إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / بوادر الأزمة العراقية ـ الكويتية وتطورها (1988 ـ 1990)




أمير الكويت، وصدام حسين
الملك فهد، والرئيس صدام
الرئيس صدام، والملك فهد





وثيقة

وثيقة

نص البيان الختامي للقمة العربية الاستثنائية

يوم الأربعاء، 30 مايو 1990

والتي بدأت أعمالها، في بغداد

يوم الإثنين 28 مايو 1990

    تلبية للدعوة الكريمة، التي وجّهها سيادة الرئيس صدام حسين، رئيس الجمهورية العراقية، عقد أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية، مؤتمر قمة غير عادي، في بغداد، للفترة من 4 ـ 6 ذي القعدة 1410هـ، الموافق لـ  28 ـ 30 مايو 1990م.

    وقد بحث المؤتمر، كموضوع رئيسي، التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي، واتخاذ التدابير اللازمة حيالها.

    وقد رحّب المؤتمر، في بداية أعماله، بقيام الجمهورية اليمنية الشقيقة، في الثامن والعشرين من (آيار) مايو 1990. وأعرب عن تأييده ودعمه الكامل للجمهورية اليمنية، وتهنئته الخالصة للشعب اليمني العظيم، وقيادته الوطنية المخلصة. ويرى المؤتمر، في هذه الوحدة، تجسيداً لمبادئ الإيثار والسمو والصدق والأخوّة، ودليلاً على قدرة الإنسان العربي وطاقاته اللامحدودة، في تجاوز الصعاب والعراقيل، ومثلاً رائعاً، يحفز الأمة العربية على المضي في تحقيق طموحاتها المشروعة، في الوحدة الشاملة، والتقدم والنهوض الحضاري، وتأكيد رسالتها الإنسانية المعطلة.

    وأجرى المؤتمر تقويماً للأوضاع العربية الراهنة، والمتغيرات في الساحة الدولية، والتهديدات التي يتعرض إليها الأمن القومي العربي، وأثر كل ذلك على حاضر ومستقبل الأمة العربية، وخاصة على حقوق شعب فلسطين، والمصالح العربية العليا، في إطار تحليل موضوعي شامل، وعميق، يهدف إلى صياغة موقف عربي مشترك إزاءها.

    وإذ يرحّب المؤتمر بنهج الانفراج الدولي، والتعاون بين الشعوب، ووقف سباق التسلح، وإبعاد شبح الحروب المدمرة، وبناء قاعدة الأمن والسلم العالمي، على أساس توازن المصالح المشتركة، والاحترام المتكافئ، والسيادة والاستقلال ـ فيدرك بوعي تام، بأن هذه التحولات، بما فيها من نتائج، إيجابية وسلبية، تحتم، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة اعتماد الأمة العربية على قدراتها الذاتية، سواء في مواجهة التهديدات المباشرة للأمن القومي، أو في التعامل مع المحيط الدولي، الذي يتشكل على نحو جديد، لا بدّ أن تحتفظ الأمة العربية فيه بمنزلة لائقة بتاريخها العريق وعطائها الحضاري.

    وحيا المؤتمر، باعتزاز كبير، صمود الشعب العربي الفلسطيني، تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وتصاعد الانتفاضة الفلسطينية الباسلة، في مجابهة القمع الوحشي، الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية، والتضحيات العالية التي يقدمها، يومياً، شعب فلسطين، من أجل تحرير وطنه المحتل، وبناء دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية.

    وشدد المؤتمر على ضرورة تأمين كل أشكال الدعم، المادي والسياسي، الرسمي، التي تكفل استمرار الانتفاضة، وتطويرها لبلوغ غايتها النبيلة، في التحرير والاستقلال والسيادة، وتعزيز أنشطة المساندة، على الأصعدة، القومية والإقليمية والعالمية.

