إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









أولاً: مواقف وردود فعل المملكة العربية السعودية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

أولاً: مواقف وردود فعل المملكة العربية السعودية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. موقف المملكة العام

    تضطلع المملكة العربية السعودية بدور ناشط، في ما يتعلق بشبه الجزيرة العربية. وهي بالنسبة إلى مجلس التعاون الخليجي، تمثّل الدولة القائدة، لتمتعها بالعديد من الميزات، بحكم الحجم والموقع وعدد السكان والقوة الاقتصادية. وقد سعت المملكة، في هذا الإطار، إلى النهوض بدور الدولة القائدة والدولة النموذج معاً، حتى أصبحت سياستها، هي المحور الذي تشكلت حوله سياسة مجلس التعاون الخليجي، خلال هذه الفترة.

    وفي ظل هذه الأزمة، يمكن القول إن السياسة السعودية، توخّت تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

·   الهدف الأول: الانسحاب العراقي الكامل من الكويت.

·   الهدف الثاني: عودة الحكومة الكويتية إلى الحكم، لكونها تستند، كما سائر النظُم الخليجية، إلى مصدر واحد للشرعية.

·   الهدف الثالث: السعي لوضع الأُسس الكفيلة بعدم تكرار مثل هذا التهديد، في المستقبل .

    ومن الواضح، أن الموقف الثابت للمملكة، لم يتغير خلال مراحل الأزمة، وقوامه:

أ. تأكيد الانسحاب الفوري للقوات العراقية من جميع الأراضي الكويتية، من دون قيد أو شرط . وعودة السلطة الشرعية، المتمثلة في حكومة الكويت. واستطراداً، عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبْل 2 أغسطس 1990.

ب. انسحاب جميع الحشود العراقية المرابطة على حدود المملكة، مع ضمان عدم تكرار اعتداء حاكم العراق على أي دولة عربية خليجية أخرى.

    وفي المجال العربي، نشطت المملكة العربية السعودية، وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، إلى زيادة التعاون العسكري والتنسيق، مع كل من القاهرة ودمشق.

    ومنذ البداية، شاركت القوات الجوية السعودية، وعدد من الطائرات الكويتية والبحرينية والقطرية والإماراتية، في الحملة الجوية ضد العراق، بتدمير الأهداف العراقية المهمة، داخل الكويت وشماليها، مركزة في قوات الحرس الجمهوري، ومراكز القيادة والسيطرة.

2. موقف ورد فعل المملكة مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

    في 17 يناير 1991، ومع بدء الحملة الجوية ضد العراق، وجّه الملك فهد بن عبدالعزيز، خلال اجتماعه بمجلس الوزراء، كلمة، قال فيها: "لقد شاءت إرادة الله، أن يمعن حاكم العراق، صدام حسين، في إصراره على رفض كل القرارات، العربية والإسلامية، العادلة، وقرارات مجلس الأمن، التي تمثل الشرعية الدولية. وبالتالي، عمل على إحباط كل الجهود المكثفة المتواصلة، التي بذلها قادة العالم وزعماؤه، من أجْل إنقاذ الموقف، وتجنيب المنطقة العربية ويلات الحرب، التي أبى صدام حسين إلاّ أن يثيرها، برفضه القاطع سحب قواته من دولة الكويت، التي غزاها فجر يوم الخميس، الثاني من أغسطس 1990. وحدث ما كان آنذاك، من قتل وتشريد، وانتهاك للحرمات والأعراض، ونهب للثروات. ولا شك في أن العالم، كان يتابع معنا كل النداءات والمناشدات، التي تواصلت منذ الاحتلال، وحتى يوم الأربعاء، 16 يناير 1991، أملاً بأن يستجيب صدام حسين لكل المناشدات والمحاولات، ويذعن لصوت الحق ونداء الضمير". وأضاف الملك فهد، قائلاً: "إن، العمليات العسكرية، التي بدأت فجر اليوم، لتحرير الكويت، إنما تمثل سيف الحق وصوته، الداعي إلى رفع الظلم، وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح. كما أنها تمثل القرارات الدولية. ولقد سبق لي أن ناشدت الرئيس صدام حسين، في أكثر من موقع ومناسبة، أن يفيء إلى أمر الله، فيحقن الدماء، ويصون أرواح الأبرياء. لكنه أبى واستكبر، وطغى وتجبّر، وصمّ الآذان، ورفض الإذعان إلى نداء الحق والعدل والسلام. ولهذا، كان لا بدّ من تخطيط الأمور، وتنفيذ القرارات القاضية بتحرير الكويت. ونسأل الله أن يكتب النصر لجنده، حيث قال ـ جلّ وعلا ـ:  ]وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ[.

