إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / أشعة الليزر





موجات الضوء العادي والليزر
منشور زجاجي
ليزر الإليكترون الحر
مكونات نظام الاتصالات الليزري
مقياس ميكلسون
مقياس التداخل
المجهر الضوئي
الليزر الشمسي
اللذر الياقوتي
انتقال الكترون
الشريط المغناطيسي
استخدام أشعة الليزر لرصد أهداف
اصطدام الذرة بفوتون خارجي
ثلاثي مناسيب الطاقة
توزيع الذرات في مادة الكلور
باحث الليزر في الصاروخ
تداخل شعاعين ضوئيين
تسجيل صور هولوجرافية
ثقابين ليزري وعادي
صورة تداخلية لعينة معدنية
كيفية التداخل الصوتي
علاج انفصال الشبكية
علاج تسوس الأسنان
قراءة القرص البصري




المبحث الأول

المبحث الأول

طبيعة أشعة الليزر وخصائصها

أولاً: اكتشاف أشعة الليزر

كلمة ليزر LASER بالإنجليزية هي الحروف الأولى من عبارة Amplification by Stimulated Light Emission of Radiation ، وهي تعني "تضخيم الضوء بواسطة إثارة موجاته الإشعاعية"[1]. وكان "أينشتين"[2]  Einstien أول من تنبأ في عام 1916م بأن الإلكترونات تستطيع أن تطلق نوعاً خاصاً من الضوء، ولكن ذلك لم يحدث إلا في شهر يوليه من عام 1960م، عندما نجح العالم "ثيودور ميمان" Theodore H. Maiman، المهندس بمختبرات شركة "هيوز" Hughes للبحوث بالولايات المتحدة الأمريكية، في توليد شعاع ضوئي قوي نفاذ من ياقوتة [3] حمراء تغطى الفضة طرفيها، ويسقط عليها ضوء غامر من مصباح أنبوبي زجاجي يحيط بها. فعندما سقط ضوء المصباح على الياقوتة أهاج ذراتها، وانبعث منها وميض انتشر إلى طرفيها ليصطدم بالفضة التي عكسته كالمرآة، فتردد ذهاباً وإياباً، فزادت قوته وتركيزه، وانطلق شعاع لامع من الضوء الأحمر من نوع غير معهود من قبل.

وتذكر بعض المصادر، أن أول جهاز ليزر قد صمم ونفذ عام 1959 بواسطة عالم إيراني يعيش في الولايات المتحدة، وكان جهاز هليوم-نيون، أي أن المادة الفعالة هي خليط من غازي الهليوم والنيون في أنبوبة طولها 4 سم وقطرها 1 سم. وكان العالم الأمريكي "شاولو" قد سبق وأثبت إمكانية الحصول على أشعة الليزر بالحسابات النظرية.

وليزر "مايمان" الأول بعث ضوءاً أحمر فقط، الأمر الذي حد من فائدته. فأحد أسباب بطء استخداماته التطبيقية كان أسباب الحاجة إلى تطوير أشعة ليزر متنوعة ترسل ضوءاً بموجات وطاقات مختلفة. واليوم، هناك عدد كبير من أنواع أشعة الليزر التي تستخدم مواد مختلفة لتوليد أشعة ضوئية، لأغراض متخصصة. وأشعة الليزر قد تكون في الطيف المنظور، أو في منطقة الأشعة تحت الحمراء، أو في منطقة الأشعة فوق البنفسجية (اُنظر جدول بعض أنواع الليزر الشائعة).

والضوء هو نوع من الإشعاع. والضوء الأبيض الذي نراه، كأشعة الشمس، مكون من ألوان الطيف التي تتدرج من الأحمر إلى البرتقالي، فالأصفر، فالأخضر، فالأزرق، فالنيلي، ثم البنفسجي (اُنظر شكل منشور زجاجي) . وقد تمكن العالم الإنجليزي "إسحق نيوتن" من الحصول على هذه الألوان عندما مرر شعاعاً ضوئياً في منشور زجاجي، فخرج الضوء وقد تفرق إلى هذه الألوان التي تعرف بـ "الطيف المرئي". ويفسر حدوث هذا الطيف بأن الضوء يتكون من موجات ضوئية ذات ترددات مختلفة[4]، وهذه الموجات تسير بالسرعة نفسها في الهواء، ولكن سرعتها تختلف عن بعضها عندما تمر في وسط أكثر كثافة من الهواء، فتنكسر وتخرج في مجموعات طبقاً لتردداتها.

