إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / البترول: علمياً وجيولوجياً وكيماوياً





أنواع مصائد البترول
أنواع الضغط الذاتي
مناطق حقول البترول
مخطط الملامح الجيولوجية
مصائد البترول/1
مصائد البترول/2
الإزاحة الحرارية
المسح الجيوفيزيائي بالطريقة السيزمية
الصفيحة العربية
العناصر الرئيسية لتكوين البترول
العلاقة بين المسامية الفعالة والنفاذية
استخدام النيترونات وأشعة جاما
تحديد الطية المحدبة
تصنيف الهيدروكربونات
طية محدبة من مكامن البترول
طريقة تسجيل الآبار




المقدمة

المبحث الثاني

البترول علمياً

البترول مخلوط مركب من الهيدروكربونات، يوجد في الأرض في الصور السائلة والغازية والصلبة، ولكن المصطلح يطلق، عادة، على الصورة السائلة، التي تسمى بالزيت الخام، دون الغاز الطبيعي، أو الصورة اللزجة، أو الصلبة المعروفة بالبتيومين أو الأسفلت.

أصبحت البتروكيماويات المشتقة من البترول مصدر كثير من المنتجات الكيميائية، كالمذيبات والطلاء والبلاستيك، والمطاط الصناعي، والألياف الصناعية، والصابون والمنظفات والشمع، والمتفجرات والأسمدة. وقد أشرنا إلى أن بقايا النباتات المائية والحيوانات قد اختلطت بالطمي والرمال وبرواسب معدنية مختلفة، وتحولت إلى طبقات من الرسوبيات التي تزايد سمكها عبر ملايين السنين، وتعرضت إلى عدد من المؤثرات التكوينية، فتحولت جيولوجياً إلى صخور رسوبية، وتحللت المكونات العضوية فيها إلى هيدروكربونات، تكون منها زيت البترول والغاز الطبيعي، اللذين هاجرا من طبقات صخور المصدر إلى صخور المكمن، ذات المسامية والنفاذية الأكبر، ثم حجزتهما صخور الغطاء؛ لتتكون بذلك مصائد البترول، وخزانات الخامات البترولية.

وتختلف الخواص الطبيعية والتركيب الكيميائي للخامات البترولية وفقا لمصادر إنتاجها، على الرغم من تشابه تركيب أغلب الرواسب العضوية وخواصها، ويرجع ذلك إلى اختلاف الظروف الطبيعية التي تكون فيها البترول، من ضغط وحرارة، وتفاوت أعماق صخور المصدر والمكمن. وتنتقل الخامات البترولية عبر مسام الصخور الرسوبية، التي تتباين أيضاً في صفاتها الطبيعية والكيميائية والمعدنية وأعمارها الجيولوجية. لتتجمع في المكامن البترولية، التي تختلف، أيضاً، في تراكيبها الجيولوجية ومحتوياتها من المعادن، وخواصها الطبيعية والكيميائية، ويظل البترول في حالة امتزاز واحتكاك على أسطح مسام صخور المكمن، التي تمثل حفازات طبيعية لتفاعلات عضوية عديدة. كما يحتك البترول في أثناء هجرته، بالمياه الجوفية؛ ليكون بعض المستحلبات الزيتية في الماء أو المائية في الزيت. وتدخل عناصر عدة في تركيب الخامات البترولية كالكبريت سواء بالذوبان الطبيعي أو الاتحاد الكيميائي مع الهيدروكربونات المختلفة. وهكذا يؤدي تعدد المؤثرات التكوينية، واختلاف أعمار صخور المصدر والمكمن إلى تباين كبير في خواص المكونات البترولية.

أولاً: المؤثرات التكوينية على المكونات البترولية

تأتي تأثيرات درجة الحرارة في مقدمة هذه المؤثرات التكوينية، مع أن الحل أو التكسير الحراري Pyrolysis للهيدروكربونات لا يبدأ إلا عند درجات حرارة عالية، قد تصل إلى 5350م أو أكثر، وهو ما لا يتوفر في طبقات الصخور الرسوبية في أثناء تكوين البترول أو تحركه أو تجمعه في المكامن. إلا أن ازدياد الضغط ووجود الطفلة، وهي عنصر رئيسي من مكونات العديد من الصخور الرسوبية، يتيحان إتمام هذا التحول الحراري في درجة حرارة 150 - 200 درجة مئوية. ومع أن هذه الدرجة قد لا تتحقق في صخور المصدر بسبب المياه الجوفية التي تخفض درجة حرارة الصخور، لكن توفر الوقت الطويل، الذي يصل إلى ملايين السنين، لتحقيق الاتزان الحراري الضروري لتفاعلات التحول الحراري يعوض هذا النقص النسبي في درجات الحرارة المطلوبة لنزع ثاني أكسيد الكربون، ومجموعات الأمينات Deamination، وللتخليق أو الهدرجة Hydrogenation، وتفاعلات التجازئية Isomerism. هذا، وتزداد درجة حرارة الصخور الرسوبية طبقا لازدياد العمق في القشرة الأرضية بمعدل 0.5 - 1.2 درجة مئوية لكل مائة قدم.

ويؤدي ازدياد درجة حرارة التكوين أو درجة حرارة المكمن البترولي إلى ازدياد نسبة المركبات المحتوية على أقل من 15 ذرة كربون، على حساب المكونات الهيدروكربونية العالية التي تحوي أكثر من 15 ذرة كربون، مما يعني تكون الخامات الخفيفة التي تزداد فيها نسب الجازولين والمقطرات الوسطى، وتقل نسب المقطرات الثقيلة والمخلفات، مثلما يزداد المحتوي البارافيني. وهكذا فإن ازدياد النضج الحراري Thermal Maturation يـؤدي إلى تكون الخامات الخفيفة ذات المحتوى الكبريتي المنخفض، والبارافيني العالي نسبيا.

والمؤثر التكويني الثاني هو الضغط الذاتي للحقول البترولية، الذي يتناسب طرديا مع عمق الطبقات في القشرة الأرضية نتيجة طبيعية للزيادة المستمرة في كتلة الصخور المتراكمة فوق المكامن البترولية Vertical Pressure. ويزداد الضغط أيضا في هذه المكامن بفعل التحركات المستمرة في القشرة الأرضية Tectonic Movements التي تؤدي إلى تكوين القباب Domes نتيجة الضغط الأفقي. كذلك تنتج عن تفاعلات التحول الحراري للخامات البترولية كميات كبيرة من الغازات الذائبة في الزيت أو التي تعلوه، وتتميز بعلو ضغطها البخاري، ما يزيد الضغط الذاتي للمكامن البترولية. ويؤثر ازدياد الضغط بدوره على مسار واتزان تفاعلات التحول الحراري، ويزيد المكونات الخفيفة في الخام، وبالتالي تنخفض الكثافة النوعية له[1].

ولعامل الزمن تأثير فعال على المكونات البترولية، إذ تواكبه تأثيرات الضغط والحرارة حتى تصل تفاعلات التحويل البترولية Petroleum Conversion Reactions إلى الاتزان، ومرة أخرى تتناقص الكثافة النوعية للخام البترولي مع ازدياد عمر التكوين، الذي يختلف من العصر الثلثي إلى الدهر الوسيط أو حقبة الحياة القديمة. وفي ظل الضغط العالي وارتفاع درجة الحرارة تذوب كميات كبيرة من الغازات البترولية والغازات الأخرى المصاحبة لها في السوائل البترولية، مما يحدث تغييرات في الاتزان الطبقي في المكامن، ومع ذوبان هذه الغازات يترسب الأسفلت فتزداد الكثافة النوعية للخام ويتناقص المحتوى الكبريتي فيه.

