إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









مقدمة

مقدمة

    لم تكن أزمة الخليج، التي فجرها الغزو العراقي للكويت، في 2 أغسطس 1990، حدثاً إقليمياً محدوداً تقتصر أصداؤه على المنطقة التي وقع فيها. وما كان في الإمكان أن يبقى كذلك؛ إذ تعرضت دولة للمحو من سجلات الأمم، وانتُهك، صراحة، ميثاق الأمم المتحدة، كما مست الأزمة، منذ اللحظة الأولى، عصباً حساساً للاقتصاد العالمي، يتعلق بما أُطلق عليه، منذ عام 1973، "أمن الطاقة". ولذلك، كان من الطبيعي أن تتجاوز تأثيراتها حدود المنطقة كلها لتدخل في دائرة الاهتمام العالمي. ومن أجْل ذلك فقط، رأى العالَم فيها خطراً مباشراً، لا بدّ من ردْعه.

    لقد اقترف صدام حسين، في 2 أغسطس 1990، بغزوه دولة الكويت، أخطاءً عديدة، أهمها:

·      الاستخفاف بإدارة الولايات المتحدة الأمريكية وقدرها، ورغبتها في جعل الحرب ضد العراق حربا ظافرة، بخسائر قليلة.

·      المراهنة على وساطة العرب، وعلى الدعم، الذي سيقدمه إليه الاتحاد السوفيتي. كما راهن على موقف فرنسا، آملاً المساعدة على استئناف مفاوضات حقيقية مع واشنطن، وتجاهل أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا ترغب في هذه المفاوضات.

    كما أن صدام حسين لم يستطع أن يؤثر في الرأي العام الأمريكي. واتّضح ذلك من خلال تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي، في 12 يناير 1991 (بأكثرية 52 صوتاً ضد 47 صوتاً)، في مصلحة تفويض استخدام القوة إلى الرئيس بوش، لإنهاء الاحتلال العراقي للكويت. بينما وافق مجلس النواب الأمريكي على القرار الذي أصدره الرئيس بوش، (وكان يحوي صيغة قرار مجلس الأمن الرقم 678)، بأغلبية 250 صوتاً ضد 183 صوتاً[1]. وينص هذا القرار، الذي وصفه أعضاء الكونجرس بأنه إعلان للحرب، على أن الكونجرس الأمريكي، يخوّل الرئيس بوش استخدام القوات المسلحة، في تنفيذ قرار مجلس الأمن، الرقم 678 والقرارات الأخرى، على أن يبلغ الرئيس بوش مجلسَي النواب والشيوخ، قرار استخدام القوة العسكرية، ويوضح لهما أن الولايات المتحدة الأمريكية، قد استنفدت جهودها الدبلوماسية، وكذلك الحصار الاقتصادي، في إرغام صدام حسين على الانسحاب، وأن هذه الجهود لم تنجح.

    لقد انتظر صدام، حتى قبْل بداية الحملة الجوية، حلاً وسطاً، لم يكن الأمريكيون مستعدون لتقديمه إليه؛ إذ كان يعتقد إمكانية تحويل الهزيمة العسكرية إلى نصر سياسي، متجاهلاً المتغيرات، التي حدثت على الساحة العالمية. واتّضح ذلك، جلياً، من خلال مفاوضات وزيرَي الخارجية، الأمريكي جيمس بيكر، والعراقي طارق عزيز، في جنيف، في 9 يناير 1991، التي استغرقت ست ساعات كاملة، وأعلن الوزير الأمريكي فشلها. ولا شك أن هذا اللقاء، لم يكن سوى فرصة، تتيح لواشنطن إبلاغ العراقيين كتاباً ذا لهجة صارمة، جهد الرئيس الفرنسي، فرنسوا ميتران، ووزير خارجيته، رولان دوما، في إقناع الرئيس الأمريكي بتعديلها، ووسمها بالمرونة.

    لقد عرَّض صدام حسين شعبه وجيشه لأخطار جسيمة، إذ لم يدرك خطط التحالف واستخدامها القوات الجوية والمعدات الإلكترونية والأسلحة الحديثة، التي يمكن أن تكبّده خسائر رهيبة. وهو ما حدث، بالفعل، مع بدء العمليات العسكرية، في 17 يناير 1991.

    أثارت حرب الخليج مشاعر متفاوتة بين شعوب العالم، تراوحت بين الحماس والغضب والخوف، خاصة في الدول المشتركة بوحدات من قواتها المسلحة في الحرب. وقد تصاعدت حدّة الغضب في الولايات المتحدة الأمريكية، بصفة خاصة، حيث خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين، في مختلف أنحائها، احتجاجاً على الحرب. بينما بدت الحماسة للحرب، في استطلاعات الرأي، في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، وتزايد خوف بعض الدول، من الهجمات الإرهابية.

    والواقع، أن حرب الخليج، لم تترك دولة في العالم بمنأى عن تأثيرها. فبينما استمرت المظاهرات الرافضة للحرب، في العديد من الدول، تدافع الأوروبيون نحو المحالّ التجارية، لشراء المواد الغذائية وتخزينها، خشية نفاذها. بل إن بعضهم تزود الأقنعة الواقية من الغازات والملابس الواقية من الكيماويات.

    سارت الأزمة في خطَّين، التقيا في توقيت محدَّد، جوهره الاستعداد للقتال، وبدء الصراع المسلح:

الخط الأول:     الاستعداد العسكري في مسرح العمليات، وحشد القوات، استعداداً لبدء العمليات الهجومية الإستراتيجية، "عاصفة الصحراء".

الخط الثاني:     العمل السياسي، المواكب لمستوى الاستعداد العسكري. إضافة إلى عمليات التنسيق بين دول التحالف، وإعمال آليات الأمم المتحدة كل الإعمال، وإصدار القرارات المتوالية عن مجلس الأمن، ثم استخدام جميع وسائل الخداع، السياسي والإستراتيجي، في ضمان أمن الاستعدادات وسِريتها.

    وفي 17 يناير 1991، اندلعت العمليات العسكرية، الرامية إلى تحرير الكويت، واستمرت حتى نهاية شهر فبراير 1991، حين انهارت القوات العراقية في مواجهة قوى التحالف. وشهدت، هذه الفترة، ردود فعل مختلفة، سواء على المستوى الدولي والإقليمي والعربي. كان أبرزها:

أولاً: مواقف وردود فعل القوّتَين العظمَيَين: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

ثانياً: مواقف وردود فعل بعض دول الاتحاد الأوروبي: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا.

ثالثاً: مواقف وردود فعل بعض القوى الإقليمية: إيران، تركيا، باكستان، إسرائيل.

رابعاً: ردود الفعل العراقية.

خامساً: مواقف بعض الدول العربية، المشاركة في قوات التحالف (المملكة العربية السعودية، مصر، سورية، المغرب).

سادساً: مواقف بعض الدول العربية، المساندة للعراق (الأردن، اليمن، ليبيا، تونس).

سابعاً: موقف منظمة الأمم المتحدة.



[1] من المعروف أن عدد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يبلغ 100 عضو، وعدد أعضاء مجلس النواب يبلغ 435 عضواً.