إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / أشعة الليزر





موجات الضوء العادي والليزر
منشور زجاجي
ليزر الإليكترون الحر
مكونات نظام الاتصالات الليزري
مقياس ميكلسون
مقياس التداخل
المجهر الضوئي
الليزر الشمسي
اللذر الياقوتي
انتقال الكترون
الشريط المغناطيسي
استخدام أشعة الليزر لرصد أهداف
اصطدام الذرة بفوتون خارجي
ثلاثي مناسيب الطاقة
توزيع الذرات في مادة الكلور
باحث الليزر في الصاروخ
تداخل شعاعين ضوئيين
تسجيل صور هولوجرافية
ثقابين ليزري وعادي
صورة تداخلية لعينة معدنية
كيفية التداخل الصوتي
علاج انفصال الشبكية
علاج تسوس الأسنان
قراءة القرص البصري




المبحث الثاني

المبحث الثاني

الاستخدامات العسكرية لليزر

انطلق الخيال العلمي ليرسم صورة لسلاح، تصوره الإنسان له قوة تدميرية تستطيع الانتقال بسرعة الضوء، وتخترق كل الحواجز والمسافات، بدلاً من القذائف. ومع التطور التكنولوجي أمكن بالفعل الحصول على عديد من أنواع الليزر، والتي تغطى النطاق الطيفي من الأشعة فوق البنفسجية حتى الموجات تحت الحمراء، إلا أن المستخدم منها في نظم التسليح محدود حتى الآن. وقد يرجع ذلك إلى عدم إمكان استخدام معظم أنواع الليزر الأخرى لأسباب تتعلق بمصدر الطاقة المطلوبة، والحجم، والوزن، بالإضافة إلى أهمية قدرة أشعة الليزر نفسها، وإمكانية التحكم فيها، وتعديلها أو تضمينها modulation.

وقد انتشر استخدام الليزر في نظم التسليح المختلفة خلال السنوات الأخيرة انتشاراً خطيراً، وكان له أثر بالغ في زيادة فاعليتها، فأصبحت معدات الليزر تتداول من الجندي المشاة، حتى المقاتلات والقاذفات، بل وبدأت تدخل في نظم الحرب ضد الصواريخ الباليستية.

وتقع أنواع الليزر المستخدمة حالياً في نظم التسليح في حيز الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء، وإن كان النوع الأول، الذي يقع في حيز الضوء المرئي، غير مستخدم حالياً على نطاق واسع؛ لأنه يقع في نطاق الضوء الأحمر، مما يجعله سهل الاكتشاف. وعلى الناحية الأخرى، فإن الليزر الذي يقع في حيز الأشعة تحت الحمراء حديث الاستخدام في التطبيقات العسكرية، ويمتاز بالعمل في حيز الأشعة تحت الحمراء البعيدة، مما يحقق له قدرة على اختراق الضباب والدخان والأمطار، ويفضل كذلك استخدامه مع نظم الرؤية السلبية بالاستشعار الحراري، نظراً لعمله في النطاق الموجي نفسه، فيمكنه بالتالي التعامل مع الأهداف نفسها التي ترى بالمنظار الحراري. وتتعدد مجالات الاستخدامات العسكرية لأشعة الليزر، ونلخص أهمها فيما يلي:

أولاً: جهاز رادار[1] الليزر

تعرف أجهزة رادار الليزر باسم "ليدار" LADAR، وهي الحروف الأولى من عبارة Laser Detection and Ranging، وتعني "الكشف وقياس المدى بواسطة الليزر". وهذا النوع من الرادار يتميز بدقته العالية في كشف ومتابعة وتعيين الأهداف. وهنا تستخدم أشعة الليزر في الإرسال، بدلاً من الأشعة الرادارية، ويكون جهاز الاستقبال كهروضوئياً بدلاً من المستقبل الإلكتروني التقليدي في الرادار، وتستخدم لذلك أنابيب "فيديوكون" Videocon، بدلاً من أنابيب أشعة المهبط Cathode Ray Tube : CRT. (اُنظر جدول مقارنة بين الليدار (يستخدم ليزر الياج) والرادار) مقارنة بين بعض خصائص جهاز الليدار، الذي يستخدم ليزر الياج، وجهاز الرادار التقليدي.

