إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / محاضرات صاحب السموّ الملكي الفريق الأول الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، في المعاهد والمنشآت التعليمية









بسم الله الرحمن الرحيم

في أكاديمية ناصر العسكرية العليا

القوة والسلام:

أيهما خيار إستراتيجي، في عصر أحادي القطبية؟

ـــــــــــــــــــــ

القاهرة، جمهورية مصر العربية

الأربعاء، 8 ذي القعدة 1427، الموافق 29 نوفمبر 2006

ـــــــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

 

السيد الفريق / سامي حافظ عِنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ورئيس المجلس الأعلى لأكاديمية ناصر العسكرية العليا

السيد / مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا

السادة / قادة القوات المسلحة المصرية

السادة / الحضور

   أحيّيكم بتحية الإسلام، القائم على العلم والعمل به. الإسلام الذي يحثنا على التفكر والتدبر، ويدفعنا إلى عمارة الأرض، التي لا تتأتى إلاّ بالعلم وحده، طريق القوة والعزّة.

يسعدني أن أتحدث، اليوم، في أكبر معهد عسكري في بلد شقيق، نكنّ له كلّ تقدير وإجلال. المعهد المسؤول عن إعداد أجيال من القادة العسكريين الأَكْفَاء ذوي الخبرة، المسلحين بالعلم والفن العسكري.

لم أتردّد لحظة في قبول الدعوة، عندما تلقيتها من أخي، زميل السلاح، سعادة الفريق سامي عنان، للقائكم والتحدث إليكم. ولكني كنت في حيرة من أمري. ماذا عساني أقول في لقاء يشع علماً، وأمام عقول اتسعت مدارك وفكراً؟ إذ كنت كناصح مصلٍّ أن يصلي، وكواعظ صائمٍ أن يصوم، بل كنت كمن يبيع الماء في حارة السقايين.

وكيف أتحدث عن الإستراتيجية إلى صانعيها ودارسيها! وكيف أشرح الفنَّ التعبوي، لمبدعيه ومطوريه! وكيف أناقش في التكتيك خبراءه وممارسيه! لذا، سيكون لقاؤنا تبادلَ أفكارٍ، وتوضيحَ رؤى، وطرحَ تساؤلات؛ علّنا نعثر على إجاباتها.

إنَّ الأحداث الأخيرة المتسارعة هي التي فرضت نفسها عنواناً لهذا اللقاء. فالعالم كلّه يتحدث عن القوة، وفرضها السلام الذي يروق لها. بينما الدول المغلوبة على أمرها حائرة بين امتلاك القوة وامتلاك اللقمة.

فعند تلقي دعوتكم الكريمة، كنت قد اخترت عنواناً للقاء، وهو: "توازن القوى، وتوازن المصالح، في عصر العولمة". ولا يخفى عليكم ما يعنيه كِلا التوازنَيْن. وكنت أؤمن، قبل إعلان ولادة عصر العولمة، أن توازن المصالح، هو ضمان الأمن والاستقرار.

وفي مايو 97، كتبت مقالاً في جريدة "الحياة" عنوانه: "الصداقة مؤقتة، والعدواة مؤقتة، والمصالح دائمة"؛ ولكن، أجد الآن أن الوقت قد حان لتغيير هذا المفهوم. فإن كانت المصالح هي، حقاً، ضمان الأمن والاستقرار، ومتانة العلاقات بين الدول، فَلِماذا لَمْ تشفع المصالح المتبادلة، غير المحدودة، بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، في استقرار العلاقات بينهما، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ ولماذا سمحت واشنطن للأبواق الصهيو ـ مسيحية بتسميم علاقاتها بالرياض وتدهورها بين الدولتَيْن، لولا أن تداركتها حكمة خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الملك عبدالله بن عبدالعزيز؟

لذا، لا بدّ لي أن أصحح عنوان مقالتي، ليصبح: "الصداقة مؤقتة، والعداوة مؤقتة، والقوة تحمي المصالح، وتجعلها دائمة".

سأحاول في لقائنا هذا مناقشة شعار: "السلام" خيار إستراتيجي، وهو الشِّعار الذي ارتضاه العرب، ولم يفرضه عليهم أحد؛ ثم مناقشة مدى استجابة الأطراف الأخرى لهذا الشعار. وقبل أن أنتقل إلى الحديث عن القوة، ومناقشة أهمية جَعْلها "خياراً إستراتيجياً"، أجد لزاماً عليّ إلقاء بعض الضوء على العلاقة الوثقى بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وما يُحاك للأمة العربية، في منطقة الشرق الأوسط. ثم نناقش الصراع الأخير في لبنان، ونستعرض الحقائق والأهداف. وإذا سَنَحَ الوقت، فَلْنِلْقِ نظرة على الهموم المقبلة التي تتهدد المنطقة، وهي الملف النووي الإيراني، واحتمالات تفجّر الموقف العسكري. لِمَا لذلك كله من علاقة بموضوعنا عن "القوة والسلام"؛ ثم نختتم اللقاء بالإجابة عن التساؤل، الذي طرحناه في عنوان اللقاء.

ماذا يعني الخيار الإستراتيجي؟              

* الإستراتيجية في أوضح معانيها هي "علم وفن تنمية قدرات الدولة وتعبئتها واستخدامها، في زمن السلم والحرب، بما يضمن تحقيق أهدافها الوطنية".

* ولتحقيق الإستراتيجية، هناك بدائل أو خيارات، تحدّد كيف نستخدم تلك القدرات في تحقيق أهدافنا، مُعَظِّمِين مكاسبنا، مُخَفِّضين نفقاتنا، مستغلين وقتنا. ومن ثَمَّ، نختار من بينها أكثرها ملاءمة.

* ومما لا شك فيه أن الاختيار الصحيح للخيار الإستراتيجي، يؤثر في خطط الدولة وطموحاتها الشاملة، والمستقبلية.

ما تأثير الخيار الإستراتيجي؟   

* إذا استعرضنا عناصر قوة الدولة: الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والمعلوماتية، لاتضح تأثير الخيار الإستراتيجي في بناء تلك القوة وتطويرها واستخدامها. أيْ أن هذا الخيار سيؤثر في السياسات التخصصية وإستراتيجياتها، ومن ثَمَّ، خطط تحقيقها.

* باختصار، هو مؤثر في كلّ مقومات الدولة، داخلياً وخارجياً، في علاقاتها بشعبها، وفي علاقاتها بالدول الأخرى، في تقدمها وفي تخلفها.  

* من المؤكد، أن الخيار الإستراتيجي المُختار، ينبغي أن يكون أفضل الخيارات ملاءمة لتحقيق الأهداف الوطنية للدولة. ولا يُعَدّ خياراً، إذا فُرض من الخارج على سلطة الدولة؛ بل سيكون إملاءً لإرادة الغير، وكسراً لإرادة الدولة، وضياعاً لهيبتها.

