إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات




"الظل الذهبي"
أخذ عينات مرجانية
أضرار الشعاب المرجانية
العين الذهبية
شُعَب فراسان المرجانية
شُعَب فراسان المرجانية الناعمة
شعار المؤسسة





قائمة المحتويات

نشأة المؤسسة

تُكرِّس مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، كلّ إمكانياتها، للحفاظ على المحيطات وإعادة تأهيلها. وتلتزم بحمايتها، من خلال الأبحاث والدراسات، التزاماً بمبدأ "العلم بلا حدود".

ففي أواخر عام 1990، وجّه صاحب السموّ الملكي، الأمير خالد بن سلطان، من المملكة العربية السعودية، دعوة إلى عدد من أشهر علماء البحار، على متن مركبه الخاص، لإجراء بحوث رائدة، تركز في فهْم الحياة الفطرية البحرية وكيفية المحافظة عليها. وبعد الاطلاع على نتائج البحوث، التي أجرتها هذه النخبة من العلماء، بادر سموّه إلى إنشاء مؤسسة متخصصة بالمحافظة على الحياة الفطرية البحرية واستنقاذها. ومن ثَمّ، كان إنشاء مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات في كاليفورنيا، في 6 سبتمبر 2000، بوصفها مؤسسةً خاصة، بموجب أحكام البند 501(ج) (3) من قانون خدمة المصالح العامة. وفي عام 2004، نُقل مقر المؤسسة إلى لاندوفر Landover، في ولاية ماريلاند، بالقرب من واشنطن العاصمة، لتمارس أنشطتها في صميم موقع سياسات البيئة وبحوثها.

تباشر مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات أنشطتها، منذ إنشائها عام 2000، تحت شعار "علم بلا حدود". وقد اشتملت تلك الأنشطة على إجراء بحوث رائدة، تركز في المحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، في أنحاء العالم كافة. ويجسد الشعار: "علم بلا حدود"، الذي تتبناه المؤسسة، التزامها التعاون مع العلماء ونشطاء المحافظة على البيئة، في سائر أنحاء العالم، على رصد الموارد اللازمة لتحقيق أفضل المكاسب، في سبيل تحقيق رسالة المؤسسة.

ومن الحقائق، التي لا مراء فيها، أن النشاط الإنساني في قارةٍ، يؤثر حتماً في صحة الموارد المتاحة على شواطئ بقية المحيطات كلّها. ومن ثَم، تفقد الحدود السياسية المرسومة على الخرائط معناها، حين يتعلق الأمر بالمحافظة على الموارد المائية للمحيطات؛ إذ تبين أن المشاركات في المستوى العالمي؛ وتطوير بروتوكولات لوضع معايير قياسية موحدة؛ وتبني الجهود التعاونية، عوامل لا غنى عنها، لتحقيق النجاح المأمول في المحافظة على الحياة الفطرية في محيطاتنا. ولا تقتصر هذه المهمة على أمة من الأمم؛ فحجم التحدي والمسؤولية العالمية، لا حدود له.

شعار المؤسسة

"علم بلا حدود" Science Without Borders®، هو شعار المؤسسة وهو المبدأ المهيمن على أنشطتها. فقد آلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان على نفسه، أن يحشد كلّ طاقاته، لمواجهة التحديات الهائلة، التي تنطوي عليها هذه الرسالة.  والواقع، أن حجم هذا التحدي، يُعَدّ هائلاً، إذ إن المملكة العربية السعودية، التي تبلغ مساحتها خُمس مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، ويحدها البحر الأحمر من الغرب، والخليج العربي من الشرق، ويبلغ طول سواحلها 2.640كم ، تضم أكثر الشعاب المرجانية جمالاً في العالم. كما أن لواشنطن مصلحة كبيرة في المحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات؛ إذ إنها تمتلك نحو 20 ألف كم من السواحل البحرية، تشكل منطقة اقتصادية، مساحتها 3.4 ملايين ميل بحري مربع، أيْ أنها تفوق مساحة الولايات الأمريكية الخمسين مجتمعةً. وإدراكاً من صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان لقدرة الولايات المتحدة الأمريكية كمثالٍ يحتذى في كيفية إدارة محيطاتها، فقد قرر أن ينشئ فيها هذه المؤسسة (انظر صورة شعار المؤسسة).

مجالات عمل المؤسسة واهتماماتها

تسعى مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات إلى دعم وتنفيذ المشاريع، التي تحقق المعايير التالية ومساندتها:

الأثر: الأثر الذي يمكن تركه هذا البحث في الرسالة الأساسية للمؤسسة، المتمثلة في المحافظة على الحياة الفطرية، واستعادة صحة الأحياء المائية في المحيطات؟ وهل للمشروع نتائج محددة، يمكن قياسها ؟

العالمية: مدى تطبيق المشروع على نطاق واسع، ليشمل نُظُم البيئة الأخرى في المحيطات حول العالم؟ وهل يُعَدّ المشروع مشروعاً تعاونياً، من حيث التصميم؟ وهل يجانس المشروع رؤية المؤسسة، المتجسدة في شعارها: "علم بلا حدود"؟

الإيجابية: ما يتمخض عنه هذا الاستثمار المتواضع من مردود كبير، من حيث النتائج والآثار الإيجابية؟ ومدى ما أنجزته البحوث الأساسية؟ وهل طُورت فرضية التطبيق تطويراً جيداً؟ وما سيترتب على تنفيذ المشروع من إجراءات أو اختبار تشخيصي أو أداة إدارية أو أيّ منتج آخر ملموس؟

التفرد: مدى تفرد المشروع وتميزه؟ وهل ثمة جهة حكومية كبيرة، تضطلع بعمل مماثل؟ علماً بأن مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، تسعى إلى تنفيذ مشاريع مهمة، لا تمولها المؤسسات البحثية الحكومية.

ولذلك فإن من أهم مجالات اهتمامها:

أولاً: إرسال البعثات في مجال المحافظة على الأحياء المائية في المحيطات وإعادة تأهيلها

وقد نفذت المؤسسة إرسال عدد من البعثات العلمية لدراسة أو حل المشكلات، التي تواجه الحياة الفطرية في المحيطات. وفي إيجاز نورد عدداً من أهم هذه البعثات التي نفذتها المؤسسة (انظر صورة أخذ عينات مرجانية):

