إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ترتيبات الأمن في منطقة الخليج العربي، بعد حرب تحرير الكويت









الفصل الثلاثون

المبحث الثاني

ترتيبات حصر التهديد العراقي وإزالته، في الأجل المنظور

    فتحت الهزيمة الساحقة للعراق، في حرب الخليج، الباب واسعاً أمام عملية منظمة، لتدمير قدراته من أسلحة الدمار الشامل، وكذلك جميع صواريخه أرض/ أرض الباليستية، وذلك كترتيب أمني، يضمن عجزه عن تهديد دول الخليج، كما حدث في أغسطس 1990.

    وقد قُنِّن هذا الترتيب في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، الصادر في 3 أبريل 1991، على النحو التالي (أنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 687 الصادر في 3 أبريل 1991 في شأن التدابير التفصيلية لوقف إطلاق النار وترتيبات تخطيط الحدود بين العراق والكويت، وإزالة أسلحة الدمار الشامل):

1. جاء في الفقرة (ج) من البند (8): "يقرر أن يقبَل العراق، دون أي شرط، المبادرة، تحت إشراف دولي، بتدمير ما يلي، أو إزالته، أو جعله عديم الضرر:

أ. جميع الأسلحة، الكيماوية والبيولوجية، وجميع مخزونات العناصر الكيماوية، وجميع ما يتصل بها، من منظومات فرعية ومكونات، وجميع مرافق البحث والتطوير والدعم والتصنيع.

ب. جميع الصواريخ الباليستية، التي يزيد مداها على 150 كيلومتراً، والقطع الرئيسية المتصلة بها، ومرافق إصلاحها وإنتاجها".

2. ولتنفيذ الالتزام الوارد في الفقرة الآنفة، فإن القرار تضمن نصوصاً تفصيلية واضحة، ودقيقة في شأن إنشاء آلية دولية، لتنفيذ عملية التدمير والإشراف عليها إذ نصت الفقرة (ج) من البند 9 (أ)، على أن "يُقدم العراق إلى الأمين العام، في غضون خمسة عشر يوماً من اعتماد هذا القرار، بياناً في شأن مواقع جميع المواد المحددة في البند (8) وكمياتها وأنواعها؛ وأن يوافق على إجراء تفتيش عاجل في الموقع ...".

    كما نص البند 9 (ب)، على أن "يبادر الأمين العام، بالتشاور مع الحكومات المناسبة، وفي غضون خمسة وأربعين يوماً من صدور هذا القرار، إلى وضع خطة وتقديمها إلى المجلس للموافقة عليها، تدعو إلى إنجاز الأعمال التالية، في غضون خمسة وأربعين يوماً من هذه الموافقة:

أ. تشكيل لجنة خاصة، تبادر، من الفور، إلى أعمال تفتيش في الموقع على قدرات العراق، البيولوجية والكيماوية، وما يتعلق منها بالقذائف، استناداً إلى تصريحات العراق، وما تعيّنه اللجنة الخاصة نفسها من المواقع الإضافية.

ب. تخلي العراق للجنة الخاصة، عن حيازة جميع المواد المحددة، الواردة في الفقرة (ج) من البند (8) (جميع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وجميع مخزونات العناصر الكيماوية، وما يتصل بها)، بما في ذلك المواد في المواقع الإضافية، التي تعيّنها اللجنة الخاصة، وذلك لتدميرها، أو إزالتها، أو جعلها عديمة الضرر، مع مراعاة مقتضيات السلامة العامة. ومبادرة العراق، تحت إشراف اللجنة الخاصة، إلى تدمير جميع قدراته المتعلقة بالقذائف، بما في ذلك منصات إطلاقها".

3. لا يقتصر القرار على تدمير، أو إزالة المواد والأسلحة والمخزونات، الكيماوية والبيولوجية، بل إنه يلزم العراق، كذلك، بالتعهد غير المشروط، بعدم استعمال أو استحداث هذه الأسلحة. إذ نصت الفقرة (ج) من البند (10) على "أن يتعهد العراق، تعهداً غير مشروط، بعدم استعمال أو استحداث أو بناء أو حيازة أي من الأسلحة أو العناصر أو المواد الكيماوية أو البيولوجية، أو القذائف الباليستية".

