إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلى مجلـــــة "المجتمــــع"

الكويت، الإثنين، 21 شعبان 1412هـ، الموافق 24 فبراير 1992

ــــــــــــــــــــــ

(إجابات الأسئلة، التي وُجِّهَت إلى سموّه)

ـ شكّلت حرب تحرير الكويت التجربة المهمة الأولى، لقوات دول مجلس التعاون، بالدخول في مواجهات قتالية. ما تقييم سموّكم لمستوى أداء القوات الخليجية، خاصة السعودية؟ وهل خلا الأمر من السلبيات أو جوانب القصور؟

ـ "فعلاً، كانت حرب تحرير الكويت تجربة هامة للقوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي، بل كانت تجربة ضرورية، فتحتْ أعيننا على العديد من الدروس والعِبر ليس في المجال السياسي فقط، بل تعدته إلى المجالات الأخرى.

لا تخلو أيّ حرب، بل لا يخلو أي تمرين ميداني، يُنفّذ في وقت السلم، من نقاط قوة ونقاط ضعف، ومنهمـا تُسـتخرج الدروس المستفادة. في هذه الحرب بالذات، كان أداء القوات الخليجية الجيد، مفاجأة لي، على الرغم من أنها تُعتبر أول تجربة حقيقية لها، ولم يكُن لها خبرة قتالية فعلية سابقة.

إذا نظرنا إلى نسبة المشاركة، نجد أن كل دولة ساهمت بالحد الأقصى الممكن من وحدات قواتها المسلحة، بما لا يخلّ بمتطلبات أمْنها. كما أمكَن تشكيل ستة ألوية كويتية، مدرعة وآلية ومشاة، في زمن قياسي. والحمد لله، شاركت هذه الألوية في حرب التحرير، وأبلت بلاءً حسناً.

أمّا عن الأداء القتالي، فقد كان الأداء السعودي، سواء من وحدات القوات المسلحة السعودية أو من وحدات الحرس الوطني، والأداء القطري، أكثر من جيد، على الأخص في معركة الخفجي، التي ستظل نقطة مضيئة في تاريخ العسكرية السعودية والعسكرية الخليجية. كما كان أداء القوات الجوية السعودية واضحاً ومميزاً، سواء في عدد المهام الجوية، التي نفّذتها، أو النتائج، التي حققتها. وكان أداء القوات البحرية السعودية جيداً أيضاً، إذ نفّذت جميع المهام البحرية التي كُلفت بها، بكفاءة وفاعلية.

كذلك كان أداء وحدات القوات المسلحة لباقي الدول الخليجية، أكثر من جيد. فالقوات الجوية الخليجية، عدا السعودية، نفّذت أكثر من 1300 مهمة جوية. كما اشتركت وحدات من جميع الدول الخليجية مع القوات العربية والإسلامية الأخرى، ضمن قوة واجب (Task Force) في تحرير مدينة الكويت وتطهيرها".

ـ يرى البعض أن ضعف التنسيق بين الجيوش الخليجية، وانخفاض الجاهزية القتالية في وحداتها البرية، كانا حائلاً دون ممارسة حرب دفاعية ناجحة لمصلحة الكويت، في الثاني من أغسطس 1990 م. هل توافقون على ذلك؟

ـ "بداية، أودّ أن أوضح أنه لممارسة حرب دفاعية ناجحة، يجب أن نحدّد، العدائيات المتوقَّعة، اتجاهاً وعدداً وعُدة، حتى يتمّ تجهيز مسرح العمليات المتوقَّع، وإعداد القوات المناسبة لصدّ الهجمات المتوقعة؛ أي تكون هذه القوات قادرة، من ناحية العدد والعُدة، على الردع، ثم الصدّ، ثم التحول إلى الهجوم المضاد.

والسؤال الذي يفرض نفسه، هو هل كان أحد يتوقع أن يُهدّد من دولة مثل العراق، وتصل درجة التهديد إلى الغزو والاحتلال؟ وبفرض أن تصوّرنا ذلك، فهل يمكِن أن نحشد قوات قادرة على صدّ القوات العراقية، التي يمكِنها، بسهولة، حشْد 25-30 فرقة في جبهة واحدة، أي حوالي من (375) ألف إلى (450) ألف مقاتل؟ إن القوات المطلوبة، للدفاع الناجح ضد هذه الحشود، يجب ألاّ تقل عن مائتي ألف مقاتل. هل يمكِن تجميع هذه القوات وحشدها، في وقت قصير، حشداً تستطيع معه ممارسة حرب دفاعية ناجحة؟".

