تاسعاً: تقنية الويب اللاسلكي

تبدأ كل رحلة عظيمة بخطوة أولى. والخطوة الأولى نحو "الشبكة العنكبوتية العالمية" "World Wide Web WWW"، كانت تكمن في مجموعة من المواصفات الفنية، تدعى "بروتوكول Protocol التطبيقات اللاسلكية"، أو باختصار الواب WAP. إن مواصفات البروتوكول WAP تضع ـ بشكل أساسي ـ المعايير لكيفية نقل الشبكات وثائقَ الوِب إلى الهواتف الخلوية وأجهزة النداء والأجهزة الأخرى المحمولة. وقد أدخلت شركات الاتصالات اللاسلكية الرائدة شبكات بيانات تسمح لمستخدمي الهواتف الخلوية بالحصول على معلومات من شبكة الوِب العالمية، وإظهارها على شاشات جهاز الهاتف الصغيرة.

وتكمن العقبة الكبرى للوصول إلى الوب اللاسلكي في كون الهواتف الخلوية وشبكاتها غير متينة بما يكفي للتعامل مع لغة HTML، وهي لغة التعارف المعتمدة على الإنترنت، والتي يستخدمها الناشرون على مواقع الوِب لصياغة النصوص والرسوم البيانية، لتصبح وثائق بسيطة وسهلة. ولكن عرض نطاق شبكات الهاتف الخلوي منخفض، إذ إنها تنقل البيانات ببطء أشد من الشبكات السلكية، ومن ثم، فإنها تزيد من صعوبة نقل صور الوِب لاسلكيا إن لم تجعلها مستحيلة. كما أن الهواتف الخلوية ليس لديها قدرة المعالجة الكافية، ولا شاشات العرض اللازمة لإظهار الصور المعقدة. ولحل هذه المعضلات، قام مهندسو البرمجيات بإنشاء لغة للأجهزة المحمولة صممت خصيصًا للشبكات اللاسلكية. وتسمح هذه اللغة بنقل أجزاء من نص صفحات الوِب التي تضم النص، لإيصالها إلى الهواتف الخلوية وأجهزة نقّالة أخرى.

1. ارتباط الهاتف الخلوي بالشبكة العنكبوتية

يرتبط الهاتف الخلوي بالشبكة العنكبوتية العالمية، وفق الخطوات الآتية: (أنظر شكل ارتباط بروتوكول WAP)

أ. يُدخل صاحب الهاتف الخلوي، الذي يتضمن البروتوكول WAP، عنوان موقع الوب على شاشة الهاتف   باستخدام لوحة الأزرار، ويرسل هذا الطلب عبر الأثير كإشارة رقمية إلى برج نقل خلوي.

ب. يستقبل البرج إرسال الهاتف الخلوي، وينقله بواسطة خط أرضى إلى العميل.

ج. يكون العميل مزودًا ببوابة عبور WAP gateway، وهي برمجيات تعمل مرشحاً ما بين الشبكة اللاسلكية والإنترنت. وتجد البوابة صفحة الوِب المطلوبة من قبل مستخدم الهاتف الخلوي.

د. إذا كانت الصفحة مكتوبة باللغة HTML (كما هو الحال في معظم صفحات الوِب)، تحول برمجيات التكويد الوثيقة إلى وثيقة WML، وذلك بحذف صفحات الرسوم البيانية وأي تنسيق خاص للنص، مثل الأبناط الأنيقة. وتكود بوابة العبور الترجمة في وثيقة WML، بحيث يمكن نقلها لاسلكيا إلى الجهاز الخلوي.

هـ. يستقبل الجهاز الخلوي الوثيقة على شاشته الصغيرة.

لكن هذا التحويل من اللغة HTML إلى اللغة WML لا يتم من دون مشاكل. فإذا استخدمت صفحة الوِب صورًا كروابط للصفحات الأخرى، على سبيل المثال، تلزم إعادة صياغة الصفحة بحيث يستعاض عن الصور بروابط نصية. ومن الناحية العملية، فإن هذا التحويل كثيرًا ما يحد من قدر المعلومات التي يمكن الوصول إليها، كما يجعلها أحيانًا غير مقروءة. لهذا السبب، كوّن ناشرو الوب نُسخًا أخرى من صفحاتهم مكتوبة باللغة WML، ومصممة خصيصًا لأجهزة البروتوكول WAP.

2. تقليص صفحات الوب

تحتاج شبكات البرتوكول WAP إلى تقليص صفحات الوب المكتوبة بلغة HTML، لجعل محتوياتها مناسبة للشاشات الصغيرة الخاصة بالأجهزة اللاسلكية بلغة WML. ويكون ذلك من خلال الخطوات التالية (أنظر شكل تقليص صفحة الويب)

أ. يمكن أن تحتوى صفحة "وب" مكتوبة باللغة HTML على نصوص ورسوم بيانية ورسوم متحركة وملفات صوتية.

ب. تمر صفحة "وب" المكتوبة باللغة HTML إلى خادم يحوى برمجيات التكويد لترجمة الصفحة إلى لغة WML، ويحذف كل ما يمكن عرضه على شاشة هاتف خلوي، مثل الصور والرسوم المتحركة والملفات الصوتية.

ج. يتلقى الهاتف وثيقة WML، ويعرض نص صفحة الوب على شاشته.

وبهذه التقنية يستطيع مستخدمو الهواتف الخلوية أن يطلبوا نتائج مباريات رياضية، أو مواعيد الطيران، أو آخر أسعار الكتب. لكن تشكيلة الخدمات والمعلومات التي يمكن الوصول إليها عن طريق الهواتف الخلوية، لا تشكل سوى جزء يسير من كنز البيانات المتوفرة على الإنترنت.

إن استخدام الإنترنت، أو الوصول إليها من جهاز لاسلكي، تجربة مختلفة عن الوصول إليها من حاسب شخصي. وعلى سبيل التشبيه، فإن الوصول إلى الإنترنت من حاسب شخصي يشبه دخول شخص إلى "بوفيه مفتوح"، حيث يرى تشكيلة واسعة من الأطعمة، فيختار ما يريد، وينتقل بسرعة من نوع إلى آخر، واضعًا كل ما يريد من هذه الأطعمة في طبقه. أما البروتوكول WAP، فهو يشبه خدمة الغرف في الفنادق: يلقي الشخص نظرة على لائحة الأطعمة، ويطلب ما يرغب فيه، فيؤتى به له.

ومن أجل تحفيز نمو وِب لاسلكي، تعمل الشركات على تطوير شبكات بوسعها التعامل مع كمّ هائل من البيانات، وأجهزة تمسك باليد يمكن ربطها بمصادر الإنترنت كافة.