    كما يطلب القرار إلى الأمين العام إعداد خطة، بالتشاور مع اللجنة الخاصة، لرصد امتثال العراق هذا القرار إذ نصت الفقرة الآنفة على أن "يطلب إلى الأمين العام، أن يبادر، بالتشاور مع اللجنة الخاصة، إلى إعداد خطة امتثال العراق هذه الفقرة، والتحقق منه، بشكل مستمر، في المستقبل، على أن يقدمها إلى المجلس للموافقة عليها، في غضون مائة وعشرين يوماً من صدور هذا القرار".

4. أمّا بالنسبة إلى ما قد يكون لدى العراق، من مواد نووية، فقد نص القرار 687، في فقرته (ج) من البند (12)، على أن مجلس الأمن:

    "يقرر أن يوافق العراق، دون أي شرط، على عدم حيازة أو إنتاج أسلحة نووية، أو مواد، يمكن استعمالها في الأسلحة النووية، أو أي منظومات فرعية، أو مكونات، أو أي مرافق بحث أو تطوير أو دعم أو تصنيع، تتصل بما ذكر أعلاه. وأن يقدم إلى الأمين العام، وإلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في غضون خمسة عشر يوماً من تاريخ اعتماد هذا القرار، إعلاناً بمواقع جميع المواد المحددة أعلاه وكمياتها وأنواعها. وأن يخضع كل ما لديه من مواد، يمكن استعمالها في الأسلحة النووية، للرقابة الحصرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكي تحتفظ بها لديها، وتزيلها، وذلك بمساعدة اللجنة الخاصة وتعاونها ...".

5. كما نص القرار في فقرته (ج) من البند (13)، على أن مجلس الأمن:

    يطلب إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن يجري، من الفور، من طريق الأمين العام المساعد، وبمساعدة اللجنة الخاصة وتعاونها، تفتيشاً في المواقع النووية للعراق، استناداً إلى تصريحات العراق، وأي مواقع إضافية، تعيّنها اللجنة الخاصة. وأن يضع خطة، لتقديمها إلى مجلس الأمن، في غضون خمسة وأربعين يوماً، تدعو إلى تدمير جميع المواد النووية أو إزالتها، أو جعلها عديمة الضرر، حسب الاقتضاء. وأن ينفذ الخطة في غضون خمسة وأربعين يوماً، من تاريخ موافقة مجلس الأمن عليها".

    كما طالب مجلس الأمن، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، "أن يضع خطة، لرصد امتثال العراق أحكام الفقرة (12) (الخاصة بالقدرات النووية العراقية)، والتحقق منه باستمرار، في المستقبل، بما في ذلك المبادرة إلى جرد جميع المواد النووية الموجودة في العراق، التي تخضع للتحقيق والتفتيش من قِبل الوكالة، لتأكيد أن ضمانات الوكالة، تشمل جميع الأنشطة النووية ذات الصلة بالعراق".

    ويلفت في نصوص القرار 687، وما يتعلق بإزالة جميع أسلحة الدمار الشامل وتدميرها ما يلي:

·   وضع مجلس الأمن، في ضوء القرار 687، نظاماً مؤسسياً متكاملاً، تفصيلياً، ودقيقاً. وحدد برامج دقيقة لخطوات تنفيذ خططه، الخاصة بتدمير جميع الأسلحة والعناصر والمواد، الكيماوية والبيولوجية، والقذائف الباليستية، التي يزيد مداها على 150كم. وكذلك المواد النووية، التي يمكن استخدامها في صنع أسلحة نووية، وكل ما يرتبط بهذه المواد وتلك، من منظومات فرعية ومكونات ومرافق للبحث والتطوير والدعم والتصنيع، أو إزالتها، أو جعلها عديمة الضرر. كما وضع آلية للتحقق من الامتثال، والمراجعة المستمرة لموقف العراق من تعهداته في هذا الشأن، وجعل آلية التحقق مستمرة، في المستقبل، دون حدود.

·   في هذا النظام الصارم، تتشارك أجهزة مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الخاصة، التي أنشأها القرار 687، والتي تفرعت إلى عدة لجان متخصصة:

·   الأولى وتختص بالأسلحة الكيماوية.

