إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









مقدمة

وثيقة

شهادة وزير الخارجية الأمريكية، جيمس بيكر

أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (الكونجرس)

في 6 فبراير 1991

 السيد الرئيس

    يشن التحالف الدولي، منذ ثلاثة أسابيع، حرباً ضد العراق، لها أهداف واضحة جداً: طرد العراق من الكويت، واستعادة حكومة الكويت الشرعية، وضمان استقرار هذه المنطقة المهمة وأمنها. وأودّ إبداء عدة ملاحظات، في شأن الصراع، حتى الآن:

أولاً:   يتمسك التحالف الدولي، بثبات، بخطته سيره وهدفها. ومن أبرز إنجازات الأزمة الراهنة، قدرة الأمم المتحدة على العمل، مثلما أراد لها مؤسسوها. وقبل 15 يناير، استرشدت الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأخرى، باثني عشر قراراً لمجلس الأمن، حينما شنت نضالاً، دبلوماسياً واقتصادياً، مركزاً ومشتركاً، ضد العدوان العراقي. وقد فعلنا ذلك، لأننا نؤمن جميعاً بوجوب إيقاف هذا الدكتاتور، الشرس والخطير، وإيقافه الآن، 16 يناير. واستناداً إلى تفويض، نص عليه مجلس الأمن، الرقم 678، تمكنا من شن حرب، لأننا نؤمن، بدرجات متساوية، أننا استكشفنا واستنفدنا جميع الفرص السلمية، لإنهاء عدوان صدام.

               ودعوني أعطكم فكرة عن هذه الجهود الشاملة، التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأخرى، خلال فترة 166 يوماً، تمتد بين العدوان على الكويت في 2 أغسطس 1990، وانتهاء الموعد النهائي، الذي حددته الأمم المتحدة للانسحاب العراقي، في 15 يناير 1991. لقد عقدت أنا نفسي أكثر من 200 اجتماع، مع شخصيات أجنبية. واضطلعت بعشر مهمات دبلوماسية. وقطعت أكثر من 100 ألف ميل، مسافراً. وعلى مدى أكثر من ست ساعات ونصف الساعة اجتمعت إلى وزير الخارجية العراقي. ست ساعات ونصف الساعة، رفضت القيادة العراقية، خلالها، فكرة الانسحاب نفسها من الكويت، بل رفضت الإشارة إليه. وكما تعرفون، حاول آخرون كثيرون؛ الجامعة العربية، والجماعة الأوروبية، والأمين العالم للأمم المتحدة، وملوك، ورؤساء، ورؤساء وزارات. ولم ينجح أحد، لأن صدام حسين، رفض كل واحد من هؤلاء.

ثانياً: اقتسم التحالف مسؤولية الأعباء الاقتصادية للصراع. إن الدعم المقدم، للإنفاق العسكري الأمريكي، يغطي التزامات عام 1990، لعملية "درع الصحراء"، والتزامات عام 1991، للفترة من يناير حتى مارس، من عمليتَي "درع الصحراء" و"عاصفة الصحراء". إضافة إلى الأموال، التي تغطي الأعباء الاقتصادية، التي تواجه دول المواجهة في المنطقة.

               ولدينا، حتى هذا التاريخ، تعهدات بدفع أكثر من 50 مليار دولار، لدعم مجهوداتنا العسكرية؛ وأكثر من 14 مليار دولار، لمساعدة دول المواجهة، ودول أخرى، على مواجهة حاجاتها الاقتصادية.

ثالثاً: تعكس إستراتيجيتنا العسكرية، التي تتكشف، الآن، أهدافنا السياسية عكساً كاملاً. وهذا هو المكان، الذي يجب إعادة التأكيد فيه، وكما فعل الرئيس غالباً، أننا لسنا على خلاف مع الشعب العراقي، وأن هدفنا هو تحرير الكويت، وليس تدمير العراق، أو إحداث تغييرات في حدوده.

               وتجري، الآن، حملة عسكرية فاعلة، تعكس احترافاً دقيقاً. وتسطر نساؤنا ورجالنا الشبان، وقوات شركائنا في التحالف، سجلات جديدة من البسالة والمهارة. ولكن المهمة مروعة. ولا يجب ألاّ يقلّل أحد من شأن قدرات صدام العسكرية؛ فالعراق ليس قوة عسكرية من الدرجة الثالثة. لقد جرى تحويل آلاف الملايين من الدولارات بعيداً عن الاستخدامات السلمية، لبناء رابع أكبر جيش في العالم، في هذا البلد الصغير. ويفوق ما لدى العراق، من دبابات حربية رئيسية، ما يوجد في حوزة بريطانيا وفرنسا معاً كما أن ما لديه من طائرات حربية، يفوق ما لدى أيًّ من ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا. إن إخراج العراق من الكويت، لن يكون سهلاً. ولكن، وكما قال الرئيس، "حتى يسود السلام، لا بدّ أن ننتصر".