ثانياً: جهاز الليزر

جهاز الليزر عبارة عن مصدر للضوء، يعمل على تجميع الإشعاعات الضوئية، التي تتولد داخل الجهاز، وتركيزها، وتقويتها، على شكل حزمة ضوئية رفيعة جداً في اتجاه واحد مركز، وهي أشعة كهرومغناطيسية متجانسة coherent ومتماسكة، وتستطيع قطع مسافات لا نهائية في خط مستقيم. وتتميز بأنها تزداد شدتها، ويقوي بعضها بعضاً عند الانطلاق.

وعملية توليد أشعة الليزر تنتج عن تعريض المواد المختلفة لمصادر إثارة وتغذية خارجية. ويختلف الطول الموجي لأشعة الليزر الناتجة باختلاف المادة التي تنتجه، مع احتفاظها بطبيعتها الأساسية، وخصائصها العامة بوصفها موجة ضوئية، والخصائص العامة للموجات الكهرومغناطيسية. ويتكون جهاز الليزر من ثلاثة أجزاء رئيسة هي:

1. مادة الوسط الفعال: وهي التي تنتج أشعة الليزر، وقد تكون مادة صلبة، مثل الياقوت الصناعي، الذي يتكون من أكسيد الألومنيوم مضافاً إليه كمية ضئيلة من الكروم، لا تزيد نسبتها عن 0.05%. وهذه النسبة من الكروم هي المسؤولة عن إنتاج الليزر القوى، أي أنها المادة الفعالة في هذا النوع من الليزر. وقد تكون مادة الوسط الفعال مادة سائلة، مثل مادة النيوديوم Nudium المذابة في أكسيد كلوريد الصوديوم، أو قد تكون مادة غازية، مثل الهليوم أو النيون، أو ثاني أكسيد الكربون. والوسط الفعال يقذف بضوء شديد التركيز والتماسك، إذا وجهت إليه طاقة مثل تيار كهربي أو إشعاع ضوئي.

2. مصدر للطاقة لإثارة ذرات مادة الوسط الفعال.

3. وحدة تضخيم الضوء، وتكون غالباً في شكل مرآتين.

ثالثاً: نظرية إنتاج أشعة الليزر

يمكن توضيح نظرية إنتاج أشعة الليزر بسهولة ويسر إذا أخذنا في الاعتبار تركيب الذرة، (اُنظر شكل توزيع الذرات في مادة الكلور)، ومنسوبي الطاقة E1, E2 الموضحين في (اُنظر شكل انتقال الكترون). فلكي تنتقل ذرة من المنسوب الأدنى E1 إلى المنسوب الأعلى E2 فإنها تمتص قدراً من الطاقة يساوي الفرق بين هذين المنسوبين. ولكي تنتقل الذرة من المنسوب الأعلى إلى المنسوب الأدنى، فإنها تطلق قدراً من الطاقة يساوي، أيضاً، الفرق بينهما، ويكون ذلك على شكل فوتون photon[5]، (اُنظر شكل اصطدام الذرة بفوتون خارجي). وفي عام 1917، أوضح "أينشتين" أن الانبعاث يمكن أن يتم بإحدى الطريقتين:

1. الانتقال التلقائي

وفيه تنتقل الذرة من المنسوب الأعلى E2 إلى المنسوب الأدنى E1 تلقائياً، دون تدخل خارجي. والانبعاث التلقائي هو السمة المميزة لجميع المصادر الضوئية المألوفة، كمصباح بخار الصوديوم، أو بخار الزئبق، أو النيون. وفي كل منها تحدث ملايين الانتقالات التلقائية، نظراً لأن الانتقال التلقائي للذرات يحدث بدون تحكم. ونتيجة لذلك، فإن الضوء المنبعث تكون فوتوناته غير مترابطة.

2. الانبعاث المستحث

وفيه تنتقل الذرة من المنسوب الأعلى E2 إلى المنسوب الأدنى E1 عندما يمر بها فوتون طاقته تعادل الفرق بين منسوبي الطاقة. ويتميز الانبعاث المستحث بانبعاث فوتون جديد، فضلاً عن الفوتون الأصلي. ويكون للفوتون المستحث نفس طاقة الفوتون الأصلي، ونفس تردده، وطوله الموجي، ولذلك يقال إنهما مترابطان. والانبعاث المستحث هو السمة المميزة لمصادر الليزر، إذ تحدث الانتقالات المستحثة.

