إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الموسوعة المصغرة للأسلحة والمعدات، التي استخدمت خلال حرب تحرير دولة الكويت









القوات البحرية

الفصل الخامس

القوات البحرية

NAVY

 

          أدت القوات البحرية دوراً متميزاً، في تطبيق عقوبات الأمم المتحدة والحصار، خلال عملية درع الصحراء، وكما قدمت المعاونة في عاصفة الصحراء. وعلي الرغم من أن فتح القوات البحرية كان أكثر خلال حرب الخليج، عما كان عليه في الحرب العالمية الثانية، فإن حرب الخليج اشتملت أيضاً علي عدة اختبارات لقدرات القوات البحرية، تجعل "لعاصفة الصحراء" السّبق، في استخدام أنواع جديدة من الأسلحة والتقنيات، التي غيرت من مفاهيم القتال وعقائده بصفة عامة، على الرغم من استخدامها ضد قوات بحرية عراقية، ضعيفة ومحدودة.

          قدّمت القوات البحرية، خلال "عاصفة الصحراء" الدعم المباشر بالنيران، بواسطة مدفعية القطع البحرية، والصواريخ توماهوك، مع وجود سيطرة جوية كاملة للحلفاء؛ وقد تميزت القوات البحرية للحلفاء بالعديد من الميزات، التي من أهمها سرعة الفتح، والقوة الجوية البحرية المتفوقة، وصواريخ الكروز (الطوافة)، ومدفعية البحرية الثقيلة، والتحضير لعملية الإبرار البحري، والنقل والإمداد والتموين البحري.

          وتلقى العمليات البحرية التي، جرت خلال حرب الخليج، الضوء علي أهمية السيطرة البحرية، ومرونة القوات ، وتبرز قيمة مجموعات حاملات الطائرات، والقوة الجوية البحرية، وقدرات المدفعية والصواريخ بعيدة المدى، ودقتها، وقدرات العمل ليلاً، وفي كل الأجواء. كما أنها تبرز أهمية درجة الاستعداد ومستويات التدريب العالية والمبادرة.  

دور القوة البحرية في الفتح وفي حماية قوات التحالف

          كان دور القوة البحرية حيوياً في فرض عقوبات الأمم المتحدة، والحصار البحري، خلال عملية درع الصحراء، بفضل سرعة تدعيم القوة البحرية الأمريكية، والبريطانية في الخليج، بمجموعة حاملة الطائرات إندبندانس الأمريكية في المحيط الهندي، ومجموعة حاملة الطائرات أيزنهاور الأمريكية، في شرق البحر الأبيض المتوسط. فقد وضعت الحاملتان، والأجنحة الجوية الموجودة علي متنها، تحت سيطرة القيادة المركزية للولايات المتحدة. وكان ذلك بداية بناء أكبر قوة بحرية، منذ الحرب العالمية الثانية.

          وأثبت التمركز البحري المسبق للسفن، أنّ له قيمة خاصة في تدعيم فتح القوات علي مسافات بعيدة؛ وكان وصول أول ثلاث سفن نقل قادمة من دييجو جارسيا Diego Garcia، يساوي نقل حمولات، أكبر مما يمكن نقله بواسطة 3000 رحلة لطائرة النقل العملاقة سي -130. علماً بأن هذه السّفن لم تحمل معدات عسكرية وشحنات إدارية فقط، ولكنها باشرت صيانة المعدات العسكرية، وجعلتها جاهزة للقتال. كما أنها أفرغت شحناتها بسرعة، مكنت من تقابلها في الوقت المناسب، مع أفراد مشاة الأسطول، الذين وصلوا جواً؛ إن التمركز المسبق للسفن، هو الذي مكن قوة عددها 16.800 رجل من مشاة الأسطول، من اللواء السابع، من السفر جواً إلي المملكة العربية السعودية، واستلام كل معداتهم، ليصبحوا جاهزين للقتال خلال أيام معدودة.