            ونحاول، كذلك، ما استطعنا، شن حرب عادلة، بطريقة عادلة. فأهدافنا عسكرية؛ ونبذل كل ما في وسعنا، لتقليل حجم الإصابات بين المدنيين إلى أدنى حدّ؛ ونتحاشى إلحاق الضرر بالأماكن، الدينية والثقافية. وكما أشار الجنرال شوارتسكوف، تعرض قوات التحالف نفسها للخطر، لتقليل الأخطار على الأرواح البريئة.

            وبمقارنة مذهلة، فإن سلوك صدام حسين في الحرب، لم يكن مختلفاً عن سلوكه قبْلها. وتمثل في شن هجوم، لا يرحم، على القِيم الحضارية. فقد أطلق صواريخ على المدن الإسرائيلية، والمدن السعودية، صواريخ لم تكن موجهة إلى أهداف ذات قِيمة عسكرية، ولكن قصد منها قتل المدنيين. كما أساء معاملة أسرى الحرب، وعرضهم على الملأ، ويقول إنه يستخدمهم "كدروع بشرية". وتشكل هذه الأعمال خرقاً تاماً لميثاق جنيف. وقد هاجم الطبيعة نفسها، محاولاً تسميم مياه الخليج "الفارسي"، بالنفط، الذي يشكل عصب المستقبل الاقتصادي للمنطقة.

           لقد سمعنا تهديدات صدام باستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. ونحن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، وقد حذّرناه. وننصحه بأن يأخذ تحذيرنا في الحسبان. فإننا لن نتحمل استخدام مثل هذه الأسلحة، وسيترتب عليه أشد العواقب. وسوف نواصل الإصرار على احترام العراق لالتزاماته، المنصوص عليها في ميثاق جنيف، في ما يتعلق بأسرى حرب قوات التحالف.

           وأعتقد أن سلوكنا في الحرب، هو في حدّ ذاته قوة عظيمة؛ القوة الناجمة عن عمل الشيء الصحيح، بالأسلوب الصحيح. إن وحشية صدام المستمرة، تضاعف عزمنا، وقناعة التحالف بأسْره، في شأن صواب نهجنا. وسيكون إنهاء عدوان صدام، كذلك، ضربة للإرهاب، الذي ترعاه دولة العراق.

           وهذا هو المكان، الذي نسجل فيه تقديرنا العميق، وإعجابنا العظيم، بضبط النفس الاستثنائي، الذي أبدته حكومة إسرائيل. فقد هاجم صدام حسين المدن الإسرائيلية؛ لأن جزءاً من إستراتيجيته، يُبين على تعزيز عدوانه، من خلال تحويل أزمة الخليج إلى صراع عربي ـ إسرائيلي. وعلى الرغم من حقها الواضح في الرد، تصرفت الحكومة الإسرائيلية بضبط نفس ومسؤولية. إن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت، وستظل على اتصال وثيق مع إسرائيل، وعلى أعلى المستويات. لقد عرضنا على إسرائيل بطاريات لصواريخ باتريوت، فقبِلت العرض، وكان بعضها بطواقم أمريكية، للدفاع عن نفسها ضد هجمات صواريخ سكود. ولا نزال نبذل جهوداً عسكرية خاصة، لتدمير صواريخ سكود ومنصاتها. وعلى الجميع أن يعرف، أننا عندما نتحدث عن التزامنا الثابت بالأمن الإسرائيلي، فنحن نعني ما نقول.

رابعاً: والملاحظة الرابعة، التي أود أن أقدمها، هي التالية: التحالف الدولي العظيم، الذي يكسب الحرب، الآن، يجب أن يكون قوياً لكي يضمن السلام، كذلك. فذات مرة، قال ونستون تشرشل: "سنرى كم هي مطلقة الحاجة إلى طريق واسع من العمل الدولي، الذي يسعى إليه العديد من الدول مجتمعة، عبْر السنين، بغض النظر عن مد سياساتها القومية أو جَزْرها". وإن كان لنا، أن نعوض التضحيات، التي يقدمها، الآن، النساء والرجال الشجعان، الذين يدافعون عن حريتنا بأرواحهم، فلا بدّ، إذاّ، من صنع سلام جدير بنضالهم. وسيمكن تحقيق ذلك، إذا ما حافظنا، في وقت السلم، على تماسك التحالف، الذي قوّته الحرب.

           وأعتقد أنه عندما صوّت الكونجرس في مصلحة إعطاء الرئيس سلطة استخدام القوة، لدعم قرارات الأمم المتحدة، فإنه صوّت، كذلك، من أجل السلام. سلام قد يمنع مثل هذه الحروب، في المستقبل. وأعتقد أن الشعب الأمريكي، يدعم دورنا في التحالف، ليس لهزيمة معتدٍ فقط، ولكن أيضاً لضمان قدر من العدالة والأمن، كذلك، للمستقبل.