ومن بين المؤثرات الأخرى على التركيب الكيميائي للخامات البترولية في أثناء فترة التقادم المسماة بفترة النضج البترولي Aging of Petroleum التعرية المناخية التي تؤدي إلي تعرض البترول للماء أو الهواء، وما يحدث عندئذ من تبخر المكونات الخفيفة، وتكون البتيومين، وبعض تفاعلات الأكسدة، وزيادة المحتوى الأكسجيني، وارتفاع الكثافة النوعية ودرجة اللزوجة. كذلك تتأثر المكونات البترولية بالاحتكاك المستمر بماء التكوين والمياه الجوفية المحتوية على نسب مختلفة من الأكسجين، ويساعد الهواء الذائب في المياه الجوفية على تكوين بعض المنتجات الأسفلتية التي قد تترسب أو تظل معلقة في الخامات البترولية، كما أن المياه الجوفية بما تحتويه من بكتيريا وهواء تسبب تغييرات في المحتوى الهيدروكربوني للخامات في ظروف الأكسدة. وتزداد، كذلك، الكثافة النوعية، وتتناقص نسبة الكبريت، خلال النضج الحراري للهيدروكربونات، لا سيما مع تزايد نسبة ذوبان الغازات البترولية في الخام.

ثانياً: تجمع البترول

بعد تكون البترول في طبقات المصدر ينتقل غالباً لمسافات كبيرة، من خلال مسام الصخور الرسوبية حتى يستقر في مكامنه المسماة بالمصائد البترولية Petroleum Traps، التي يستخرج منها الخام. ولا شك أن تراكم الصخور الرسوبية فوق طبقات المصدر يزيد تضاغط compression وضغط Pressure الطبقات الحاوية للبترول ما يؤدي إلى هجرة الخامات البترولية إلى طبقات عالية المسامية والنفاذية، كالصخور الرملية أو الجيرية أو الدولوميت. وتتحرك هذه الخامات من خلال التشققات والصدوع التي تتكون نتيجة لتحركات القشرة الأرضية المستمرة Tectonic Movements من خلال مسارات شبكية تسمح بتسرب السوائل والغازات من منطقة لأخرى عمودياً وعرضياً في أغلب الأحوال، وإن كان ذلك لا ينفي إمكانية التكون والتجمع الموضعي للبترول في طبقة واحدة، وارتحاله لمسافات صغيرة فيها في بعض الأحيان.

ويخضع البترول، بعد تجمعه في المصائد البترولية ذات التراكيب الجيولوجية الخاصة التي تحد من حركة خاماته، وتؤدي إلى تجمعه في مكامن محدودة، لكافة المؤثرات التكوينية التي أشرنا سالفاً إليها، ومنها تأثير الجاذبية الأرضية، ثم تنفصل الغازات والسوائل البترولية عن ماء التكوين ويبدأ تكونها في حالة اتزان طبقي وفق كثافاتها النسبية.

ويمكن تقسيم مكامن البترول إلى مكامن غير مشبعة بالغاز، وأخرى فيها غاز مذاب، وثالثة يعلوها الغاز، ورابعة أسفلها الماء، وخامسة أعلاها الغاز وأسفلها الماء.

والمكامن غير المشبعة بالغاز، لا تحتوي إلا على القليل منه، ونتيجة لتخفيف الضغط على المكمن عند الإنتاج فإنه يستمد طاقته الذاتية من تمدد سوائل المكمن بما فيها النفط والماء أسفله، ما يساعد على دفع البترول نحو الآبار، ثم تتقلص المسام بفعل تمدد حبيبات الصخور ما يساعد على طرد جزء من الخام، كما أن تجمع البترول بفعل الجاذبية أسفل المكمن يسهل إمكانية ضخه من خلال آبار تحفر في أسفله. وهذا النوع يتميز بضعف معدل تدفق البترول عند بدء الإنتاج من الآبار، ويتناقص ضغط المكمن بسرعة، وبالتالي تتدنى نسبة الإنتاج إلى نحو 5 - 10% من إجمالي بترول المكمن.

أما المكامن فهي التي يختلط فيها الغاز بالخام نتيجة الضغط الواقع عليه في المكمن وارتفاع درجة الحرارة، فعند بدء الإنتاج فيبدأ الغاز، عند بدء الإنتاج، في الانفصال عن الزيت على هيئة فقاعات تندفع وتدفع الزيت نحو فتحات الآبار، ويتزايد معدل دفع الزيت إلى مدى معين، ثم يبدأ في التناقص التدريجي، ويتراوح ما ينتج من الزيت بين 5، 30% من محتوى مكمن البترول (اُنظر شكل أنواع الضغط الذاتي).

وفي المكامن البترولية التي يعلوها الغاز، يتمدد الغاز، مع بدء الإنتاج، ضاغطا على البترول ما يزيد من معدل الإنتاج، وبخاصة إذا احتوى الزيت على كميات من الغاز المذاب فيه، ويتناقص ضغط المكمن ببطء، كما أن نسبة الغاز إلى الزيت تزداد في الآبار التي تحفر في أعلى المكمن، وتعتمد كمية المنتج من البترول على ضغط طبقة الغاز، وتقدر هذه الكمية بحوالي 30-40% من بترول المكمن.

ويوجد الماء تحت معظم مكامن البترول، متصلاً بالمياه السطحية أو جاريا في الطبقات الجوفية، أو ملامسا للزيت في أسفله أو في أطرافه، وعند بدء الإنتاج يزيح الماء البترول ليحل محله، ما يزيد من معدل الإنتاج لفترة أطول، وتكون نسبة الغاز إلى الزيت منخفضة، ولكن قد يجد الماء طريقة مع الزيت في المراحل الأخيرة لاستخراج البترول من المكمن. وتصل كمية المنتج من الزيت إلى 35 - 75% من إجمالي بترول المكمن.

أما في المكامن التي يعلو فيها الغاز الزيت وتوجد المياه أسفله، فإن الزيت يندفع في الآبار تحت تأثير الطاقتين العلوية للغاز والسفلية للماء، إلى جانب الطاقة الناتجة عن تمدد الغاز المذاب في البترول ، وبذلك تكون هذه المكامن الأكثر إنتاجاً للنفط من غيرها. وهناك مكامن خاصة بالغاز الطبيعي لا تحتوي على الزيت، ولكن الغازات قد تعلو الماء أو المكثفات، وتستخرج اعتمادا على طاقتها الذاتية. ويعد الغاز الطبيعي أكثر قدرة على التمدد والتحرك من الزيت، وقد يصل الإنتاج إلى حوالي 80% من غاز المكمن.

ويجري التقدير الأولي لكمية البترول المتوقع إنتاجها، وهو ما يسمى "بالاحتياطي المبدئي"، وفي ضوء المعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية عن حجم التراكيب البنائية لمكامن البترول المرجحة وأنواعها، والافتراضات المحتملة لمسامية الصخور الخازنة ونفاذيتها، وبعد حفر آبار الاستكشاف، وتحديد معالم الحقل يمكن الوصول إلى التقدير التقريبي لكمية البترول في المكمن وهو "الاحتياطي المرجح أو المثبت". أما كميات البترول المنتج "أو النهائي" فهو المجموع الكلي لإنتاج آبار الحقل حتى توقف الإنتاج.

ومع مراعاة اعتبارات الجدوى الاقتصادية تستخدم كافة الوسائل والطرق الملائمة لإنتاج أكبر كمية ممكنة من البترول، سواء من خلال الإنتاج الأولى أم بواسطة الحقن. وفي مرحلة الإنتاج الأولى يتدفق البترول نحو فتحات الآبار بفضل الطاقة الذاتية داخل المكمن، ومع تناقص الضغط الطبيعي وانخفاض معدل الإنتاج تحقن المكامن[2] بمواد مختلفة لزيادة الضغط فيها، أو المحافظة عليه، بهدف إنتاج أكبر قدر ممكن من البترول المتبقي، فإذا حقن البئر بالماء أو الغاز سمي بالإنتاج الثانوي، أما إذا اتبعت طريقة الإنتاج المعزز فيحقن بالبخار أو إحلال البوليمرات وكذلك الاحتراق الداخلي.

