقف دولها الأعضاء. وعلى الرغم من التبايُن في رُؤَى هذه الدول ومواقفها، إلاّ أن بياناتها تمثل، على الأقل، المواقف المشتركة، التي تعكس الحد الأدنى من اتفاقها في وجهات النظر إذ إن كافة هذه البيانات، دانت ممارسات العراق، خلال الأزمة، المتعلقة بمعاملة البعثات، الدبلوماسية والقنصلية، والانتهاكات المختلفة لحقوق الإنسان، واحتجاز رعايا الدول الأخرى، كرهائن. كذلك، أيدت قرارات مجلس الأمن، بما فيها قرار الحظر الاقتصادي، وأعلنت التزامها بها، وطالبت بالانسحاب الفوري، غير المشروط، للقوات العراقية، إلى المَواقع، التي كانت فيها قبْل الغزو، وعودة الحكومة الشرعية إلى الكويت، والحرص على استقلالها وسلامة أراضيها.

لكن هذه البيانات، عكست، في الوقت نفسه، تفاوتاً في التقديرات والرؤى إلى الإجراءات، التي يتعين اتخاذها، لاحتواء الأزمة ومحاصرتها. كما عكست تفاوتاً في تركيز كلٍّ من هذه الدول في قضايا بعينها، رأتها ذات أهمية خاصة، بالنسبة إليها.

فالبيان، الصادر عقب اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز، في 4 أكتوبر 1990، أثناء انعقاد الدورة الخامسة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ـ أعرب عن "قلقه العميق، واهتمامه بالخطر المتزايد، الذي يمكن أن ينجم عن تصعيد الأزمة، وما يمكن أن يؤدي إليه هذا التصعيد، من احتمالات مواجَهة عسكرية، قد تكون لها عواقب وخيمة، وبعيدة المدى، ليس بالنسبة إلى المنطقة فقط، ولكن بالنسبة إلى العالَم كله". وفي محاولة من مجموعة عدم الانحياز، لبذل مساعيها الحميدة، من أجْل العثور على صيغة لتسوية سلمية للأزمة، قرر المؤتمر تكليف يوغوسلافيا، كونها رئيس الدورة، بمهمة الاضطلاع بهذه الوساطة، على أساس الالتزام بقرارات مجلس الأمن، الأرقام 660، 662، 664. كذلك، كان من اللافت حرص وزراء خارجية الحركة، على أن يتضمن هذا البيان نفسه، ربطاً من نوع ما، بين أزمة الكويت والصراع العربي ـ الإسرائيلي، حين أكدوا أن " أي حل للأزمة، يتعين أن يسهم في حثّ المجتمع الدولي على أن يقترب، بنفس القدر، من التصميم، لمعالجة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وفي القلب منه القضية الفلسطينية، من أجْل إيجاد حل دائم، وعادل، لهذه الأزمة الممتدة في الشرق الأوسط". وأكد وزير خارجية يوغوسلافيا السابقة، باسم حركة عدم الانحياز، رفض الغزو، لكونه ينافي مبادئ هذه الحركة.

أمّا البيان، الصادر عن مجلس منظمة الدول الأمريكية، في 22 أغسطس 1990، فقد كان من اللافت حرصه على استخدام تعبيرات هادئة. ووجَّه نداءً يحث على " التضامن الدولي، لمنع مزيد من تدهور الموقف في الشرق الأوسط، وللتوصل إلى حل سريع للأزمة، يتفق ومقتضيات القانون الدولي".

واستأثرت قضية "الحاجات الإنسانية الهائلة، الناجمة عن الغزو العراقي للكويت "، بحيز بارز في بيان دول الشمال الأوروبي (The Nordic States)، الصادر في 12 سبتمبر 1990. وأعرب فيه وزراء الخارجية عن رغبة حكوماتهم واستعدادها لتقديم المعونة الإنسانية إلى الدول، التي يتدفق نحوها اللاجئون. وناشدوا المجتمع الدولي اتخاذ الخطوات الضرورية، لمنع حدوث كارثة على نطاق واسع. كذلك أَوْلى البيان قضايا الرهائن والبعثات، الدبلوماسية والقنصلية، القدر نفسه من الاهتمام.          

