إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / النتائج العسكرية، والدروس المستفادة من حرب تحرير الكويت






خطة الهجوم البري للتحالف



تمهيد

المبحث الثاني

النتائج والدروس المستفادة من دور الأفرع الرئيسية للقوات

أولاً: دور القوات الجوية

    يرجع الفضل الأكبر في الانتصار الحاسم، في حرب الخليج، إلى الفاعلية المؤثرة للقوات الجوية. وشكلت تلك الفاعلية مفاجآت كاملة للقيادة العراقية. وظهر ذلك في ما قاله صدام حسين، بعد أسابيع قليلة من غزو الكويت: "إن الولايات المتحدة الأمريكية، تعتمد على القوة الجوية. ومن المعلوم، أن القوات الجوية، لم تكن العامل الحاسم في تاريخ الحروب"، أي أن القوات الجوية، لم تحسم معركة قط. هذا ما كان يأمله.

    لقد أدت نتائج العمليات الجوية إلى إثارة تساؤلات عدة، عن دور القوات الجوية، في تحديد نتائج حروب المستقبل. إذ كانت حرب الخليج أول حرب، اضطلعت فيها القوة الجوية بدور حيوي في تحديد نتيجة المعركة، قبْل أن تبدأ الهجمات البرية. كما كانت أول حرب، تستخدم فيها تقنية متطورة بقدر كاف لتدمير أعداد كبيرة، من المدرعات وأسلحة المدفعية المتخندقة.

    لقد نهضت القوات الجوية بدور حيوي، قبْل أن تبدأ الحرب البرية. فتولت تدمير أهداف عسكرية مهمة، سواء للقوات البرية العراقية، أو لوحدات الحرس الجمهوري، في داخل الكويت أو خارجها. وكذلك شل وتدمير قواعد العراق الجوية، وطائراته الجاثمة في ملاجئ، ومراكز القيادة والسيطرة ومنشآتها المحصنة. فضلاً عن العديد من الأهداف الإستراتيجية المهمة مثل مستودعات الإمداد العسكرية، ومنشآت الحرب، البيولوجية والكيماوية والنووية. كما تسببت القوة الجوية للتحالف، بهروب أكثر من 80 ألف جندي عراقي. ودمرت 1385 دبابة عراقية، و950 عربة قتال مدرعة، 1155 قطعة مدفعية. وأنزلت دماراً عنيفاً بمنشآت المفاعل النووي العراقي وثلاث منشآت إنتاج أسلحة، كيماوية وبيولوجية، و11 مستودع تخزين، إضافة إلى 60% من مراكز السيطرة الرئيسية العراقية، و70% من وسائل الاتصالات العسكرية، و152 مخزن ذخيرة، و48 سفينة بحْرية عراقية، و75% من قدرة العراق على توليد الكهرباء. كما أدت إلى انقطاع نحو 90% من الإمدادات، عن مسرح العمليات.

    بدأت الحرب بحملة قصف جوي إستراتيجي. ونفّذ التحالف حوالي 42 ألف طلعة هجوم، لطائرات ذات أجنحة ثابتة. وهاجمت الطائرات البريطانية من نوع تورنيدو (Tornado)، المطارات العراقية، مستخدمة ذخائر خاصة (JP-233)، التي دمرت الممرات ولغمتها. وهاجمت الطائرات من نوع (F-16)، من القوة الجوية الأمريكية، وطائرات (FA-18)، من قوة مشاة البحرية، القواعد الجوية العراقية، ومواقع صواريخ أرض / جو، في الكويت وجنوبي العراق. أما طائرات (RPV)، الموجهة، من دون طيار فهاجمت الرادارات، التي توفر الإنذار الجوي، وتوجيه الاعتراض. وشنت أعداد كبيرة، من الطائرات العمودية الهجومية، هجوماً على وسائل الاستشعار المهمة، ومراكز القيادة، ووحدات صواريخ أرض / جو العراقية.

    لقد وجّه التحالف ضرباته الجوية، ضد ثماني فئات من الأهداف الإستراتيجية[1]. وارتفع عدد أهدافه من 295 هدفاً، في بداية الحرب الجوية، إلى نحو 535 هدفاً. وبانتهاء الحرب، كان التحالف قد نفّذ 18% من طلعاته الجوية، ضد أهداف إستراتيجية. كما أن 14% من باقي الطلعات، استخدمت في تحقيق السيطرة الجوية، و56% في دعم المعركة البرية، و12% في تنفيذ مهام أخرى.

    إذاً، كانت القوات الجوية، بما فيها الطائرات العمودية الهجومية، عنصراً أساسياً في زيادة قدرة القوات البرية على إنجاز هجوم منُظُم، حقق معدلات تقدُّم عالية. إضافة إلى أن القوات الجوية، مكّنت القوات المشتركة، ومشاة البحرية الأمريكية، التي عُهد إليها شن هجمات مساندة، ضد معظَم القوات العراقية ـ من الوصول إلى مدينة الكويت، خلال ثلاثة أيام فقط.

