إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، (في الفترة من 8 فبراير 1963 إلى الأول من أغسطس 1990)






مواني العراق البحرية
ميناء أم قصر



خامساً: مساعدات الكويت المالية للعراق (1961 ـ 1990)

خامساً: مساعدات الكويت المالية للعراق (1961 ـ 1990)

    أدرك المسؤولون في الكويت، بعد أزمات الحدود، في أعوام 1961 و1963 و1973، قيمة سياسات التمويل والمعونات المالية ودورها في تحقيق أهداف الدولة السياسية. فقد أصبح واضحاً، أن مساندة الأنظمة، العربية والإقليمية والدولية، لنظام الحكم في الكويت، يتطلب مساهمة الكويت في دعم الدول، العربية والإقليمية ودول العالم الثالث، من خلال عمل صناديق مالية، من أجل هذا الهدف الإستراتيجي.

    لذا، يمكننا القول إن دبلوماسية المساعدات المالية الكويتية، بدأت مع الأزمة العراقية ـ الكويتية الأولى، عام 1961، وازدادت مع أزمتَي عامَي 1963، 1973. وهذه الدبلوماسية تقوم على استغلال الأدوات، والقنوات، المالية والاقتصادية، العديدة (مثل: القروض، المنح، الهبات)، لتحقيق أهداف الدولة الخارجية. ففي 31 ديسمبر 1961، أنشأت الكويت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، برأسمال قدره 50 مليون دينار كويتي، ضُوعف فيما بعد. وكان الغرض من إنشاء الصندوق، تنمية العلاقات وتوطيدها، بين الكويت والدول المستفيدة منه. وهذه الدبلوماسية ليست بجديدة، عالمياً. فقد كانت، ولا تزال، تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق أهدافها ومصالحها القومية مع دول العالم الثالث. ولكن الجديد فيها، أن الكويت هي أول دولة عربية، تستخدم إستراتيجية المساعدة الاقتصادية استخداماً منظماً، مع بعض الدول، العربية والآسيوية والأفريقية، لتعزيز أمنها القومي وأهدافها السياسية، والحصول على تأييد هذه الدول لمواقفها، في المحافل الدولية.

    ومنذ ولادة الصندوق، في 31 ديسمبر 1961، وحتى 31 ديسمبر 1992، وصلت قروض الصندوق الإجمالية، إلى 406 قروض، مُنحت لـ 66 دولة، بقيمة تقدر بمليار و963 مليون دينار كويتي، أي 6.8 مليارات دولار أمريكي. وقد حصلت الدول العربية على نسبة 56% من هذه القروض، والدول الآسيوية على نسبة 25%، والدول الأفريقية على نسبة 17%، ودول أخرى على نسبة 2%[1].   

    ووهب الصندوق، كذلك، 108 مِنَح فنية، لـ 54 دولة، فاقت مبالغها 23.9 مليون دينار كويتي، بما يعادل 76 مليون دولار أمريكي. حصلت الدول العربية منها على نسبة 40.2%، والدول الآسيوية على نسبة 11%، والدول الأفريقية على نسبة 37.1%، ودول أخرى على نسبة 2.5%، ومؤسسات أخرى على نسبة 9.2%. وقد وصلت مساعدات وقروض ومنح الصندوق، مجتمعة، إلى مليار و986 مليون دينار كويتي، أي حوالي 6.92 مليارات دولار أمريكي. لقد كانت أولويات الكويت، في مجال المساعدات، هو العالم العربي. وكانت قروض الصندوق مخصصة، حتى عام 1974، للدول العربية فقط.

    ولقد كان للعراق النصيب الأكبر من القروض، التي قدمها الصندوق الكويتي، إلى الدول العربية والإسلامية، وباقي دول العالم. وكان الجانب الأكبر من هذه القروض، في شكل مِنح ومساعدات، تركزت، أساساً، في الفترة من 1980 إلى 1988، أي خلال سنوات الحرب العراقية ـ الإيرانية. فخلال هذه الفترة، قدمت الكويت إلى العراق حوالي 13.2 مليار دولار. وقدِّر إجمالي المِنح والمساعدات، التي حصل عليها العراق من الكويت، في الفترة من استقلالها في 19 يونيه 1961، حتى الغزو العراقي لها، في الثاني من أغسطس 1990، بأكثر من 30 ملياراً من الدولارات الأمريكية.

    ولم يكتفِ العراق بذلك، فبعد انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، بدأ يطرح بعض المطالب الاقتصادية على دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة الكويت والإمارات. وقد ركز في أمور محددة، تتعلق بإسقاط الديون المستحقة عليه لهذه الدول، والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب. وفيما يتعلق بالكويت، تحديداً، فقد طلب منها أن تتنازل عن ديونها المستحقة عليه، وأن تقدم له قرضاً، قيمته 10 مليارات دولار، لمواجهة ظروف ما بعد الحرب. ولم توافق الكويت على ذلك، وأبدت استعدادها، في مؤتمر جدة، في 31 يوليه 1990، لتقديم مبلغ 500 مليون دولار إلى العراق، تضاف إلى الدين القديم. واشترطت أن تقدم هذا القرض، مقابل تشكيل لجنة لترسيم الحدود بين البلدَين.

    وقد أكد المسؤولون الكويتيون أن الكويت لم تطالب العراق بدفع تلك الديون، وأن هناك أسباباً موضوعية، تمنعها من أن تتنازل عنها صراحة. منها:

1. بالنسبة إلى الكويت، فإن لها ديوناً كبيرة عند أطراف عدة، وتنازلها عن ديونها للعراق، سوف يدفع الأطراف المدينة الأخرى إلى المطالبة بمعاملتها بالمثل.

2. بالنسبة إلى العراق، فإنه إذا قامت الكويت بإسقاط ديونها عنه، فإن ذلك سوف يدفع أطرافاً أخرى دائنة للعراق، إلى مطالبته بالدفع، لأن دينه، سوف يبدو أقلّ، في صندوق النقد الدولي. فمن مصلحة العراق، إذاً، أن يبدو دينه كبيراً، على الورق.

    ولم تكن التبريرات الكويتية هذه مقنعة للجانب العراقي.



[1] جميع المعلومات والإحصائيات مستمدة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، نشاط الصندوق الكويتي في الدول النامية (الكويت: الصندوق، 31 أغسطس 1992