إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / الأحاديث الصحفية، التي أدلى بها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى:




مجلة المجالس، العدد 1338
مجلة الصقور
مجلة كلية الملك عبدالعزيز/42
الأمير و الجنود السعوديون
الأمير مع الأمير سلطان
الأمير مع خادم الحرمين
الأمير يهدي كتابه إلى السفير
الأمير خالد مع الشيخ جابر
الأمير خالد مع شوارتزكوف
الأمير في مسرح العمليات
الملك فهد يتفقد القوات
الملك فهد في حفر الباطن
حديث إلى مجلة الحوادث
حديث إلى مجلة كلية الملك عبدالغزيز
سمو الأمير خالد بن سلطان
صورة من مجلة المجالس
صورة من مجلة الرجل
صورة للأمير من مجلة الرجل
صورة للأمير خالد في مجلة الرجل
صورة للأمير، من مجلة الرجل
صورة لسفينة حربية سعودية
غلاف مجلة أكتوبر
غلاف مجلة الحوادث
غلاف مجلة الرجل
غلاف مجلة كلية الملك عبدالعزيز





حديث

إلى جريدة "عُكاظ"

الرياض، المملكة العربية السعودية

15 صفر 1427، الموافق 15 مارس 2006

ــــــــــــــــــــــــ

 

السؤال الأول

حملتم، يا سموّ الأمير، رسائل من خادم الحرمَيْن الشريفَيْن إلى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في شأن قوة "درع الجزيرة"، وأُدرج هذا الموضوع ضمن أعمال المجلس الأعلى، الذي وافق، بالإجماع، على ما طرحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز. نودّ أن تلقوا الضوء على هذا الموضوع.

الإجابــة

شَـرَّفَنِي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن بحمل اقتراح تطوير قوة "درع الجزيرة"، حتى تصبح قوة ذات فاعلية قتالية، قادرة على مواجهة أيّ شكلٍ من العدائيات المحتملة، سواء من جهة حجمها، أو خفة حركتها، أو قوة نيرانها. ويحرص هذا الاقتراح على زيادة القدرة القتالية لقوة مشتركة، تستطيع مواجهة التهديد، في مراحله الأولى؛ فضلاً عن احتفاظ كلّ دولة بقوات ذات حجم كافٍ، واستعداد قتالي عالٍ، تحقق استقرار الدولة وأمنها. ولقد استحسن القادة كافة هذا الاقتراح، وأيدوا عرضه، ووافقوا على بدء الخطوات اللازمة لتنفيذه ـ بمشيئة الله.

ــــــــــــــ

السؤال الثاني

ألا يرى سموّكم أن هذا الطرح يقلل من فرص تطوير قوة "درع الجزيرة"، و يدعو إلى إلغاء رمز رافق المجلس، منذ إنشائه، وأكّد وحدة دولِه؟

الإجابــة

من المعلوم أن اتفاقية الدفاع المشترك، في مادتها السادسة، تنص على التزام الدول الأعضاء بتطوير قوة "درع الجزيرة"، وفقاً لإمكانية كلّ منها، بما يخدم دورها في مفهوم الدفاع المشترك عن دول المجلس. ومن يطلع على المشروع، الذي أقره المجلس الأعلى، يدرك أنه يستهدف تطوير هذه القوة، وزيادة فاعليتها.

ولكن، هل الوحدة بين الدول، تتحقق فقط باجتماع وحدات من قواتها المسلحة في صعيد واحد، على الرغم من اختلافها في التسليح والتنظيم والتدريب؟ وهل الوحدة الأوروبية، مثلاً، اعتمدت على رمز "القوة المسلحة" تأكيداً لوحدتها؟ إن للوحدة ـ كما لا يخفى على أحد ـ معايير أخرى: سياسية واقتصادية واجتماعية، تقترن اقتراناً وثيقاً بالمعايير العسكرية.

ــــــــــــــ

السؤال الثالث

شهدت عدة مناطق في العالم، مؤخراً، عدداً من العمليات الإرهابية أو التخريبية. ما الوسائل، التي يراها سموّكم، للقضاء على ظاهرة الإرهاب والتخريب؟

الإجابــة

من المهم، قبل التحدث عن الأساليب الفاعلة للقضاء على هذه العمليات، أن نحدد الأسباب الحقيقية لها، والتي لم تسلم منها دولة؛ على الرغم من أن المملكة، كانت من الدول الأُولى، التي حذرت من مغبة التهاون في مواجهتها.

من المؤكد، أن الإرهاب تخريب وإفساد في الأرض، وضعف في الرأي، وعجز في الفكر، وعدم قدرة على مواجهة الحجة بالحجة، والرأي بالرأي، وعدم قبول الآخر. هذا ما أقره علماؤنا الأفاضل في كلّ مناسبة، وأكدته قيادتنا الرشيدة.

فمحاربته في المستوى الدولي، تكون بمحاصرة مصادر تمويله، وسدّ كلّ منافذ قوّته المادية؛ واعتماد المواجهة الدولية الجماعية ضده، تحت مظلة الأمم المتحدة؛ ومراعاة احترام القرارات وتنفيذها، من دون إبطاء، ولا محاباة؛ مع سعي الدول إلى تطهير أراضيها من الإرهابيين، وتدمير مراكز تدريبهم، والامتناع عن منحهم حق اللجوء السياسي، تحت أيّ شعار، حتى لو اضطرها ذلك إلى تغيير بعض قوانينها.

