إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / البترول: المواد البتروكيماوية




مصنع هوكست سيلانيز
مصنع بوليسار

إنتاج أكسيد وجلايكول الإيثيلين
إنتاج الإيثيلين في الشرق الأوسط
إنتاج الايثانول من الإيثيلين
إنتاج البيوتاديين
إنتاج البيوتاديين من البيوتان
إنتاج الفينول من البنزين
منظفات صناعية من الكيروسين
مخطط إنتاج لدائن اليوريا - فورمالدهايد
مخطط إنتاج لدائن الفينول – فورمالدهايد
مخطط إنتاج مطاط الإستايرين
مخطط إنتاج الميثانول
مخطط إنتاج البولى إستايرين
مخطط لعملية الأكسدة الجزئية
إصلاح حفزى للنافتا
مصنع إنتاج أنهيدريد المالييك
مصنع إنتاج الإثيلين
مصنع إنتاج الإستايرين
مصنع إنتاج PVC معلق
مصنع ثنائى كلوريد الإيثيلين
مصنع بولى إيثيلين منخفض الكثافة
مصنع بولى إيثيلين مرتفع الكثافة
إزالة النترتة بيولوجياً
جهاز السلفوكلورة المعملي
خط إنتاج ألياف النايلون
سخان النافتا الحراري
طريقة دى بونت لإنتاج الأستيلين
عملية إنتاج اليوريا
فصل النافتا المنصلحة
فصل خليط الأروماتيات




المقدمة

ثانياً: استخدام البتروكيماويات في المجالات العسكرية

1. استعمالات في إنتاج الدخان Smokes

أ. يمكن لزيت النفط الخام الذي تستخدمه سفن الأساطيل البحرية أن ينتج سحابة من الدخان الكثيف عند إحراقه إحراقاً غير تام، أي في جو محدود من الهواء. وقد استعمل الألمان هذه الطريقة في بداية الحرب العالمية الأولى عام 1915م، لتغطية حركة سفنهم البحرية ومساعدتها على الهروب من متابعة سفن الأسطول البريطاني. ومازالت هذه الطريقة مستعملة حتى الآن بواسطة أغلب الأساطيل البحرية لسهولتها ولتوفير زيت النفط الخام المستعمل في إدارة محركاتها.

ب. وعادة ما تكون سحابة الدخان الناتجة بهذا الاسلوب كثيفة بشكل معقول، ويكفي إحراق نحو 60 جراما من الزيت الخام لتكوين نحو 30 م3 من الدخان.

ج. وأفضل الطرق لإنتاج سحابة دخان من هذا النوع، هي الطريقة التي يبخر فيها الزيت الخام بالحرارة ثم أكسدته أكسدة غير كاملة، وتؤدي هذه الطريقة إلى تكوين جسيمات دقيقة من الكربون، مكسوة بغشاء رقيق من الزيت يمنع تجمعها، معا ويؤدي إلى استمرار السحابة في الهواء زمناً طويلاً.

د. هناك مادة أخرى مهمة من البتروكيماويات وهي الهكساكلوروإيثان Hexachloroethane، وهي عبارة عن مادة صلبة تخلط مع عدة مواد أهمها تراب الزنك وأكسيد الزنك والألومنيوم وكلوريد الأمونيوم، لتكوين خليط يتم إشعاله، ليتفاعل الألومنيوم مع الهكساكلوروإيثان معطيًا كلوريد الألومنيوم، وينطلق في هذا التفاعل مع أكسيد الزنك لتكوين كلوريد الزنك، الذي ينطلق في الهواء مكونًا سحبًا بيضاء عالية الكثافة، ويعطي كل 3 - 4 جرامات من هذا الخليط نحو 30 م3 من الدخان.

2. استعمالات في إنتاج المواد الحارقة Incendiary Agents  

أ. المواد الحارقة الحربية

تتكون أساساً من مواد هيدروكربونية، مثل مقطرات النفط كالجازولين والكيروسين، وهى عندما تتأكسد، أي عندما تشتعل في وجود أكسجين الهواء، تنبعث منها طاقة حرارية شديدة تؤدي إلى اشتعال ما تلامسه من مواد.