    وتصدى المؤتمر لمعالجة المخاطر الكبيرة، الناجمة عن العملية المدبَّرة، والمنظمة، للهجرة اليهودية لفلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، وما تعنيه من انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وما ينطوي عليها من نتائج، تخطط لها الصهيونية، بهدف تهجيره من أرضه الوطنية، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي، وتوسيع مداه، عبر عمليات الاستيطان الإسرائيلي المكثفة، وإبعاد المواطنين الفلسطينيين، ومصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم، لاستيعاب المهجرين اليهود، بهدف تحقيق مخطط ما يسمى بإسرائيل الكبرى، التي أكدتها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، والخرائط الجديدة، التي طرحوها لتنفيذ أطماعهم التوسعية المعروفة.

    إن المؤتمر مقتنع تماماً، بأن تهجير اليهود السوفيت وسواهم، إلى فلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى، هو عدوان جديد على حقوق الشعب الفلسطيني، وخطر كبير على الأمة العربية، وانتهاك فظ لحقوق الإنسان، ومبادئ القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، لعام 1949.

    ويؤكد المؤتمر، أن هذه العملية الواسعة، والمدبَّرة، تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي، تقتضي معالجته من هذا المنظور، وبصورة جماعية، واتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، والأمن القومي العربي.

    إن المؤتمر، إذ يدين بشدة، تهجير اليهود إلى فلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى، يطالب الدول المعنية مباشرة بالهجرة، بصورة خاصة، والمجتمع الدولي، بالعمل على وضع حد سريع للمخطط الإسرائيلي للهجرة والاستيطان. ويدعو إلى ضمان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العودة لوطنه، طبقاً لقرار الأمم المتحدة، رقم (194)، لعام 1949، وتأكيد عدم شرعية بناء المستوطنات الإسرائيلية، وضرورة وقفها، وإزالة ما تم إنشاؤه منها، وإيجاد آلية دولية للمراقبة، وكشف النشاطات الإسرائيلية، في هذا المجال.

    كما يدعو المؤتمر مختلف الدول، إلى الإمتناع عن تقديم أية معونات أو قروض، للحكومة الإسرائيلية، تسهل توطين المهاجرين في فلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى.

    ويؤكد المؤتمر ضرورة تقويم العلاقات العربية مع الدول الأخرى، في ضوء موقفها من مسألتَي الحقوق الوطنية الفلسطينية، والهجرة اليهودية.

    ويطلب المؤتمر من الأمم المتحدة، تحمّل مسؤولياتها، طبقاً للميثاق، وقرارت الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والاتفاقيات الدولية، لضمان عدم توطين المهاجرين اليهود في الأراضي الفلسطينية، والأراضي العربية المحتلة الأخرى، بما فيها القدس؛ وتشكيل رقابة دولية، لتنفيذ ذلك؛ والعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن بذلك.

    وحلل المؤتمر طبيعة المرحلة الحالية، في الساحة العربية. واستعرض المساعي السياسية المبذولة لتحقيق السلام الشامل، والعادل، في المنطقة. وأعرب عن اقتناعه بأن التوتر المتصاعد، الذي ينذر بالانفجار، ناجم عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى، واستمرار أفكار الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، واستمرار سياسة العدوان والإرهاب والتوسع، التي تمارسها السلطات الإسرائيلية. ويحمّل المؤتمر، في هذا الشأن، الولايات المتحدة الأمريكية، مسؤولية أساسية في هذا الوضع، باعتبارها الدولة، التي توفر لإسرائيل الإمكانات العسكرية، والمساعدات المالية والغطاء السياسي، والتي لا يمكن لإسرائيل، بدونها، أن تواصل مثل هذه السياسات، وتتحدى، بهذا الصلف، إرادة المجتمع الدولي.

    والتزاماً منه بمبادرة السلام الفلسطينية، وقرارات القمم العربية، وبخاصة في الجزائر (1988)، والدار البيضاء (1989)، يؤكد المؤتمر، بأن الدعوة إلى عقد المؤتمر الدولي، بزعامة الأمم المتحدة، وحضور كل أطراف النزاع، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، على قدم المساواة ـ تكتسب، الآن، طابعاً ملحّاً وضرورياً. ويؤكد المؤتمر التزام الدول العربية، بأن قضية فلسطين، تمثل جوهر الصراع العربي ـ الصهيوني؛ وأن الحل العادل، والدائم، للمأساة الإنسانية، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وللأزمة في المنطقة، يكمن في ضمان حقوقه الوطنية، غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف.