أمّا في المستوى المحلي، فمحاربته تتطلب تنفيذ الخطوات الضرورية التالية:

أولاً: تشكيل لجنة عالية المستوى، تدرس دراسة جادة، وفي وقت محدود، ما تداوله المفكرون والمحللون والخبراء، من أقوال وآراء وأسباب، وبخاصة تلك المتعلقة بجذور الإرهاب والعنف وأسبابهما، في الدولة؛ لتخلص إلى أهداف محددة، يمكن تحقيقها، وإستراتيجية واضحة الخطوات للتنفيذ.

ثانياً: تكليف أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة: التعليمية والإدارية والأمنية، إعداد خططها للقضاء على هذه الظاهرة.

ثالثاً: تَولِّي المؤسسة الدينية، في كلِّ دولة، الحوار العلني الهادئ، العقلاني، المقنع بالدليل الشرعي، والمتسم بالوضوح والصراحة والمكاشفة والشفافية؛ وتفنيد الشبهات، التي يسوقها أئمة الإرهاب ومخططوه، الذين نجحوا في تجنيد المنفذين.

رابعاً: جَـمْع هذه الخطط، وعرْضِـها على القيادة السياسية للدولة، لتحديد أولويات التنفيذ، وأسلوب الرقابة والمحاسبة؛ ثُمّ تخصص لها الإمكانيات الملائمة، ليبدأ بعدها التنفيذ الجادّ.

والحمد لله، أن حكومتنا الرشيدة، أوْلت وتُوْلي هذه الظاهرة كلّ اهتمامها، ولا تزال النتائج الفاعلة تتحقق، يوماً بعد يوم. بل إنها تتيح الفرصة تلو الأخرى للعائدين إلى الحق، والتائبين من أعمالهم: التخريبية والإرهابية.

ولعلّ حلّ الصراعات الإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، سيسهم إلى حدٍّ بعيد في إخماد الإرهاب الدولي، أو على الأقل انتزاع إحدى ذرائعه الرئيسية.

وطالما نَبّهت بالكمون الحالي للخلايا الإرهابية، والتظاهر بتراجع عملياتها؛ وحذرت من أي انخداع به. ومصداق ذلك استهداف مصافي النفط، مؤخراً، وما أبداه رجال الأمن المخلصون من يقظة وشجاعة وتضحية.

ــــــــــــــ

السؤال الرابع

كيف تنظرون إلى العمليات الإرهابية؟ وبِمَ تُرْشِـدون؟؟

الإجابــة

لم تتجاوز الحلول والإجراءات المتخذة، حتى الآن، أعراض المشكلة؛ إذ لم تتعرض، فعلياً، لأسبابها الحقيقية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولم تتطرق الدول إلى سؤال بديهي: ما الذي يدفع شاباً إلى مثل هذا التطرف؟ فيَقْتل الآخرين، بقناعة تامة، ثم يزهق نفسه منتحراً! إن هؤلاء الشباب هم وسائل التنفيذ، فأين الأجهزة التي خططت ذلك، وأقنعتهم به؟ ولو طُرِحَ هذا السؤال، لأضحى أمام المسؤولين صنفان: المخططون والمنفذون، وكلٌّ منهما ينبغي مواجهته بأسلوب مختلف عن الآخر؛ فإذا نجحت الدولة في تحييد المنفذين، أحبطت خطط المخططين.

أقول لتلك الجماعات:

* ماذا جنى الإرهاب من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر2001، سوى الخراب والدمار واضطهاد المسلمين، في شتَّى بقاع الأرض!

* وماذا جنى من تفجيرات في دول عدة، سوى المصائب الكبرى، التي حلّت بكلِّ ما يمتّ إلى الإسلام بصِـلة في تلك الدول، وإيداع مئات الأبرياء السجون، وكراهية كلّ ما هو إسلامي!

إن هذه التفجيرات كلّها، لم تنفع المسلمين، وإنما أضرت بهم. ولم تنفع بلاد الإسلام، بل آذتها؛ في الوقت الذي نفعت فيه أعداء المسلمين، وكلّ مبغض لدينهم، ويسرت لأعدائه الذريعة تلو الذريعة، للتدخل السافر في الشؤون: العربية والإسلامية.

أقول في النهاية، لقد أجحفتم بالإسلام إجحافاً لم تستطعه، خلال أربعة عشر قرناً، دول ومنظمات عِدّة تعاديه، سراً وجهراً. فاتقوا الله في دينكم، وفي دُوَلِكُم، وفي أُمَّتِكُم الإسلامية، وفي أنفسكم؛ وتوبوا إلى الله.

ــــــــــــــ

السؤال الخامس

هل يرى سموّكم ضرورة للتجنيد الإجباري، بعد ما اكتنف المنطقة من أخطار وأعمال إرهابية؟

الإجابــة

تعتمد القوات المسلحة لأيّ دولة، عادة، على أحد نظامَيْن لإمدادها بالعناصر البشرية: إمّا نظام الالتحاق طوعاً بالخدمة العسكرية أو نظام مختلط من التطوع والتجنيد الإجباري لفترة محدودة. والغرض من كِلا النظامَيْن، هو "ضمان إمداد القوات المسلحة بالعناصر المطلوبة، لتحقيق الكفاءة القتالية، وأعلى درجات الاستعداد للدفاع عن أراضي الدولة وتحقيق أهدافها؛ وكذلك لضمان وجود نظام للاحتياطي، يكون مستعداً للإمداد، أثناء العمليات الحربية، سواء للاستعاضة أو لإنشاء وحدات جديدة، يتطلبها الموقف العسكري". إن اتّباع أيٍّ من النظامَيْن يتوقف على ظروف الدولة: السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية، وطبيعة الأخطار التي تتهددها.

