إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلى مجلة "العاصمة"
يصدرها "معهد العاصمة النموذجي" بالرياض
السنة الثالثة، العدد الثاني، صفر 1422ـ مايو 2001

ــــــــــــــــــــــ

أجرى الحوار:
ناصر بن عبدالله الفركز، مقرر مجلس إدارة جمعية الخريجين

 

صاحب السموّ الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية، عضو مجلس إدارة جمعية خريجي المعهد، شخصية لها أبعاد عدة فسموّه عسكري متمرس يختزن خبرات وتجارب لا تقتصر على التحصيل الأكاديمي فحسب وإنما يتجاوز ذلك إلى الممارسة الميدانية على خطوط التماس وإداري متمكن يتخذ القرارات والإجراءات والمواقف برؤية مبصرة وفق المتطلبات الزمانية والمكانية. لا نود الإطالة ففي سياق الحوار مع سموّه يدرك القارئ الكثير من الجوانب الحيوية في شخصية ضيفنا الكريم.                                                                                   التحرير

العناوين الجانبية

* شخصية ذلكم الرجل العظيم، كان لها أثر بالغ في حياتي؛ فهو مَثلي الأعلى، والقدوة التي أقتدي بها، والنور الذي أهتدي به.

* الدول الغربية لن تتوانى في مساعدتنا إذا تعرّضت مصالحها الحيوية، في منطقتنا، للخطر.

* معهد العاصمة مؤسسة علمية رائدة، أسهمت في دعم الوطن بالقدرات والكفاءات، التي حملت مسؤولية البناء والتنمية في مملكتنا الحبيبة، بتوجيه من القيادة الرشيدة منذ ستين عاماً.

* اختيار المستقبل شأن من شؤون الأولاد أنفسهم.

* لا أرى مانعاً من إقامة كل ما يعمق العلاقات بين خريجي المعهد الواحد ؛ لما فيه من خير لهم، ولمعهدهم، الذي نهلوا منه العلم والتربية.

* باسترداد الرياض وضع الملك عبدالعزيز اللَّبنة الأولى في بناء الدولة.

*****

السؤال الأول

    صاحب السموّ، يُعدّ "معهد العاصمة النموذجي"، هو المحطة الأولى في رحلتكم العلمية. هلاّ عرّفتمونا ذكرياتكم الجميلة، وهواياتكم المفضلة، داخل أروقته؛ وذكرتم المعلمين، الذين تدينون لهم بالفضل ـ بعد الله ـ في تعليمكم وتوجيهكم.

 

إجابة السؤال الأول

ذكريات الطفولة، وذكريات الدراسة، تُعدّ من أمتع الذكريات في حياة الإنسان، لِما فيها من شقاء أو سعادة، ومن انطلاق بلا مسؤولية، ومن مرح بلا تحفظ.

أمّا من أدين لهم بالفضل ـ بعد فضل الله وكرمه ـ فهُم كُثُر. فمن يعلمني حرفاً، أَدِنْ له بالفضل؛ وليس هذا مقصوراً على فترة الدراسة وحدها، إنما يشمل حياتي كلها؛ لأن العلم والتعليم والتعلم، مشوار لا ينتهي إلاّ بنهاية عمر الإنسان. ولا أنسى، ما حييت، أساتذتي الذين علموني ووجهوني، ولا أستثني منهم أحداً.

السؤال الثاني

لا شك أن لوالدكم ـ حفظكما الله ـ صاحب السموّ الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، أثراً عميقاً وفعالاً في تكوين شخصيتكم العسكرية والإدارية.  نود من سموّكم الحديث عن مجمل تلك الصور المشرقة، وأثرها في حياتكم العلمية والعملية.

إجابة السؤال الثاني

من المؤكد أن شخصية ذلكم الرجل العظيم، كان لها أثر بالغ في حياتي؛ فهو مَثلي الأعلى، والقدوة التي أقتدي بها، والنور الذي أهتدي به. أدّى واجبه خير أداءٍ، تجاه تربيتنا وتنشئتنا؛ فقد علّمنا ووجّهنا وأدّبنا، غرس في نفوسنا الشعور بالمسؤولية، وحُبّ الوطن والتضحية في سبيله، وفضيلة الإيثار، والشجاعة في الرأي، والصدق في القول، والأمانة في العمل.