    كما حيا المؤتمر صمود الجماهير الفلسطينية، إلى جانب إخوانهم اللبنانيين، في الجنوب اللبناني، ومساهمتها في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، الجوية والبرية والبحرية، على القرى والمخيمات الفلسطينية، في الجنوب.

    وفي ضوء المتغيرات، الحاصلة في دول أوروبا الشرقية، أوصى المؤتمر بتقويم العلاقات العربية مع هذه الدول، في ضوء مواقفها من القضية الفلسطينية، وعلى قاعدة المصالح المتبادلة.

          وأعرب المؤتمر عن ارتياحه لنتائج الاجتماع الوزاري العربي ـ الأوروبي، الذي عُقد في أواخر العام الماضي؛ وعزم الدول الأعضاء على المساهمة النشيطة في تطوير الحوار العربي ـ الأوروبي، والعمل على الارتقاء به، تعزيزاً لعلاقات التعاون والصداقة، بين المجموعتَين.

    ويسجل المؤتمر، بارتياح وتقدير، تنامي الدعم الدولي للقضية العادلة لشعب فلسطين، وتزايد عدد الدول، التي اعترفت بالدولة الفلسطينية الفتيّة.

          ويعبّر المؤتمر عن استيائه واستنكاره لمواقف الانحياز، والحماية السياسية، والدعم الكبير لإسرائيل، عسكرياً واقتصادياً، التي تطبع مواقف وقرارت الكونجرس الأمريكي، وآخرها القرارات الباطلة، حول القدس، التي يتخذها الكونجرس، ودعم الهجرة اليهودية وتمويلها، مما يساعد على الاستيطان في الأراضي المحتلة.

    ويؤكد المؤتمر مكانة القدس الشريف، الدينية والسياسية. ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من فلسطين، وعاصمة لدولتها. ويرفض أي مساس بوضعها، الديني والقانوني، باعتباره انتهاكاً صارخاً للمواثيق والقرارات الدولية.

    ويؤكد المؤتمر على قرار لجنة القدس الإسلامية، الخاص بعقد المؤتمر الإسلامي ـ المسيحي، لحماية المقدسات، الإسلامية والمسيحية. وبهذا الخصوص، يدين المؤتمر قرارَي مجلسَي الشيوخ والنواب، الأمريكيين. وقد أكد المؤتمر، في هذا الشأن، أن الدول العربية، ستتخذ إجراءات، سياسية واقتصادية، ضد أية دولة، تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل.

    وإزاء تمادي السلطات الإسرائيلية في جرائمها البشعة، ضد المواطنين الفلسطينيين، يطالب المؤتمر بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، من مخطط الإبادة والتهجير، بموجب إشراف دولي، تحت رعاية الأمم المتحدة، تمهيداً لممارسته حقه في تقرير مصيره والاستقلال الوطني.

    إن المؤتمر، يثق تماماً بأن حماية الحقوق، وصيانة الأرض، والدفاع عن المقدسات، يمكن أن تتحقق فقط، من خلال وحدة الكلمة والصف والهدف، وتعزيز التضامن العربي، وتنقية الأجواء العربية، وعبر الكفاح المستمر، وبجميع الوسائل، وحشد الطاقات العربية جميعها في خدمة قضايا المصير القومي، والتحرك النشيط الفاعل، في مختلف الجبهات، وعلى الساحات، الإقليمية والدولية.

    وبهذه المناسبة، يسجل المؤتمر امتنانه الكبير، لكل الدول والمنظمات والهيئات والشخصيات، التي وقفت، وما تزال، إلى جانب الحقوق، الوطنية والقومية، لشعب فلسطين والأمة العربية. ويطالبها بالمزيد من الدعم والمساندة، المادية والمعنوية، خدمة للعدل والسلام في العالم، ومن أجل وضع حدّ للغطرسة الإسرائيلية، وممارساتها اللاإنسانية.