          كما لعبت القوات البحرية أيضاً، دوراً رئيسياً في فتح القوات البرية. فلقد نقلت سفن النقل حوالي 95% من الشحنات التي استخدمت لتسليح وإمداد القوات البرية الأمريكية؛ فقد استخدمت 24 سفينة من سفن الإمداد سابقة التمركز  من طراز Afloat Prepositioning Ships APS، ومن طراز Maritime Prepositioning Ships MPS، وعليها أسلحة ووقود واحتياجات للجيش والقوة الجوية، إضافة إلي إمكانيات ثلاث مستشفيات ميدانية. كما أن قيادة النقل البحري الأمريكي، تولت نقل أكثر من 2000 دبابة، و2200 مركبة قتال مدرعة، و1000 طائرة هليكوبتر، ومئات من قطع المدفعية ذاتية الحركة.

          فتحت الولايات المتحدة ست حاملات طائرات، وما يقدر بحوالي 105 سفينة؛ بينما فتحت دول الحلفاء، أكثر من 65 سفينة في جنوب شرق آسيا، ضمت سفناً في البحر الأحمر، وأخري في المحيط الهندي. وشملت هذه السفن، سفن قتال من القوات البحرية لدول الخليج، والأرجنتين، وأستراليا وكندا، والدانمارك، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا ،والنرويج، وأسبانيا، والمملكة المتحدة، لتنفيذ عمليات هجومية ضد البحرية العراقية.

          وتولت القوات البحرية لدول الخليج الجنوبية، أعمال دوريات في مياهها الإقليمية، كما وفرّت دول تحالف أخري، دفاعات عن الأسطول، وحماية سفن الإمداد الإداري والحاملات. وعلي سبيل المثال، وضعت فرنسا فرقاطة تحت سيطرة القوة البحرية الأمريكية في العمليات، في 15 فبراير لمهام مرافقة وحراسة سفن الإمداد، مع أنها لم تكلف بعمليات هجومية.

          ووُضعت القوات البحرية للتحالف تحت قيادة القيادة المركزية للولايات المتحدة، كقيادة بحرية للتحالف، ونفّذت المهام القتالية، إضافة إلي المحافظة علي السيطرة البحرية، ومهاجمة القوات البحرية العراقية،وتدعيم الحملة المضادة للألغام.

          أطلقت القوات البحرية صواريخ كروز، لتدعيم الحملة الجوية، والقصف الإستراتيجي، وأسهمت بدور رئيسي في الحملتين الجويتين، الدفاعية والهجومية، كما وفرت نيران مدفعية البحرية لتدعيم قدرة الإبرار البحري، وكذلك في محاولة إبقاء قوات عراقية برية في المواقع الدفاعية الساحلية، فضلاً عن المعاونة في الاستيلاء علي خطوط المواصلات داخل الكويت.

دور سفن السطح والطائرات المتمركزة براً، في الدّفاع الجوي والاستطلاع والمخابرات

          كان لسفن السطح دورً بارز في السيطرة علي العمليات الجوية فوق الخليج، لأن تخطيط وتنظيم الطلعات الجوية، وأعمال المراقبة والتوجيه الجوي، وإدارة عمليات الإقلاع والهبوط من فوق حاملات الطائرات، كان يجري بواسطة مراكز القيادة والمعدات الفنية، المتمركزة علي متن تلك السفن. وتبادلت السفينتان، بانكر هيل BUNKER HILL، ووردن WORDEN، قيادة مهام الدفاع الجوي.

          ساعدت السفينة بانكر هيل في السيطرة علي جزء من أكثر من65.000 طلعة قتالية من دون حوادث، أو اشتباكات بين قوات صديقة، كما أدارت السفينة ووردن حوالي 15.000 طلعة عائدة من مهامها، وشمل ذلك عمليات لسبعة عشر نوعاً من مختلف أنواع الطائرات، لست من دول التحالف. وفي الوقت نفسه، نسّقت السفينتان بانكر هيل ووردن، بيانات من رادارات مرا قبة، ووسائل جمع معلومات أخري في الخليج، واشتركت في المعلومات مع طائرات الأواكس E-3A.

          أنشأت الولايات المتحدة وصلات نقل معلومات لاسلكية ذات تردد عال، لتبادل المعلومات الخاصة بالدفاع الجوي، بين قوات التحالف في الخليج، ووصلة معلومات مسرح العمليات إلي طائرات الإنذار المبكر الأواكس، ومحطات الدفاع الجوي البري للتحالف.

