إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









ثالثاً: مواقف وردود الفعل الألمانية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

ثالثاً: مواقف وردود الفعل الألمانية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. الموقف الألماني العام

    عكست حرب الخليج ظلالاً قوية على كل ركن داخل ألمانيا. وأخذت تؤثر في الحركة اليومية تأثيراً متصاعداً. وتساءل السياسيون الألمان، مثلهم مثل المواطن الألماني العادي، عن النهاية، التي ستؤول إليها هذه الأزمة، ومدى تأثيرها في الحياة العامة للأطراف غير المعنيين بها مباشرة.

    ومنذ يوم 28 يناير 1991، أصبحت العاصمة الألمانية، بون، ساحة للدبلوماسية، من أجْل الإسهام في رسم خطط الحل السلمي، ونزع فتيل الحرب في المنطقة؛ إذ زارها وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر، وأجرى فيها حواراً مع المستشار الألماني، هيلموت كول، ووزير الخارجية، هانز ديتريش جينشر (Hans Dietrich Genscher)، حرص خلاله على الحصول من الألمان على صيغة، تتضمن إعلان الحلفاء الألمان، مجدداً، تضامنهم مع سياسة الرئيس جورج بوش، في ما يتعلق بهذه الحرب. وقد برز الإعلان في نقطتَين هما: 

·    الأولى: تأكيد المستشار الألماني، ونائبه، وزير الخارجية، إصرار بون على تحقيق انسحاب عراقي غير مشروط، من الكويت، طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

·    الثانية: ربط الموقف الألماني، قصداً، ببيان وزراء خارجية الجماعة الأوروبية، الصادر في لوكسمبورج، في هذا الشأن.

    كما أكدت ألمانيا، أنها تؤيد حل القضية الفلسطينية، في إطار مؤتمر دولي، بعد أن تكون الأزمة الحالية، قد وضعت أوزارها. ويقارب الموقف الألماني، إلى حدٍّ ما، موقف فرنسا، الذي أعلنه الرئيس ميتران. إذ يرى الفرنسيون إمكانية إعلان النيات الدولية مربوطة بحل جميع مشاكل الشرق الوسط، وهو ما يرفضه الأمريكيون.

    وأوضحت الحكومة الألمانية، لوزير الخارجية الأمريكي: "أنه حرصاً على التوصل إلى حل سلمي للنزاع، فإننا لا ننصح بالاستمرار في الموقف الأمريكي، المتضمن إحراج الرئيس العراقي، وقطع الطريق أمامه". كما أوضح له القادة الألمان وجهات نظر بعض القادة والمسؤولين العرب، الذين زاروا بون، مؤخراً، والتي أجمعت على أن توجيه ضربة حاسمة ضد العراق، سيجعل الأمور، في جميع أنحاء العالم العربي، تصل إلى حالة منفلتة، يصعب معها السيطرة على الأوضاع والأمن العام.

ب. المواقف وردود الفعل الألمانية، تجاه قصف إسرائيل بالصواريخ العراقية

    دان بيتر فوجل (Peter Vogel)، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، في 18 يناير، الهجوم الصاروخي العراقي على إسرائيل. ودعا إسرائيل إلى ضبط النفس، وألاّ تُمكِّن صدام حسين من هدفه، بتوسيع نطاق الحرب.

    وفي 23 يناير 1991، دان هيلموت كول، في مؤتمر صحفي مفاجئ، ما وصف بالعدوان العراقي، الذي تعرضت له إسرائيل. وأعلن أن وزير الخارجية، هانز ديتريش جينشر، سيزور إسرائيل، لتسليم رسالة من مستشار ألمانيا لإسحاق شامير (Yitzhak Shamir). وأضاف أنه قرر منح إسرائيل مساعدة إنسانية فورية، قيمتها 250 مليون مارك ألماني (116 مليون دولار)، إعراباً عن تضامن ألمانيا معها.

    وفي 24 يناير وصل وزير الخارجية الألماني إلى إسرائيل، حيث اجتمع بكبار السياسيين. وزار المنطقة التي أصابها الصاروخ العراقي. وقرر طرّد 28 دبلوماسياً عراقياً من ألمانيا.

    وفي 30 يناير 1991، أعلن بيتر فوجل، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أن ألمانيا، ستزود إسرائيل صواريخ باتريوت الدفاعية، ومعدات ومركبات خاصة، لرصد الأسلحة الكيماوية، لحمايتها من الهجمات العراقية. كما أكد أن بون، ستزود إسرائيل، كذلك، معدات لمكافحة آثار الأسلحة، الكيماوية والجرثومية.

