إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / النتائج السياسية والاقتصادية لحرب تحرير الكويت





إجمالي الإنفاق والإيرادات في البحرين
إجمالي الإنفاق في الكويت
إجمالي الإنفاق في سلطنة عُمان
إجمالي الناتج المحلي لقطر
مخطط الموازنة السنوية للسعودية
الإنفاق مقارنة بالناتج في الإمارات
الناتج المحلي والإنفاق في السعودية




الفصل الحادي والثلاثون

رابعاً. البطالة والتضخم العالميان

1. البطالة

    أدى الكساد الاقتصادي، الذي عاناه العديد من الدول، بعد الحرب، إلى ارتفاع معدلات البطالة. وأسفر الكساد والبطالة، في الدول الصناعية الغربية، مثلاً، عن انخفاض معدلات الزيادة في الأجور، في اتفاقيات عقود العمل الجماعي. وقدِّر معدل البطالة، في الدول الصناعية، الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بعد مضي عام على الحرب، أي في النصف الأول من عام 1992 ـ بنحو 7.5% من إجمالي القوى العامة، مقابل 6.2%، عام 1990. وما لبث أن تزايد، في النصف الثاني من العام نفسه، بسبب ازدياد حدّة الكساد. وقدِّر عدد العاطلين في دول هذه المنظمة بنحو 30 مليون شخص، وهي أعلى نسبة لهم، منذ عام 1983.

    وفي الولايات المتحدة الأمريكية، قدِّر معدل البطالة، عام 1992، بحوالي 7.1% من إجمالي قوة العمل، في حين راوحت نسبة العاطلين، عام 1990، بين 5.4 و6.9%، أما في بريطانيا، فقد ارتفعت نسبة البطالة من 6.9%، عام 1990، إلى 9.4%، عام 1991. وعلى مستوى المجموعة الأوروبية، قدِّرت نسبة البطالة بزهاء 9.4%، وهي أعلى نسبة للبطالة، في سوق العمل الأوروبية، منذ عام 1988. أما في اليابان، وعلى الرغم من الركود الاقتصادي، فإن معدل البطالة ظّل على نسبته، التي سبقت الحرب، والتي راوحت بين 2.1 و2.2%.

2. التضخم

    تفاقمت معدلات التضخم، في الدول النامية، حتى إنها قدِّرت بنحو 12 مثلاً، مقارنة بمعدل التضخم في الدول الصناعية الغربية، التي كافحت التضخم، وعَدّته المعركة الاقتصادية الرئيسية لها؛ فاستطاعت أن تقلل معدلاته إلى نسبة محدودة، راوحت بين 3 و4%. بينما قاربت معدلات التضخم، في دول شرقي أوروبا 135%، عام 1991، وتناقصت، عام 1992، إلى 120%. وفي أمريكا اللاتينية وصل معدل التضخم إلى متوسط مستوى، قدره 178.9%. وفي الدول الأفريقية، وصل إلى حوالي 68.6%، ولكنه تباين من دولة إلى أخرى، فوصل في السودان، مثلاً، إلى 110%.

    وفي الدول النامية، كان النجاح في محاربة التضخم، مظهراً أساسياً من مظاهر نجاح برامج التثبيت الاقتصادي، التي طُبِّقت في معظم تلك الدول، بمساندة صندوق النقد الدولي. فانخفض عام 1992، إلى 42.8%، بعد أن كان قد وصل، عام 1991 إلى 58%.

خامساً: السياسات الاقتصادية العالمية[2].

    على مدار عام 1991، تعرضت السياسات الاقتصادية العالمية لتأثير الدول الصناعية الغربية المتزايد. فكان للدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة الأمريكية ـ اليابان ـ ألمانيا ـ فرنسا ـ بريطانيا ـ كندا ـ إيطاليا)، دور رئيسي في توجيه تلك السياسات، سواء السياسات التجارية، أو سياسات تحقيق الاستقرار النقدي في العالم، أو سياسات مكافحة الكساد، أو سياسات إدماج الدول الاشتراكية السابقة، في النظام الاقتصادي العالمي.