ويمكن توضيح كيفية إنتاج شعاع الليزر من خلال دراسة ليزر الياقوت على سبيل المثال. فأول جهاز ليزر ياقوت Ruby Laser صممه "ميمان" عام 1960 كما هو موضح في (اُنظر شكل الليزر الياقوتي)، ويتكون من قضيب اسطواني من الياقوت ذي اللون الأحمر الوردي، قطره 1 سم وطوله 5 سم، وطرفاه متوازيان ومصقولان صقلاً جيداً، وأحدهما مغطى بطبقة غير شفافة من الفضة، وثانيهما مغطى بطبقة نصف شفافة من الفضة، أيضاً. والياقوت هو عبارة عن أكسيد ألومنيوم تم استبدال بعض ذرات الألومنيوم فيه ببعض ذرات الكروم. واسطوانة الياقوت محاطة بأنبوبة تفريغ حلزونية الشكل بها غاز زينون Xenon، وعند تشغيلها ينبعث منها ضوء أبيض متوهج يحتوي على مدى عريض من الترددات.

ويمكن فهم فكرة عمل ليزر الياقوت بالاستعانة بنظام ثلاثي مناسيب الطاقة الموضح في (اُنظر شكل ثلاثي مناسيب الطاقة)، إذ المنسوب E3 هو المنسوب الأرضي، والمنسوبE1 هو منسوب الإثارة، والمنسوب E2 هو منسوب شبه مستقر، عمره الزمني طويل نسبياً، ويقدر بحوالي جزء من مائة ألف من الثانية، وهو يفوق العمر الزمني لمناسيب الإثارة العادية بمقدار مائة ألف مرة.

فعندما يضاء الياقوت المطعم بالكروم بالضوء المنبعث من أنبوبة زينون، وعندما تكون قدرة الأنبوبة مناسبة، تثار معظم ذرات الكروم الموجودة في المنسوب الأرضي E1 لتنتقل إلى منسوب الإثارة E3. ويطلق على عملية نقل الطاقة إلى المادة الفعالة في الليزر، والتي يترتب عليها نقل ذرات المادة الفعالة من المنسوب الأرضي إلى منسوب الإثارة اسم عملية "الضخ" Pumping.

وعودة ذرات الكروم من منسوب الإثارة E3 إلى المنسوب الأرضي E1 تتم بطريقتين:

أ. الطريقة الأولى

وفيها تفقد ذرات الكروم المثارة في المنسوب E3 بعض طاقتها إلى بلورة الياقوت، ونتيجة لذلك تهبط هذه الذرات إلى المنسوب E2 شبه المستقر. ونظراً لطول عمره الزمني، يزداد فيه عدد ذرات الكروم المثارة حتى يصبح أكبر من عددها في المنسوب الأرضيE1، وهذا هو شرط الحصول على الانبعاث المستحث، أو هو شرط الحصول على أشعة الليزر.

ب. الطريقة الثانية

وفيها تنتقل بعض ذرات الكروم تلقائياً من المنسوب E2 إلى المنسوب. E1 ويصحب هذا الانتقال انبعاث فوتونات طولها الموجي 6943 انجستروم[6]. وهذه الفوتونات، المنبعثة تلقائياً، عندما تمر بذرات الكروم المثارة في المستوى E2 فإنها تستحثها على الانتقال من المستوىE2 إلى المستوى E1 قبل أن يحين زمن عودتها تلقائياً. ويتولد نتيجة لذلك عدد من الفوتونات المستحثة. وهذه وغيرها تولد مزيداً من الفوتونات، وهكذا سرعان ما يتولد شلال من الفوتونات يكون لها اتجاه الفوتونات الساقطة نفسه.

والفوتونات التي يكون اتجاه حركتها موازياً، تقريباً، لمحور الاسطوانة تعاني من انعكاسات متعددة عند سطحي المرآتين الموجودتين عند نهايتي الاسطوانة، فيزداد تبعاً لذلك طول المسار الذي تقطعه داخل البلورة، مما يتيح لها أن تستحث عدداً أكبر من ذرات الكروم المثارة في المستوى E2 لتنتقل إلى المستوى E1، فيتضخم بذلك شلال الفوتونات في اتجاه المحور، وعندما تبلغ شدته حداً معيناً، ينفذ جزء منه إلى خارج الجهاز خلال المرآة نصف الشفافة. وجدير بالذكر أن الفوتونات المنبعثة تلقائياً في الاتجاهات الأخرى ستفقد بنفاذها خلال السطح الجانبي للاسطوانة.

وليزر الياقوت ليزر نبضي، أي تنبعث أشعة الليزر منه على هيئة نبضات، وتتولد أثناء عملية تشغيل الجهاز كمية كبيرة من الحرارة داخل البلورة، مما يتطلب تبريدها بهواء مسال يمر في غلاف يحيط باسطوانة الياقوت.