وعادة ما يضاف إلى هذه السوائل النفطية بعض المواد، لزيادة كثافتها أو لزيادة قوامها، تحت اسم "المواد المغلظة" Thickeners، وهي تساعد على التصاق العامل الحارق بالأهداف، كما أنها تساعد كذلك على زيادة مدى قذف العامل الحارق من القاذفات.

وتتعدد أنواع هذه المواد المغلظة، فقد يستخدم بعض البوليمرات الصناعية مثل ("البولي إستايرين" أو "أيزوبيوتيل ميتا أكريلات"). كذلك يمكن استخدام بعض المواد ذات النشاط السطحي المعدنية مثل "نافثينات الألومنيوم" أو "بالميتات الألومنيوم".

ب. النابالم Napalm

يُطلق هذا الاسم على العوامل الحارقة المكونة من المواد النفطية المغلظة، ويشتق الاسم من الأحرف الاولى للمادتين الكيماويتين المستعملتين كمواد مغلظة فيه. هما "نافثينات الألومينوم" و "بالميتات الألومنيوم".

ويعد النابالم أشهر العوامل الحارقة. وقد اكتشفه العالم الأمريكي "لويس فيزر" Louis Fieser أثناء إجرائه لبعض البحوث في جامعة هارفارد الأمريكية في أوائل الأربعينيات.

ويمكن الحصول على النابالم المناسب للاستخدام بالتحكم في نوع المادة المغلظة، وكذلك في نسبتها التي تضاف الجازولين. وعادة ما تراوح نسبة المادة المغلظة بين 6 – 12%.

ولا يشتعل النابالم ذاتياً، ولكنه يحتاج إلى وسيلة خاصة لإشعاله، وقد استعملت أنظمة مختلفة للاشتعال، سواء في قاذفات اللهب أو في القنابل، ومنها الفوسفور، والبارود، والمغنسيوم، ويمكن استخدام الصوديوم لإشعال النابالم فوق الماء.

وقد استعمل النابالم في الحرب العالمية الثانية، فقد ألقت الطائرات الأمريكية نحو 4 ملايين لتر من النابالم على القوات اليابانية في مسرح العمليات في المحيط الهادى، كذلك استخدمت القوات الأمريكية النابالم في الحرب الكورية (1950 – 1953). كذلك استخدمته القوات الأمريكية في حرب فيتنام لحرق المحاصيل الزراعية، وبخاصة حقول الأرز، وكذلك لإحراق الغابات والأحراش.

وقد استخدمت القوات الفرنسية قنابل النابالم في حربها في الهند الصينية (1946 – 1954)، كما استخدمته القوات الفرنسية ضد المقاتلين الجزائريين أثناء حرب التحرير الجزائرية.

كذلك ضربت القوات الإسرائيلية الجنود المصريين بقنابل النابالم في أثناء حربي 1956، 1967. كما أسقطت الطائرات الإسرائيلية قنابل النابالم على المناطق السكنية في دلتا نهر النيل، وفي يوم 12 فبراير 1970، هاجمت طائرات الفانتوم الإسرائيلية أحد المصانع المصرية في أبي زعبل بقنابل النابالم.

وفي 15 فبراير 1968، هاجمت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 15 قرية ومعسكر اللاجئين الفلسطينيين على طول نهر الأردن بالنابالم، ثم استعملت قنابل النابالم بصفة مستمرة ضد القوى الفلسطينية وفي جنوب لبنان.

كذلك استخدمت القوات العراقية قنابل النابالم ضد الأكراد في الأجزاء الشمالية والشرقية من العراق في الستينيات، ولقي مئات من الأطفال والنساء حتفهم من جراء هذا الهجوم. وقد أطلقت كل دولة اسمًا خاصّا بها على النابالم، فهو يعرف مثلا في روسيا بالرمز OP-2 على حين يعرف في السويد باسم ألونات Alunat ولكن مكوناته الأساسية واحدة تقريبا في جميع الحالات.