1. نقاط القوة والضعف

أ. بِنية قوة الهجوم الجوي

    استخدم المسؤولون عن تخطيط أعمال قتال القوات الجوية، داخل التحالف، عدداً مختلفاً من المصطلحات في وصف تخطيط الهجمات الجوية وتصنيفها وتنفيذها. ومع ذلك، فقد صنفت الضربات الجوية للتحالف، في خَمس مجموعات، نفِّذت خلال 42240 طلعة:

(1)  هجمات جوية، مهمتها تحقيق السيادة الجوية.

(2)  هجمات على صواريخ سكود العراقية، وأسلحة الدمار الشامل.

(3)  ضربات جوية ضد أهداف إستراتيجية، مدنية وعسكرية، في العمق.

(4)  هجمات على القوات في مسرح العمليات الكويتي، تمهيداً للمعركة البرية.

(5)  ضربات جوية، لتدعيم المعركة البرية.

    وحقق التحالف نجاحاً ملموساً في مهاجمة كل هذه الأهداف، خلال الحرب، فاق أي نجاح حققته قوات جوية، في حروب سابقة. ومع ذلك، أوضحت دراسات حرب الخليج، أن القوات الجوية، لم تصل إلى مستوى الأداء، الذي أعلن عنه خلال الحرب وبعدها مباشرة؛ فقد تعرّض التحالف لمشاكل عملياتية ومصاعب عديدة.

ب. دور الأسلحة والتقنية الحديثة

    كان للتقنية الحديثة دور حيوي في فاعلية هجوم القوات الجوية، خلال حرب الخليج، التي شهدت أكبر مزيج متطور من التقنية، فاق كل تقنية، عرفتها أي حرب جوية. ولكن، طبقاً لمفهوم الولايات المتحدة الأمريكية، فإن كثيراً من هذه التقنية، كان في مرحلة انتقالية.

    وكان للتقدم التكنولوجي الفضل في دقة الهجمات، وسرعة تدمير وسائل الدفاع الجوي العراقية. فقد كانت طبيعة مسرح الصحراء ملائمة لإحكام الضربات الجوية؛ إذ في الأراضي المفتوحة، يصبح من السهل توجيه الهجمات الجوية ضد أهدافها، خاصة الأهداف المدرعة (دبابات ـ عربات مدرعة) والمدافع وغيرها. وكان من السهل، كذلك، في ظل النظام الدفاعي التقليدي العراقي[2]، تحديد الأهداف بدقة، والتعامل معها، وشل مراكز القيادة والسيطرة، وإحباط أي مناورة لاحتياطياته. ومع الظروف التي تفرضها قسوة الصحراء، أصبحت عمليات الإمداد والتموين صعبة جداً. ومن ثَم، فإن كل هذه العوامل جعلت القوات العراقية في وضع مأسوي، أمام الهجمات الجوية.

    وكانت تلك الحرب فرصة لاختبار أسلحة فتاكة جديدة، مثل طائرات (F-117) ستليث (Stealth)، التي استطاعت أن توجه، بشكل مستمر، ضربات قاصمة للقوات العراقية، من دون أن تلحق بها أي إصابة، على الرغم من النيران الكثيفة، من الدفاعات الجوية، وصواريخ أرض / جو العراقية. كما أثبتت القذائف الموجهة، فاعلية ودقة عاليتَين، سواء أثناء الليل أو النهار. واستطاعت القوات الجوية، أن تعمل بالدقة نفسها، طوال 24 ساعة، مما حرم القوات العراقية فرصة التقاط الأنفاس والاستراحة، ليلاً.

    لقد استخدمت طائرات التحالف الهجومية الضاربة، خليطاً من تقنيات جديدة وقديمة، وطائرات حديثة، للعمل الليلي، مثل: (A-6) & (F-15E) & (F-111) & (F-117). واستخدمت المملكة المتحدة (بريطانيا)، أول مرة، طائراتها الضاربة، من نوع تورنيدو (Tornado)، وذخائر تعطيل المطارات (JP- 233).

    وكذلك، استخدمت القاذفات بعيدة المدى، المسلحة بصواريخ كروز، التقليدية، التي تطلق جواً (CALCM)، وصواريخ من نوع (ATACM). إضافة إلى استخدام طائرات الإنذار المبكر الأواكس (Awacs E-3A)، وطائرات الإمداد بالوقود، جواً، لتحقيق معدلات عالية من الطلعات، وهو ما مكّن من حشد 500 طائرة، في الجو، في وقت واحد.

    إن تزويد الطائرات من نوعي (F-15E) & (F-111) مستشعرات أشعة دون الحمراء، لاستخدام قنابل موجهة بالليزر، في مهاجمة الدبابات العراقية المتخندقة كان ابتكاراً، زاد الحملة الجوية فاعلية في ضرب القوات البرية العراقية. ونفِّذ هذا الأسلوب، بنجاح، في 4 فبراير 1991؛ حتى إن طائرتَي من نوع (F-15E)، كانتا تحملان 16 صاروخاً، نجحتا في تدمير 16 دبابة. وأدى هذا النجاح السريع إلى تعميم تنفيذه؛ بل أثبت أنه أكثر صور الهجوم الجوي نجاحاً في تدمير المدرعات (Tank Killing).

    كما أن تطوُّر تقنية الهجوم والقتال الجوي، للقوات المتحالفة، قد مكّنها من إصابة الأهداف بدقة متناهية، ومن ارتفاعات عالية، ومسافات بعيدة، بذخيرة دقيقة، من دون التعرض لنيران الدفاع الجوي المعادي.