    عارض المؤتمر، بشدة، المحاولات الأمريكية، الرامية إلى إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم (3379)، الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. ودعا إلى تكثيف الجهود لإحباط تلك المحاولات.

    قد أولى المؤتمر اهتماماً بالغاً، للتهديدات والحملات، السياسية والإعلامية، العدائية، المغرضة، وإجراءات الحظر العلمي، التقني، التي يتعرض لها العراق، وما تشكله من أخطار على سيادة دولة عضو في جامعة الدول العربية، وآثارها على الأمن القومي العربي. وإذ يؤكد المؤتمر التزامه بميثاق الجامعة العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، والتعاون الاقتصادي، يستنكر أشد الاستنكار تلك التهديدات والحملات والإجراءات العدائية، ويؤكد تضامنه الفعال مع العراق الشقيق. ويحذر من استمرار تلك الحملات، التي تستهدف النَّيل من سيادته، والمساس بأمنه الوطني، تمهيداً وتسهيلاً للعدوان عليه.

    يؤكد المؤتمر على حق العراق في اتخاذ كافة الإجراءات، الكفيلة بتأمين وحماية أمنه الوطني، وتوفير متطلبات التنمية، بما في ذلك امتلاك وسائل العلم والتكنولوجيا المتطورة، وتوظيفها للأغراض المشروعة دولياً.

    ويؤكد المؤتمر حق الدفاع الشرعي للعراق، والدول العربية كافة، في الرد على العدوان، بالوسائل التي تراها مناسبة، لضمان أمنها وسيادتها.

    وانطلاقاً من الوعي التام بالترابط العضوي، بين الأمن الوطني والأمن القومي العربي، وتقديراً لوقفة الصمود والثبات، التي يقفها الأردن الشقيق، على أطول خطوط المواجهة مع العدو ـ يدين المؤتمر سياسة الاستيطان والمخططات التوسعية الإسرائيلية، بما فيها خطط توطين المهجرين اليهود الجدد، في الأراضي العربية المحتلة، مما يشكل تهديداً مباشراً للمملكة الأردنية الهاشمية، وبالتالي، تهديداً للأمة العربية، وعدواناً عليها.

    ويؤكد المؤتمر التزامه التام بالدفاع عن الأمن الوطني الأردني وحمايته، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي للأمة العربية؛ وأن دعمه، والتضامن معه، وتوفير متطلبات صموده، واجب قومي، ينطلق من حقيقة أن الأردن قاعدة أمامية للأمة العربية، يحمي حدودها، ويدافع عن وجودها، ويساهم في درء الأخطار عنها. وقرر المؤتمر تقديم الدعم للأردن، من خلال التشاور الثنائي معه، لتمكينه من تثبيت صموده، وتعزيز قدراته، في مختلف المجالات، مما يشكل، بالتالي، ظهيراً أساسياً للقضية الفلسطينية، ودعماً للانتفاضة الفلسطينية المباركة، ومؤازرة للشعب الفلسطيني، للصمود فوق أرضه المحتلة.

    وأدان المؤتمر التهديدات الأمريكية باستعمال القوة، ضد الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى. واستنكر تمديد الإدارة الأمريكية للحصار الاقتصادي، ضد الجماهيرية، ويطالب برفعه. وأكد المؤتمر حق الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، في امتلاك وسائل التقنية الحديثة، لتحقيق التنمية والتطور.

    وجدد المؤتمر تضامنه مع الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، في مواجهة الحصار الاقتصادي، والتهديدات الأمريكية، التزاماً بميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، والتعاون الاقتصادي، وترسيخاً لدعائم الأمن والسلم الدوليَّين.

    وقد أكد المؤتمر تضامنه الأخوي، الفعال، مع السودان والصومال، ضد أي تهديد لوحدتهما الوطنية، أرضاً وشعباً، وذلك تعزيزاً للأمن والاستقرار في القرن الأفريقي.