هل يصلح "السلام" أن يكون خياراً إستراتيجياً؟                                                             

* "السلام خيار إستراتيجي"، شعار يدعونا إلى الاستسلام والدعة! ولأنه خيار إستراتيجي سيؤثر، شئنا أم أبينا، في المجالات كافة، تخطيطاً وتنفيذاً.

* حقيقة، لا أدري لماذا نُفْصِح عن نوايا تُطمئن عدونا، وتعطيه الأمان، وتُسعده لنومنا في سبات عميق. فقد اخترنا نحن السلام، واختار هو القوة.

* وما كان خيار السلام، من دون قوة تحميه، إلاّ خيار الضعفاء، وإذا أصبح هدفاً، فسنجد أنفسنا تحت رحمة الطرف المتشدد وابتزازه، نتيجة محاولاتنا إرضاءَه بأيِّ ثمن؛ وهذا يؤدي إلى ضياع الأمن وعدم الاستقرار.

لماذا يختار العرب مثل هذا الخيار؟                          

* أعلن العرب، من دون أن يُطْلب منهم، أن السلام خيارهم الإستراتيجي. وفُتحت حدود عربية أمام الإسرائيليين. ورُحِّب بهم في بعض العواصم العربية. ورُفعت المقاطعة. فماذا كانت النتيجة؟

ازداد الإسرائيليون صلفاً وتعنتاً، وظنوا أنهم أمام ضعف عربي عام، وخضوع شعب بأسره، ونهاية أمّة عريقة.

* والسؤال: لماذا يردد العرب هذا الشعار في جميع المحافل؟

ـ هل لإرضاء القوى الخارجية؟

ـ أو لطمأنة إسرائيل إلى نوايانا الاستسلامية، فلا نتعرض لعقابها؟

ـ هل هو جواز سفر إلى الغرب؟

ـ أم هو لطمأنة شعوبنا بأننا لن نقحمهم في مغامرات عسكرية، أو في أتون حرب، لا نقدر عليها؟!

* والسؤال الأهم: إذا كان هذا الخيار صحيحاً، ولم يُفرض على العرب، فما الوسائل والأدوات، التي يمتلكونها، لفرضه وحمايته؟ بداهة، الأداة الوحيدة هي القوة؛ فالقوة هي التي تحمي السلام، وليس العكس. فالعالَم يحترم الأقوياء، ولا يُبالي بالضعفاء؛ قد يشفق عليهم، لحظات؛ ويتبرم بهم، في كلّ الأوقات.

إسرائيل واختيارها الإستراتيجي.                             

* إذا نظرنا إلى إسرائيل، فما هو خيارها الإستراتيجي؟ وكيف أنشأت دولتها؟ إن خيارها الإستراتيجي، أمس واليوم وغداً، هو استخدام القوة الكاسحة، والردع النفسي بالرعب؛ إضافة إلى الردع العسكري التقليدي، والنووي.

* إنها لا تَفْهَم سوى لغة القوة. ولن يوقفها إلاّ القوة.

* ولن ننسى مجازرها، منذ مذبحة دير ياسين، عام 1948، إلى مذبحة بيت حانون، هذا العام.

ننتقل الآن إلى طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كي نُقيِّم الأمور وندرك الحقائق                       

* نُخطئ كثيراً عندما ننتقد على الولايات المتحدة الأمريكية مواقفها، تجاه العالمَيْن: العربي والإسلامي، وانحيازها السافر إلى إسرائيل؛ ونحن نحاول مخاطبتها بالعقل والمنطق والمصلحة.

* نخطئ لأننا قبل أن نلوم، ينبغي أن نفهم طبيعة العلاقة بين الدولتَيْن، قبل إنشاء إسرائيل وبعده. وندرس النظام الأمريكي السياسي والتشريعي. ونحدد جذور المشكلة العويصة، التي تواجهنا، وأسبابها، كي نحدد مكامن الخلل، ونقترح العلاج، ولا نضيع الوقت في اجترار أعراض المشكلة.

* كيف نُقَيِّم العلاقة بين دولتَيْن، تُدْرِج إحداهما في أُولى أهداف إستراتيجية أمنها الوطني "حماية أمن الدولة الأخرى"، و"ضمان بقائها وتفوقها على الدول العربية كافة"! أَلاَ يكفي ذلك لمن يسمع ويرى، كي يفهم طبيعة العلاقة، ليخطط، وينفذ، ويحاول امتلاك وسائل تحقيق أمانيه الوطنية؟

* ترى الولايات المتحدة:

ـ أن الاستيطان لإسرائيل، هو حق مقدس؛

ـ وأن تحقيق أمنها المطلق، هو ضرورة ماسة؛

ـ و أن ترجيح "توازن القوة" لمصلحتها، هو حتمٌ محتوم؛

ـ وأن التطبيع بينها وبين العرب، هو فرضٌ مفروض؛

ـ وأن الطريق عبرها إلى واشنطن، هو أقصر الخطوط.

* ومن يتتبع قرارات الكونجرس، يجد أن أكثرها يبحث في الشؤون الإسرائيلية حقيقة أكثر منه في الشؤون الأمريكية.       

* لا أحد ينكر تأثير اللوبي الصهيوني في المجالات كافة: السياسية والاقتصادية، والعسكرية والإعلامية، والمالية والتعليمية؛ حتى إنه لم يترك مجالاً واحداً خالياً من بصماته، وبصمات مؤيديه والمستفيدين منه. وكلّ هذا في غيبة من الوعي العربي والإسلامي.

* وأفضل تشخيص لهذا التأثير ما وَرَدَ في أجرأ دراسة، أعدّها أستاذان أمريكيان، أحدهما يهودي، من جامعة شيكاغو، والآخر من جامعة هارفارد، في اثنتَيْنِ وثمانين صفحة، عنوانها "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية". واستعرضا فيها كيف أصبحت تلك السياسة رهينة إسرائيل، وأسير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. وفنّدا جميع المزاعم، التي تبرر هذا الانحياز الواضح، الذي بات يضرّ بمصالح الأمن الوطني الأمريكي نفسه. ولأهمية الفقرات كافة، التي توضح، بصراحة وجلاء العلاقات بين الدولتَيْن، في الماضي والحاضر؛ أحضرتُ معي الدراسة كاملة باللغتيْن: الإنجليزية والعربية، وسأودعها مكتبة الأكاديمية لعلها تُفيد؛ فنفهم ما يجري، وهو السيئ؛ ونخطط للمقبل، وهو مع الأسف الأسوأ.     

* لم يقتصر نشاط اليهود على الولايات المتحدة، بل تعدّاها إلى الاتحاد السوفيتي، حيث أنشأوا اللوبي الصهيوني؛ مسيطراً على الاقتصاد أولاً، ثم السياسة ثانياً. وكان له دور بارز في التعجيل بنهاية الاتحاد السوفيتي، في الماضي، وله اليد العليا في روسيا، في الحاضر. ومن المحتمل، في الصين، في المستقبل القريب.