ثالثاً: مصائد البترول

المصيدة هي نسق هندسي للطبقات الرسوبية يسمح للبترول أو الغاز أو لكليهما بالتجمع فيه بكميات اقتصادية، ويحول دون هروبهما منها، ويتخذ هذا النسق الطبقي الهندسي أشكالاً عدة، لكن تظل السمة الرئيسية للمصيدة هي وجود صخر مسامي مغطى بصخور حابسة غير منفذة. ويعد الماء عاملاً أساسياً في توجيه البترول والغاز إلى المصيدة في أغلب الحالات، مثلما يساعد في إزاحة البترول والغاز إلى فتحات الآبار في مرحلة الإنتاج، وهكذا تكون المصيدة بؤرة تبادل نشط للسوائل.

ويسمى الجزء المنتج من مصيدة البترول بنطاق العطاء Pay zone، ويختلف سمكه من مترين في بعض حقول ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية إلى مئات الأمتار في حقول بحر الشمال والشرق الأوسط[3]. ومع ذلك ليس ضروريا أن تنتج كل كمية البترول في "نطاق العطاء الإجمالي"، ولذا نميز بينه وبين "العطاء الصافي" الذي يمثل السمك العمودي التراكمي للمكمن المنتج للبترول. وفي تطوير أي مكمن بترولي لا بد من تحديد نسبة المنتج الصافي إلى المنتج الإجمالي في الحقل. ويمكن إنتاج البترول من خط مستوى Spill Plane حتى قرب الهامة Crest وهي أعلى نقطة في المصيدة (اُنظر شكل طية محدبة من مكامن البترول).

ومن الممكن أن تحتوي المصيدة على البترول أو الغاز أو كليهما، ويمثل سطح تماس البترول والماء Oil Water Contact OWC أعمق مستوى لإنتاج البترول، بينما يعتبر سطح تماس الغاز والبترول Gas Oil Contact-GOC أدنى مستوى لإنتاج الغاز، ومن الضروري تحديد هذين السطحين بدقة قبل حساب احتياطي البترول والغاز الطبيعي في المكمن وتقدير معدل الإنتاج.

ومن أفضل وأحدث تصنيفات مصائد البترول ذات الجدوى الاقتصادية ما قدمه سيلي عام 1985 (اُنظر شكل أنواع مصائد البترول). فإذا بدأنا بالمصائد التركيبية التي تنشأ بفعل تغييرات تكتونية أو بنائية Tectonic للصخور الرسوبية نجدها تشمل مصائد الطي المحدبة، ومصائد الصدوع. وتعد مصائد الطي المحدبة التضاعطية أكثر أنواع المصائد شيوعاً (اُنظر شكل طية محدبة من مكامن البترول)، وتتكون بفعل تقاصر قشرة الأرض Crustal Shortening، ومن أمثلتها حقول البترول في جنوب غرب إيران، التي تشمل 16 حقلا عملاقا عند سفوح جبال زاجروس بالقرب من منطقة اندساس الصفيحة العربية تحت الصفيحة الإيرانية، وكذلك مصائد عديدة في الجانب الغربي من الخليج العربي، تتميز بأجناب ذات انحدار خفيف للطيات المحدبة العريضة، وتنتشر في حقول البترول شرقي الممكلة العربية السعودية، وأهمها حقول الغوار، أبقيق، السفانية، والخفجي. أما مصائد الطي المحدبة المحكمة فقد تكونت بفعل استجابة الطبقات الرسوبية لشد قشرة الأرض Crustal Tension ما أدي إلى تشكيل حوض رسوبي، به طيات محدبة فوق مرتفعات تكونت في العمق Deep Seated Horsts.

وتقوم الصدوع بدور مهم ومباشر في تكوين المصائد، عندما تؤدي إلى تغيير في ترتيب الطبقات، وتعترض طبقة غير مسامية وغير منفذة هجرة البترول "وتصطاده" (اُنظر شكل مصائد البترول/1)، كما قد يكون للصدع دور غير مباشر في اصطياد البترول، بأن يشترك في ذلك مع ظواهر تركيبية أخرى، مثل الطي أو تغيير النفاذية. وقد يكون سطح تماس الغاز والبترول متصلا في المصيدة المحدبة المتأثرة ببعض الصدوع، وعندئذ يكون عنصر الاصطياد الرئيسي هو الطي، أو غير متصل فيكون الصدع هو العامل الرئيسي في تكوين المصيدة، أو تكون الطية المحدبة قد تأثرت بالصدع فانفصل التجمع البترولي بها إلى أجزاء.

وتتكون مصائد الاختراق القبوي نتيجة تحرك كتل من الملح أو الطين إلى أعلى، ويندر وجود القباب الطينية، لكن القباب الملحية ظاهرة جيولوجية منتشرة، وهي تتكون نتيجة اختلاف كثافتي الملح والطبقة الرسوبية التي تعلوه، فالملح أقل كثافة، ومن ثم يندفع إلى أعلى، ويتسبب في "تقبب" الطبقات الرسوبية التي تعلوه، فإذا وجد بها البترول فإنه يتحرك نحو الجوانب الخارجية للطبقة الملحية، وينحصر بين الطبقات الرسوبية من جهة والقبة الملحية من جهة أخرى. ويؤدي النمو غير المنتظم للقباب الملحية إلى تكوين مصائد متعددة متتالية ومتنوعة (اُنظر شكل مصائد البترول/1)، كما في حقل الدمام. وأهم أسباب تكوين مصائد القباب الملحية هي اندفاع غازات مصاحبة لنشاط بركاني، ينتج عنها ترسيب الأملاح من المحاليل المائية، ثم اندفاع الكتل الملحية إلى أعلى، أو صعود المحاليل الملحية الحارة إلى أعلى من خلال ثغرات ضعيفة في الطبقات، ثم انخفاض درجات حرارتها تدريجيا مسببة ترسيب الملح، وتزايد كميته وحجمه تدريجيا، نتيجة استمرار عمليات التبريد والتبلر Crystallization، ما يؤدي إلى اختراق القباب الملحية للطبقات الرسوبية التي تعلوها وتوغلها فيها.

والنوع الثالث من مصائد البترول هو الطبقية منها، التي تتكون نتيجة تغييرات جانبية من حيث السماحية والنفاذية في صخور المكمن أو عدم استمراريتها، وفي هذا النوع يكون تماس الصخور المختلفة حاداً أو تدريجيا ومتوافقا. ومن أهم المصائد الطبقية تلك التي يحاط فيها صخر المكمن المنفذ بآخر غير منفذ مثل الطفل الصفحي، وبذلك يكون التغير في النفاذية أساس تكوين المصيدة (اُنظر شكل مصائد البترول/2).

وتقسم المصائد الطبقية إلى مصائد غير مصاحبة لسطح عدم توافق، وأخرى مصاحبة لسطح عدم توافق[4]، وهناك نوعان من المصائد البترولية غير المصاحبة لسطح عدم توافق، هما المصائد الترسيبية والمصائد البين تكوينية. والمصائد الترسيبية بدورها إما مصائد ترقيق Pinch-out، أو مصائد شعب مرجانية. فعندما يتضاءل سمك قطاع سميك من صخور ذات مسامية ونفاذية، ويدمج هذا القطاع في صخر طيني غير منفذ يتم اصطياد البترول في الجزء المسامي والمنفذ من القطاع. وفي مصائد الشعاب المرجانية تحاط أحجار الجير المرجانية ذات المسامية والنفاذية بصخور غير منفذة، ومن الشعاب المرجانية أنواع مستديرة، وأخرى مستطيلة يبلغ طولها مئات الأميال، وعرضها بضعة أميال مثل حقل كركوك بشمال العراق.

ومصائد القنوات Channels عبارة عن وسط بيئي لنقل الرمال على شكل قنوات طويلة ذات مسامية ونفاذية عالية، يتم اصطياد البترول والغاز فيها. أما مصائد الحواجزBarrier Bar Traps فهي كتل رملية أو من الزلط والحصى، وتظهر غالبا بشكل جزيرة على الشاطئ، ورمالها غالباً نظيفة وجيدة التصنيف Well-sorted. وهناك حواجز رملية مطوقة بطين صفحي بحري، أو طين صفحي من بحيرات شاطئية، تكون مصائد نفطية.