وأمّا في المملكة، فإننا نطبق نظام الانخراط طوعاً في الخدمة العسكرية، والإقبال عليها قائم على أشدّه. وفي حالة تعديل هذا النظام أو تطويره، سيكون هناك ضوابط ومعايير واضحة، بما يُحقق الاستفادة القصوى من طاقات شبابنا الواعي، وإنشاء نظام احتياطي كفء وفَعَّال، لتحقيق أهداف قواتنا المسلحة؛ ومن ثَمَّ، أهداف المملكة.

وإنني لا أرى ارتباطاً مباشراً بين قرار التجنيد الإلزامي وما يحدق بالمنطقة، من اضطرابات سياسية أو إرهاب.

ــــــــــــــ

السؤال السادس

من وجهة نظر سموّكم، ما أهمية المملكة في النظام الإقليمي والعالمي؟

الإجابــة

أهمية المملكة، على الصعيدَيْن: الإقليمي والدولي، لا تخفى على أحد. فلها المنزلة الدينية الرفيعة، إذ يكفيها فخراً خدمتها للحرمَيْن الشريفَيْن. ولها الأهمية الاقتصادية، بما حباها الله من معادن طبيعية. ولها الأهمية السياسية، بما أنعم الله عليها من قادة، أبحروا ويبحرون بها، وسط العواصف والأمواج العاتية، بتؤدة وحنكة سياسية. ولها الأهمية الاجتماعية، بشعبها الأصيل، الذي نذر نفسه لخدمة دينه ووطنه، وكلّ ما يمس أمّته: العربية والإسلامية؛ والتاريخ خير شاهد على ذلك، فهو لا يكذب، ولا يتجمل.

ــــــــــــــ

السؤال السابع

كيف يُقَيِّم سموّكم علاقة المملكة بدول الغرب، بعد الأحداث الأخيرة؟

الإجابــة

إن علاقة المملكة بكلّ دول العالم، وليس الدول الغربية فقط، مبنية على الوضوح والأمانة والاحترام، بغض النظر عن الدين أو العِـرق أو الجنس. وتحاول أن تكون علاقاتها مرتكزة على المصالح المشتركة، والمصالح المتبادلة. وقد حاول الغرب، بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، أن يُدْخِل متغيرات جديدة في علاقته بالدول الإسلامية، ومن بينها المملكة. فحاول الحكم على تلك الدول كافة بالإرهاب، تمويله وإسناده والتستر عليه. وحاولت دول أخرى استبدال الإسلام بالعدو الشيوعي. ونظراً إلى ما تمثله المملكة، من ثقلٍ إسلامي بين الدول الإٍسلامية، فقد نالت الجزء الأكبر من الهجوم والافتراء عليها، على الرغم من أنها كانت من أُوَلِ الدول، التي دعت إلى محاربة الإرهاب، رافضة إيواء الإرهابيين في الدول الغربية، واحتضانهم بمنحهم اللجوء السياسي. وقد أثبتت الأيام صحة موقف المملكة، وقد نالها من أذى الإرهاب ما نالها. وهذا ما دعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإبقاء على علاقاتها الوثيقة بها. ودَعَّم ذلك زيارة خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حينما كان ولياً للعهد، للرئيس بوش، في مزرعة كراوفورد، في أبريل الماضي. وستظل المملكة في طريقها الصحيح، وعلاقاتها السَّـوية بدول العالم أجمع.

ــــــــــــــ

السؤال الثامن

الحرب الأخيرة على العراق، ما الذي أفرزته، عموماً، من تبعات على المنطقة، في تقدير سموّكم؟

الإجابــة

يتلخص ما نراه الآن على أرض الواقع في: تشابك أحداث؛ صراعات طائفية، وأخرى عرقية؛ حوادث عنف، وأخرى إرهابية؛ مسلسل مستمر من القتل والخطف؛ إساءة مستمرة، نتيجة لتلك الأفعال، إلى ديننا الحنيف؛ تدخلات من جميع الأطراف، شاركت أبناء العراق في قرارهم؛ والمصالح الشخصية، في معظم الأحوال، تغلب المصالح الوطنية.

لذا، فإن معرفة التبعات الحقيقية، التي نجمت عن الحرب على العراق، تحتاج إلى زمن طويل، حتى تستبين معالمها؛ لأن المسلسل لم ينتهِ بعد. ولا بدّ من الوقوف عند بعض الحقائق:

ـ شنِّ الحرب على العراق، كان قراراً أمريكياً خالصاً، اتخذته الإدارة الأمريكية، لأسباب تتعلق بإستراتيجيتها تجاه المنطقة والعالم، ومن دون تشاور مع أحد، إلاّ في الحدود اللازمة، التي تؤمن لها تنفيذ إرادتها وإنجاحها، وإضفاء الغطاءَيْن: الدولي والقانوني على حربها.