يصعب عليّ أن أحصر تأثيره في حياتي، العلمية والعملية، بكلمات محدودة؛ لأنه هو الحياة نفسها، بالنسبة إليّ، ولأن له كامل التأثير في كلِّ ما يصدر عنِّي، وهو وراء كل نجاح أحققه. أدعو الله أن يطيل عمره، ويحفظه من كلِّ شرٍّ، ويجعلني فداءً له.

السؤال الثالث

صاحب السموّ، للحياة العسكرية دور في إحداث نقلة في مسيرة الإنسان، وتغيير في نمط حياته وتفكيره، وخاصة في اتخاذ القرار العسكري، ممّن هو في مستوى مسؤولياتكم، السابقة واللاحقة.

نودّ من سموّكم الكريم أن تعرّفونا نوع التغيير وحجمه، الذي طرأ على حياتكم، الشخصية والعملية.

إجابة السؤال الثالث

أوافقك الرأي، على أن الحياة العسكرية تحدث نقلة في حياة الإنسان؛ فهي تنقله من مسلك الحياة المدنية المسترخية إلى نمط الحياة العسكرية الشاقة، التي لا بقاء فيها إلاّ للأصلح، المقتنع بهدف الجندية ومسؤوليتها، المقدِّر لثقل الأمانة الملقاة على عاتق من يتشرّف بها. تنقله من التردد في اتخاذ القرار إلى الحسم، بل الحسم السريع؛ فالحروب لا تحتمل تردداً، ولا انتظاراً. تنقله من التساهل، أحياناً، في المظهر الخارجي، إلى أعلى درجات الالتزام بالظهور في أفضل صورة ممكنة؛ لأن الفرد العسكري، هنا، لا يمثّل نفسه فقط، وإنما القوات المسلحة كذلك، التي شرّفته بارتداء زيِّها. تنقله من احتمالات التغاضي عن بعض مظاهر السلوك، إلى انضباط كامل في العمل والأداء، بل في كل صغيرة وكبيرة. فلا تهاون، ولا تكاسل، ولا تقاعس، وإنما ضبط للنفس، واستقامة، فضلاً عن القدرة على التفكير والتصرّف السديدَيْن في المواقف الحرجة. فقيادة الرجال في أرض المعركة، ليست بالأمر اليسير. والخلاصة، أن للعسكرية تأثيراً في الحياة كلِّها، مظهراً وجوهراً.

السؤال الرابع

الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، بعد الاحتلال العراقي الغادر لدولة الكويت، عام 1990، اضطلعتم بمسؤولية على قدر كبير من الدقة، إذ عُيّنتم قائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات.

كيف تعاملتم مع واقع حساس، انبثقت منه فتنة عمياء، تسبب بها النظام العراقي، وهدّدت الكيان الخليجي كله؟ وما الدروس المستفادة من تلك التجربة، العسكرية والسياسية، القاسية؟

إجابة السؤال الرابع

لقد شرحت ذلك كلَّه، في كتابي "مقاتل من الصحراء". وأهم ما ذكرته، في هذا المجال، أن واجباتي، قائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات، كانت تشتمل، فعلاً، على مناطق مسؤولية أربع:

الأولى: مسؤولية عسكرية، تجاه القوات التي شرُفْت بقيادتها.

الثانية: مسؤولية الإمداد والتموين، تجاه قوات من سبع وثلاثين دولة، ناهزت 800 ألف مقاتل.

الثالثة: مسؤولية سياسية ـ عسكرية؛ إذ كان علينا، كقيادة عسكرية، تنفيذ القرارات السياسية وبلورتها، بالتطبيق العسكري السليم، والأسلوب الذي تقْبله القوات المتعددة، مُراعين القيود السياسية، وعلاقة كل دولة بالدول الأخرى.

الرابعة: مسؤولية وطنية، قوامها المحافظة على استقلال المملكة وهيبتها وكرامتها؛ فضلاً عن صَوْن عقيدتنا، واحترام ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا.

وقد أمكن ـ بفضل الله ـ ثم بفضل قيادتنا، السياسية والعسكرية، الرشيدة، تحرير دولة الكويت، بأقلّ خسائر بشرية، عرفتها المعارك الحديثة.

أمّا الدروس المستفادة من هذه الحرب، فهي عديدة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. وقد أوجزتها في الفصل الرابع والعشرين من كتابي.

* كان أوّل الدروس المُستفادة من حرب الخليج، هو ألاّ ننظر إلى الغزو العراقي على أنه أنموذج للتهديدات، التي يمكن أن نواجهها مســتقبلاً. وألاَّ ننظر إلى حرب الخليج على أنها أنموذج لحل الأزمات، التي قد نتعرَّض لها؛ إذ إن تلك الأزمة، والحرب التي أسفرت عنها، حَكَمَتْـها ظروف خاصة؛ وتكرارها، في المستقبل المنظور، أمر بعيد الاحتمال.