    كذلك، أدى امتلاكها أجهزة استشعار (Sensors) متطورة، إلى تنفيذ مهامها بكفاءة، من دون تعرّضها للإسقاط من جانب العدو. كما ازدادت قدرتها على اكتشاف الأهداف وتمييزها، وإصابتها بدقة، ثم التأكد من درجة التدمير، وذلك بفضل أجهزة المراقبة والاستشعار، في طائرات: (Awacs) &(J. Stars) & (Lantirn) & (Flir).

ج. استخدام مجموعات مختلفة من الطائرات

    شكّل التحالف خليطاً من الطائرات المختلفة (مجموعات ـ Packeges)، راعى قدراتها المتفاوتة، فدعم بعضها بعضاً. وكيّف التحالف، كذلك، قدرات طائرات معينة مع أهداف محددة، أو قطاعات من أرض المعركة. واستخدم طائرات استطلاع، من أجْل القصف الدقيق.

د. الضغط المتزامن الدائم

    لقد حققت القوات الجوية للتحالف القدرة على استخدام مدى واسعاً من الطائرات المختلفة للمحافظة على ضغط هجومي متزامن، فوق مسرح العمليات الكويتي، وجزء كبير من العراق. ولم يوقف الليل عمليات الضغط المستمرة، للقوات الجوية للتحالف. كما وقعت القوات الجوية العراقية الموجودة في قواعدها الخلف، تحت الضغط الشديد نفسه، مثل القوات العراقية البرية الموجودة في المواقع الأمامية. كذلك، كان تأثير الضربات الجوية للتحالف في البِنية الأساسية للاقتصاد العراقي، مماثلاً للتأثير في الأهداف العسكرية. وكان من الواضح أنه، يوماً بعد يوماً، وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة، كان للهجمات الجوية تأثير تراكمي قوي في القوات العراقية.

    ومن ثَم، يمكن القول إن تأثير القوات الجوية، لا يمكن أن يقاس بعدد إجمالي الطلعات أو بتقديرات التدمير؛ وإنما يقاس بنجاح القوات الجوية للتحالف في المحافظة على ضغط متزامن، ودائم، وتراكمي، على القوات المعادية.

    كما أدت الهجمات الجوية إلى إرباك "النظام العصبي المركزي" للعراق وإضعافه، من خلال مهاجمة منشآت مراكز القيادة والسيطرة ووسائل الاتصالات، التي تشمل منشآت حكومية مهمة، مثل محل إقامة الرسميين والوزراء، وملاجئ القيادة والسيطرة، ومحطات الإذاعة والتليفزيون، وخطوط الاتصال الميدانية، والكابلات المحورية، ومراكز الاتصالات، الداخلية والخارجية، ومحطات الميكروويف، وسنترالات الهاتف، ووسائل اتصالات الأقمار الصناعية.

    ولم ينجح التحليل الابتدائي لتقارير ومعلومات الاستخبارات، في توفير صورة واقعية لنُظُم الاتصالات العراقية ووسائل القيادة والسيطرة؛ فقد كان هناك عاملان، أديّا إلى الحدّ من فاعلية جهد التحالف، في هذا الإطار، هما:

(1)  العامل الأول

   أن المخططين الأمريكيين، قدروا أن العراق سيتحول إلى الاعتماد على المواصلات اللاسلكية، مع بداية الحرب. ولكنه احتفظ، عملياً، بضبط وربط شديدَين، في استخدام وسائل الاتصالات.

(2)  العامل الثاني

   كانت الجسور الرئيسية، في قلب بغداد، تحتوي على الكابلات، التي تعبُر نهر دجلة. ولكن تأخير الهجمات، بسبب الأحوال الجوية، على بعض هذه الجسور، وقرار الجنرال باول، عدم تدمير كل الجسور بسبب خطر الدعاية المضادّة، أثّرا في مجهود القصف الجوي، واستطراداً، في كفاءة المواصلات. ويبدو، عملياً، أن الهجمات لم تفعل أكثر من تحديد قدرة كفاءة الاتصالات، وإحداث بعض الارتباكات.

    نجحت قوات التحالف، طبقاً لتقديرها، في تدمير ما يقرب من 50% من معدات القتال الرئيسية العراقية، قبْل بداية المعركة البرية. ففي 23 فبراير 1991، قدرت القيادة المركزية للولايات المتحدة الأمريكية، أن العراق فقد 39% من دباباته، و32% من عرباته المدرعة، و47% من مدفعيته. وركّز القصف بصفة أساسية في قوات الحرس الجمهوري، ووصل هذا التركيز إلى ذروته، قُبَيل الهجوم البري، حين نفذت 147 هجمة جوية، ضد ثلاث فرق من الحرس الجمهوري، خلال يوم واحد. وأكدت معلومات الأسرى نتائج هذا التدمير؛ فقد ذكر أحدهم أن اللواء 52 المدرع، من الفِرقة 52 العراقية المدرعة، فَقَدَ 62 دبابة، من أصل 80 دبابة نتيجة للقصف الجوي؛ وأن اللواء الثامن المشاة الآلي، من الفِرقة الثالثة المدرعة، الذي كانت قوّته 2300 فرد ـ فَقَدَ 1000 قتيل، و250 جريحاً، و550 هارباً، وعدداً من دباباته وعرباته المدرعة.

