إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلـى مجلة "أكتــوبر"

القاهرة، العدد747،  الأحد، 17 فبراير 1991

ـــــــــــــــــ

رسالة الجبهـة: مريم روبين

 

العناويــــن

أول حديث مع قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات:

* الوقت في مصلحتنا، والمعركة البرّية ستكون حاسمة وسريعة.

* معركة الخفجي، انتهت، عسكرياً، بعد 8 ساعات.

* "التورنيدو" لم تفشل، رغم ارتفاع خسائرها، نسبياً.

*  ليس مستبعداً مِن الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ضدّ شعبه، أن يستخدمها ضدّ القوات المتحالفة.

 

هل ستطول معركة تحرير الكويت؟ وما هي الخطوات التي تمّت حتى الآن، في سبيل تحريرها؟ وهل المعركة البرّية ضرورة لتحريرها؟ وما هي نتائج زيارة تشيني، وزير الدفاع الأمريكي، للمملكة؟ وما حقيقة الطلبات التي تقدم بها بعض القادة من القيادة العسكرية المشتركة؟ وهل تمّ إجراء تعديلات على الخطة العسكرية؟ ولماذا بكى الضابط العراقي عندما التقى قائد القوات المشتركة؟ أسئلة عديدة ومتنوعة، يجيب عنها الفريق ركن الأمير خالد بن سلطان، قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، في أول حديث صحفي خاص إلى مجلة "أكتوبر".

 

والأمير خالد، لم يسبق أن أَدلَى، منذ تولّي مسؤولياته، بأي حديث. فهذا أول حديث صحفي له، وقد بدأه بقوله: "لقد اخترت مجلة "أكتوبر" لأتحدث إليها، قاصداً". عندما دخلت مكتبه في الموعد المحدد، في رفقة العقيد شاكر إدريس، مدير الشؤون العامة للقوات المشتركة ومسرح العمليات، كان الإجهاد واضحاً عليه، إثر الساعات الطويلة التي أمضاها مع الجنرال شوارتزكوف في غرفة العمليات. لكنه بابتسامة بشوش، قال لي: "لقد أردت أن أخص مجلة "أكتوبر" بهذا الحديث، لمصداقيتها وللاحترام الكبير الذي تتمتع به لدى القارئ العربي".

 

قال مضيفاً، بعد هذه المجاملة الرقيقة: "أنتِ الصحفية المصرية الوحيدة، من بين كل ممثلي الصحافة العربية كلّها، التي استقبلتها في مكتبي في وزارة الدفاع، منذ بدء عملية "عاصفة الصحراء". ثم بدأ الحوار ...

 

ـ قلت: هناك من يقول إن بعض قادة القوات المشتركة، الذين التقوا وزير الدفاع الأمريكي، تشيني، في زيارته الأخيرة للمملكة، قد طالبوا بتأخير موعد الهجوم البرّي لتحرير الكويت، وأن يستمر القصف الجوي أسبوعين آخرين بل شهراً.

ـ قال: "لقد التقى وزير الدفاع الأمريكي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الملك فهد، كما تمّت لقاءات مع سمو النائب الثاني الأمير سلطان، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وقد شاركت شخصياً فيها، كما شارك أيضاً الجنرال شوارتزكوف، قائد القوات الأمريكية. ويمكِن القول إننا نسير، منذ البداية، تبعاً لخطة متفق عليها. والحمد لله، فإننا عندما استعرضناها مؤخراً، وجدنا أنها لا تحتاج إلى تعديلات كثيرة. على العكس، فإننا عندما قمْنا بتقييم خسائرنا وما حققناه، وجدنا أننا حققنا من النجاح أكثر مما نتوقع، بل يمكِن القول إننا لم نكُن نتصور أن نحقق هذا النجاح. ويكفي أن أذكُر أن طيران القوات المتحالفة، الذي قام بأكثر من 60 ألف طلعة، حتى الآن، لم يخسر خلالها غير 25 طائرة فقط، مما يُعد إنجازاً جيداً، ويعني أيضاً أن دفاعات العراق الجوية، ليست على المستوى الذي كنا نتوقعه".