ويستخدم جهاز الليدار في قياس المدى من القواعد الأرضية، أو من السفن، أو من الطائرات والمركبات الفضائية. ويستخدم، أيضاً، في الاستشعار عن بعد، إذ تتم دراسة مكونات الغلاف الجوي وقياس بعض المكونات الكيماوية فيه.

ويتكون جهاز رادار الليدار بوجه عام من:

1. مرسل

2. أجهزة ضوئية للإرسال.

3. مستقبل، يتكون من أجهزة ضوئية لتجميع الأشعة المنعكسة من الهدف، ثم مرشح Filter ليقلل من تداخل الموجات الضوئية.

وفي نظام الدفاع الجوي البريطاني "ليزرفاير" LASERFIRE الذي يستخدم للتعامل مع الأهداف المنخفضة، يتكون نظام التتبع الآلي من نظام تتبع ليزري للأهداف، ونظام تتبع تليفزيوني للصاروخ. ويحقق شعاع الليزر الضيق دقة التتبع، وعدم التأثر بأعمال الإعاقة.

ثانياً: قياس المسافة

تعتمد نظرية تشغيل جهاز قياس المسافة بالليزر على إطلاق نبضة ليزر لكي تصل إلى هدف مرئي ضوئياً، فتنعكس منه هذه النبضة إلى جهاز الاستقبال، وتقوم دوائر خاصة بحساب الزمن من لحظة الإطلاق حتى عودة النبضة، وبالتالي حساب مسافة الهدف، إذ أن سرعة انتشار الموجات الضوئية معلومة[2]. وعلى هذا الأساس فإن الجهاز يتكون من :

1. تليسكوب للتصويب، حتى يتمكن المستخدم من تحديد الهدف المراد تقدير مسافته.

2. المرسل، وبه مصدر الليزر، وغالباً ما يستخدم الياج في الأغراض العسكرية.

3. المستقبل، وبه الكاشف Detector.

وتدخل معدات قياس المسافة بالطبع في أغلب النظم الميدانية، ابتداء من الجندي الذي يحمل معدة مدمجة في نظارة الميدان، لقياس مسافة الهدف بدقة كبيرة، إلى نظم إدارة النيران لأطقم المدفعية، ونظم إدارة النيران للدبابات. وتكون الأخيرة بالطبع مرتبطة ومدمجة ضمن حاسب إدارة النيران.

وجدير بالذكر أن ليزر ثاني أكسيد الكربون له دور فعال في نظم تقدير المسافة، وإدارة نيران المدرعات، فقد بدأ إنتاج مقدرات مسافة بالليزر تستخدم ليزر ثاني أكسيد الكربون، بدلاً من ليزر "الياج"، لاستخدامه متكاملاً مع أجهزة الرؤية الليلية الحرارية، مما يسمح باستخدام الكاشف الحراري للرؤية الليلية والتصويب نفسه، وبالتالي فإن ذلك يقلل من تكلفة المعدة العسكرية المتكاملة. وتجري الدراسة الآن لاستخدام هذا الأسلوب مع قاذف الصاروخ المضاد للدبابات "تو" TOW، والدبابة الكورية طراز XK-1.

ويتميز ليزر ثاني أكسيد الكربون بأن درجة نفاذيته خلال السحب والدخان أفضل منها في الأنواع الأخرى، مثل الياج أو الياقوت. ويرجع ذلك إلى أن تأثير ذرات الغبار والدخان يزيد عكسيا مع الطول الموجي، فكلما قل الطول الموجي كلما زادت درجة تشتت الشعاع. وحيث إن ليزر ثاني أكسيد الكربون طوله الموجي عالي نسبياً، فإنه لا يتأثر بالغبار والدخان، ولكن العامل المؤثر على انتشار موجات ليزر ثاني أكسيد الكربون هو نسبة بخار الماء في الهواء.