ـ حصلت الكويت بتوقيعها الاتفاق الدفاعي مع الولايات المتحدة على ضمانة مؤقتة لأمنها الخارجي. متى يمكن الكويت الحصول على ضمانة خليجية دائمة لهذا الأمن؟ وكيف؟

ـ من وجهة نظري، أعتقد أنه قبْل البحث عن ضمانة خليجية دائمة للأمن الخارجي الكويتي، يجب أن يكون هناك ضمانة كويتية لأمن الكويت. هذه الضمانة لا تكون إلا بامتلاك وسائل ردع، كافية لأن تجعل مَن يحاول العدوان عليها يفكر غير مرة، ثم بالاعتماد، بعد الله، على القدرة الذاتية وبناء قوات مسلحة، تعتمد على النوعية أكثر من اعتمادها على الكمية، مع الوضع في الحسبان أن تكون هذه القوات قوات مسلحة محترفة. نأتي، بعد ذلك، إلى الضمانة الخليجية، التي تتمثل أيضاً في بناء كل دولة لقوات مسلحة محترفة. ثم بالتدريبات المشتركة والتعاون والتنسيق والتلاحم، في جميع المجالات العسكرية، نحصل على قوات خليجية، قادرة على التعامل مع الأزمات".

ـ يُقال أحياناً إن دول مجلس التعاون، تتصدر أقطار المنطقة في الإنفاق العسكري، لكنها، مع ذلك، تُحرز القليل من القدرات الدفاعية، خصوصاً في القوات البرية. فما السبب في ذلك؟

ـ لكي نتحرّى الدقة في الإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نحدّد معنى الإنفاق العسكري، وهل المقصود به ثمن الأسلحة والمعدات التي تُستورد للأغراض الدفاعية؟ أو ميزانية الدفاع للدولة؟ فإذا كان المقصود المعنى الأول، فإننا لا نتصدر دول المنطقة في هذا الإنفاق، بل توجد دول كثيرة محيطة بنا، تنفق أكثر منّا بكثير، خاصة إذا نسبنا إجمالي الإنفاق إلى عدد السكان. أمّا إذا كان المقصود المعنى الثاني، وهو ميزانية الدفاع، فنجد أن مشتملات هذه الميزانية، تختلف من دولة إلى أخرى، فمثلاً، قد تدخل دولة مثل المملكة العربية السعودية إنشاء المدن العسكرية، وإنشاء المستشفيات العسكرية، وإنشاء المنشآت التعليمية المدنية لأبناء القوات المسلحة، ضمن ميزانية الدفاع، بينما دولة أخرى لا تُدخلها ضمن ميزانية الدفاع، ولكنها تُدخلها ضمن ميزانية الإسكان أو الصحة أو التعليم. كما أن للحُكم على حجم الإنفاق، يجب أن نرى المستوى الذي توفره الدولة لأفراد القوات المسلحة، سواء من ناحية المعيشة أو الإعاشة أو الخدمات التعليمية أو الخدمات الصحية. وبالطبع، فإن ارتفاع قيمة هذه الخدمات، يدل على اهتمام الدولة برعاية مواطنيها ورفاهيتهم. نقطة مهمة أخرى، يجب ألاّ ننساها، وهي نظام التجنيد في كل دولة؛ فالإنفاق في الدولة التي تعتمد على التجنيد الإجباري، سيكون، بلا شك، أقلّ من الدولة التي تعتمد على نظام التطوع.

أخيراً، فإن نسب تكوين القوات المسلحة، من قوات برية وجوية وبحرية ودفاع جوي، ونِسب الإنفاق على كل فرع، يختلف بين دولة وأخرى. وهذا، بالطبع، يخضع لعوامل كثيرة أهمّها، مرة أخرى، نوعية التهديد المحتمل.

بالطبع، إجابتي هذه لا تعني الدفاع عن أسلوب الإنفاق العسكري لدول مجلس التعاون، ولكنها توضيح لأسلوب إجراء المقارنات، والحكم على ضخامة الإنفاق، في هذا المجال. وأودّ أن أضيف ألاّ تنسى أن معظم القوات المسلحة الخليجية حديثة التكوين، وأن تكلفة مشاريع الأسلحة في ازدياد رهيب، عالمياً، حتى أصبحت تجارة الأسلحة هي التجارة الرابحة لكثير من الدول، الغربية والشرقية على السواء. ولذلك، نجد القرار الحكيم لحكومة مولاي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، عندما وضعتْ شروطاً لإعادة استثمار جزء من تكلفة العقد داخل المملكة".