ـ لم يكن هذا القرار سوى حلقة في أزمة ممتدة، لم تنتهِ فصولها بعد. والحسنة الوحيدة لهذه الحرب هي إزالة الحكم الاستبدادي للرئيس السابق، صدام حسين. ولكن، هل تحقق الاستقرار، الذي كانت تنشده الولايات المتحدة الأمريكية؟ فالمبدأ المعروف يقول: من السهل أن تبدأ الحرب، ومن الصعب أن تنهيها؛ إذ إن بدايتها بيدك، ونهايتها بيد الآخرين، مَهْما كان ضعفهم.

ـ إن الولايات المتحدة، كما أعلنت غير مرة، تواجه صعوبات كبيرة على أرض الواقع. لذا، فإن فرصتَي نجاح الإستراتيجية الأمريكية أو فشلها متساويتان.

ـ إن فكرة هدم مؤسسات دولة قائمة، ومن أعرق الدول، وإعادة بنائها، كانت فكرة خاطئة، بكلّ المقاييس؛ وقد أقرت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بذلك.

ـ أكّدت الأحداث خطأ تجاهل القوى الفاعلة في المنطقة، أو تجاهل الدول المحيطة بالأزمة؛ وهذه من بديهيات "إدارة الأزمات".

وفي النهاية، لا يبدو، في المستقبل القريب، استقرار كامل، أمني واجتماعي، في العراق، سواء في ظل وجود قوات أجنبية على أرضه، أو حتى بعد رحيلها. أدعو الله أن يُجَـنّب أرض العراق وشعبه شرَّ التمزق والتشتت، والفُرقة والاختلاف.

ــــــــــــــ

السؤال التاسع

أساءت إحدى الصحف الدنماركية إلى نبينا ورسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ فاستثارت المظاهرات، وحفزت الدعوات إلى المقاطعة الاقتصادية بل الدبلوماسية كذلك. ما رأي سموّكم في ما جرى؟ وهل هو الأسلوب الناجع لمواجهة هذه الإساءة من تلك الجريدة؟

الإجابــة

لا أحد يقبل أن يُساء إلى الرسول، الرحمة المهداة إلى العالمين. ولا أحد يَرضَى أن يُمسّ بالقول أو الهمز أو اللمز. فالحديث النبوي واضح: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أَحَـبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. وللمسلمين الحقّ كلّ الحقّ في غضبهم وانتصارهم للنبي الكريم، بعد أن فاض بهم الكيل، وهم يرون التجرؤ عليه ممن لا يتجاسرون على الاقتراب مما يمسّ السامية أو المعتقدات الدينية للملل الأخرى. ولكن، ألا يلزم تحكيم العقل عند الغضب، وجَعْل رد الفعل بالقدر الذي لا يُطاولنا بسوء؛ وإنما يسمح لنا بتحقيق غايتنا انتصاراً لرسولنا؟!

وقد دعا علماء الأمّـة وعقلاؤها إلى: مقاطعة البضائع، شرط ألاّ ينتج من ذلك ضرر؛ والإصرار على سَـنّ القوانين الدولية، التي تُجرِّم إهانة الأديان، أو الإساءة إلى رموزها ومقدساتها؛ واستخدام الوسائل التكنولوجية في الردِّ الحضاري؛ وكذلك القنوات الدبلوماسية؛ وإقناع الحكومات الغربية، أن هذه الإساءات تؤدي إلى المزيد من الإرهاب والعنف، والانقسامات والفُرقة؛ وأن حرية التعبير، ليست حرية مطلقة لأحد من البشر، ولا تنتهك حريات الآخرين وخصوصياتهم، ولا تتجرأ على الأديان ومقدساتها ورموزها.

ــــــــــــــ

السؤال العاشر

نظراً إلى خبرتكم القتالية، هلاّ يحدثنا سموّكم عن أهم الأُسُـس، التي تستند إليها إدارة العمليات، وخاصة المشتركة، متعددة الجنسيات؟

الإجابــة

أهم محطتَيْن لاكتسابي خبرة: عسكرية وقيادية، هما قيادة قوات الدفاع الجوي، وقيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات، خلال حرب تحرير دولة الكويت الشقيقة. تعلمت منهما كثيراً واستفدت خلالهما في جميع المجالات، وإليهما تستند إدارة العمليات المشتركة، المتعددة الجنسيات. وأستطيع القول إن أكثر الأُسُس أهمية، يتمثل في:

أولاً: وحدة القيادة، لضمان وحدة المجهود، تحت قيادة قائد واحد مسؤول عن تحقيق الأهداف.

ثانياً: في عمليات القوات متعددة الجنسيات، يكون من المستحيل توحيد التسليح أو التنظيم أو التدريب أو العقائد القتالية، وإلاَّّ احتجنا إلى عدة سنوات. لذا، ينبغي تخصيص مناطق مسؤولية، وأهداف عملياتية مطلوب تحقيقها. ثم تُترك لكلِّ قائد حرية تنفيذ ما يُكَلَّفه من مهام، بصرف النظر عن المدرسة العسكرية، التي ينتمي إليها، أو التكتيكات التي يطبقها؛ ما دام يعمل ضمن الإطار العام لخطة العمليات المشتركة.

ثالثاً: أهمية الإعلام، وخاصة في مجال الحرب النفسية، وضرورة تدريب القادة العسكريين على التعامل الصحيح مع رجال الإعلام.

رابعاً: الحصول على التفوق المعلوماتي والمحافظة عليه.

خامساً: الحرص على تطبيق مبادئ الحرب المتعارف عليها، مَهْمَا تطورت أساليب الحرب الحديثة.