    تمكنت القوات الجوية من تحقيق السيادة الجوية المبكرة، مما جعلها قادرة على عزل ميدان القتال، من طريق قطع خطوط تموين العراق، وتجريده من أجهزة الاتصال بالقيادة أو المراقبة. كما سمح التفوق الجوي لقوات التحالف، كذلك، أن تنفذ دوريات استطلاعية، عبْر الحدود، وشن عمليات هجومية خداعية، وغارات متكررة، في الوقت الذي كانت تتمتع فيه هي نفسها بحصانة حقيقية.

    كما شلت الحملة الجوية قدرات الجيش العراقي على تعرّف تحركات قوات التحالف  وحشودها. وقد يسّر ذلك لقادة القوات البرية، إخفاء التحركات الضخمة لقوات الهجوم الرئيسي، اتجاه الغرب، التي تتكون من أكثر من فيلقَين، من القوات والمعدات والإمدادات، والتي حققت نجاحاً كبيراً خلال الهجوم البري.

    وأدت الهجمات الجوية للتحالف إلى إضعاف القدرة القتالية للقوات العراقية على القتال، نتيجة تدمير كم كبير منها، وإضعاف معنوياتها، ودَبّ الفوضى في صفوفها؛ حتى إنها أصبحت عندما بدأت الحرب البرية، غير مقتنعة بالدفاع عن الكويت. وهو ما عناه أحد قادة فِرق التحالف، بقوله: "إن الوهن الذي أصاب الجندي العراقي، وأضعف عزيمته على القتال، كان راجعاً، في المقام الأول، إلى الحملة الجوية، التي هيأت ميدان القتال، وأعدته للهجوم البري. وعندما بدأنا الهجوم على أجنحة الجيش العراقي ومؤخرته، استسلم، في الحال. ولقد كانت هزيمة الجيش العراقي نتيجة للتعاون الدائم بين قواتنا، الجوية والبرية".

هـ. القوة الجوية إحدى أدوات الحرب

    خلال مرحلة التخطيط لعملية "عاصفة الصحراء"، كان المؤيدون للقوات الجوية، يأملون أن تجبر العراق حملة جوية إستراتيجية مركزة، ضد مراكزه، السياسية والاقتصادية والعسكرية، على الانسحاب من الكويت، وإنهاء التهديد، الذي يلوح به النظام العراقي في المنطقة، من دون اللجوء إلى شن حرب برية. وهذه النتائج المرجوة لم تكن أهدافاً رسمية؛ ومع ذلك، فإنها لم تتحقق. فلم ترغم الحملة الجوية صدام حسين على الانسحاب، ولم تؤدِّ، على فاعليتها العسكرية، إلى إطاحته. وهكذا، تظل الأسئلة المنطقية، عن مدى تأثير القوة الجوية في تحقيق أهداف سياسية كبيرة، من دون إجابات.

و. أمر العمليات الجوي اليومي Air Tasking Order ATO

    على عكس ما كان مُتّبعاً في فيتنام، حيث كانت تعمل أربع مجموعات من القيادات الجوية، كلٌّ منها مستقلة بذاتها، فقد شهدت حرب الخليج إنشاء مجموعة مشتركة واحدة من القيادات، ذات أثر فعال، للاضطلاع بالعملية الجوية.

    هذه الخطة أتاحت لجميع الطائرات، ذات الأجنحة الثابتة، الإسهام في جهد مشترك، في مسرح العمليات، بقيادة قائد القوات الجوية المشتركة (JFACC) (Joint Forces Air Component Commander)، الجنرال تشارلز هورنر (Charles Hhorner). وباستخدام قدرات الحواسب الآلية، التي لم تكن متاحة من قبْل، استطاع قائد القوات الجوية المشتركة، أن يحشد أعظم الأسلحة الملاءمة، دقة وتأثيراً، والتي أسهمت في جهد مشترك في إصابة الأهداف. ومع مقارنة نتائج قصف هذه الأهداف بنوعية الطائرات والذخيرة المستخدمة، تمكنت قيادة القوات الجوية من وضع نظام "أمر العمليات الجوي اليومي" (ATO)، من أجْل التعامل مع الأهداف، التي سبق قصفها، ولم تدَّمر بعد؛ أو تلك الجديدة، التي لم تقصف بعد، مع تحديد عدد الطلعات، وتعيين الطائرات المهاجمة.

    لقد خلق نظام "أمر العمليات الجوي اليومي" حملة متكاملة، تخطط، بعناية فائقة، آلاف الطلعات الجوية اليومية، في مسرح العمليات، داخل العراق والكويت، وتنطلق طائراتها من قواعد متعددة، في شبه الجزيرة العربية وأسبانيا وإنجلترا وتركيا وسواها، من دون أن يحدث بينها حادث تصادم واحد في الجو؛ ومن دون أن يحدث، ولو مصادفة، إصابة أي طائرة من الطائرات الصديقة.

ز. القدرة على التنسيق بين الأفرع الرئيسية

    على الرغم من تعدد أهداف الحملة الجوية وتنوعها، والتي حددتها المراحل الثلاث للخطة[3]، إلا أنه أمكن التوفيق، بسهولة، بين وجهات نظر الأفرع الرئيسية للقوات، في شأن الطريقة السليمة لتحديد موقع الأهداف، وتسلسل التعامل معها.

