إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلى "مجلة كلية الملك عبدالعزيز الحربية"

العدد الثاني والأربعون، 1422هـ ـ 2001م

ــــــــــــــــــــ

أجرى الحوار:

الدكتور يحيى بن أحمد مهدي عريشي

النقيب سليمان بن صالح الخميس

 

عندما يقف التاريخ كالطود العظيم يستنهض قواه ويسترجع ذكرياته تتراءى أمامه لوحة مشرقة تشعّ بأسطع الحقائق وتفوح بأعبق الذكريات وأزكى البطولات وأسمى المآرب والغايات مشعلة في ضمير الإنسانية تتبّع خطى الرعيل الأول الذي زرع البسالة في نفوس النشئ ورسّخ العقيدة في أذهان الشباب ونقش العزة على صدر كل ذي لُباب. ولم يزل عبق ذلك التاريخ المؤثل وفيض تلك البطولات الباسلة فواحاً زكياً على مر العصور وتعاقب الأزمنة، إذ نقف أمام مثال حي لذلك في شخصية أمير عُرف برباطة الجأش وقوة العزم وبسالة النضال وصراحة الرأي ذلك هو صاحب السموّ الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز بطل تحرير الكويت ومساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية وضيف اللقاء، فإلى صفحة مشرقة مع سموّه الكريم عبر هذا اللقاء.

صاحب السموّ الملكي نزفّ لكم في بداية هذا اللقاء تهنئة وتبريكات قيادة كلية الملك عبدالعزيز الحربية عامة وأسرة تحريـر مجـلة الكليـة خاصـة بمناسـبة تعيين سمـوّكم مسـاعداً لوزير الدفـاع والطيران والمفتش العام للشـؤون العسـكرية، سائلين المولى أن يعينكم ويسدّد خطاكم ويجعل التوفيق والسداد حليفكم.

 

س1:    صاحب السموّ، إن للأخبار السارة والمهام المشرّفة وقعاً في النفوس وأثراً في المشاعر. فما مشاعركم تجاه الثقة الملكية الكريمة، التي حزتموها بتعيينكم في هذا المنصب؟

ج1:     مشاعر فخر واعتزاز، شرف وتشريف، ومسؤولية تكليف. فخر جنديٍّ بثقة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسموّ ولي عهده الأمين، واعتزاز بمنصب، يأتمر صاحبه بأوامر سيدي صاحب السموّ الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. مشاعر تشريف أَنْعَمَ به عليَّ مولاي خادم الحرمين الشريفين، طالما حفزني إلى القول، في كلِّ مناسبة، إنني جندي مطيع، وخادم مخلص، لدِيني ثم لمليكي ووطني. أمّا شرف التكليف، فهو صِنًوُ شرف المسؤولية. فلكل منصب صلاحية ومسؤولية، يجب أن تكونا متكافئَتَيْن. وعلى قدر المنصب تكون الأمانة الملقاة على عاتقه. وهنا يكمن حرص العاقل على ألاّ يعميه بريق المنصب، عن أداء ما يُنتظر منه.

 

س2:    إن هذه المناسبة الغالية على نفوسنا، تُذَكِّرنا بمناسبة اختيار سموّكم قائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات، في حرب تحرير دولة الكويت الشقيقة. فهل يرى سموّكم تلك المهمة تشريفاً أو تكليفاً؟

ج2:     من المؤكد أنها كانت الاثنَيْن معاً. فقد كانت تشريفاً من مولاي القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ لأنها وافقت أوقاتاً عصيبة: دولة عربية، اكتسحتها، في ساعات، دولة عربية شقيقة مجاورة؛ وأصبحت مصادر ثرواتنا، في المنطقة الشرقية، عرضة لنواياها الغامضة؛ والمقارنة العسكرية، بكلِّ مقاييسها، ترجّح كفة القوات المعتدية. التعيين، إذاً، كان تشريفاً بثقة مولاي. وفي الوقت نفسه، كان تكليفاً بأن أنهض بالمسؤولية، وأؤدّي الواجب، وأنفّذ المهمة، التي عُهدت إليّ. وعلى المرء ألاّ يفرح كثيراً بالتشريف، إلاّ بعد أن ينهض بالتكليفَ. وهنا تصبح الفرحة فرحتَيْن.