    وشهدت الفترة، التي تلت الحرب، حتى نهاية عام 1991، تضاؤلاً في دور تنظيمات الدول النامية ومؤسساتها. وأُلغي التنظيم الاقتصادي للدول الاشتراكية السابقة، الكوميكون، رسمياً، خلال ذلك العام؛ مما أدى إلى هبوط التجارة البينية بين دوله، وبينها وبين الدول النامية، التي كانت ترتبط بها بعلاقات تجارية تقليدية، من خلال اتفاقيات المقايضة السلعية.

    وفي الفترة نفسها، تضاءل دور منظمة "الأوبيك" في تقرير أسعار النفط، على المستوى العالمي، على الرغم من توقف صادرات النفط العراقي، وكذلك الكويتي، وإنْ كان لفترة محدودة، بعد الحرب. ونتج من تراجع دور الأوبيك، أن تجاوز محدداتها بعض الدول. كذلك، أخفقت كافة المحاولات لرفع أسعار النفط. وعملت السياسة الاقتصادية، بعد الحرب، على:

·   تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، على أساس عدم التمييز، من أجل إصلاح الأضرار، وتوفير الاستقرار السياسي.

·   الترحيب بخطة الدول الخليجية المصدرة للنفط، لإنشاء "صندوق الخليج للتنمية"، وتقديم مساعدات مالية إلى دول المنطقة.

·   تأييد ترابط أوثق، بين مؤسسات التمويل الدولية والعرب والدول المانحة للمعونة، لزيادة كفاءة استخدام الموارد المالية، ودفع استثمارات القطاع الخاص، بسرعة، إلى الأمام، وتعزيز إجراءات تحرير التجارة، وتسهيل المشروعات المشتركة، التي يمكن توظيف الكفاءات والخبرات الغربية، في مجالات إدارة موارد المياه خاصة.

    واتجهت الدول الصناعية السبع، نحو الاتفاق، من خلال نادي باريس، على تخفيض ديون بعض الدول النامية، التي تضررت من الحرب، وأسهمت فيها بشكل مباشر. وعُهِد إلى نادي باريس بمسألة الديون، ووضع الخطط لتخفيض أعبائها، بالنسبة إلى كل دولة على حدة. وحددت الدول الصناعية منهجاً واضحاً للتعامل مع الدول النامية، يربط تدفق المساعدات والاستثمارات إليها، بالتزام حكوماتها بشروط أساسية ثلاثة:

1. احترام القانون وحقوق الإنسان، بما يحقق تشجيع الأفراد على المشاركة في التنمية.

2. الالتزام بالتعددية الديموقراطية، ونُظُم الإدارة المنفتحة.

3. الالتزام بسياسات اقتصادية سليمة، ترتكز على قواعد السوق، لضمان تحقيق التنمية، والمساعدة على الحدّ من الفقر.

سادساً: سياسات الإقراض الجديدة

    بعد الحرب، استمر كلٌّ من صندوق النقد والمصرف الدولي، في سياسات الإقراض والتوجيه الاقتصادي، التي انتهجاها قبْل الحرب؛ وإن كانت أولويات الاقراض، نتيجة لانتهاء حرب تحرير الكويت وتفكك الاتحاد السوفيتي، قد تغيرت، فحُصرت في:

1. مساندة الإصلاحات، الاقتصادية والإدارية، في كلٍّ من الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، لضمان استمرارهما في التحول إلى اقتصاد السوق؛ وضمان اندماج دولهما، من دون صعوبات كبيرة، في النظام الاقتصادي العالمي.

2. تقديم مساعدات، لإعادة البناء والتنمية، في بلدان الشرق الأوسط، ولا سيما تلك التي تأثرت مباشرة بالحرب، ولا تزال اقتصادياتها تعاني آثار ما بعد الحرب.