    وذكرت جريدة "فرانكفورتر" الألمانية، أن وفداً حكومياً إسرائيلياً، زار ألمانيا، في 28 يناير، واجتمع إلى المستشار كول، وقدم قائمة بمطالب إسرائيل من الأسلحة، اشتملت على 10 طائرات عمودية، من نوع (CH-53)، ومجموعة محركات لطائرات بوينج 707، وعدد من بطاريات صواريخ باتريوت، ذات "الأدلة" الثمانية، مع الرادار الخاص لها، و200 صاروخ هوك، و200 صاروخ ستينجر (Stinger)، وصواريخ رولان (Roland)، ومعدات تصوير، لطائرات (F-4)، ومعدات وقاية من الأسلحة الكيماوية، وعدد من المركبات المدرعة من نوع ليوبارد (Lephard)، المزودة بأسلحة مضادة للطائرات. كما قررت الحكومة الألمانية، في 31 يناير، تنظيم جسر جوي إلى إسرائيل، لأول مرة منذ نشوئها، لتزويدها بالعتاد العسكري.

    وأكد جينشر في حديث إلى الإذاعة الألمانية، في 27 يناير، أن إسرائيل، تستطيع الاعتماد على مساعدة ألمانية عسكرية سريعة، في لحظة الخطر القاتل. وأضاف أن على الإسرائيليين فقط، أن يبلغونا ما يحتاجون إليه، وسوف نبحث طلبها بجدية شديدة. كما قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، في 29 يناير، إن ألمانيا، تعتزم تحمّل مسؤوليتها التاريخية الخاصة، تجاه الشعب اليهودي، بتقديم المعدات والمواد، التي يحتاج إليها في الدفاع عن نفسه.

ج. رد الفعل الألماني، تجاه بيان مجلس قيادة الثورة العراقي

في 15 فبراير، جاء رد ألمانيا على بيان مجلس قيادة الثورة العراقي، الذي أعلن فيه الانسحاب المشروط، من خلال مؤتمر صحفي، عقده المستشار الألماني، هيلموت كول، مع الرئيس الفرنسي، في باريس. وحدد فيه النقاط التالية: 

(1)  العرض العراقي المشروط للانسحاب من الكويت، لا يحقق مطالب مجلس الأمن بالانسحاب الفوري، غير المشروط، من الكويت.

(2)  العرض العراقي بسلسلة كاملة من الشروط المسبقة للانسحاب. وكل من يدرس الشروط، يمكنه، أن يرى، بوضوح، أنه لا يوجد أي تغيير في الموقف العراقي.

(3)  في إمكان الرئيس العراقي إنهاء الصراع، من الفور، ويستجيب مطالب الأمم المتحدة، من دون شروط، والانسحاب من الكويت انسحاباً كاملاً.

د. الموقف الألماني من نفقات الحرب

    أعلنت الحكومة الألمانية، برئاسة المستشار هيلموت كول (Helmut Kohl)، أنها مستعدة لتحمّل قسط من نفقات الحرب. وكانت قد أسهمت بمبلغ مليارَين ومائتي مليون دولار في تغطية تلك النفقات. وأعلنت أنها ستقدم مساعدات بقيمة مليار ومائتي مليون دولار للبلدان الأكثر تضرراً، وهي الأردن ومصر وتركيا وإسرائيل.

    كذلك وافق مجلس الوزراء الألماني، في 29 يناير، على اقتراح المستشار كول مساهمة ألمانية في نفقات الحرب، بمبلغ 5.5 مليارات دولار أمريكي، تقدم إلى الحكومة الأمريكية، خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 1991.

    كما قررت الحكومة الألمانية، إعطاء بريطانيا مبلغ 690 مليون دولار، للأشهر الثلاثة الأولى من عام 1991، مساهمة في تحمّل نفقات الحرب. وأعلنت التزامها بدفع مبلغ 11 مليار دولار، قابل للزيادة، مساهمة في العمليات العسكرية في الخليج.

هـ. الموقف الألماني من المساهمة العسكرية

    أرسلت ألمانيا إلى تركيا، 18 طائرة مقاتلة. كما وافق مجلس الوزراء الألماني، في 29 يناير، على إرسال نظام صواريخ رولان وهوك إليها، لحمايتها، كحليف في شمال الأطلسي. إضافة إلى أن عدداً من كاسحات الألغام والسفن الألمانية، تتمركز في شرقي البحر المتوسط، وتقرر دعمها، في الأول من فبراير، بسبع عشرة سفينة إضافية، من أجْل تنفيذ مهام في مصلحة حلف الأطلسي[1].