رابعاً: أنواع الليزر

هناك أنواع مختلفة من أشعة الليزر، تختلف في طولها الموجي، وبالتالي في بعض خواصها. وأهم أنواع الليزر المعروفة حتى الآن هي:

1. ليزر المواد الصلبة

ومنها ليزر الياج[7]، وليزرالياقوت، ويستخدمان بدرجة كبيرة في المجالات الطبية والصناعية. وتنتج أجهزة ليزر المواد الصلبة أشعة ليزر بأطوال موجية مختلفة، تتراوح بين الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء.

2. ليزر أِشباه الموصلات

وتستخدم فيه مجموعة خاصة رقيقة من أشباه الموصلاتSemiconductors [8] تسمى "الدايود الباعث للضوء" Light Emitted Diode (LED)، وقد عد هذا النوع منفصلاً عن ليزر المواد الصلبة؛ لأنه يعمل بنظرية مختلفة عنه. ومن مميزاته انخفاض كلٍّ من الجهد والطاقة الكهربية اللازمة لتشغيله، وصغر الحجم والوزن. ولكن من عيوبه انخفاض طاقة الليزر الناتج.

ويستخدم هذا الليزر في الاتصالات بين الأقمار الصناعية، أو بين هذه الأقمار ومكوك الفضاء، إذ تقل الضوضاء، وتنعدم الأمطار والسحب، وقطرات الندى والغبار، وتكون الظروف مثالية لنقل معدل مرتفع جداً من المعلومات.

ويستخدم هذا الليزر، أيضاً، في نقل المعلومات في أجهزة الكمبيوتر، أو حتى مصدر ضوء يمكن توجيهه إلى أجهزة الليزر الأخرى لتشغيلها.

3. الليزر الغازي

وتعد الأشعة الصادرة من أجهزة الليزر الغازي أفضل بكثير من تلك التي تصدر من أجهزة ليزر المواد الصلبة، وذلك لشدة تماسك ضوئها، سواء على الأرض، أو في الفضاء، وأيضاً، لمداها الكبير وطاقتها العالية. وتستخدم أشعة ليزر الغاز في البحوث العلمية، وفي الأغراض الصناعية.

وتركز الأبحاث على إنتاج نوع جديد من ليزر الهليوم - نيون قادر على إنتاج شعاع ليزر أخضر بدلاً من الأحمر التقليدي، مع زيادة فاعلية أنابيب الليزر وتقليل أسعارها، مما يسمح بمنافسة بعض الأنواع الرخيصة الأخرى. وقد أنتج ليزر هليوم- نيون قادر على توليد ثلاثة خطوط طيفية مختلفة، يمكن اختيار أي منها بواسطة منشور ثلاثي. وليزر الهليوم - نيون له استخدام رئيسي في مجال التصوير المجسم وتشفير الصور.

ويحتل ثاني أكسيد الكربون الأهمية التالية لليزر الهليوم ـ نيون، إذ يستخدم على نطاق واسع في الصناعة، وقد توصلت البحوث إلى إنتاج ليزر ثاني أكسيد الكربون له طاقة خرج حوالي 100 وات لاستخدامه في الأغراض الطبية، مع توفير ألياف ضوئية تعمل عند الطول الموجي 10.6 ميكرون.

4. ليزر "الاكسايمر"

وهو يتبع فصيلة الليزر الغازي، واسمه مشتق من المصطلح الإنجليزي Excited Dimer. وهو نوع وسط بين الليزر الغازي الذي يعمل بالطاقة الكهربية مباشرة، ونوع آخر من الليزر الغازي يعتمد على التفاعلات الكيماوية، بالإضافة إلى الطاقة الكهربائية. وفي جهاز ليزر "الاكسايمر" تنتقل طاقة الإلكترونات المكتسبة من الإشعاع الإلكتروني، أو التفريغ الكهربي، إلى الغاز. وإلى هذا الحد يُعدُّ "الاكسايمر" مثل أي غاز آخر يضخ بالطاقة الكهربية، ولكن هذه الطاقة تفعل شيئاً مختلفاً تماماً، فهي تسبب تفاعل الغازات الخاملة المستخدمة، مثل الأرجون Argon ـ الكريبتون Krypton ـ الزينون مع ذرات الهلوجين، مثل الكلورين Chlorine،أو الفلورين Fluorine، أو البرومين Bromine،أو الأيودين Iodine، ويتكون بذلك جزئ "الاكسايمر" الذي يتكون فقط في مستويات طاقة مثارة.

