إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / محاضرات صاحب السموّ الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في المعاهد والمنشآت التعليمية









بسم الله الرحمن الرحيم

 

في كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة السعودية

 

حرب تحرير دولة الكويت

دراسة ... وتحليل ... ودروس مستفادة

ـــــــــــــــــــــــــ

الرياض، المملكة العربية السعودية

الأحد: 26 شعبان 1412، الموافق الأول من مارس 1992

ــــــــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

الإخوة الأعزاء قائد ومعلمو ومنسوبو كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة

الإخوة الأعزاء دارسو دورة القيادة والأركان

الإخوة الضيوف والحاضرون

يسعدني أن ألتقي اليوم قادة وأركان المستقبل، الذين تقع على عاتقهم مهمة التخطيط والقيادة، والتحسين والتطوير. تقع على عاتقهم مهمة استيعاب دروس أحدث حرب عرفتها البشرية، والاستفادة الكاملة منها، فالحرب جرت على الأراضي العربية، لمقاومة دولة عربية، أرادت فرض سيطرتها وإرادتها، وابتلاع دولة عربية.

عليكم أنتم، بعد تخرجكم، عبء إعادة التقييم الشامل لكافة الأنظمة: العملياتية والإدارية والتدريبية والتفتيش والإمدادات، وباقي الأنظمة، في ظلِّ الخبرة المكتسبة من هذه الحرب. ومن ثمَّ، يمكنكم البناء السليم لخطط المستقبل، البناء القائم على الأسس العلمية، وعلى الكنوز من الخبرات العسكرية.

كما يسعدني أن أتحدث في أكبر معهد عسكري في بلدنا الحبيب، حيث تقع على عاتقه مسؤولية إعداد أجيال من القادة العسكريين الأكفاء، المسلحين بالعلم والفن العسكريَّيْن.

ويجب ألاّ ننسى أن القوات المسلحة المحترفة، القادرة على الردع والدفاع عن الدولة، هي صمام الأمان لأي تطور اقتصادي أو اجتماعي. فلقد شاهدنا كيف اجتاح العراق الكويت في عدة ساعات. وشاهدنا كيف ابتُلعت هذه الدولة وتَهَدَّد نظامها: السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في لحظات. درس يجب أن نستوعبه جيداً، وأن نضع نصب أعيننا الاعتماد بعد الله ـ عزّ وجلّ ـ على قدراتنا الذاتية، وعلى قوات مسلحة سعودية محترفة ذات كفاءة قتالية عالية، وأنه لا يوجد من هو أولى بالدفاع عن المملكة من السعوديين أنفسهم. لذلك جئت، اليوم، أتحدث إلى قادة المستقبل، أتحدث، اليوم، إلى أمل الغد.

سأركز، بإذن الله، خلال حديثي إليكم، في المسـتوى العملياتي، أساساً، والمستوى الإستراتيجي. أمّا المستويات التكتيكية، فسأتركها للقادة الآخرين للتحدث فيها باستفاضة.

سأبدأ حديثي إليكم بعرض سريع للمسرح السياسي قبل الثاني من أغسطس عام 1990، وهو مدخل طبيعي، لكي نتفهم الظروف العالمية والمحلية، التي جرى خلالها الغزو العراقي.

ثم سنسأل سؤالاً: هل كان الغزو وليد المصادفة، أي وليداً للأحداث بعد 17 يوليه 1990، وهو التاريخ الذي ألقى فيه الرئيس العراقي خطابه الذي اتهم فيه الكويت والإمارات العربية المتحدة بالتآمر على العراق، أو أن العدَّ التنازلي لاحتلال الكويت بدأ فعلاً عقب إيقاف إطلاق النار بين العراق وإيران عام 1988؟

إن الإجابة عن هذا السؤال ستنقلنا إلى الأسباب الحقيقية للغزو العراقي لدولة عربية إسلامية مجاورة، ساندته في محنته، وتعرضت للكثير من المشاكل نتيجة لهذه المساندة.

سنتعرض، بعد ذلك، بإيجاز شديد للموقف العسكري يوم الثالث من أغسطس عام 1990، الذي يقودنا إلى الإجابة عن سؤال محير: لماذا توقفت القوات العراقية عند الحدود الكويتية ـ السعودية؟ ولماذا لم تستكمل هجومها؟

كلّنا نعلم أن مولاي خادم الحرمين الشريفين، القائد الأعلى للقوات المسلحة، اتخذ قراراً تاريخياً باستدعائه القوات الشقيقة والصديقة في السادس من أغسطس، وعَدَّه جميع المحللين قراراً سياسياً، ولم يفكر أحد أن هذا القرار كان مبنياً على تقدير موقف سياسي عسكري دقيق، أي أن القرار سياسي وعسكري في الوقت نفسه. ولهذا سأحاول شرح المبررات العسكرية، التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار، ليس التاريخي فقط ولكنه المنطقي أيضاً، إذ وضع القائد الأعلى للقوات المسلحة مصلحة المملكة وشعبها في المقام الأول، بعيداً عن الشعارات الزائفة والانفعالية الخادعة. لقد كان الاختيار الوحيد بين حياة دولة حرة كريمة أبية، مهما كانت التضحيات، وبين العيش في ذلٍّ وخنوع، وفي ظلِّ ابتزازٍ لا نهاية له.

سننتقل، بعد ذلك، إلى توضيح المصاعب التي واجهتنا في تشكيل قيادة القوات المشتركة وتنظيم أعمالها ومسؤولياتها، مع توضيح الخطوات الرئيسية، التي اتبعتها القيادة لحـلِّ مشـاكل القيادة والسيطرة، والتي تُعَدّ بحقٍ دروساً عملية تطبق، للمرة الأولى، بكفاءة، والحمد لله.

سنحاول، للمرة الأولى، أن نوضح الخطوات، التي اتخذها الجانب الآخر. سنتعرض للفكر العسكري العراقي خلال الأزمة. فمثلاً، سنتحدث عن الإستراتيجية العسكرية العراقية، والتكتيكات العراقية خلال العمليات، والأعمال العسكرية الرئيسية، ثم أسباب الانهيار السريع للقوات العراقية في مسرح العمليات.

قبل أن نختتم الحديث معكم، لا بدّ أن نتكلم على الدروس المستفادة من هذه الحرب. وبالتأكيد لن نستطيع سرد الدروس كافة، ولكني سأنتقي منها المهم، وسأوضح لكم أيضاً أن استنباط الدروس المستفادة يجب أن يمر بمراحل معينة، وإذا لم يمر الباحث بها، فسمِّها أي شيء آخر.

وإن شاء الله، بعد ذلك، سنترك الفرصة لكم لتوجيه ما تشاؤون من أسئلة.

وبسم الله نبدأ