ـ ماذا يمكِن أن يُقال عن نتائج اجتماعاتكم بوزير الدفاع الأمريكي؟

ـ "بصراحة قمْنا باستعراض لما أنجزناه من قبْل وتبادلنا وجهات النظر في ما سوف يتم مستقبلاً. وبالنسبة إلى اتّخاذ القرار، فيتم بالتنسيق والاتفاق مع الجانبين".

ـ من متابعة سير العمليات العسكرية، تمّ تطهير مدينة الخفجي بعد حوالى 36 ـ 40 ساعة. فكم من الوقت تتصورونه لتطهير الكويت؟

ـ "بداية، يجب ألاّ يتورط القائد بدفع قواته النظامية إلى القتال في المدن، لأن المُدافع يتمتع بميزات عديدة، تُعرّض المهاجمين لخسائر ضخمة. ولا يحتاج المُدافع إلى وقت للاستعداد والتجهيز، لأن المباني والمنشآت ستوفر له الكثير من الوقاية. وفي حالة وجود مدنيين أو عسكريين، مطلوب المحافظة على حياتهم في المدينة، فإن الوضع بالنسبة إلى المهاجم يكون أصعب. ولعلّكِ تعرفين أن الجيش السادس الألماني، بقيادة "الجنرال فون بارلوس"، عندما هاجم مدينة ستالينجراد السوفيتية، خسر في هذا الهجوم نحو 600 ألف فرد ما بين قتيل وأسير، وكانت هذه علامة على طريق تغيير مجرى الحرب في الجبهة السوفيتية.

أمّا الخفجي، فكان لها وضع خاص. فهي أولاً، خالية من السكان، لأن قرار إخلائها تمّ قبْل بداية العمليات العسكرية، لأنها تقع داخل مدى مدفعية المعتدي وصواريخه، وثانياً، أنها هدف يُغري أي مهاجم باللجوء إليها والاحتماء بها، والتخندق في مبانيها غير واضع في الاعتبار أنها يمكِن أن تتحول إلى مصيدة له. وعندما دخلت القوات العراقية الخفجي، كان أمامنا بديلان. الأول، تدمير المدينة بالكامل وبكل ما في داخلها من قوات. والثاني، حصار المدينة ومنْع وصول أي تعزيزات إلى القوات الموجودة داخلها، حتى يتمّ إجبارها على الاستسلام. والحقيقة أنني اخترت البديل الثاني لإمكان إخلاء طاقمي استطلاع من قوات مشاة البحرية، كانا موجودين داخل المدينة، ولأنني كنت، في الوقت نفسه، حريصاً على حياة الجنود العراقيين، على الرغم  من أعمالهم العدوانية، من منطلق تأكُّدي من أن الغالبية العظمى منهم يدخلون هذه الحرب مرغمين. ولذلك، أقول إن مرور 36 ساعة أو 40 ساعة، لا يُعدّ مدة طويلة، وليس دليلاً على ضعف القوات المكلّفة بتحرير الخفجي.

إن الذي أريد أن أقوله أنه من وجهة النظر العسكرية، فإن هذه المعركة اعتُبرت محسومة، بعد مرور 8 ساعات فقط من بدايتها. تمّ خلالها محاصرة المدينة حصاراً كاملاً، والسيطرة على كل الطرق المؤدّية إليها، وعزْل القوات المعتدية الموجودة داخلها، وتخصيص المهامّ للقوات المكلّفة بالهجوم المضاد واستعادة المدينة. أمّا بالنسبة إلى الكويت التي يوجد فيها المدنيون إلى جانب قوات المعتدي، التي أحكمت استحكاماتها، وأنشأت العديد من الموانع والألغام، فلا شك أن خطة تحريرها ستكون مختلفة تماماً ... وسيكون لها وقع المفاجأة على المعتدي، زمناً وأسلوباً".