* ونظراً إلى مواقف الدول الأوروبية المعارضة، للحرب على العراق، والاعتداء الأخير على لبنان، لم تُضِع إسرائيل الوقت، وأُعلن، في 14 سبتمبر الماضي، في بروكسل، عن تأسيس منظمة جديدة، باسم "أصدقاء إسرائيل الأوروبيون"؛ وتُعَدّ أُولَى منظمات الضغط الموالية لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي. ومن أهدافها:

1. تكوين جماعة ضغط سياسي،

2. وتحسين صورة إسرائيل،

3. وابتزاز المسؤولين الأوروبيين المناوئين لإسرائيل،

4. وتضليل الرأي العام بما يخدم الأهداف الصهيونية.  

ما هي العلاقة الحالية بين إسرائيل والولايات المتحدة، بعد وصول المحافظين الجدد إلى دوائر اتخاذ القرار

* سيطرت أفكار المحافظين الجُدد على السياسة الأمريكية، بعد أحداث 11 سبتمبر، فظهرت في الآتـي:

ـ إبقاء الولايات المتحدة أقوى دولة عسكرية في العالم، بلا منازع؛

ـ وإعلان الحرب على الإرهاب؛

ـ وتأييد سياسة إسرائيل تأييداً كاملاً، وتعزيز التحالف الإستراتيجي معها؛

ـ وشنّ الحروب الإجهاضية أو الاستباقية؛

ـ وإطاحة صدام حسين وحزب البعث؛

ـ ومحاولة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، بما يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب؛

ـ والمحافظة على وجود عسكري أمريكي حاشد في منطقة الشرق الأوسط،

ـ وإضعاف الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى؛

ـ والإيمان بأن القوة فقط هي الوسيلة الوحيدة إلى حل المشاكل كافة.

* وشعارهم: "إسرائيل هـي الصديق الوحيد للولايات المتحدة، في الشرق الأوسط".

* وأشدّ ما في هذه الأفكار خطراً، هو توظيف الأيديولوجية الدينية في خدمة الأيديولوجية السياسية، وفي خدمة الحروب العسكرية. فقد قال الرئيس بوش، في منتصف سبتمبر الماضي، "إن الصحوة الدينية الحالية، تأتي في إطار الحرب على الإرهاب، ومواجهة "الإسلاموفاشيزم". ولن أسمح أبداً بإقامة إمبراطورية إسلامية فاشية جديدة، في الشرق الأوسط". هذا ما قاله فخامة الرئيس!

* أمّا الحركة الصهيو ـ مسيحية الحالية، المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي، فتؤمن بأن "الله كان كريماً مع الولايات المتحدة لأنها كريمة مع اليهود دائماً". وللحركة ستة مبادئ رئيسية، هي:

أولاً: الاعتقاد بأن اليهود، ما زالوا شعب الله المختار، وهذا يبرر احتلال إسرائيل لكلّ فلسطين؛

ثانياً: إن عودتهم النهائية إلى إسرائيل عمل عقائدي ينبغي تشجيعه؛

ثالثاً: إن ملكية أرض إسرائيل، تقتصر على الشعب اليهودي فقط؛

رابعاً: تُعَدّ القدس هي العاصمة الأبدية لليهود، دون غيرهم؛

خامساً: ينبغي أن يُبنى الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى؛

سادساً: لا مكان لأيّ توقعات محتملة للسلام أو التسوية، ومن يدافع عن ذلك، فهو معارض لإرادة الرب.  

مقارنة فاعلية اللوبي وإسرائيل، بقصور الدول العربية

* يحلو للكثيرين جلد الذات، وصب جام غضبهم على الحكومات: العربية والإسلامية، منكِرين منكِرين الصمت على جرائم إسرائيل وأنصارها، وسيطرتهم على القوة العظمى الوحيدة؛ وناعين إلى العرب إرادتهم وقوّتهم وقدراتهم؛ وإلى المسلمين وحدتهم وعديدهم، الذي يزيد على المليار وثلثه.

* إن المقارنة ظالمة، وجلد للذات في غير محله. فإذا نظرنا إلى الدول العربية، ينبغي أن نسأل:

ـ هل بينها وحدة مصالح أو أهداف مشتركة؟

ـ هل يمكنها التخلِّي عن بعض المصالح القُطرية لمصلحة الأهداف الوطنية العربية؟

ـ هل لديها ثقافة عدم الخلط بين المشاعر الشخصية والمصالح الوطنية العليا؟

ـ هل لديها تخطيط مشترك طويل الأمد، وتصميم كامل على التنفيذ والمتابعة؟

* إن في إسرائيل رأياً واحداً، وقراراً واحداً، ومصلحة عليا واحدة، أيْ كلّهم على قلب رجل واحد. أمّا في الدول العربية، فهناك اثنان وعشرون رأياً، و اثنان وعشرون قراراً، و اثنان وعشرون مصلحة متباينة. ولم يجتمعوا يوماً على قلب رجل واحد.

* أَلَمْ أَقُل لكم إن المقارنة غير دقيقة، وليست في محلها!

والسؤال الآن: ما هو الشرق الأوسط (الكبير أو الجديد)، الذي وعدت به الولايات المتحدة؟

* في 12 ديسمبر 2002، أعلن كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي، آنذاك، ما يُسمى بـ "مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط". وكان ذلك أول الغيث. إذ أوضح أن هذه المبادرة تتوخى:

ـ تشجيع المشاركة الشعبية في العملية السياسية؛

ـ ومساعدة المؤسسات: التعليمية والتربوية؛

ـ ومكافحة الأمية؛

ـ ومؤازرة حقوق المرأة؛

ـ ودعم القطاعَيْن: العام والخاص، في العالم العربي؛

ـ ودفع عجلة التفاهم والشراكة بين الشعب الأمريكي والشعوب العربية.

أهداف لا يمكن معارضتها؛ ولكن النوايا وحدها لا تُفيد.

* وقال: لقد شدّدت سياستنا الشرق أوسطية، على:

ـ كسب الحرب ضد الإرهاب؛

ـ وتجريد العراق من الأسلحة النووية؛

ـ وحلّ النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.

* ولكن، ماذا حدث؟ ما زالت الحرب على الإرهاب، تحصد المتهم والبريء؛ والعراق لم يُجَرّد من الأسلحة النووية فقط، والتي لا يمتلكها أصلاً، وإنما جُرِّد من كل شيء. والنزاع بين إسرائيل وفلسطين يمضي من سيئ إلى أسوأ.

* وفي يوليه 2004، بعد احتلال العراق، طرح بوش "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، في اجتماع الدول الثماني الصناعية الكبرى. دعا فيه إلى:

ـ تبنِّي الديموقراطية،

ـ وتشجيع التغيير الثقافي،

ـ واحترام حقوق الإنسان،

ـ وتأكيد حقوق المرأة،

ـ ومحو الأمية.