    كما أعلن المستشار كول، في الأول من فبراير، التزام ألمانيا، تجاه حلف شمال الأطلسي، بالتضامن مع أعضائه، بما في ذلك تركيا. وأكد وزير الدفاع الألماني، جيرهارد ستولتنبرج، في 5 فبراير، أن أي اعتداء على أحد أعضاء حلف الناتو، سيُعَد اعتداءً على الحلف كله. وأضاف أن مهاجمة العراق تركيا، ستكون مبرراً للحلف، بما فيه ألمانيا، للتدخل لمساعدة تركيا.

    أما ديتريش جينشر، وزير الخارجية الألماني، فقد صرح إلى جريدة مينسدوتش تسايتونج، في 26 يناير، "أن ألمانيا، ستؤدي كامل الواجبات المترتبة عليها، كدولة عضو في حلف الأطلسي، وأن الحكومة الألمانية، ستقدم كل ما التزمت به داخل الحلف".

    وفي 14 فبراير، قام وزير الدفاع الألماني بزيارة تركيا، حيث بحث مع الرئيس التركي تورجوت أوزال (Torgot Ozal)، ووزير الدفاع التركي، دور ألمانيا في الدفاع عن تركيا إذا هوجمت من العراق، كما زار الوزير الألماني القاعدة الجوية التي تنتشر فيها الطائرات الألمانية.

2. مع بدء الحرب البرية (24 فبراير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. الموقف الألماني من بدء الحرب البرية

    أعلن المستشار الألماني، موقف ألمانيا من الحرب البرية، في بيان، قال فيه: إن موقف ألمانيا مؤكد وثابت، في جانب حلفائها وشركائها، الذين يقاتلون لإرساء العدل، وتحرير الكويت. وأصبح متعذراً على العالم التسامح باستمرار احتلال العراق الكويت. وألمانيا تأمل أن تنتهي الحرب في القريب العاجل، من دون أن تؤدي إلى خسارة كبيرة في الأرواح. وأن الهدف من الحرب، هو خلق نظام سلمي عادل، ودائم، في الشرقَين، الأوسط والأدنى.

ب. ردود الفعل الألمانية، تجاه قرار صدام حسين بالانسحاب (26 فبراير 1991)

    ذكرت وزارة الخارجية الألمانية، في 26 فبراير 1991، أن إعلان الرئيس العراقي، انسحاب قواته من الكويت، ليس كافياً؛ لأنه لم يذكر امتثاله كافة قرارات مجلس الأمن الدولي. وأنه يجب حمْله على القبول غير المشروط، والمطلق، بكافة قرارات الأمم المتحدة.

    أما المستشار كول، فقال، إن ألمانيا، تؤيد قرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، في شأن مواصلة الحرب ضد العراق، على الرغم من انسحاب القوات العراقية. وإن إعلان صدام حسين الانسحاب، هي استجابة غير كاملة. وعلى العراق الالتزام بكافة الشروط، التي حددتها الأمم المتحدة، من دون أي تحفّظ.

ج. الموقف الألماني من إيقاف الحرب

    قال هانز ديتريش جينشر، وزير خارجية ألمانيا، في الأول من فبراير، في مقابلة إذاعية، ما يلي:

(1)  إنه لا يوجد مكان للدبلوماسية، في الأزمة الراهنة، في الخليج.

(2)  إن مبادرات السلام العربية، التي تقدمت بها دول المغرب العربي، لا يؤمل أن تنجح، الآن، لأن الرئيس العراقي، لا يهتم بإنهاء الحرب.

(3)  إن العمل الدبلوماسي، يمكن أن يستأنف بعد انتهاء الحرب فقط.

        أما المستشار الألماني الأسبق، فيلي برانت (Willy Brandt)، فقال، إنه من الممكن وقف إطلاق النار، في حرب الخليج، إذا أعلن العراق، بوضوح، عزمه على الانسحاب من الكويت. وإن أي دعوة إلى وقف الحرب، من دون هذا الإعلان من جانب العراق، لن تكون واقعية، ولن تحقق أي نتيجة.

3. ردود فعل الرأي العام الألماني الداخلي، الشعبي والسياسي، ومواقفه من الحرب

أ. رد فعل الشعب الألماني خلال مراحل الحرب

    في استطلاع للرأي، داخل ألمانيا، عارض 67% إرسال قوات إلى الخليج. ورفض 58% زيادة عدد الطائرات الألمانية في تركيا. والأقلية رأت الاكتفاء بالإسهام المالي فقط.