ـ كان من بين ما عثرت عليه القوات المشتركة في الدبابات العراقية، بعد معركة الخفجي، العديد من الأقنعة الواقية للغازات ... فهل يمثل هذا دلالة خاصة ... وهل ثبت، من خلال استجواب الأسرى، أن النية كانت لديهم لاستخدام الأسلحة الكيماوية في هذه المعركة؟

ـ "كل مُعدَّة تحتوي على وسائل التأمين لطاقمها من الغازات الحربية، وليس هذا دليلاً على نية استخدام الأسلحة الكيماوية. ومع ذلك، فنحن نفترض دائماً الاحتمالات الأسوأ، والتي نتصور أن المعتدي سيلجأ إليها، إذا وصل إلى حالة من اليأس وفقدان السيطرة على الأعصاب، والذي أستطيع أن أقوله أننا مستعدون ـ بإذن الله ـ  لكل هذه الاحتمالات".

ـ وماذا عن تصريحات صدام، التي أعلن خلالها أكثر من مرة أنه أعطى أوامره باستخدام الأسلحة الكيماوية. في الوقت المناسب، هل سيكون الرد عليه نووياً؟

ـ "لكل موقف قتالي إجراء يتناسب مع خطورة الإجراءات المعادية، حيث يكون رادعاً للمعتدي. وإذا كان صدّام  حسين، لم يُراعِ حرمة شعبه، واستخدم ضدّه الغازات الكيماوية في "حلبجة"، فلا يُستبعد منه أن يستخدمها ضدّ القوات المشتركة".

ـ بعد هذه الغارات المكثفة، التي استمرت طوال الأسابيع الماضية، ما هي الخطوات التالية، التي ستقوم بها قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات؟

ـ "يخطئ من يعتقد أن القوات الجوية قادرة، مهْما بلغت سيادتها على ميدان المعركة، أن تفرض الإرادة على الخصم. إنها توفر الظروف المناسبة لأعمال قتال برّية ناجحة وسريعة، إلاّ إذا حدث تغيير حاد في موقف الخصم، كأن يُعلن انسحابه من دولة الكويت الشقيقة، أو يحدث تغيير داخلي يؤثّر في القرار العراقي، وبالتالي يؤثّر في الموقف القتالي العراقي".

المعركة البرّية ... قادمة

ـ أعلن الرئيس الأمريكي بوش "أن الحرب البرّية ممكِنة، إذا كانت ضرورية". فهل تعتقدون أنها قد لا تكون ضرورية؟

ـ "نعم .. قد لا تكون ضرورية في حالة تغيير موقف القيادة العراقية، وتنفيذها لقرارات مجلس الأمن وإرادة المجتمع الدولي. عدا هذا، فأعتقد أن تطور أعمال القتال هو الذي سيفرض الخطوة التالية، ومن وجهة نظري العسكرية، فإن المعركة البرّية قادمة".

ـ يتردد أن بعض الغارات، التي تمّت في الأسابيع الماضية، لم تحقق أهدافها والدليل على ذلك تأخر المعركة البرّية التي لم تبدأ حتى الآن.

ـ "في العمليات العسكرية، يجب أن نتوقع حدوث متغيرات كثيرة عمّا تم تخطيطه، لأن المعلومات الاستخبارية، مهْما كانت دقيقة، فإن نسبة صحتها لا تتجاوز 70 ـ 80%، فقد يلجأ الطرف الآخر إلى استخدام أساليب الخداع، التي تستنزف نيران الخصم، وتحمي مُعدّاته القتالية، وهذه أمور واردة في الحرب منذ قديم الأزل. لذلك، يجب أن تتصف الخطط القتالية بالمرونة والديناميكية.