5. الليزر الكيماوي

ومن أمثلته ليزر الهيدروجين ـ فلورايد، وفيه تتفاعل ذرة من غاز الهيدروجين مع ذرة أخرى من غاز الفلورين، وينتج عن ذلك جزئ هيدروجين ـ فلورايد. والتفاعل بين هاتين الذرتين ينتج عنه طاقة كيماوية كافية، بحيث تسبب تكوين الجزيء في مستويات إثارة. وإذا أمكن وضع هذا الجزيء المثار في وعاء الليزر الخاص، يمكن فصل هذه الطاقة على هيئة شعاع ليزر في نطاق الأشعة تحت الحمراء بطول موجي 3 ميكرومتر. ويتميز هذا النوع من الليزر بإنتاج طاقة ضوئية عالية. ومن أنواع الليزر الكيماوي ذلك النوع المعروف باسم "الليزر الكيماوي المتطور في الحيز المتوسط للأشعة تحت الحمراء" Mid -Infrared Advanced Chemical Laser: MIRACL.

6. ليزر السوائل

ويتميز بسهولة تحضيره في المختبرات، كما أن المواد المستخدمة فيه اقتصادية إلى درجة كبيرة، بالمقارنة بأجهزة الليزر الأخرى، بالإضافة إلى إمكانية تغيير السائل المستخدم بسهولة للحصول على أشعة ليزر ذات مواصفات جديدة، دون تغيير جهاز الليزر. ويمكن لجهاز ليزر السوائل أن ينتج أشعة ليزر بألوان مختلفة، وبموجات ضوئية ذات أطوال متباينة. والسوائل المستخدمة هنا تعتمد في تركيبها على مادة الصبغة العضوية الكيماوية التي توجد في الطبيعة على هيئة أجسام صلبة تختلف في التركيب الكيماوي.

7. ليزر أشعة "اكس" X rays[9]

في عام 1984 أمكن تصنيع أول ليزر أشعة سينية ناجح في معمل Lawrence Livermore National Laboratory في الولايات المتحدة الأمريكية. وهو ليزر بالغ الخطورة والأثر. ومن المعروف أن أشعة "إكس" ذات تردد أعلى بكثير من الأشعة الضوئية، وبالتالي فإن لها قدرة عالية جداً على اختراق الأجسام التي لا يخترقها الضوء العادي. وقد أمكن إثبات إمكانية الحصول على أشعة "اكس" بطريقة عمل الليزر نظريا. وتكمن الصعوبة في أنه يجب تحويل المادة إلى حالة البلازما[10] للحصول على أشعة "اكس" الليزرية، وهذا يتطلب درجة حرارة عالية جدا لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال تفاعل نووي، مما أدى إلى ظهور عدة اقتراحات بأن يكون توليد الطاقة في مثل هذا الليزر عن طريق انفجار نووي صغير تحت التحكم.

والأشعة السينية تحتل منطقة من الطيف الكهرومغناطيسي طول موجاته من 10 إلى 0.01 نانومتر، والأطوال الموجية الأطول تسمى "ناعمة"؛ لأن الفوتونات عند هذا الطول تكون غير قادرة على اختراق الهواء أو الأنسجة الحية، بينما الأطوال الموجية الأقصر، مثل الطول الموجي 0.03 نانومتر تقريباً، والذي يستخدمه أطباء الأسنان، تسمى "قاسية"، نظراً لمقدرتها على الاختراق.

8. ليزر الإلكترون الحر  Free Electron Laser

وعبارة "الإلكترون الحر" تأتي من أن حقيقة الوسط الفعال في هذا الجهاز، والذي ينتج الليزر، هو الشعاع الإلكتروني، (اُنظر شكل ليزر الإليكترون الحر). وهذه الإلكترونات محررة تماماً من الذرات، وتمر بطريقة خاصة خلال مجال مغناطيسي للتحكم في مسارها. وبالإضافة إلى القدرة الضوئية العالية لهذا الجهاز، فقد كان التفكير دائماً في استخدام الشعاع الإلكتروني ذاته كسلاح فعال في مجال الدفاع، خاصة عندما تتجمع هذه الإلكترونات، ذات الشحنة السالبة، في بؤرة واحدة. وهذا الليزر يمكن التعامل معه بسهولة بحيث تتجمع أشعته في بؤرة واحدة ولمسافة محددة من الهدف. ويجري حالياً تطوير نماذج من هذه الأشعة، لاستعمالها في مهام متنوعة في الدفاع الاستراتيجى، بما في ذلك أسلحة الطاقة الموجهة.

ويعد ليزر الإلكترونات الحرة، من الناحية النظرية، مصدر ضوء بالغ التكيف، إذ يمكن موالفته لأي طول موجي مطلوب، وهو يعمل بقدرة عالية. أما الليزرات الأخرى، فإنها تنتج الضوء عند أطوال موجية محددة، تتفق مع انتقالات الطاقة في أوساطها الليزرية. 