1. بعثة جزر سيشل الجنوبية

تقع جزر سيشل الجميلة بمحاذاة الشواطئ الشرقية للقارة الإفريقية. ويعتمد اقتصاد جمهورية سيشل اعتماداً رئيسياً على الأعمال البحرية.  وقد تأثرت المناطق النائية من تلك الجزر، في الآونة الأخيرة، بالتغيرات البيئية العالمية، التي تركت آثاراً سلبية واضحة في الحياة الفطرية البحرية. ففي الفترة من 1997إلى 1998، تحديداً، كان لظاهرة الذبذبة في درجات الحرارة، التي تعرضت لها الأجزاء الجنوبية من المحيطات، والمعروفة بظاهرة النينو El Niňo-Southern Oscillation ocean warming، أثر سلبي على صحة الشعاب المرجانية، في منطقة المحيط الهندي. وتأثر، نتيجة لذلك، 60-90% من غطاء الشعاب المرجانية الحية في جزر سيشل؛ وذلك بفعل التبييض bleaching ، الذي  قضى على معالم الحياة في تلك الشعاب. ومع توقع تكرار الظاهرة الآنفة، في المستقبل، فسوف يكون في إمكان جزر سيشل الاستفادة من إنشاء قاعدة معلومات أساسية لنظام بيئي شامل، يتيح ممارسة الرقابة اللازمة على التغيرات، التي يمكن أن تتعرض لها معالم الحياة الفطرية في تلك الجزر. فمراقبة هذه التغيرات، من شأنها أن تعزز فرص تعرُّف العلاقة بين الأسباب والآثار وتفهُّمها؛ ما يزيد قدراتنا على المحافظة على معالم تلك الحياة الفطرية، والتدخل لإعادتها إلى حالتها الطبيعية السابقة. كما أن ازدياد المعرفة والتفهم للعلاقة بين استجابة نُظُم البيئة الإقليمية للتغيرات البيئية العالمية، قد يؤثر تأثيراً شديداًَ في الاقتصاد الوطني بخاصة، وأنماط الحياة بعامة، بوجه عام، في جزر سيشل، التي يعتمد اقتصادها على المهن: الزراعية والبحرية. ولا شك أن هذا النوع من المجتمعات، سوف يستفيد فائدة كبيرة من التكيف مع التغيرات المناخية، وكذلك من امتلاكه القدرة على التخفيف من الآثار المحتملة للردود السلبية لنُظُم البيئة، في مواجهة تلك المتغيرات.

ومشاركةً لوحدة كامبريدج لبحوث السواحل Cambridge Coastal Research Unit، في جامعة كامبريدج، في المملكة المتحدة، عمد كلٌّ من مركز سيشل للبحوث: البحرية والتقنية، وهيئة المنتزهات البحرية Seychelles Centre for Marine Research and Technology – Marine Parks Authority، والصندوق الثلاثي Trident Trust في المملكة المتحدة، ومؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، إلى دراسة طموحة، تستهدف تقييم بيئات الحياة البحرية في المياه الضحلة لأرخبيل جزر سيشيل تقييماً شاملاً، وإعداد خرائط لمساحة واسعة منها، وإدراج النتائج، التي ستتمخض عنها تلك الدراسة المسحية الشاملة، في خطط إدارة النظام البيئي البحري، في تلك المنطقة.

وعليه، تمكنت البعثة، خلال ثلاثة أسابيع من يناير 2005، من جمْع بيانات من داخل أرخبيلات  جمهورية جزر سيشل، والمناطق المحيطة بها، شملت أعمال التصوير بالفيديو، أجراها غواصو الأعماق SCUBA ، من أعضاء البعثة. وقد اتخذ العلماء، المشاركون في هذه الدراسة، من سفينة الأبحاث، "الظل الذهبي" (انظر صورة "الظل الذهبي")، مقراً لهم، طوال فترة جمع البيانات. كما استخدمت البعثة طائرة بحرية، في إجراء مسح جوي للمنطقة. وقد جاء هذا التعاون موافقاً تماماً لِما التزمته مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، من دراسة البحار والمحيطات، للمحافظة عليها، واستعادة الحياة الفطرية فيها . والواقع أن نتائج هذه الدراسة، سيكون لها فوائد جمة، ليس ي مستوى جزر سيشل فحسب؛ وإنما في مستوى العالم كلّه أجمع.

وقد أُدرج في المشروع عنصر تعليمي، تمثل في نظام إدارة محتويات شامل؛ لتسهيل عملية البث المباشر لموقع مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، طوال فترة عمل البعثة.  وقد أتيح لطلبة العلم والأساتذة المختصين، والجمهور، بعامة، الحصول على معلومات عن أنشطة العلماء المشاركين في هذه البعثة، وإجراء زيارات افتراضية إلى مقر البعثة على متن سفينة "الظل الذهبي"، والدخول إلى مواقع العلماء المشاركين في البعثة، وتعرُّف سجلاتهم؛ فضلاً عن المشاركة في جلسات طرح الأسئلة، حول مختلف الموضوعات المتعلقة بأنشطة البعثة، وتلقي الأجوبة عنها. وقد دعم هذا المشروع رسالة المؤسسة، في مجال التعليم والمنح التعليمية، بما تضمنه من تشجيع للتبادل الثقافي بين طلبة العلم، من مختلف البلدان؛ فضلاً عن زيادة الوعي العام بالأمور ذات الصلة بالبيئة.

في إطار التزام المؤسسة إجراء البحوث، في مجال المحافظة على البيئة، وأعادة تأهيل أنماط الحياة الفطرية، اكتسبت المؤسسة خبرة ودربة بتنفيذ مشاريع إعداد الخرائط لمواطن البيئة الطبيعية habitat، من طريق الاستشعار عن بعد، باستخدام أجهزة متعددة الأطياف hyperspectral remote-sensing. وبإنجاز عملية جمْع البيانات، سوف تنتقل المؤسسة إلى الخطوة التالية، المتمثلة في معالجة هذه البيانات، للخروج قريباً بالنتائج المرجوة، التي ستعرض على الجمهور، في هيئة خرائط للبيئة الطبيعية، تُنشر عبْر الشبكة العالمية للإنترنت. ويمكن تحقيق هذه الخطوة، من خلال نظام المعلومات الجغرافية الجديد، الذي تملكه للمؤسسة، الذي تتوافر فيه إمكانات البحوث المختبرية.

وتجري، حالياً، مقارنة البيانات، التي جُمعت أثناء عمل البعثة، بدراسات سابقة، أجرتها وحدة كامبريدج لبحوث السواحل، بمشاركة عدد من العلماء الآخرين، بعد الأضرار الشديدة، التي لحقت ببيئة الحياة الطبيعية (الفطرية)، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في مياه المحيطات، بفعل ظاهرة النينو، خلال الفترة من 1997 إلى 1998. ومن خلال تحليل البيانات، وبعد إعداد خرائط البيئة الطبيعية، ستتوافر أدوات قيّمة لصانعي القرارات، المسؤولين عن المحافظة على نُظُم البيئة وخطط إدارتها، في هذه المنطقة. وسوف تُدرج هذه الأدوات في الخطط الشاملة للمحافظة على التنوع الحيوي biodiversity، في المنطقة الغربية من المحيط الهندي كلّها.

وقد أُنجزت ، في 28 يناير 2005، مرحلة الدراسة الميدانية لبعثة سيشل بنجاح؛  فتحققت أهداف المشروع بما يجاوز التوقعات؛ إذ مُسح أكثر من 800 كلم مربع، من البيئات البحرية الضحلة، باستخدام وحدات تصوير فوق طيفية، عالية القدرة على التحليل، جرى تثبيتها على طائرة استكشاف بحرية. وبعد إكمال البعثة أعمالها، وفرت المؤسسة التمويل اللازم للدكتورة أنيليس هاجان Annelise Hagan، باحثة الدارسات العليا  في جامعة كامبريدج، لتحليل البيانات، التي سبق جمعها. وبناء على ذلك، احتُسبت نقاط التثبت من المواقع الأرضية، ونقاط التحكم الأرضي، من واقع البيانات، التي جمعها نظام تحديد المواقع الأرضية، عن كلّ جزيرة من الجزر. رُصدت الشعاب المرجانية والطحالب الكبيرة والتُقطت صور فوتوغرافية لها، ثم صُنّفت تلك الصور في كتالوجات خاصة. كذلك، دُونت الملاحظات الخاصة بالحياة النباتية وحياة الطيور، في تلك المنطقة. ومن واقع المقاطع العرضية لمناطق المياه الضحلة، أصبحت تتوافر لدينا ملامح عامة، عن حالة الشعاب المرجانية، في مختلف المواقع، حول الجزر.  وقد أُعدت خمس أوراق بحث علمية، حول جزر أميرانتيس الجنوبية Southern Amirantes، وسوف تُنشر، قريباً، حتى يتسنى للجمهور الاطلاع عليها.