أمّا تأخر المعركة البرّية، فله عدة أسباب، منها على سبيل المثال: التأكد من إنهاك المعتدي، وعدم قدرته على إحداث خسائر جسيمة في صفوف القوات المشتركة والصديقة، وإضعاف قواته المحتلة داخل دولة الكويت الشقيقة، والمتحصنة خلف عدد من الموانع المختلفة. إن بعض القادة السابقين والمعلقين العسكريين، يعتقدون أن فترة التمهيد النيراني، أو ما يُسمى بتحضيرات ميدان المعركة، في العقيدة الغربية، يجب أن تكون قصيرة. وهذا صحيح بالنسبة إلى الظروف القتالية للمعارك التي خاضوها وإلى القدرات الاقتصادية للدول، التي اشتركت في القتال، بحيث تجعلهم على استعداد لقبول نسبة خسائر عالية في الأفراد، لإنهاء المعركة في أقصر وقت ممكن. ولكن الموقف الحالي يختلف تماماُ والقدرات المتيسرة مختلفة أيضاً، والعنصر البشري له قيمته، فلماذا نتعجل الانتهاء من مرحلة تحضيرات ميدان المعركة؟ بإذن الله، إذا خضنا معركة برّية، فستكون قصيرة، حاسمة، سريعة، قليلة الخسائر. وأدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يُنير بصر وبصيرة القيادة العراقية، التي دفعت شعبها وجيشها إلى معركة، تستند فيها على الباطل".

ـ تمّ إسقاط عدد من الطائرات العراقية، كما فرّ أكثر من 100 طائرة عراقية إلى إيران ... فهل تعتقدون أن القوات الجوية العراقية، الباقية في العراق، قادرة على تأمين الحماية الجوية لقواتها البرّية؟

ـ "يمكن القول، بالأسلوب العسكري، إن القوات الجوية، قبل فرار العدد الكبير من طياريها إلى إيران، قد تمّ تحييدها تماماً، وأصبح للقوات الجوية، التابعة للقوات المشتركة والصديقة، السيادة الكاملة على أجواء المعركة، مع الوضع في الاعتبار أنه تمّ تدمير كافة الوسائل الأرضية، الضرورية لخدمة الطائرات في الجو. فهل يمكِن، بعد كل هذا، أن تكون قوات المعتدي الجوية قادرة على تنفيذ أيّ مهامّ حاسمة؟ إن هذا المعتدي يدفع قواته المسلحة إلى معركة غير متكافئة، معتمداً على قواته البرّية، وخاصة الصفوة منها، وهي قوات الحرس الجمهوري، التي أغدق عليها صدام حسين بغير حساب، لضمان ولائها وجعلها طبقة متميزة عن باقي القوات. فهل يُنتظر خير من قوات مسلحة، تتصف بالتفرقة والخوف والرهبة؟ إن مَن يستمع إلى اعترافات الأسرى العراقيين، لا يصدق أننا نعيش في القرن العشرين، فإن السُخرة والرهبة والخوف من النظام الصدّامي، وصلت إلى حدّ لا يمكِن تصوره. ولكن الظلم لا يدوم، والحق لا بد أن ينتصر، والظالم، مهْما تطاول، فلا بد أن يلقى جزاءه".

الضابط العراقي ... بكى أمامي

ـ وماذا عن الأسرى العراقيين؟ ماذا تقول التقارير عن أحوالهم؟ وماذا يقولون عن زملائهم في الجبهة؟

ـ "هم إخوة غُرِّر بهم، قبْل أن يكونوا أسرى. ونحن نعاملهم على أساس أنهم إخوة وأصدقاء الغد، وليس على أساس أنهم أعداء اليوم. نعاملهم من هذا المنطق، طبقاً لتوجيهات خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووليّ عهده الأمين، وصاحب السمو الملكي وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. أمّا عن زملائهم، فإنهم يقولون إن الروح المعنوية لديهم منهارة تماماً، والروح القتالية ضعيفة، لعدم اقتناعهم بعدالة القضية التي أقحمهم فيها فرد تجرّد من مشاعر الإنسانية، ولا يفكّر إلا في نفسه فقط. ولكن ماذا يفعلون وكتائب الإعدام الصدّامية خلفهم وأوامر صدّام بعدم إرسال الجثث إلى ذويها، وعلاج الجرحى في مستشفيات بعيدة، وعدم السماح بزيارتهم أو الاتصال بهم؟ إن بعض الأُسر العراقية، التي استطاعت الهرب من ظلم الطاغية، تطلب من أبنائها في القوات المسلحة الاستسلام أو الهرب، لأن حالة الإرهاب التي فرضها هذا النظام، لا يصدقها عقل".