ــــــــــــــ

السؤال الحادي عشر

حضرتم دورة في معهد الدراسات البحرية في مونتري، في الولايات المتحدة الأمريكية، في الثمانينيات. ما أهمية الحماية البحرية لحدود الدولة، من وجهة نظر سموّكم؟ وكيف لنا أن ننشئ حصناً منيعاً لحماية حدودنا البحرية؟

الإجابـة

تستمد الحماية البحرية أهميتها من أنها لا تقتصر على استطلاع القوات البحرية المعادية ومراقبتها، والكشف عن نواياها البحرية؛ وإنما تسهم كذلك في مجالات، لا تقلّ أهمية عن المجال العسكري، مثل: منع تسرب المخدرات، وما تمثله من تدمير للعقول والهمم؛ ومنع تسلل المخربين والساعين إلى الإرهاب، وما يمثله ذلك من خطر داهم على أمننا الوطني؛ والتصدي للمواد الإعلامية الهابطة، التي تحث على الرذيلة، وتُبعد الشباب عن دينه القويم. لذا، فالحماية البحرية لا تقلّ أهمية عن نظيرتَيها: البرية والجوية. وعلى الجهود كافة، وزارة الدفاع والطيران، والحرس الوطني، ووزارة الداخلية، أن تتضافر على تحصين حدودنا البحرية، لتكون حصناً منيعاً أمام غزاة الوطن، وغزاة العقول، وتخريب أرضنا، وتدمير شبابنا. فضلاً عن ضرورة الحصول على أحدث الأجهزة للكشف والمتابعة، وعقد الاتفاقيات مع الدول ذات الاهتمام المشترك، في محاربة الإرهاب والسموم.

ــــــــــــــ

السؤال الثاني عشر

صاحب السموّ الملكي، تقلدتم مناصب عسكرية، حتى انتهيتم إلى مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية. فَلَيْتَكُم تحدثونا عن مهامكم الجديدة.

الإجابــة

أودّ أن أوضح أن مهمة من يتولى منصب "المساعد"، هي تنفيذ ما يأمره به قائده المباشر، وما يُوَجَّـه إلى أدائه. ويُكَلَّف، غالباً، بمجال عملٍ محدد. لذا، فسيدي صاحب السموّ الملكي وليّ العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام هو، إذاً، مَن يُحَـدِّد لي الواجبات والمسؤوليات والمجالات ذات الاهتمام المباشر. وفي الوقت نفسه، يمنح الصلاحيات، التي تمكنني من إنجاز ما يُعْهَد إليّ به. والشؤون العسكرية، تشمل مجالات عديدة، من إدارة، وعمليات، وتدريب، واستخبارات عسكرية، وإمداد وتموين، وخلافه. وذلك كلّه، يوضح مسؤوليات المساعد وصلاحياته.

ــــــــــــــ

السؤال الثالث عشر

إلى أيّ مدى أمكن سموّكم رفْع الكفاءة القتالية في القوات المسلحة؟

الإجابــة

رفْع الكفاءة القتالية هو الهدف الرئيسي، الذي يسعى القادة، في جميع المستويات، إلى تحقيقه؛ إذ إن مستوى الاستعداد القتالي، هو الوزن في ميزان كفاءة القائد وفاعلية قيادته. فضلاً عن أنه لا يمكن إحراز النصر، أو تحقيق الردع، أو الصمود في وجْـه أيّ عدوان، بقوات ذات كفاءة قتالية متدنية. لذا، كان رفع الكفاءة القتالية من أُولَى توجيهات سيدي صاحب السموّ الملكي وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، في أول لحظة من تشريفي بمنصب المساعد لسموّه. ولذلك، علينا، وعلى قادة القوات المسلحة، العمل في جميع المجالات، التي تحقق هذا الهدف، سواء مجال القوة البشرية، أو التدريب، أو العمليات، أو الإمداد والتموين، أو الاستخبارات؛ فالكفاءة تشمل ذلك كلّه، بل غيره من المجالات كذلك.

ـــــــــــــــــــ

السؤال الرابع عشر

هل يمكن لأي دولة، أن تعتمد في حماية أمنها على الوسائل العسكرية فقط؟ وما الوسائل الأخرى، في رأي سموّكم، التي يمكن الاستعانة بها؟

الإجابــة

إن الوسائل العسكرية هي آخر ما يُلْجَأ إليه من وسائل الحماية. ولكن قبل الرد على هذا السؤال، علينا أن نوضح عدة نقاط:

إن قوى الدولة خمس، هي: القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية؛ وأضيف إليها، أخيراً، القوة المعلوماتية. وامتلاك الدولة لقدرات عسكرية عالية، مهم جداً؛ إذ يردع الآخرين عن تهديد أمنها الوطني. والأداة العسكرية، تُعَدّ الأداة الثانية، بعد الدبلوماسية، في وسائل حماية الأمن الوطني، وهي عنصر دعم مساند للقوَّتَيْن: السياسية والاقتصادية، وأدواتهما.

ويفترض أن الدول لا تستخدم قوّتها العسكرية، إلاّ بعد أن تستنفد القوى الأخرى (السياسية والاقتصادية). فالقوة العسكرية، وحدها، ليست قادرة على حسم الصراع، وإن كانت أهم تلك القوى؛ إذ إن الحرب الحديثة، تقتضي حشد سائر طاقات الدولة، عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وتعاونها جميعاً على صدِّ العدوان.