وقد تم تزويد أنظمة الأسلحة المضادة للدبابات، وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من نوع "رولاند" ROLAND، بجهاز قاس المسافة بالليزر الذي يستخدم غاز ثاني أكسيد الكربون عند الطول الموجي 10.6 ميكرون. وتم دمج هذا الجهاز الليزري مع جهاز تصوير حراري يعمل في الطول الموجي 8-12 ميكرون.

وأنتجت كندا جهاز التصويب الليزري طراز CLASS، الذي يستخدم مع أسلحة الضرب المباشر، مثل القاذف "كارل جوستاف" عيار 84 مم، والقواذف عديمة الارتداد عيار 106 مم. ويتكون الجهاز من مقدر مسافة ليزري، غير ضار بالعين لمدى حتى 4000متر، ونظام تكثيف للصورة من الجيل الثالث، وحاسب ذي قدرة على الاحتفاظ ببيانات عشرة أنواع من الذخيرة.

ثالثاً: إضاءة الأهداف وتوجيه المقذوفات

وتعتمد فكرة إضاءة الأهداف بواسطة أشعة الليزر على إرسال شعاع الليزر لإضاءة الهدف المطلوب التعامل معه، ثم تنعكس هذه الأشعة من الهدف، فيتم توجيه الصواريخ والقنابل ودانات المدفعية من خلال ركوبها لهذه الأشعة. وكل هذه المقذوفات مجهزة بباحث seeker خاص لاستشعار أشعة الليزر المنعكسة والتوجه إليها، (اُنظر شكل باحث الليزر في الصاروخ).

وهناك عديد من نظم إضاءة الأهداف المستخدمة حالياً بكفاءة عالية في المدفعية، ومنها نظم محمولة جواً لتوجيه المقذوفات جو/ أرض. وبينما لا تحتاج بعض النظم المحمولة جواً إلى معاونة في إضاءة الأهداف، فإن نظم المدفعية تحتاج بالطبع إلى إضاءة الأهداف بواسطة عناصر الملاحظة الأمامية.

ومن النظم المستخدمة لإضاءة الأهداف كذلك على مستوى الأسلحة الصغيرة، هناك معدات تركب على هذه الأسلحة، وخاصة بنادق القناصة، التي تقوم بإطلاق شعاع الليزر، الذي يسهل التصويب عليه، بضبط نقطة الإضاءة على المنطقة من الشخص أو الهدف المطلوب إصابتها، والضغط على الزناد، دون الحاجة إلى تدقيق التصويب. وتظهر بالطبع خطورة هذا النظام، إذ يستخدم في أعمال القنص، في حالات الضرب السريع المؤثر دون الحاجة إلى التصويب.

وقد تمكنت شركة "هيوز" Hughes الأمريكية لصناعة الطائرات من التوصل لإنتاج نظام إضاءة أهداف يصلح للاستخدام مع جميع نظم التسليح الموجهة بالليزر، مثل قذائف المدفعية "كوبرهيد" [3]Copperhead، أو الصواريخ "مافريك"[4] Mavric، أو الصواريخ "هلفاير"Hellfire[5] أو"سكيبر"Skipper طراز AGM-123A، أو القنابل "بيف واي" Pave Way و "جريفن" Grifen، والقنبلة المنزلقةGpu-848 [6]، والصاروخ جو/أرض الفرنسي AS-30. وتستخدم هذه النظم مصدر إشعاع ليزري، ذا كود خاص، لإضاءة هدف محدد، وينعكس هذا الإشعاع من الهدف، فيستقبله المقذوف، ويوجه من خلاله إلى الهدف.

ويستخدم نظام "تقدير المسافة الليزري المحمول جواً بواسطة التصوير الحراري والتليفزيوني" Thermal and TV Imaging Airborne Laser Designator : TIALD في توجيه القنابل الأمريكية الموجهة بالليزر من نوع Pave way II زنة ألف رطل. ويستخدم هذا النظام كاميرا مزدوجة (تليفزيونية/ حرارية)، ويمكن التحكم فيها من غرفة الطيار لتحقيق أفضل رؤية، طبقاً للظروف الجوية المتغيرة، وذلك باستخدام الصورة الحرارية، أو التليفزيونية، بالتبادل.

