إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلى مجلة "الرجل"

الرياض، العدد رقم "47"، الصادر في مارس 1996

ــــــــــــــــــ

أجرى الحوار: عبدالمحسن المرشد

 

الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز:

أحِنّ إلى العسكرية وأوقاتي أقضيها في المحاضرات والدراسة والغوص.

 

العناوين

* "نشأتي خشنة بلا ترفيه".

* "سبب تقاعدي صرحت به غير مرة وهو سابقة في العالم الثالث".

* علاقتي بوالدي .. حب بلا حدود".

* "هدفي من كتاب أعمق من أن يكون للرد على شوارتزكوف"

* أفتخر بالأمير أحمد بن سلمان ضابطاً ورجلاً ناجحاً.

في جعبة الأمير خالد بن سلطان كثير، لا يعرفه سوى القليل. فقد كان رجل الميدان الذي، من خلاله، عبَرتْ قوات أكبر حشد عسكري عالميّ، بعد الحرب العالمية الثانية، لتحرر الكويت، مُنهية واحدة من أكبر وأخطر الأزمات، التي شهدها العالم في القرن الحالي. وهو، قبْل ذلك، رجل عسكري، تتلمذ على يد والده، الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، قبْل أن يُصبح أحد أشهر خريجي كلية "ساندهيرست" العسكرية العريقة.

ابتعد عن الأضواء في أَوج مجْده، وأثار ابتعاده فضول الكثيرين. تخلى عن العسكرية، بعد أن ارتقى أعلى مناصبها، تاركاً وراءه الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام. ثم عاد للأضواء من جديد في مناسبات متنوعة، كان أبرزها طرح كتابه الشهير "مقاتل من الصحراء".

لماذا تخلّى خالد بن سلطان عن العسكرية، وابتعد عن الأضواء؟ كيف هي حياته، اليوم؟ وما هي نشاطاته؟ كيف هي نظرته إلى ما مَرّ به من تجارب؟ وما هي إجابته على العديد من الأسئلة التي تركها بلا إجابة؟

علامات استفهام كثيرة، فرضتْ نفسها، عند استضافتنا لخالد بن سلطان. وإذا كنّا قد توقّعنا، مسبقاً، اعتذار الأمير الشاب عن بعض الأسئلة، أو اكتفاءه بتعليقات غير دسمة على بعضها الآخر، فقد خاب توقّعنا، من حسن الحظ، عندما أتت أجوبته صريحة، ودسمة، ننشر نصّها كما هي.

 

ـ في البداية، ماذا يقول الأمير خالد بن سلطان عن نفسه؟  عن نشأته الأولى؟

ـ "ولدت في مكة المكرمة، في الرابع والعشرين من سبتمبر 1949. وكانت نشأتي نشأة خشنة، تتّفق وظروف المملكة في ذاك الوقت. لم أعهد خلالها الترفيه أو التدليل. كان التعليم هو الهدف، ولا مفرّ منه. الاعتماد على النفس في سِنّ مبكرة ضروري. والتوجيه والرعاية نلقاهما في كل مكان البيت والمدرسة. وتعلمّ فنّ الحياة في الصحراء متعة".

 

ـ كيف كانت دراستك الأولى؟ ثم الدراسة العسكرية؟ وما هي ذكرياتك عنهما؟ وهل هناك متاعب واجهتَها؟ وكيف تغلّبتَ عليها؟

ـ أمضيت تعليمي المدرسيّ كله في مدرسة تعليم صِغار الأمراء، التي أسَّسها الملك سعود ـ يرحمه الله ـ في أوائل الخمسينات. وكان مقرها، في سنواتها الأولى، في قصره، في حي الناصرية، في مدينة الرياض، وتسمَّى "معهد الأنجال". وكان يديرها أستاذ فاضل ومربٍّ قدير، هو الأستاذ عثمان ناصر الصالح، وكان ممَّن يسمَّون بـ "الطراز القديم"؛ يتّبع نظاماً صارماً، ويعتبر التعليم رسالة، وتربية النشء جهاداً. وحدَث، وأنا في الرابعة عشرة من عمري، أن تمرّدتُ على نظامه الحديدي الصارم. فقلتُ له، ذات مرة: "لا تكُن صارماً هكذا ... ما نحن إلاّ أولادٌ صِغار، ولسنا دُمى تحرّك خيوطها. دَعْنا نعِش حياتنا". وبدلاً من أن تمتدّ يده إليَّ بالعصا، ابتسم ابتسامة عريضة. فقد كان يعرف متى يكون شديداً، ومتى يكون حانياً.