لذا، قد يلجأ بعض الدول، لاعتبارات خاصة أو ضرورات مُلِحّة، إلى دولة إقليمية أو عالمية كبرى، لحمايتها أو مساندتها؛ أو عقد اتفاقيات عسكرية إقليمية أو دولية، أو الانضمام إلى الأحلاف الملائمة لأهدافها الوطنية، وبما لا يتعارض مع ثوابتها وعلاقاتها الدولية. وهنا تظهر حنكة القادة السياسية، في تحقيق الأمن والأمان، وعدم تعريض الدولة لمغامرات عسكرية، أو إدخالها في نزاعات تضر بها. وخير دليل على ذلك حنكة مؤسس الدولة، الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ الذي قاد الدولة خلال الحربَيْن العالميتَيْن: الأولى والثانية، فجَـنَّبَها كلّ سوء، وحَـرَّمَهَا على كلِّ محتل.

ــــــــــــــ

السؤال الخامس عشر

هناك محطات عديدة في حياة سموّكم، من الدراسة العامة إلى الاحتراف العسكري. عمّ أسفرت؟ وما استخلصتم منها؟ وما توجيهات سموّكم لقادة القوات المسلحة؟

الإجابــة

الجندية مهنة، عمادها دعامتان اثنتان: الانضباط والمعرفة، اللتَان تقودان إلى الاحترافية؛ فضلاً عن  الصبر على أداء المهام، ونكران الذات؛ مع السعي إلى التطوير المستمر، والأخذ بكلِّ جديد. ولو سألتِ ما الذي يجعل الضابط متميزاً؟ لَقُلْتُ: العلم والخبرة، والمهارة والانضباط. وطالما أوصيت إخواني القادة، في جميع المستويات، بوصايا أربع:

أولاً: الوسطية في ديننا الحنيف، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلوّ ولا تشدد، ولا تساهل في عقيدتنا السمحة. وهذا ما يعطي الآخرين الفكرة الصحيحة عن الإسلام.

ثانياً: أن نضع نصب أعيننا مهمة القوات المسلحة، وهي حماية أمننا الوطني، والمعاونة على استقرار البلد وأمانه. وهذا ما يجعل هدف العسكريين واضحاً ومحدداً.

ثالثاً: الاهتمام بالتدريب والانضباط، والمحافظة على الأسلحة والمعدات. وهذه أمانة القائد ومرؤوسيه.

رابعاً: العمل والإنتاج، والتطوير والإبداع، هي السبيل الوحيد، إلى الرقي والتقدم.

ــــــــــــــ

السؤال السادس عشر

ما الدور الذي يمكن للمرأة السعودية أن تضطلع به، في المجال العسكري؟

الإجابــة

المرأة نصف المجتمع، وهي التي تَلِد النصف الآخر؛ فلا يمكن تجاهل مكانتها أو إسهامها في مجالات عدة، ومنها المجال العسكري. فلا يمكن الاستغناء عنها، مثلاً، ممرضة وطبيبة، ومدرِّسَـة ومُوَجِّهة، وموظفة في الأعمال الإدارية، التي تتطلب الصبر وطول البال، ومبدعة في الشؤون العسكرية ـ المدنية، وفي أيّ أعمال أخرى تستجد؛ على أن يُراعَى في كُلِّ ذلك طبيعة المرأة، وقواعد الشريعة الإسلامية، التي تحفظ حياءها، وتصون كرامتها.

ــــــــــــــ

السؤال السابع عشر

مُنِحْـتُم الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية. ما الأهمية التي يراها سموّكم لهذه العلوم في المجالات كافة، ولا سيما المجال العسكري؟

الإجابــة

تطاول "العلوم الإنسانية" كلّ ما يتصل بالآداب والاقتصاد والاجتماع والسياسة والتربية، أيْ هي الجهة المقابلة للعلوم البحتة. وعلى ذلك، فإطارها عريض، ومتسع، وهي أساس لمختلف الدراسات، سواء العسكرية أو العلمية. والدكتوراه الفخرية، كما تعلمين، لا تُمْنح في تخصص محدد؛ وإنما هي تقدير معنوي لجهد إنساني في المجال العام. وأمّا العلوم الإنسانية في الدراسات العسكرية، فلا شك أن كلّ دراسة، لا تستغني عن فَهْم المجتمع ومشاكله وبيئته، وما يحيط به من مجالات اقتصادية، وأخرى سياسية، أو نفسية. وباختصار، فإن الدراسات العسكرية، بمختلف مجالاتها، تحتاج إلى العلوم الإنسانية، لإثراء الجانب العسكري.

ــــــــــــــ

السؤال الثامن عشر

يُقال إن مجال العمل يطبع الفرد بشخصية، قد تخالف شخصيته الحقيقية. فما الذي أضافه المجال العسكري إلى شخصية سموّكم؟

الإجابــة

شخصية الإنسان خليط من صفاته (جيناته) الوراثية، ونشأته، وبيئته، وتعليمه، وثقافته، وخبراته، ومهاراته. فإذا تغير أيّ عامل منها، كان له تأثير في الشخصية، سلباً أو إيجاباً. والمجال العسكري له سمات وخصائص معينة، ومن المؤكد أنه أضاف إليّ كثيراً، ولا سيما الانضباط، والالتزام، وهوان النفس فداءً للوطن.

