إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الساعة




أجزاء الحركة للساعات
البندولات
الساعات المتنقلة الأولى
الساعات المبكرة الميكانيكية
الساعة الرملية
القرص الشمسي المدرج
بندول الإيقاع
بندول فوكولت
بعض الساعات القديمة

الوقت والتاريخ
البندول المتصالب
البندول البسيط
ساعات تدار بالثقل
ساعة رقمية تدار بالكهرباء




3

3. الساعة البيولوجية

يُطلق مصطلح الساعة البيولوجية على النظام الزمني الغامض، الذي يؤثر في النباتات والحيوانات، ويحفظ الوقت الدقيق للأيام والأسابيع والشهور، بل والسنين. وهو يحدد، كذلك، مواعيد أنشطة الكائنات الحية، ليجعلها في تناسق مع التغيرات المنتظمة في بيئاتها؛ فتهاجر الطيور، وتنمو الأسماك، وتتفتح الزهور، بحسب جداول زمنية، تحددها الساعات المبنية في داخلها. وتحدد الساعة البيولوجية، في البشر، أوقات نومهم واستيقاظهم، وكثيراً من أنشطة أجسامهم. ويسمى العلم، الذي يتعامل مع دراسة الساعة البيولوجية، علم التسلسل الزمني الأحيائي.

ولا يعرف أحدٌ أين تكمن الساعات البيولوجية، ولا كيف تعمل. ويعتقد بعض العلماء، أن كل كائن حي، لديه نظامه الزمني الخاص، المركب داخله، والذي يعمل مستقلاً. ويعتقد آخرون، أن الساعات بنَتْها الإيقاعات الطبيعية للقوى الكهرومغناطيسية، والجاذبية الأرضية.

ولا يزال ثمة مَن يفترض، أن هناك قوى داخل الجسم وخارجه، ضرورية للحفاظ على دقة الساعات. ويأمل العلماء، أن تعطيهم التجارب، على النباتات والحيوانات في الفضاء الخارجي، بعيداً عن إيقاعات الأرض الطبيعية، معلومات إضافية عن كيفية عمل الساعات البيولوجية.

أ. أهمية الساعات البيولوجية

تحافظ الساعات البيولوجية على متابعة مسار التغيرات المتسقة، بما فيها النهار والليل، وحركة المد والجزر في المحيطات، وأوجُه أو أطوار القمر، وفصول السنة. ويبدو أن كثيراً من الكائنات الحية، وربما كلها، لديها دورات داخلية، تسمى الإيقاعات البيولوجية (الحيوية)، تستجيب لتلك التغيرات الخارجية المتسقة. وتبدو الإيقاعات البيولوجية لكل نوع معين، وكأنها مؤقتة، لتُمكن الكائن من الإفادة من التغيرات الطارئة على بيئته. وتستمر الإيقاعات البيولوجية، بحسب جدول زمني، حتى في المختبرات، حيث تحجب النباتات والحيوانات عن كل إشارات مرور الوقت، والتغير الخارجي. ولكن الإيقاعات يمكن أن تتغير، ويعاد تركيب الساعة البيولوجية، من طريق تغيير الوقت، الذي يستقبل فيه الحيوان أو النبات الضوء. وعلى سبيل المثال، تجري الفئران، عادة، في الليل؛ وسرعان ما تعيد وقت جريانها، إذا نُقلت إلى فترة زمنية أخرى، أو وُضعت تحت جدول زمني ضوئي صناعي.

ب. الإيقاعات اليومية

يعتمد كثير من الإيقاعات البيولوجية، على دورة الليل والنهار، وتسمى الإيقاعات اليومية؛ لأنها تحدث كل 24 ساعة. وبالنسبة إلى معظم الكائنات الحية، فإن دورة الليل والنهار، تقسم إلى فترات نشاط، وفترات راحة. ولكن هذه الفترات، لا تحدث في وقت واحد من اليوم، لدى كل الكائنات الحية. فالبشر ينشطون، إلى درجة كبيرة، في النهار؛ ويخلدون إلى الراحة، في الليل. وتتبع القرود، الكبيرة والصغيرة، والنحل، والفراشات، وكثير من أنواع الحيوانات، جدولاً زمنياً واحداً. أما الخفافيش والقطط والعث والبوم، فتنشط في الليل. وتحدد الساعة البيولوجية في كل نوع، الجدول الزمني الذي يلائمه.

وتُفْصحُ النباتات، كذلك، عن إيقاعات يومية. فهي، على سبيل المثال، ترفع أوراقها، في النهار، وتخفضها، في الليل. وتسمى هذه التغيرات المتسقة حركات النوم. وهي، عادة، تستمر حتى حينما تُحفظ النباتات في أماكن، لا يتغير فيها الضوء، ولا درجة الحرارة.