2. دراسة استكشافية، لتقييم أضرار الشعاب المرجانية، نتيجة إعصار تسونامي، الذي ضرب جزيرة سومطرا الإندونيسية عام 2004

تسببت الهزة الأرضية، في 26 ديسمبر 2004، وإعصار تسونامي، الذي أعقبها، بواحدة من أشد الأزمات الإنسانية في التاريخ، إذ قُدرت خسائرها البشرية بنحو 232 ألف شخص؛ فضلاً عن تشريد أكثر من 400 ألف شخص، نتيجة الدمار الذي أصاب بيوتهم وممتلكاتهم. كان ثمة خوف من أن تكون الموجات السنامية العاتية، التي بلغ ارتفاعها 20 متراً، في بعض المناطق، قد ألحقت بشعابها المرجانية أضراراً شديدة، ولا سيما الشاطئ الغربي لمقاطعة أتشِه Aceh، في جزيرة سومطرا الإندونيسية.

على إثر الهزة الأرضية، وما تبعها من موجات تسونامي المدمرة، في منطقة المحيط الهندي، طلبت الهيئة الدولية لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية، من شبكاتها العاملة، وعلى رأسها الشبكة العالمية لمراقبة الشعاب المرجانية، وشبكة فحص الشعاب المرجانية، وقاعدة بيانات الشعاب المرجانية، ولجنة مراقبة تلف الشعاب المرجانية في المحيط الهندي (CORDIO، إجراء دراسات استطلاعية، وإعداد تقارير في شأن الأوضاع، التي خلفها ذلك الإعصار، وأثر ذلك على الشعاب المرجانية، في البلدان التي تعرضت لذلك الإعصار (انظر صورة أضرار الشعاب المرجانية).

وقد ساندت هذه الجهود هيئات ومؤسسات مختلفة، من بينها: وزارة الخارجية الأمريكية، والإدارة الوطنية للمحيطات والأحوال الجوية (NOAA، ووكالة الإنماء الدولية الأسترالية (AusAid)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP، والاتحاد الدولي للمحافظة على البيئة (IUCN)، والمؤسسة العالمية للحياة الفطرية (WWF) ، واللجنة الحكومية المشتركة للمحيطات، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (IOC/UNESCO)؛ ومركز سي آر سي CRC لبحوث الحاجز المرجاني العظيم، التابع لوزارة البيئة اليابانية؛  والمبادرة العالمية للمحافظة على المحيطات؛ فضلاً عن مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات.

وفي أكتوبر 2005، انضمت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات إلى كلّ من شبكة فحص الشعاب المرجانية Reef Check ، والاتحاد الدولي للمحافظة على البيئة (IUCN) ؛ لتقييم الأضرار، التي لحقت بالشعاب المرجانية، على امتداد شواطئ مقاطعة أتشه الغربية، والجزر القريبة من الشاطئ.  وقد أثبتت هذه المشاركة استجابة فاعلة، ويقظة، وتعاوناً دولياً حقيقياً. وسيظل هذا المسح، الذي أُجري بتضافر جهود هذه الهيئات، مثالاً ممتازاً على تطبيق شعار المؤسسة: "علم بلا حدود" تطبيقاً عملياً. فقد تشكل فريق عمل، متعدد الجنسيات، يضم سبعة علماء وطاقماً مسانداً، يتألف من ثلاثة أشخاص؛ لإنجاز حملة أتشه، خلال الفترة من 17 إلى 30 أكتوبر 2005، من على متن الباخرة "حورية خط الاستواء" Mermaid of the Equator.

وقد غطت دراسة هذه البعثة ما يزيد على 600 كيلومتر، امتدت من سيبولجا Sibolga إلى بولاو روندو Pulau Rondo، في الجزء الشمالي الغربي من الأرخبيل الإندونيسي.  ولسوء الحظ، فقد حدّت الغيوم الكثيفة، والأمطار الغزيرة، من قدرة الفريق على إجراء مسح شامل، فاعل، للعديد من الشعاب المرجانية المحاذية لشواطئ تلك المنطقة.  وقد أُجريت المسوح الشاملة المطلوبة، باستخدام بواخر manta tows، وبتطبيق بروتوكول فحص الشعاب المرجانية Reef Check، المعتمد عالمياً.  وأُجري فحص خاص لأنواع الأسماك الرئيسية، المستخدمة في الطعام، من حيث الحجم والوفرة. كما سُجّلت معلومات عن اللافقاريات: المتحركة والعالقة، بما في ذلك الشعاب المرجانية. كذلك، أُجريت دراسة مسحية شاملة، لرصد  الشعاب المرجانية، حديثة الاستقرار، بوصف ذلك واحداً من تدابير استرداد تلك الشعاب المرجانية.  وعلى الرغم من العمل في أعالي البحار، والجو المطير، إلا أن جهود هذا الفريق الدولي من الباحثين، كانت مثمرة جداً.

وأشارت المسوح، التي أُجريت تحت سطح الماء، إلى أن أمواج تسونامي العاتية، التي ضربت المنطقة، لم تلحق بالشعاب المرجانية إلا أضراراً مادية طفيفة نسبياً، مقارنة بالدمار الهائل، الذي لحق باليابسة؛ إذ إنها اقتصرت على قلب تلك الشعاب رأساً على عقب، وتفتيت بعضها بفعل احتكاكها بأغصان وسيقان الأشجار المقتلعة، التي جرفتها الأمواج المنحسرة. كما لوحظت أضرار طفيفة  بأكثر من نصف الشعاب المرجانية، التي خضعت للدراسة؛ كما أن المواقع التي رُصدت فيها أضرار جسيمة، كانت تضم مساحات كبيرة من الشعاب المرجانية، التي ظلت سليمة. وتمثل هذه المساحات مصادر مهمة لتوفير اليرقات، اللازمة لإعادة استزراع الشعاب التالفة. ولكن لوحظ أن من بين 5280 تربيعة، خضعت لدراسة إمكانية إعادة استنباتها، لم يُسجل سوى 18 تربيعة مرجانية ، منها 15 في مجموعة جزيرة بانياك Banyak.  ويشير انخفاض كثافة الاستنبات التعويضي في الشعاب المرجانية، إلى أن عملية استرداد هذه الشعاب لحالتها السابقة، تسير ببطء شديد.