ومن العمليات البين تكوينية دور السوائل في إذابة صخور المكمن لتكسبها مسامية ثانوية، أو دور المحاليل الغنية بالمعادن في عملية السمنتة Cementation، التي تكاد تؤدي إلى تدمير مسامية الخزان البترولي. ويمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى تكوين مصيدة بترولية إذا اعترض نطاق مسمنت طريق بترول أو غاز يتحرك إلى أعلى في طبقة منفذة. كذلك يمكن اصطياد البترول أو الغاز في نطاق معين بسبب نشوء مسامية ثانوية في حيز محلي في صخور مسمنتة، وقد تتسبب عملية "التدلمت" Dolomitization في تكوين مصائد نفطية بين تكوينية غير منتظمة؛ لأن الدولوميت يشغل حيزا فراغيا أقل من الحجم الأصلي الذي كان يشغله الحجر الجيري.

أما المصائد المصاحبة لسطح عدم توافق فتنشأ نتيجة عمليات تآكل Erosion تؤدي إلى تكوين سطح عدم توافق يفصل بين صخور منفذة وصخور غير منفذة، وعندئذ يتم تكوين مصيدة البترول في الصخور المنفذة أعلى سطح عدم التوافق أو أسفله.

والنوع الرابع هو مصائد البترول الهيدروديناميكية حيث تقوم قوة الماء بدور أساسي في منع البترول من التحرك في اتجاه أعلى الميل في الطبقة الرسوبية، إذ يعترض الماء المتحرك هيدروديناميكيا في اتجاه أسفل الميل السوائل البترولية الصاعدة إلى أعلى عندما تكون القوة الهيدروديناميكية للماء أكبر من القوة الناتجة من قابلية طفو قطرات البترول في الماء Buoyancy، وبذلك يمنع الماء تحرك البترول لأعلى، ما يمكِّن من اصطياده دون الحاجة إلى وجود حاجز غير منفذ (اُنظر شكل مصائد البترول/2).

والنوع الخامس هو مصائد البترول المركبة التي تتكون من عنصر طبقي نشأ عن وجود حافة فاصلة بين طبقات منفذة وأخرى غير منفذة، وعنصر تركيبي نتج عن حركات بنائية للقشرة الأرضية تسمى بالحركات التكتونية. ومن أمثلتها اصطياد البترول في مواجهة صدعFault ، وهو عنصر تركيبي، في طبقة رملية أحاطت حوافها طبقة غير منفذة تمثل عنصرا طبقيا، ومصيدة طبقية مصاحبة لسطح عدم توافق تم طيها لاحقا (اُنظر شكل مصائد البترول/2). وتعطي المصائد المتعددة التي يواكب تكوينها نشوء القباب الملحية أمثلة لكل أنواع مصائد البترول من تركيبية أو طبقية أو مركبة.

ونشير أخيراً إلى تلك الأشكال الهندسية التي تمثل مصائد محتملة للغاز أو البترول ولكنها خاوية منهما، وأحيانا تعلوها أو تبطنها طبقات حاملة للمياه الجوفية خالية من آثار البترول. وقد يحدث ذلك نتيجة لاصطياد الرواسب البترولية قبل وصولها للمصائد الخاوية، أو لأنها لم تمر على تلك المصائد، أو لعدم توفر صخور مصدر مناسبة في أماكن وجود المصائد الخاوية.

رابعاً: مراحل الإنتاج وتنمية الحقول

يعد الحفر الوسيلة الوحيدة للتأكد من وجود مصيدة البترول، ما يتطلب الدقة في اختيار مواقع حفر آبار الاستكشاف وتقويم الحقل، كما أن الحفر يحدد تتابع الطبقات التي يجري اختراقها وسمكها وصفاتها وامتدادها الأفقي، ويعد مهما في تحديد حجم البترول المخزون في البئر وإنتاجيته المتوقعة، ومعدل الاستخلاص المنتظر الذي يرتبط بنوع مكمن البترول، وطاقته الطبيعية التي تؤدي إلى تدفق الزيت والغاز في تجويف البئر، وكلها تعد مؤشرات عملية على الجدوى الاقتصادية والفنية لحقل البترول. ويتحدد موقع وعمق البئر طبقا لنوعها سواء كانت استكشافية، أو مساندة تحفر للحصول على مزيد من المعلومات الجيولوجية، أو لتطوير حقول البترول.

    ويجري طبقا لنوعيات صخور الطبقات، وطبيعة تماسها سويا، وتقديرات السمك التقريبي، التحديد المبدئي لعمق الآبار، وأقطار وأطوال مقاطع الحفر، وأنواع أنابيب التبطين التي يتم إنزالها بعد الانتهاء من حفر هذه المقاطع، وأنواع طين الحفر المستخدم في كل مقطع. وقبل الحفر تحدد القياسات المطلوبة من كهربائية وإشعاعية وصوتية وحرارية، وأعماقها، والمقاطع المطلوب اختبارها وأخذ العينات منها، سواء كانت من الصخور الفتاتية المجروشة أو من اللباب أو السوائل، لتحديد نوعيات الصخور ومساميتها ونفاذيتها، إلى جانب اختيار مانعات الانفجار التي تركب على فوهة البئر[5].

    وقد تطورت تكنولوجيا حفر الآبار لتصل أعماقها إلى آلاف الأمتار، وابتكر الحفر التوربيني بعد أن استمر الحفر الرحوي طويلا، واستحدثت عمليات الحفر الأفقي الذي يمتاز عن الحفر العمودي[6] بإمكانية تجاوز كثير من العقبات الطبيعية والعمرانية للوصول إلى مكامن البترول محدودة السمك وقليلة النفاذية. وتحفر بئر البترول عادة بقطر نحو ثلاثين بوصة عند سطح الأرض، ثم يتناقص قطرها تدريجيا كلما تعمقت البئر إلى أسفل، حتى يصل إلى حوالي أربع بوصات عند قاع البئر.

    وإذا كان الحفر بالدق، تُفتت الصخور وتحفر البئر برفع وإسقاط عمود الحفر والدقاقة المرتبطة به، وإخراج الفتات أولا بأول في عملية بطيئة، يكتنفها قدر كبير من الخطورة عند الوصول إلى طبقة بترولية أو غازية ذات ضغط عال. وفي الحفر الدوراني أو الرحوي تُفتت الصخور بدوران الدقاقة مع عمود الحفر، وتحت تأثير الثقل الواقع على الدقاقة من قبل الأنابيب الثقيلة التي تشكل جزءا من عمود الحفر، ويجري التخلص من فتات الصخور عن طريق ضخ طين معين في أنابيب الحفر بواسطة مضخات على السطح، ويخرج الطين محملاً بفتات الصخور من البئر من خلال حيز الفراغ الموجود بين الأنابيب وجدار الحفر، ثم يفصل فتات الصخور من الطين وإعادة تدويره مرة أخرى. ويؤدي استخدام الطين إلى تبريد الدقاقة وعمود الحفر، ودعم جدران الحفرة بتكوين طبقة طينية عليها.

    وبعد انتهاء الحفر، وأحيانا في أثناء تقدم الحفر تجري عملية تبطين البئر Well Casing، بإدخال أسطوانة فولاذية حول عمود الحفر، تشكل جداراً دائماً للبئر يحميه من الانهيار، أو تداخل المياه الجوفية، والغازات والسوائل من الطبقات الأرضية غير الطبقة الرئيسية التي سينتج البترول منها، وكذا لتوفير مسار لصعود طين الحفر محملا بفتات الصخور الناتجة عن حفر البئر. وعند الوصول إلى الطبقات المنتجة تثقب الأسطوانة لتسمح بمرور السوائل البترولية والغازات إلى سطح الأرض. ثم تبطن البئر بين الصخور والأسطوانة الفولاذية بطبقة من الخرسانة تكون دعامة للبئر، وتمنع تسرب السوائل وتداخلها من طبقات الأرض المختلفة عن طريق جدار البئر، ويستأنف الحفر أو إكمال البئر مع تقليل قطر تجويفه أسفل الدعامة الخرسانية. وبعد التبطين تجري عملية تركيب مجموعة رأس البئر، ومانعات الانفجار، واختبارها، والسماح للبئر بالإنتاج وتقدير إنتاجيته. ويصنف إنتاج البترول من الطبقة الحاملة إلى إنتاج أولي وثانوي وثلثي Tertiary Recovery.

