إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، من استقلال الكويت حتى انضمامها إلى الأمم المتحدة، ( من 19 يونيه 1961 إلى 14 مايو 1963)









رابعاً: الموقف الدولي من الأزمة العراقية ـ الكويتية (1961)

المبحث الرابع

الموقف الدولي من الأزمة العراقية ـ الكويتية (1961)

    لعل ما يسترعي الانتباه أن الأزمة العراقية ـ الكويتية، استطاعت أن تجد حلاً لها في إطار الأُسرة العربية، بينما فشل مجلس الأمن، والأمم المتحدة، في معالجتها، بسبب الحرب الباردة، بين المعسكرين، الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بزعامة الاتحاد السوفيتي، ونجاح العراق في اجتذاب موسكو إليه. قد أدى توازن القوى داخل المجلس، وقتذاك، إلى عجزه عن اتخاذ قرار، مما دفعه إلى ترْك هذه المهمة لجامعة الدول العربية.

    وعلى الرغم من موقف مجلس الأمن، وفشله في اتخاذ قرار بانضمام الكويت إلى عضوية الأمم المتحدة، إلاّ أن كثيراً من الدول، العربية والأجنبية، وقفت، وقتذاك، إلى جانب الكويت، وأيّدت انضمامها، مؤكدة أن جميع المقومات المطلوبة للدولة متوافرة فيها، فضلاً عن أنها تأتي في المرتبة الثانية، بين الأقطار المصدرة للنفط، وأنها استطاعت استغلال ثروتها في تحسين مستوى معيشة سكانها، وتقديم كافة الخدمات، الصحية والتعليمية والعمرانية. كما أنها أنهت علاقاتها التعاهدية ببريطانيا، واعترفت الحكومة البريطانية، من جانبها، بمسؤولية الكويت عن إدارة شؤونها الخارجية. وعلى الرغم من كل تلك المبررات، لم يلبث أن تأجل النظر في قبول الكويت عضواً في الأمم المتحدة، ريثما تجد الأزمة حلاً لها، في الإطار العربي

    لقد كانت الأزمة التي فجّرها العراق، سبباً في تدويل القضية، منذ بدايتها، من جانب طرفَيها المباشَرين، وذلك من خلال تسليم العراق وممثلي وسفراء الدول، العربية والأجنبية، مذكرة، في 26 يونيه 1961، تضمنت مطالبته بضم الكويت، وما تلا ذلك، من مسارعة الكويت إلى إرسال رسائل إلى رؤساء الدول العربية وملوكها، وجامعة الدول العربية، تطلب فيها المساندة والتأييد، وطلبها من بريطانيا التدخل العسكري المباشر، من أجل ردع التهديدات العراقية لسلامتها الإقليمية.

    ومنذ ذلك الوقت، بدأ تصعيد الأزمة واتسامها بالصفة الدولية. فحين بدأت الحكومة البريطانية (بالنيابة عن الكويت) بتقديم شكوى ضد العراق، في مجلس الأمن، بادرت الحكومة العراقية إلى تقديم شكوى، هي الأخرى، ضد الحكومة البريطانية، على أساس أن نزول قوات عسكرية بريطانية، في أراضي الكويت، يعرض أمن العراق وسلامته للخطر، وأن بريطانيا تدبر عدواناً عليه. وأكد العراق في شكواه، أنه لم يلجأ إلى العنف، وأن قواته كانت في حالة تأهب فقط على الحدود الكويتية.

    ومن جهة أخرى، كان موقفا القوَّتين العظميَين من أزمة 1961، متضادَّين. فالموقف السوفيتي، على الرغم من تأييده لموقف الكويت، قبْل الأزمة، ومساعدتها على الانضمام إلى بعض المنظمات الدولية، قد تغيَّر، بعد الأزمة، فساند العراق، في دعواه، نتيجة للتدخل البريطاني في الكويت، مما شكل تهديداً للنفوذ السوفيتي، الذي بدأ يتغلغل في الشرق الأوسط. أمّا الولايات المتحدة الأمريكية، فقد ساندت الكويت، من أول الأمر، وأيّدت التدخل العسكري البريطاني. ومن ثَم، كان لأزمة 1961 طابع دولي، ظهر في موقف كلٍّ من واشنطن وموسكو، إضافة إلى مجلس الأمن.