 

س3:    الحياة، كما يعلم سموّكم، ميدان واسع، من الخبرات والتجارب والدروس. فما هي أبرز الدروس المستفادة من "عاصفة الصحراء"؟

ج3:     مما لاشك فيه، أن هناك دروساً كثيرة، وَعَتْها القوات المسلحة، سواء التي اشتركت في القتال، أو تلك التي تتبَّعتْ، من بُعد، ما حدث، أثناء عمليتَي "درع الصحراء" و"عاصفة الصحراء". وقد شملت هذه الدروس جميع المجالات: السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والإعلامية. واللافت أن الدول الأجنبية، فاقت نظيراتها العربية فائدةً من تلك الدروس؛ فطوّرَت أسلحتها، وتكتيكاتها، وأساليبها القتالية.

 

قد يكون من أهم الدروس المستفادة، هو ما سبق أن قلته، في كليَّتكم، عام 1415هـ، في محاضرة "القيادة والتدريب والانضباط، ثلاثية النصر في حرب الخليج"؛ حيث أوضحت ارتباط تلك العوامل، عسكرياً وعقائدياً، بالنصر، الذي تحقَّق، ويمكن أن يتحقق، في المستقبل. وبيّنت أنها جزء من تعاليم ديننا الحنيف، وسنَّة الرسول القائد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأثبتتها المعارك، وحرب تحرير دولة الكويت.

زِد على ذلك الدروس المستفادة الأخرى، وأهمها:

أولاً: ضرورة تكامل أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات والحاسب الآلي C4I، وأنظمة إدارة المعركة، وتحديد الأهداف وإصابتها، وتقدير نتائج التدمير.

ثانياً: أهمية التفوق التكنولوجي، في كثير من مجالات التسليح الحيوية.

ثالثاً: أهمية الإعلام وتسخيره لمصلحة المعركة، سياسياً وعسكرياً، إقليمياً ودولياً. وأعتقد أن "فن التعامل مع وسائل الإعلام، ومهارة استخدامها، لخدمة الخطط العملياتية، والأهداف السياسية العسكرية" ـ يجب أن يكون مادة من المواد الرئيسية، التي يدْرسها الضابط في المعاهد العسكرية المختلفة؛ إذ إن قائد المستقبل، قد يتولَّى قيادة وحدات متعددة الجنسيات؛ ما يستدعي إتقانه فن التعامل الإعلامي ومهارته فيه، إلى جانب إتقانه فن ومهارة الاستخدام القتالي.

رابعاً: الأهمية القصوى للمعلومات. فقد بات التفوق في الحرب، لا يعتمد على امتلاك الكم الأكبر من الموارد، وحشْـد العدد الأوفر من الوحدات، واستخدام التقنية الأفضل في ميدان المعركة فحسب؛ وإنما يتعدّاها إلى امتلاك المعلومات الآنية (الفورية) عن مسرح العمليات، كذلك. ومن المؤكد أن النصر في أي حرب، مستقبلاً، لن يحرزه إلاّ الأوفر معلومات، في الزمان والمكان المناسبَيْن، والأقدر على التحليل والاستنتاج المنطقيَّيْن. سيكون النصر حليفاً لمَن له السيادة المعلوماتية، التي لا تقلّ أهمية عن السيادة الجوية؛ ولا بدّ من تحقيقهما معاً، في أقصر وقت ممكن، في أيِّ حرب مقْبلة.

خامساً: دقة التقارير العسكرية، التي تُرفع إلى القيادة السياسية، مبيِّنةً كفاءة القوات المسلحة وقدْرتها؛ والتي تمكِّن هذه القيادة من اتخاذ القرار السياسي الصحيح، وتحديد أهدافها، السياسية والإستراتيجية، طبقاً لكفاءة قواتها المسلحة، وتَوَافُق هذه الأهداف مع القدرات والإمكانات المتاحة للدولة.

سادساً: ولعلّ من أهم الدروس المستفادة من حرب الخليج، في ضوء استعراض ما قبْلها، وما تخلَّلها، وما بعدها من أحداث ـ ضرورة أن تُعطَى القوات العسكرية الثقل المناسب؛  فالحق، من دون قوة تسانده وتحميه، لا قيمة له، في عصر كعصرنا، يحترم الأقوياء، ويرثي لحال الضعفاء. كما أن السياسة والحكمة، لا بدّ أن تساندهما القوة الرادعة؛ والسعي، في المقام الأول، إلى اعتمادنا على قوّتنا الذاتية، بعد اعتمادنا على المولى ـ عزّ وجلّ. كما يجب أن تتطور نظرتنا إلى القوات المسلحة، بالاعتماد على "النوع" أولاً، ثم "الكمّ".