وتستخدم المقاتلات الأمريكية نظام " الملاحة والتصويب الليلي على الارتفاعات المختلفة باستخدام الأشعة تحت الحمراء" Low Altitude Navigation and Targeting IR for Night LANTIRN، والذي يوجد منه نوعان : الأول طراز AAQ-13 المخصص للملاحة الجوية، والثاني طراز AAQ-14 المخصص للتصويب بالليزر، وبه نظام رؤية حراري ذو مجال رؤية مزدوج: الأول واسع لاكتشاف الأهداف، والثاني ضيق لاختيار الأهداف وتتبعها.

أما الذخائر التي تركب شعاع الليزر، فإنها تختلف عن ذلك في أن لها "عين" مركبة في المقذوف. وحين يطير المقذوف في اتجاه الهدف، فإن هذه "العين" تنظر إلى النقطة التي يضيئها شعاع الليزر على الهدف، إذ يقوم الضارب بتوجيه المقذوف نحوها، وباحتفاظ المقذوف باتجاهه مع شعاع الليزر، فإنه يحقق إصابة الهدف.

رابعاً: أسلحة الليزر

وهذه الأسلحة تطلق أشعة قاتلة أو مدمرة. ولا تزال هناك خطوات تجرى في هذا المجال. وكانت تجارب استخدام سلاح الليزر في الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت في تدمير خمس طائرات موجهة بدون طيار من نوع PMQ-34، وكذلك صاروخ من نوع Vandal. وفي إطار مبادرة الدفاع الإستراتيجي[7] Strategic Defense Initiative SDI الأمريكية، والتي عرفت باسم "برنامج حرب النجوم"، أجريت عدة تجارب منها:

1. في عام 1982، نجح شعاع من الليزر في تدمير صاروخ أرض/ أرض من نوع "ثور" على قاعدة الإطلاق.

2. تمكنت طائرة أمريكية في عام 1983 من تدمير طائرة بدون طيار، بواسطة جهاز يعمل بأشعة الليزر، كما وجهت إشعاعات الليزر، أيضاً، إلى صاروخ مضاد للدبابات من نوع " تو" TOW.

3. في عام 1983، استخدمت أشعة الليزر، ذات الطاقة العالية، في تعطيل صاروخ جو/ جو من نوع "سايدويندر" Sidewinder.

4. في 19 سبتمبر،1985 أفرجت السلطات العسكرية الأمريكية لأجهزة الإعلام عن صورتين معبرتين لصاروخ من نوع "تيتان" Titan توضحان كيف تمكنت أشعة الليزر من تدميره، وهو على قاعدة الإطلاق على الأرض، وكانت المسافة بينهما مئات الكيلومترات.

5. في 18 أكتوبر 1985، وجهت الولايات المتحدة شعاعاً من الليزر نحو صاروخ على ارتفاع 670 كيلومتراً، فدمره في الفضاء.

6. في عام 1986، نجح الجيش الأمريكي في توجيه أشعة الليزر إلى عدة أهداف مختلفة، وشل فاعليتها، وكان منها طائرة بدون طيار.

وليزر ثاني أكسيد الكربون هو الوحيد في الوقت الحاضر القادر على إنتاج مستويات الطاقة اللازمة لتدمير الأهداف،وهذا ما تقوم به إحدى الشركات الألمانية لمحاولة استخدام ليزر ثاني أكسيد الكربون وسيلة للدفاع الجوي ضد الأهداف الجوية المنخفضة، ولكن دراسة الجدوى الاقتصادية، والفعالية، ونسبة الإصابة، قد لا تبشر بالخير في الوقت الحاضر.

ويعتبر الليزر وسيلة فعالة للدفاع ضد القذائف الموجهة العابرة للقارات. فأشعة الليزر تقطع المسافة من قاعدة الإطلاق إلى الصاروخ المعادي في أجزاء من الثانية، بدلاً من الدقائق التي تلزم أي صاروخ مضاد للصواريخ لقطع المسافة نفسها.

