إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ترتيبات الأمن في منطقة الخليج العربي، بعد حرب تحرير الكويت









الفصل الثلاثون

المبحث الثالث

تنمية قدرة الردع، لدى دول مجلس التعاون الخليجي

    يثير وجود قوة عسكرية برية ضخمة، لدول أجنبية، على أرض الدول العربية، حساسية لدى الشعوب العربية، التي طالما عانته، فترة طويلة، قبْل الاستقلال السياسي لدولها. وكان ذلك الوجود العسكري البري، الأجنبي، رمزاً إلى مرحلة الاحتلال والاستعمار. ومن ثم، فهو يذكر تلك الشعوب بمرارات الحقبة الاستعمارية. ولذلك، لم يكن غريباً، أن تخفق كل محاولات إقامة منظمة للدفاع عن الشرق الأوسط، في الخمسينيات، وكذلك حلف بغداد، والحلف المركزي.

   يضاف إلى ذلك، أن أحد مصادر الشرعية السياسية، لبعض النظم السياسية في دول الخليج العربية، يتمثل في إبرازها الهوية الإسلامية للنظام، وسعيها للحفاظ على المقدسات الإسلامية. واستطراداً، فإن وجود قوة عسكرية برية كبيرة، لدول غير إسلامية، على أراضي تلك الدول، لفترة طويلة، يتناقض مع أُسُس شرعيتها السياسية.

   ولذلك، تدأب دول الخليج العربية على تعزيز قدرتها الدفاعية، إضافة إلى تأمين تعهدات دول، عربية وأجنبية، مهمة، ومؤثرة، تؤكد تدخّلها لحماية أمن الخليج، من أي تهديدات خطيرة، من جانب بعض القوى الإقليمية.

   وفي الوقت عينه، إعادة إحياء التعاون، الأمني والدفاعي، بين دول المجلس، على أُسُس سليمة، أي انتهاج سياسة دفاعية مشتركة، لا تقتصر على تكوين قوات مشتركة، وإنما تتعداه إلى تسليح القوات المسلحة لدول المجلس وتدريبها المشترك.

    تأكدت دول مجلس التعاون، أهمية امتلاك قوة عسكرية، تمكنها من مقاومة هجوم بري محتمل، ولو لفترة محدودة، ريثما يتحقق التدخل الخارجي. ويعتقد بعض دول مجلس التعاون، أن الحماية الخارجية، وحدها، التي ينشدها بعض الدول في النظام الإقليمي الخليجي، لا يمكنها، مهْما كانت طبيعتها وجنسيتها، تحقيق الأمن الدائم، ولا بعث الطمأنينة المستمرة؛ إذ لن يتأتّى الأمن، ولا الطمأنينة، من دون الاعتماد على النفس، وبناء المواطن الحر، المنتج، المنتمي إلى وطنه وأرضه.

    ومن ثم، عمدت دول مجلس التعاون الخليجي، بعد الحرب، إلى امتلاك قدرات رادعة. وذلك من خلال:

1.  أوْلَت دول مجلس التعاون قواتها البرية اهتماماً كبيراً، تسليحاً وتجنيداً وتدريباً، بل عدّلت الهياكل التنظيمية للتشكيلات والوحدات المقاتلة، ودعمتها بأنظمة تسليحية متطورة، في إطار السعي نحو تحقيق مبدأ الاستعاضة عن الكم بالكيف. فأنشأت أنظمة مدرعات (مثل الدبابات M1 A1 آبرامز ABRAMS)، ومدفعية متطورة، وأنظمة متعددة لإطلاق الصواريخ، وعربات قتال برادلي (Bradley). وزادت حجم تشكيلاتها من الوحدات، المدرعة والآلية. بل وضعت خططاً خمسية لكي توسع قواتها البرية إلى الطاقة والحجم، اللذَين تتيحها قوة كل دولة، من الناحية البشرية[1].

2.  اتجهت دول مجلس التعاون نحو وضع خطط تفصيلية، تمكنها من القدرة على الانتشار السريع، وامتلاك نظام متكامل للقيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات، والتنسيق فيما بينها، في شأن برامج حيازة الأسلحة.

3.  زيادة القدرة على استيعاب مشتريات الأسلحة المتقدمة، في أنظمة القوات المسلحة لدول المجلس.

4.  محاولة تحقيق هامش تفوق تكنولوجي على الجيران، من خلال امتلاك بعض أنظمة التسليح المتطورة، التي تساعد على تعويض التفوق، الكمي أو العددي، للقوى المجاورة لها. ومن هذه الأسلحة المتطورة: الدبابات وعربات القتال المتطورة، والتي تُعَدّ أحدث ما أنتجته الترسانة الغربية؛ إضافة إلى الأنظمة الحديثة المضادة للدبابات، وأنظمة الإطلاق المتعدد للصواريخ، وطائرات الاستطلاع الجوي من دون طيار، وأجهزة الرؤية الليلية ومعداتها، وغيرها من التقنيات الحديثة، التي يمكن أن تعوض التفوق العددي للخصم، في مجال القوات البرية.

5.  تأمين مصادر، محلية وإقليمية، لإمدادات السلاح، من خلال بدء بعض الدول بتصنيع بعض الأسلحة والذخائر، منفردة، أو بالتعاون مع دول أخرى.

الموقف الأمريكي من تسليح دول مجلس التعاون

    أبلغت وزارة الدفاع الأمريكية الكونجرس، عزمها بيع 20 طائرة عمودية هجومية من نوع أباتشي (Apache AH-64A)، و620 صاروخاً مضاداً للدبابات، لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ وبيع أسلحة، قيمتها 365 مليون دولار، للمملكة العربية السعودية، تشمل قنابل موجهة بالليزر، وقنابل عنقودية، و 770 صاروخ جو/ جو، من نوع "سبارو". وقد أثارت الصفقتان احتجاج الكونجرس وجدله، على أساس أنهما يناقضان مبادرة الرئيس بوش، التي أعلنها في مايو 1991، والمتعلقة بتقييد مبيعات السلاح لدول منطقة الشرق الأوسط. وردّت الإدارة الأمريكية، بأن الإمارات والمملكة، دولتان صديقتان للولايات المتحدة الأمريكية، وحليفتان رئيسيتان في حرب الخليج؛ وهما لن يكونا خطراً على أمن الشرق الأوسط واستقراره. وأن هاتَين الصفقتَين ضروريتان لتلبية حاجة هذَين البلدَين.



[1] لمواجهة القلة السكانية التي تعاني منها دول الخليج العربية جميعاً، فهذا يتطلب تعديل نظم التجنيد والتعبئة بما يؤدي إلى زيادة حجم وعاء التجنيد والتعبئة من أجل التوسع في حجم القوات البرية.