خامساً: خصائص أشعة الليزر

وبما أن أشعة الليزر عبارة عن أشعة ضوئية مركزة، فإنها تخضع لقوانين الضوء من حيث: الانعكاس، والانكسار، والانحراف بواسطة المرايا والعدسات والمناشير الزجاجية. وقد تمكن الفنانون من استخدام أشعة الليزر في تشكيل صور رائعة باستخدام العدسات والمرايا والألياف البصرية[11] Fiber Optics، وذلك من خلال انعكاس وانكسار أشعة الليزر المتوهجة، وتحويلها إلى نماذج ضوئية مبهرة.

وقد تكون أشعة الليزر على شكل نبضات pulses، أو موجات مستمرة continuous waves. فالليزر النبضd يصدر أشعته على شكل سلسلة من نبضات الضوء البالغة القصر. وتصدر هذه النبضات فقط عندما يكون الوسط الفعال في أعلى حالات الإثارة. وبعض أنواع أجهزة الليزر تصدر أشعتها بمعدل نبضة واحدة كل عدة دقائق. وهناك أنواع من الليزر، مثل ليزر ثاني أكسيد الكربون، يمكن أن تكون موجاته نبضية أو مستمرة. وأهم الخصائص التي تتميز بها أشعة الليزر عن الأشعة الضوئية هي:

1. النقاء الطيفي

فشعاع الليزر حزمة ضوئية غاية في النقاء من ناحية الطول الموجي[12]. فأشعة الضوء المنبعثة من المصادر الضوئية العادية، كمصباح الصوديوم أو الزئبق، وهي ما تستخدم في الإنارة، هذه الأشعة على الرغم من وصفها بأنها وحيدة الطول الموجي، إلا أنها في الواقع تحتوى على أطوال موجية أخرى حول الطول الموجي الرئيس، (اُنظر شكل موجات الضوء العادي والليزر). ومعنى هذا أن الاتساع الطيفي لشعاع الليزر ضئيل للغاية، مقارنة بالمصادر العادية للضوء، ولهذا فإنه غاية في النقاء من ناحية الطول الموجي أو التردد.

2. شدة الشعاع

وتقاس شدة أشعة الليزر بنفس وحدات قياس القدرة الكهربية، وهي الـ "وات" wat. وتتراوح هذه الشدة بين عدة واتات، وآلاف الملايين من الواتات[13]. وتعد أشعة الليزر النبضية أقوى أنواع الليزر؛ لأن طاقتها مركزة في شكل نبضات سريعة، ويمكن لأشعة الليزر المستمرة أن تنتج نفس كمية الطاقة مثل الأشعة النبضية، ولكن ذلك يستغرق وقتاً طويلاً.

وتستخدم أشعة الليزر القوية في الأغراض الصناعية، مثل تثقيب وقطع المعادن، بينما تستخدم الأشعة الضعيفة لتشغيل الأقراص البصرية التي تسجل عليها الموسيقى. أما الأشعة متوسطة القوة فتستخدم في الأغراض الطبية.

ويتميز شعاع الليزر بأنه شعاع قوي، فالشعاع الذي شدته 5 ـ10 كيلووات قادر على اختراق المعادن وثقبها حتى عمق 20 مم. وتصل قدرة بعض أجهزة الليزر النبضي إلى 5 ـ10 ميجاوات. ويستطيع شعاع ليزر لا تزيد شدته على وات واحد، ويستخدم في الاتصالات، أن يحقق مدى اتصال يصل إلى 500 كم.

3. تركيز الأشعة

شعاع الليزر عبارة عن حزمة ضوئية، رفيعة جداً، إذ أن زاوية انفراجها صغيرة جداً، وتسير هذه الأشعة في خطوط مستقيمة، أقرب ما تكون إلى التوازي، ويصاحب عدم انفراج الأشعة بريق شديد، ضار بالعين إذا ما استقبلته مباشرة، بينما مصادر الضوء الأخرى تشع ضوءها في جميع الاتجاهات. وهذا يعنى أن حزمة الليزر لا تفقد شدتها إلا ببطء شديد، فإذا أرسلت أشعة في اتجاه القمر، على بعد 400 ألف كيلومتر من سطح الأرض تقريباً، وكانت بالشدة الضوئية الكافية، فإنها تفرش على سطح القمر بقعة مضاءة لا يزيد قطرها على كيلومتر واحد، في حين أنه إذا أرسل الضوء العادي ووصل، فرضاً، إلى سطح القمر، فإن قطر البقعة المضاءة يصل إلى 4376 كيلومتر تقريباً.