* والدرس الثاني، الذي يجب أن نعِيَه جيداً، هو أن الدول الغربية، لن تتوانى في مساعدتنا، إذا تعرّضت مصالحها الحيوية، في منطقتنا، للخطر. أمّا إذا كان الخطر الذي نواجِـهه، لا يهدِّد تلك المصالح، فعلينا أن نعتمد في مواجهته ـ بعد الله ـ على أنفسنا فقط.

* والدرس الثالث، هو أن العلاقة بين السياسة والحرب علاقة وثيقة؛ فالنصر أو الهزيمة في الحرب، رهينان بنجاح السياسة أو فشلها.

* والدرس الرابع، هو أنه لا يمكن خوض حرب، من دون أن تؤخذ مصالح المجتمع الدولي في الحسبان؛ فقد يتوقف النصر أو الهزيمة، على تأييد المجتمع العالمي لطرف دون آخر. لذا، لا بدّ أن يحرص القادة السياسيون على كسب التأييد الدولي، وإقناع الرأي العام العالمي بعدالة قضيتهم، قبْل أن يفكروا في العمليات العسكرية.

* أمّا دور أجهزة الاستخبارات، فهو درس آخر، تعلّمناه من الأزمة. فعلينا، حتى لا نؤخذ على غرَّة، مرة أخرى، أن نخصِّـص موارد أكثر وإمكانات أكبر لدراسة قدرات جيراننا وفهْم نواياهم، العرب منهم وغير العرب على حدٍّ سواء؛ وهو ما كان ماو تسي تونج قد تعلّمه، وأجاد استخلاصه، بقوله: "اعرف نفسك، واعرف عدوك، يتحقق لك في كل مائة معركة مائة انتصار".

* درس آخر، تمخضت به تلك الحرب، ألا وهو الأهمية القصوى للإمداد والتموين، في الحرب الحديثة. إذ لا يمكن، في حال من الأحوال، التخطيط للعمليات العسكرية أو تنفيذها، من دون نظام للإمداد والتموين، يكون فعالاً، قبْل المعركة وبعدها؛ فضلاً عن كفاءته خلالها. وعلى كل دولة معرَّضة لخطر خارجي، أن تحتفظ بمخزون حرب احتياطي من الاحتياجات.

* كما برز دَور القوة الجوية، وتأثير الأسلحة الذكية والدقيقة التوجيه، والإسهام الحيوي لمعدات الحرب الإلكترونية في مضاعفة القدرة القتالية، إنْ أُحسن استخدامها. فلا يمكن أن تُشَنَّ حرب حديثة، من دون غطاء جوي. وأضحت السيادة الجوية، في المراحل الأولى من الحرب، أمراً بالغ الأهمية.

* ومن أهم الدروس المستفادة، هو الدَّور الكبير، الذي تنهض به الحرب النفسية، إذا أُديرت على نحو مُتْقَن، وأهميتها البالغة في إحباط الروح المعنوية للقوات المقاتلة المعادية؛ فالروح المعنوية عامل حيوي، يحسم المعركة، حتى قبل أن تبدأ.

* أخيراً، أهمية التفاعل بين مقومات ثلاثة لتحقيق النصر، هي: القيادة والانضباط والتدريب. وهي ما أطلقتُ عليه "ثلاثية النصر" أو "مثلَّث النصر". ولا بد أن تَحْـظَى كلُّها بالاهتمام نفسه؛ وإنْ كانت القيادة أهمها جميعاً؛ إذ يعتمد عليها العنصران الآخران. وهنا، تظهر أهمية بناء جيش محترِف، يتمتع بخفة الحركة، ودرجة عالية من التدريب.

السؤال الخامس

أسّس القائد الفذّ، الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أثناء معركة التوحيد الخالدة، مدرسة عسكرية، عرفت أدق فنون الحرب وأساليب القتال.