ـ وهل التقيت هؤلاء الأسْرى؟

ـ "قابلت بعضهم، وتأثرت بلقاء أحدهم عندما بكى أمامي مُعرباً، بصدق، عن عدم قناعته بما يقوم به صدام، طالباً الأمان من أْجل أطفاله. وقد وعدته بأنه سيعود إلى عائلته سالماً، متى انكشفت الغُمة وتمّ النصر، بإذن الله. وبالمناسبة، فقد طلبت تأمين أقنعة وقائية لهم جميعاً، كما قرّر خادم الحرمَيْن الشريفَيْن رفْع معاشاتهم الشهرية أضعافاً مضاعفة لِمَا يقرّره الصليب الأحمر الدولي، انطلاقاً من عقيدتنا الإسلامية السمحة، وباعتبار أنهم إخوان لنا مغلوبون على أمرهم. وهم يقيمون في معسكرات، أُقيمت في أماكن متفرقة من المملكة".

ـ الملاحظة التي لفتت أنظار الكثيرين، هي سقوط عدد كبير، نسبياً، من طائرات "التورنيدو" ربما أكثر من أيّ طائرات أخرى سقطت من طائرات القوات المشتركة. فهل يعني هذا، أن التجربة الفعلية أثبتت فشَل "التورنيدو"؟

ـ "بداية لا يمكِن الحكم على نجاح أو فشل أيّ معَّدة قتالية، إلاّ بعد انتهاء العمليات العسكرية تماماً، وجمْع الإحصائيات وتحليل النتائج.

ولكني أودّ أن أوضح أن "التورنيدو" لم تفشل، بدليل أنها ما زالت تقوم بدَورها بكفاءة تامة. ولكن أيّ طائرة تُكلَّف بقصف أهداف من ارتفاعات منخفضة، تكُون أكثر عُرضة لنيران المدافع والرشاشات المضادة للطائرات من غيرها، التي تطير على ارتفاعات عالية. إن هذه المدافع والرشاشات يمكِنها أن تُطلِق نيرانها دون الاعتماد على أجهزة إلكترونية، وهي على عكس الصواريخ المضادة للطائرات، التي يمكن شلّها تماماً، إذا دُمّرت الأجهزة الفنية التي تخدمها، مثل الرادارات، لذلك كانت خسائر "التورنيدو" مرتفعة، نسبياً".

ـ لماذا تمّ نقْل قائد القوات البرّية الفرنسية في المملكة إلى فرنسا، وتمّ تعيين آخر بدلاً منه؟ هل بسبب مرضه؟ أم هناك خلاف بينه وبين قواته؟ أم لصلته الوثيقة بوزير الدفاع الفرنسي السابق؟

ـ "ولماذا نُقِلَ قائد القوات المصرية من قبْل؟ كلها "تغييرات قيادة" تُهم المسؤولين في كل دولة، ولا تأثير لها في مجريات الأعمال القتالية، في مسرح العمليات. إن تعاملنا، أساساً، مع الدول، وليس مع الأشخاص".

كشف حساب

ـ دخلتْ معركة التحرير أسبوعها الرابع. فماذا حققت من خطوات نحو تحرير الكويت؟ وما هي حصيلة العمليات العسكرية، حتى الآن؟

ـ  * "تمّ شلّ قدرة القوات الجوية العراقية والدفاع الجوي.

* تمّ تدمير وسائل القيادة والسيطرة.

* تمّ شلّ قدرة التصنيع للغازات الحربية.

* تمّ إضعاف قدرة القوات الصاروخية العراقية.

* تمّ قطْع أهم طرق المواصلات والإمداد والمناورة.