ــــــــــــــ

السؤال التاسع عشر

حصل سموّكم على ثمانية عشر وساماً. ما الوسام الذي تتمنون أن يُضاف إلى تلك الأوسمة؟

الإجابــة

للدقة، الأوسمة عشرون وساماًً، وخمسة أنواط، وثلاث ميداليات. إنّه فضل مَنَّه عليّ المولى ـ عزّ وجلّ ـ ثم كلّ من تفضل بتكريمي. وقبل أن أفكر في وسام جديد، أتمنى أن أضطلع بعمل مميز، وجهد حثيث، في خدمة بلدي، وأمّتنا العربية والإسلامية. عمل يكون الإخلاص أساسه، ويسهم في تحقيق أمن بلدنا وأمانه، ورفعة أمّتنا وازدهارها. ناهيك من أمنيتي، أن أكون عند حُسن ظن خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، وسموّ وليّ عهده الأمين، والشعب السعودي الأصيل. هذا ما أطمح إليه، وسيكون خير الأوسمة وأرفعها.

ــــــــــــــ

السؤال العشرون

عمد سموّكم إلى تجربة التأليف، متمثلة في كتاب "مقاتل من الصحراء". فكيف لاحت لسموّكم هذه الفكرة؟ وما المصاعب التي واجهتكم؟

الإجابــة

لكي يبدأ أحد الكتابة، ينبغي أن يكون لديه حافز قوي، وهدف واضح. وقد حَمَلَنِي على إصدار ذلك الكتاب، أنني وجدت، عقب انتهاء عمل "قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات"، أن هناك أحداثاً ينبغي أن تسجَّل، وقصصاً يجب أن تُروى، ودروساً لا بدّ أن يُستفاد منها. إذ لم أجد، في أيّ كتاب غربي يتناول حرب تحرير دولة الكويت، رأياً متجرداً، أو قلماً منصِفاً لإسهام المملكة وقادتها، أو لدور الجندي السعودي، أو مشاركة الدول التي هَبَّت إلى مساندة الحق. وكان همُّ كلِّ مَن تَصَـدّى للكتابة، أن يُمجّد بلداً، أو يصنع بطلاً؛ واختفت حقائق كثيرة، أو شوِّهَت، أو قدِّمت مبتورة.

أمّا المصاعب، فهي، عادة، ما تواجه من يؤلف كتاباً، يرغب في سرده بطريقة سهلة مبسطة، يستفيد منها القارئ العادي، ولا يملّها المتخصص؛ ويحرص على ذكِر الحقائق، من دون جرح مشاعر الآخرين؛ ويتحرى الصدق في الرواية، من دون إفشاء أسرار غير مسموح بالتطرق إليها؛ ويذكر التفاصيل، من دون تطويل مُمِلّ، أو اختصار مُخِلّ. هذا ما واجهني، وأرجو أن أكون قد نجحت في التوفيق بين تلك المتناقضات.

ــــــــــــــ

السؤال الحادي والعشرون

احتوى كتاب مقاتل من الصحراء على جزء من سيرة سموّكم الشخصية. هل فكرتم في كتابة مذكراتكم في كتاب مستقل؟

الإجابــة

لعلّ ما ذُكِر من تجارب حياتي في "مقاتل من الصحراء"، منذ الطفولة حتى تقاعدي من الخدمة العسكرية، هو كافٍ، يجزئ عن كتابتي مذكرات في كتاب مستقل. وعلى كلٍّ، أنا لست من أصحاب الدعوة إلى كتابة المذكرات؛ فحياة الإنسان الشخصية خاصة به، ولا تهمّ الآخرين. أمّا حياته العامة، فهي أمامهم، يرونها كلّ يوم.

ــــــــــــــ

السؤال الثاني والعشرون

كان سموّكم حريصاً على الجنود العراقيين ـ خلال حرب تحرير دولة الكويت ـ حرصكم على الجنود السعوديين، وذلك من خلال قراءتنا كتاب "مقاتل من الصحراء". وإنّا لنأمل توضيح سبب حرصكم على سلامة من يحاربونكم؟

الإجابــة

لعلّ الأيام أثبتت صحة وجهة نظري. فالقادة يذهبون ويجيئون، وتبقى الشعوب. لذا، حرصت ألاّ أزرع بذور الكراهية بين الجنود السعوديين وإخوانهم العراقيين، الذين فُرض عليهم القتال، ولم يسعوا إليه، ولم يكونوا راغبين فيه. وكذلك كان حرص قيادتنا الرشيدة، ومحاولاتها العديدة في ثني الرئيس العراقي السابق عن الاستمرار في احتلال الكويت، وتهديد جاراتها، وتعريض الأمن والسلم الدوليَّيْن للخطر. وسأروي لَكِ قصة توضح نتيجة ذلك الحرص. فقد جاءني الجنرال شوارتزكوف، قائد القوات المركزية الأمريكية، وقتئذ، عقب زيارته لإحدى المناطق، وبادرني بالقول: إنه بعد توجّهه إلى الحدود، كي يستطلع الهيئات الأرضية، التي ترسم معالمها، توقف في أحد مراكز حرس الحدود، ووجد أمامه مركبة قتال عراقية، جاء طاقمها يلتمسون طعاماً، وهم على يقين أنهم لن يتعرضوا لأيّ أذى من إخوانهم السعوديين.وأضاف، إنها المرة الأولى في حياته العسكرية، التي يرى فيها مثل هذا المشهد. فأخبرته أنني أشجّع الجنود على مداومة الاتصال بالجنود العراقيين على الحدود. أردتهم أن يتآخوا. فَهُم إخوة لنا، قبل كلّ شيء. وكنت أطلب من الأفراد السعوديين تقديم كلّ العون إلى الجنود العراقيين، إذا طلبوا ذلك، قبل عودتهم إلى مواقعهم.