وَوُضعت البرامج التفصيلية. ورُصِدَت الموازنات المالية.

ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، بل تحققت الفوضى، التي تجلت، في أسوأ صورة، في العراق، حيث الدمار يعم كلّ شيء، والكلّ يقتل الكلّ: السُّنة والشيعة والأكراد وغيرهم، والجميع يتآمرون على تقسيم العراق. ولم تتحقق ديموقراطية، ولا حقوق إنسان، ولا ارتقاء ثقافي، ولا محو أمية.

* وأخيراً، وصفت كوندوليزا رايس الحرب على لبنان، في 22 يوليه الماضي، بأنها "آلام المخاض لولادة شرق أوسط جديد". إنها بهذا التصريح، توحي أن الفكرة، في صياغتها الجديدة، ستنفذ عبر حرب دموية شرسة، تحرق الأخضر واليابس، على يد قوات إسرائيلية بحتة، وليس قوات أمريكية، ولا متعددة الجنسيات.

* وفي الحقيقة، سبق شمعون بيريز الإدارة الأمريكية إلى التحدث عن "الشرق الأوسط الجديد"، في عام 1993، بعد توقيع اتفاقية أُوسلو. فقد طالب صراحةً بتحويل جامعة الدول العربية إلى منظمة شرق أوسطية تنضم إليها إسرائيل ودول إقليمية أخرى. وقال: إن وحدة اقتصادية، ستتحقق في منطقة الشرق الأوسط الجديد؛ باجتماع:

ـ  العبقرية الصهيونية المبدعة قيادةً،

ـ  والأيدي العربية الرخيصة عملاً،

ـ  والثروات العربية المتكدسة تمويلاً.

* إن الهدف النهائي من هذه المشاريع المطروحة، بدءاً من "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وانتهاءً إلى "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، هو:

ـ إثارة النزعة العِرْقية،

ـ وتشجيع التفتيت المذهبي،

ـ وتمزيق الدول العربية إلى دويلات،

ـ وإدماج إسرائيل في المنطقة؛ واضطلاعها بدور مركزي، تكون فيها قلباً لهذا الشرق الأوسط الجديد.   

ما هو الشرق الأوسط، طبقاً للخريطتَيْن اللتَيْن ظهرتا في مجلة The Armed Forces Journal؟

* في يوليه الماضي، نشر ضابط أمريكي، يُدْعَى رالف بيترز، مقالاً، يتحدث عن الشرق الأوسط الجديد بعد تصحيح حدود دوله. وكان عنوان المقال "حدود الدم – انبثاق لشرق أوسط أفضل"؛ وكلّ ما جاء فيه مردود عليه. ولكن يلفتني توقيت صدور المقال، والمجلة التي نشرته، والمغزى من نشره، وغرابة ما ورد فيه. فالمقال صدر في يوليه، قبل الاعتداء الإسرائيلي على لبنان. والمجلة صادرة عن القوات المسلحة الأمريكية. والخريطة أمامكم هي الحدود الحالية. أمّا الغرابة، فسنراها من خلال استعراض بعض فقرات المقال. ولننظر إلى طبيعة التغيير.

أولاً: إقامة دولة "كردستان الكبرى المستقلة"، تشمل الأكراد في العراق أولاً، ثم في تركيا وإيران وسورية.

والسؤال: أَليس ما يحدث الآن هو مقدمة لتلك الدولة، التي ستمتد من ديار بكر في تركيا حتى تبريز في إيران، وستكون من أشدّ الدول موالاة للغرب ما بين بلغاريا واليابان!

ثانياً: إقامة "الدولة الشيعية العربية"، تشمل: الجزء الجنوبي الغربي من إيران، والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، فضلاً عن المنطقة الحالية في جنوبيِّ العراق.

والسؤال: لماذا الآن التركيز في "الأكراد"، و"الشيعة العرب"؟ فالأكراد هم سند القوات الأمريكية في العراق، وأكثر الطوائف استفادة مما حدث ويحدث. والشيعة العرب مطلوب إبعادهم عن مرجعيتهم في إيران، وترسيخ فُرقتهم عن السُّـنة العرب.

ثالثاً: بعد تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام، سيضطر الجزء السُّـنِّيْ إلى الالتحاق بسورية، لتصبح "دولة سورية الكبرى"، التي سيُقْتَطَع منها منطقتها الساحلية، لِتُضم إلى لبنان لتشكيل "دولة لبنان الكبرى"؛ لإعادة إحياء دولة فينيقيا.

رابعاً: يُقتطع من المملكة العربية السعودية أربعة أجزاء:

ـ المنطقة الشرقية، تلحق بالدولة الشيعية العربية.

ـ القسم الشمالي الغربي، يلحق بالأردن، الذي سيشكل مع حدوده الحالية دولة "الأردن الكبرى" التي ستضم كل الفلسطينيين في الشتات.

ـ مساحات شاسعة من القسم الجنوبي، تُضَمّ إلى الجمهورية اليمنية.

ـ منطقة مكة والمدينة، وتُحكم بمجلس، تتناوب عضويته المدارس والحركات الإسلامية الدولية، في إطار دولة إسلامية مقدسة، أي فاتيكان إسلامي.

خامساً: القسم المتبقي من حجم المملكة الأصلي، يُشَكِّل كياناً سياسياً قائماً بذاته.

هل هناك عداء للإسلام والمملكة العربية السعودية أكثر من هذا!

ـ سأكتفي بهذه الفقرات، وأسأل: هل ثمة منطق في هذا العبث؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فما المغزى من نشر هذه الخريطة؟

من وجهة نظري، هي خريطة ابتزاز لدول المنطقة، وتلويح بمصيرها إذا لم تَلْتَزِم.

ما هو الشرق الأوسط، الذي يرغبون فيه، من وجهة نظرنا؟

* إن زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي، يذكرني بعملية زرع عضو في جسم الإنسان. فالأطباء، كي يقبل الجسم العضو الغريب، ولا يلفظه، يعطونه العقاقير القوية، لإضعاف مناعته ومقاومته، إلى الحدِّ الأدنى، قبل العملية، والاستمرار في ذلك بعدها، وربما طوال العمر. ولكن، تقليل مناعة الجسم، يُشَجِّع على نمو البؤر السرطانية، التي تهدده، وقد تدمره، في نهاية الأمر.

* وهذا يشبه الوضع السائد حالياً، وما يريدونه مستقبلاً. شرق أوسط من دون مناعة أو مقاومة، يسيطر فيه العضو الغريب على الجسم كله. وللأسف، البؤر السرطانية، وهي بؤر الإرهاب والتطرف واليأس، لا تلبث أن تظهر وتتطور لتودي بالمنطقة كلّها.