أمّا دراستي العسكرية، فقد كانت في أكاديمية "ساندهيرست"، التي تُعدّ من أفضل الأكاديميات العسكرية العريقة، وأكثرها صرامة وانضباطاً، في العالم بأسْره.

ولم يكُن النجاح في "ساندهيرست" أمراً سهل المنال. فمِن الطلاب من كان يترُك الدراسة لصعوبتها، أو يُستبعد لفشله فيها. لذا، كان إتمام الدراسة، في حدّ ذاته، إنجازاً لا يستهان به. وأضرب على ذلك مثالاً، فعندما بدأت الدراسة كنت واحداً من ستة طلاب عربٍ، لم يبقَ منهم سواي والشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، وزير الدفاع البحريني الحالي.

وطبعاً، كان هناك متاعب كثيرة، ليس لي فقط، ولكن لمعظم الطلاب الأجانب. ولكن كان الخوف والرعب من يومٍ يعود فيه الطالب إلى بلده يجر أذيـال الخيبة، بعد فشلِه في الحصول على شهادة التخرج ضابطاً، دافعاً من أكبر الدوافع إلى مواصلة الدراسة وتحمّل مشاقها.

 

ـ من كان له الفضل في دخولك مجال العسكرية، وبروزك في هذا المجال؟

ـ والدي، أطال الله بقاءه، بفضل تشجيعه وتحفيزه لي، ليس للانضمام إلى الجندية، ولكن لاختيار المجال الذي يستهويني، حتى أتفوق فيه. ومما لا شك فيه، أنني بدأت أميل إلى هذا الاتجاه، وأنا أرى والدي محاطاً دائماً بالعسكريين. ولا أنسى يوم أنهيت دراستي الثانوية، وعندها قال لي أبي: "جاء وقت الاختيار، في وسعك، إنْ شئت، أن تدرس في "ساندهيرست"، أو تلتحق بالجامعة. لن يُملي أحدٌ عليك اتجاهاً، فالاختيار لا بد أن ينبع من داخلك. ولكن إذا قررت الالتحاق بـ "ساندهيرست"، فعليك أن تمضي حتى النهاية. وإذا فشلت، فلا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى. عليك أن تنظر إلى "ساندهيرست" كجواد جَموح، إذا جَفل منك، فعليك أن تلحق به، مهما كانت الصعاب".

 

ـ كيف يرى الأمير خالد بن سلطان تأثير والديه في نشأته ومسِـيرته في الحياة؟

ـ "الوالد علّمني وربّاني. ووجّهني وأدّبني. زرع في نفسي الشعور بالمسؤولية. كان القدوة في صمت، والقوة الدافعة لي في حكمة وحزم. تعلمتُ منه الصبر والجَلَد على العمل، والتفاني في سبيل البلد، تعلمتُ منه المُثُل والمبادئ والقِيم. كان في تربيته يجمع بين القسوة والشدة اللازمتَيْن، والرحمة واللين الواجبَيْن.

أمّا والدتي، فهي نبع الحنان. قلبٌ طاهر، لا يعرف الحقد ولا الكراهية، ولا الكذب ولا الرياء. تعلمتُ منها الحُب والرحمة والعطف والأمل. أطال الله عمرَيهما.

حُبّي لهما لا يتفوق عليه حُب، إلاّ حُب الله ورسوله. واحترامي لهما، لا يدانيه احترام. ولا أملك إلاّ أن أخفض لهما جناح الذل، اعترافاً بفضلهما".

