المقدمة

    الضوء مألوف جداً، بل يُعَدّ من المسلمات. ولو عُدم، لَتَغَيَّر وجه الحياة؛ إذ ستستحيل الرؤية، التي تتأتى من وقوعه على الأشياء، ثم انعكاسه على العين. من دونه، يفتقد الهواء والطعام؛ إذ لا بدّ لنمو النباتات الخضراء من ضوء الشمس؛ والطعام قوامه النباتات، أو الحيوانات التي تتغذى بها.

    ويسهم الضوء في الوقود؛ فالطاقة الشمسية، تختزنها النباتات، التي تستحيل، بعد موتها، فحماً وغازاً طبيعياً ونفطاً، وهي مواد ذات طاقة، يمكن بها إنتاج الكهرباء وتشغيل الآلات. ناهيك بأن ضوء الشمس، يدفئ الأرض، لاشتدت برودتها، وعُدمت الحياة فيها.

    أمكن التّحكم في الضوء، فاستُغل في أوقات أو مواضع، لا يصلها ضوء الشمس. واتخذ، في البداية، شكل المشاعل، فالشموع ومصابيح الزيت، ثم ظهر الغاز والكهرباء.

    واستُخدم الضوء في عدة أغراض، غير الرؤية؛ فالموجود منه على شاشة التليفزيون، على سبيل المثال، يتألف من بقع الضوء. وباستخدام معدات علمية، أمكن دراسة الضوء نفسه، وعُرف الكثير عن الكون؛ فالضوء القادم من النجوم البعيدة، مثلاً، يمكن أن يساعد العلماء على معرفة ماهيتها وسرعتها، وحركة اقترابها من الأرض أو ابتعادها عنها.

    واستخدم العلماء الضوء في معرفة المواد الكيماوية ودراستها. إضافة إلى أنه يُستخدم في الاتصالات؛ فالألياف البصرية، تنقل المعلومات، على شكل ضوء، لمسافات بعيدة، وبدأت تحل، باطراد، محل أسلاك النحاس، المستخدمة من قِبَل شركات الهاتف. ويجرب العلماء الضوء، في الوقت الحاضر، بوصفه حاملاً للمعلومات، داخل المعالج المركزي السريع جداً، لعمليات الحاسوب.

    ما الضوء؟ هذا السؤال كان محيراً، لعدة قرون. فقد اعتقد الناس، أن الضوء ينتقل من العين إلى الأجسام، ثم يرجع، مرة أخرى. فإذا حال أي شيء بينهما، استحالت الرؤية. كما حاولوا أن يبرهنوا على أن الضوء، يحتاج إلى وسط، سمي بالأثير (اُنظر ملحق الأثير). وعرف العلماء، منذ القرن السابع عشر الميلادي، أن الضوء شكل من أشكال الطاقة، يمكنه السير، بحرِّية، خلال الفضاء. وتسمى طاقته بالطاقة المشعة، وهي أنواع عدة، منها الأشعة تحت الحمراء، والموجات الراديوية، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة السينية. ويمكن رؤية جزء صغير، من الأنواع المختلفة من الطاقة المشعة، ويسمى الضوء المرئي، أو هو، ببساطة، الضوء.