* حقيقة، هذه الأفكار ليست وليدة اليوم، ولا هي وليدة عهد الرئيس بوش الابن؛ إنها قديمة، تعود إلى نهاية أربعينيات القرن الماضي، وأكدتها "المنظمة الصهيونية في القدس" عندما نشرت مقالاً، في مجلة كيفونيم، في 14 فبراير 82، تستعرض فيه إستراتيجية إسرائيل، في نهاية الثمانينيات وحتى الألفية الثالثة؛ وأهم ما جاء فيه:

ـ استرداد سيناء، التي اغتصبها المصريون،

ـ العمل على تفتيت مصر، وهذا يُعَدّ فاتحة لتفكيك السودان وليبيا وغيرهما؛

ـ تقسيم لبنان خمسة أقسام؛

ـ تحطيم القوة العسكرية لكلّ من العراق وسورية، ثم تفتيتهما مناطق محددة، تبعاً للمعايير العِرقية أو الدينية؛

ـ تفكيك شبه الجزيرة العربية؛

ـ السيطرة الكاملة على الموارد المائية.

* وللأسف، يتطابق هذا الفكر مع ما أعلنه بريجينسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر، في أواخر الثمانينيات، إذ قال: "سيكون هناك شرق أوسط جديد، عام 2000، مكون من جماعات: عِرقية ودينية، على أساس مبدأ "الدولة الأم": تتحول إلى كانتونات مذهبية وعِرقية، يجمعها إطار إقليمي كونفدرالي".

* وسؤالنا: كيف يولد شرق أوسط جديد من بين الخراب والدمار، وذل الشعوب وهوانهم، وكسر إرادتهم وضياع هويتهم! وهل ميلاد شرق أوسط جديد، تهيمن عليه إسرائيل، وتكون هي مركز ثقله، سينعم بأي سلام أو استقرار؟

إن خيار السلام لم تحترمه إسرائيل، بل إنها لن تقتنع إلاّ بالقوة سبيلاً لتحقيق أهدافنا.

وسؤالنا: "القوة خيار إستراتيجي"، هل هو البديل الأنسب؟  وهل توازن القوة، يخلق استقراراً نسبياً؟                             

* قبل الإجابة عن هذا السؤال، فلنُعَرِّف، ما أنتم أهل معرفته، مفهوم القدرة، والقوة، والردع، تعريفاً موجزاً.

* فالقدرة هي: مجموع الطاقات والموارد، التي تمتلكها الأمّة، وتجعلها تتحرك في المسرح السياسي، بهدف تحقيق المصالح الوطنية. أمّا القوة، فهي تعبئة هذه الطاقات وتحريكها، من خلال الإرادة والقـرار السياسيـَّيْن. وتبدأ التعبئة باسـتخدام الأداة الدبلوماسـية أولاً، فالأداة العسكرية ثانياً. إذاً، يمكن أن يكون لدى الدولة قدرة ما؛ ولكن لا تستطيع أن تحولها إلى قوة، بسبب عجز قيادتها السياسية، أو تنظيمها السياسي، في التعبئة والتحرك.

* والقوة شيء، والعزيمة والإقدام على استخدامها شيء آخر. فالقوة عامل محايد، لا تأثير لها، إلاّ إذا انطلقت، وتحركت، وبدأت في الانتشار. وتستمر فيه، حتى تصطدم بقوة أخرى، تضطرها إلى التوقف، تمهيداً لإجبارها على التراجع إلى حيث بدأت. وأمثلة التاريخ، حديثه وقديمه، عديدة.

* وقد كتبت مقالاً، في نوفمبر 98، بعنوان: "القوة تتحدث"، جاء فيه أن "القوة تَحْشد وتُجيش، تُهَدِّد وتَتَوَعَّد، تَتَصَاعَد تصريحاتُها، تُدير الأزمة بمنطقها، وتَفْرِض الشروط بغطرستها. ولا ترتد إلاّ إذا سمعت صوت قوة أعتى منها. لذا، فإذا كانت القوة لازمة في الأيام السالفة، فقد باتت، الآن، ضرورة مصيرية، لمن يُريد أن يحيا في عزة وكرامة". هذا ما قلته في تلك المقالة.

* ينجم التأثير الفاعل للقوة، عن عاملَيْن، الأول: توافرها بطريقة متطورة؛ والثاني: العزيمة والإرادة، اللتان لا تترددان في استخدامها، عند الضرورة. وإذا تهيأ العاملان، فقد يحولان دون استخدام القوة أصلاً؛ لأن "ردع العدوان" وإيقاف انتشاره، يكونان قد تحققا فعلاً. أمّا إذا افتُقِد أحد العاملَيْن، فالعدوان واقع، لا محالة؛ لأن التوازن قد اختل.

* فالردع يحتاج إلى مزيج من عوامل ثلاثة: توافر القوة، وتوافر الإرادة على استخدامها، ويقين العدو بوجود العاملَيْن الآنفَيْن.

* وإذا نظرنا إلى الحال مع إسرائيل، نجد أن الفجوة الخطيرة بين وجود القوة وعدم القدرة على استخدامها، تشجع إسرائيل على العدوان، لغياب "القدرة على عقابها". ولأن لكلِّ فعل رد فعل؛ فالقدرة على رد الفعل، قد تمنع حدوث الفعل نفسه.

* إذاً، "توازن القوى" ضرورة لفرض الاستقرار؛ إذ إنه يفرض "توازن المصالح". و"خلل التوازن"، يحرك القوة لتحقيق: المطامع، وفرض القهر، والإبادة، وفرض إرادة الدولة بالقوة. وفي الوقت نفسه، يكون دافعاً للدولة الأضعف إلى رفض ذلك، ومحاولتها تنمية قوّتها، ما يسفر عنه السِّـباق إلى التسلح.

* والاستقرار لا يتحقق من طريق "خلل التوازن"، كما هو الحال بين العرب وإسرائيل؛ وإنما يتحقق في ظل "توازن القوة"، جنباً إلى جنب مع "توازن المصالح".

هل "توازن القوة"، يحقق ظروفاً أفضل للتفاوض؟                

* إنّ الخلل الرهيب في "توازن القوى"، بين العرب وإسرائيل، جعل الإرادة العربية، تتقوقع وتكمن في ظل الخوف من الإجراءات الإسرائيلية، المدعومة بالقدرات الأمريكية. وأصبحت كلّ دولة عربية، تتحاشى إثارة العدو بقوته الشاردة. وحوادث الحدود ليست منَّا ببعيد. وأصبح السؤال: أين تقع الضربة المقبلة؟ وإلى أين ستدفع إسرائيل بالولايات المتحدة؟

* لذا، نقول إن توازن القوة، يحقق ظروفاً أفضل للتفاوض، ويحقق تنازلات عادلة من الجانبَيْن، ويؤدي إلى اتفاقيات يحترمها كلاهما.

* ومصداق ذلك، ما صرح به مسؤول من كوريا الشمالية، في العاشر من أكتوبر الماضي، بعد تفجيرها النووي، إذ قال: "إن التجربة النووية، التي نفذتها بلادي عبرت عن نوايانا في مواجهة الولايات المتحدة، على طاولة المفاوضات". جملة بليغة تستحق التأمل!