 

ـ كيف تصِف علاقتك بوالدك؟

ـ "علاقة حُب بلا حدود، وتقدير بلا مثيل، وتفانٍ في خدمته للحصول على رضاه. خليط من علاقة الابن بوالده، والتلميذ بأستاذه، والجندي بقائده. فوالدي هو مثلي الأعلى، وكان وسيظل نبراساً ملهِماً لي طول حياتي. ولن أنسى مواقفه ومؤازرته لي أثناء حرب الخليج، وأنا، آنئذٍ، أشغل منصِـباً مستهدفاً من كل جانب، منصِب قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات. كان الدرع التي أحتمي بها. كان يذود عنّي ذات اليمين وذات الشمال. فلو تخيَّلنا مباراة في كرة القدم الأمريكية، لكنت أنا من يندفع بالكرة، وهو اللاعب الذي يسبقني، ويطرح أرضاً كل من يحاول إعاقتي. وكانت توجيهاته اليومية، أثناء الأزمة والحرب، ترسم لي المسار. لقد كان أحد صناع النصر، بل كان الجندي المجهول وراء كل نصر".

 

ـ كيف ترى علاقتك بكِبار أفراد الأسرة المالكة؟ وهل تأثرت أو تغيرت هذه العلاقة، أثناء أزمة الخليج؟

ـ "علاقة تحكُمها تقاليد العائلة وقِيَمُها: احترام الملك وتقديره، فهو كبير العائلة، والأب لكل فرد فيها. احترام الصغير للكبير في محيط العائلة، مهْما كان فارق السن. الالتزام بحلّ الخلافات في نطاق العائلة، وتقوية أواصر الصلة بين أفرادها، على أُسُس من تقديم مصلحة العائلة على مصلحة أيّ فرد فيها.

هذه التقاليد والأخلاقيات، لا تتغير حين حدوث الأزمات، بل تقوى وتزداد تماسكاً وصلابة. فقد عُرفت العائلة بالتكاتف وقت الشدة، وهذا من أسباب قوّتها واستمرارها. ومهْما حدث من خلافات، فلا تتعدى اختلافاً في رأي أو وُجهة نظر. كما أن احترام بعضنا بعضاً، كفيل بمنع أية نزاعات من التفاقم".

 

ـ فيما يختص بدراستك، نسألك من هم زملاء الدراسة العسكرية؟ وهل ما زالت ترتبط بعلاقات بهم؟

ـ "صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطَر، وصاحب السمو الشيخ الفريق أول ركن حمد ابن عيسى آل خليفة، وليّ عهد البحرين، والقائد العام لقوة الدفاع البحريني، والشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، وزير الدفاع البحريني الحالي، ولا يزالون من أعزّ أصدقائي، مُنذ ذلك الحين".

 

تقاعد لأسباب ..

ـ قيل الكثير حول سبب تقاعدك عن العمل العسكري، منه أنك مُقلّد في هذا الأمر لشوارتزكوف. ما رأيك في ذلك، وما هو ردّك؟

ـ "لا وجه في الشبه بين تقاعدي وتقاعده. فقد تقاعد شوارتزكوف، لأنه وصل إلى سن الإحالة إلى التقاعد، وكان معلوماً تاريخ تقاعده. أما بالنسبة إليّ، فالتقاعد كان بناءً على رغبتي، ولم أصل، حتى الآن، إلى سن الإحالة إلى التقاعد. وعن السبب في ذلك، فقد صرحت به غير مرة: لقد كُرِّمت بالتكليف من قِبَل خادم الحرمين الشريفين، قائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات، وهو أعلى منصِب عسكري يتشرّف به قائد في تاريخ العالم العربي والإسلامي. ثم كُرِّمت بثقته وثقة الرؤساء، الذين أرسلوا قواتهم لمساندة المملكة، وتحرير دولة الكويت.

فأيّ منصِب، بعد ذلك، أصبو إليه أعلى من منصِبي هذا، الذي شغلته خلال الحرب؟ وأيّ شرف أحلم به أكثر من الشرف، الذي نلته عقب تحرير الكويت وتحقيق النصر؟ وأية فرصة أنسب من تلك الفرصة، لأغادر الساحة في هدوء، وأترك المسرح لغيري، ليستكمل المسيرة؟   

وثمّة دافع آخر جعلني أتّجه إلى التخلي عن القيادة، بعد تحمّل المسؤولية وإنجاز المهمّة، وهو أن تلك سابقة عزّ أن يوجد مثلها في العالم الثالث، حيث يتشبث الناس بالمناصِب والألقاب، فلا يتخلّون عنها، إلاّ بعد عشرات السنين، أو قلْ، إن شئت، ما داموا على قيد الحياة. وأحمد الله، فقد تقاعدت قائداً، وسأظل جندياً في خدمة دِيني ثم مليكي ووطني".