وتستطيع أشعة الليزر أن تكثف طاقة تسافر إلى مسافات كبيرة، كما تبين في عام 1969 عندما أرسل العلماء شعاعاً من الليزر ليرتد من فوق عاكسات وضعها رواد الفضاء الأمريكيين في برنامج "أبوللو" على سطح القمر، (اُنظر شكل استخدام أشعة الليزر لرصد أهداف)، وتلقوا إشارة مرتدة على الأرض، وهو أمر نادر الاحتمال باستخدام مصادر الضوء العادية.

4. ترابط وتماسك فوتونات الأشعة.

من الخصائص المهمة لأشعة الليزر ترابط وتماسك الفوتونات المكونة لها. والأشعة الضوئية تصدر عن إثارة العناصر، وتنبعث منها فوتونات لها طول موجي واحد، يحدده منسوبا طاقة الذرة التي انتقلت بينها هذه الفوتونات. وملايين هذه الانتقالات، التي تحدث في ملايين الذرات المثارة، ينبعث عنها ملايين الفوتونات، وتظهر للعين المجردة أشعة ضوئية، ويلاحظ هنا عدم وجود رابطة بين الفوتونات المنبعثة. ويمكن تشبيه الأشعة العادية بأصوات منطلقة من ملايين المصادر المتماثلة، ولها التردد نفسه، ولكنها لا تصدر في وقت واحد، وبهذا فإنها تسمع من بعد وكأنها ضجيج، في حين أنه إذا انطلقت هذه الأصوات في الوقت نفسه، فإنها تصبح حادة، شديدة الأثر.

5. أحادية اللون

يكون الضوء الناتج من الليزر أحادي اللون monochromatic، بينما الضوء الأبيض الناتج من الشمس يتكون من ألوان الطيف المرئية. ويوجد حالياً أنواع من الليزر تنتج جميع الألوان الطيفية، المرئية منها وغير المرئية، مثل الأشعة تحت الحمراء، وفوق البنفسجية.

سادساً: خطورة الليزر على العين

إن أقصى شدة إضاءة تتحملها عين الإنسان دون أن تصاب بأضرار تبلغ حوالي 5 ميكروجول[14] على السنتيمتر المربع. ولما كانت الطاقة التي تتعرض لها عين الإنسان تقل كلما ابتعد عن مصدر أشعة الليزر، فإن مسافة الأمان هي أقل مسافة بين العين وجهاز الليزر، بحيث إذا تعرضت العين لنبضة ليزر مباشرة فلا تصاب بضرر. وتختلف هذه المسافة حسب العوامل الآتية:

1. حالة الجو.

2. أجهزة التكبير الضوئية المستخدمة في أجهزة الرؤية.

3. الانعكاسات الضارة.

4. درجة تركيز شعاع الليزر.

5. نوع مادة الليزر.

6. نوع شعاع الليزر، نبضي أو مستمر.

ولتوضيح خطورة الليزر، فإن مقدرات المسافة التي تستخدم الياج لها قدرة أكبر من 1ميجاووات، ومن ثم، فإن أقل مسافة للتعرض المباشر لمصدر ليزر الياج تكون حوالي 500متر، بينما مقدرات المسافة التي تستخدم ليزر ثاني أكسيد الكربون تصل مسافة الأمان بالنسبة لها إلى حوالي 2 ـ 3 سنتيمترات. أي أنها في الواقع مأمونة تماماً.

سابعاً: الوقاية من أشعة الليزر

يمكن تحقيق الوقاية من أشعة الليزر بثلاث طرق رئيسية وهي:

1. استخدام المرشحات  Filtersالامتصاصية

وفيها يمكن امتصاص الضوء باستخدام صبغات ملونة، توضع بداخل المواد المكونة للأجهزة البصرية، مثل الزجاج أو البلاستيك، والتي تمتص أطوالاً موجية معينة. فالبلاستيك جيد في امتصاص أطوال موجات ليزر ثاني أكسيد الكربون، بينما يسمح لباقي الطيف الكهرومغناطيسي بالمرور خلاله. والمرشح الملون أزرق/ أخضر يمنع الأطوال الموجية لليزرات الياقوت الأحمر من المرور.

ولقد أدت بساطة المرشحات الملونة بالصبغات إلى إنتاج مرشحات بلاستيك رفيعة، يمكن لفها بسهولة حول الأجهزة البصرية المستخدمة في نظم التسليح، وحتى حول الوجه البشرى.