أولاً: موقف الولايات المتحدة الأمريكية

    كشفت أزمة السويس، عام 1956، عن المأزق الإستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط، فلو أيدت الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا في عدوانها على مصر، لألهبت المشاعر العدوانية، المناهضة للغرب. وإن أيدت الحركات القومية، فسيتقوض مركز بريطانيا في المنطقة، وهي القوة المسؤولة عن الدفاع عنها. ولذلك، كان البديل الواضح للولايات المتحدة الأمريكية، أن تؤدي، هي نفسها، دوراً أكبر في الشرق الأوسط، وليس مجرد دور سياسي، وإنما دور عسكري، كذلك. وفي ضوء هذا الفهم، وجد أيزنهاور نفسه، بعد أزمة السويس، وبعد أن استشعر حقيقة الوضع المتدهور في المنطقة، أن التدخل، السياسي أو العسكري، الأمريكي، هو أفضل الوسائل لحماية المصالح الغربية. ومنذ ذلك الوقت، بدأت واشنطن تعيد تقييم سياستها، مما أدى إلى تطوير في قواتها المسلحة بإنشاء وحدات ذات طبيعة خاصة قادرة على الاضطلاع بعمليات عسكرية واسعة النطاق في الشرق الأوسط.

    وكان المؤشر الأول، إلى هذا الاتجاه الجديد في السياسة الأمريكية، هو مبدأ أيزنهاور،"Eisenhower Doctrine"، الذي أُعلن في 5 يناير 1957، وأقِرّ في 5 مارس 1957[1]، في قرار مشترك، صدر عن مجلسَي النواب والشيوخ. ويقر هذا المبدأ ضرورة تقديم المساعدات، الاقتصادية والعسكرية، إلى دول منطقة الشرق الأوسط، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية تَعُدّ المحافظة على استقلال دول الشرق الأوسط ووحدة أراضيها، أمراً حيوياً، بالنسبة إلى المصالح القومية والسلام العالمي. ولتحقيق ذلك، وعندما يرى الرئيس ضرورة ما، فإن واشنطن تكون مستعدة لاستخدام القوات المسلحة لمساعدة أي دولة، أو مجموعة من الدول، تطلب المعاونة ضد عدوان مسلح، من أي دول خاضعة لسيطرة الشيوعية الدولية، شريطة أن يكون نشر القوات الأمريكية متوافقاً مع التزامات المعاهدات، التي تكون الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً فيها، ومع الدستور الأمريكي.

    ومع اندلاع الأزمة العراقية ـ الكويتية، في 25 يونيه 1961، أُتيحت الفرصة للولايات المتحدة الأمريكية أن تحل محل بريطانيا، وأن تبدأ في تنفيذ مبدأ أيزنهاور. فأعلنت، في 27 يونيه، أنها مع الكويت، كدولة مستقلة ذات سيادة. وأكد المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية الأمريكية: "أن الكويت إذا ما طلبت إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بالولايات المتحدة الأمريكية، فإنها سوف تجد تجاوباً من واشنطن". وقال، كذلك: "إن تصريحات عبدالكريم قاسم، الجديدة، ما هي إلاّ ترديد لادعاءاته السابقة، وهي ادعاءات سبقه إليها نوري السعيد" ومن جهة أخرى، أعربت جريدة الـ "نيويورك تايمز" New York Times ، الوثيقة الصلة بوزارة الخارجية الأمريكية، عن رأيها في عبدالكريم قاسم ومطالبه، فقالت: "إنه يريد أن يقتدي بالهند، التي استردت جاوه "Goa".

    وقد أيدت الولايات المتحدة الأمريكية الخطوة البريطانية، بإرسال قواتها إلى الكويت، لمقاومة أي إجراء، من شأنه أن يورط الشرق الأوسط برمّته، ولمراقبة أي طوارئ تحدث في هذه المنطقة. بل إن واشنطن وافقت على أن تقدم إلى بريطانيا ما هو مطلوب من مساندة، في حالة حدوث أي هجوم عراقي.