لقد كانت الأضرار، التي لحقت بالشعاب المرجانية، نتيجة الهزة الأرضية، أشد كثيراً من الأضرار الناجمة عن موجات تسونامي. وقد اشتملت تلك الأضرار على خلْع بعض الشعاب، وتهشم قواعدها، وانقلاب بعضها. كما تسببت تلك الهزة الأرضية أيضاً في ميلان جزر عديدة، مثل: جزيرة سيميوليو  Simeulue، التي لوحظ ارتفاعها من طرف، وانخفاضها من الطرف الآخر، نحو مترَيْن؛  ما أدى إلى ارتفاع عشرات الهكتارات من الشعاب المرجانية الحية، فوق مستوى المد، ومن ثَم موتها؛ في الوقت الذي انخفض فيه مستوى شعاب أخرى، في أعماق الماء؛ ما غيّر البيئة الصالحة لنموها وبقائها حية.

وعلى اليابسة، تسببت الهزات الأرضية، وموجات تسونامي بانزلاق التربة، وانقلاع النباتات؛ ما زاد من احتمالات الانجراف، وانتقال الترسبات، في مواسم الأمطار.  ومن الجدير بالذكر، أن الشعاب المرجانية، يمكن أن تتعرض لضرر شديد، في المدى البعيد، في حال استمرار الاضطراب في الأحوال الجوية، وما ينجم عنه من ترسبات، وعَكَر المياه؛ إضافة إلى منع استقرار الشعاب المرجانية؛ إذ إن الترسبات يمكن أن تتسبب بإلحاق ضرر مباشر  بشعاب مكتملة النمو؛ فتسبب موتها.

يشير تناقص عائلات الأسماك العشر الرئيسية، في منطقة أتشه Aceh ، وصغر أحجامها، إلى أن هذه الأسماك، تتعرض للصيد المفرط، الذي يهدد بانقراضها، ما سيؤدي إلى خلل في نظام البيئة، إذ يسبب النقص في عدد الأسماك، آكلة الأعشاب، نمو أعداد كثيفة من الطحالب، تطغى معه على معدل نمو الشعاب المرجانية، وتتغلب عليها.

وعلى الرغم من الأضرار المادية الجسيمة، في بعض المناطق، إلا أن هذه الدراسة، تشير إلى أن الترسبات (التي فاقمها تسونامي)، والصيد المفرط، في المدى الطويل، وطرائق الصيد المدمرة، قد تمثل خطراً على الشعاب المرجانية في منطقة أتشه، هو أشدّ من آثار الهزات الأرضية، أو موجات تسونامي العاتية، التي ألحقت الدمار بتلك البلاد، في 26 ديسمبر 2004.

ونشرت الشبكة العالمية لمراقبة الشعاب المرجانية (GCRMN) ، مؤخراً، تقريراً شاملاً ، تناول وضع الشعاب المرجانية في البلدان، التي تعرضت لإعصار تسونامي. فكشف أن كثيراً من النُّظُم البيئية للشعاب المرجانية، في المنطقة، قد قاومت، بشكل مفاجئ، آثار إعصار تسونامي؛ كما أنها كانت مسؤولة، إلى حدّ كبير، عن حماية النظُم البحرية الأخرى من التعرض للدمار، الناجم عن تلك الأمواج العاتية. وإضافة إلى توفير معلومات عن آثار موجات تسونامي، فإن التقرير يلفت إلى الدور المهم، الذي يمكن أن تؤديه الموارد الساحلية، في حياة كثير من الناس، في المناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية. ويتضمن التقرير كذلك توصيات بكيفية تخفيف آثار الكوارث المماثلة، في المستقبل؛ ومن ذلك الحاجة إلى نظام إنذار مبكر، ومزيد من الاهتمام بتوفير إدارة سليمة لأنشطة السواحل، ومصايد الأسماك.

ثانياً: البحوث في مجال البيئة البحرية والمحافظة عليها

تهتم المؤسسة، كذلك، بإجراء البحوث في مجال البيئة البحرية للمحافظة على حياتها الفطرية. وفي هذا المجال نفذت عدداً من الدراسات التي أنشأت بسببها عدداً من المختبربات العلمية في مختلف أنحاء العالم، ومن ذلك:

1. مختبر التسمم البيئي للشعاب المرجانية في بيرمودا

تكتسب نُظُم بيئة الشعاب المرجانية أهمية كبيرة؛ إذ إنها مصدر للسلع والخدمات في البلدان البحرية: الاستوائية وشبه الاستوائية. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تشهد تراجعاً مخطراً، إذ يشير تقرير، صدر عام 2004، عنوانه: "وضع الشعاب المرجانية في العالم"، إلى أن نحو 20% منها، قد تعرضت لتلف شديد، لا يرجى بسببه استعادتها؛ و24% معرضة لخطر وشيك، بسبب الضغط البشري؛ و26% معرضة لخطر الانهيار، في المدى البعيد. كما تشير الدراسات، التي أُجريت في منطقة الكاريبي، إلى تراجع هائل  في الشعاب المرجانية، في المنطقة كلّها، ، يراوح بين 50% من الغطاء المرجاني، وأقلّ من 10% من غطاء الشعاب المرجانية الحية، المتبقي في بعض المناطق. ومن المحتمل أن يكون ذلك التراجع متعلقاً بأسباب طبيعية، مثل: الأعاصير، والترسبات الزائدة؛ أو أسباب حيوية، مثل: الابيضاض بفعل سخونة المياه، وانتشار الأمراض، والأوبئة وسط الشعاب المرجانية؛ أو أسباب كيماوية، مثل: التلوث البحري على الأرض. وقد يتفاقم الخطر، الذي تتعرض له تلك الشعاب، بفعل الأنشطة البشرية، مثل: الإفراط في الصيد.

في مدى العامَين الماضيَين، تعاونت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، مع مركز الأبحاث الحيوية في بيرمودا (BBSR)، على إنشاء مختبر فريد في نوعه، لدراسة التسمم البيئي، الذي يلحق بالشعاب المرجانية.  وقد عززت هذه المشاركة شعار المؤسسة: "علم بلا حدود"، وعُدّت مثالاً مادياً ملموساً على أهمية التعاون الدولي، في هذا المجال. وقد تمكن المركز الآنف، بمساندة مؤسسة خالد بن سلطان، من ابتكار نظام جرعات مجهز ببطانة من التفلون Teflon-lined dosing system، لفحص مدى نسبة سُمِّية الملوثات، وتحديد أثر تغيرات الظروف البيئية في صحة الشعاب المرجانية. وتُستعمل في هذه الدراسة العلامات الحيوية biomarkers، المأخوذة من التشخيص الطبي ، لكشف الضغط، الذي تتعرض له الشعاب المذكورة. وتُتَّخَذ هذه العلامات الحيوية إشارات إنذار مبكر، من خلال إحداث استجابات مميزة، عند تعرضها لعوامل ضغط مختلفة، مثل الملوثات.

يستخدم مختبر التسمم البيئي، التابع لمحطة الأبحاث الحيوية في بيرمودا (BBSR)، أحدث التقنيات في بحث تأثير مختلف السموم في صحة الشعاب المرجانية.  وستحدد، من خلال هذا المشروع، المواد الأكثر سمية وتأثيرها في تلك الشعاب؛ ومن ثَم، اتخاذ  القرارات الإدارية الملائمة، للتخلص من تلك السموم أو تخفيفها، والمحافظة على صحة الشعاب الآنفة.