خامساً: الإنتاج الأولي والثانوي والثلثي للبترول

تختلف الخامات البترولية من حيث محتوياتها الأساسية من المقطرات الخفيفة مثل الجازولين، والمقطرات الوسطى مثل الكيروسين، والمقطرات الثقيلة مثل المواد الشمعية وزيوت التزييت، والمنتجات الثقيلة غير المقطرة مثل البتيومين والأسفلت، وتصنف الخامات البترولية وفق كثافتها النوعية التي تعتمد على نسب مكوناتها من تلك المقطرات والنواتج الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.

    ويلاحظ أنه عند بدء إنتاج البترول تكون نسبة الغازات البترولية عالية بصورة واضحة، وتنتج ما تسمى بالمكثفات البترولية Petroleum Condensates ، ثم تقل نسبة الغازات المذابة في الزيت تدريجيا مع استمرار مراحل الإنتاج.

    والإنتاج الأولي هو إنتاج البترول من الآبار في بداياتها بالتأثيرات الطبيعية، أي بقوته الذاتية الكامنة، إذ تكون الطاقة اللازمة لدفع البترول من المكمن إلى فوهة البئر أكبر من مجموع طاقات التماسك بين الصخور والسوائل الموجودة في مسامها ومن تأثير الجاذبية. ويستمر هذا النوع من الإنتاج حتى ينخفض الضغط في المكمن، ويبدأ معدل الإنتاج في الهبوط. وتشير الإحصاءات في أغلب آبار منطقة الشرق الأوسط إلى أن كمية البترول المنتجة في مرحلة الإنتاج الأولي لا تتجاوز 20 - 30% من إجمالي البترول المتوفر في المكمن. ومن بين مشاكل الإنتاج الأولي أن الضغط قد يكون عاليا إلى حد أن يطيح ببرج الحفر في أثناء الحفر الاستكشافي أو الإنتاجي، ما يتطلب تركيب صمامات متعددة للتحكم في تدفق البترول ولمنع الانفجار، وبعضها يعمل يدويا والآخر يعمل آليا وتجري السيطرة عليه عن طريق مركز مراقبة وتحكم آلي.

    ويعتمد الإنتاج الأولي إما على تأثير الغاز أو ضغط الماء أو على الجاذبية الأرضية. لكن تأثير الضغط الناتج عن الغازات المذابة يتناقص بسرعة، كما يصعب التحكم في نسبة الغاز إلى الزيت، وفي الغالب يتناقص ضغط القاع في البئر Bottom Hole Pressure بسرعة، وبالتالي يتناقص الإنتاج تحت هذا التأثير. وإذا ما وجد الغاز الطبيعي في طبقة منفصلة تعلو طبقة الزيت وتتميز بضغط ذاتي عال يمكن إنتاج 40 - 50% من الخام، إذا أمكن الإبقاء على نسبة عالية من الغاز إلى الزيت حتى قرب نهاية المرحلة الأولي لإنتاج الآبار.

    وفي حقول البترول ذات الضغط المتوسط، قد يكون الضغط الذاتي في الطبقة الحاوية للبترول غير كاف لتدفق البترول بكميات اقتصادية، أو غير كاف لدفع البترول ذاته إلى سطح الأرض وبخاصة في حالة الآبار العميقة. وعندئذ ينتج البترول من هذه الحقول بواسطة مضخات ماصة لرفع البترول إلى سطح الأرض، ويطلق عليها اسم مضخات رأس البغل Mule Head Pumps. كما تستخدم المضخات الماصة في رفع معدل الإنتاج المنخفض في بعض الحقول. وهناك نوعان من المضخات أولهما مضخات الأعماق التي يجري إنزالها في قاع البئر، والثاني يركب على فوهة البئر، وتعمل هذه المضخات إما بالطاقة الكهربية أو بوقود الديزل.

    أما في الإنتاج الثانوي فيرفع ضغط المكمن عن طريق حقن الماء في الطبقة الحاوية للماء، أو الغاز أعلى الطبقة الحاوية للبترول، أو الاثنين معاً بالتبادل. ويبدأ الإنتاج الثانوي بعد أن يتوقف الإنتاج الأولي للبترول. وقد تضخ كميات كبيرة من الغازات البترولية ـ إذا توفرت ـ لرفع الضغط الذاتي لبترول المكمن، أو كميات من الماء الساخن، وبخار الماء للامتزاج مع الطبقة الحاوية للماء أسفل طبقة الزيت، وأحيانا مع طبقة الزيت ذاتها لتكوين المستحلبات Emulsions التي يمكن ضخها إلى سطح الأرض. وقد تضاف إلى الماء مركبات ذات نشاط سطحي تساعد على تكوين المستحلبات، وعلى إحلال البترول الممتز على أسطح مسام الصخور الرسوبية ودفعه إلى السطح[7]. وغالبا ما تحفر آبار على أعماق مختلفة تصل إلى طبقات الغاز والزيت أو الماء حسب أنواع المواد التي تستخدم في استخلاص البترول، ووفق طبيعة التراكيب الجيولوجية للمكامن البترولية وطبيعة وجود الزيت بها، وضغوطها الذاتية.

وفي المصائد البترولية ذات التركيب القبوي توجد طبقة المياه أو ماء التكوين Formation Water في حالة اتزان مع الخامات البترولية تحت طبقة الزيت، كما قد يوجد الماء في صورة معلقات الماء في الزيت، أو معلقات الزيت في الماء في طبقة بينية بين الماء والزيت. ومع استمرار الإنتاج يتناقص الضغط في الطبقة الحاوية للبترول، وتتناقص المساحة السطحية للحقل البترولي إلى الداخل، وقد يصل الماء إلى مستوى بعض الآبار المنتجة، وعندئذ يستعمل بعض هذه الآبار في ضخ المياه إلى طبقة ماء التكوين لتعويض التناقص في الضغط، مع مراعاة أن يكون معدل إزاحة الزيت متناسبا مع معدل سريان طبقة الماء لتجنب إنتاج كميات كبيرة من الماء المخلوط بالخام، ومن الممكن في بعض الحقول المنتجة بضغط الماء[8] الحصول على 80% من الزيت الموجود في المصيدة.

ويستخدم، منذ بداية الخمسينيات، أسلوب الحقن بالمياه في أغلب حقول البترول في الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة معدل استخراج البترول. وقد استخدمت طريقة الحقن الذاتي بالمياه في حقل الرزاق (بالصحراء الغربية بمصر، من خلال تحويل المياه الموجودة تحت سطح الأرض في أحد الآبار ـ وهي مياه ذات ضغط عال وفي خزان منفصل ـ إلى الطبقات الحاملة للزيت، وهي ذات ضغط أقل، وأدى الفارق بين الضغط في الطبقتين إلى اندفاع المياه إلى الطبقة الحاملة للزيت، ورفع ضغطها، وزيادة إنتاجها، وتحسين نسبة استخراج الزيت منها.

أما في حقول المرجان ويوليو ورمضان في مصر كذلك، فقد استخدمت طريقة حقن المياه بعد معالجتها في آبار حفرت خصيصا لهذا الغرض طبقا لترتيب هندسي معين، وملائم لطبيعة الخزان البترولي وحجمه، وتقوم المياه المحقونة إما برفع ضغط المياه الأصلية المحيطة بالخزان، وبالتالي ترفع ضغطه، وتدفع المياه الزيت إلى السطح، أو قد يجري الحقن في آبار الحقن وسط الخزان البترولي ذاته في تشكيل هندسي خاص، حيث تدفع المياه الزيت مباشرة، وبخاصة في حالة الخزانات غير المحاطة بالمياه الجوفية.