    ولقد ترتب على موقف الولايات المتحدة الأمريكية، المؤيد للكويت، والداعم للتدخل البريطاني، أن شنّ العراق على واشنطن حملة إعلامية شعواء، استمرت طويلاً، حتى بعد انسحاب القوات البريطانية من الكويت، مما أدي إلى سوء العلاقات بينهما. ففي 2 يونيه 1962، طلبت حكومة العراق من السفير الأمريكي في بغداد أن يغادر الأراضي العراقية، وفي الوقت نفسه طلبت من السفير العراقي في واشنطن مغادرة الأراضي الأمريكية. وفي 12 يونيه 1962، غادر بغداد، "جون جيرنجان"، السفير الأمريكي في العراق، بناءً على طلب بغداد. وجاء ذلك تنفيذاً لتهديد العراق بإعادة النظر في علاقاتها مع كل دولة تعترف بالكويت.

ثانياً: موقف الاتحاد السوفيتي

    تجلّت للاتحاد السوفيتي الأهمية الإستراتيجية للمنطقة العربية، إذ إنها تحقق له الحماية من جهة الجنوب. وتُعَدّ، كذلك، طريقاً طبيعياً للوصول إلى المياه الدافئة، في الخليج العربي، والمحيط الهندي، إضافة إلى كونها موقعاً إستراتيجياً، ذا ثقل دولي، تجاري واقتصادي، يحقق له وضعاً أفضل، كقوة عظمى، يمكِّنها من مساندة الحركات التحررية في المنطقة، وتقليص الوجود الغربي فيها.

    ومن المؤكد أن الأزمة العراقية ـ الكويتية عام 1961، قد وضعت الاتحاد السوفيتي في موقف المواجهة والاختيار بين بغداد والدول العربية الأخرى، مثل الجمهورية العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية والأردن. وعلى الرغم من أن الاتحاد السوفيتي قد أيّد انضمام الكويت للأمم المتحدة وقبول عضويتها في بعض المنظمات الدولية المتخصصة مثل اليونسكو ومنظمة الطيران المدني، إلاّ أن هذا الموقف الإيجابي تحول إلى موقف سلبي، مع نشوب الأزمة، إذ ساند الاتحاد السوفيتي عبدالكريم قاسم. وقد استغلت الصحف السوفيتية الأزمة، فشنت حملة عنيفة على بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ووصفتهما بأنهما يستغلان الأزمة، لتحقيق مصالحهما في المنطقة، وقالت: "إن العملية العسكرية البريطانية، في الكويت، ليست إلاّ استفزاز للشعوب العربية، وتهديداً للسلام في الشرق الأوسط".

    ولم تشذ بعثة الاتحاد السوفيتي الدبلوماسية إلى الأمم المتحدة، عن النهج الذي وضعته موسكو لنفسها، فقد اكتفى رئيس البعثة بنقد الموقف البريطاني، واستعمال حق النقض (Veto)، لإسقاط المشروع، الذي تقدمت به بريطانيا. ولكنه في الوقت عينه، وافق على المشروع المقدم من الجمهورية العربية المتحدة.

    ويُذكر أن الاتحاد السوفيتي، تمكن من عرقلة انضمام الكويت إلى منظمة الأمم المتحدة، لفترة، ولكن عندما انتهت الأزمة، وسقط حكم عبدالكريم قاسم، واستبدل به نظام آخر، سارع الاتحاد السوفيتي إلى الموافقة على عضوية الكويت في الأمم المتحدة، خلال الدورة، التي عقدت في 14 مايو 1963.

ثالثاً: موقف مجلس الأمن

    استطاعت الكويت، بفضل مساندة بعض الدول، وخاصة الاتحاد السوفيتي، قبل أزمة 1961، أن تنضم، قبل إعلان استقلالها، إلى كثير من المنظمات الدولية المتخصصة، التابعة للأمم المتحدة، مثل منظمات: اليونسكو (UNESCO)، الإمكو (IMCO)، الايكاو (ICAO)، وغيرها.