بلغ مختبر التسمم البيئي، التابع لمحطة الأبحاث الحيوية في بيرمودا (BBSR)، كامل طاقته التشغيلية، عام 2005، إذ جُهزت أربع وحدات حقن بجرعات من مادة "تفلون"، قادرة على المحافظة على دقة درجات حرارة المياه ، عند تشغيلها في بيئة خارجية، تحت أشعة الشمس. ومن التجهيزات الأساسية الأخرى، خزانات مخصصة للشعاب المرجانية، قبل إجراء التجارب وبعدها؛ وخزانات لمعالجة مياه الحضن، ومياه  الهدر. وقد أُدخلت أساليب "لزراعة" الشعاب المرجانية، من خلال جمعها وحفرها وتركيبها وتثبيتها، قبل إجراء التجارب عليها. و ثمة تجارب أخرى لدراسة آثار النحاس (المستخدم في مواد الدهان المقاوم للتعفن)، ومبيدات الأعشاب، في صحة تلك الشعاب.

2. مختبر بحوث صحة الأحياء المائية في السنغال

توفر المياه المقابلة لسواحل السنغال محصولاً وفيراً، للصيادين: المحليين والأجانب، منذ سنوات عديدة. ويمثل نشاط الصيد البحري مصدراً رئيسياً من مصادر العملة الأجنبية، إذ يسهم بنحو ربع دخل البلاد منها. وقد حقق هذا القطاع دخلاً، عام 1999، ناهز بليونَين و830 مليون دولار؛ على الرغم من تراجع الصادرات تراجعاً كبيراً، في العام التالي؛ خشية  تراجع مخزون البلاد من الثروة السمكية. ومن أهم منتجات الصيد، في هذه المنطقة: سمك التونة، والمحار، والروبيان وسرطان البحر. وإضافة إلى صادرات البلاد من الأسماك الطازجة، فإنها تحقق إيرادات كبيرة من قطاعات حفظ الأسماك وتعليبها، ومن رسوم منح السفن الأجنبية تراخيص، تسمح لها بالصيد في المياه الإقليمية السنغالية، وخاصة تلك الآتية من الاتحاد الأوروبي.  وتواجه السنغال تحدياً، يتمثل في تحقيق قطاع دائم لصيد الأسماك وتنظيمه. وفي الوقت نفسه، فإن النظام البيئي البحري  للبلاد، ربما تتهدده الأمراض، التي تصيب الأسماك.  ولمواصلة النمو الاقتصادي، في هذا المجال، فإن السنغال تحتاج إلى كشف الأخطار المحدقة بثروتها السمكية.

عام 2004، أنشأت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات مختبراً للأحياء المائية، في جامعة الشيخ أنتا ديوب University of Cheikh Anta DIOP، في العاصمة السنغالية، دكار، لخدمة صناعة الصيد فقط في البلاد. وإضافة إلى توفير مرافق البحث، فقد تقرر تقديم منحتَيْن دراسيتَيْن، لدراسة صحة النظام البيئي البحري.

أثناء السنة الأولى من العمليات (2004)، تركزت الدراسات، في مختبر صحة الأحياء المائية، في دراسة الإصابات الطفيلية، التي تعتري الأحياء المائية في السنغال، والتي تشمل: الأسماك، والأسماك الصدفية، والمحار. والبحوث، التي أجراها الطلبة المبعوثون في السنغال، استهدفت:

  • دراسة طفيليات الديدان المعوية، التي تصيب الأسماك البحرية؛ لتعرُّف مختلف أنواعها، والأمراض التي تسببها.
  • دراسة الطفيليات وحيدة الخلية، في مزارع الأسماك؛ لتعرُّف مختلف أنواعها، والأمراض التي تسببها.

وقد توسع المختبر في أبحاثه، في السنة الأخيرة ، ليشمل دراسة الإصابات الميكروبية، مثل: البكتيريا والفيروسات والفطريات، التي تتعرض لها الأحياء المائية في السنغال.

ويُعَدّ هذا المختبر هو الأول في تشخيص أمراض الكائنات البحرية، في السنغال. وقد كان له أثره الإيجابي في فهْم صحة الأحياء المائية، والضغوط التي تتعرض لها صناعة الأسماك في تلك البلاد. وسوف يساعد السنغال كذلك على اعتماد منتجاتها السمكية للتصدير، وتطوير قدراتها على إنشاء مزارع الأسماك، التي تحافظ على سلالاتها السمكية.

تُعَدّ المؤسسة داعماً قوياً، لتقديم المنح الدراسية، وإنشاء مختبر المحافظة على صحة الكائنات المائية، انطلاقاً من التزام المؤسسة التعليم، وتعزيز المفهوم العالمي للحياة البحرية. وقد جُهز المختبر المذكور، الذي سُمي: "مختبر أمراض الكائنات البحرية – مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية للمحيطات"، بالتجهيزات اللازمة. وبلغ كمال طاقته التشغيلية، في نهاية عامه الأول. وهو يُعَدّ واحداً من المعالم، التي تبقى  شامخة؛  لتقدم دليلاً حياً على أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة، سموّ الأمير خالد بن سلطان، ملتزم رسالتها.

ثالثاً: معلومات الحياة البحرية

تهتم المؤسسة بمجال إدارة العلوم البحرية، ولتحقيق هذه الغاية عملت المؤسسة في عدد من المشروعات لتطوير مجال إدارة العلوم البحرية، وكمثال ذلك، نفذت المشروعات الآتية:

1. مشروع إعداد خرائط البيئة الطبيعية في جزر فيرجن الأمريكية، ومشروع "سان كروكس، للبيانات الملاحية"

تتهدد نُظُم الشعاب المرجانية سلسلة من الأخطار: الطبيعية والبشرية؛ منها التغيرات المناخية ، والأعاصير، وتدمير البيئة الفطرية، والتلوث بالصرف ، والترسبات، و الصيد المفرط.  ومن الجدير بالذكر، أن انتشار الأمراض في الشعاب المرجانية وابيضاضها، يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بهذه المؤثرات. ويؤثر هذا الحشد الهائل من الضغوط والمؤثرات، تأثيراً شديداً في نظام مناعة تلك الشعاب؛ حتى إنه أدى إلى فقْد نحو 20% منها، عالمياً. ولو استمرت الاتجاهات الحالية، لناهز ما يُفْقَد منها، عالمياً، 70%، بحلول عام 2030.

ويُعَدّ البحر الكاريبي هو الأكثر تضرراً من هذه الأخطار والمؤثرات، التي انعكست انعكاساً واضحاً على صحة الشعاب المرجانية، في جزر فيرجن الأمريكية. ولفهْم هذه التغيرات، السريعة، والمهمة، لا بدّ من مراقبة توزُّع مواطن تلك الشعاب، من ناحية؛ وممارسة مراقبة قياسية موحدة، على الغطاء المرجاني، وعلى تركيبة هذه الكائنات وتكوينها، من ناحية أخرى. ومن ثَم، يمكن تفسير الأثر، الذي قد  تخلفه بيئات الحياة الفطرية في ردود فعل الشعاب المرجانية على تلك المؤثرات والضغوط. فالخرائط التي توضح مواطن الحياة الفطرية، من شأنها أن تكشف العلاقة بين تلك المواطن ووظائف النظام البيئي ؛ وأن تكون أساساً قوياً لاتخاذ القرارات المتعلقة بالبيئة البحرية. وقد أُجري قدر كبير من البحوث، وإعداد الخرائط، في هذا المجال، في جزر فيرجن الأمريكية. وثمة حاجة خاصة، الآن، لتحسين موطن الشعاب المرجانية في تلك الجزر، ورسم خرائطها؛ لأغراض إدارة المحافظة على الحياة الفطرية.