ج. إيقاعات أخرى

تُظهر السرطانات اللاهية، وحيوانات الشاطئ الأخرى، إيقاعات معقدة؛ إذ يسودّ جلد السرطانات العازفة، عند الفجر، ويصير شاحباً، عند الغسق. وتتكيف أنشطتها في الجريان مع المد، الذي يعلو ويهبط، بعد ذلك بخمسين دقيقة، كل يوم. وتستمر السرطانات العازفة، المحفوظة في المختبرات، في تغيير لونها، في الظلام، مستجيبة لحركة المد في موطنها الأصلي، على الشاطئ. وحينما تنقل إلى شاطئ جديد، تختلف فيه أوقات المد والجزر، فإنها تكيف أنشطتها مع توقيت المد الجديد، وتعيد توقيت ساعاتها البيولوجية، آلياً.

ويملك كثير من الكائنات الحية، بما فيها سمك الجزونيون؛ وهو سمك صغير، يوجد على امتداد ساحل كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الأمريكية، إيقاعات ولادة شهرية، أو شبه شهرية، عند أقصى ارتفاع للمد، من فبراير إلى سبتمبر. ويَعْتلي سمك الجزونيون، كل 14.8 يوماً، موج المد المتجه إلى الشاطئ، حيث تضع الإناث بيضها في الرمال الرطبة، وتأتي الذكور لتخصبها.

ثم يحمل الموج الأسماك، ثانية، إلى المحيط؛ ولكن، يبقى البيض على الشاطئ. وعند المد العالي التالي، بعد 14.8 يوماً أخرى، يحطم مَوْجُه البيض، ويحمل الأسماك الصغيرة إلى عرض المحيط.

وتحدد الساعات البيولوجية الجداول الزمنية للإيقاعات السنوية، في الكائنات الحية؛ فهي تتحكم في نمو البذور، وسكون الطيور والحيوانات الأخرى وهجرتها. وتبدو هذه الساعات مهمة، كذلك، في مساعدة الطيور والأسماك والقشريات والحشرات، على الملاحة. والساعات التي تستخدم في الاقتران مع الشمس والقمر والنجوم، تساعدها على التصحيح، باستمرار، بالنسبة إلى دوران الأرض، والبقاء في المسار الصحيح.

د. الساعة البيولوجية، عند البشر

تعمل الساعة البيولوجية، عند البشر، بحسب جداول زمنية، ضرورية للحياة وللصحة. وللبشر إيقاعات بيولوجية يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية. ويختلف مستوى الهورمون، والكيماويات الأخرى في الدم على مدى هذه الفترات الزمنية. وينجز كثير من عمليات الجسم الحيوية، بانتظام، كل 24 ساعة. وتتسق أنشطة الخلايا والغدد والكليتين والكبد والجهاز العصبي، بعضها مع بعض، ومع إيقاع النهار والليل، في البيئة.

يتغير المعدل، الذي تُنجز به عمليات الجسم، تدريجاً، في أثناء اليوم. وعلى سبيل المثال، تختلف درجة حرارة الجسم، بمقدار درجة واحدة، خلال فترة الأربع والعشرين ساعة. وتبلغ درجة الحرارة أدنى مستوى لها، في وقت الراحة، في الليل؛ وترتفع في أثناء النهار، وهي فترة النشاط.

ويبلغ المرء ذروة وعيه نظام التوقيت البيولوجي، حينما تقلّه طائرة نفاثة إلى مناطق، يختلف فيها التوقيت؛ فلو انتقل من شيكاغو إلى لندن، في وقت متأخر، بعد العصر، فسيصل العاصمة البريطانية، وسكانها على وشك أن يبدأوا يومهم. وعلى أي حال، سيظل نظامه الاتساقي، يعمل بحسب توقيت شيكاغو؛ أما في لندن، فسيصاب بالأرق، ليلاً، ويغلب عليه النعاس، أثناء النهار. ولن تعيد ساعته البيولوجية توقيت نفسها، إلا بعد عدة أيام. ومن ثَم، ستكون وظائف جسمه خارج الإيقاع، وستهبط كفاءته، وسيشعر بالتعب؛ وهو ما يسمى تخلف النفاثة، أو إرهاق النفاثة.

ويعتقد بعض الباحثين، أنه كلما أمكن التحكم، بطريقة أفضل، في معرفة الساعات البيولوجية والإيقاعات البيولوجية، أمكن العلماء إيجاد الوسائل المثلى لاستخدام الإيقاعات. وعلى سبيل المثال، ربما يستطيع الأطباء تشخيص المرض، وهو في طوره المبكر، بوساطة التغير في إيقاعات الجسم. ويعتقد العلماء، أن الإيقاعات البيولوجية، تؤثّر في الوقت، الذي قد يحدُث فيه المرض أو يشتد. وعلى سبيل المثال، تزداد أزمات المصابين بداء الربو، عند وقت النوم؛ ويحدث معظم نوبات الصرع، في الصباح أو المساء. كذلك، تؤثر الإيقاعات البيولوجية في مدى سرعة، تأثير الدواء، وفترة التأثر به. وهكذا، فإن معرفة الإيقاعات البيولوجية، قد تمكن الطبيب من إعطاء الدواء، في الوقت، الذي يزيد فيه احتمال استفادة جسم المريض منه إلى أقصى درجة ممكنة. وسوف يزيد التوسع في المعرفة العلمية للإيقاعات البيولوجية، من النجاح في اكتشاف الفضاء الخارجي، والحياة فيه.