    فقد أكدت القوات الجوية، مبكراً، قدرتها على تحقيق التفوق الجوي، وتتبّع الأهداف الإستراتيجية، داخل العراق. كما أكدت القوات البحرية القضاء على تأثير التهديدات الموجهة إلى الأسطول، خاصة طائرات القتال العراقية، القادرة على مهاجمة السفن. أما القوات البرية، فقد جعلت الأولوية لقطْع خطوط تموين القوات العراقية، في مسرح العمليات الكويتي. وفرضت القيادة المركزية (Centeral Command)، منذ البداية، أولوية الهجوم على وحدات الحرس الجمهوري.

يُفْهَم مما سبق الدروس المستفادة التالية:

(1)  أهمية التنسيق بين عمليات عدة فروع من القوات الجوية، في ميدان واحد.

(2)  التركيز في استخدام القوات الجوية وتحديثها، كسلاح رئيسي من أسلحة المعركة المشتركة، وليس كسلاح معاون.

(3)  ضرورة توحيد المسؤوليات عن وضع الخطط الملائمة وإدارتها، لنشر جميع الطائرات في مسرح العمليات، وحصرها في قائد القوات الجوية المشتركة، بما يجعل إنجاز أهداف الحملة الجوية، أقرب ما يمكن إلى الكمال والفاعلية.

(4)  أهمية دور القوات الجوية في حسم الحرب، وعجزها عن تحقيقه، بمفردها؛ فالتفوق الجوي، ليس في مقدوره أن يحقق أهداف الحرب والسيطرة على الأرض. لذا، لا بدّ من تعاون جميع الأفرع الرئيسية للقوات، البرية والبحرية والجوية، على إنجاز الهدف النهائي.

(5)  المحافظة على التفوق التقني، بما يتفق مع تطورات الصراع؛ مع ضرورة الاستفادة القصوى من النُظُم المتاحة، في التحديد الدقيق للأهداف المعادية، من أجْل دقة الهجمات، وسرعة تدمير وسائل الدفاع الجوي المعادية.

(6)  تدريب القوات الجوية وتنظيمها في مجموعات من المهام، كجزء من نشاطها العادي، وقت السلم.

(7)  الاستغلال الكامل لقدرات القوات الجوية، بما فيها قدراتها المتفوقة، للعمل على مدار 24 ساعة، وضد جميع نوعيات المعدات العسكرية، التي يمتلكها الجانب المعادي.

(8)  تطوير تكتيكات الهجوم الجوي، وخلق مزيج فريد من الهجوم الجوي، عالي التقنية، قادر على إسكات الدفاعات الجوية المعادية.

(9)  الحرص على السيادة الجوية، مع المراحل الأولى لعمليات القوات الجوية، وليس على التفوق الجوي فقط.

ثانياً: دور القوات البرية

    أثبتت حرب الخليج، أن التعاون والتنسيق بين الهجمات، الجوية والبحرية والبرمائية والبرية، كانا ضروريَّين لتحقيق تفوّق هجومي كاسح، قادر على هزيمة القوات العراقية، التي تتميز بضخامة الحجم والقدرة القتالية.

    ولئن أسهمت القوات الجوية إسهاماً فريداً، وضخماً، في حسم النصر، في مصلحة التحالف، فإن تعاون فاعليات الهجمات المشتركة، الجوية والبحرية والبرية، مع إسهامات من قوى أخرى مساندة ـ كان هو مفتاح النصر.

    وبالمثل، كان الهجوم الجوي، هو العامل الأكبر، بلا ريب، في استسلام أكثر من 80 ألف جندي عراقي، متمركزين في المواقع المتقدمة. ولكن، ما كان لهؤلاء أن يستسلموا إلا بعد أن أجبرتهم  القوات البرية للتحالف على الفرار، وتدميرها كمّاً ضخماً من معداتهم، والاستيلاء عليها. لا بل إن عدم تنفيذ الهجوم البري، كان سيتيح لصدام حسين، أن يدّعي أن جيشه لم يُقهر. ومن ثَم، دحضت هزيمة القوات العراقية على الأرض، ادعاءاته، أنه قائد العالم العربي.

    لقد حقق نجاح القوات البرية العديد من النتائج الأساسية. إذ تمكنت من طرْد القوات العراقية من الكويت؛ وأمّنت مدينة الكويت ومطارها الدولي؛ وأنزلت دماراً كبيراً بقوات الحرس الجمهوري العراقي؛ وسيطرت على خطوط المواصلات الرئيسية، في مسرح العمليات الكويتي. وفعلت ذلك كله بأقل خسائر في الأرواح.

    بيد أن الهجوم البري، لم يحقق نتيجة إستراتيجية أوسع، أرادها الكثيرون، بعد الحرب؛ إذ لم تفلح ثورات العراق الداخلية (الأكراد والشيعة)، وما انتابه من فوضى سياسية، في تغيير طبيعة النظام الحاكم. ولكن الهدف، الذي سعى إليه التحالف، في هجومه البري، قد تحقق؛ وهو تحرير الكويت، وتدمير الحجم الأكبر من القدرات العسكرية العراقية.