 

ـ في حرب الخليج، هل كنت متخوفاً من احتمالات معيّنة، ولم تحدُث؟ وكيف سيكون ردّ فعلك لو حدثتْ؟

ـ "كان أكثر ما يزعجني احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية أو الجرثومية، من جانب المعتدي، على الرغم من اتّخاذنا لكافة الاستعدادات لذلك، واقتناعنا أن الرئيس صدّام حسين لن يغامر بحياته، ويستخدم هذه الأسلحة ضدّ قوات التحالف. أما ردود الفعل المحتملة في مثل هذه الظروف، فهي: تقليل الخسائر على قدر الإمكان، وتجنّب المناطق الملوَّثة، واستمرار القتال، والردّ الانتقامي الحاسم ممّن أقدَم على هذا العمل. والحمد لله، كانت القوات المشتركة مستعدة، ومدرَّبة على التعامل الصحيح في حالة التعرض لهذه الأسلحة".

 

ـ ما هو الموقف الإنساني الذي مرَّ بك حينها؟

ـ "لا أنسى يوم زرت المصابين في حرب الخليج، ولمست بنفسي قسوة الحرب ووجْهها القبيح، والتقيت الرقيب يحيى أحمد محمد البارقي، من سلاح المهندسين، الذي فقد كلتا عينيه ويديه في المعركة. لم أتمالك مشاعري، فقبَّلت رأسه، تقديراً لشجاعته، وعرفاناً بتضحيته".

 

ـ هل انقطعت علاقتك بشوارتزكوف بعد الحرب؟ وهل صحيح أن نَشْرك للكتاب، كان للردّ عليه؟

ـ "استمرّت علاقتي به لفترة قصيرة، بعد الحرب. وعندما سافرتُ إلى الولايات المتحدة، بعد أن وضعتْ الحرب أوزارها، انتهزتُ تلك الفرصة لزيارته وعائلته، الذين رحّبا بي أشدّ الترحيب. وانقطعت علاقتي به تماماً، قبْل نشْر كتابه. أما أهداف تأليف كتابي "مقاتل من الصحراء"، فهي أبعد وأعمق بكثير من أن تكُون للردّ على شوارتزكوف. فلقد حاولت في هذا الكتاب رواية الأحداث بصدق وواقعية، واضعاً الأمور في نصِابها، ذاكراً لكلّ ذي فضل فضْله، غير ناكر مجهود مَن يستحق، أو مخفٍ بطولة مَن هو جدير بها".

 

دراسات وأبحاث

ـ اليوم، بعد تقاعدك، كيف تقضي وقتك؟ وما هي مشاريعك المستقبلية؟

ـ "إلقاء المحاضرات، والبحث والدراسة، وفي مجال أعمالي الخاصة، وإعداد مكتبة ومتحف خاص، عن حرب تحرير الكويت، إضافة إلى ممارسة الهوايات، خاصة هواية الغوص، التي تتحول، الآن، تدريجياً، إلى دراسة وأبحاث عن علوم البحار، ضمن برنامج عالمي، مع التركيز على الشُّعَب المرجانية، وإعادة إنمائها".

 

ـ ألا يحسّ الأمير خالد بحنين إلى العمل العسكري؟

ـ "بعد أكثر من ربع قرن في المجال العسكري، يصعب أن يتخلّص الإنسان من حُب العسكرية والحنين الدائم إليها، بتقاليدها وانضباطها، بشجاعتها وتضحياتها، بسموّ أهدافها وعِظَمِ مسؤولياتها".