وقد أدى تهديد الصواريخ الباليستية الحاملة للمواد الكيماوية والبيولوجية، إلى أن تقوم الولايات المتحدة بالسير قدماً في مشروع اعتراض هذه الصواريخ، باستخدام نظم إطلاق لأشعة الليزر المحمولة جواً في قتل هذه الصواريخ، وهي في المراحل الأولى من الهجوم. فقد وقعت الولايات المتحدة مع مجموعة من الشركات المتخصصة في إنتاج السلاح بقيادة شركة "بوينج" عقدا لتطوير نظام إنتاج وقذف الليزر الكيماوي عالي الطاقة، يستخدم من الطائرة "بوينج 400-747 " لإطلاق قذائف شعاع ليزرية تقوم بقتل الصاروخ المهاجم في المراحل الأولى من انطلاقه، بحيث يتم مهاجمة الصاروخ بالشعاع القاتل للصواريخ الباليستية بعد إضاءة الهدف بالليزر والطائرة على ارتفاع 40 ألف قدم. وتقدر قيمة الطلقة الإشعاعية بألف دولار. وكذلك يمكن للطائرة توجيه نظم اعتراض أخرى لمهاجمة الهدف، مثل الصاروخ "باتريوت" Patriot، أو الطائرة المقاتلة التكتيكية F-22، إذ يقوم النظام الليزري، المحمول جواً، باكتشاف الصواريخ المحمولة على وسائل نقل متحركة في أماكن تمركزها في عمق العدو. والليزر الذي تقوم بتطويره الشركة المذكورة لصالح سلاح الجو الأمريكي هو من نوعية الليزر الكيماوي Chemical Oxygen Iodine Laser الذي ينتج عدة مئات من الكيلووات لمدة عدة ثوان بكفاءة، بحيث تستطيع الطائرة التي تحمل عدداً كافياً من المفاعلات تدمير العدد المطلوب من الصواريخ الباليستية، ويمكن للطائرة الاشتباك مع 40 هدفا في مدة 3-5 ثوان.

خامساً: التدريب على الرماية

تستخدم أشعة الليزر في تدريب الأفراد على رماية الأسلحة الصغيرة، أثناء التدريبات والمناورات. وتقوم هذه الفكرة على استخدام الأفراد، تحت التدريب، بنادق وأسلحة صغيرة، مجهزة بأجهزة ليزر صغيرة، تقوم بإطلاق أشعتها، بدلاً من الذخيرة الفعلية، على نماذج الأفراد المطلوب إصابتهم، والتي تزود ملابسهم بأجهزة اكتشاف صغيرة لأشعة الليزر، في مواضع مختلفة، مثل: الصدر، الرأس، البطن. وإذا تم التقاط هذه الأجهزة لشعاع الليزر الصادر من السلاح، فإن ذلك يكون دليلاً على إصابة الفرد، ويصدر الإنذار بذلك، مع إمكانية تسجيل لاحق لأعداد الإصابات.

ويمتاز استخدام ليزر ثاني أكسيد الكربون في هذا المجال بعدم إضرار العين، بخلاف الأنواع الأخرى، مما يسهل استخداماته في عمليات التدريب، ولكنه يحتاج إلى مستشعرات متقدمة لاكتشافه ورصده وقياسه. وجميع هذه المعدات تعمل بالنظام النبضي بطاقة محدودة (عشرات الميللي جول)، وبنبضات ذات أزمنة تتراوح من 10 إلى 100 نانو [8]ثانية، بينما تعمل بنظام الموجة المستمرة إذا استخدمت لإضاءة الأهداف.

سادساً: الإنذار من أشعة الليزر

مما سبق يتضح الانتشار الواسع لمعدات الليزر في الميدان، والخطورة التي تمثلها هذه النظم، مما استوجب بالتالي الاتجاه إلى توفير وسائل للإنذار من استخدام العدو لمثل هذه المعدات، لإمكان محاولة اتخاذ الإجراءات المناسبة. ويمكن مقارنة هذه النظم بنظم رادارات إضاءة الأهداف، التي يستتبعها بالضرورة تهديد نيراني ضد أهداف مثل الرشاشات أو المدفعية المضادة للطائرات، أو الصواريخ أرض/ جو، أو جو/ أرض.