1. نقاط القوة والضعف

    لا شك أن القوات البرية للتحالف، كانت ذات فاعلية عالية. وسجلت أرقاماً قياسية، في معدلات المناورة، والقدرة على تطويق العراقيين والضغط عليهم، مما دفعهم إلى الانسحاب السريع من أرض المعركة. وساعدها على نجاحها ميزات عدة، منها:

أ. امتلاك قوات التحالف أنظمة عالية التقنية، أدت إلى زيادة الفاعلية العسكرية، ولا سيما فاعلية القوات البرية؛ وكشفت الإمكانات الجديدة لما يُسمّى "الثورة التكنولوجية العسكرية، في الحرب". وشملت هذه الثورة عدة ميادين

(1)  استخدام أسلحة فائقة الدقة، وأجهزة رؤية ليلية واستشعار متطورة، ودفاعات ضد صواريخ أرض / أرض الباليستية.

(2)  اختبار جيل امل، من الأسلحة والنُظُم الجديدة، باستخدامها، للمرة الأولى، في اشتباكات واسعة النطاق.

(3)  كثافة الذخائر الموجهة، عالية الدقة، التي كانت قد استخدمت، في نهاية حرب فيتنام، في تدمير الجسور في هانوي (Hanoi). ولكن استخدام كمية ضخمة منها، في حرب الخليج، مثّل مرحلة جديدة في تاريخ الحروب.

(4)  ازدياد فاعلية القوات البرية في ميدان القتال، الناجم عن استخدام التقنية الحديثة للأسلحة والمعدات؛ مثل دبابة (M1A1)، وطائرة أباتشي (Apache) العمودية، ونظام السيطرة النيرانية المتقدمة، ونظام تحديد المواقع، ووسائل الرؤية، الليلية والحرارية ـ في منح القوات البرية قدرة عالية على المناورة وخفة الحركة، مكنتها، غالباً، من اكتشاف القوات المعادية وتحديدها وتدميرها، قبْل أن تتمكن من الرد على النيران.

(5)  استخدام صواريخ باتريوت (Patriot)، للمرة الأولى، في مهمة الدفاع المضادّ للصواريخ الباليستية، التي أتاحت لصدام حسين إحراز قدر محدود من النجاح؛ وكانت الوسيلة الوحيدة، التي حقق بها هدفاً إستراتيجياً ما.

ب. سرعة المناورة العالية، التي تحركت بها القوات البرية، استطاعت أن تحسم الحرب، بسرعة؛ ولكنها اقتضت تحديد مواقع تمركز وتحركات، كلٍّ من التشكيلات، الصديقة والمعادية، بدقة شديدة، لم تستلزمها المعارك، التي تتسم بمعدلات حركة بطيئة.

ج. سمحت طبيعة المسرح الصحراوي، لقوات التحالف، أن تشتبك مع العراقيين، من مسافات بعيدة، قبل أن يكتشفوها أو يقصفوها. وتلك ميزة، ربما لا تتأتّى لمسارح عمليات أخرى مختلفة (جبال ـ غابات ـ مدن).

د. انخفاض مستوي القوات العراقية التقني، سواء في نوعية المعدات، أو مستوى العسكريين وتدريبهم واستيعابهم للأسلحة المعاصرة.

هـ. لقد أثبتت العمليات الفعلية، كفاءة المقاتل ومهارته واقتناعه بالحرب التي يخوضها، على الرغم من الظروف الصعبة، مثل: سرعة العمليات وكثافتها ـ البيئة الصحراوية القاسية ـ التهديد بشن هجمات، كيماوية وبيولوجية. كما أثبتت المستوى العالي للتدريب، الناجم عن استخدام المقلدات المتقدمة (Simulators) والتدريبات الميدانية الشاقة التي تجعل التدريب أكثر واقعية. كذلك، كان برنامج التدريب، الذي وُضع خلال المرحلة التحضيرية للحرب ـ مهماً جداً، للارتفاع بمستوى القوات، من خلال تنفيذ تدريب واقعي، وشاق، على مسرح مشابه لمسرح العمليات الصحراوي.

2. الدروس المستفادة، من خلال دور القوات البرية، في حرب الخليج

أ. أهمية دور القوات البرية في حسم الصراع، مهما تعاظَم دور القوات الجوية.

ب. ضرورة ابتكار نُظُم أكثر تقدماً من الأسلحة المضادّة للصواريخ الباليستية، ووسائل أكثر فاعلية في تحديد أماكن صواريخ أرض / أرض ومهاجمتها.

ج. الحرص على استمرار التعاون بين الأفرع الرئيسية للقوات، البرية والبحرية والجوية، تحت قيادة موحدة. وهو أمر ليس بالجديد، ولكن الجديد هو ضرورة توفير التقنيات الحديثة والحاسبات المتقدمة، لتسهيل هذا التعاون. على أن يُتمرَّس به، من خلال التمارين والمناورات المشتركة، في مسارح مشابهة لمسرح العمليات الفعلية.

د. تدريب الفرد المقاتل، في ظروف العمليات الفعلية ومسارحها، المنتظر أن يعمل فيها، أو مسارح مماثلة لها، خاصة أن التسليح المتقدم، تقنياً، يتطلب مستوى من الأفراد ذوي كفاءة خاصة ومستوى عالٍ من التدريب.