وفي حقل المرجان، في خليج السويس، الذي يتجاوز احتياطيه الحالي مليار برميل، انخفض ضغط الخزان من 3000 رطل/ بوصة مربعة عام 1974، إلى أقل من ألف رطل/ بوصة مربعة على عمق 6100 قدم تحت سطح البحر، ما أثر على معدلات الإنتاج. ولما كان هذا الخزان من النوع الذي يعمل بنظرية الدفع بالغازات المذابة في الزيت مع ضغط المياه غير النشطة، فقد استخدم نظام الحقن بالمياه في الإنتاج الثانوي، مع أن صخور حقل المرجان من النوع الذي يتبلل بالزيت فقط، وقد بلغ معدل الحقن حوالي أربعمائة ألف برميل يومياً[9].

ومن أهم طرق الإنتاج الثانوي دفع كميات من الغاز الطبيعي المصاحب للنفط إلى البئر بعد فصله عن خام البترول، وضغطه، للتخلص من أية مكثفات بترولية مثل البروبان والبيوتان، والبنتان المتطايرة مع الغاز الطبيعي. ويمكن نقل الغاز الطبيعي من حقل مجاور إذا لم تكن كميته المصاحبة للبترول المنتج كافية لدفعه في البئر. ويدفع الغاز إما إلى قاع البئر من بين التبطين الخرساني والعمود الأسطواني، أو بضخه من خلال الآبار التي تصل إلى طبقة الغطاء الغازي. ومن بين طرق زيادة معدل الإنتاج القوة الهيدروليكية للماء لإحداث تشققات Fractures في الطبقة الحاملة للزيت، أو استخدام الأحماض في حالة الحجر الجيري لزيادة وتكبير قنوات التدفق وتكبيرها إلى جانب الاحتراق الجوفي لتسخين الزيت حتى يتدفق بسهولة في الآبار.

وأحيانا قد يؤدي ارتفاع لزوجة خام البترول إلى صعوبة سريانه خلال الصخور الرسوبية بمعدل يحقق الجدوى الاقتصادية للآبار، وعندئذ يمكن رفع درجة حرارة الخام، وخفض لزوجته بإدخال وحدة تسخين كهربائية في البئر أو بدفع الماء الساخن. كذلك يمكن إشعال جزء صغير من خام البترول بتمرير كمية محدودة من الهواء في إحدى الآبار، واستخدام الحرارة الناتجة لإسالة الخام وتسهيل تدفقه من خلال الآبار الأخرى.

وفي الإنتاج الثلثي يٌزاح خام البترول من مكمنه بعدة طرق للحصول على الكميات المتبقية من الخام، والتي تكون عادة في صورة حبيبات صغيرة منفصلة عن بعضها، وممتزة على أسطح الصخور الرسوبية الحاوية للخام. وتتراوح الكمية المتبقية من خام البترول بعد الانتهاء من الإنتاج الأولي والثانوي بصورة اقتصادية بين 50%، 70% من الاحتياطي المرجح في الحقل البترولي.

وأهم طرق الإزاحة هي الإزاحة المتجانسة بواسطة حقن المكامن البترولية بالغازات أو السوائل الهيدروكربونية، أو بالغازات غير الهيدروكربونية، أو الإزاحة الحرارية من خلال الاستخدام المتقطع والمستمر لبخار الماء كالغمر بالبخار في (اُنظر شكل الإزاحة الحرارية). وتجري الإزاحة المتجانسة باستخدام مخلوطات من المركبات ذات النشاط السطحي[10]، سواء الذائبة في الماء أو على شكل غرويات Colloids، تدفع إلى طبقة الزيت، وتعمل على إحلال حبيباته الملتصقة على أسطح مسام الصخر البترولي بقوة الخاصية الشعرية، وتجميعها ثم دفعها إلى سطح الأرض.

وتصنف هذه المركبات ذات النشاط السطحي - حسب نوعية المجموعة المحبة للماء في تكوينها - إلى مركبات أيونية سالبة وموجبة أو غير أيونية. وتشمل الأيونات السالبة مشتقات الكبريتات، والسلفونات Sulfonates، وسلفونات حامض السلفونيك، والكربوكسيلات Carboxylates. وتشتمل الأيونات الموجبة على أملاح الأمونيوم الرباعية. أما المركبات غير الأيونية فمنها الكحولات، والجليكولات Glycols، وايثوكسيلات الكحولات والفينولات، وكحولات الأميدات، والجلوكوسيدات Glucosides وكذلك السكريات العديدة Polysaccharides. ويمكن اختيار نوع، المجموعات الشرهة للماء والتحكم في كميتها؛ لتحديد مدى ذوبان المركبات ذات النشاط السطحي في الماء، كما يمكن أيضا تغيير الشق الهيدروكربوني لزيادة مواءمة الجزيئات لطبقة الزيت.

وبوجه عام تنقسم عمليات مركبات النشاط السطحي إلى مجموعتين، وفي أولاهما يستخدم محلول منخفض التركيز من المنظفات، على هيئة جزيئات رغوية، لدفع حبيبات الزيت أمامه بواسطة الإحلال غير الممتزج Immiscible Displacement، وفي الثانية يستعمل محلول عالي التركيز من المنظفات، ويحتوي على كميات متفاوتة من الكحولات، لتمتزج مع حبيبات الزيت وتكون مستحلبات Emulsions بترولية يسهل دفعها إلى سطح الأرض، فيما يسمى بالإغراق الممتزج Miscible Flooding.

وهذه المنظفات تخفض التوتر السطحي بين الماء والزيت، وتساعد على تكوين الطبقة البينية بينهما، وإذا كان استخدامها مكلفا من الناحية الاقتصادية، فإنها تحقق الحصول على نحو 90% من الخامات البترولية المتبقية في الحقول بعد استنفاد طرق الإنتاج الأولي والثانوي.

وتبقى الإزاحة الحرارية طريقة شائعة في الإنتاج الثلثي، وتشمل الاستخدام المتقطع والمستمر لبخار الماء، والحرق الموضعي بنوعيه الجاف والرطب. وقد أسهمت الإزاحة الحرارية في استخراج أكثر من 60% من البترول المنتج بواسطة الإنتاج الثلثي.

وطريقة الاستخدام المتقطع للبخار من أكثر الطرق استعمالا في حقول البترول في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وفي رومانيا وكندا وفنزويلا. وفي كل الأحوال لابد من مراقبة دقيقة لكل آبار الإنتاج، وقياس ضغط الخزان البترولي، ونسبة الغاز إلى الزيت في إنتاج البئر. فإذا ارتفعت نسبة الغاز إلى الزيت في البترول المنتج فقد يتطلب الأمر الحد من إنتاج البئر أو إغلاقها، أو خفض المستوى الذي يبدأ عنده تثقيب الأسطوانة الفولاذية المحيطة بعمود الحفر.

ويعزى تدني إنتاج البئر إلى ترسيب رواسب شمعية من الزيت في تجويف البئر أو قرب قاعه أو فوهته، أو إلى دخول الرمل إلى البئر، ما يعطل تدفق الزيت بالمعدل المطلوب، أو يعطل المضخات. ومن ناحية أخرى فقد يتآكل التبطين، أو تتساقط طبقته الخرسانية ما يؤدي إلى تسريب الماء أو الغاز إلى البئر من صخور أخرى غير صخور الخزان البترولي.

سادساً: الحفر والإنتاج تحت سطح الماء

مع أن الحفر الموجه هو أسلوب معروف لإقامة الآبار على الأرض قرب الساحل مع امتداد الحفر إلى التراكيب الجيولوجية تحت سطح مياه الأنهار والبحيرات والخلجان، إلا أن هناك حداً معينا لتطبيق هذه التقنية. فإذا كان التكوين المطلوب الوصول إليه بعيدا عن أقرب ضفة أو شاطئ، ولم يكن عميقا بالدرجة الملائمة، وجب إقامة هيكل البئر Derrick فوق الماء المتداخل.