3. استعمالات في العوامل المضادة للنباتات Antiplant Agents

أ. تطورت البحوث الخاصة بمبيدات الأعشاب Weed Killers أو مسقطات أوراق الشجر Defoliants تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية.

وقد استعملت بعض هذه العوامل الكيماوية في بعض الحروب المحلية التي حدثت في السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، وبخاصة في حرب فيتنام. وأهم العوامل الكيماوية المشتقة من البتروكيماويات والمبيدة للأعشاب هي:

(1) مركب (4.2 - ثنائى كلورو حامض فينوكس خليك)

ويرمز له بالرمز (4.2-د) وهو الرمز المستخرج من اسمه الأجنبي:

(2) مركب (2 و4 و5 - ثلاثى كلورو حامض فينوكسي خليك)

ويرمز له بالرمز (2و4و5 - ت) وهو الرمز المستخرج من اسمه الأجنبي:

وقد استعملت القوات الأمريكية خليطاً من هذه المواد وعرف خليط كل من (2و4 - د) و(2و4و5 - ت) باسم العامل البرتقالي Agent Orange.

وقد بلغت كميات هذه العوامل الكيماوية التي ألقيت على فيتنام بواسطة القوات الأمريكية حدّا هائلاً من الضخامة، وقدرت على أساس المواد الفعالة بنحو 26000 طن من عامل "2و4 - د" ونحو 24000 طن من عامل "2و4و5 - ت".

ب. وقد أدى استعمال هذه العوامل الكيماوية إلى حدوث مأساة لا مثيل لها في التاريخ، فقد تسبب عن ذلك تدمير نحو مليون ونصف مليون هكتار من الغابات، منها نحو 124000 هكتار من أشجار المانجروف التي تنمو على شواطئ البحار في المياه المالحة، وذلك بالإضافة إلى تدمير الزراعة ونباتات المحاصيل في مساحة هائلة قدرت بنحو 300.000 هكتار.

ومازالت آثار هذا الدمار الشديد ظاهرة للعيان في هذه المساحات الهائلة حتى الآن وبعد انقضاء أكثر من عشرين سنة على إلقاء هذه العوامل الكيميائية على التربة.

وهذا الدمار الشديد، دمار لا انعكاسى، وقد لا يمكن إصلاح آثاره أبداً، فبعد انقضاء كل هذه المدة الطويلة، لا توجد هناك أية بادرة على ظهور أي نوع من النباتات الجديدة في هذه المناطق، كما أن هذه الأراضي، بعد أن أصبحت عارية من النباتات والأشجار، أصبحت معرضة لعمليات التعرية بشكل واضح، وهو الأمر الذي قلل كثيرا من فرص عودة النباتات للنمو على هذه التربة.

ج. وقد تبين فيما بعد، أن بعض العوامل الكيميائية المضادة للنباتات مثل "2و4 - د"، و "2و4و5 - ت" يوجد بها قدر صغير من مادة أخرى شديدة السّمّية تعرف باسم "دايوكسين" "Dioxin"، وهي تتكون مع هذه العوامل في أثناء تصنيعها.

ونظراً لأن "العامل البرتقالي" الذي استعمل في فيتنام كان يتكون من خليط من "2و4 - د"، و"2و4و5 - ت"، الذي يحتوي كل منهما على قدر صغير من الدايوكسين، فإن هذا العامل البرتقالي كان يحتوي بالضرورة على قدر أكبر من هذه المادة السامة.

وحيث إن الكمية المستخدمة من مادتي "2و4 - د"، و "2و4و5 - ت" قد قدرت بنحو 50 ألف من الأطنان، فإن كمية مادة الدايوكسين الموجودة بهما والتي ألقيت على فيتنام بلغت نحو 170 كجم على أقل تقدير.