    كما أعلنت الخارجية السعودية، في 17 يناير 1991، "أن عملية تحرير الكويت، بدأت في الساعة الثانية وخمسين دقيقة، فجر السابع عشر من يناير 1991، وذلك إنفاذاً للقرارات، العربية والإسلامية، وقرارات مجلس الأمن، القاضية بضرورة انسحاب القوات العراقية الغازية من الأراضي الكويتية، من دون قيد أو شرط، وعودة الشرعية إلى البلاد. وحيث إن كل الجهود والمبادرات والنداءات، التي بذلت ووجِّهت إلى حاكم العراق، صدام حسين، حتى اللحظة الأخيرة من الموعد المحدد لانسحاب القوات العراقية من الكويت، وهو الخامس عشر من يناير الجاري، وما أعقب ذلك حتى فجر أمس ـ قد فشلت".

    وفي 19 يناير، أكدت المملكة العربية السعودية، أنها استخدمت كل السبُل، لدفع العراق إلى الانسحاب من الكويت، ولكنه رفض. كما أكد الملك فهد بن عبدالعزيز، "أنه لم يكن بُدٌّ من قتال الرئيس صدام حسين، بعدما استُنفِدت كل وسائل الحكمة والتعقل، في دفعه إلى الانسحاب من الكويت".

    وقال خادم الحرمَين: "ليس من شرع الله قتل الأبرياء من المسلمين، من أهل الكويت بدعوى تحرير فلسطين، واستعادة المسجد الأقصى". وشدّد على أن قضية فلسطين، واستعادة ثالث الحرمَين الشريفَين، وهي شغلنا الشاغل، وقضيتنا الأساسية".

    وأكدت المملكة العربية السعودية، أن الهدف من الحرب، هو تطبيق القرارات، التي تطالب بانسحاب العراق من الكويت، وعودة الشرعية الكويتية إلى الحكم. جاء ذلك في بيان أصدره الملك فهد بن عبدالعزيز، ونقلته وكالة الأنباء السعودية، في 21 يناير 1991، قال فيه: "إن العمليات العسكرية، التي تنفذ اليوم، كانت النتيجة التي لا مفرّ منها، للإجماع الدولي على تحرير الكويت، وتطبيق القرارات، العربية والإسلامية والدولية، التي تطالب بانسحاب العراق من الكويت، وعودة الشرعية الكويتية إلى الحكم". ثم انسحاب القوات التابعة لصدام حسين، التي نشرها على طول الحدود مع المملكة العربية السعودية. وهذا الأمر، هو السبب الرئيسي وراء دعوة المملكة للقوات، العربية والإسلامية، الشقيقة، والقوات الصديقة، لمساندة القوات السعودية على مهمتها في الدفاع عن المملكة ومؤسساتها الحيوية.

أ. ردود فعل المملكة، تجاه قصف المدن بالصواريخ العراقية

    وفي 23 يناير، وعلى أثر استمرار سقوط الصواريخ سكود العراقية، على الرياض، أكدت المملكة العربية السعودية أن ذلك لن يؤثر في الحياة العادية، داخل المملكة. كما لن يؤثر في إنتاج النفط السعودي، الذي يناهز 8 ملايين برميل، يومياً. كما أوضحت المصادر السعودية: "أن مغادرة عدد قليل من الأجانب السعودية، لا يُثير قلق الحكومة"، ولا يعوق استمرار نشاطها العادي.

    أما الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، فقد علق على سقوط صواريخ عراقية على المملكة، في وقت لاحق، وخلال تفقّده بعض المواطنين، الذين أصيبوا بجروح من جراء القصف، ونُقلوا إلى المستشفيات، إذ قال: "إن صواريخ المعتدي، لا يمكن أن تهز المملكة، لأننا على حق؛ والذي على حق، لا يهمه أي شيء آخر، إلا رضى الله، قبل كل شيء".

