إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الضوء





الوحدات الأساسية لقياس الضوء
الضوء الأبيض والطيف المرئي
الظاهرة الكهروضوئية للضوء
تغيرات الضوء الكيمائية
سلوك الضوء
طبيعة الضوء الكهرومغناطيسية




المقدمة

خامساً: فَهْم الضوء

1. الأفكار الأولى في شأن الضوء

    توصل الإغريق القدماء إلى بعض النظريات، في مجال الضوء، فتحت آفاق دراسة؛ لكنها كانت، في الأغلب، نظرية. ولم تُتَح الفرصة لدراسة الجانب الحيوي من جوانب الطبيعة الثرية، التي أبدعها الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ إلاَّ على يد عدد من العلماء المسلمين، في القرون الوسطى، يأتي في مقدمتهم الحسن بن الهيثم، وابن سينا، وغيرهما. يقول المستشرق وايدمان، الذي اهتم بإنتاج علماء المسلمين في العلوم: "إن المسلمين، أخذوا عن اليونان بعضاً من النظريات؛ فأحسنوا فهْمها، ثم طبقوها على حالات كثيرة متباينة، واستنبطوا من ذلك نظريات جديدة، وبحوثاً مبتكرة".

    وكان أبرز إسهامات الحسن بن الهيثم (354 ـ 430هـ/965 ـ 1039م)، في كتابه "المناظر" ـ الاهتداء إلى طبيعة الضوء ووظائفه، وحالة القمر، وقوس قزح، والمرايا ذات القطع المتكافئ، والمرايا الكروية، والكسوف والخسوف والظلال. وانتفع بعِلمه بالبصريات، وإنتاجه الغزير، كلٌّ من روجر بيكون، وفيتلو البولندي، وليوناردو دافينشي، ويوهان كبلر.

    وقد تُرجم كتاب "المناظر" إلى اللاتينية، أكثر من خمس مرات. وفيه يؤكد أن الضوء مستقل عن اللون. ويحلل، للمرة الأولى، عملية الإبصار، وأشعة الضوء، التي ذهب من سبقوه إلى أنها تنبعث من العين إلى الأجسام فتراها، في حين قال ابن الهيثم: "إنها تصدر عن كل نقطة من نقاط الجسم، فتصل إلى العين، وتنقل إليها، وإلى المخ، صورة الشيء".

    واهتم ابن الهيثم بالعدسات، وقال إن تكبير العدسة، يتوقف على مقدار تحدُّبها. كما درس الانكسار والانعكاس.

    ولم يظهر عالم في الضوء يعتد به، بعد ابن الهيثم، إلاَّ في القرن السابع عشر الميلادي، أي بعد نحو سبعة قرون. ففي سنة 1666، اكتشف العالم الإنجليزي، السير إسحاق نيوتن، أن الضوء الأبيض مؤلَّف من جميع الألوان. ووجد، باستخدام المنشور، أن كلَّ لون في الشعاع الأبيض، يمكن أن يُفصل. ووضع نيوتن نظرية، تقول إن الضوء يتألف من أجسام صغيرة، تنتقل في خطوط مستقيمة، من خلال الفراغ. وسمّى النظرية نظرية الجسيمات الضوئية.

    وفي الوقت نفسه، الذي وضع فيه نيوتن نظريته في الضوء، قال الفيزيائي والفلكي الهولندي، كريستيان هويجنز، إن الضوء يتألف من موجات. وقدم نظريته الموجية، في شرح طبيعة الضوء. وتبدو النظريتان، نظرية الجسيمات الضوئية والنظرية الموجية، متضادتَين تضاداً آلياً. وقد دارت مجادلات بين العلماء حولهما، لنحو 100 سنة. وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي، شرح الفيزيائي الإنجليزي، توماس يونج، تداخل الضوء، وأوضح أن الشعاعَين من الضوء، يلغي أحدهما الآخر، تحت شروط محددة. وتتصرف موجات المياه بالطريقة نفسها. ولكن، بسبب صعوبة فهْم كيفية حدوث التداخل بين الجسيمات، قبِل معظم العلماء تجربة يونج، كبرهان على النظرية الموجية في الضوء.