          وأدت طائرات القيادة والسيطرة والإنذار وجمع المعلومات، دوراً مهماً لتأمين قوات الحلفاء بصفة عامة، والقوات البحرية بصفة خاصة. فخلال معارك عاصفة الصحراء، كانت طائرة واحدة علي الأقل من طائرات الإنذار المبكر طراز E-2C البحرية، تظل محلقة في الجو طوال أيام المعركة، على الرغم من تأثر كفاءتها نتيجة للانعكاسات السطحية البرية Land clutter، والأحوال الجوية غير المناسبة لعملها.

          إضافة إلي طائرات الإنذار المبكر، استخدمت البحرية الأمريكية طائرات أوريون Orion P3-C منطلقة من قواعد بري، في مهام الدوريات البحرية من خلال جهد مشترك مع الطائرات من دون طيار البريطانية نمرود NIMROD، والفرنسية أطلانتيك ATLANTIQUE؛ ووصل مجموع ساعات الطيران للطائرات P3-C لصالح الأسطول، إلي أكثر من 65 ساعة يومياً.

دور طيران البحرية

          في بعض مراحل حرب الخليج، تغير الهدف الإِستراتيجي للقوة البحرية، من فرض السيطرة البحرية، إلي دعم المعركة الجوية البحرية. وأصبح الاختيار للقوة الجوية البحرية هو قدرتها علي هزيمة قوة جوية معادية متمركزة براً، وتنفيذ قصف إستراتيجي واعتراضي، ودعم المعركة الجوية البرية، والقيام بمهام الاستطلاع المتعلقة بذلك، وتقييم التدمير، إضافة إلى مهام مخابرات؛ من هذا المنظور، ظهر أن في كلٍ من القوة الجوية للبحرية، ولمشاة الأسطول الأمريكية بعض العيوب الرئيسية، التي منها الافتقار إلي التنسيق المناسب في تنفيذ متطلبات المعركة الجوية البرية، كما أنهما افتقرتا، في بداية الحرب، إلي التنظيم الجيد لتدعيم قتال عالي الكثافة، في مناطق تبعد عن المناطق الساحلية.

القدرات الصاروخية للبحرية الأمريكية

          قدمت البحرية الأمريكية، خلال حرب الخليج، نوعاً جديداً من الصواريخ سطح/بر بعيدة المدى، يحقق حلا محتملا لبعض مشاكل القوة الجوية الضاربة بعيدة المدى. فقد استخدم لأول مرة الصاروخ الطواف توماهوك (كروز)؛ وأطلقت القوات البحرية297 صاروخاً توماهوك من البوارج والطرادات والمدمرات، إضافة إلي غواصتين نوويتين، أُطلق منهما 100 صاروخ في القصفة الابتدائية علي العراق، و116 صاروخاً في اليوم التالي. ونجح الإطلاق في 290 حالة، وفشل في سبع حالات. وقد أصاب 242 صاروخاً الأهداف المحددة مباشرة.

          وأظهر استخدام هذه الصواريخ، أن القوات البحرية يمكن استخدامها في مهاجمة أهداف برية علي مسافات بعيدة، في خفاء ودون اعتراض. فالصاروخ توماهوك، أثبت قدرته علي تدمير أهدافه في عمق القوات المعادية، دون المخاطرة بحياة طيار، أو الحاجة إلي تشكيل مجموعة ضاربة معقدة من الطائرات.   

دور الدعم النيراني البحري

          استخدمت نيران مدفعية البحرية الثقيلة، ضد أهداف برية، وتنوعت المدفعية المستخدمة بين المدافع عيار16 بوصة، و5 بوصة، و76 مم، وقواذف الصواريخ متعددة الأدلة، والصواريخ الموجهة، وطيران البحرية.