ب. أهداف المملكة من الحرب

    في 24 يناير 1991، أكدت المملكة العربية السعودية استمرار أهدافها الداعية إلى تحرير الكويت. إذ أعلن الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع والطيران في المملكة العربية السعودية، "أن هدف القوات السعودية، وقوات الدول، العربية والإسلامية والصديقة، الموجودة على أراضي المملكة، هو تحرير الكويت، وإعادة الحق والشرعية إلى أهلها الأصليين. هذا هو هدفنا، ولن نحيد عنه أبداً".

    وأكدت، كذلك، حقها في الدفاع عن النفس، ضد جرائم حاكم العراق، موجَّهة حديثها إلى وسائل الإعلام في بعض الدول العربية. جاء ذلك في بيان صدر في جدة، ونشرته وكالة الأنباء السعودية، في 26 يناير، قالت فيه: "من المؤسف أن تصر بعض وسائل الإعلام المأجورة، في بعض العواصم العربية، على مواصلة الحملات الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية، وضد من ساندها من الدول الشقيقة والصديقة في واجب الدفاع عن النفس ضد جرائم حاكم العراق، الذي أجمع العالم على ضرورة كبح جماحه، وردعه عن طغيانه وعدوانه على دولة عربية مسلمة، آمنة، اجتاحها غدراً".

    وسأل البيان: "هل من تفسير، يقبله العقل والمنطق، لهذا الانحراف، الذي يمارسه إعلام الأردن والجزائر وتونس وغيرها؟ ولماذا يحاول إعلام هذه الدول خداع شعوبها باختلاق الحجج الواهية والإدعاءات الباطلة؟".

    وأكدت المملكة العربية السعودية ضرورة انسحاب العراق من الكويت، من دون قيد أو شرط، وعودة حكومة الكويت الشرعية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، عقده الملك فهد مع الرئيس المصري، حسني مبارك، في 30 يناير 1991، خلال زيارة الرئيس الرياض، حيث دعا خادم الحرمَين الشريفَين الرئيس صدام حسين إلى الانسحاب من الكويت، من الفور، ومن دون قيد أو شرط، وإعادة حكومة الكويت الشرعية. ورأى أن ذلك سيكون خطوة لإنقاذ الشعب العراقي من معاناة الحرب، التي تطاوله، بسبب إقدام العراق على احتلال الكويت. وأكد الملك فهد، أن ما حدث للكويت، كان يستهدف اجتياح جزء من المملكة العربية السعودية، أو أجزاء أخرى من دول الخليج. وأشار الملك إلى أنه لم يصدق، في البداية، أن العراق هو الذي غزا الكويت، وقال لقد تحمّلنا العبء الأكبر في تأسيس الجيش العراقي وتدعيمه، حتى لا يتعرض العراق لخطر الاجتياح الإيراني. ودعا الملك فهد الرئيس العراقي إلى الانسحاب. وأمل أن يكون قد أدرك القوة التي يواجهها، وأن الأمر قد حسم.

    وقال الملك فهد، في توديع الرئيس حسني مبارك: "إن العالم كله، يقف بجانب الحق والشرعية، وعودة الكويت إلى أهلها". وأشار إلى أنه نصح للرئيس صدام حسين بعدم التورط في حرب مع إيران، عام 1980. وأضاف أن المملكة العربية السعودية، ترى في إيران دولة إسلامية مجاورة، وأن العلاقات الطيبة بها، سوف تعود في الوقت المناسب.

    وقال الملك: "إننا، الآن، أمام مطلب دولي، أعطى العراق فرصة كافية للانسحاب، من دون قتال. وهذا منطق العقلاء. فلماذا لم يأخذ به صدام حسين؟ ولماذا لا يأخذ به، الآن أو غداً، وينسحب من الكويت، من دون شروط، ويكفي شعبه وجيشه معاناه ويلات الحرب؟".

ج. ردود فعل المملكة، إزاء تحرير مدينة الخفجي (31 يناير 1991)

    بعد أن تمكنت قوة عراقية من احتلال مدينة الخفجي. وبعد قتال استمر 36 ساعة، وبالتحديد بعد ظهر يوم 31 يناير، تمكنت القوات السعودية من تحرير مدينة الخفجي، بعد أن كبدت القوة العراقية المعتدية خسائر كبيرة في الأفراد والأسلحة والمعدات، وأسر أعداد كبيرة من الجنود العراقيين.