ألا يرى سموّكم الكريم، أن من الأهمية بمكان تدريس تجربة الملك عبدالعزيز العسكرية، في الكليات العسكرية، في بلادنا؛ لترسيخ روح الانتماء في نفوس أبنائنا إلى مرحلة مهمة من تاريخ وطنهم المجيد؟

إجابة السؤال الخامس

نعم، اتفق معك تماماً، فتجربة هذا القائد المحنك، تُعَدّ تجربة فريدة في نوعها. وقد كان لي شرف الاشتراك ببحث، ضمن الندوة، التي عقدها معهد القوات المشتركة الملكية للدراسات الدفاعية، في بريطانيا؛ عنوانه "الملك عبدالعزيز، إستراتيجي في بناء التحالفات، وتكتيكي في خوْض المعارك". وكان مما خلصت إليه في هذا البحث، أنه لمعرفة قدر هذا الرجل، علينا أن نستعيد طبيعة مسرح شبه الجزيرة العربية، قبْل عام 1902، ونقارنه بما أصبح عليه عام 1953، يوم أن رحل عنّا، بعد تحقيقه أهدافاً تحاكي المعجزات. وحاولت أن أسرد، باختصار، أهم إنجازاته الإستراتيجية في نصف قرن من الزمن، مثــــل:

* باسترداده الرياض، وضع الملك عبدالعزيز اللَّبِنة الأولى في بناء الدولة.

* نجح في توحيد نجْد وما جاورها، ثم تمكّن من توحيد نجْد مع عسير وتهامة.

* أسّس الهِجر، ونقل المجتمع في قلب شبه الجزيرة، من بداوة مغرقة في الجهل، إلى بيئة مستقرة قابلة للتطور.

* دخل مكة المكرمة، عام 1924، وفي العام التالي، وحّد الحجاز.

* أرسى دعائم الدولة الحديثة.

* بسط الأمن والاستقرار.

* طوَّر المجتمع، ووصل بتجربة التوطين إلى قمة النجاح.

* ارتقى بأساليب الزراعة والتعدين والصناعة.

* بنى سياسته الخارجية على توازنات دقيقة بين مختلف المعطيات، المحلية والإقليمية والدولية. وكانت سياسته الخارجية، في رأيي، تعتمد على الحصول على الممكن، في الحاضر، تحقيقاً لما يبدو أنه مستحيل في المستقبل؛ وهذا هو التفكير الإستراتيجي الصحيح.

* سعت سياسته الخارجية إلى عدم توريط المملكة، والمنطقة العربية، في الصراعات الدولية. واستمسك بها، على الرغم من الضغوط، العثمانية والبريطانية، عليه.

* نَأَى ببلده، وبالمقدسات الإسلامية، عن الصراعات العالمية؛ فتمتعت بلاده بالاستقرار والازدهار، في حين رزح بعض البلاد العربية تحت الهيمنة الأجنبية، واكتوى بعضها الآخر بنار الانقلابات العسكرية، وعدم الاستقرار.

أمّا التأريخ العسكري لمعاركه، فلم يأخذ حقّه، حتى الآن، من السرد والتحليل الواجبَيْن. لذا، فمن اهتماماتي، في الفترة المقبلة، التأريخ العسكري لهذه المعارك، وسردها وتحليلها، واستنتاج الدروس المستفادة منها، بأسلوب علمي صحيح. وبعدها، يمكن أن تُدرّس هذه المعارك في الكليات والمعاهد العسكرية.

السؤال السادس

صاحب السموّ، مؤلَّفكم الوثائقي، "مقاتل من الصحراء"، إضافة إلى نشاطكم في إلقاء العديد من المحاضرات العسكرية، في داخل المملكة وخارجها ـ هما ثروة من المعلومات. إلى أي مدى استفادت منها الكليات العسكرية، والكليات النظرية، في الجامعات السعودية؟

ألا توافقونني على ضرورة تدريسها في الكليات العسكرية، في المملكة، وبعض الكليات النظرية، في الجامعات السعودية الثماني؟

إجابة السؤال السادس

بداية، أودّ أن أوضح أن كتاب "مقاتل من الصحراء"، ينقسم إلى قسمَيْن رئيسيَّين. الأول، هو سيرة ذاتية، تحكي مشوار الحياة، في محطات رئيسية، حتى بداية غزو العراق لدولة الكويت. والجزء الثاني، كرسته لرواية أحداث الغزو وما تبعه، من استعدادات وإجراءات وعمليات عسكرية، حتى تحقق النصر ـ بفضل من الله. وأهم ما يميز هذا الكتاب، هو روايتي الأحداث بصدق وواقعية، واضعاً الأمور في نِصابها، ذاكراً لكلّ ذي فضل فضْله، غير ناكر مجهود مَن يستحق، ولا مخفٍ بطولة لِمَن هو جدير بها. كما أنني لم أكتفِ بسرد الأحداث والوقائع، بل اختتمته بفصل كامل، تناول "الدروس المستفادة والرؤية المستقبلية".