كما قررت، في ذلك الحين، تزويد كلّ وحدة من الوحدات الأمامية، التي كانت تعمل تحت قيادتي، بمكبرات الصوت، لتُذَاع من خلالها نداءات، تحضُّ العراقيين على الاستسلام، قبل أن يتعرضوا للهجوم. وأسقطنا ملايين المنشورات، التي تُحَـدِّد المواقع، التي ينوي التحالف قصفها، ويُطلب الابتعاد عن معداتهم المزمع تدميرها. كلّ تلك المحاولات من جانبنا، كانت تستهدف تجنيب العراقيين الخسائر في الأرواح.

ولن أنسى توجيهات خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الملك فهد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ عندما أبلغته تحرير مدينة الخفجي، قبل عمليات حرب تحرير الكويت، وأَسْـر أعداد كبيرة من العراقيين، إذ قال: "لا تنسَ أن هؤلاء الأسرى أُجبروا على قتالنا. فَقَبْل أن تشرع في استجوابهم، تأكد أنهم استراحوا، واغتسلوا، وأُلبسوا ملابس نظيفة، وقُدّم إليهم الطعام. ولا تستجوبهم قبل ذلك".

هذه كانت توجهات قيادتنا الرشيدة، التي تجمع ولا تفرق، وتوحِّـد ولا تشتت.

ــــــــــــــ

السؤال الثالث والعشرون

أنشأ سموّكم "مؤسسة خالد بن سلطان للحفاظ على الحياة الفطرية في المحيطات". ما غاية هذه المؤسسة؟ وماذا أنجزت منذ إنشائها؟

الإجابــة

المحيطات هي الرئة، التي تتنفس الكرة الأرضية من خلالها؛ فلا بدّ من المحافظة عليها، وعلى ما استودعها إيّاه الخالق العظيم، من مخلوقاته. غير أن سوء تصرف الإنسان، والصيد الزائد عن حاجته، وإلقاء المخلفات والملوثات في تلك المحيطات ـ كلّ ذلك أفسد الحياة الفطرية؛ حتى إنه ساعد على انقراض بعض كائناتها.

وقد دفعنا هذا الواقع الأليم للمحيطات، عام 2000، إلى إنشاء تلك المؤسسة؛ علّها تَحُول دون الإمعان في تَرَدِّي الحياة الفطرية؛ وتُسْـهم في نشر الوعي بأهميتها؛ وتذلل الصعاب: المادية والمعنوية واللوجستية، التي تعترض طلاب البحث العلمي، في مجال علوم البحار؛ وتشارك الهيئات: العلمية والحكومية، في استكشاف أسباب تدهور الحياة البحرية، وأساليب علاجها.

ولقد تمكّنا ـ بفضل الله ـ من الوقوف على آثار بعض الكوارث الطبيعية، وقدمنا الاقتراحات لمعالجتها. ونَظّمنا عدداً من المؤتمرات، وورش العمل العالمية، التي أسفرت عن مقترحات، استعانت بها الحكومات على تحسين البيئة البحرية. وساندنا طلاباً من أربع عشرة جامعة، في دول مختلفة. ونفّذنا عدة رحلات بحرية استكشافية ناجحة؛ فضلاً عن اشتراك مواطنين، من أكثر من خمسين دولة، في أنشطة المؤسسة المختلفة.

ــــــــــــــ

السؤال الرابع والعشرون

صاحب السموّ، لا يفوتني أن أسأل، وأنتم تتولَّون منصباً جسيمة مسؤولياته، كيف يَتَحَيَّن سموّكم ممارسة هواياته، ورعاية أسْـرته وأولاده؟

الإجابــة

التنظيم أمر أساسي وضروري في حياة كلّ إنسان. والأولويات مهمة. وأداء العمل مسؤولية وأمانة. ورعاية الأسْـرة والأبناء فرض، وممارسة الهوايات، خاصة القراءة وممارسة الرياضة، ضمان لصحة أبداننا وعقولنا. والعاقل من يوفق بين ذلك كلّه؛ فلا يجور شيء على آخر. والحكيم من يرتب أولوياته، طبقاً للموقف والمسؤولية.

ــــــــــــــ

السؤال الخامس والعشرون

لكلِّ شخص أمانيه. فما الأمنية، التي يأمل سموّكم تحقيقها ؟

الإجابــة

هي الاعتماد على الذات في التصنيع العسكري، أمنية أدعو المولى ـ العزيز القدير ـ أن تتحقق في المستقبل القريب.

ـــــــــــــــــــ

السؤال السادس والعشرون

لَيْتَكُم تختتمون حوارنا هذا برسالة، تبعثون بها لمن تريدون.

الإجابــة

أبعث برسالة حُب وتقدير، ووفاء وعرفان بالجميل، إلى والدي، سلطان بن عبدالعزيز؛ وإلى والدتي ـ أطال الله عمرَيهما. وأقول لهما: حُبِّي لَكُمَا لا يفوقه حُبّ، إلاّ حُب الله ورسوله ـ عليه الصلاة والسلام. واحترامي لَكُمَا، لا يُدَانِيه احترام. ولا أملك إلاّ أن أَخْفِض لكما جناح الذُّلِّ، اعترافاً بفضلكما.

ـــــــــــــــــــ