ـ يُقال، أيضاً، إن القدرات العسكرية لبعض أقطار الخليج، يعوزها القـرار السياسي الشجـاع. ما صحة هذا الادعاء؟

ـ حقيقة لم أسمع بهذا الادعاء من قبْل، ولكني أقول لك، من خبرتي خلال عملي قائداً لقوات الدفـاع الجوي وقوة الصواريخ الإستراتيجية، قبْل الأزمة، وقائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات، خلال حرب تحرير الكويت، إنني لمستُ من جميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، من دون استثناء، تحمّسهم لبناء قوات مسلحة، مزوّدة بأحدث ما في العصر من أسلحة ومعدات، وتحمّسهم، بعد احتلال الكويت، للمساهمة بكل ما يستطيعون، دفاعاً عن المملكة، ثم تحريراً للكويت، وإصرارهم على الوقوف صفاً واحداً، خلف عضو من أعضائه، حاول المعتدي التهامه. ويجب أن نضع في الحسبان، أيضاً، أن أي قرار سياسي لاستخدام القوات المسلحة يخضع، عادة، لعدة اعتبارات أمنية، محلية وإقليمية. والحمد لله، كان قادتنا على مستوى المسؤولية، وعلى مستوى الحدث الخطير الذي ألمّ بالمنطقة".

ـ هل تُشكّل الأنظمة التي أيدت طاغية العراق، خاصة اليمن والسودان، كونها يجاوران المملكة، عنصر تهديد إضافياً، الآن، من الناحية العسكرية؟ وما صحة الأنباء عن مرابطة وحدات وأسلحة عراقية هناك؟

ـ "من أهم الدروس المستفادة، التي أكّدتْها حرب تحرير الكويت، ضرورة أن نضع في حسباننا أسوأ الاحتمالات، وألاّ نستبعد حدوث أيّ احتمال، مهْما كان خيالياً؛ فمَن كان يصدق أن يوجّه التهديد إلى الكويت وإلينا، من دولة ساندناها، وساعدناها طوال حربها، لمدة ثمان سنوات؟ وأن نضع في حسباننا أمْن المملكة في المقام الأول. لذلك، فخلال هذه الأزمة، كانت أعيننا تدور 360 درجة، نراقب وكنّا مستعدين لردع أيّ تهديد من أيّ اتجاه. والآن، ما زالت الأعين تدور وتراقب. فهناك أخطار أخرى، يجب أن نتنبّه إليها. نتنبّه إلى خططها وأطماعها. والأنظمة التي ساندت العدوان، وأيّدته، وخُدعت بشعاراته، وكانت أبواقاً له، فلا أظن أن الشعوب يمكِنها نسيان دَورها.

أمّا عن مرابطة وحدات وأسلحة عراقية في اليمن والسودان، فهي شكوك لا ترقى إلى اليقين. ولكن السؤال، الآن: هل هناك وحدات وأسلحة أخرى، غير عراقية، موجودة، حالياً، على أرض السودان أو على أرض غيره؟".

ـ يتداول بعض الكتاب السياسيين فكرة نشوب حرب قادمة في الشرق الأوسط، نتيجة الصراع على مصادر المياه. هل تتوقع أن يحدث ذلك؟

ـ "من المتوقَّع جداً حدوث هذه الحرب، في ظِلّ نُدرة المياه والخطط التنموية الطموح للدول، ومحاولة كل دولة الاكتفاء الذاتي الزراعي، وفي ظِلّ غياب الاتفاقيات، التي تقضي بالتوزيع العادل للحصص المائية.

والسبب في أن المياه أصبحت مصدراً محتملاً من مصادر الصراع المسلح، أن حدود الموارد المائية لا تتفق مع الحدود السياسية للدول، ومن ثمّ، فإن استغلال المياه من دولة قد يؤثّر على مصالح دول أخرى، واستغلال المياه من الأجزاء العليا للمجرى المائي، يؤثر، بالتأكيد، في كميات المياه المتاحة في المناطق السفلى، مما يعني أن التحكّم في المجرى المائي، يظَلّ دائماً في أيدي الدول الواقعة في المناطق العليا من مجرى النهر.

والأنهار الرئيسية، كما هو معلوم، التي قد تفجر حولها المنازعات أو الصراع المسلح في المستقبل، هي: الفرات والأردن والنيل. ولكن المشاكل المتوقَّعة، ليست على درجة واحدة من الخطر.