    وإلى جانب ذلك، انتهج الصندوق والمصرف الدوليان، نهجاً، يشجع انتقال الموارد داخل الإقليم نفسه، للإسهام في تحقيق أهداف إعادة البناء والتنمية.

    ومع تعاظم الوعي بضرورة المحافظة على البيئة، والتوازن بين العمران الإنساني والطبيعة، عمدت منظمات التمويل الدولية، في قروضها، إلى مراعاة الجوانب البيئية، بل إن قروض حماية البيئة، ازدادت بمقدار 4 أمثال ما كانت عليه قبْل الحرب، فارتفعت قِيمتها السنوية من 400 إلى نحو 1600 مليون دولار.

    كما حافظ كلٌّ من صندوق النقد والمصرف الدولي، على خطوط سياساتهما الرئيسية، في التعامل مع أزمة ديون العالم الثالث، على أساس مبادرة نيكولاس برادي[3]. وعلى الرغم من أن تلك المبادرة، اقتصرت على الديون التجارية الخاصة، المستحقة على الدول النامية متوسطة الدخل، فإن نادي باريس، الذي يضم الدول الدائنة، ويتعامل مع الديون الحكومية فقط، تبنّى، هو الآخر، إجراءات لتخفيض أعباء الديون الحكومية، تشمل شطب نسبة كبيرة من ديون الدول الفقيرة، تناهز الثلثَين، طبقاً لإعلان ترينداد؛ وإعادة جدولة ديون الدول المتوسطة الدخل، مع احتمال شطب جزء منها، كذلك، على أساس منهج معالجة حالة بحالة، وعدم تعميم قواعد التعامل. وقد استفاد من تلك التسهيلات نحو 20 دولة من أشد الدول فقراً في العالم؛ إذ ألغي 17 مليار دولار، من إجمالي 25.6 مليار دولار.

سابعاً: سياسات منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبيك)، بعد الحرب

    أثرت حرب تحرير الكويت تأثيراً مباشراً، في منظمة الأوبيك، إذ ضؤل دورها في تقرير أسعار النفط العالمية. وباتت لا تمثل القوة الرئيسية، التي تقررها؛ وإنما هي إحدى قوى السوق، التي يقرر تفاعلها معاً، تلك الأسعار. وإذا كان احتلال العراق الكويت، في أغسطس 1990، قد أدى إلى تضاعف أسعار النفط، في الأسابيع التالية للغزو، فإن تفجر القتال، لتحرير الكويت، قد أدى إلى هبوطها، على عكس التوقعات، وكادت تعود، خلال الأشهر التالية، إلى المستوى، الذي كانت عليه قبْل الغزو.

    وحيال توقف نفط الكويت والعراق خلال عام 1991، وانخفاض صادرات الاتحاد السوفيتي النفطية، الناجم عن انهيار إنتاجه، أصبحت الأوبيك، هي القوة التجارية ذات الدور الحاسم في توازن الإمدادات. فبعد أن أوقفت دولها العمل باتفاقية الحصص، في أغسطس 1990، بادرت المملكة العربية السعودية وفنزويلا والإمارات العربية المتحدة وإيران، إلى إطلاق إنتاجها، لتعويض الانخفاض في الإمدادات العالمية، الناشئ عن توقف ضخ النفط، العراقي والكويتي (حوالي 4 ملايين برميل، يومياً)[4].

    ويقدر صندوق النقد الدولي، أن متوسط أسعار النفط، قد انخفض، خلال عام 1991، بنسبة 16.5%. لكن خسائر الأوبيك، لم تكن وليدة انخفاض الأسعار، بقدر ما هي وليدة تناقص كمية الصادرات النفطية، الذي أدى إلى تضاؤل عائداتها، بعد أن قررت، في مارس 1991، تخفيض الإنتاج بنسبة 5%، في محاولة لرفع الأسعار.