هـ. تطوير أسلوب الحصول على المعلومات وأساليب التدريب، واستخدام نوعيات معينة من التسليح، وتطوير نُظُم المساندة، لتوافق السرعة العالية، التي تتصف بها أعمال قتال القوات البرية.

و. الوضع في الحسبان، عند التخطيط لحروب المستقبل، إمكانية امتلاك القوات المعادية أسلحة متقدمة، ونوعيات مختلفة من أسلحة الدمار الشامل، التي قد تلجأ إلى استخدامها، إذا لم يكن تطور الحرب في مصلحتها.

ز. تعزيز القوات البرية، من أجْل تحقيق تفوّق كمّي، إضافة إلى التفوق النوعي؛ لأن التفوق التقني، لا يحقق، بمفرده، الفاعلية ضد القوات المعادية. لذا، يجب أن يلازمه تفوّق كمي موازٍ، إلى حدّ ما "أي يحقق نسبة 1:1 أو1:1.5، على المستوى الإستراتيجي، ضد الخصم". وهو ما دعا القيادة الأمريكية إلى تعزيز قواتها، بنشر فيلق مدرع جديد، استُقدم من أوروبا، من أجْل تحقيق نسبة تفوّق، على المستوى الكمي.

ثالثاً: دور القوات البحرية

    نهضت القوات البحرية بدور حيوي، ومهم، في العديد من المجالات؛ إذ تمكنت من فرض عقوبات الأمم المتحدة، وتنفيذ الحصار البحري ضد العراق. كما اضطلعت بدور مهم في فتح القوات البرية؛ إذ إن النقل البحري أسهم بنقل 95% من الشحنات، التي استخدمت في تسليح القوات البرية. فنقلت قيادة النقل البحري الأمريكي أكثر من 2000 دبابة، و2200 عربة قتال مدرعة، و1000 طائرة عمودية، ومئات من قِطع المدفعية ذاتية الحركة.

    وسرعان ما دُعمت القوة البحرية، الأمريكية والبريطانية، في الخليج، بمجموعة حاملة الطائرات، الأمريكية، إندبندنس (Independence)، في المحيط الهندي، ومجموعة حاملة الطائرات الأمريكية، إيزنهاور (Eisenhower)، في شرقيّ البحر المتوسط. ووُضعت الحاملتان، وأجنحتهما الجوية، في 7 أغسطس 1990، تحت سيطرة القيادة المركزية الأمريكية، وكان ذلك بداية بناء أكبر قوة بحْرية، منذ الحرب العالمية الثانية. وأثبت تمركز السفن المسبق، فاعلية في تدعيم فتح القوة البحرية، من مسافات بعيدة، إذ أبحرت أول ثلاث قِطع بحرية من قاعدة دييجو جارسيا (Digeo Garcia)، في المحيط الهندي، في 7 أغسطس 1990، لتصل خلال أيام. فالتمركز المسبق للسفن، إذاً، هو الذي سمح لقوة 16800 جندي من مشاة البحرية، من اللواء السابع، بالتوجه، جواً، إلى المملكة العربية السعودية، حيث تسلموا كل معداتهم، وأصبحوا، في 25 أغسطس 1990، جاهزين.

    وفي ذروة " عاصفة الصحراء "، فتحت الولايات المتحدة الأمريكية ست حاملات طائرات، وما إجماليُّه 105 سفن، وفتح باقي دول التحالف أكثر من 65 سفينة، وذلك في منطقة الخليج، والمحيط الهندي، والبحر الأحمر. واشتركت القوات البحرية لكل من بريطانيا والكويت وأسبانيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، في عمليات هجومية ضد البحرية العراقية. واضطلعت دول أخرى من التحالف بتوفير الدفاع عنها، وحماية سفن الإمداد الإداري والحاملات.

    ووُضعت القوات البحرية للتحالف، تحت قيادة القيادة المركزية الأمريكية، كقيادة بحرية للتحالف. ونهضت بتنفيذ المهام القتالية، والحفاظ على السيطرة البحرية، ومهاجمة القوات البحرية العراقية، وتدعيم الحملة المضادّة للألغام. كما أطلقت سفنها صواريخ كروز، دعماً للحملة الجوية، والقصف الإستراتيجي؛ بل كان لها دور كبير في خطة الخداع " عن إبرار بحري منتظر "، وما أدت إليه، من إبقاء جزء كبير من القوات البرية العراقية في مواقعها الدفاعية، على الساحل الكويتي.

    ونفذت طائرات الحاملات 288 طلعة، في اليوم، خلال " عاصفة الصحراء ". وأسهمت إسهاماً رئيسياً في توفير غطاء جوي للقوات البحرية، وقوات الإبرار البحري. إضافة إلى تنفيذها عدداً كبيراً من مهام الحرب الإلكترونية للتحالف، بل شاركت 199 طائرة، من إجمالي 444 طائرة قتال بحرية، في تنفيذ العمليات الجوية الهجومية، من فوق حاملات الطائرات.