    وإثر حصول الكويت على استقلالها، في 19 يونيه 1961، تقدمت حكومتها، رسمياً، بطلب للانضمام إلى كلٍّ من الأمم المتحدة والجامعة العربية. ومع نشوب الأزمة بين العراق والكويت، في 25 يونيه 1961، أخذ طلب عضويتها مساراً صعباً، في كلتا المنظمتَين.

    ففي الأول من يوليه 1961، تقدمت الحكومة البريطانية، نيابة عن الكويت، بشكوى ضد العراق، إلى مجلس الأمن، من أجْل عقد جلسة طارئة، لبحث التهديدات العراقية لاستقلال الكويت، بمحاولة ضمها، قسراً، إلى دولة أخرى، مما يهدد الأمن والسلم العالميَّين. وبناءً على ذلك، قرر مجلس الأمن عقد اجتماع طارئ في اليوم التالي، الأحد 2 يوليه 1961.

    وفي 2 يوليه 1961، وقبَيل اجتماع مجلس الأمن، تقدم العراق بشكوى ضد بريطانيا، مشيراً إلى أنها أنزلت قواتها في الكويت، وأن هذه القوات تهدد استقلال العراق وأمنه، إضافة إلى تهديدها السلم والأمن الدوليَّين. ونتيجة لذلك، أُدرجت شكوى العراق، هي الأخرى، في جدول أعمال المجلس. وبذلك واجه المجلس شكويَين متضادّتَين، وكلتاهما تعبر عن أن الوضع، يعرض السلام والأمن الدوليَّين للخطر.

    وفي بداية الجلسة، وبعد كلمة رئيس المجلس، التي اعتذر فيها عن اضطراره إلى عقدها في يوم عطلة رسمية (الأحد)، تحدث فالريان زورين (Zorin)، نائب وزير خارجية الاتحاد السوفيتي، ورئيس وفده إلى الأمم المتحدة، فقال: "إن مبادرة بريطانيا إلى طلب عقد اجتماع عاجل للمجلس، بناءً على طلب حاكم الكويت، تثير الشك حول حقيقة الوضع، خاصة أن هذا يختلف مع المعلومات والحقائق، التي تلقيناها من منطقة الكويت". ثم أعلن، بعد انتهاء كلمته، عدم معارضته لمسألة بحث الأزمة برمّتها. وفي الجلسة، أشار رئيس المجلس إلى رغبة العراق في حضور الاجتماع. وإذ لم يبدِ أي من الأعضاء معارضته، دُعي عدنان محمد باجهجي، مندوب العراق الدائم في الأمم المتحدة، ليأخذ مقعده إلى مائدة الاجتماع.

    ثم تكلم السير باتريك دين، مندوب بريطانيا، وردَّ على المندوب السوفيتي قائلاً: "إن الحكومة البريطانية، ستسحب قواتها من الكويت، بمجرد أن يرى حاكم الكويت، أن حالة التهديد، التي تتعرض لها بلاده، قد انتهت. وإن إرسال القوات البريطانية، إلى الكويت، كان بناءً على طلب من حاكمها، وإنها لا تضمر أي نيات عدوانية، كما أنها لا تشكل أي تهديد للعراق". وأضاف: "إنه في الفترة الماضية، اضطلعت دولة الكويت المسؤولية التامة عن إقامة وإدارة علاقاتها الدولية الخاصة، مع دعم كامل من حكومة جلالة الملكة. واشتركت، في الماضي، في عدد من المنظمات الدولية، كدولة مستقلة ذات سيادة. وعلى هذا، أُعلن الاستقلال الكويتي، في 19 يونيه 1961. واعتقدت بريطانيا، أن هذه الخطوة، سوف تقبَلها جميع الدول، خاصة الدول العربية. ولذلك، استقبلنا أخبار عدم قبول العراق لاستقلال الكويت، بل ردّها بالتهديد، بالدهشة والصدمة". ثم أخذ المندوب البريطاني يستعرض المسلك العدائي، من قِبل حكومة العراق تجاه الكويت، منذ إعلان استقلالها، والأحداث التي أدت إلى الموقف المترديِّ في المنطقة.