1. استمرار انخفاض أسعار النفط، بعد الحرب

    اتفق وزراء النفط في منظمة الأوبيك، خلال اجتماعاتهم، إبّان عام 1991، على تحديد سعر القياس لمتوسط نفط منظمتهم، بمقدار 21 دولاراً للبرميل. لكن هذا المتوسط، لم يبلغ أبداً هذا الرقم، إذ بدأت أسعار النفط بالهبوط، مع بدء القتال، في يناير 1991. وقدِّر متوسط سعر البرميل من نفط الأوبيك خلال الأشهر العشرة الأولى من ذلك العام، بنحو 18.74 دولاراً، هبط، في نوفمبر، إلى 17.5 دولاراً، فإلى 16 دولاراً في ديسمبر 1991.

2. تأثير عدم التوازن داخل الأوبيك

    عقب الحرب، عانت الأوبيك عدم توازن مزدوجاً، تمثل في:  

أ. تفاوت الطاقات الإنتاجية، بين المملكة العربية السعودية وسائر الدول المنتجة الأخرى.

ب. اختلال التوازن بين الإنتاج الإجمالي وكمية الاحتياطيات النفطية، التي تحتويها الاكتشافات المؤكدة في الدول الأعضاء. 

    ويتطلب حل مشكلة عدم التوازن تلك، استثمارات ضخمة، لا تتأتي إلا باللجوء إلى أسواق المال العالمية، حيث تصطدم دول الأوبيك بقضية أخرى، هي تفاوت قدراتها على الاقتراض؛ فضلاً عن أنها كلها جمعاء، أصبحت دولاً مقترضة، حتى إن المملكة العربية السعودية، مثلاً، اقترضت، عام 1991، من سوق المال العالمية ومن السوق المصرفية المحلية، في آن واحد.

    حيال إصرار بعض الدول على زيادة حصتها في الإنتاج لم تحقق الأوبيك، عامي 1991 و1992، السعر الذي ترغب فيه لنفطها. وعلى الرغم من أن بعض الأصوات، داخل الأوبيك، تعالت، غير مرة، داعية إلى تخفيض الإنتاج، من أجل رفع الأسعار، فإن ما ازداد كان الإنتاج، وليس الأسعار، التي ترجحت، بسبب عوامل، تجارية أو اقتصادية أو سياسية. وأسفرت الخلافات في شأن السعر الأمثل لصادرات النفط، عن خلافات في سقف الإنتاج، وحصة كل دولة، ضمن الإنتاج الكلي للأوبيك. بيد أن دولها الأعضاء، كانت متوافقة على هدف واحد، هو "تعظيم إيرادات صادرات النفط"، لكونه سلعة التصدير الرئيسية، والمصدر الأول لإيرادات حكوماتها.

3. نظام نفطي عالمي جديد

    دفعت أزمة الخليج الرواج النفطي دفعاً قوياً، مهد لظهور "نظام نفطي عالمي جديد"، يمكن تلخيص عناصره في ما يلي:

أ. الرواج النفطي

    ازداد استهلاك النفط رواجاً، نتيجة الرغبة في تأمين الإمدادات، وزيادة الطاقة الإنتاجية.

ب. إضعاف الأوبيك

    أدت أزمة الخليج إلى إضعاف قدرة الأوبيك وتماسكها؛ إذ إن كلاًّ من العراق والكويت، عضو فيها. وأعادت المملكة العربية السعودية، الدولة المعتدلة (Moderate)، كما يصفها المحللون الغربيون، إلى مركز القيادة السعرية، في "كارتل الأوبيك". كما كان للتدخل العسكري في الخليج، أثر مهم، تمثل في تدويل قدرة أهم أعضاء الأوبيك على التحكم السياسي في الإنتاج العالمي للنفط؛ إذ أصبح الاعتماد على دول الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية خاصة، في مجال تحقيق أمن الخليج، قضية مسلماً بها. وارتبطت المصالح، الاقتصادية والسياسية والعسكرية والإستراتيجية، لدول الخليج العربية النفطية، بالدول الصناعية الغربية، المستوردة للنفط، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى أن انقضاء عصر الحرب الباردة، بين القوّتَين العظمَيَين، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ـ أسهم في تبديد المخاوف، التي كانت تهدد المصالح الغربية، والنفطية خاصة في منطقة الشرق الأوسط.   