 

ـ هل لكم أن تصِفوا لنا قصة رحلة الصين الأولى وزيارتكم السرية الأولى لها، وذلك من ناحية التخطيط والتكتم، من حيث السفَر والسكن والتنقل؟

ـ "أفضل إجابة على هذا السؤال قراءة الفصل العاشر من كتاب "مقاتل من الصحراء". وأرجو ألاّ تعتبر إجابتي هذه دعاية أو ترويجاً للكتاب".

 

ـ في مناسبة الحديث عن الكتاب، كيف طرأت عليك فكرة تأليفه؟ وكيف ترى نتائج نشْره؟

ـ "طرأت فكرة تأليف الكتاب عقب انتهاء عمل "قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات"، حين وجدت أن هناك أحداثاً يجب أن تسجَّل، وقصصاً يجب أن تُروى، ودروساً يجب أن يُستفاد منها. كما أنني لم أجد، في أيّ كتاب صدر عن الغرب، رأياً متجرداً، أو قلماً منصِفاً. وكان همُّ مَن تصدّى للكتابة أن يُمجّد بلداً، أو يصنع بطلاً، واختفت حقائق كثيرة، أو شوهِّت، أو قدِّمت مبتورة. لم يُذكَر دور المملكة وقادتها، أو دَور الجنديّ السعودي، الذي أثبت للعالم أجمع قدرته على استيعاب أحدث التكنولوجيا العسكرية، وأشدها تعقيداً، فبذل النفس والنفيس، ليرفع كلمة الله، أو يستشهد دونها، ولم يُذكَر دَور الدول التي هبّت إلى مساندة الحق وردْع الباطل. هذه كانت البداية، التي أقنعتني بضرورة الكتابة. والحمد لله، فنتائج توزيع الكتاب طيّبة، إذ بيع منه في بريطانيا والولايات المتحدة أكثر من خمسين ألف نسخة، وفي الدول العربية أكثر من ثمانين ألف نسخة، وتم نشره باللغة الفرنسية، وتجري ترجمته باللغة الصينية واللغة الروسية".

 

ـ هل يشعر الأمير خالد أنه سبَّب حرجاً لأحد، بسبب صراحته في الكتاب؟

ـ "النقد البناء، والصدق في الرواية، لا يسببان حرجاً كاملاً لأحد، خاصة عندما يُغلَّف النقد بأسلوب مقبول".

 

ـ هل لديك نية في إصدار كتاب أو كتب أخرى؟

ـ "في الوقت الحاضر، لا. ولكن في المستقبل، جائز".

 

ـ كيف بدأت قصتك مع جريدة "الحياة"؟ ولماذا دخلت مجال الصحافة؟ وهل لديك مشاريع تطويرية في هذا المجال؟

ـ "في الحقيقة، كنت أشعر دوماً أن الصحافة العربية، باستثناء القليل منها، متأخرة عن الصحافة الغربية، وتحتاج إلى إنعاش وتجديد. وكنت آمل أن أساهم في هذا المجال. وسنحت لي هذه الفرصة عام 1988، حين علمت بمشروع إعادة إصدار جريدة "الحياة"، فوافقتُ على تمويل المشروع، آملاً في تأسيس صحيفة عربية يومية مستقلة، لكل العرب، يمكِنها، بالتغطية الإخبارية الواسعة، والسياسة التحريرية الصادقة، أن تُضارع كُبريات الصحف الغربية. والحمد لله، أعتقد أن طموحي تحقق إلى حدٍّ كبير، فاستأنفت "الحياة" صدورها، وحافَظَتْ، حتى الآن على مصداقيتها واستقلالها واحترامها للقارئ. أمّا المشاريع التطويرية، فلا تنتهي إلاّ بنهاية العمر".

 

ـ كيف تصِف علاقتك، كناشر لمؤسسة صحفية، بالأمير أحمد بن سلمان، رئيس مجلس إدارة مجموعة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، خاصة أنك كنتَ رئيسه في المجال العسكري؟

ـ "لكل مجال تقاليده وقِيمه وانضباطه. والأمير أحمد بن سلمان، بصر ف النظر عن موقعه، أخ عزيز، أعتز بأخوّته كل الاعتزاز. افتخرت به ضابطاً، وأفتخر به رجلاً ناجحاً".