ولمادة الدايوكسين فعل مزدوج شديد الخطورة، فبجانب أنها شديدة السّمّية بالنسبة للإنسان، مثلها في ذلك مثل غازات الحرب، فهي أيضا تعد من أشد المواد تدميرا للبيئة التي تلقى عليها، وقد تم اكتشاف هذا الفعل المزدوج في أثناء حرب فيتنام.

ويمكن تصور السّمّية الفائقة لمادة الدايوكسين، إذا علمنا أن الجرعة المميتة منها تقل عن 0.6 من الميكرو جرام لكل كجم من وزن الجسم (الميكرو جرام يساوي جزءًا من مليون جزء من الجرام)، وهو تركيز ضئيل جداً ويقل كثيراً عن تركيز الجرعة المميتة لأغلب غازات الأعصاب المعروفة اليوم.

وقد تبين فيما بعد أن هذه المادة تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، كما تؤدي إلى تشوية الأجنة وإلى مواليد مشوهة، ولكن هذه الآثار الخطيرة لا تظهر إلا بعد مدة طويلة، وهي تشبه في ذلك الإشعاعات النووية التي لا تظهر آثارها إلا بعد مدة طويلة.

ويمكن أيضا معرفة الآثار الخطيرة لهذه المادة من حادث "سفيسو" "Seveso" بإيطاليا عندما تسرب نحو 2 كجم من هذه المادة فوق مساحة مزروعة من الأرض تقدر بنحو 2500 هكتار، وقد أدى هذا الحادث إلى إتلاف المزروعات والنباتات بهذه الأرض، وما زالت هذه المساحة من الأرض غير صالحة للزراعة حتى الآن.

والسبب في هذا الأثر الممتد والخطير لمادة الدايوكسين، أنها مادة شديدة الثبات، فيبلغ عمر النصف لهذه المادة، عشرات السنوات، أي أن نصف الكمية الموجودة منها يحتاج إلى عشرات السنين كي يزول، ويحتاج كذلك نصف ما تبقى منها إلى عشرات أخرى من السنين، وهكذا، ولهذا السبب فإن ما يلقى منها على التربة يمتد أثره أمداً طويلاً.

وعلى الرغم من أن هذه المادة ليست من العوامل الكيميائية، إلا أنه يمكن تصور المأساة التي قد تحدث عند إلقاء هذه المادة فوق أراضي العدو.

ويمكن أن يكون السلاح المستخدم في هذه الحالة على هيئة قنبلة مشحونة بمادة "2و4و5 - ت"، وعند انفجار هذه القنبلة تؤدي حرارة الانفجار العالية إلى تفاعل جزءين معًا من "2و4و5 - ت" لتكوين الدايوكسين، الذي ينتشر في الهواء، ويلوث مساحة هائلة من الأرض.

كذلك يمكن شحن القنبلة بمادة أخرى مثل "ثلاثي كلورو فينات الصوديوم"، وفي هذه الحالة، أيضًا، يمكن أن تؤدي حرارة الانفجار إلى تفاعل جزيئين معًا من هذه المادة لتكوين الدايوكسين.

ويبدو من ذلك أنه يمكن صنع بعض العوامل الكيميائية شديدة السّمّية من مواد بسيطة تدخل في صناعة المبيدات الحشرية، ولا يمكن منع أي دولة من صناعة المبيدات، كما لا يمكن الحد من تكوين الشركات متعددة الجنسيات التي تدخل في هذا المجال، ولا يوجد حتى الآن ضمان كامل في ألا تتحول صناعة المبيدات إلى صناعة غازات الحرب.

4. استعمالات في الأسلحة الكيماوية Chemical Weapons

أ. تعتمد معظم الأسلحة الكيماوية المستخدمة حاليّا على التفاعلات الكيماوية، فانفجار المواد شديدة الانفجار ما هو إلا تفاعل كيماوي، وكذلك احتراق النابالم تفاعل كيماوي، ولكن المقصود بالأسلحة الكيماوية هو استخدام أسلحة تعتمد في تأثيرها على الخواص السامة للمواد المعبأة فيها، وليس على الطاقة التفجيرية لهذه الأسلحة.