2. النظرية الكهرومغناطيسية

    وضع الفيزيائي الإنجليزي، كلارك ماكسويل، عام 1864، النظرية الرياضية في الكهرومغناطيسية. وطبقاً لهذه النظرية، فإن التأثير، الذي يُغيِّر الحقول، الكهربائية والمغناطيسية، أحدهما على الآخر، يسمح بسير الموجات. ولموجات ماكسويل النظرية الخواص النظرية نفسها، التي قيست للضوء؛ فالشحنات الكهربائية الاهتزازية، التي تنتج الضوء، هي الشحنات الكهربائية في الذرات. وقد برهن الفيزيائيون الذريون، سابقاً، على وجود هذه الشحنات الكهربائية الاهتزازية. وقد عزز عمل ماكسويل النظرية الموجية في الضوء.

    عارضت نظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية فكرة، وقفت في طريق قبول العلماء النظرية الموجية، لأكثر من قرن. فقد شعر العلماء، أنه يجب عليهم أن يجدوا الوسط (المادة)، الذي تنتقل من خلاله موجات الضوء. وعللوا ذلك، بأنه إذا كان الضوء ينتقل على شكل موجات، فإنه يجب أن يكون هناك شيء، تنتقل من خلاله، كما هو الحال في موجات الصوت، التي تحتاج إلى هواء للانتقال عبره. ولكن، بالنسبة إلى الضوء، فإن هذا الشيء، ربما لا يكون مادة؛ لأن الضوء يمكنه الانتقال في الفراغ. ولكي يتجنب العلماء هذه الصعوبات، افترضوا أن الوسط، الذي يسير من خلاله الضوء، هو الأثير.

    وباءت جميع المحاولات لملاحظة الأثير، أو قياس خواصّه، بالفشل. وأصبح العلماء أكثر اقتناعاً بعدم وجود الأثير. وقد تحطمت نظرية الأثير، من خلال التجارب، التي أجراها ألبرت مايكلسن، والفيزيائي الأمريكي، إدوارد مورلي، عام 1887.

3. ميكانيكا الكمّ

    اكتشف العالم الألماني ماكس بلانك، عام 1900، معادلة، توافق النتائج العملية، بالنسبة إلى انبعاث الضوء من سطح ساخن. بيد أنه لم يستطع تفسير نجاح هذه المعادلة؛ لكنه أدرك أنها بشَّرت بأن باعثات الضوء الصغيرة جداً على السطح، تملك قيماً محددة من الطاقة. وعندما تحدد الطاقة بقيم ثابتة، يمكن أن يقال إنها مُكمّاة (يكون احتسابها كمياً).

    اكتشف أينشتاين، عام 1905، أن الضوء نفسه مُكَمَّى. وعلل ذلك، بأنه إذا كان الضوء المنبعث، يملك قيماً محددة فقط من الطاقة، فإن الطاقة، التي يبعثها الضوء، تحافظ على خواصها الكمية. ويأتي الضوء على شكل رزم صغيرة من الطاقة، تسمى الكمّات. وتقدير الضوء طاقة مكمّاة يفسر نتائج بعض التجارب، المبنية على نظرية الجسيمات الضوئية، بدلاً من النظرية الموجية في الضوء. وتعرف هذه الجسيمات الضوئية بالفوتونات.

    وفي عام 1913، أوضح الفيزيائي الدانمركي، نيلز بور، أن طاقة الذرات هي، كذلك، مكمّاة. وعندما تُعطى ذرة الطاقة، بوساطة تصادم أو بسقوط الضوء عليها، فإن الذرة تستطيع أن تقبّل قيماً محددّة من الطاقة فقط. وتصبح الذرة، بهذه الطريقة، مُثارة، ولدى هبوطها، تتخلص من الطاقة الزائدة. وتوجد طريقة واحدة، تحمل هذه الطاقة الزائدة إلى خارج الذرة، قوامها بعث فوتونات. ويقبَل كلُّ نوع من الذرات، مجموعات مختلفة من الطاقة؛ لذلك، عندما تبعث الذرات الضوء، فإن الفوتونات من النوع الواحد من الذرات، تختلف، في الطاقة، عن الفوتونات المنبعثة من أنواع أخرى منها.

    الحقل الفيزيائي، المعروف باسم ميكانيكا الكمّ، هو دراسة كيف يمكن الذرات والضوء، أن يكونا مُكَمَّيَيْن. وتتضمن ميكانيكا الكمّ حقيقة أن الضوء والمادة، يتصرفان في صورة موجات، في بعض التجارب، وجسيمات، في تجارب.