 

ـ هل جريدة "الحياة" مشروع مربح مالياً؟

ـ "ملكية جريدة، لا تحصل على مساعدات داخلية، أو معونات خارجية، وتتّصف بالمصداقية، والاستقلال، ولا تبيع أقلامها، ولا تنافق، هو مشروع خاسر، لا محالة، من وُجهة نظر الربح والخسارة المالييْن".

 

ـ هل تقرأ جريدة "الشرق الأوسط"؟

ـ "ولِمَ لا؟".

 

ـ ما هي هوايات الأمير خالد بن سلطان؟ وهل ازدادت هذه الهوايات، بعد تقاعده عن العمل الحكومي؟

ـ "ممارسة الرياضة، وعلى الأخص التنس والسباحة ورفْع الأثقال، والصيد، وصيد الأسماك ذات الحجم الكبير، والقراءة في كل المجالات، وكل الموضوعات، وهي متعة لا تعادلها متعة. وبعد التقاعد، ازدادت هواية الغوص، هواية تفتح لك متعة مشاهدة غرائب الطبيعة وجمالها، مشاهدة قدرة الخالق وحُسْن صنيعه؛ فعالم البحر يستحق التأمل والاستمتاع".

 

الوجــــه الآخر

ـ ننتقل معك من عالم العسكرية والبحر إلى عالم الحياة الأُسْرية. ونسأل: هل تؤمِن بالزواج المبكر؟

ـ "نعم، ومهم وضروري، بشرط النضج الكافي للعروسين، والاستعداد الكامل لتحمل مسؤوليات الزواج".

 

ـ حدِّثنا عن أبنائك ... وكيف تتمنى أن يصبحوا؟

ـ "الحمد لله، رُزقتُ أربعة بنين وثلاث بنات. أكْبرهم فيصل خريج كلية العلوم الإدارية، قسم العلوم السياسية، ويدرس، الآن، لنيل درجة الماجستير. وأصْغرهم سلمان، في عامه الثالث، وبينهما سارة وهالة ومشاعل وفهد وعبدالله. أتمنّى لهم جميعاً أن يكونوا صالحين، في خدمة دِينهم، ثم المليك والوطن، وأن يحققوا ما يتمنَّون، فأنا لا أتدخل في اختياراتهم، إلاّ بالرأي فقط".

 

ـ هل تشاهد التلفزيون؟ وما هي برامجك المفضَّلة؟

ـ "طبعاً، أشاهده. أمّا البرامج المفضلة، فهي الأفلام القديمة، العربية والأجنبية، والبرامج الكوميدية. فيكفينا ما في الحياة من متاعب وهموم، وتكفينا أخبار العالم من حولِنا، من كوارث وحروب وحوادث، اِستمع أو شاهِد نشرة أخبار واحدة، لتسمع وترى ما لا يسُـرَّك".

 

ـ الأمير خالد ... لمَن يقرأ من الكُتّاب والكاتبات؟

ـ أقرأ للكثيرين من الكتّاب والكاتبات، العرب والأجانب. وحقيقة، لا يهمني الكاتب بقدر ما يهمني الموضوع الذي يكتب فيه، ويندرج ضمن اهتماماتي. ولا أخفي عليك، أن بعض الكتب أقرأها للمتعة، والبعض الآخر أكُون مكرهاً على قراءتها".

 

ـ هل حاولتَ نظْم الشعر؟ وكيف؟ ومَن مِن الشعراء تتابع إنتاجه؟

ـ "لم أحاوله في حياتي. ولا يدخل ضمن دائرة اهتمامي. ولو أن بعض القصائد الهادفة، والتي تمثل الواقـع، تسـتهويني أحياناً".

 

ـ ما دَور المرأة في حياتك؟

ـ "هي الحياة، وهي الأمّ الحنون، والمربّية الحازمة، والزوجة الفاضلة، والابنة الحبيبة".

 

ـ ما هو السؤال الذي تودّ لو طرحناه عليك؟ وما هي إجابتك عنه؟

ـ "السؤال: ما هو المنهج لتعود أمتنا العربية أمة يُحسب لها حساب؟ والإجابة تحتاج، بالتأكيد، إلى كتاب".

ـــــــــــــــــــ