    وتحدث السفير عمر لطفي، مندوب الجمهورية العربية المتحدة، فقال: "نحن نأسف لهذا الخلاف بين دولتَين عربيتَين. إن الجمهورية العربية المتحدة، تودّ أن تُحل هذه المشكلة، وفقاً للتقاليد والمبادئ العربية. لذلك، لا يمكن أن نتصور، أن الجنود العرب، يقاتلون بعضهم بعضاً، في حين أن الأمة العربية في خضم صراع ضد القوات الإمبريالية". وأضاف: "نحن متأكدون أن الشعب العراقي، سيقبل فقط مبادئ كفاح الشعب العربي كله. لكننا سمعنا، للأسف، أنباء عن إرسال وحدات من الأسطول البريطاني إلى الكويت. ونحن نعتقد، أنه ما من دولة عربية، يحق لها اتخاذ خطوة، تبرر أي تدخل استعماري". وأكد عمر لطفي: "أن نزول القوات البريطانية في الكويت، مسألة مؤسفة، وتثير قلق الجمهورية العربية المتحدة، إذ إن مثل هذا العمل ترك دولة عربية مفتوحة أمام الاستعمار. وهذه الأحداث الحالية، يمكن أن يكون لها رد فعل خطير، ومؤسف، بالنسبة إلى الدول العربية". وفي ختام كلمته، أعرب عن أمله "ألاّ يتخذ العراق أي خطوة، من شأنها تعكير صفو الأمن والسلام في المنطقة، وأنه واثق من أن مبادئ الوحدة العربية، ستحل محل المنازعات الشخصية.

    وتحدث المندوب العراقي في الأمم المتحدة، عدنان محمد باجهجي، نافياً الشائعات، التي أثيرت عن حشد القوات العراقية بالقرب من الحدود. وأعلن أن العراق لم يحرك جندياً واحداً. وقال: "إن الغرض من شكوى بريطانيا، هو تدبير الأعمال العدوانية السافرة". وأضاف "إن حكومة العراق، أعلنت مراراً، أنها ستلجأ إلى الوسائل السلمية، لتسوية النزاع. وأن بريطانيا أخطأت بقيامها بمحاولة خرقاء، فريدة في نوعها، وغير مقنعة، وهي تختفي وراء عباءة حاكم الكويت. وأن مغامرتها في الكويت، تشبه مغامراتها في السويس.

    وانفض اجتماع مجلس الأمن، وتقرر تأجيل المناقشة إلى جلسة الأربعاء، 5 يوليه 1961، حتى يتمكن كل وفد من الرجوع إلى حكومته، ويعرف رأيها في الشكويَين المعروضتَين للمناقشة.

    واستأنف المجلس مناقشاته، في 5 يوليه. وطرح، في بداية الجلسة، مشروعان لحل الأزمة. تقدم بهما كلٌّ من بريطانيا والجمهورية العربية المتحدة. ويدعو المشروع البريطاني. جميع الدول، إلى احترام استقلال الكويت ووحدة أراضيها. كما يدعو الأطراف المعنية، إلى العمل على حفظ السلام والهدوء في المنطقة، وبقاء الوضع في الكويت تحت نظر مجلس الأمن. ويطالب الجامعة العربية بالتدخل، لتسوية النزاع، سلمياً، في أقرب وقت. أمّا المشروع، الذي تقدمت به الجمهورية العربية المتحدة، فقد كان يقضي بأن يكون حل أزمة الكويت بالوسائل السلمية، وأن تسحب بريطانيا قواتها، "فوراً"، من الكويت. وتأجلت الجلسة إلى يوم الجمعة، 7 يوليه 1961، لبحث المشروعين والاقتراع عليهما.