كما دانت المنظمات الإقليمية، التابعة لدول العالم الثالث، الغزو العراقي للكويت. غير أنها لم يكن لها تأثير في مسار الأزمة؛ إذ اقتصرت، في الأغلب، على البيانات الصادرة عن مؤسساتها، من دون عمل إيجابي (أنظر وثيقة نص بيان وزراء خارجية الدول الإسلامية الصادر في 4 أغسطس 1990 عن اجتماعهم التاسع عشر، الذي عقد في القاهرة).

كما شارك العديد من الدول الإسلامية، منها باكستان وبنجلاديش وأفغانستان والسنغال والنيجر، في القوات العسكرية المتعددة الجنسيات، التي رابطت على الحدود السعودية ـ الكويتية.

وباستثناء السودان وموريتانيا، فقد أعلنت القارة الأفريقية، من خلال منظمة الوحدة الإفريقية، إدانتها للعدوان. ووصف رئيس المنظمة الغزو العراقي للكويت، بأنه سابقة خطيرة، في إطار السلوك الدولي. وطالب بانسحاب القوات العراقية، واستعادة الكويت سيادتها الكاملة .

كذلك، وقفت المنظمات الغربية ضد الغزو. فقررت دول الجماعة الأوروبية، في 28 أكتوبر 1990، عدم تفاوض أي من دولها، بصورة منفردة، مع العراق، لإطلاق رعاياها المحتجزين. كما دانت الدول الغربية، بصورة جماعية، الغزو العراقي للكويت. ويظهر ذلك واضحاً في القرارات، التي صدرت عن دول حلف شمال الأطلسي، والجماعة الاقتصادية الأوروبية، واتحاد دول أوروبا الغربية .

وربما كانت الجماعة الأوروبية هي أكثر المنظمات الدولية اهتماماً بالأزمة، بعد الأمم المتحدة؛ إذ توالت البيانات، الصادرة عن مؤسساتها المختلفة، على كل المستويات، طوال فترة الأزمة .

وتتابع صدور البيانات عن الجماعة الأوروبية، تأييداً لقرارات مجلس الأمن المختلفة، ومتابعة لتطورات الموقف، في ضوء تطورات الرأي العام الأوروبي، والجهود الدولية المبذولة في احتواء الموقف، وخاصة جهود مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة، في الإفراج عن الأجانب المحتجزين، كرهائن. وفي البيان، الصادر عن الاجتماع الوزاري للجنة السياسية للجماعة، الذي عقد في روما، في 7 سبتمبر 1990، أعلنت الجماعة الأوروبية اتخاذ قرار، في شأن تقديم العون المالي لكل من مصر والأردن وتركيا، وهي الدول الثلاث، التي عَدّتها الأكثر تضرراً بالأزمة، وبقرارات الحظر الاقتصادي. كما أعلنت استعدادها لتقديم مساعدات محسوسة، لمواجهة الحاجات الإنسانية العاجلة، وناشدت المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، والمصرف الدولي، والهيئات الدولية الأخرى، مثل نادي باريس، أن تتفهم حاجات هذه الدول. وأكد البيان عزم الجماعة الأوروبية على تنشيط سياساتها المتعلقة بالتعاون، السياسي والاقتصادي، مع دول مجلس التعاون الخليجي، ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، والإسراع في الخطوات التي بدأ اتخاذها، لكي يكون للجماعة الأوروبية سياسة متوسطية واضحة. وتلا هذا البيان بيانات في شأن قضايا بعينها، مثل التعاون العربي ـ الأوروبي، المواطنين المحتجزين، في العراق والكويت، البعثات الدبلوماسية في الكويت. كما صدر، خلال الأزمة، بيانات مشتركة، كانت الجماعة الأوروبية طرفاً فيها، منها البيان المشترك مع الاتحاد السوفيتي، في 26 سبتمبر 1990، الذي أكد فيه الجانبان عزمهما على البحث عن حلول عادلة، ودائمة، للصراع العربي ـ الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات مجلس الأمن. وأشير إلى الوضع في لبنان، وإلى رغبة الطرفَين في العمل على خفض سباق التسلح، والحدّ من انتشار أسلحة الدمار الشامل.