    وأكدت المملكة العربية السعودية، أن محاولة القوات العراقية لاحتلال مدينة الخفجي، هي تأكيد للأطماع العراقية في أراضي المملكة، وتتعارض مع تأكيدات صدام حسين، أنه لا يهدف إلى احتلال المملكة العربية السعودية.

    كما أعلن الفريق الركن خالد بن سلطان، "أن القوات العراقية فقدت 90 في المائة من قواتها المهاجمة، في الخفجي. كما وصف الهجوم العراقي بأنه عملية انتحارية".

    وفي يوم 2 فبراير 1991، أعلن المتحدث العسكري باسم قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات، نتائج خسائر معركة الخفجي، وهي: أن القوات السعودية أحدثت خسائر فادحة في القوة العراقية، بلغت 30 قتيلاً، 37 جريحاً، 429 أسيراً. كما تم الاستيلاء على معدات ما يعادل كتيبة مشاة وكتيبة دبابات. وقد كان من الواضح أن عملية الخفجي كان يهدف منها صدام حسين رفع الروح المعنوية لقواته، حتى لو كان ذلك ببريق انتصار وقتي انقلب في نهايته إلى هزيمة منكرة لقواته"[1].

د. رد فعل المملكة، تجاه ما سببه العراق من تلوث للبيئة

    كرد فعل إزاء تلوث بيئة الخليج بالنفط، طالب المسؤولون السعوديون، في 4 فبراير 1991، بإعلان منطقة الخليج، منطقة كارثة عالمية، بسبب الدمار الناتج من التلوث ببقعة النفط الهائلة، التي تعمد العراق تسريبها في الخليج، من أجْل إعاقة العمليات العسكرية. وقال الأمير عبدالله بن فيصل، رئيس الهيئة الملكية للجبيل: "إن السعودية في حاجة إلى كل مساعدة ممكنة، لمكافحة هذه البقعة". وقال بيان لوازرة الصحة السعودية، إن المشكلة المترتبة على هذه البقعة، هي مشكلة ضخمة، وتحتاج إلى مجهود كبير للقضاء عليها".

هـ. معاملة أسرى الحرب

    أعلن قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، أن عدد الأسْرى العراقيين، منذ بداية الحرب، بلغ 936 أسيراً، علماً بأن عددهم يتزايد، يومياً. كما أشار إلى أن السلطات السعودية، تعاملهم وفق أفضل ما تنص عليه اتفاقية جنيف، فضلاً عمّا تمليه عليها مبادئ الإسلام.

    وكشف النقاب عن وجود "فِرقة إعدام"، بين القوات العراقية المرابطة في الجبهة، مهمتها إطلاق النار على كل جندي، يحاول الانضمام إلى القوات الحليفة. وأضاف، "أن الجنود العراقيين، الذين يستسلمون لنا، يفعلون ذلك، لأنهم لا يؤمنون بما يفعلون على الجبهة، وليس لأنهم يريدون التهرب من القتال".

    وقال إن عدداً كبيراً منهم، قد سلّموا أنفسهم؛ لأنهم لا يؤمنون بما يقاتلون من أجْله، أو لأن القتال أجهدهم، بعد ثماني سنوات من الحرب ضد إيران. وأشار إلى أن أسْرى الحرب العراقيين، سوف يعاملون وفقاً لاتفاقات جنيف، التي تنص على معاملة الأسرى معاملة إنسانية.

    وإزاء تصرفات القيادة العراقية، السيئة، حيال المدنيين الكويتيين وأسرى الحرب من قوات التحالف، صرح الفريق الركن خالد بن سلطان، قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، في مؤتمر صحفي، في 25 فبراير 1991، في الرياض، قال: "إن القوات العراقية، تقوم بقتل الرجال، واغتصاب النساء. وتحاول إجبار الجنود العراقيين الشبان، على قتل الأطفال الكويتيين". وأضاف: "ونأمل أن نوقف ذلك، قريباً جداً". وأكد الفريق خالد بن سلطان، أن العراقيين، الذين شاركوا في الجرائم العديدة، ضد المدنيين الأبرياء في الكويت، سوف يتحملون المسؤولية، أمام محكمة عدل دولية. وسوف يعاملون كمجرمي حرب.