ما هي أدوات التفاوض، إذا اختل ميزان القوة بين الطرفَيْن؟              

* إذا اختل ميزان القوى، رَجَحَ ميزان التفاوض، في مصلحة الأقوى. والأدوات المتاحة للأضعف، لن تكون سوى الحديث عن: العدل والحق، والمنطق والتاريخ، واستجداء المجتمع الدولي، والتوسل بالوسطاء، لعلّ قلب الأقوى يلين أو يرق، ثم يبدأ التنازل تلو التنازل. فالأضعف يعلم أنه ليس له خيار آخر، فهو لا يملك أدوات القوة، ولا يوجد خلفه من يسانده؛ وإن وجد، فبالخطب والتصريحات، والأماني والبيانات.

نظرة إلى ميزان القوة الإسرائيلي

* لن أتحدث عن ذلك مقارنة بالدول العربية، كماً ونوعاً، فأنتم أدرى به مني، بيد أنِّي سأقصر كلامي على نقطتَيْن:

الأولى: امتلاك إسرائيل قاعدة صناعات عسكرية متطورة، ومتنوعة؛ حققت نجاحاً كبيراً انعكس في كونها ثالثة دولة في الصناعات الإلكترونية عالمياً؛ فضلاً عن إطلاقها أقماراً متعددة للتجسس، وأخرى للاتصالات.

والثانية: إنتاج إسرائيل أسلحة، وتصديرها إلى أكثر من أربعين دولة، فضلاً عن عقود تحديث أسلحة تلك الدول.

* واستكمالاً لتفوقها في الصناعات العسكرية، طالعتنا التقارير، في 23 سبتمبر الماضي، أنها تطور طائرة من دون طيار، قادرة على إجلاء جرحى تحت النيران، وتموين الوحدات القتالية في مناطق، يصعب الوصول إليها. فهل يأتي الوقت، الذي تغزو فيه الصناعات العسكرية العربية دول العالَمِ؟

* ومنذ عشرة أيام، أعلنت جريدة ”يديعوت أحرنوت“، أن إسرائيل تستخدم تكنولوجية الأجهزة متناهية الدقة في صنع إنسان آلي، لا يزيد حجمه على حجم ”الدبور“، قادر على الطيران في الأزقة الصيقة، حيث ييمكنه تعقب رجال المقاومة الفلسطينية وتصويرهم ثم قتلهم. ويُطلق على هذا السلاح الجديد اسم ”الدبور الخارق“. هل يأتـي على منظـومة الأمـن الوطنـي لأي دولة عربيـة حين من الدهـر، تشتمـل فيه على الأمن التسليحي؟

دعونا الآن نتناول الصراع الأخير (الإسرائيلي ـ اللبناني)، من الوجهة العسكرية (بنظرة محايدة ومن دون إدخال العاطفة في الحسبان)

* لن أتحدث عن سير المعارك، خلال هذا الصراع، الذي دام نحو ثلاثة وثلاثين يوماً. فأنتم، من دون شك، قتلتموه بحثاً وتحليلاً؛ ولكن، سنعرض بعض الحقائق، قبل الانتقال إلى أهداف الطرفَيْن، ما تحقق منها وما لم يتحقق.

(1) بدأت الحرب بمقتل ثمانية جنود إسرائيليين، وجرح ثمانية عشر آخرين، وهو قدر من الخسائر، لا يستطيع رئيس وزراء إسرائيل أن يتحمله، وعليه أن يرد بعنف. ولكن، درجة العنف، لم تخطر على بال حزب الله.

(2) قدّر "حزب الله" الموقف، واتخذ قراره بناء على خبراته السابقة، ولم يُدْخِل المستجدات الدولية في الحسبان. فالعدوان، في الجولات السابقة، كان يبدأ به الجيش الإسرائيلي، ثم يُؤسر عدد من جنوده، ثم يُجرى التفاوض في شأنهم، ويحدث تبادل الأسرى. هذه المرة كان السيناريو مختلفاً تماماً؛ ومن هنا، كانت المفاجأة، وكان خطأ الحسابات. باعتراف السيد حسن نصر الله علناً. وكانت المملكة أول من أعرب عن ذلك. وأعلنت: "لا بدّ من التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة، التي تنفذها عناصر من داخل الدولة ومن ورائها".

(3) كالعادة، لم يستشر حزب الله أحداً في توقيت العملية وحجمها. ولم يُشرك أحداً في تخطيطها وتقدير نتائجها؛ وكأنه كيان منفصل عن الدولة اللبنانية.

(4) بدأت عملية حزب الله في 12 يوليه، وكان عرض الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن في 31 يوليه. فهل كان ذلك مصادفة، أو توقيتاً مدبراً، للفت الأنظار، وتخفيف الضغط؟

(5) لا أحد ينكر أهمية صمود حزب الله في وجه القوة الإسرائيلية المفرطة، وتهديده العمق الإسرائيلي، للمرة الأولى. ولكن بمقارنة الخسائر: البشرية والمادية، يُحسم أمر تحديد الانتصار من عدمه. كما يحسمه تنفيذ أهداف كلا الطرفَيْن. فالخسائر البشرية، نسبتها 1 إلى 10 وأكثر. والخسائر المادية 1 إلى (10) آلاف أو أكثر. وتعافي لبنان سيستغرق سنوات عديدة.

(6) ما يُثِير العجب، أن كلاًّ من حزب الله، وإسرائيل، رحبا بقرار مجلس الأمن، ولم يعترضا. وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

(7) أخيراً، لبنان مُطالب بأن يكون دولة مؤسسات، ويتولى بنفسه تصريف أموره كافة.

ولكن كيف وهو بين المطرقة والسندان! مطرقة "حزب الله" وتحديه السافر للسلطة اللبنانية، وسندان العدو الإسرائيلي، الذي يعطي نفسه الحق في أن يفعل ما يشاء.

أهداف الطرفَيْن

* كانت لإسرائيل خمسة أهداف من عدوانها:

الأول: استعادة الثقة بقدرة الردع الإسرائيلية، بعد عمليات الانسحاب أحادية الجانب.

وهذا الهدف، يدور حوله جدال، بين من يقول إنه تحقق، وشاهده أن الأثر الردعي، يزداد مع رؤية حجم الدمار الذي أصاب لبنان، ومن يقول إن الحرب أضعفت قوة الردع، وأثبتت أن إسرائيل عرضة للخطر.

الثاني: إجبار لبنان على تحمل مسؤوليته، بأن يضع حدّاً لـ "حزب الله"، بوصفه دولةً داخل دولة.

وهو هدف يتحقق يوماً بعد يوم إلى حدٍّ ما، فالقوات اللبنانية، تنتشر في الجنوب، للمرة الأولى منذ أمد بعيد، ولن يُسْمَح بظهور أيّ مسلحين في جنوب الليطاني.

الثالث: إلحاق الضرر بحزب الله، مع عدم تدمير قوّته العسكرية ليبقى لاعباً سياسياً مهماً في لبنان.