CH2CH2OH

ب. تعدّ مادة تراي إيثانولامين HOCH2CH2-N-CH2CH2-OH أهم مادة بتروكيماوية مدرجة ضمن المواد الكيماوية التي وضع عليها حظر عالمي في اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية. وذلك لأن هذه المادة تدخل في تحضير غاز الخردل النيتروجيني.

غاز الخردل النيتروجيني

(تراي كلورو تراي إيثيل إمين)

يرمز لهذا الغاز في الجيش الأمريكي برمز خاص، وهو NH-3. وقد عرف الأثر المنفط (الكاوي) لهذا المركب منذ عام 1935. ولكنه لم يصنع بكميات كبيرة إلا أثناء الحرب العالمية الثانية، فقد وجدت قوات الحلفاء نحو 2.000 طن من غاز الخردل النيتروجيني في نهاية الحرب في مخازن الجيش الألماني.

ج. وهذه المادة عبارة عن سائل ذي درجة غليان منخفضة، وليس له رائحة نفاذة، وهو قليل الذوبان في الماء، ولكنه يذوب في أغلب المذيبات العضوية.

يتصف هذا المركب بخواصه السامة والمنفطة، ومهاجمته للحمض النووي في الخلية الحية، ويسبب السرطان، وهو يماثل في تأثيره الإشعاع الذري Radiomimetic agent

المادة الأخرى المشتقة من البتروكيماويات هي ثيو داي جلايكول HOCH2CH2-S-CH2CH2OH، وهي مدرجة في اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية. وذلك لأن هذه المادة تدخل في تحضير غاز الخردل الكبريتي المحظور دوليّا:

ClCH2CH2-S-CH2CH2Cl

غاز الخردل الكبريتي

عُرف هذا العامل الكيماوى المنفط بعدة أسماء، فقد أطلق عليه الفرنسيون اسم "ايبريت" Yperite. وأطلق عليه الأمريكيون والبريطانيون اسم غاز الخردل.

ويعدّ غاز الخردل واحدًا من أفضل غازات الحرب وأهمها، ويلقب أحيانًا باسم "ملك الغازات". ومازال مستعملاً حتى الآن، على الرغم من مرور أكثر من مائة وخمسين عامًا على ظهوره، ومرور نحو خمسة وسبعين عامًا على بدء استخدامه في الحروب، وذلك لدرجة الثباتة العالية ومدة استمراره الطويلة.

والسبب في زيادة الإصابات الناتجة عن هذا العامل، أنه لم تكن هناك طريقة معروفة للوقاية منه، ومن فعله المنفط، فقد كانت جميع الغازات المستعملة في ذلك الحين من النوع الخانق الذي يكفي ارتداء القناع الواقي لتلافي ضررها وأثرها السام.

أما هذا العامل الجديد فقد امتد فعله ليس فقط إلى الأغشية المخاطية والرئتين، ولكنه امتد إلى جلد الإنسان وإلى جميع الأجزاء العارية من جسمه، بل كان في مقدرة هذا العامل أن يخترق الملابس والأحذية الجلدية، وقفازات المطاط، ويصل إلى جلد المصاب، ويحدث به حروقًا والتهابات شديدة تجعله عاجزًا عن الحركة وعن القتال.

وقد جاء في أحد التقارير البريطانية أن عدد الإصابات التي نتجت عن الغازات السامة في الحرب العالمية الأولى في المدة من يوليو 1917 إلى نوفمبر 1918 كانت نحو 160.970 إصابة، منها نحو 1.859 حالة وفاة، وكانت نسبة الإصابات الناتجة من غاز الخردل نحو 77% من هذه الحالات.

وتقدر كمية غاز الخردل التي استعملت في الحرب العالمية الأولى بنحو 12.000 طن، وأحدثت هذه الكمية نحو 400.000 إصابة، ويتضح من ذلك أن استعمال نحو 30 كجم من غاز الخردل قد أدى إلى حدوث إصابة واحدة، بينما احتاج الأمر إلى استعمال نحو 104 كجم من العوامل الخانقة لإحداث إصابة واحدة في ميدان القتال.