ويعود تاريخ الحفر والإنتاج تحت سطح الماء إلى أوائل عشرينيات القرن العشرين في البحيرات الداخلية وخلجان لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما حفرت أول بئر تحت سطح الماء في بحيرة ماراكايبو Maracaibo في فنزويلا عام 1924م، وكان معدل تدفق الزيت منها في حدود مائة ألف طن سنويا. وفي عام 1939م ثم استكمل حفر ألفي بئر في هذه البحيرة وحدها بمعدل إنتاج 33 ألف طن من الزيت يوميا. ولكن التنقيب والإنتاج في البحار المفتوحة لم يبدأ عمليا إلا بعد الحرب العالمية الثانية، في خليج المكسيك عام 1960م بوجه خاص، واعتمد على منصات ثابتة ركبت على دعامات ثبتت في قاع الخليج قريبا من الشاطئ. وتباعا أمكن الحفر بعيدا عن الشاطئ، وباستخدام أبراج حفر متحركة عائمة يمكن قَطْرُها من مكان لآخر، ولعمق يبلغ 300 قدم، لا سيما في الأجزاء الجنوبية من بحر الشمال.

أما الحفر في المياه العميقة فقد تطلب إدخال تكنولوجيا الحفر بالاعتماد على منصات نصف مغمورة بالمياه أو طافية على سطح البحر. ويستخدم البريطانيون النوع نصف المغمور في بحر الشمال، وله أرجل لا تصل إلى قاع البحر ولكنها تنتهي ببراطيم مملوءة بالماء كليا أو جزئيا، ومثبتة بمرساة أو هلب في القاع. وفي المياه العميقة تستخدم ثماني مراسي أو لآكثر زنة 15 - 20 طن، ويعلو سطح المنصة منسوب سطح البحر بنحو 50 - 60 قدم. أما وحدة الحفر العائمة فهي سفينة ترسو في عرض البحر مستخدمة المراسي Anchors في الظروف الجوية الملائمة والمتوسطة، بمعنى أن عمليات الحفر توقف في حالات العواصف الجوية والبحرية، ولذلك فإن الاعتماد الأساسي في بحر الشمال يبقى على المنصات نصف المغمورة.

عمليات الحفر والإنتاج تحت المياه العميقة عالية التكلفة؛ نظرا لارتفاع إيجارات أجهزة الحفر البحرية، وتكاليف تشغيلها، وكذا أعباء تموين العاملين بمنصات الحفر ونقلهم، وحاجة مواقع الحفر البحري لتجهيزات من أرصفة ثابتة وغيرها. ومع ذلك فقد بلغ إجمالي المساحات المرخص بالحفر فيها تحت مياه تزيد أعماقها عن 1500 قدم- على مستوى العالم - حوالي 1.13 مليون كم3.

وعندما تتأكد الجدوى الاقتصادية للزيت أو الغاز تقام منصة من الصلب أو الخرسانة لتتكون مركز تجميع ثابت، ويمكن من كل منصة حفر حتى 40 بئراً بأسلوب الحفر الموجه، وتصمم مثل هذه المنصات طبقا لعمق المياه، وبحيث ترتفع قوائم المنصة مائة قدم على الأقل فوق سطح الماء، بما يحمي المعدات من تأثيرات أمواج البحر، وقد وصل إجمالي ارتفاع منصة إنتاج الزيت في بحر الشمال إلى 690 قدما ووزنها إلى 57 ألف طن. وفي حالة الاكتشافات المحدودة البعيدة عن الشاطئ يصبح استخدام المنصات بغير جدوى اقتصادية.

وفي المياه العميقة تعد تكملة الآبار البحرية تحت سطح الماء ضرورة عملية، بشرط أن يسمح عمق المياه بمسافات فوق رؤوس الآبار تكفي للمرور الآمن فوقها لجميع أنواع السفن. وهناك عوامل عدة تفرض تكملة الآبار تحت سطح الماء، ومنها أن أعماق المياه الكبيرة[11] لا تسمح بإنشاء أرصفة للآبار، لارتفاع التكلفة الاقتصادية والمصاعب الفنية الجمة التي تواجه الإنشاء، إلى جانب أن انتشار الأرصفة البحرية الثابتة حول الممرات البحرية يؤثر على سيولة الملاحة، وعلى سبيل المثال فإن حقل يوليو في خليج السويس في مصر يقع بالكامل داخل المنطقة الفاصلة بين الحارتين الشمالية والجنوبية للممر الملاحي عبر الخليج. كذلك فإن تكنولوجيا إكمال الآبار تحت الماء ستساعد على تنمية اكتشافات غير مجدية اقتصاديا إذا تمت تنميتها بالطرق التقليدية، إما لوجودها في أعماق كبيرة أو لصغر حجمها، كما أنها تسهم في تنمية الاكتشافات الموجودة داخل الممرات الملاحية والتي لا يمكن تنميتها من خارج الممر بالحفر المائل.

ومن جهة أخرى فإن الإكمال تحت سطح البحر يجعل الآبار في مأمن من بعض المخاطر التي يتعرض لها بئر الإكمال التقليدي، فوجود رأس البئر تحت سطح البحر يؤمنه من مخاطر اصطدام السفن بالرصيف البحري وهو ما قد يحدث للبئر التقليدية، كما أن مخاطر الحريق تتراجع بالمقارنة بالبئر التقليدية في حالة نشوب حريق على الرصيف البحري المقامة عليه. وبالطبع يركب رأس البئر في عمق أكبر من غاطس أية سفينة تمر في منطقة إنشائه، وتوجد فوقه شمندورة تحذير، وأحيانا يحاط بواق حديدي إلى جانب تحديده في الخرائط البحرية الملاحية.

ويلزم في حالة إكمال البئر تحت سطح البحر تطوير أجهزة التحكم الهيدروليكية عن بعد[12] في الآبار تحت سطح البحر، وهو ما جعل تكلفتها تعادل 15 - 40% من التكلفة الكلية للبئر، وهي تربط بين الرصيف البحري ورأس البئر. ويلاحظ أنه في حالة الإكمال تحت سطح البحر يجري التحكم هيدروليكيا وأوتوماتيكيا في عدد أكبر من الصمامات بالمقارنة بحالة الإكمال التقليدي للآبار.

ومع ذلك فإن ارتفاع مصاريف التشغيل نسبيا بسبب الاحتياج إلى حفار في كل عمليات صيانة البئر أو تطويره، قد يشكل قيداً في حالات الآبار العميقة ولكن التطور التقني يقلل من هذا العبء المادي عند الإنتاج، فقد أتاح استخدام أنابيب الحـفر التي تدار آليا من أعلى برج الحفر Top Drive System والتي يمكن أن تحفر 90 قدما بصورة متصلة قبل التوقف لإضافة أنبوبة حفر جديدة مما يختصر نحو 25% من زمن الحفر المألوف في المتوسط. وبخاصة إذا تم الحفر حتى أعماق تصل إلى سبعة آلاف قدم.

سابعاً: حسابات معامل الإنتاج

تطبق المعادلة التالية لحساب معامل الإنتاج من الحقول البترولية المنتجة بتأثير الدفع الكامل للماء:

RF = ---------------------  x SE

1-  SW - SOR

1-  SW

حيث تدل الرموز على الآتي:

 RF = معامل الإنتاج.

 SW = نسبة التشبع بمياه التكوين.

 SOR = نسبة الزيت غير المتحرك (اللازج حول حبيبات الصخور).

 SE = كفاءة الإزاحة.

وهذه العوامل جميعها يعبر عنها بأجزاء من الواحد الصحيح، فإذا كانت كفاءة الإزاحة مائة في المائة يكون العامل SE مساويا للواحد الصحيح. وبالطبع تعتمد نسبة التشبع بماء التكوين، ونسبة الزيت غير المتحرك على نوع الصخر الخازن، والسوائل الموجودة في الطبقات المنتجة، وهي عوامل طبيعية لا يستطيع المرء أن يتحكم فيها بالطرق التقليدية، وبالتالي فإن العامل الوحيد الذي يمكن التحكم فيه - في المعادلة السابقة - هو كفاءة الإزاحة. وبذلك ترتفع قيمة معامل الاستخراج كلما حصلنا على كفاءة إزاحة تقارب الواحد الصحيح. ومن المستحيل عمليا الحصول على كفاءة إزاحة تساوي 100% نظرا لتفاوت طبيعة الأجزاء المختلفة من الخزان الجوفي في مساميتها ونفاذيتها.