 

س4:    صاحب السموّ، لقد واكب أحداث حرب الخليج تغيرات اقتصادية، ومفاهيم فكرية، وتطورات حربية شتّى. فما مدى تقييم سموّكم للقوات المسلحة السعودية، قبْل "عاصفة الصحراء" وبعدها، من حيث الخبرة القتالية والعُدة الحربية؟

ج4:     إن القوات المسلحة، كما تعلم، تبني إستراتيجيتها وخططها، طبقاً للعدائيات المحتملة. ولم يكن يخطر على بال أحد، أن يصبح الاتجاه الشمالي هو أحد العدائيات الموجهة إلينا. فعندما كُنّا نُقيّم التهديدات المُحتمَلة لمنطقتنا الشرقية، قبْل الأزمة، أسقَطنا من حساباتنا احتمال تعرّضنا لتهديدات برية، من الدول العربية المجاورة، الواقعة شمال المملكة. ولكننا، لم نستبعد، بطبيعة الحال، احتمال تهديدات، جوية أو بحرية أو صاروخية أو إرهابية، من جهات أخرى. ولذلك، كنّا في ذروة الاستعداد لمواجهة مثل تلك الأخطار. لهذا السبب، كنّا نحتفظ بأعداد محدودة من القوات البرية، في الجزءَين، الشمالي والشرقي من المملكة. ولم يكن يتصور أحد أن العراق قد يغزو المملكة، أو أن تصبح الكويت، تلك الدولة الصغيرة الصديقة مَعْبَراً للعدوان على حدودنا، بعد احتلال العراق لها.

 

تغيَّر الوضع، بعد العدوان العراقي على الكويت. وأصبح قادتنا يستشعرون الخطر المحدِق بالبلاد، والاحتمالات القائمة، وقتها؛ ومن ثمَّ، كان القرار التاريخي، الذي اتخذه القائد الأعلى للقوات المسلحة، باستدعاء القوات الشقيقة والصديقة، لمشاركة القوات المسلحة السعودية في دفاعها عن الوطن، كمرحلة أولى، والإسهام في تحرير دولة الكويت، كمرحلة ثانية. وخلال الاستعداد لمعركة التحرير، طرأ العديد من إجراءات التطوير، واستكمال التسليح، وتشكيل الوحدات القتالية ووحدات الإسناد اللازمة. ودارت معركة الخفجي، التي أظهرت معدن الجندي السعودي الأصيل، وشجاعته وأداءه، إنْ أُحْسِن تعليمه وتدريبه وتسليحه. ثم أعقبها عمليات التحرير، التي حققت أهدافها، بأقلّ خسائر عرفتها الحرب الحديثة، سواء في قواتنا أو في القوات العراقية.

 

س5:    قرأنا لكم، وسمِعنا منكم، يا صاحب السموّ، أن من أبرز نتائج الحرب الاتجاه إلى تطوير قواتنا المسلحة وتحديثها. فما الذي تَعتزِمُون عمله، في هذا المجال، وخاصة بعد تسلّمكم المنصب الجديد؟

ج5:     التطوير والتحديث عمليتان مستمرتان استمرار الحياة، ولا تتوقفان؛ ولا ينهض بهما فرد واحد؛ وإنما يضطلع بهما نظام متكامل، بجهد مسؤوليه، في جميع المستويات، وفي مقدمهم سموّ سيدي النائب الثاني. سأحاول، من جانبي، أن أكون عاملاً مساعداً على تنفيذ خطط التطوير، التي أقرها أو يقررها سموّ سيدي؛ وأن أضع كل إمكاناتي، أو أي خبرة اكتسبتها، في خدمة القوات المسلحة.