ومما لا شك فيه، أنه يحتوي من المادة العلمية، على ما يمكن أن يفيد دارسي الكليات والأكاديميات العسكرية، والدارسين في الكليات المدنية، على السواء. ويُدرس منه فصلان، في الوقت الحاضر، في كلية الحرب الجوية، في الولايات المتحدة الأمريكية، وهما الفصلان الرابع عشر والخامس عشر، المتعلقان بإدارة التحالف. كما أقر الكتاب كتاباً مرجعياً في جميع الأكاديميات والكليات العسكرية الأمريكية. ومن يريد التعمق أكثر وأكثر، عليه الرجوع إلى موسوعة "مقاتل من الصحراء"، التي أطلقتها على شبكة الإنترنت، في إصدارها الأول، في 27 فبراير 2000، وإصدارها الثاني، في 27 فبراير الماضي. وهي موسوعة "سياسية عسكرية وثائقية، وثقافية متنوعة".

وقد اشتمل القسم الثاني، من الموسوعة، على 6 آلاف صفحة، بعنوان "العراق والكويت، الجذور الغزو ... التحرير". وشمل هذا القسم تأريخ العلاقات بين العراق والكويت، منذ نشأة الدولتَيْن حتى الثاني من أغسطس 1990؛ والغزو العراقي لدولة الكويت، بكل تداعياته، السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ وكيفية إدارة الأزمة من قِبل أطرافها، المحلية والدولية؛ وتخطيط عمليتَي "درع الصحراء"، و"عاصفة الصحراء" وتنفيذهما. ثم استكمل التأريخ إلى ما بعد حرب تحرير الكويت، وما أسفر عنه من نتائج، سياسية واقتصادية وعسكرية، وترسيم للحدود، وردود فعل كلٍّ من العراق والكويت. واختُتم القسم بثلاثة موضوعات على قدر كبير من الأهمية: يوميات "من الأزمة إلى التحرير"؛ والبيانات العسكرية، التي صدرت عن قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات؛ وموسوعة مصغَّرة للأسلحة والمعدات، التي شاركت في حرب التحرير. وفي هذا القسم، أزيح الستار عن أسرار ووثائق، تنشر للمرة الأولى.

وفي القسم الأول من الموسوعة، تسجيل كامل للمقالات التي نشرتها، والمحاضرات التي ألقيتها داخل المملكة وخارجها، والتي بلغت خمس عشرة محاضرة. وبذلك، يكون الكتاب والموسوعة، قد شملا قدراً وافراً من المعرفة، التي من شأنها أن تفيد الباحث، العسكري والمدني، وقدّما معلومة صحيحة، ومباشرة، ودقيقة، ومختصرة.

السؤال السابع

معهد العاصمة مؤسسة علمية رائدة، أسهمت في دعم الوطن بالقدرات والكفاءات، التي حملت مسؤولية البناء والتنمية في مملكتنا الغالية، بتوجيه من القيادة الرشيدة ـ وفقها الله ـ منذ ستين عاماً. وشهد العقد الماضي تراجعاً، نجم عن أسباب كثيرة. وبدأ المعهد، منذ عام، يستعيد مكانته ودوره، تدريجياً، بتوجيه من صاحب السموّ الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ وجهود مجلس إدارة جمعية خريجي المعهد، برئاسة الأمير أحمد بن عبدالعزيز؛ والرغبة الملحّة من معالي وزير المعارف، الدكتور محمد بن أحمد الرشيد؛ لكي يحتل ذلك المعهد المكانة المتميزة بين المؤسسات التعليمية.

والسؤال يقول:

أ.   ما هي الخطوات الفعلية، التي ترَون، سموّكم، اتِّباعها، حتى يحتل المعهد مكانته المتميزة، ويحظى بخصوصيته، مراعاة لتاريخه المجيد؟

ب. يرى بعض خريجي المعهد، ضرورة تبنّي مجلس إدارة الجمعية إقامة احتفال باليوبيل الذهبي، في مناسبة مرور أكثر من خمسين عاماً على تأسيس المعهد.