    وإذ يحيّي المؤتمر استقلال ناميبيا، ونَيل الزعيم الأفريقي، نلسون مانديلا، لحريته، يشيد بنضال الشعوب الأفريقية، ضد الفصل العنصري، ومن أجل التحرير والتقدم. ويؤكد على تلاحم النضال والتعاون العربي ـ الأفريقي. ويحذر من مخاطر التعاون الشامل، بين النظامَين العنصريَّين، في تل أبيب وبريتوريا، وبخاصة في ميدان التسلح النووي ـ على أمن العرب والأفارقة.

    ودعا المؤتمر إلى العمل على تنشيط التعاون العربي ـ الأفريقي، من خلال التعاون الوثيق بين الأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، وبالتشاور مع الوكالات، العربية والأفريقية، المتخصصة، لتنفيذ المشروعات، التي سبق الاتفاق عليها، في إطار اللجنة الدائمة للتعاون العربي ـ الأفريقي.

    واستعرض المؤتمر تطورات الوضع، بين العراق وإيران، واستمرار معاناة أسرى الحرب، وقلق عوائلهم، بالرغم من انتهاء الأعمال العدائية الفعلية، منذ سريان وقف إطلاق، النار في 20/8/1988. ولاحظ المؤتمر، ببالغ الارتياح، مبادرة العراق السلمية، وآخرها رسالة السلام، التي بعث بها السيد صدام حسين، رئيس الجمهورية العراقية، إلى القيادة الإيرانية.

    وإذ يؤكد المؤتمر قراره السابق، رقم (182)، المتخذ في الدار البيضاء، يدعو إلى مواصلة إقرار السلام الشامل، والدائم، بين العراق وإيران، على أساس قرار مجلس الأمن، رقم (598)، باعتباره خطة سلام شاملة، واتفاق 8/8/1988، عن طريق المفاوضات المباشرة، برعاية الأمم المتحدة، وبما يضمن حقوق العراق وسيادته على أراضيه، وخصوصاً حقه التاريخي في السيادة على شط العرب، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وضمان أمن الخليج العربي، وحرية الملاحة في مياهه الدولية.

    ودعا المؤتمر، إلى تكثيف الجهود، على مختلف الأصعدة، من أجل إطلاق سراح أسرى الحرب، من الجانبَين، وإعادتهم إلى أوطانهم، فوراً، تطبيقاً لأحكام قرار مجلس الأمن، رقم (598)، واتفاقية جنيف الثالثة، لعام 1949، باعتبار ذلك مسألة مستقلة، في طابعها، القانوني والإنساني. ويدعو الأمم المتحدة، وسائر المنظمات والهيئات، الدولية والإقليمية، الحكومية وغير الحكومية، والدول الأطراف في اتفاقية جنيف الثالثة، لتحمّل مسؤولياتها، واتخاذ كل ما في وسعها من إجراءات سياسية وغيرها، لأجل إطلاق سراح أسرى الحرب العراقية ـ الإيرانية، من دون إبطاء.

    وقد وجّه خادم الحرمَين الشريفَين، الملك فهد بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، بالنيابة عن أخوَيه، جلالة الملك الحسن الثاني، ملك المملكة المغربية، وفخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، رئيس الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، رسالة إلى القادة العرب، مرفقاً بها التقرير، الذي أعدته اللجنة الثلاثية العربية العليا، والذي تضمن تقييم القادة الثلاثة للوضع الراهن على الساحة اللبنانية، وتوصياتهم بشأن الخطوات الواجب اتخاذها، للمساعدة على تنفيذ اتفاق الطائف، وتدعيم الشرعية اللبنانية. وقد بحث المؤتمر، على ضوء ذلك، الأبعاد المختلفة للأزمة اللبنانية، وانعكاساتها على لبنان، وعلى الأمة العربية. كما استعرضت الخطوات والإجراءات، التي تم تحقيقها في لبنان، منذ توقيع وثيقة الوفاق الوطني، التي تم الوصول إليها في اجتماعات النواب اللبنانيين في الطائف، تحت رعاية اللجنة الثلاثية.