وقد عرف غاز الخردل منذ زمن بعيد، فقد تم تحضيره أول مرة عام 1845، ثم قام الكيميائي الألماني "فيكتور ماير" Victor Meyer عام 1886 باستنباط طريقة بسيطة لتحضيره بكميات مناسبة، كما وصف خواصه السامة والمنفطة.

وغاز الخردل سائل زيتي القوام يضرب لونه إلى الصفرة في حالته النقية، ويغلي عند 217°م معطيًا أبخرة أثقل من الهواء بنحو خمس مرات، وتشبه رائحته الفجل أو رائحة المستردة.

ويبلغ تطاير غاز الخردل 625 مج/م3 عند 20°م مما يدل على قلة تطايره، وعلى بقائه مدة طويلة على سطح الأرض، ولهذا يوصف بأنه عامل مستمر، وتراوح مدة بقائه من حالة إلى أخرى، فقد تبقى أبخرته نحو 24 ساعة في الأماكن المفتوحة، وقد تصل إلى أسبوع أو أكثر في المناطق التي تنمو بها نباتات كثيفة مثل الأحراش والغابات، وبعض الحدائق، وتزيد فترة استمراره عن ذلك عند انخفاض درجة حرارة الجو.

وقد تبين من بعض الدراسات التي أجريت على بعض المتطوعين أن غاز الخردل يهاجم الجلد والأعين والرئة والجهاز الهضمي، ويسبب القيء، كما تؤدي الجرعات الكبيرة منه إلى إصابة نخاع العظام والعقد الليمفاوية والطحال وانخفاض عدد كرات الدم البيضاء، كما أن الإصابة المباشرة بغاز الخردل تصيب القرنية والقزحية إصابة مستديمة تؤدي إلى فقدان البصر.

ويزداد تأثير الخردل في الأجواء الحارة والرطبة، ونظرًا لطول بقائه أو استمراره، فهو لا يصلح للاستعمال في حالة الهجوم أو عند الرغبة في احتلال الأراضي التي تقع تحت سيطرة الأعداء، ولكنه يصلح للاستعمال عند الرغبة في منع العدو من احتلال القطاع الذي يطلق فيه هذا الغاز.

وغاز الخردل قليل الذوبان في الماء، ولكنه ينحل في وجوده معطيًا حمض الهيدروكلوريك، ومركب ثيوداي جليكول، وتزداد سرعة هذا التحلل المائي في وجود القلويات مثل هيدروكسيد الصوديوم أو كربونات الصوديوم.

ويذوب غاز الخردل إلى حد ما في الأصماغ، وفي المطاط، ولذلك فإن له القدرة على اختراق الأحذية الجلدية والقفازات، وأغلب أنواع الملابس الأخرى، مما يجعل الوقاية منه غاية في الصعوبة إلى حد كبير.

ويمكن إزالة آثار غاز الخردل بمركب هيبوكلوريت الكالسيوم التي تحوله إلى مركب سلفوكسيد الخردل، وهو مركب غير سام، ولكن هذا التفاعل قد يؤدي إلى أكسدة هذا المركب إلى مادة أخرى شديدة السّمّية، وهي مادة سلفون الخردل، ولذلك لا يفضل استعمال هيبوكلوريت الكالسيوم في تطهير غاز الخردل، ويفضل استعمال بعض المواد الأخرى، مثل مركب "كلور أمين ت" Chloramine-T.

ومما يسبب خطورة غاز الخردل، أن رائحته تختفي تمامًا عندما يكون تركيزه قليلاً في الهواء، ولا يمكن عندئذ الإحساس بوجوده إلا بعد ظهور أعراض الإصابة به.