    وفي 7 يوليه 1961، عقد مجلس الأمن، جلسة للاقتراع على المشروعَين المقدمَين إليه. وقبْل الاقتراع، تحدث السفير عمر لطفي، مندوب الجمهورية العربية المتحدة، معترضاً على المشروع البريطاني، وقال: "إنه مشروع، غير كامل، لأنه لم يتناول مسألة انسحاب القوات البريطانية من الكويت. وهي المسألة، التي تعلّق عليها الجمهورية العربية المتحدة أهمية كبيرة". ثم تحدث مندوب الاتحاد السوفيتي، فأعلن "أن بلاده ستؤيد مشروع القرار، الذي قدمته الجمهورية العربية المتحدة، لأنه يتماشى مع وجهة نظرنا، والموافقة عليه تهيئ حلاً صحيحاً لهذه المشكلة. واعترض مندوب المملكة العربية السعودية على كلمة "فوراً"، في مشروع الجمهورية العربية المتحدة.

    واقترع المجلس، بعد ذلك، على المشروعَين. فاخفق المشروع العربي في الحصول على الأغلبية المطلوبة، إذ حصل على ثلاثة أصوات فقط، هي: سيلان والاتحاد السوفيتي والجمهورية العربية المتحدة وامتنع سائر الأعضاء عن التصويت. أمّا المشروع البريطاني، فقد حظي بتأييد سبع دول، من إحدى عشرة دولة، هي: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وليبيريا وتركيا والصين الوطنية وشيلي والمملكة المتحدة، بينما امتنعت الجمهورية العربية | والإكوادور وسيلان عن التصويت. ولكن الاتحاد السوفيتي، استخدم حق النقض، فأبطل المشروع. وبذلك، وقف مجلس الأمن عاجزاً عن الفصل في النزاع. ودعا رئيس المجلس كلَّ المهتمين بالوضع في الكويت، إلى الامتناع عن اتخاذ أي خطوات، من شأنها زيادة الموقف خطراً.

    ومع فشل المجتمع الدولي في صدّ التهديدات العراقية، اندفعت الكويت إلى عرض القضية على جامعة الدول العربية، بعد أن قُبلت عضويتها فيها، في 20 يوليه 1961. ونَصّ قرار الجامعة العربية على ما يلي:

1. تلتزم حكومة الكويت بطلب سحب القوات البريطانية من أراضي الكويت، في أقرب وقت ممكن.

2. تلتزم حكومة الجمهورية العراقية بعدم استخدام القوة، في ضم الكويت إلى العراق.

3. تأييد كل رغبة تبديها الكويت في الوحدة أو الاتحاد مع غيرها من دول الجامعة العربية، طبقاً لميثاق الجامعة.

    وبعد انقلاب 8 فبراير 1963، في العراق، الذي أطاح بحكم عبدالكريم قاسم، بدأ قادة النظام الجديد يصدرون بيانات مطمئنة، بالنسبة إلى مستقبل العلاقات الكويتية ـ العراقية. وبناء على ذلك، طلبت الكويت انسحاب قوات أمن جامعة الدول العربية، وشرعت هذه القوات في الانسحاب، الذي اكتمل من 20 فبراير 1963

    وعلى أثر هذه المتغيرات، بادرت الكويت إلى تجديد طلبها الانضمام إلى الأمم المتحدة. وفي الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، في 7 مايو 1963، أوصى، بالإجماع، الاعتراف بالكويت، عضواً في المنظمة الدولية. وفي جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، المنعقدة  في 14 مايو 1963، وبناءً على توصية مجلس الأمن، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 1872، والمؤرخ في 14 مايو 1963، (أُنظر وثيقة قرار الجمعية العامة الرقم 1872 بقبول الكويت في عضوية الأمم المتحدة "الأمم المتحدة سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9 ص 183"، قرار الجمعية العامة بقبول الكويت في عضوية الأمم المتحدة ،القرار 1872 (دأ ـ4) 14 أيار / مايو 1963) بقبول الكويت عضواً في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت الكويت الدولة الحادية عشرة بعد المائة، في المنظمة الدولية.



[1] ورد في الموسوعة الفلسطينية، أن المشروع أُقر في مجلسي الكونجرس يوم 9 مارس 1957.