ج. الاندماج النفطي، وتنويع مصادر الطاقة

    انفتاح الاتحاد السوفيتي (السابق) أمام الاستثمارات الغربية، الرامية إلى تنمية صناعة النفط والغاز فيه؛ واندفاع الشركات الغربية إلى ذلك، يبشران بازدياد إنتاج النفط والغاز السوفيتيَّين ازدياداً كبيراً جداً.

    وعلى الرغم مما كان ينبئ به اتجاه الاتحاد السوفيتي (السابق)، وأوروبا الشرقية، نحو الاقتصاد الحر، إضافة إلى توحيد ألمانيا، من ارتفاع في معدلات طلب النفط ـ فإن أزمة الخليج، والصعوبات، التي كان يعانيها الاتحاد السوفيتي، عكستا النتيجة. فضلاً عن المناداة، في الدول الصناعية، مرة أخرى، بترشيد الاستهلاك، والحفاظ على الطاقة، وربط سياسة الطاقة بالحفاظ على البيئة، واتهام النفط خاصة بتلويثها[5]. والدعوة إلى تنويع مصادر الطاقة، واستخدام تلك "النظيفة" منها، وبخاصة الغاز الطبيعي والطاقة النووية. وكل ذلك، أدى إلى التنبؤ بانخفاض في معدلات طلب النفط، على الأقل حتى بداية القرن الحادي والعشرين؛ ويؤيد ذلك، اتجاه الدول الأوروبية إلى فرض ما يسمي "ضريبة الكربون"، على النفط الخام المستورد.

د. التخمة النفطية (Oil Glut)

    اتخمت السوق النفطية، منذ بداية الثمانينيات وزادها تخمة الرواج النفطي الجديد، والاتجاه إلى تنويع مصادر الطاقة؛ وإضعاف تماسك الأوبيك، وحاجة أقطارها إلى إيرادات متزايدة، نتيجة لحرب تحرير الكويت؛ وازدياد الطاقة الإنتاجية للأوبيك، مع عودة الكويت إلى الإنتاج؛ ثم السماح للعراق ببيع النفط، مقابل الغذاء؛ وتفاقم الخلافات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

هـ. استمرار انخفاض الأسعار

    في ظل الظروف الآنفة، بدأت الأسعار بالانخفاض التدريجي، وهو ما أثّر في القوة الدافعة لاقتصاديات الدول المنتجة للنفط ومنها دول الخليج.

و. العودة إلى التكامل الرأسي للصناعة النفطية

    مهدت حرب تحرير الكويت لظهور النظام النفطي الجديد. إذ أكدت ضعف مناعة (Vulnerability) دول الشرق الأوسط، التي توفر ربع الإنتاج العالمي من النفط، مما دفع الشركات الغربية إلى تنويع مواردها. كما أن غزو العراق الكويت، أوحى باتباع سياسات جديدة، وإيجاد روابط جديدة بالمستهلكين. فعُقدت صفقات بين الدول المنتجة والشركات العالمية. وبدأت الصناعة النفطية العالمية تعود، مرة أخرى، إلى فكرة التكامل الرأسي، التي طالما اتسمت بها، والتي كانت السياسة العالمية قد تنكرت لها، في السبعينيات، مدفوعة بتناقض مصالح كلٍّ من منتجي النفط ومكرريه ومسوقيه.