 

س6:    يا صاحب السموّ، إن وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع والطيران، وغيرهما من الوزارات ـ هي، كما نعلم، كيان واحد، يسعى إلى تحقيق العدل والسلام وحُسن الجوار. فكيف تلقّى سموّكم الكريم خبر الاتفاقية الحدودية، مع دولة قطَر الشقيقة؟

ج6:     إن أي مواطن غيور على مصلحة بلاده، ومصلحة إخوانه، ومصالح الدول العربية والإسلامية، يسعد سعادة حقيقية، حينما يجد المشاكل الحدودية تُحلّ بين الدول، في سلام وعقلانية، وبالمفاوضات البنّاءة، الرامية إلى الحلّ، وليس إلى التعقيد. ولننظر إلى الحدود في معظم الدول الأوروبية، نجدها في طريقها إلى الزوال، بل أصبحت مناطق جذبٍ سياحية، بعيدة كل البعد عن التوتر؛ على الرغم من تبايُن الثقافة واللغة والعادات والتاريخ، بين هذه الدول. فما بال الدول، التي يجمعها تاريخ واحد، وثقافة واحدة، وحضارة واحدة، ولغة واحدة، ودين واحد! من المؤكد أن الفرحة كانت كبيرة، عند توقيع الاتفاقيات الأمنية مع اليمن، أو مع قطَر، أو مع الكويت؛ لأن لها كلَّ الحقوق: حق الجار، وحق الإسلام، وحق العروبة والأخوّة.

 

س7:    ندرك جيداً مواكبة وزارة الدفاع والطيران لكلِّ جديد مفيد، ولكلِّ رأي سديد. فهل نرى، قريباً، تدريبات مشتركة، داخل البلاد، بين قواتنا وقوات بعض الدول، الشقيقة والصديقة؟

ج7:     إن التدريبات المشتركة، وهي أرقى وسائل التدريب، وتؤدي رفْع الكفاءة القتالية ـ هي من الأهمية بمكان، ويجب أن يُولِيها القادة جلّ اهتمامهم. وتُجرى ـ ولله الحمد ـ هذه التدريبات، ولا سيما تلك الجوية والبحرية، بين القوات المسلحة السعودية والقوات المسلحة لعدة دول، عربية وإسلامية وصديقة. ومِصْداق ذلك، التدريبات الجوية المشتركة، التي بدأت في الخامس من صفر 1422هـ، واستمرت عدة أيام، وحملت اسم "فيصل2"، بين القوات الجوية المصرية ونظيرتها السعودية، بهدف تبادل الخبرات، وصقل المهارات وتوحيد المفاهيم. ولا يوجد ما يمنع من تنفيذ التدريبات المشتركة البرية؛ فهي تزيد من الخبرة القتالية، في جميع المستويات القيادية.

 

س8:    تحرص دولتنا ـ حرسها الله ـ على تأمين سُبُل السلامة والوقاية، لجميع أبنائها، العسكريين والمدنيين. فما الخطط، التي تنوي وزارة الدفاع والطيران اتخاذها، للحماية من التهديد بأسلحة الدمار الشامل؟ 

ج8:     إن الخطط العسكرية، ونوايا القوات المسلحة، كما تعلم، لهما درجة سرية خاصة. لذا، تحرص الاستخبارات المعادية، عادة، على اختراق الأنظمة العسكرية، لمعرفة تلك الخطط والنوايا. إن خصائص الأسلحة والمعدات، أصبحت لا تتمتع بأي درجة من درجات السّرية، في الوقت الحالي؛ فالمعارض الدولية تزخر بالأسلحة، التي تُباع وتُشترى، أمام بصر الجميع وسمعهم؛ بل إن كلَّ صانع يروّج بضاعته، حتى غدت أعداد الأسلحة، التي تمتلكها الدول، معروفة وتمتلئ بأخبارها المجلات المتخصصة بالشؤون الدفاعية. قد تكون الأعداد المنشورة غير دقيقة، ولكنها أقرب ما يكون إلى الحقيقة. وأستطيع القول، إن القوات المسلحة السعودية لديها التنظيمات، القادرة على تنفيذ مهام الوقاية من أسلحة الدمار الشامل، تعاونها أجهزة الدولة، كلٌّ فيما يخصه.