واصلت المؤسسة بحوثها، في مجال النظام البيئي المهم، في منطقة جزر فيرجن الأمريكية، طوال العام 2005، من خلال مشاركة الدكتور بيتر ممبي Peter Mumby ، من جامعة إكستر University of Exeter، البريطانية، والدكتور جون ماكمانوس John McManus ، من المركز الوطني لبحـوث الشعاب المرجانية في منطقة الكاريبي (NCORE) ، الذي يتخذ من جامعة ميامي الأمريكية مقراً له. وقد بدأت مشاركة المؤسسة في هذا البرنامج البحثي، منذ عام 2001، حين كانت تجمع بيانات مسح جوي متعدد الأطياف CASI، لمساحة  41 ألف هكتار، من سواحل جزيرتَيْ سان جون وسان توماس. وامتازت هذه المهمة البحثية، بأنها كانت واحدة من أوضح عمليات المسح الجوي.  وبالتعاون مع جهود جمع البيانات، بالاستشعار عن بُعد ، أُجريت زيارات ميدانية إلى أكثر من 400 موقع، شملت أحواض حشائش بحرية، وتكتلات الشعاب في المياه الضحلة، وحقول الطحالب، والشعاب المرجانية؛ لوصف تنوع الحياة البحرية حول جزر فيرجن. وقد كشفت هذه الحملة الميدانية، والجوية، شعاباً مرجانية، لم يسبق تصويرها من قبل، في المنطقة الشمالية الشرقية من جزيرة سان جون؛ وحددت سلسلة متنوعة من المجتمعات البحرية؛ وكشفت بعض الأمراض في تلك الشعاب؛ ورصدت عمليات مكثفة لعلاجها؛ وحددت مناطق، كان تراجع الحشائش البحرية فيها شديداً.

في عام 2005، قدمت المؤسسة المال اللازم لتمكين الدكتور ممبي من إنجاز تحليل صور المسح الجوي المركزة، تمهيداً لإعداد خرائط  مواطن الحياة الفطرية، من واقع البيانات الخام، التي كشف عنها المسح الجوي المتعدد الأطياف CASI.  وفي العام المقبل، ستتخذ المؤسسة الخطوات النهائية، اللازمة لإنتاج سلسلة من خرائط مواطن الحياة الفطرية، بالصيغتَين: الرقمية والورقية.

وإضافة إلى مشروع إعداد خرائط  مواطن الحياة الفطرية، في جزيرتَي سان جون وسان توماس؛ باشرت المؤسسة، بالتعاون مع المركز الوطني لبحوث الشعاب المرجانية في منطقة الكاريبي، تنفيذ مشروع طموح، مدته سنتان، يستهدف إنشاء نظام لدعم اتخاذ القرار، يسمى: "ملاح بيانات جزيرة سان كروكس وباك" “Data Navigator St. Croix and Buck Island”، ويستند إلى نظام معلومات جغرافية GIS لتلك المنطقـة.  وقد أُعِدّ هذا  النظام على غرار نموذج أولي لنظام، عُرف باسم: "ملاح بيانات جنوب فلوريدا" “Data Navigator South Florida.”  . وهو نظام معلومات على شبكة الإنترنت، يمكن الدخول إليه مجاناً. ويغطي منطقة فلوريدا الجنوبية، والمياه المتاخمة لجنوب بحيرة أوكيشوبي Lake Okeechobee.

ولتعرُّف الجوانب العملية لهذا النظام، في صيغته الأولية، يمكن زيارة الموقع التالي: http://www.ncoremiami.org/. فعلى الجانب الأيسر من الشاشة، تمكن مشاهدة بند، اسمه: “DNAV: South Florida” ، تحت العنوان الرئيسي: "خرائط رقمية/نظام المعلومات الجغرافية" “Digital Maps/GIS”. أنقر على الرابط DNAV: South Florida، ستظهر على الجانب الأيسر من الصفحة، عبارة "أنقر هنا للبدء في تشغيل النظام بلغة HTML. والآن، أنقر  على المكان المحدد، لتبدأ تصفح بيانات نظام الملاح. وقد صُممت أدوات التجوال، للبحث عن هذا النوع من البيانات، ليستفيد منها مديرو الموارد، وصناع السياسات، والعلماء،, وأصحاب المصالح، وطلبة العلم، والجمهور بعامة.

تستخدم خرائط مواطن الحياة الفطرية في تقييم حجم التغيرات، التي تعرضت لها الشعاب المرجانية، والتي يتوقع تعرضها لها مستقبلاً، وتحديد مواقعها. ومن خلال ربط المواطن السابقة  بوظائف النظام البيئي (مثل مواطن تكاثر الأسماك، التي تعيش في الشعاب المرجانية)، فإن هذا النوع من الخرائط الآنفة، والتي تتوافر ضمن إطار نظام المعلومات الجغرافية، تشكل أساساً مهماً لاتخاذ القرارات المتعلقة ببيئة الحياة البحرية.  وتقنية المسح الجوي، المدمج، متعدد الأطياف (CASI)، توفر أدق المعلومات عن وضع مجتمعات الشعاب المرجانية. ويساعد نظام دعم اتخاذ القرار DSS، الذي يعتمد على نظام المعلومات الجغرافية، تحديداً، على ما يلي:

  • الكفاءة في استرداد البيانات المعقدة. وعرض النتائج، بطريقة توفر لمديري الموارد أداة مرئية، لتقييم النظام البيئي.
  • تحسين الفعالية الإدارية، من خلال المساعدة على حل المشكلات الراهنة والمتكررة؛ وتوقع المشكلات المحتملة، وصياغة إستراتيجيات وسياسات الإدارة الخاصة بالمنطقة.

كان عام 2005 عاماً مهماً للأعمال البحثية، في جزر فيرجن الأمريكية USVI؛ إذ شهد إعداد أُوَل الخرائط  عالية الوضوح، لمواطن الحياة الفطرية في جزيرتَي سان جون وسان توماس، ، تتويجاً لسنوات عديدة من الجهود والعمل الجاد.  وسوف تزداد فائدة هذا العمل، بإنجاز سائر الخرائط التفصيلية ونشرها، للقائمين على المحافظة على البيئة، والعلماء المختصين، والجمهور. وسوف نواصل العمل من أجل تحقيق هذا الغرض، خلال السنة المقبلة.

وتُعَدّ المؤسسة، حالياً، في طور تعرَّف منطقة جزيرة سان كروكس وباك St. Croix and Buck Island، و"التنقيب" عن البيانات: البحرية والبرية، المتاحة فيها؛ للاستفادة منها في مشروع "نظام ملاح البيانات لجزيرة سان كروكس وباك".  فهناك كمّ هائل من البيانات المتاحة، من مختلف المصادر، التي تنتشر في نطاق واسع، بأشكال مختلفة، وصيغ متعددة. فغزارة البيانات هي عبء على أي إدارة، أكثر منها فائدة لها. وبالاستفادة من خصائص القوة والمرونة، التي يتحلى بها نظام المعلومات الجغرافية، سيكون في مقدور الفريق التعاوني، القائم على  هذا المشروع، تحقيق التكامل بين هذا الحشد الهائل والمنوع من البيانات البحرية، وإخراجها في هيئة منظومة بيانات جغرافية، على شبكة الإنترنت، سهلة الاستخدام، تمكن الجهات المعنية وصناع القرار، من الدخول إليها والاستفادة منها. ونعتزم إحراز تقدمٍ كبير، في هذا المشروع الطموح، خلال عام 2006.