ج. ما رأي سموّكم في إمكانية تطبيق تجارب تربوية مدروسة، في المعهد، يشارك في صياغتها خبرات تربوية، سعودية وعربية، متمرسة، تحاكي ما هو قائم في أعرق المؤسسات التعليمية المتخصصة، في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وتبتعد عن المناهج المحشوة بالمعلومات المكررة والموضوعات المعلّبة؛ ثُم تُعمم على بقية مدارس المملكة؟

إجابة السؤال السابع

أ. قبل أن أقترح أي خطوات، كي يحتل المعهد مكانته المتميزة، أبدأ بتحديد العناصر، التي إذا استطاع المعهد الاهتمام بها، جعلت منه معهداً متميزاً. هذه العناصر هي: المعلم، والطالب، والمنشآت والتجهيزات، والمناهج والمراجع، ونظُم الاختبارات والتقييم. وهي العناصر عينها المطلوبة لنجاح العملية التعليمية ككل. فإذا أراد المعهد أن تكون له مكانة مرموقة، تعيده إلى سابق عهده، فعليه الاهتمام بكافة العناصر. ولا يمكن تقوية عنصر على حساب عنصر آخر، أو إبراز أحدها، وتجاهل آخر؛ لأنها حلقات متصلة، في سلسلة واحدة؛ وقوة السلسلة، تُقاس بقوة أضعف حلقاتها. لذا، كان للحلقات جميعها الأهمية نفسها.

بعد هذه المقدمة، أعتقد أن الخطوات اللازمة، هي التخطيط الشامل للارتقاء بكل حلقة من حلقات التعليم؛ وتصنيف كلّ تقصير، في هذا المجال، خيانة للأمانة، لا تعادلها خيانة. فطالب اليوم هو قائد الغد؛ فأي مسؤولية هي أضخم من هذه المسؤولية! الخطوات معروفة، والأساليب واضحة، والمهم هو الرغبة في التطوير والإبداع، واستشعار عِظم المسؤولية، وجسامة الأمانة، تجاه حاضر شعب ومستقبل أمة.

ب. لا أرى مانعاً من إقامة كل ما يعمق العلاقات بين خريجي المعهد الواحد؛ لِما فيه من خير لهم، ولمعهدهم، الذي نهلوا منه العلم والتربية.

ج. رداً على هذه الجزئية، أتذكر ما قلته في مهرجان التفوق الثاني عشر، في المنطقة الشرقية: إذا أُحكِم التخطيط والإعداد للسياسة التعليمية، برئ النظام التعليمي من معوقاته وعثراته؛ وأثمر نابغين متفوقين مبدعين؛ ولم ينتج حافظين مردّدين، طالما نسوا ما تعلموه. فبالعلم والعمل، وحدهما، ترقى الأمم. لذا، فلا مانع عندي من إجراء مثل هذه التجارب، شريطة بدء التطبيق على فصل واحد، ثم التوسع، عند تأكد نجاح التجربة، التي توافق ظروفنا البيئية، وعقيدتنا ومبادئنا وتقاليدنا.

السؤال الثامن

سموّ الأمير، هل لديكم النية في توجيه أبنائكم للالتحاق بالكليات العسكرية؟ وسواء كان الجواب بالإيجاب أو النفي، ما الأسباب والمبررات، التي تدعوكم إلى ذلك؟

إجابة السؤال الثامن

اختيار المستقبل شأن من شؤون الأولاد أنفسهم؛ فقد ولدوا لزمن غير زماننا. ولا شك أن الالتحاق بالكليات العسكرية شرف، لا يدانيه شرف؛ لأن التضحية بالنفس هي أسمى مراتب الإيثار. لكن الرغبة والإحساس بحرية الاختيار وتحمّل تَبعاته، هما اللذان يدفعان الابن أو الابنة إلى النجاح والتفوق. ومصداق ذلك أن أكبر أبنائي هو خريج كلية العلوم الإدارية، قسم العلوم السياسية. ويدرس، الآن، لنيل درجة الماجستير؛ وهو مجال بعيد عن المجال العسكري، على الرغم من أنني كنت أتمنى أن يكون من العسكريين، الذين يقدمون أرواحهم فداءً للدين، ثم المليك والوطن. ولأن أبناءنا خلقوا لزمان غير زماننا، كان من حقهم علينا ألاّ نفرض عليهم ميولنا أو رغباتنا، وأن ندعهم يرَون الحياة بعيونهم هم، وليس بعيوننا نحن. لذلك، لا أعفي نفسي من مسؤولية الأبوة، في التوجيه والنصح والإرشاد؛ ولكن لا أدع الأمر، عادة، يتجاوز ذلك إلى فرض الرأي أو الإكراه.

ـــــــــــــــــــ