 

س9:    ذكَرتم، يا صحاب السموّ، في بعض المناسبات، أن من نتائج "عاصفة الصحراء" حتمية تطوير أنظمة الخدمة العسكرية وتحديثها، مثل نظام خدمة الضباط، ونظام خدمة الأفراد، ونظام العقوبات. أمَا زال هذا رأيكم؟ وهل هناك خطط لتطوير تلك الأنظمة؟

ج9:     في الحقيقة، إن تطوير الأنظمة وتحديثها، هو أحد المطالب الرئيسية، قبْل "عاصفة الصحراء" وبعدها. وقد يكون خوض حرب، هو أحد الدوافع الرئيسية للتعجيل بالتطوير. والتطوير والتحديث هما سنَّتان لا تتوقفان. والأنظمة التي وُضعت عام 1397هـ، ربما لا تفي بمتطلبات عام 1423هـ؛ فالظروف مختلفة، ومستوى التعليم مختلف، والتقدم التقني مختلف، والبِنَى الأساسية، في جميع المجالات، مختلفة. وكل أولئك، يفرض ضرورة مراجعة كافة الأنظمة، وليس أنظمة الخدمة فقط، وتطويرها وتحديثها. وعلينا أن نعترف، أن الكمال لله وحده. لذا، فإن التحسين والتطوير والتحديث، هي مهام القائد الأساسية؛ ومَنْ لا يُطَوِّر ولا يَتَطَوّر، يتوقف ويتخلّف.

 

س10:  هل هناك توجُّه لربْط قطاعات كلِّ قوة من القوات المسلحة على حِدة، ثم ربْط القوات المسلحة كِّلها بشبكة الحاسب الآلي، وخاصة في مجالات التدريب والتموين؟

ج10:   ربْط الوحدات أو الأفرع بشبكة من الحاسب الآلي، أمر ضروري، في الوقت الحالي، شريطة الالتزام بالضوابط الأمنية. فضلاً عن أن الربْط يجرى لأغراض عدة؛ فهناك ربْط في مجال القيادة والسيطرة، وربْط آخر في مجال شؤون الضباط وشؤون الأفراد، وثمة ربْط في مجال الإمدادات والتموين. والقوات المسلحة تعمل على الاستفادة القصوى، في مجال التقدم التكنولوجي؛ وقادتنا لا يَأْلُون جهداً في تزويدها بكلِّ ما يحقق تقدُّمها وتطورُّها.

 

س11: بما أننا تطرقنا إلى الحاسب الآلي، فإنه لا يخفى على سموّكم أهميته ودَوره، في توفير الوقت والجهد؛ إلاّ أن بعض مستخدِميه غير المتخصصين، يفتقدون التأهيل الفني. فهل هناك خطة، لتطوير الجهات الأكاديمية الخاصة بالحاسب، في قواتنا المسلحة، لتدريب أكبر عدد ممكِن، أو وضْع جهات متخصصة، في كل معهد ومدرسة، من معاهد القوات المسلحة ومدارسها؟

ج11:   أولاً: يجب أن نكون متفقين على أن تأهيل الشخص المناسب للعمل المناسب، هو مسؤولية القائد، ومسؤولية الشخص نفسه، وخاصة إذا كان التأهيل متوافراً، داخل القوات المسلحة وخارجها. فما أكثر المعاهد والمدارس، التي تعلّم مواد الحاسب، في الفترات الصباحية والمسائية! فإذا كُلِّف شخص بوظيفة، تستدعي استخدام الحاسب الآلي، وهو لا يُحْسن استخدامه، أو ليس مؤهلاً للعمل عليه؛ فهذا خطأ القائد، الذي أمر بتعيينه. والمفترض أن لكلِّ وظيفة مواصفات لشاغلها، ولا تُعْهَد إلاّ إلى من استوفى شروطها.

ثانياً: في خصوص خطة لتطوير الجهات الأكاديمية المتخصصة بالحاسب، في القوات المسلحة، فإنه لا توجد جهات أكاديمية متخصصة بتعليم علوم الحاسب فقط؛ ولكن تعليم الحاسب هو أحد الأنشطة التعليمية، في كلِّ كلية أو معهد أو مدرسة. ولا تنسَ أن معظم أنظمة الأسلحة والمعدات، تحتوي على أنواع مختلفة من الحواسب؛ ولا بدّ لمستخدِمي الأسلحة من المهارة في تشغيل تلك الأجهزة.