2. مشروع خرائط البيئة الطبيعية لخط قاعدة بيرمودا

تُعَدّ الشعاب المرجانية، في بيرمودا، شعاباً فريدة في نوعها، ومهمة؛ بيد أنها عرضة للأخطار.  فاقتصاد بيرمودا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياحة، التي تعتمد على مشاهدة الشعاب المرجانية والقطاعات الترفيهية، التي تدر ملايين الدولارات، سنوياً. وتحظى الشعاب المرجانية، المحيطة بمنطقة بيرمودا، باهتمام شديد، من قبل العلماء؛ لوقوعها في مناطق المياه الدفيئة، في أقصى شمالي المحيط الأطلسي. وقد ساعدها على الحياة تيار الخليج الدافئ؛ غير أنها تنفصل، في الوقت نفسه، انفصالاً واسعاً عن نظائرها في منطقة الكاريبي.  ويعلن "فهرست أخطار الشعاب المرجانية"، الصادر عن معهد الموارد العالمية، أن 61% منها في بيرمودا، هي في حالة خطر شديد؛ و20% في حالة خطر متوسط. ومن أشد الضغوط الواضحة، التي تواجهها بيئة الحياة البحرية، وقوعها في منطقة كثافة سكانية، بما في ذلك الضغط الشديد على الشعاب المرجانية؛ بسبب الإفراط في الصيد، وأعمال التطوير والتعمير، والحركة السياحية، على سواحل بيرمودا (التي تُعَدّ ثالثة دول العالم، من حيث الكثافة السكانية).

وتتهدد الشعاب المرجانية سلسلة واسعة أخرى من الأخطار، منها الأضرار الناجمة عن العواصف الطبيعية (الأعاصير وزيادة الترسبات)؛ والضغط البيولوجي (الصيد المفرط، والأمراض، وتبييض الشعاب المرجانية في المياه الدفيئة)؛ والضغوط الكيماوية (الملوثات). ومن أعراض الخطر المبكرة، والمخيفة، تراجع غطاء النباتات البحرية، التي تضطلع بدورٍ مهم في صحة النظام البيئي للشعاب المرجانية.  وثمة حاجة ماسة إلى تطوير خريطة قاعدية واضحة لقيعان البحار، لمواطن الحياة البحرية الحالية (التي تضم الشعاب المرجانية، والأعشاب البحرية، وغابات المنجروف الاستوائية)؛ ليمكن تقييم التغير، البعيد المدى، تقييماً سليماً؛ واتخاذ قرارات سديدة، تعتمد على معلومات صحيحة؛ عسى أن تنحسر الأخطار التي تتهدد الحياة الفطرية في المحيطات.

في صيف 2005، استخدمت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، من خلال مشاركة محطة الأبحاث الحيوية في بيرمودا (BBSR)، وجامعة أكستر بالمملكة المتحدة، القمر الصناعي للمسح الجوي المتعدد الأطياف "إكونوس" IKONOS، في جمع صور لمناطق الشعاب المرجانية في بيرمودا كلّها. ثم عُولجت البيانات، التي جمعها مختبر البيئة البحرية في جامعة أكستر، تمهيداً لرسم خرائط  قاعدية للمواطن البيئية في تلك المناطق، بما فيها أحواض الحشائش البحرية.

سوف تُستخدم خرائط مواطن الحياة الفطرية، في بيرمودا، في تقييم الوضع الراهن للمنظومة البيئية كلّها، في المياه الضحلة المحيطة بالجزيرة. وإضافة إلى ذلك، سوف تُربط تلك المواطن، المحددة، بوظائف النظام البيئي (مثل المواطن الفطرية لحياة الأسماك المرجانية)؛ لتشكل أساساً مهماً لأعمال الصيد البحري؛ والقرارات الإدارية، المتعلقة بالمحافظة على الحياة الفطرية البحرية، في المدى البعيد.

أنجز المشروع. وستُحوَّل خريطة الحياة الفطرية إلى محطة الأبحاث الحيوية، في بيرمودا (BBSR)؛ لمزيد من التنقيح، قبل استعمالها.

رابعاً: التعليم والبعثات التعليمية

تُوْلِي مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، اهتمامها نشر المعلومات والثقافة،  وتنفيذ المشروعات والأنشطة، المتعلقة بالمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، في أوسع نطاق ممكن. ولتحقيق هذه الغايات عمدت إلى الآتي:

1. المنح الجامعية

تقدم مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات منحاً دراسية، لنيل درجات الماجستير والدكتوراه، لعدد من طلبة الدراسات العليا، والباحثين،  الراغبين في إجراء البحوث، التي تهدف إلى المحافظة على الموارد البحرية، وحمايتها وإعادة تأهيلها.  وتوفر هذه المنح 35 ألف دولار، سنوياً؛ تستنفدها المصاريف: الدراسية والبحثية الرسمية، مثل: الأقساط الدراسية، ومصاريف البحوث الميدانية. ويتلقى المبعوثون دعماً مالياً، طيلة ثلاث سنوات دراسية متصلة، شريطة التقدم بطلب سنوي لتجديد البعثة، وفقاً للنتائج التي يحققها المبعوث.  وتُقبل الطلبات من أنحاء العالم كافة، بقطع النظر عن جنسية الطالب أو قوميته. ويتعين على المبعوثين، من طلبة الماجستير أو الدكتوراه، الاشتراك في رسالة، تتعلق مباشرةً ببرنامج ماضٍ أو مخطط له، تدعم مؤسسة خالد بن سلطان. كما ينبغي للطالب الموافقة على التبرع بجزء من وقته ومهاراته لخدمة المؤسسة، بعد التخرج؛ والإقرار، في رسالته، بما قدمته له المؤسسة، من دعم ومساندة.

قدمت المؤسسة، عام 2005، منحاً دراسية لأربعة من الطلبة، الراغبين في متابعة دراساتهم العليا في العلوم البحرية.

2. المطبوعات

أعلنت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، نشر المطبوعة الأولى، من سلسلة المطبوعات، التي تعتزم نشرها؛ وهي التي طبعت، عام 2005، وكان عنوانها: "صحة الكائنات المائية وأمراضها: من منظور ثنائي" . ويُعَدّهذا العمل مَعلماً رئيسياً من معالم هذه المؤسسة. ويُعَدّ هذا الكتاب نتيجة مباشرة لأعمال المؤتمر الثنائي الثاني، بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية، حول صحة الأحياء المائية ، الذي عُقد تحت رعاية مؤسسة خالد بن سلطان، في شيفردستاون Shephardstown، في فرجينيا الغربية، خلال الفترة من 21 إلى 28 سبتمبر 2003.  وقد نشرت هذا الكتاب مطبعة جامعة ولاية ميتشجان ، تحت رقم ISBN: 0-9765653-0-7 .