يرى كثيرون، أن هذا الهدف تحقق، فقد ضعفت قوة الحزب عمّا كانت عليه؛ ولكنه ما زال لاعباً رئيسياً.

الرابع: استعادة الجنديَّيْن المأسورَيْن أحياءً، من دون الدخول في مقايضة بالأسرى.

هذا لم يتحقق بعد

الخامس: منع الانتشار المستمر لأنظمة طويلة ومتوسطة المدى، يمكنها القتال بالوكالة عن إيران وسورية، وتطال أهدافاً في العمق الإسرائيلي.

وقد تحقق إلى حدِّ بعيد، وأصبحت حاجة الحزب ماسة إلى صواريخ أبعد مدى، وإلى استعاضة ما دُمِّر.

الخلاصة: من الناحية الإستراتيجية، حققت إسرائيل معظم أهدافها؛ ولكن، تكتيكياً، لم تحقق ما كانت تأمله؛ لأن قوات الدفاع الإسرائيلية، لم تتدرب على مقابلة قوات شبه نظامية، في حرب شبيهة بحرب العصابات؛ فضلاً عن أن طبيعة الأرض في لبنان ساعدت المقاومة اللبنانية على القتال وفق شروطها.

أمّا على جانب المقاومة اللبنانية:

* فقد كانت الأهداف من عملية "الوعد الصادق"، التي نَفّذها "حزب الله"، هو استرداد مئات من الأسرى، وتحرير مزارع شبعا، والتخفيف عن الفلسطينيين المحاصرين.

* لم يحقق حزب الله تلك الأهداف.

ـ فتحرير مئات الأسرى العرب، لم يتحقق.

ـ ومزارع شبعا، لم تتحرر.

ـ والحزب، لم يستطع حماية لبنان من الاعتداء الإسرائيلي.

ـ والفلسطينيون، ما زالوا محاصرين، بين قتيل وجريح وجائع.

* وفي كلمات موجزة، يمكن القول إن إسرائيل، انتصرت إستراتيجياً وسياسياً، ولكنها دفعت ثمناً باهظاً. بينما صمدت المقاومة اللبنانية بشجاعة وبسالة، أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية، وانتصرت تكتيكياً. ولبنان هو الذي دفع الثمن باهظاً.

ننتقل إلى الملف الإيراني، ونسأل: هل استفادت إيران مما فعلته الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر؟          

* نعم، تُعَدّ إيران أكثر الأطراف إفادة من حروب الإدارة الأمريكية الحالية، في الشرق الأوسط. فقد أسهمت في تخليص النظام الإيراني من ألدّ أعدائه: حركة الطالبان، في أفغانستان؛ وحزب البعث، في العراق.

* وكلّ تأخير للولايات المتحدة في تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، يزيد إيران سيطرة على سورية، والجماعات الراديكالية، في كلّ من فلسطين ولبنان.

* ويرى بعض المحللين السياسيين، أن الحرب الإسرائيلية على لبنان، تُعَدّ مقدمة منطقية لضربة أمريكية مركزة ضد برنامج إيران النووي، قبل انتهاء ولاية الرئيس بوش الثانية. وإن ما حدث، ويحدث، يُعَدّ إعداداً للمسرح الإستراتيجي، في العراق، تمهيداً لتلك الضربة. ولكني، بصراحة، أشكُّ كثيراً في هذا التحليل.

* حقيقة، خرجت إيران من الصراع الأخير بنفوذ أكبر، ومكانة أرفع، في العالمَيْن: العربي والإسلامي. ولنستمع إلى ما صرح به الناطق الإيراني: "بضرورة منح إيران الدور الأكبر في المنطقة، بعد أن أصبحت الأكبر والأقوى، وأهم رقم في المعادلة العراقية، والأكثر تأثيـراً في لبنان". 

* ويتبين للمتتبع لملف إيران النووي، وما صاحبه من صولات وجولات، من المباحثات؛ وما يجري على أرض الواقع، من إنشاء المجمعات الحربية ـ الصناعية، وتسخير التكنولوجيا النووية، وتخصيب اليورانيوم، وتصنيع الوقود النووي ـ كيف أدارت إيران أزمتها بكفاءة، واستغلت الوقت والظروف أفضل استغلال. ولولا المستنقعان: الأفغاني والعراقي، لتغير الوضع كلية، في غير صالحها.

والسؤال: هل يمكن لإيران هزيمة الولايات المتحدة؟ وهل تدرك إيران عجزها عن ذلك؟ ولماذا إصرارها على التحدِّي؟

* إجابة الشق الأول من السؤال بديهية! لا يمكن أن تهزم إيران القوة العظمى الوحيدة في العالم. فمهْما تورطت الولايات المتحدة في الحروب، فلديها من القدرات ما يحفظ هيبتها. ووفقاً لدراسة الأستاذَيْن عن اللوبي الصهيوني، فإن واشنطن يمكنها التعايش في سلام مع إيران النووية، لولا التحريض الإسرائيلي.

* أمّا الجزء الثاني من السؤال، فإجابته: نعم، تدرك عجزها، ولكن لِمَ الإصرار على التحدي؟ هنا يأتي معنى "فلسفة الردع"، التي تؤمن بها إيران. وهي: "نعم، تستطيع أن تهزمني، في النهاية. وستنزل بي خسائر، أستطيع أنا أن أتحملها. وفي الوقت نفسه، سأكبدك خسائر، لا تستطيع أنت أن تتحملها؛ لذا، فعليك إعادة حساباتك بدقة".

* وتأييداً لذلك، فإن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، يعتقد أن "هيكلية الدفاع الإيرانية، تستند إلى أساس إستراتيجية الدفاع الردعي"، "وإن إستراتيجية إيران، ترمي إلى امتصاص الضربة الأولى، ثم الرد الفوري بكلِّ الوسائل المتاحة ". "ويعتقد زعماء إيران أن الدفاع الردعي من شأنه أن يجبر الأعداء على التخلي عن تهديداتهم بالضربات الاستباقية، عند إدراكهم أن مثل هذا العمل سيكلفهم غالياً".

ما هي الاستعدادات الإيرانية؟

* إن إيران تستعد، بشكل أساسي، لحرب على ست جبهات:

أولاً: الجبهة الفضائية، عبْر الصواريخ الباليستية، التي تستطيع أن تصل إلى إسرائيل، ومشارف أوروبا، ودول الخليج كافة.

ثانياً: الجبهة البحرية، وتحديداً في مياه الخليج.

ثالثاً: جبهة الدفاع الجوي الكثيف.

رابعاً: الجبهة البرية، داخل الأراضي الإيرانية، باستخدام أسلوب حرب العصابات نفسه، الذي استخدمه مقاتلو "حزب الله" في حربهم الأخيرة، في لبنان.

خامساً: جبهة خلف خطوط الأمريكيين، عبْر الهجمات على المصالح الغربية، في الشرق الأوسط.