    وقد رأى بعض المحللين، أن النظام النفطي العالمي، الجديد، باختصار، هو "نظام تتغير فيه الأدوار"، ليؤديها لاعبون جُدد، على أساس قواعد جديدة للعبة؛ فهو انتقال من السياسة إلى الأعمال. وهو ما يبشر بمولد صناعة نفطية عالمية شاملة، أكثر كفاءة، وتعد بمستقبل للطاقة أكثر استقراراً.

    وعُدّ انهيار الدول الشيوعية، ونهاية الحرب الباردة، انتصاراً للرأسمالية وعودة دولها الغربية إلى موضع القيادة. وكما تحوّل النفط إلى سلعة، مثل غيره من السلع، فإن صناعة النفط، أصبحت مثل غيرها من الأعمال. ومع ذلك، لم تَعُد الشركات النفطية إلى مراكز القوة والسيطرة، التي كانت تستأثر بها سابقاً؛ إذ اتضح، أن الثروة والقوة الحقيقية، في الصناعة، تنبعان من الملكية والسيطرة على مراحل الإنتاج (Upstream)، وليس من العمليات اللاحقة. ومعنى ذلك، أن الشركات الوطنية الحكومية، للدول المنتجة، هي التي تتمتع بالمكانة المتميزة.

    ولكن، ربما لا يكون للنفط تلك القوة المتطورة. ففي السبعينيات، كان ينظر إلى ملكية النفط، على أنها الوسيلة للسيطرة العالمية. ولكن نجاح اليابان في أن تصبح قوة اقتصادية كبرى، من دون نفط، يثبت عكس ذلك.




[1] هبط متوسط أسعار الفائدة على الدولار بين المصارف في سوق لندن للأوراق المالية على مدار عام 1991، إلى 6.6% مقابل 8.4% في عام 1990، و 9.3% في عام 1989.

[2] يتكون هيكل الاقتصاد الدولي من مجموعة من التنظيمات والترتيبات المستديمة التي تقوم بتقرير السياسات الاقتصادية على المستوى العالمي. وتتنوع هذه التنظيمات بين الأشكال والمؤسسات الحكومة متعددة الأطراف، والأشكال والمؤسسات الخاصة في مجالات التجارة والتمويل والاستثمار والتعاون من أجل التنمية وغيرها. وهناك التنظيمات ذات الطابع العالمي، مثل: تلك المتفرعة عن الأمم المتحدة. وهناك لتنظيمات الحكومية متعددة الأطراف، مثل: منظمات التعاون الإقليمية. وهناك التنظيمات الحكومية متعددة الأطراف ذات الطابع النوعي، مثل: اتحادات مصدري المواد الأولية، وقد تكون هذه التنظيمات تابعة لأصحاب الصناعات او المصدرين لسلعة معينة. وهناك التجمعات الكبرى ذات الطابع الدولي، مثل: مجموعة الدول الصناعية السبع الرئيسية أو مجموعة الـ 77 التي تمثل الدول النامية.

[3] نيكولاس برادي، هو وزير الخزانة الأمريكية، وتتضمن مبادرته الاتجاه نحو تخفيض أعباء الديون على الدول متوسطة الدخل عن طريق شطب جزء من هذه الديون، وتحويل جزء آخر إلى سندات تُسدد على آجال طويلة، وإعادة جدولة أو تخفيض أسعار الفائدة على هذه الديون.

[4] أنتجت المملكة العربية السعودية وحدها، بعد حرب تحرير الكويت، نحو 8.3 مليون برميل يومياً، مقابل 5.5 مليون برميل يومياً، قبل انفجار أزمة الخليج، وهو ما أدى إلى زيادة نصيب المملكة من إجمالي إنتاج الدول الأعضاء إلى نحو 30% مقابل أقل من 25% قبل الأزمة، حيث بلغ متوسط إنتاج الأوبيك نحو 23.27 مليون برميل يومياً، خلال عام 1991، وزاد إلى متوسط قدره  24.37 خلال عام 1992.

[5] الاتجاه الجديد في إستراتيجية الوكالة الدولية للطاقة IEA.