أمّا البيان المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي، في 2 أكتوبر 1990، فإضافة إلى تعبير الجماعة عن تضامنها مع دول المجلس، وعزمها على تحرير الكويت، والمحافظة على استقلالها، فإنه حرص على تأكيد عزم الجماعة الأوروبية على الإسراع في التوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة، مع دول مجلس التعاون الخليجي، ودعم التعاون في كافة الميادين، خاصة السياسية والثقافية.

وكان الغزو العراقي للكويت، هو الفرصة، التي أدت إلى سابقة في التنسيق، السياسي والعسكري، بين الدول الأعضاء في اتحاد أوروبا الغربية  (The Western European Union)إذ عقد وزراء الخارجية والدفاع، في دول الاتحاد، اجتماعاً مشتركاً، في 21 أغسطس، جاء في بيانه الختامي، " تأييد الخطوات، التي اتخذتها دول الاتحاد، استجابة لطلب بعض دول الخليج، تقديم مساعدة عسكرية، بهدف إجبار العراق على سحب قواته من الكويت، من دون شروط، واستعادة الكويت سيادتها ". وعلى أثر هذا الاجتماع، عقد رؤساء أركان الحرب، في الدول أعضاء الاتحاد، اجتماعاً، في 27 أغسطس 1990، هو الأول في نوعه، في تاريخ الاتحاد، لتنسيق الإجراءات العسكرية، المتخَذة لدعم قرارَي مجلس الأمن، الرقمَين 661، 665 " ولترجمة الرغبة، الصادرة عن وزراء الخارجية والدفاع، في صورة إجراءات محددة، وواضحة، لإظهار مدى إصرار دول الاتحاد وتضامنها، في مواجهة قرار العراق غزو وضم الكويت".

والتأم، كذلك، مجلس حلف شمال الأطلسي، في 7 سبتمبر 1990، للتنسيق، السياسي والعسكري، بين خطط دوله الأعضاء نفسها، والتنسيق، كذلك، بين خطط الحلف وخطط اتحاد أوروبا الغربية. وأعربت الدول الأعضاء، في البيان الصحفي، المعلَن عقب الاجتماع، "عن التزامها الكامل بالعمل من أجْل التطبيق التام لقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك التنفيذ العملي المؤثّر للعقوبات، والإسهام القائم على التضامن، في عمليات البحث عن حل".

وخلال الأزمة، عقدت منظمة "الأوبيك" سلسلة من الاجتماعات، لمواجهة ما ستسفر عنه احتمالات زيادة سعر النفط، ولإطلاق حرية الدول الأعضاء في زيادة الإنتاج. وكان أهم هذه الاجتماعات الاجتماع الذي عقد في فيينا، خلال الفترة من 26 إلى 29 أغسطس. وعقدت اجتماعات عديدة، كذلك، بين وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية، في الدول السبع، والدول العشر[1]. كما عمدت المنظمات الاقتصادية إلى نوع من التعبئة العامة لمواجهة الآثار الاقتصادية للأزمة، وتعويض الدول المتضررة، رغبة في المحافظة على التحالف المناهض للعراق، لإنجاح الحصار الاقتصادي المفروض عليه.

ويمكن القول، مع استثناء بعض المواقف الفردية، إن النظام العراقي، لم ينجح إلاّ في شيء واحد، هو تعبئة كل القوى، من الشرق والغرب، ومن الشمال والجنوب، في موقف واحد، عزّ نظيره، لإجبار العراق على سحب قواته من الأراضي الكويتية، وإعادة الشرعية إليها.



[1] الدول السبع هي: الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، اليابان، كندا، إيطاليا. إضافة إلى: بلجيكا، هولندا، السويد، وانضمت سويسرا إلى الدول العشر في عام 1994.