 

س12:  يمثّل الإعلام والصحافة، والعلاقات العامة، ركيزةً مهمةً في ثقافة المجتمع، ونقْلها إلى الآخرين. إلاّ أن الملاحَظ، هو افتقار جرائدنا اليومية إلى زاوية، يختص بها كاتب عسكري، أو متخصِّص بالشؤون العسكرية للقوات المسلحة؛ فضلاً عن افتقادها مقابلات إعلامية، مع منسوبي القوات المسلحة، إلاّ في ظروف خاصة. فهل هناك اتجاه إعلامي، يتلافى هذا الواقع، في القريب العاجل؟ وهل سنرى أسبوعاً سنوياً للقوات المسلحة، على غرار "أسابيع المساجد والمرور" وغيرهما؟

ج12:   لا أظن أنه يوجد في أي مطبوعة، يومية أو أسبوعية، زاوية مخصصة لكاتب عسكري. وما نقرأه، ليس إلاّ تحليلات عسكرية، أو سياسية عسكرية، لكتّاب مدنيين أو عسكريين، أغْلبهم من المتقاعدين. وإدارة الشؤون العامة تؤدي مهامها الإعلامية خير أداء. ولا أعتقد أن فكرة الأسابيع السنوية، تلائم القوات المسلحة.

 

س13:  ماذا تعني لسموّكم الكريم: "عاصفة الصحراء"، المنصب، الوساطة، التقاعد، "كلية الملك عبدالعزيز الحربية"؟

ج13:   "عاصفة الصحراء"، تعني الكثير:

·   القرار التاريخي للقائد الأعلى للقوات المسلحة.

·   مساندة سيدي صاحب السموّ الملكي وليّ العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني.

·   التخطيط الواعي المدروس، من سيدي صاحب السموّ الملكي النائب الثاني ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام؛ والصلاحيات التي مُنِحَتْها قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات.

·   مشاركة قوات من الحرس الوطني السعودي القوات المسلحة، في أشرف وأعظم تلاحم وتضحية في سبيل الوطن الغالي.

·   أصالة الجندي السعودي.

·   ثقة قوات مسلحة من 25 دولة بالقيادة السعودية، وتفضيلها العمل تحت مظلّتها، وليس تحت مظلّة القيادة الأمريكية.

·   إيثار الشعب السعودي، وأجهزته الحكومية، وقطاعه الخاص، أشقاءه من دولة الكويت، وتسخير إمكانات الدولة لهم، حتى عادت الحرية إليهم، والشرعية إلى حكومتهم.

·   شكر المملكة وتقديرها لكلِّ مَن لبّى دعوة خادم الحرمين الشريفين، وأسهم في الدفاع عن أراضيها، وطرْد المعتدي من دولة الكويت.

·   تعني الشكر لله وحده؛ لنصره وحفْظه بلد الحرميْن الشريفين.

 

المنصب: تكليف ومسؤولية، وأمانة سيُحاسب المرء عليها، يوم القيامة. وهو الوسيلة، التي يُرَدّ بها جميل هذا البلد الأمين.

الوساطة: سلاح العاجز، الذي يستبيح حقاً، ليس جديراً به.

التقاعد: سنَّة الحياة؛ فالمنصب لا يدوم؛ والدوام لله وحده. وعلى العاقل أن يختار الوقت الملائم لتقاعده. والتقاعد لا يعني انتهاء الدور، إنما يعني مهامَّ أخرى، في مجالات أخرى، ولو خاصة؛ أو استمتاعاً بما تبقّى من عمرٍ، في ما يرضي الخالق ـ عزّ وجلّ.

كلية الملك عبدالعزيز الحربية: كلية عريقة. مصنع للرجال. الانضباط والعلم هما قوام عملها. والشجاعة والإقدام، والاستقامة والأمانة، من صفات خرِّيجِيها.

 

س14:  ما مدى رضا سموّكم عن المستوى الإعلامي الصحفي، الذي وصلت إليه المجلات والدوريات المتخصصة، في القوات المسلحة؟ وما توجيهكم للقائمين عليها؟

ج14:   لا بأس، فالمستوى ـ بوجه عام ـ جيد. وهناك جهود حقيقة، يبذلها القائمون على تلك الدوريات، للارتقاء بها. ما أودّ أن أقوله لهم، إن إرضاء القارئ غاية، يصعب الوصول إليها، إلاّ باحترام عقْله وذكائه، وعدم التقليل مِن وعيه وقدراته. وعلى مَن يكتب، أو يقدِّم مادة مقروءة، أن يتحرى الصدق ويلتزمه، ويراعي الأمانة والموضوعية والاعتدال؛ وأن يكون أسلوبه سهلاً، سلِساً، واضحاً. ومن الأهمية بمكان استقطاب الكتّاب المتخصصين، المشهود لهم بالكفاءة، وتشجيعهم على الكتابة، وإثراء الفكر العسكري.