ولا يمكن الإحساس عادة برائحة الخردل إلا إذا بلغ تركيزه في الهواء نحو 1.3 مج/م3. وقد تبين من كثير من التجارب أن التعرض لتركيز من هذا الغاز يقل عن هذا التركيز، أي نحو 1مج/م3، عادة ما يؤدي إلى التهاب الأغشية المخاطية والعينين، ويدل ذلك على أن الإنسان قد يتعرض للإصابة بغاز الخردل دون أن يشعر بوجوده على الإطلاق.

وأحد الآثار المباشرة لغاز الخردل، هي فقدان المصاب به لحاسة الشم، وبذلك لا يمكن له أن يشعر بالتركيزات الأعلى من ذلك والأشد خطرًا.

كذلك من الممكن استعمال غاز الخردل مع بعض العوامل الأخرى المسيلة للدموع، حتى تسبب هذه العوامل الأخيرة التهاب الأغشية المخاطية للأنف، وتمنع الإحساس برائحة غاز الخردل.

وتبلغ الجرعة المميتة لغاز الخردل نحو 6 - 200 مج/م3، تبعًا للزمن الذي يتم فيه التعرض لأبخرته، وبصفة عامة، فإنه يعدّ مميتًا لمن يتعرضون لأبخرته لمدة عشر دقائق بتركيز 150 مج/م3، أى 1500 مج/ق/م3، وتصل الجرعة المميتة منه عن طريق الجلد إلى نحو 10.000 مج/ق/م3.

ويتضح من ذلك أن سمية غاز الخردل تزيد على سمّية غاز الفوسجين بنحو 4 مرات، ولذلك فهو يعدّ من أنشط العوامل الكيميائية.

ونظرًا لأن غاز الخردل يتحول إلى مادة جامدة عند 14°م، فإنه يفضل أن يضاف إليه قدر صغير من أحد المذيبات العضوية حتى لا يتجمد عند استعماله في الأجواء الباردة.

وقد استخدم كل من الألمان والفرنسيين هذه الطريقة في أثناء الحرب العالمية الأولى، فأضافوا إليه نسبًا من المذيبات العضوية تراوح ما بين 10 - 25%، واستعملوا لهذا الغرض رابع كلوريد الكربون والكلوروفورم والنتروبنزين، على حين استعمل الأمريكيون الكلورو بكرين كمذيب لغاز الخردل مما أضاف كثيرًا إلى الصفات السامة لهذا المزيج.

ويلاحظ أن إضافة مذيب إلى غاز الخردل يساعد كثيًرا على زيادة تطايره، ويساعد بذلك على انتشار الغاز في الهواء عند انفجار العبوات الحاملة له، على هيئة رذاذ يتكون من قطرات دقيقة جداً، أو على هيئة سحابة من البخار في الهواء.

ويمكن لهذا الرذاذ أن ينفذ بسهولة في كثير من الأشياء، مثل جلد الإنسان، وقفازات المطاط، والملابس والأحذية الجلدية، وغيرها من ملابس الجنود، كما أن هذا الرذاذ يستمر عالقًا بملابس الجنود مدة طويلة، وبذلك يصبح هؤلاء الجنود وسيلة لنقل هذا الرذاذ، ومصدرًا للتلوث عند انتقالهم من مكان لآخر.

وتساعد الرياح على انتشار غاز الخردل، وقد وجد أن رياحًا سرعتها نحو 18 كم في الساعة يمكن أن تنقل أبخرة الخردل أو رذاذه إلى نحو 800 متر من مكان الإصابة، مع الاحتفاظ بتركيز مناسب منه في الهواء يصل إلى نحو 70 مج/م3.

ويرمز لغاز الخردل في الجيش الأمريكى بالرمز H كما يرمز للخردل المقطر أو النقي بالرمز HD.

في نوفمبر عام 1983، أبلغت إيران الأمم المتحدة أن قواتها تعرضت لهجوم بالأسلحة الكيماوية من جانب العراق. وقد قام السكرتير العام للأمم المتحدة بتشكيل لجنة من فريق من المتخصصين من أستراليا وأسبانيا والسويد وسويسرا لتقصّي الحقائق في إيران، وقامت هذه اللجنة بعملها في مارس 1984، ثم في فبراير 1986، وتضمنت التقارير المقدمة أن الأسلحة الكيماوية التي ألقيت على إيران كانت قنابل هوائية معبأة بغاز الخردل، وبغاز الأعصاب "التابون".