    هذا، وقد عبّر المؤتمر عن ألمه العميق، للأحداث الدامية، التي تجري في لبنان؛ وتحسسه بمعاناة الشعب اللبناني. وأكد على أن الاقتتال، ليس حلاً للأزمة اللبنانية. ولا يمكن إلاّ أن يؤدي إلى المزيد من تعقيد الأزمة واستمرارها، بما ينعكس، سلباً، على وحدة الدولة والشعب والمؤسسات، ويعيق مسيرة الإنقاذ والوفاق والسلام، التي تحرص القمة العربية على استمرارها، من أجل إنهاء المأساة، وعودة الأمن والاستقرار والازدهار إلى لبنان. كما أعرب عن أسفه الشديد، لقيام عقبات أمام مسيرة السلام والوفاق، التي انطلقت بوضع وثيقة الوفاق الوطني، مؤكداً مواصلة دعمه للسلطة اللبنانية الشرعية، واستعداده الكامل لبذل كل ما يمكن، لإنهاء المأساة اللبنانية.

    كما أدان المؤتمر الاعتداءات المتكررة، التي تقوم بها إسرائيل على الأراضي اللبنانية. وعبّر عن تقديره البالغ لصمود المواطنين، في الجنوب اللبناني المحتل، الذين يواصلون، بشجاعة، مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي، والاعتداءات الصهيونية المتكررة على أراضيهم. وفي هذا الإطار، فقد دعا المؤتمر المجتمع الدولي، للعمل من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن، الداعية إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، وخاصة القرار رقم (425).

    ومن جانب آخر، فقد أكد المؤتمر على أن اتفاق الطائف، هو الإطار المناسب للمحافظة على مصالح جميع اللبنانيين، بدون استثناء. وعلى أنه يشكل السبيل لإخراج لبنان من دوامة العنف، وتحقيق الأمن والسلام فيه.

    وفي هذا الصدد، فقد طلب المؤتمر من اللجنة الثلاثية العربية العليا، العمل على مواكبة تنفيذ اتفاق الطائف. وأكد مواصلة دعمه لجهود اللجنة، واستعداده للقيام بكل ما تحتاجه مسيرة السلام في لبنان، حتى يتسنى لهذا الشقيق استعادة وحدته واستقلاله، وبسط سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها، على كافة الأراضي اللبنانية.

    كما قرر المؤتمر الدعوة إلى إنشاء صندوق دولي، لمساعدة لبنان، وتمكينه من إحياء مؤسساته، وتشغيل مرافقه العامة، وإعادة بناء البنية الأساسية، ومساندة لبنان في جهوده لإعادة الإعمار، واستعادة هياكله الاقتصادية. ودعا المجتمع الدولي إلى المساهمة الفعالة في هذا الصندوق.

    وإدراكاً من المؤتمر، أن التحدي الأكبر، الذي تواجهه الأمة العربية، في العقد الأخير من القرن العشرين، هو تحدٍّ علمي، وحضاري، لكسب رهان المستقبل، والإسهام الفاعل، من جديد، في إغناء الحضارة الإنسانية، على أساس من التفاهم الدولي، القائم على التسامح والصداقة والتعاون السلمي. وانطلاقاً من حق الشعوب، غير القابل للتصرف، في التنمية الشاملة، واستخدام منجزات العلم والتكنولوجيا، في خدمة الإنسان ـ يؤكد المؤتمر حق الأمة العربية، غير القابل للتصرف، في التنمية واستخدام العلم والتكنولوجيا، لصالح المواطن العربي، والإنسانية جمعاء.

    ويرفض المؤتمر كافة السياسات، الرامية إلى تحطيم النهوض، العلمي والتقني، للأمة العربية، باعتبارها أعمالاً عدائية، تتعارض مع الحق الإنساني المشروع للعرب، في توفير الحياة الحضارية العصرية اللائقة، وبما يخدم السلم والأمن والاستقرار. وينبه من أن أية إجراءات، فردية أو جماعية، تتخذ ضد قطْر عربي أو أكثر، من شأنها وضع قيود خاصة، تعيق نقْل التكنولوجيا إلى أي بلد عربي، تستوجب اتخاذ مواقف عربية تضامنية، مناسبة، حفاظاً على المصالح العربية.

    كما يدعو المؤتمر الدول المتقدمة، إلى تسهيل نقْل التكنولوجيا إلى الدول العربية، على قدم المساواة، مع الأمم الأخرى، وبما يتناسب مع المصالح المتبادلة، بين الدول العربية وتلك الدول.