3. المؤتمرات

رعت المؤسسة مؤتمر الرؤية الزرقاء الإقليمي لمنطقة وسط الأطلسي Mid-Atlantic Regional Blue Vision Conference، وهو ورشة عمل  للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، عُقدت في المتحف الوطني للأحياء المائية، في بالتيمور، في الثامن من أبريل 2005.  وقد حضر المؤتمر ممثلو أكثر من خمسين منظمة، من منظمات المحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، في منطقة وسط الأطلسي. وقد حدد المؤتمر أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، وطور الأدوات الكفيلة بإيجاد الحلول لها.  وحُددت البنود ذات الأولوية العالية، والاهتمام المشترك، ومنها: المحميات البحرية، والزراعة المائية، وتلوث الزئبق، وصحة الأسماك، والتلوث مجهول المصدر، وآثار عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، والبنية التحتية لمشروعات الصرف الصحي.

وكانت المؤسسة هي الراعي "الفضي" لمؤتمر جمعية التقنية البحرية للمحيطات، لعام 2005، الذي عُقد في واشنطن العاصمة، في سبتمبر من العام نفسه. وقد جسد موضوع المؤتمر، "محيط واحد"، رسالة المؤسسة: "علم بلا حدود". وأقر، في الوقت نفسه، بصعوبة وضع المحيطات، في الحاضر والمستقبل. وقد ضم المؤتمر حشداً مهماً من الفاعليات، التي ركزت في التقنية المتقدمة والتعليم، والمنح الدراسية. كما أتيحت الفرصة للطلبة لتقديم عروض ومسابقات.

4. الفاعليات العامة

في مارس 2005، وتحقيقاً لأهداف المؤسسة، أنشأ مجلس إدارتها، رسمياً، لجنة للتطوير، تتألف من أعضاء من ذلك المجلس، واختصاصيين بالمحافظة على الحياة الفطرية للمحيطات، من خارج المؤسسة، ممن يتحلون بالرؤية الثاقبة والإخلاص. وقد كان الظهور الأول  لها، تحت قيادة مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، في فاعليات، في كلّ من لندن وهيوستن وبيرمودا.

نوهت فاعلية لندن، التي عُقدت في الجمعية الجغرافية الملكية، ببعثة سيشل، وأكدت إمكانيات المؤسسة، والتزامها شعارها: "علم بلا حدود". أمّا فاعلية هيوستن، التي استضافتها مؤسسة فولبرايت جاورسكي، فقد ركزت في مشروع من المشروعات، التي تعتزم المؤسسة تنفيذها، في منطقة البحر الأحمر؛ وقد دُعي في المؤتمر إلى مساندة المشروع، والمشاركة فيه.  أمّا المؤتمر الأخير، الذي عُقد في فندق إلبو بيتش Elbow Beach، في بيرمودا، فقد شجع الضيوف على "التفكير عالمياً، والتصرف محلياً". وقد رَوَّج المؤتمر، بوصفه مشاركة إستراتيجية، بين مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات، ومحطة الأبحاث الحيوية، في بيرمودا، للتعاون على دراسة الشعاب المرجانية وحمايتها، في المستويَيْن: المحلي والعالمي. وأكسبت هذه الفاعليات الثلاث المؤسسة رؤية واعترافاً، في مناطق كثيرة من العالم.

خاتمة

لا يتوانى المؤسس في توفير الأصول المهمة، مجاناً، لمؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة الفطرية في المحيطات. ومن هذه الأصول سفينة الإسناد اللوجيستي، "الظل الذهبي"، البالغ طولها 76 متراً، والتي مكنت المؤسسة من الوصول إلى مواقع بحرية نائية، لإجراء البحوث العلمية اللازمة. وهي مجهزة بمرافق مختبرية خاصة، وغرفة إعادة الضغط لعمليات الغطس، وطائرة بحرية (العين الذهبية)، تستخدم تقنية المسح الجوي متعدد الأطياف في مسح النظُم البيئية للشعاب المرجانية (انظر صورة العين الذهبية). وأهم الإمكانيات، التي تتمتع بها السفينة ، هي منصة الرفع القوية، التي تستخدم  في إقلاع الطائرة الآنفة وهبوطها. وهذه المنصة قادرة على مناولة أوزانٍ، تصل إلى 12 طناً. وهي تُعَدّ ذات  أهمية كبرى في أعمال الغوص والاسترجاع، في الظروف البحرية الصعبة. ولضمان سلامة الغواصين، فقد جُهزت سفينة الأبحاث بغرفةٍ لإعادة الضغط، تستوعب إصابة واحدة، وإخصائي إنقاذ طبي.

وكذلك لدى المؤسسة "العين الذهبية" وهي طائرة بحرية، من نوع Cessna 208 Caravan. تحمل على متنها نظام استشعار عن بعد، يُستخدم في أعمال المسح الجوي متعدد الأطياف، لمسح النظُم البيئية للشعاب المرجانية (CASI). وهو نظام استشعار سلبي، متعدد الأطياف hyperspectral sensor، قادر على مسح مساحات شاسعة من المحيط، بحثاً عن مكونات مواطن الحياة البحرية فيها وصحتها.

وفي إيجاز فإن المؤسسة خلال عمرها القصير أنجزت الآتي:

·   إجراء مسح جوي متعدد الأطياف لأكثر من مائة ألف هكتار، من الجزر الأمريكية، التي تعرف باسم فيرجن إيلاندز (سانت جون وسانت توماس)؛ وفيه رسمت خرائط للأماكن، من أجل تحسين خدمات إدارة الموارد.

·   جمْع عينات نادرة من بحر كورتيز، ثم اختيار عدة مواد منها، يحتمل علاجها لبعض الأمراض، كالسرطان والأمراض الفيروسية.

·   تطوير نُظُم لدعم اتخاذ القرار، بالتعاون مع جامعة ميامي، من أجل إيجاد إدارة أكثر فاعلية لموارد الشعاب المرجانية في فلوريدا والجزر الأمريكية (فيرجن إيلاندز).

·   إجراء عمليات مسح جوي متعدد الأطياف لأطراف جزر سيشل، شملت مساحة مائتَي ألف هكتار؛ وذلك لدراسة معدل تعافي الشعب المرجانية، في أعقاب الحدث المدمر، الذي أفقدها لونها، في الفترة بين عامَي 1997 و1998.

·   مشاركة محطة بيرمودا للأبحاث الحيوية في إجراء الأبحاث، لتطوير معمل مميز "لعلم السميات البيئية"، يعمل على دراسة تأثير عدد من الملوثات في صحة الشعاب المرجانية.

·   إجراء مسح شامل للمساحة البحرية المحمية في جزيرة فراسان، التي تقع في الجزء الجنوبي الأوسط من البحر الأحمر (انظر صورة شُعَب فراسان المرجانية)، و (صورة شُعَب فراسان المرجانية الناعمة).

وفي هذا المعنى يقول المؤسس صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان:

"ما قمنا به، حتى الآن، ما هو إلا بداية. فلا يزال هنالك الكثير من العمل الواجب إنجازه، لضمان سلامة محيطاتنا. ولهذا السبب، فإنني أتطلع إلى مشاركة أناس في أرجاء المعمورة كافة، ممن يعملون على تحقيق مصلحة المحيطات، وصحة مستقبلنا".