* تمّ شلّ قدرات المعتدي البحرية.

* ويجري، الآن، عزْل التشكيلات والوحدات وشلّ قدرتها، وتكبيدها أكبر خسائر ممكِنة في المُعَدَّات والأفراد، مع إضعاف روحها المعنوية وتماسكها القتالي، استعداداً للمرحلة النهائية، بإذن الله".

ـ كم ستطول الحرب لتحرير الكويت ... خاصة أن صدّاماً ما زال رافضاً الانسحاب؟

ـ "إن الوقت في مصلحتنا وليس من الحكمة الإفصاح عن أيّ معلومات عسكرية، قد تفيد المعتدي. ندعو الله أن ينصرنا وينصر الحق، ويرفع الظلم والعدوان عن شعب الكويت الشقيق، وينتقم من كل متكبر، لا يؤمن بيوم الحساب. ويجب ألا ننسى أن صداماً، كان يمتلك قدرات عسكرية، امتصّ في بنائها دماء الشعب العراقي، وورّطه في حروب لسنوات طويلة، ولم يُشعره بالاستقرار خلال فترة حكمه. وللأسف الشديد، لقد ساهمنا نحن أيضاً في بناء هذه القدرات، على أمل أن توجَّه إلى أعداء الأمة العربية والإسلامية، ففوجئنا بأنها توجَّه إلى صدورنا".

ويصمت الأمير خالد بن سلطان لحظات، ليستأنف حديثه قائلاً:

"إن ما يُحيرني، هو حقيقة أولئك الذين يؤيدون صدّاماً في احتلاله للكويت، في حين أراضيهم محتلة، ويطالبون العالم باستردادها! إن موقف هؤلاء ما زال لغزاً، لم أتمكن من حلّه".

ـ ما هي المعاني التي يمكِن أن تعبّر بها سموّكم عن التلاحم المصري ـ السعودي في هذه المعركة ... معركة الحق والسلام؟

ـ "إنه تلاحم القِيم والمُثُل والعقائد الثابتة، التي لا تهتز ولا تتأثر بمواقف. إن هذه خُلق قادة الشعبَيْن، فماذا تنتظرين من هذيْن الشعبَيْن أمام ظلم وعدوان على جار شقيق، مِنْ مَن لا يُراعي حرمة ولا يحفظ جميلاً. إن هذا التلاحم ليس جديداً، وإنما يضرب بجذوره في أعماق التاريخ البعيد، والأيام والأحداث تثبت زيادته وأصالته".

التلاحم المصري ـ السعودي ليس جديداً

ـ وماذا عن التعاون العسكري المصري ـ السعودي مستقبلاً؟ وماذا يمكن في هذه المناسبة أن نقوله لشعب مصر ولقواته المسلحة وللرئيس حسني مبارك، رئيسنا والقائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، من خلال مجلة "أكتوبر"؟

ـ "إن التعاون العسكري المصري ـ السعودي، وفي جميع المجالات، لم ينقطع في الماضي أو الحاضر، وسيستمر، بإذن الله، في المستقبل. وأقول لشعب مصر: عاشت القِيم والمُثل والمبادئ، وعاش أهلها، ودمتم وقائدكم سنداً للعرب وحصناً للعروبة والإسلام، في كل زمان ومكان".

ـ سؤال شخصي، بعيداً عن العسكرية، ما هي آمالك وأحلامك؟

ـ "أن يسود السلام الدول العربية والإسلامية، حتى نتفرغ جميعاً للبناء بدلاً من التدمير".

ـ وما هي أمنيتك الشخصية؟

ـ "أدعو الله، كل صباح، أن يمكّنني من أداء الأمانة التي أئتمنتُ عليها، وأن يرزقني إحدى الحسنيَيْن: النصر أو الشهادة".

وانتهى الحوار .. وافترقنا على وعد أن تكون "أكتوبر" مع طليعة القوات الظافرة في أرض الكويت المحررة ـ بإذن الله.

ـــــــــــــــــــ