و. موقف المملكة من استمرار الحرب

    أوضح الفريق الركن خالد بن سلطان: أن حرب تحرير الكويت، تسير وفق المخطط الموضوع. وأنها أعطت نتائج جيدة، حتى الآن؛ فقوات التحالف، تسيطر على الأجواء تماماً، وقد نفّذت أكثر من 45 ألف طلعة.

    وتجنّب الفريق الركن خالد بن سلطان الكشف عن موعد محدد، أو تقريبي، للهجوم البري المنتظر على القوات العراقية في الكويت، منوهاً بأن هذا القرار، ستمليه المعطيات العسكرية، في الدرجة الأولى. كما أكد، "أن حرب تحرير الكويت، ستنتهي في الكويت، وليس في بغداد".

    وفي حديثه عن مستقبل العراق، بعد الحرب، قال: "إن المملكة، ستعمل على إعادة العراق إلى الأسْرة الدولية. أما شكل الحكم العراقي، فهو مسؤولية الشعب العراقي، قبْل غيره".

    ورداً على ما ذكره بعض وسائل الإعلام، في صدد تجاوز قوات التحالف قرارات الأمم المتحدة، في عملياتها ضد العراق، قال الأمير سلطان بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس الوزراء، وزير الدفاع والطيران السعودي: "إن الذين تجاوزوا الحدود، هم الذين احتلوا بلداً عربياً، أو ساهموا في ذلك، أو ساعدوا على ذلك".

    وأكدت المملكة العربية السعودية استمرار تنفيذ قرار مجلس الأمن، الرقم 678، حتى انسحاب العراق من الكويت. جاء ذلك في كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز، في 11 فبراير، خلال اجتماع لمجلس الوزراء السعودي، إذ قال: "إن المملكة العربية السعودية، تُصر على مواصلة تنفيذ القرار 678، حتى انسحاب العراق من الكويت، وعودة حكومتها الشرعية إليها، وسحب الحشود العراقية من خطوط المواجَهة على الحدود السعودية".

ز. رد فعل المملكة، إزاء بيان مجلس قيادة الثورة العراقي في شأن الانسحاب

    رفضت المملكة العربية السعودية، في إطار دول مجلس التعاون الخليجي، خلال اجتماع، عقد في القاهرة، في 15 فبراير 1991، بيان مجلس قيادة الثورة العراقي، المتعلق بالانسحاب. ورأت أنه يتضمن شروطاً غير مقبولة، جملة وتفصيلاً.

    وفي اليوم التالي، أكدت المملكة رفضها إياه، بنصّه الذي بثّته إذاعة بغداد. وقال ناطق باسم الحكومة السعودية: "إنه في الوقت الذي أبدى النظام العراقي فيه استعداده للتعامل مع قرار مجلس الأمن، الرقم 660، فإنه خالف مضمون القرار، الذي ينص، صراحة، على ضرورة الانسحاب من الكويت، دون قيد أو شرط".

ح. موقف المملكة من خطة السلام السوفيتية، لإنهاء الحرب

    رفضت المملكة العربية السعودية، المقترحات السوفيتية، في شأن الانسحاب العراقي. إذ أصدرت الحكومة السعودية بياناً، في 23 فبراير 1991، قالت فيه: "بعد الاطلاع على التصريح، الذي أدلى به الرئيس جورج بوش، بعد تسلُّمه المقترحات السوفيتية، رسمياً، والبيان الذي صدر عن المتحدث الرسمي للبيت الأبيض، عن تلك المقترحات، فإن حكومة المملكة، تودّ أن تؤكد اتفاق وجهة نظرها مع ما ورَد فيهما".

3. موقف ورد فعل المملكة مع بدء الحرب البرية (24 فبراير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

    أكدت المملكة العربية السعودية، أن الكوارث، التي تعيشها منطقة الخليج، هي ناجمة عن احتلال العراق الكويت. وجاء ذلك خلال اجتماع لمجلس الوزراء السعودي، في 25 فبراير 1991، في الرياض، حيث هاجم الملك فهد، مواقف بعض قادة الدول العربية، الذين تجاهلوا الأسباب الحقيقة المؤدية إلى كل هذه الكوارث والمآسي، التي تعيشها منطقة الخليج العربي. وأشار الملك إلى الجرائم المتلاحقة، التي ارتكبها حاكم العراق في حق الأمة العربية، وحق البشرية والقيم الاجتماعية. وأعرب عن استغرابه الشديد لتجاهل تشريد شعب بأسْره واحتلال دولة عربية مستقلة، تدين بالإسلام، وتتمتع بعضوية الجامعة العربية وكافة المنظمات الدولية.