1. نقاط القوة والضعف

أ. في 16 أغسطس 1990، بدأت السفن التابعة لقوات التحالف بعمليات قطْع الخطوط البحرية، تنفيذاً للقرار الدولي الرقم 661، الخاص بفرض الحصار الاقتصادي البحري على العراق. فحرمَته 60% تقريباً من وارداتها، التي كانت تصله من طريق البحر. وأدت إلى تناقص السفن التجارية، المبحرة في الخليج، وأحبطت محاولات بعضها نقْل البضائع إلى العراق؛ بل اعترضت العديد من السفن، التي كانت تحمل بضائع محظورة إلى ميناء العقبة الأردني، لشحنها، براً، إلى العراق.

ب. تمكنت عمليات الحصار والاعتراض من القضاء على جميع أشكال التجارة البحرية في المواد المحظورة، داخل العراق وخارجه. ومنعت كافة أنواع المواد المهربة، بما فيها المعدات العسكرية. وأدى الحصار البحري، كذلك، إلى شَحّ المواد الغذائية والملابس، ومنتجات النفط المكررة. وانعكس هذا الوضع على الجنود داخل الميدان، حيث أصبحوا يعانون معاناة بائسة من قِلّة الطعام والماء.

ج. أثبتت الحرب، أن ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية على تحديث بحْريتها، خاصة ما أُنفق على زيادة الفاعلية القتالية للأسلحة والمعدات المتطورة تقنياً، مثل صواريخ توما هوك، وأجهزة الحرب الإلكترونية الحديثة ـ كان له تأثير كبير في تطوير قدرة البحرية القتالية والنيرانية.

د. كان لحل مشكلة القيادة والسيطرة على وحدات البحرية للتحالف، والتخطيط لتنفيذ مهامها، تأثير كبير في تنفيذ عمليات القوات البحرية.

هـ. نجحت البحرية العراقية في إرباك الملاحة وتعطيلها، في بعض ممرات الخليج؛ بل حملت القوات البحرية للتحالف على الاحتراس من النشاط إلى عمليات إبرار واسعة، بسبب كثرة الألغام العراقية، التي تقوَى على بثها جميع أنواع السفن، في أعماق متفاوتة، عميقة ومتوسطة وضحلة.

و. أبرزت الألغام البحرية، التي بثّها العراق في الخليج، مدى صعوبة التعامل معها. وكان للبحرية البريطانية، التي تمتلك العديد من كاسحات الألغام البحرية، دور بارز في التخلص من خطر تلك الألغام.

2. الدروس المستفادة، من خلال دور القوات البحرية، في حرب الخليج

أ. التخطيط المسبق لعمليات النقل البحري الإستراتيجي، مع تعديل الخطة، كلّما استدعت الضرورة، لتكون جاهزة للتنفيذ، خلال عدة ساعات من صدور التعليمات. وهو ما يتطلب وضع قوات في حالات استعداد قتالي ملائمة، ودائمة.

ب. تدريب الوحدات والأفراد على أعمال النقل البحري الإستراتيجي، ويمكن أن يجري ذلك، خلال فترة التدريب على مهام العمليات، لتشمل التحميل والانتقال من مكان إلى آخر في وسائل النقل البحري، وتنفيذ أعمال إبرار بحري أو مهام أخرى.

ج. التحديد المسبق لوحدات النقل البحري المدنية، التي يمكن تعبئتها في إطار خطة إعداد الدولة للدفاع، مع تنفيذ عمليات تدريب دورية لتلك الوحدات، توجد، بمقتضاها، في موانئ وتوقيتات محدَّدة مسبقاً. وهو ما سيحقق السرعة والكفاءة، في عمليات النقل البحري.

د. التطوير والتحديث المستمران، لكاسحات الألغام؛ إذ أصبح لحرب الألغام دور مؤثر في عمليات القوات البحرية؛ ويمكن أن تستخدم، على نطاق واسع، في المستقبل، خاصة في مناطق الخليج والبحر الأحمر.

هـ. التوسع في تطوير السفن الحاملة لصواريخ كروز، وزيادة أعدادها، لتضطلع، بدلاً من القوات الجوية، بدور مهم في قصف الأهداف الإستراتيجية، وتلك المدافَع عنها جيداً.

و. تطوير دور الاستطلاع البحري وإمكاناته، وتدريب أفراده على أعمال استطلاع المعلومات عن حقول الألغام البحرية؛ ومراقبة واعتراض أي أنشطة معادية لتحديد الممرات وطُرُق الملاحة البحرية؛ على أن يجري التدريب بالتعاون مع القوات الجوية.



[1] شملت هذه الأهداف: " منشآت قيادة وسيطرة ووسائل اتصالات ـ منشآت قيادة ـ أسلحة ومنشآت نووية وكيماوية وبيولوجية ـ منشآت دعم عسكري مثل مواقع ذخيرة ومنشآت إدارية ـ قواعد إطلاق صواريخ بالستية أرض أرض ـ محطات توليد كهرباء ـ مصافي بترول ـ كباري حيوية وطرق سكك حديدية ".

[2] الدفاعات الجوية العراقية، تُعَدّ دفاعات من الدرجة الثانية، كفاءة وتقنية واستخداماً، مما عجّل بتحقيق السيادة الجوية لقوات التحالف وسهّلها، في زمن قصير، وحافظ عليها حتى نهاية الحرب.

[3] شملت الخطة على ثلاثة مراحل تتضمن تدمير الأهداف الإستراتيجية، وقطع خطوط التموين العراقية وتجهيز ميدان القتال للحملة البرية.