إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، من استقلال الكويت حتى انضمامها إلى الأمم المتحدة، ( من 19 يونيه 1961 إلى 14 مايو 1963)









وثيقة

وثيقة

البيان الرسمي الأول

للجمهورية العربية المتحدة

في 27 يونيه 1961

في شأن الأزمة، التي فجرها عبدالكريم قاسم

لضم الكويت إلى العراق

    لقد تابع الرئيس جمال عبدالناصر، باهتمام كبير، تطورات الموقف المفاجئ، الأخير، في العلاقات ما بين حكومة الجمهورية العراقية، وبين حكومة الكويت.

   وفي رأي الرئيس جمال عبدالناصر، أنه لا يمكن أن يحكم العلاقات بين الشعوب العربية غير المبادئ، التي صنعها النضال الطويل للأمة العربية، وهي المبادئ، التي تجري على أساسها حركة الأمة العربية إلى مستقبلها، الهادف إلى صنع الوطن العربي الحر، والمواطن العربي الحر.

   ومن هذا المنطلق، فإن وجهة نظر الجمهورية العربية المتحدة، في الموقف المفاجئ بين حكومة الجمهورية العراقية، وبين حكومة الكويت، تتلخص فيما يلي:

أولاً:   إن الجمهورية العربية المتحدة، في إيمانها الذي لا يتزعزع، بأن الوحدة العربية الشاملة، هي أمانة التاريخ العربي إلى المستقبل العربي، تؤمن بأن العلاقات بين الشعوب العربية، لا تحكمها معاهدات أو اتفاقيات، قديمة أو حديثة، جرى توقيعها من قبل أطراف عربية، أو أطراف أجنبية. وإنما العلاقات بين الشعوب العربية، يحكمها، بل يصنعها، ما هو أعمق من جميع المعاهدات أو الاتفاقيات.

ثانياً:   ترتيباً على ذلك، فإن الجمهورية العربية المتحدة، تتوقع، دائماً، أن تكون حركة الشعوب العربية في الوحدة قائمة على غير النموذج الأوروبي التقليدي، الذي ساد أوروبا، قبْل الحرب العالمية الثانية، وقاد إليها، بسبب التمسك بالمطالب الإقليمية، القائمة على نصوص معاهدات قديمة، لا تستطيع إلاّ أن تثير قضايا فرعية، وسطحية، وإن كانت قادرة على إحداث آثار خطيرة في العلاقات بين الشعوب. ومن هنا فإن الجمهورية العربية المتحدة، لا تقبل منطق "الضم"، وإن كانت على استعداد لبذل كل جهدها، لتأييد منطق "الوحدة الشاملة".

ثالثاً:   إن الجمهورية العربية المتحدة، وهي دولة انتقلت من الوحدة الشاملة بين  مصر وسورية، لا يمكن، بطبيعتها، إلاّ أن تكون سنداً لكل اتجاه إلى الوحدة، سواء كانت وحدة جزئية، أو وحدة شاملة. ولكن الوحدة، لا يجب، ولا يمكن إلاّ أن تكون تعبيراً اجتماعياً عن إرادة شعبية عربية متبادلة، قائمة على الاختيار الحر.

رابعاً: إن الجمهورية العربية المتحدة، كانت ترى، دائماً، أنه من واجب الشعوب العربية الكبيرة، أن تكون سنداً، يعزز قدرة الشعوب العربية الصغيرة، في تجرد، يستمد أصوله من معنى التضامن العربي. وكانت الجمهورية العربية المتحدة تعتقد، أن هذا البلد القوي المتجرد، كفيل بتشجيع روح الوطنية العربية، في البقاع الصغيرة من العالم العربي، حيث استطاع الاستعمار أن يتسلل، منذ أوقات بعيدة، وأن يصور نفسه بصورة الصديق، بينما هو، في الواقع، لا يهدف لغير تأمين مصالحه، ومواصلة استغلاله. وإنه من سوء الحظ، أن يطرأ هذا الموقف المفاجئ بين حكومة الكويت وبين الجمهورية العراقية، في أعقاب إعلان استقلال الكويت، وهي خطوة كان من المحتوم تشجيعها وتأمينها، تمكيناً لروح الوطنية العربية، وتأكيداً لما يمكن أن يوفره التضامن العربي من أسباب الطمأنينة والأمل.

خامساً: تؤمن الجمهورية العربية المتحدة، أن الشعب العراقي العظيم، يملك من أسباب الدعوة إلى الوحدة، بينه وبين شعب الكويت، ما هو أعمق وأبقى من وثائق الإمبراطورية العثمانية. فإن هذا الشعب، يملك قوميته العربية، بقدر ما يملك شعب الكويت من هذه القومية العربية. وتلك، في حد ذاتها، رابطة وامتداد بينهما، كفيلة بصنع الوحدة السياسية، إذا ما توافرت أسبابها. وأول الأسباب، أن تنعقد الإرادة الشعبية الإجماعية، في كل منهما، على طلبها، وعلى وضعها موضع التحقيق.

سادساً:     ترجو الجمهورية العربية المتحدة، أن ينتهي هذا الموقف الطارئ، على نحو يتسق مع المبادئ العربية. ولا تتصور الجمهورية العربية، أن يقوم  نزاع على أرض عربية، بين شعب عربي وشعب عربي. وإن اتجاه التاريخ الحتمي، هو أن الأرض العربية كلها للأمة العربية كلها. كذلك، لا تتصور الجمهورية العربية المتحدة يوماً، يقف فيه جندي عربي في مواجَهة جندي عربي آخر، في وقت، تواجه الأمة العربية فيه أخطر اللحظات في تاريخ نضالها ضد الاستعمار والصهيونية. في لحظات يتقرر فيها المصير الواحد للأمة العربية، لأجيال عدة قادمة. في لحظات تتطلب، على هذا الأساس، كل طاقة الأمة العربية، وكل وقتها، وكل جندي قادر على حمل السلاح من أبنائها.