    وأشار الملك إلى الموقف السعودي من قضايا الأمة العربية المصيرية، في الماضي والحاضر، وما بذلته المملكة من جهود متواصلة، لحل الخلافات الناشئة بين قيادات الدول الشقيقة، ورأب الصدع، وتقريب وجهات النظر بينها، انطلاقاً من حرص المملكة الدائم على تحقيق تضامن، يصون كرامة هذه الأمة، ويحافظ على حقوقها، ويضمن الوصول إلى حلول عادلة لكل قضاياها، بدءاً من القضية الفلسطينية ومطالبها الشرعية.

    كما أكدت المملكة العربية السعودية، أن الأطماع العراقية، لم تقتصر عليها وعلى الكويت، بل تخطتهما إلى سورية والأردن ولبنان وغيرها، بل السيطرة على منطقة الخليج برمّتها، بما فيها مواردها النفطية. وجاء ذلك في كلمة، ألقاها الملك فهد بن عبدالعزيز، في 27 فبراير 1991، خلال لقائه الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، وليّ عهد الكويت، إذ قال: "نتمنى أن يأتي إلى حكم العراق قيادة، تتمسك بالعقيدة الإسلامية، واحترام إخوانها العرب. ذلك أن السعودية والكويت، قدّمتا المساعدات إلى العراق، في حربه ضد إيران، ولم تبخلا عليه بالإمكانات المتاحة. وإن الأطماع العراقية، لم تقتصر على الكويت والسعودية، بل تخطتهما إلى سورية والأردن ولبنان وغيرها". وأكد أن المملكة العربية السعودية، تريد علاقات متساوية بإيران، واستطرد قائلاً: "لم نوجّه شيئاً ضد إيران نهائياً، وكان التركيز على أن يبقى العراق".

4. تصور المملكة حيال الترتيبات الأمنية في المنطقة، بعد الحرب

    أكدت المملكة العربية السعودية، أن الترتيبات الأمنية في الخليج، هي أمر يهم، بالأساس، دول المنطقة خاصة، والدول العربية عامة. ففي إطار التنسيق بين المملكة العربية السعودية ومصر، أثناء زيارة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، إلى القاهرة، في 6 فبراير 1991، قال الأمير الفيصل، إن الترتيبات الأمنية، أمر يهم، أساساً، وقبْل كل شيء، المنطقة خاصة، والدول العربية عامة. ومنظورها سيتحدد في الوقت الملائم، وأكد أن المملكة العربية السعودية، لم تحصل على شيء، بالنسبة إلى المبادرة الإيرانية.

    وعلق وزير الخارجية المصري، الدكتور عصمت عبدالمجيد، قائلاً: "إن التعاون المصري ـ السعودي ـ السوري، يُعتبر ركيزة أساسية، بالنسبة للتحرك في المرحلة المقبلة".

    وعن الترتيبات الأمنية في المنطقة، بعد الحرب، قال الأمير سلطان: "إن دول الخليج أعلم وأدرى بأمنها. لكن هذا لا يعني عدم التعاون مع إخواننا العرب والمسلمين، وكل صديق، إذا اقتضت الحاجة ذلك"[2].

    وفي 8 فبراير 1991، أعلن الفريق الركن خالد بن سلطان، قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، في مؤتمر صحفي، عقده في الرياض، أن حرب الخليج، ستنتهي بتحرير الكويت. وأنه لا نية لدى قواته في دخول العراق أو غيره. كما أكد أن القوات الأمريكية، ستنسحب من المنطقة، بعد تحرير الكويت. وأن مستقبل المنطقة، سوف يخطط له قادتها.



[1] ذكرت نتائج المعركة، في البيان العسكري الرقم ( 16 ) الصادر من قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات، في 18 رجب 1411هـ الموافق 2 فبراير 1991م.

[2] جاءت تصريحات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في أعقاب رعايته حفل تخريج الدورة التاسعة والأربعين من كلية الملك عبدالعزيز الحربية