سادساً: التعبئة الإعلامية، التي تعتمد على المبالغة والتخويف، واستقطاب التأييد وحشده.

* والسؤال: هل ستحاول الولايات المتحدة فتح جبهة ثالثة ضد إيران؟ في الوقت الذي تحاول فيه جاهدة نقل مسؤوليتها، في أفغانستان، إلى حلف شمال الأطلسي؛ والخروج من المستنقع العراقي، بما يحفظ ماء وجهها؟ وإذا تأخرت في تلك المواجهة، فهل ستصبر إسرائيل على ذلك، أم ستتولى الأمر وحدها؟

ما هي وجهة نظر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؟

* نتساءل أولاً: إذا نجحت إيران في امتلاك أسلحة نووية، فهل تكون قد حققت التوازن العسكري بينها وبين إسرائيل؟ أم توازناً بين الدول الإسلامية وإسرائيل؟ أم هو، حقيقة، توازن بين قوّتَيْن تحصران بينهما الدول العربية عامة، والخليجية خاصة؟

* إن قوة أيّ دولة إسلامية أو عربية أمرٌ يضيف، ولا يُخيف؛ إذ إن المصير واحد. ولكن هل لدينا تحفظات؟ نعم. وهي تحفظات منطقية، بيئية وعسكرية.

* فتحفظاتنا البيئية: تنحصر في الخوف من تكرار ما حدث للمفاعل الروسي، في تشرنوبيل. فينجم عنه كارثة بيئية، من:

ـ تسمم للتربة والمناخ،

ـ وتدمير للحياة: البرية والبحرية،

ـ وتلوث لمياه الخليج.

ومن سيدفع ثمن ذلك كلّه؟

* وتحفظاتنا العسكرية: تنبع من أنه إذا لجأ التحالف الغربي ـ الأمريكي إلى القوة، فإن ردَّ فعلِ القوة الإيرانية سينحصر في منطقة الخليج، في:

ـ تدمير للمصالح الأمريكية،

ـ وإغلاق لممرات البترول،

ـ وتعويق لخطوط مواصلاته،

ـ وقصف للأهداف الأمريكية في العراق،

أَلاَ يؤثر ذلك في دولنا، اقتصادياً وعسكرياً؟ أَوَلَيس احتمال الخطأ في توجيه الضربات وارداً؟!

* وإذا كانت إيران حسنة النية، كما تطالعنا به تصريحات مسؤوليها، ومحاولاتهم الدؤوب طمأنة جيرانهم، فليؤيدوا أقوالهم بأفعالهم، ولتبدأ طهران بسبع خطوات رئيسية:

أولاً: حل نزاع الجزر الثلاث مع الإمارات العربية المتحدة، بالوسائل السلمية؛

ثانياً: تطبيق مبدأ حُسن الجوار؛

ثالثاً: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وخاصة العربية؛

رابعاً: عدم الإصرار على نشر العقائد الشيعية، وتصدير ما يسمى بالثورة الإسلامية الخومينية؛

خامساً: بناء الثقة المتبادلة بينها وبين الدول كافة؛

سادساً: عدم إيواء الإرهابيين أو رعايتهم أو تمويلهم؛

سابعاً: وضع الأسس والمبادئ المشتركة، للتعامل مع مصادر الخطر، والتهديدات الإقليمية.

هل تُعَدّ محاولات إيران لامتلاك القدرات النووية، حافزاً للدول الأخرى إلى تكرارها؟

* ما من شك في أن عدم التوازن، بين القدرات العربية التقليدية وقدرات إسرائيل النووية، يُشَكِّل وجهاً من أوجُه الخلل الكبير في توازنات القوة، في منطقة الشرق الأوسط. كما يشكّل سنداً أساسياً لسياسة الغطرسة والاستعلاء الإسرائيلية، التي تتطلب مواجهتها جهداً عربياً مشتركاً، من أجل محاولة تصحيح هذا الخلل.

* ومع أن السلاح النووي، يشكل سنداً لإسرائيل، في الهيمنة على أقدار المنطقة؛ إلاّ أنه لم يحقق لها الأمن المنشود.

* حقيقة، أن حصول إيران على السلاح النووي‏،‏ سوف:

ـ يزيد أزمة الشرق الأوسط تعقيدا‏ً،

ـ ويبرر احتفاظ إسرائيل بسلاحها النووي‏،

ـ ويزيد من أخطار الحروب الإقليمية، وسباق التسلح.‏

* بيد أن جهدها النووي الراهن في إنتـاج دورة الوقـود النووي، لإنتـاج الكهرباء، هو حق أصيل، لا ينبغي التفريط فيه؛ وهدف صحيح، ينبغي أن يسعى العرب إلى امتلاكه، في إطار معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل، كَيْ يلحقوا بعصر الطاقة النووية، بعد أن فاتهم عصرَا: البخار والآلة‏.

بعد استعراض ما سبق، هل يستقيم الشعار: "السلام خيار إستراتيجي"؟     

* الإجابة: لا يستقيم، ولا يصلح، ولا يصح.

ـ فالنظام العالمي الجديد: هو نظام أحادي القطبية، يفتقد أي توازن أو اتزان، والقاعدة الوحيدة، التي يعترف بها، هي: "القوة، ولا شيء إلاّ القوة"، التي باتت هي العامل الأساسي في التعامل، من طريق الردع، في حالة السكون؛ والاستخدام المفرط، في حالة الحركة.

ـ ولا سبيل أمامنا إلاّ "قوّتنا الذاتية"؛ فالقوة هي الضمان وفيها الأمان. ومن دونها، تضيع الحقوق، وتُنهب الأراضي، وتصبح الشعوب لقمة سائغة على موائد الآخرين.

ـ إن بيانات الإدانة والاستنكار، والشجب والتنديد، والتحذير من خطورة الموقف، وتكثيف الاتصالات لاحتواء الأزمة، والشعور بالقلق، واستنهاض الضمير الدولي ـ باتت مواقف، لا تدفع ضرراً، ولا ترفع هامة.

والسؤال الأخير: هل آن الأوان، كي نتخذ شعاراً آخر، يلائم المعطيات الحالية، مع الاستفادة من الإخفاقات الماضية؟  

* نعم، آن هذا الوقت. وليكن شعارنا: "القوة الذاتية الرادعة خيارنا الإستراتيجي، وسبيلنا إلى السلام والاستقرار".

* نعم، آن لكلّ دولة، أن تبني قوّتها الذاتية، القائمة على مبدأ "فلسفة الردع الدفاعي":

ـ من دون الاعتماد على أحد، سوى الله؛

ـ ومن دون الاعتماد على اتفاقيات الدفاع المشترك، التي لم تكن سوى حبر على ورق؛

ـ ومن دون الاعتماد على التحالفات والمصالح المتبادلة فقط.

ولن ننسى قول المولى، القوي القدير: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ". صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

ـــــــــــــــــــ