وللحصول على الحد الأقصى لمعامل الإنتاج RF لا بد من استخدام أفضل أساليب تكملة الآبار وتنشيطها وضبط معدلات إنتاجها. وفي تكملة الآبار ينبغي الاهتمام باختيار الأجزاء المثقبة وأطوالها وطريقة التثقيب، ويجب أن تكون هذه المسافات أقصر ما يمكن، وفي أعلى جزء من الطبقة الحاملة للبترول بعيدا عن سطح تماس الزيت والماء، وأن تجري تكملة متتابعة للبئر طبقا لسنوات تشغيله وتدفق الزيت منه.

وبهدف زيادة النفاذية حول المنطقة المثقبة من البئر يجري تنشيط الآبار بالأحماض، ما يحقق تفاعلا كيميائيا تحت ظروف الضغط المناسب بين الحامض والصخور. ومن الأنسب عمليا إجراء عملية التنشيط على مراحل باستخدام جرعات صغيرة نسبيا من الحامض المعالج[13]. وتحقق الجرعة الأولى إزالة العوائق من الثقوب والشوائب، التي تنتج من استخدام أنواع الطفلة المختلفة في عمليات الحفر. ثم تلي الجرعة المخففة الأولى جرعات مركزة صغيرة لا تتجاوز كل منها نحو ثلاثمائة جالون طبقا لصلابة الصخور الخازنة، ومدى تأثرها بالحامض، وبالطبع فإن معظم عمليات تنشيط الآبار لا تتطلب بقاء جهاز الحفر على الموقع.

ومن خلال ضبط معدل الإنتاج يعطي الزيت فرصة تكاد تكون مساوية للماء - الأسرع في حركته لأن سيولته أكبر من سيولة الزيت - في التحرك إلى البئر، ما يحقق كذلك إبطاء الزيادة في درجة التشبع بالماء في الطبقة المنتجة للبترول. ويجري تحديد معدل الإنتاج الأمثل للبئر بناء على سمك الطبقة المنتجة للبترول، والقرب من الفوالق، وخواص المسامية والنفاذية ومدى قرب أو المسافة المثقبة أو بعدها من منسوب التماس بين سطحي الزيت والماء، ووجود قطاعات أو شقوق صلدة تحت المسافة المثقبة، وقيمة ضغط الاستنزاف المسموح به رياضياً.

وخلال إنتاج البترول، ينبغي انتظام متابعة منسوب تماس سطحي الزيت والماء، وتسجيل معدلات ارتفاعه على فترات متقاربة للتأكد من أن عملية إزاحة الزيت تجري بانتظام، والتأكد من أن سطح التماس بقي أفقيا بقدر الإمكان وليس متعرجا. ومع ظهور الماء في العينات التي تؤخذ من رأس البئر تقلل الفتحة السطحية لخفض معدل الإنتاج قبل ارتفاع درجة التشبع بالماء، ولإبطاء وصول البئر إلى مرحلة الإنتاج المتقطع أو الإنتاج بطريقة الرفع الصناعي.

وهكذا تتكامل أساليب تكملة الآبار وتنشيطها، واختيار معدلات الإنتاج المناسبة ومتابعتها لزيادة إنتاج الحقول البترولية، خاصة تلك المحتوية على طبقات الحجر الجيري، التي تختلف نفاذيتها ومساميتها وتعتمد على قوة الدفع بالمياه. وهذه الأساليب العملية سهلة الاستخدام، وتزيد من مخزون البترول القابل للاستخراج بالاعتماد على الطاقة الطبيعية، دون التحول إلى طاقة صناعية، قد تكون باهظة التكلفة.



[1] وضع معهد البترول الأمريكي American Petroleum Institute (A.P.I). معدلا للكثافة النوعية Specific Gravity يصنف الخامات البترولية إلى خفيفة ومتوسطة وثقيلة.

[2] يجري ذلك من خلال آبار تحفر لحقن المكامن بهدف زيادة الضغط فيها، وتسمى تبعا لما يحقن فيها من ماء أو غاز أو بخار أو غير ذلك.

[3] تقتصر نسبة الآبار التي يزيد عمقها عن عشرة آلاف قدم على 20% من الآبار المنتجة للبترول في العالم، ولا يزال معظم الإنتاج العالمي من البترول يأتي من آبار ذات عمق من ثلاثة إلى عشرة آلاف قدم. ومع ذلك وصلت بعض آبار الزيت إلى عمق عشرين ألف قدم، ويتكلف حفر بئر ذات عمق أكبر من خمسة عشر ألف قدم تسعة أضعاف تكلفة بئر عمقها خمسة آلاف قدم حسب تقديرات معهد البترول الأمريكي.

[4] يعرف سطح عدم التوافق جيولوجيا بأنه سطح التعرية الذي يفصل بين الصخور القديمة والحديثة، وينتج عن توقف الترسيب في فترة معينة من الزمن الجيولوجي.

[5] خلال اختراق بعض الطبقات الأرضية تنتج تشققات ويتم الوصول إلى مناطق غازية عالية الضغط بصورة غير متوقعة أحيانا في أثناء الحفر مما قد يسبب انفجاراً عند فوهة البئر ما لم تتخذ الاحتياطيات الفنية المناسبة.

[6] الأسلوب الشائع في حفر الآبار هو الحفر الموجه Directional Drilling للوصول إلى مصيدة البترول، والتي قد لا تقع مباشرة تحت برج الحفر مثل حفر الآبار على الشاطئ للوصول إلى الحقول البحرية القريبة منه دون استخدام المنصات البحرية التي تلائم الحفر في البحار البعيدة عن الشاطئ. كذلك يستخدم الحفر الموجه بعد الوصول إلى أعماق معينة من الحفر لأسباب اقتصادية صرفة.

[7] تسمى الصمامات المركبة على فوهة البئر المنتجة للبترول بشجرة عيد الميلاد Christmas Tree Valves.

[8] ترجع قوة الدفع بماء التكوين إما لضغطها الاتزاني Hydrostatic Pressure أو لتمددها خلال الطبقة الحاوية للبترول.

[9] ومع ذلك، فقد ثبت أن أنسب طريقة للرفع الصناعي بالنسبة لحقل المرجان ـ وهي المطبقة حاليا ـ هي طريقة استخدام الغاز تحت الضغط العالي، وتبلغ طاقة الرفع بالغاز في حقل المرجان أكثر من 180 مليون قدم مكعب يوميا.

[10] التركيب الكيميائي للمركبات ذات النشاط السطحي عبارة عن سلسلة هيدروكربونية طويلة نسبيا، وهى إما مستقيمة، أو متفرعة، وقد تحتوى على حلقة أروماتية أو نافثينية أو كليهما. وتحتوى السلسلة الهيدروكربونية الكارهة للماء Hydrophobic على مجموعة أو أكثر من المجموعات الوظيفية العضوية عالية الاستقطاب أو الأيونية المحبة للمياه Hydrophilic. وبإضافة هذه المركبات إلى خليط الماء والزيت فإنها تتوزع على السطح الفاصل بينهما حيث يذوب الجزء الهيدروكربوني في الزيت، ويذوب الجزء المستقطب فى المياه، وبذلك تتقارب حبيبات الزيت والماء وتتكون المستحلبات.

[11] يصل عمق المياه في حقل الاستكشاف جنوب غارا بخليج السويس في مصر إلى حوالي 2400 قدم في بعض مناطق الامتياز، وتتميز مياه البحر الأحمر، والبحر المتوسط بأعماقها الكبيرة بعيداً عن الشواطئ.

[12] بلغت مسافات التحكم عن بعد في الآبار تحت سطح البحر - حاليا - حوالي سبعة وثلاثين ألف قدم كحد أقصى على المستوى العالمي، وهو إنجاز كبير في مجال التحكم الهيدروليكي والآلي في الآبار تحت سطح البحر.

[13] يستخدم حامض الهيدروكلوريك المخفف في تنشيط الآبار، ومن المفضل أن يكون تركيز الجرعة الأولى حوالي 15%، وبحجم في حدود 20 - 60 جالون / قدم من المسافة المتبقية، وبحد أدنى حوالي خمسمائة جالون.