ومن عيب هذه المرشحات أنها تقلل الضوء المرئي فيها، فمرشح الياقوت يقلل كمية الضوء المار فيه بنسبة 20% إلى 40%. وهذا يعنى أن المنظر يصبح داكناً، أو أكثر إظلاماً، كلما زادت درجة الوقاية من أشعة الليزر، ويكون لهذا تأثير سلبي أثناء العمل في ظروف الإضاءة الضعيفة.

وتعمل المرشحات على تلوين الصورة، وبالتالي تقل درجة التباين contrast بين الهدف المراد رؤيته والخلفية المحيطة به، كما أن بعض المرشحات تنتج إزاحات لونية بسيطة، كأن تجعل اللون الأخضر يميل إلى الاصفرار، وأيضاً، ترفع المرشحات الامتصاصية من درجة حرارة العدسات، وقد يسبب ذلك بعض المشكلات عندما تواجه المرشحات بأشعة ليزر ذات قدرة عالية.

2. استخدام المرشحات الانعكاسية:

وهي تتكون من طبقات رقيقة من مواد خاصة، ذات معاملات انعكاس ضوئي مختلفة، يتم ترسيبها على الزجاج.

3. استخدام مرشحات "روجيت" Rugate Filters:

ويتم فيها وضع خليط من الفلوريدات والأكاسيد في طبقات لها أحرف خشنة، أو أحرف متمازجة مع بعضها. وهذه الطبقات لها تغير تدريجي في معاملات الانعكاس الضوئية، مما يزيد من فعاليتها، بحيث تجعل المرشح أفضل لإمرار الضوء، ويعمل بكفاءة أحسن في ظروف الرؤية الضعيفة.



[1] صيغ بالمشابهة اسم شعاع آخر وهو `الميزر` Microwave Amplification by Stimulated Emission of Radiation ومعناه` تكبير موجات الميكروويف بالقذف القوي للإشعاع`، ويعمل الميزر بموجب المبادئ الأساسية لليزر، ويستخدم للتكبير في أجهزة الاستقبال لمتابعة ما يجرى في الفضاء من خلال تكبير الإشارات الضعيفة التي يتم استقبالها من الفضاء

[2] ألبرت أينشتين (1879 ـ 1955) ولد بمدينة أولم بألمانيا، وهو ينحدر من أصل يهودي، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 1940. وتناولت أبحاثه جوانب النظرية الخاصة للنسبية، التي ظهرت بعد ذلك في ثوبها النهائي عام 1915 باسم `النظرية النسبية العامة`

[3] ورد ذكر الياقوت في القرآن الكريم، وشبهت به الحور العين في الجمال والبهاء. قال تعالى:]كأنهن الياقوت والمرجان[ (سورة الرحمن، الآية 58). وذكر النبي r أنه من أحجار الجنة

[4] التردد هو عدد الذبذبات في الثانية

[5] في نهاية القرن الثامن عشر أوضح العالم الألماني `ماكس بلانك ` Max Plank ، أنه بجانب أن الضوء ينتقل في موجات، فهو يأتي في حزم من الطاقة الضوئية تسمى فوتونات

[6] المتر = عشرة آلاف مليون أنجستروم

[7] الياج YAG مادة صناعية تنتمي إلى عائلة الجرانيت، وتتكون من عناصر:اليتربيوم و الألومنيوم والجرانيت. ويتكون اسمه من الأحرف الأولى لأسماء هذه المواد: Yttribum - Aluminium- Garnet

[8] هي مواد تسمح بمرور التيار الكهربي في اتجاه واحد فقط وتمنعه من المرور في الاتجاه الآخر. وبالتحكم الدقيق في نسب خلط هذه المواد يمكن التحكم في كفاءة التوصيل الكهربي مع تقليل الفاقد في الطاقة

[9] تسمى، كذلك، `الأشعة السينية`، وقد اكتشفها العالم الألماني رونتجن عام 1895صدفة أثناء قيامه ببعض تجاربه، وأطلق عليها `أشعة اكس` X ، أي الأشعة المجهولة، نظراً لأن طبيعتها كانت غير معلومة في ذلك الوقت

[10] البلازما هي الحالة الرابعة للمادة بعد الحالات: الصلبة، والسائلة، والغازية

[11] الألياف البصرية عبارة عن كابلات ليفية مصنوعة من السيليكا والزجاج النقي

[12] يعرف طول الموجة بأنه المسافة بين قمتين أو قاعين متتاليين بها

[13] مضاعفات الوات هي:كيلووات = ألف وات، ميجاوات = مليون وات، وجيجاوات = ألف مليون وات، وتيراوات = مليون مليون وات.

[14] الميكرو = جزء من المليون