فنهر النيل يتميز بثبات واستقرار نسبيين، وتقلّ احتمالات الصراع المسلح حوله، في الوقت الحاضر أو في المستقبل القريب. والعامل الرئيسي في هذا الاستقرار وجود نظام قانوني مُحْكَم، يختص بتدفق مياه النيل، منذ نهاية القرن التاسع عشر.

أمّا نهر الفرات، فالدول المشتركة فيه، كثيراً ما تتعرض العلاقات بينها للتوتر، الذي يتصاعد إلى حد تفجّر الأزمات، والتلويح باستخدام سلاح المياه. والسبب في ذلك أن كلاًّ من تركيا والعراق وسورية، تحاول تنفيذ مشروعات ضخمة وطموح للتنمية، وبناء العديد من السدود على النهر للاستخدامات المختلفة. كما لا توجد اتفاقية دولية، تنظم الاستخدام المشترك لمياه الفرات.

أمّا أزمة المياه في حوض الأردن، فإنها تُشكّل أخطر حلقة من حلقات تصعيد حرب المياه، إذا جاز لنا استخدام هذا التعبير؛ لأنه الحوض الوحيد، الذي يتعرض بصورة خطيرة لأعمال القرصنة المائية، من جانب إسرائيل، علاوة على العداء الشديد بين الدول التي تقتسم مياه النهر وروافده.

لذلك، فمن المتوقَّع أن يكون الصراع على المياه، هو الصراع المستقبلي. وقد تصبح المياه سلعة، تُباع وتُشترى، مثل النفط اليوم. كما قد يلعب الماء دَوراً كبيراً في إعادة توزيع خريطة القوى السياسية، إذ يُصبح مَنْ يمتلك المياه هو الأقوى. كما أن المياه ستكون عنصراً مهماً في أي استراتيجية دولية مقبلة".

ـ جهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة، تكاد تفشل، بسبب التصلب الإسرائيلي. والنتيجة قد تكون حرباً عربية ـ إسرائيلية جديدة. هل تتوقع سيناريو من هذا النوع؟ وما هو الدَّور المتوقَّع من المملكة العربية السعودية، في هذه الحالة، كونها دولة مواجهة جغرافية مع الكيان اليهودي؟

ـ "لن يتمّ أيّ تقدّم في جهود السلام، إلاّ بضغط أمريكي حقيقي على إسرائيل. وآمل أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية، الآن، مقتنعة أكثر من ذي قبْل، أن الدور الإستراتيجي لإسرائيل في الشرق الأوسط، الذي تلعبه لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، قد تقلص، كما أثبتته أحداث حرب الخليج. وآمل أن يكون قد آن الأوان لأن تدرك الولايات المتحدة الأمريكية، أن المحافظة على مصالحها الحيوية في المنطقة لا تمر بإسرائيل، وأن الاستقرار والحل العادل للمشكلة الرئيسية، هما الضمانة الحقيقية لصيانة مصالحها. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، أعتقد أن الجميع يعرفون أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، وعن طريق القوة، وعن طريق ما تعتمد عليه من القوى الكبرى، تمارس كافة الأعمال العدوانية والتوسعية، من دون مراعاة لأيّ قِيم إنسانية. إذا نظرنا إلى سياستها، منذ نشأتها، نرى أنها تعتمد دائماً على قوة عظمى، تمارس جماعات المصالح اليهودية كل أنواع الضغط على مراكز اتّخاذ القرار فيها، ثم تتصرف بغطرسة، وتحاول التوسع بشتى الأساليب والحجج، وفرض الأمر الواقع. لذلك، لا نتعجب من مماطلتها، الآن، ومحاولاتها المستمرة لإجهاض كافة الجهود الأمريكية والدولية لإحلال السلام، ووضْع العراقيل، وإدخال المفاوضات في متاهات غريبة، لأنها تعرف جيداً أن أيّ نجاح في المفاوضات، يعني وضْع حدّ لطموحاتها.

وكما قلتُ في مناسبات سابقة، إننا نعيش في عصر ستظَل القوة هي العامل الأساسي، والرادع الرئيسي، لحسْم أي قضية، مهْما كانت عادلة، ومن دون هذه القوة الفاعلة الضاربة، فإن أيّ جهد سياسي، مهْما كان مكلفاً أو ضاغطاً، لن يجدي نفعاً، وسيكون نوعاً من الاستجداء، أو الشعارات المرفوعة، بلا معنى، إلاّ للاستهلاك.