    إن الدول العربية، في الوقت الذي تؤيد فيه المساعي الدولية، لنزع أسلحة الدمار الشامل، لتأمين السلم والحياة الطبيعية للإنسانية؛ هذه المساعي التي لم تنجح، إلاّ في إطار مساع جادة لحل النزاعات، بالطرق السلمية، وتخفيف التوترات الدولية ـ تؤكد بأن عملية من هذا النوع، في منطقة الشرق الأوسط، لا بدّ أن تقوم على أساس النزع الكامل، لكل أسلحة الدمار الشامل، في المنطقة، وليس نوعاً، وإقراراً منها فقط. كما لا بدّ أن تتم في إطار الحل الشامل، والعادل، للنزاع في المنطقة، وأن يرافقه إتاحة فرصة متساوية، للحصول على التكنولوجيا، بما في ذلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، والأسلحة التقليدية لكل الأطراف في المنطقة، من دون تمييز، ومن دون انحياز إلى أي طرف من أطراف النزاع. ويذكّر المؤتمر بأن التركيز على نزع نوع واحد فقط، من أسلحة الدمار الشامل، في منطقة الشرق الأوسط، يعني، في جوهره، تبنّي نهجاً انتقائياً للمنطقة.

    وأكد المؤتمر اعتزازه بالدور القومي، الذي تضطلع به جامعة الدول العربية، المؤسسة لقومية الأمة، التي تقدم إطاراً مؤسسياً شاملاً، للعمل العربي المشترك. وشدد على ضرورة تعزيز فاعليتها، وتقوية أجهزتها، وتأمين الإمكانات الضرورية لتنفيذ خطط تحركها، والتنسيق بينها وبين سائر التجمعات الإقليمية العربية، وتمتين صِلاتها مع المنظمات، الدولية والإقليمية.

    وقد قرر المؤتمر الطلب من وزارء الخارجية العرب، إتمام الإجراءات المتعلقة بتعديل ميثاق الجامعة العربية، ورفع توصياتهم إلى مؤتمر القمة القادم، في جمهورية مصر العربية.

    كما استعرض المؤتمر مشروع ميثاق الاتحاد العربي، المقدم من ليبيا. ورأى المؤتمر أن ينظر فيه، من خلال مشروع تعديل ميثاق جامعة الدول العربية.

    كما قرر المؤتمر انتظام عقد مؤتمرات القمة العربية، بصورة سنوية دورية، في (تشرين الثاني) نوفمبر من كل عام.

    كما تقرر عقد القمة العادية القادمة، في جمهورية مصر العربية، في (تشرين الثاني) نوفمبر 1990.

    وبالنظر لأهمية متابعة موضوع الهجرة اليهودية، والموقف العربي إزاء التكتلات الدولية، فقد قرر المؤتمر دعوة وزراء الخارجية العرب، ووزراء الاقتصاد والمال العرب، إلى عقد اجتماع عاجل، وخلال شهرَين، لدراسة هاتَين القضيتَين المهمتَين، ودراسة تشجيع الاستثمارات العربية في الوطن العربي، وتقديم التوصيات اللازمة، حول كيفية التعامل معها، إلى القمة القادمة.

    وعبر المؤتمر عن تقديره الكبير لسيادة الرئيس صدام حسين، رئيس الجمهورية العراقية؛ لما بذله من جهود قيّمة، لتهيئة فرص نجاح المؤتمر، وللحكمة التي أدار بها جلساته، حتى حقق النتائج المهمة، التي بلغها على طريق تعزيز العمل العربي المشترك، وصيانة الأمن القومي العربي. كما أعرب المؤتمر عن شكره الجزيل للعراق، لاستضافته المؤتمر، وحُسن تنظيمه، ودقة إعداده. ويتوجه المؤتمر بتحية إكبار للشعب العراقي المناضل، والتهنئة الخاصة للنصر المبين، الذي حققه، دفاعاً عن سيادة وكرامة الأمة العربية، على البوابة الشرقية، من وطنها الكبير.