          وكان للبارجتين الأمريكيتين، ميسوري وويسكنسن، دور مقدر في إطلاق صواريخ توماهوك، كما أنهما أطلقا أيضاً مدافع 16 بوصة في أدوار مختلفة. وقد دمرّت هذه المدافع الكبيرة للسفينتين، المدرعتين تدريعاً ثقيلاً جداً، عدداً من الأهداف، إذ يبلغ زنة دانتها 2700 رطل. وقد سمح المدى الإضافي للمدافع 16 بوصة للبوارج، بالبقاء أحيانا خارج حقول الألغام. وكما أن تدريعها قلل من خطورة ضربات الصواريخ العراقية، أو التعطل نتيجة اصطدامها بلغم. وكان في استطاعة هذه البوارج إطلاق مدافعها علي مسافة 26 ميلاً، وأن تستخدم طائرات موجهة من دون طيار، لتحديد الأهداف، وقياس تأثير القصف.

          نفّذت البارجتان ميسوري وويسكنسن، عدداً من مهام التدعيم بالنيران من مواقع عند ساحل الخفجي، ضد أهداف بالقرب من الحدود السعودية الكويتية، ومن مواقع جنوب جزيرة فيلكة، وبعيدة عن الساحل شمال شرق الشوبية، ضد أهداف عراقية، في منطقة الساحل، من الشوبية إلي الأطراف الجنوبية لمدينة الكويت.

          وقد اتخذ الدعم النيراني شكل النيران المخططة مسبقاً، والضرب علي أهداف تم اكتشافها، والضرب بناء علي طلب القوات البرية. وكانت 64% من المهام النيرانية موجهة ضد أهداف مخططة، و30% ضد أهداف طارئة، وحوالي 6% فقط استجابة لطلبات دعم نيراني من قوات برية؛ ومعظم الأهداف التي ضربت قبل الهجوم البري، كانت منشآت قيادة وسيطرة واتصالات عراقية. وعندما بدأت الحرب، تم التركيز علي مواقع المدفعية وبطاريات الهاون، ومواقع تشوين الذخيرة وبطاريات الصواريخ سيلك وورم، والقوات علي الشواطئ. وكانت البوارج هي الوحيدة القادرة علي توفير المدى، ونوع الذخيرة.

عمليات الإبرار البحري

          قدمت قوات الحلفاء 31 سفينة إبرار، تحمل أنساق الاقتحام، لكل من: قوة حملة الشرق الأوسط الرابعة، والخامسة، ووحدة حملة مشاة الأسطول الثالثة عشرة. وكانت قوة مفرزة الإبرار البحري تملك خمس سفن نقل بحري، وسفينتين بحريتين تتمركزان مسبقاً لحمل الأنساق الآلية، وكان إجمالي قوة الإبرار البحري 170.095 فرداً من مشاة الأسطول، في مجموعتي إبرار، مسلحة بدبابات، وأسلحة مضادة للدبابات، ومركبات مدرعة خفيفة، ومدعمة بعدد 19 طائرةAV-8B ، و136 طائرة عمودية. كما شملت عناصر الأسلحة المشتركة لقوة الإبرار: 8 كتائب مشاة، و47 دبابة إم-60.

          النمو المطرد لدفاعات العراق الساحلية، وثبات عدد من الفرق العراقية علي الساحل، أوجد تحدياً متنامياً لقدرات الإبرار البحري للتحالف البحري على الرغم من ضخامة قوة هذا الإبرار. ونتيجة لذلك، حدث تحول في التخطيط، ركز علي استخدام قوة مفرزة، في عملية خداعية، صممت لجعل العراق يركز علي الدفاع علي الساحل والحدود السعودية الكويتية. وكان التدريب علي الإبرار البحري، الذي جرى في نوفمبر، يهدف لتدعيم عملية الخداع.

          وقد واجهت قوة الإبرار البحري مشاكل أخري، بسبب الحاجة إلى وسائل إبرار بحري كافية لتنفيذ عمليات الإبرار، في الوقت المناسب. ونتيجة لذلك، اضطرت القوات الأمريكية إلى تحميل بعض معدات الاقتحام للمجموعة الخامسة، علي سفن غير مناسبة لعمليات إبرار بحري؛ فاضطرت تبعاً لذلك، إلي تركيز معظم الطائرات العمودية علي سفينة واحدة، مخالفة بذلك أساليب التحميل المألوفة، التي تحتم توزيع الوسائل الجوية علي عدد من السفن، لتقليل درجة التعرض والمخاطرة. وأدى هذا التحميل إلى صعوبة التأمين الإداري، وزاد من خطورة احتمال تدمير هذه السفينة عند الإبرار.