 

س15:  صاحب السموّ، تعيش الأجيال الحاضرة توسعاً معرفياً، وانفتاحاً ثقافياً، عبْر القنوات الفضائية، من إنترنت وإذاعة وتلفاز. فما أثر ذلك الواقع الملموس في سرية العمل في الجهاز العسكري؟

ج15:   قلت آنفاً، إن أعداد الأسلحة والمُعدات وخصائصهما، أو حجم القوات، أصبحت غير سرية؛ إذ إن أنظمة الاستخبارات، تستطيع الحصول عليها بسهولة ويُسْـر؛ بل تساعد الدول، أحياناً، أجهزة الاستخبارات المعادية، من دون قصد، على معرفة المعلومات المختلفة. مثلاً: يمكِن مَن يتتبع حفلات التخرج في المعاهد والكليات العسكرية، ويعرف أعداد المُتَرَقِّين والمُحالين إلى التقاعد، ويشاهد الاستعراضات العسكرية المختلفة ـ أن يستنتج تشكيل القوات المسلحة، ولو استنتاجاً تقريبياً. أمّا ما يجب أن يُحاط بالسرية الكاملة، فهو: خطط التدريب؛ وخطط استخدام القوات؛ ومستوى الكفاءة القتالية للقوات المسلحة، واستعدادها القتالي؛ والأسلحة فوق التقليدية، وخاصة مواقعها وخطط عملياتها. وكذلك، مستويات الصيانة والإصلاح والإخلاء والاستعواض، فهي عوامل مهمة، يسعى العدو إلى معرفتها؛ لأنها تكون إمّا من مضاعِفات القدرة القتالية، أو عوائق أمام استمرار كفاءتها. والمعرفة الثقافية العسكرية مطلوبة للقارئ العادي، والباحث المتخصص، شرْط أن تقدَّم بأسلوب سهل، بعيد عن التعقيد، لا يمسّ أمْن القوات المسلحة.

 

س16:  يواكب هذا اللقاء فرحة سنوية كبرى، يشارك فيها القائد أبناءه الخريجين. فهل يتفضّل سموّكم الكريم بتوجيه كلمة إلى خرِّيجي الدورة التاسعة والخمسين، من طَلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية.

ج16:   أقول لهم: "أهنئكم بتخرجكم، ونَيْلكم شرف الخدمة في أشرف مجال، مجال التضحية بالنفس والنفيس، في سبيل الدين، ثم المليك والوطن. أهنئكم بانضمامكم إلى إخوانكم في القوات البرية، دماءً جديدة فَتيّة، تُضَخُّ في شرايينها. كونوا قوة دفْع مملوءة حيوية وحماساً. كونوا سنداً وقدوة. إن كلمة (ضابط) تعني، من وجهة نظري، أنه (قائد)، بصرف النظر عن رتبته وموقعه. أمامكم مسؤوليات عدة، فاضطلعوا بها؛ وأمانة، فاحملوها وأدّوها؛ ومهام، فنفّذوها. ضعوا مخافة الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمام أعينكم، في كلِّ قرار تتخذونه. حافظوا على السِّـرّية والأمن، في جميع الأوقات، وفي جميع المواقع. كونوا مثالاً يُحتذَى، في الانضباط العسكري والسلوك القويم. اعملوا على رفع المستوى، العلمي والثقافي، لكم ولمنسوبي وحداتكم. عليكم بالصدق في القول والعمل. كونوا القدوة الحسنة، في مجال عملكم، وفي محيط أُسَـركم ومجتمعكم، وحال ابتعاثكم إلى الخارج. الأمل معقود عليكم، يا قادة المستقبل، الأمل في حماستكم وجرأتكم واندفاعكم في أداء الواجب. تكاتفوا، وتعاونوا، واعملوا بجدٍّ وإخلاص. كونوا عند حُسن الظن بكم. والله معكم".

 

س17:  أَلسموّكم الكريم ما يُضِيفُه؟

ج18:   أتمنى لكلية الملك عبدالعزيز الحربية، كلَّ تقدم ورقيّ ورِفعة؛ وبُلوغها مصافّ الكليات العسكرية العالمية، علماً وانضباطاً، تدريباً وتقنية، لياقة بدنية، وكفاءة قتالية.

ــــــــــــــــــــــــ