·   والثانية بالأسلحة البيولوجية.

·   والثالثة بالقذائف الباليستية.

·   والرابعة بالمواد النووية.

·   وتعرض القرار، كذلك، لما أسماه "الحكومات المناسبة"، التي يتشاور معها الأمين العام، عند وضعه خطة تشكيل اللجنة الخاصة، للتفتيش في المواقع، عن قدرات العراق، المنصوص عليها في القرار. ونهضت هذه اللجنة بأنشطتها، فجابت كل المواقع العراقية، واستخدمت تكنولوجيا متطورة جداً، واستفادت من خرائط الأقمار الصناعية وصورها، اكتشفت مواقع إضافية للتفتيش، لم تكن واردة في البيانات الرسمية التي قدمها العراق إلى الأمين العام. وبُدئ، بالفعل، بتدمير القذائف الصاروخية، والمخزونات الكيماوية والبيولوجية. ونُقلت مواد نووية من العراق إلى الاتحاد السوفيتي.

·   التجربة التي عرفها العراق، في الأشهر التي أعقبت هزيمته في الحرب، من نظام دولي دقيق، وصارم، لتدمير مخزوناته من المواد، التي يمكن أن تدخل في إنتاج أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة فوق التقليدية ـ كانت سابقة، لم تعهدها دولة من قبْل.

·   تحديد منطقة منزوعة السلاح، بين العراق والكويت [الفقرة (ب) ـ البند (5)]:

·   إضافة إلى تدمير وإزالة قدرات العراق، من الأسلحة فوق التقليدية، والمواد التي يمكن أن تدخل في إنتاج الأسلحة النووية، فقد تضمن القرار، في الفقرة (ب) ـ من البند (5)، إنشاء منطقة منزوعة السلاح، بين العراق والكويت، تمتد مسافة عشرة كيلومترات داخل العراق، وخمسة كيلومترات داخل الكويت، من الحدود الدولية المشار إليها. إذ نص على أن "يطلب إلى الأمين العام، أن يُقدم، في غضون ثلاثة أيام، إلى المجلس، للموافقة، وبعد التشاور مع العراق والكويت، خطة للتوزيع الفوري لوحدة مراقبين، تابعة للأمم المتحدة، لمراقبة خور عبدالله. والمنطقة المنزوعة السلاح، تنشأ بموجب هذا، وتمتد مسافة عشرة كيلومترات داخل العراق، وخمسة كيلومترات داخل الكويت، من الحدود المشار إليها في المحضر المتفق عليه، بين دولة الكويت والجمهورية العراقية، في شأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة".

·   كما طلب مجلس الأمن، في قراره، إلى الأمين العام، أن يرفع تقريراً في شأن أي أعمال عدوانية، أو يحتمل أن تكون عدوانية، تشن من أراضي إحدى الدولتَين على الأخرى. وأن يقدم، كذلك، تقارير منتظمة، في خصوص عمليات وحدة المراقبة، التابعة للأمم المتحدة. وتكون هذه التقارير فورية، إذا وقعت انتهاكات خطيرة للمنطقة، أو هي تُعرض السلم لتهديدات محتملة.

·   ولا شك أن الغرض من إنشاء منطقة منزوعة السلاح، على الحدود بين العراق والكويت، وإحلال وحدة مراقبة تابعة للمنظمة العالمية بها ـ هو إنشاء منطقة عازلة بين الدولتَين، تقلل من فرص الاحتكاك بينهما، فضلاً عن توفير الإنذار المبكر، الفوري، في حالة وقوع أي انتهاكات خطيرة، تعرض المنطقة وأمنها لتهديدات محتملة. أمّا وجود وحدة مراقبة، محدودة العدد والعدة، فليس الهدف منه صد عدوان كبير، وإنما يتيح إنذاراً مبكراً للعالم ومنظمته الدولية، بقرب وقوع عدوان؛ إذ ستكون تلك القوة عاملاً مهماً في تحديد مسؤولية البدء بأعمال العدوان أو التهديد. ومن ثم، فإن هذا الترتيب، يمكن أن يكون أحد ترتيبات الدبلوماسية الوقائية، المانعة للأزمات، مستقبلاً.