كذلك هناك تقارير أخرى بأن العراق قد استخدمت الغازات السامة ضد الأكراد، مما أدى إلى إبادة قرية بأكملها عدد سكانها نحو 5.000 فرد.

5. التحقق من نزع الأسلحة الكيماوية

أ. قامت فنلندا عام 1972 بتقديم مشروع بحثي للتحقق من نزع الأسلحة الكيماوية، إلى لجنة نزع السلاح في جنيف والتابعة للأمم المتحدة تتضمن الطرق المستخدمة في التحاليل وكذلك الأجهزة المختلفة المطلوبة لهذا العمل.

وقد قامت فنلندا بنشر أربعة عشر تقريرا في هذا الخصوص تحت ما يسمى "الكتب الزرقاء الفنلندية"، وتقع في نحو 2.500 صفحة تصف الطرق المتطورة، وأساليب التحاليل الكاملة للكشف عن 200 غاز حربي ومشتقاتها ونواتج تحللها.

وتعدّ الطرق المذكورة في هذه التقارير على درجة عالية من الدقة، ويمكن تحليل كل غاز سام بطريقتين منفصلتين، تعتمد كل منهما على مبدأ تحليلي مختلف، وذلك حتى يمكن تأكيد نتائج التحاليل، ويمكن الاعتداد بها في ساحات القضاء.

تستخدم هذه الطرق التحليلية الدقيقة لتحليل هواء المصانع الكيماوية المختلفة، إذ أنها لا تكشف فقط عن المواد الكيماوية المسموح بإنتاجها، ولكنها تعطي معلومات عن المواد الوسيطة أو طرق التصنيع، وبذلك يمكن اكتشاف وجود الغازات السامة إذا كانت تنتج بالمصنع، دون أن يتعرض المصنع إلى مخاطر الكشف عن طرق التصنيع أو المعلومات التكنولوجية والتجارية الخاصة به.

ب. وقد تضمن المشروع الفنلندي كذلك إيجاد قاعدة بيانات مبرمجة للمعاونة في عمليات التحقق من الأسلحة الكيماوية، وللاستعانة بها في أعمال المفتشين الدوليين للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة.

ج. بدأت فنلندا في عام 1990 بمشروع برنامج دولي لتدريب علماء من 21 دولة، للتحقق من الأسلحة الكيماوية للعمل كمفتشين دوليين في المنظمة الدولية. تم هذا التدريب في جامعة هلسنكي بدعم من وزارة الخارجية الفنلندية.

6. استعمالات في المفرقعات والمواد القاذفة Explosives and Propellants

تعدّ المفرقعات والمواد القاذفة مركبات كيماوية أو مخاليط منها تنتج بسرعة أحجام كبيرة من الغازات الساخنة عندما يتم حثها بطريقة مناسبة. تحترق المواد القاذفة بمعدل أبطأ نسبيا يقاس بالسنتيمترات في الثانية، في حين أن المفرقعات تنفجر بمعدل كيلومتر في الثانية. الطاقة التي تولدها المفرقعات والمواد القاذفة تعتمد على خواصها الحرارية الكيماوية Thermo chemical properties

أهم المواد المشتقة من البتروكيماويات والمستخدمة في صناعة المفرقعات النيتروجلسرين NG و سيكلو تراي ميثيلين تراي نيترامين RDX وتراي نيترو طولوين TNT المادة الأولى تحضر من الجلسرين والثانية من الهكسامين والثالثة من الطولولين بواسطة النترتة.

أما المواد المشتقة من البتروكيماويات والمستخدمة في صناعة المواد القاذفة في الصواريخ فتشمل لدائن البولي يوريثان، والبولي بيوتاديين التي يتم خلطها مع مواد مؤكسدة مثل بيركلورات الأمونيوم ونترات الأمونيوم.