    وفي 18 يناير، تظاهر 10 آلاف طفل، ضد الحرب في الخليج. وتظاهر، في فرانكفورت، حوالي 3500 شخص، في الميدان الرئيسي. وانضم عمال القطاع العام إلى الاحتجاج على الحرب.

    وفي 20 يناير، انطلق مئات الآلاف، في مدينة كولونيا، في مسيرات جماعية، تندد بالحرب في الخليج. كما تظاهر ثلاثة آلاف شخص، في مدينة برلين، و15 ألفاً في شتوتجارت، وأربعة آلاف في دوسلدورف؛ وكلهم يطالبون بإيقاف الحرب، وينددون بتصدير ألمانيا الأسلحة إلى العراق.

    وفي 22 يناير، أبلغ النازيون الجدد العراق، رغبتهم في الانضمام إلى الجيش العراقي، للمشاركة في حربه ضد الولايات المتحدة الأمريكية، الدائرة في الخليج.

    وفي 26 يناير، نظم ما يقرب من 150 ألف ألماني، أكبر مسيرة مناهضة للحرب في الخليج. وطالب المتظاهرون بوقف الحرب، وتسوية النزاع بالوسائل السلمية. وأكدوا أهمية بقاء القوات الألمانية بعيداً عن الصراع، وعودة السرب الألماني، الموجود في تركيا، من الفور، إلى ألمانيا.

    كما دان المتظاهرون الشركات الألمانية، التي زودت العراق السلاح. كما ينظر المراقبون بعين الاهتمام إلى تنامي حركة السلام في ألمانيا، والتطورات أو التعديلات التي ستُدخَل على الدستور الألماني، الذي يمنع إرسال قوات ألمانية، خارج نطاق النفوذ الجغرافي لحلف شمال الأطلسي. ناهيك أن أكثر من 14 ألف مواطن، رفضوا أداء الخدمة العسكرية في ألمانيا، في 5 فبراير 1991.

ب. ردود فعل القوى السياسية ومواقفها من الحرب

    اتَّهم الحزب الديموقراطي الاشتراكي الألماني، المعارض، تركيا، في 31 يناير، بمحاولة توريط ألمانيا في الحرب. وقال هانز جوشين فوجل (Hanz Goshen Vogel)، زعيم الحزب: "أن رغبة تركيا الواضحة في لعب دور الشرطي في الخليج، يجب مراقبتها عن كثب. وإن إرسال وحدات عسكرية ألمانية إليها، يقرّبنا من خطر التورط في أنشطة عسكرية، يمنعنا الدستور من المشاركة فيها.

    أما شرودر، رئيس وزراء ولاية سكسونيا، فقد صرح، في 25 يناير، "أن إرسال القوات الألمانية إلى تركيا، يُعَدّ قراراً خاطئاً، ويجب إعادة النظر فيه.

4. الموقف الألماني حيال الترتيبات الأمنية في المنطقة، بعد الحرب

    دعا المستشار الألماني، هيلموت كول، في 18 يناير، أمام البوندستاج (البرلمان)، إلى إيجاد تسوية شاملة للنزاع في الشرق الأوسط. وقال: "إن أي تسوية، يجب أن تنص على إقرار حق كل دولة في أن يعيش شعبها داخل حدود مُعترف بها، بما في ذلك إسرائيل".

    كما قال وزير الخارجية، ديتريش جينشر، في بيان له أمام البوندستاج (البرلمان)، في 31 يناير: "حينما تنتهي الحرب، فالنزاع المسلح، من المنتظر أن يُغيّر أشياء كثيرة في المنطقة. ولا بدّ من وضع أسُس نظام سلام شامل في الشرق الأوسط، يشتمل على حق إسرائيل في الوجود، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني".

    وأكد جينشر، في 12 فبراير 1991، خلال زيارته إلى القاهرة، أن بلاده، سوف تساعد على إعادة بناء المنطقة وتنميتها، بعد انتهاء حرب الخليج. وأن ألمانيا، ترغب في التعاون مع دول المنطقة على تحقيق السلام، وإعادة بناء هذه المنطقة المهمة، وستقدم خبراتها، التي حصلت عليها، من خلال التضامن الأوروبي. وأن مصر وألمانيا، قد اتفقتا على الأسُس، التي سيُبْنَى عليها هذا التعاون.



[1] نص ميثاق حلف الأطلنطي على أن أي هجوم على إحدى الدول الأعضاء يعد هجوماً على دول الحلف جميعاً