وعلى الجانب الآخر من المفاوضات، فإنه يجب لنجاح المفاوضات، أن يكون هناك اتفاق موحد خالص لوجه الله أولاً، ثم للقضية الفلسطينية، والجلاء عن الأراضي المحتلة منذ عام 1967، والجلاء عن الأراضي اللبنانية ثانياً. وكفانا ما ضاع من وقت، وما ضاع من فرص، لم نُحسن استغلالها، وتركنا الساحة، تمرح فيها إسرائيل، وتفرّغنا للخلافات، وكانت إسرائيل هي المستفيد الأكبر من خلافاتنا ومن أخطائنا؛ واحتلال العراق للكويت خير شاهد على الاستفادة القصوى التي حصلت عليها.

أمّا الدور المتوقَّع للمملكة، فهو المساندة الكاملة لمساعي السلام، السلام القائم على العدل، القائم على مبادلة الأرض بالسلام. وفي الوقت نفسه، تمضي المملكة في بناء قدراتها الذاتية، وهذا ما أكده، مراراً، مولاي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن".

ـ طُرحت قضية "أمن البحر الأحمر" للبحث في مناسبات متعددة، في الماضي، أبرزها أحداث التلغيم الغامضة، عام 1988، ثم في حرب تحرير الكويت عندما سرت إشاعات عن نَصْب صواريخ سكود على السـاحل السـوداني. هل تقترح تنسيقاً مصرياً ـ سعودياً في هذا الخصوص؟ وما هي الإجراءات المناسبة؟

ـ التنسيق السعودي ـ المصري، في هذا الخصوص وغيره، قائم، وعلى خير وجه. فالتنسيق مطلوب، في هذا المجال، وفي كافة المجالات الأخرى. وقد أظهرت حرب تحرير الكويت مدى التنسيق والتعاون والمساندة بين البلدَيْن. إنني أتفق معك تماماً على ضرورة إعطاء الأهمية الكبرى لأمْن البحر الأحمر، لِمَا يشكله من تهديد لكافة الدول المطلة عليه. كما يجب أن يكون البحر الأحمر بحيرة سلام ورخاء للدول المحيطة به، وألاّ يكون بؤرة للصراع. أمّا الإجراءات المناسبة لذلك، فقد تكون سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، كما قد تكون هناك اتفاقيات ثنائية أو جماعية. أهم ما في الأمر، أن تتّفق الدول المحيطة به على عدم وجود تدخّل من أيّ قوى خارجيـة، يهـدد مصـالحها، وأن يتمّ تنفيذ المشروعات الاقتصادية المشتركة، التي تفيد مصالح العديد من الدول المطلّة عليه، ليصـبح الدفاع عن هذه المصـالح المتبادلة جزءاً من الدفاع عن أمْن البحر الأحمر".

ـ يتوقع خبراء عسكريون أن تعاني الدول العربية المعتمدة على التسليح السوفيتي، صعوبات جمّة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واحتمال تدهور مؤسساته الصناعية العسكرية.

ما هي البدائل التي تقترحها لهذه الأقطار، خاصة دول المواجهة منها، للحفاظ على قدراتها الدفاعية؟

ـ "قد لا أتفق معك في هذه النظرة، وأعتقد أنه لن يكون هناك مشاكل تُذكر للدول التي تعتمد على التسليح السوفيتي. ولن يكون هناك تدهور للمؤسسات العسكرية لدول الاتحاد السوفيتي سابقاً، وذلك لأن هذه الدول تعلم جيداً أن تجارة السلاح تجارة رابحة تماماً، ومن ثمّ، فإنه يمكِن شراء ما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومعـدات، بشـرط أن تدفع بالعملة الصعبة. وإذا لم تستطع الشراء من دول الكومنولث الجديد، فهناك دول أخرى لديها نفس الأسلحة السـوفيتية، يمكِن الشراء منها، وعلى استعداد كامل لبَيع ما تريده. إضافة إلى أن الدول العربية، التي يشكل التسليح السوفيتي نسبة كبيرة من إجمالي أسلحتها، مثل مصر وسورية، لديهما قاعدة صناعية تمكِّنهما من التصنيع الحربي الناجح، كما أنهما قطعتا شوطاً ليس بالقصير، في إنتاج أسلحة حربية عربية؛ أيّ أن لدى هذه الدول إمكانات التطوير والتصنيع والتحديث. وكان هذا واضحاً عندما فَرَض الاتحاد السوفيتي حظْراً على تصدير الأسلحة إلى جمهورية مصر العربية، ورأينا كيف اتّخذت مصر قراراً بتنويع مصادر السلاح، والتوسع في التصنيع الحربي، ونجحت في ذلك إلى حدّ كبير، وأصبحت من الدول المصدرة للسلاح".

ـــــــــــــــــــ