وفي مواجهة تهديد الأسلحة التي تستخدم أشعة الليزر كان البحث عن وسائل مبتكرة للحماية من معدات الليزر وتقليل فاعليتها، إن لم يمكن التغلب عليها. وبالطبع تكون أول خطوة في هذا الاتجاه اكتشاف نظم التسليح بالليزر. ونشأ عن هذا أنواع من معدات الإنذار للإنذار بأن الهدف قد أصيب بشعاع ليزر، وأن ذلك يعني إما أنه جارٍ تقدير مسافة الهدف بواسطة العدو، أو أن مقذوفاً موجهاً بشعاع الليزر يتجه نحو الهدف.

وللإنذار ضد تهديد الصواريخ الموجهة بالليزر قد تم تطوير مستقبلات إنذار ليزرية يمكن حملها على متن الطائرات الهليكوبتر القتالية، والطائرات الهجومية، ومركبات القتال المدرعة.

وتنتج شركة " هيوز" الأمريكية نظاماً للكشف والإنذار عن أشعة الليزر للاستخدام على مختلف أنواع الطائرات، ويطلق عليه AN-AVR-2، ويقوم باكتشاف أي تهديد ليزري، من أي اتجاه حول الطائرة. ويتكون النظام من 4 مستشعرات لأشعة الليزر، تعمل على حيز واسع من الأطوال الموجية لتغطية أكثر من نوع من الليزر. وتستخدم الألياف البصرية للربط بين المستشعرات ووحدة التحكم لتقليل الفقد وزيادة الحساسية.

وقد عرضت شركة روسية نظاماً يزعم أنه يوفر الحماية للدبابات من الصواريخ الموجهة ضدها ومن قذائف المدفعية الموجهة بالليزر. وقد أطلق على هذا النظام اسم Shtora-1.

كما تنتج شركة "سيلامس" الفرنسية التابعة لمجموعة "ايروسباسيال" جهازاً للكشف الليزري، والمسمى Sight Laser Detector SLD 400 لحماية الشخصيات المهمة وأفراد القوات المسلحة. ويستطيع هذا الجهاز الكشف عن أي نوع من المعدات البصرية التي تستخدم في ميدان المعركة، أو المناطق العسكرية الحساسة. وفي التطبيقات العسكرية، يوفر الجهاز القدرة على كشف القناصة المجهزين بتلسكوبات التصويب، وخصوصاً في المناطق المدنية.

وقد تم تصميم نظم الإنذار بحيث تعطى إنذاراً بمجرد وجود شعاع ليزر في مجال رؤيتها، وتعطى اتجاه شعاع الليزر.

ونظم الإنذار المتاحة حالياً تستخدم إحدى الوسائل التالية:

1. التمييز الطيفي

يُعد شعاع الليزر مصدراً كهرومغناطيسياً ذا تردد،أو طول موجي، يتوقف على نوع المادة المنتجة للشعاع ذاتها. وبالتالي فإن نظم الإنذار تستخدم مرشحات ضوئية Optical Filters دقيقة، لا تسمح إلا للأشعة ذات الطول الموجي المطلوب بالمرور من خلالها. فإذا كانت قدرة شعاع الليزر المستخدم لإضاءة الأهداف تصل إلى كيلو وات في النبضة، بينما تبلغ شدة إضاءة أشعة الشمس وقت الظهيرة حوالي 2 وات على السنتيمتر المربع، موزعة على النطاق الطيفي الذي يمتد من الأشعة فوق البنفسجية وحتى الأشعة تحت الحمراء، فيكون نصيب الطول الموجي - المناظر لأشعة الليزر- لا يزيد على ميكرووات. ومن ثم فإن نظم الإنذار تستطيع، إذا سقط عليها إشعاع من نفس الطول الموجي المتوقع من مصدر التهديد، أن تستخلص الإنذار دون أن تتأثر بأي إشعاعات خلفية. ويعيب هذه الطريقة أن الطول الموجي المتوقع يجب أن يكون معلوماً مسبقاً. فإذا استخدم العدو مصادر ليزر مختلفة عن نطاق عمل مرشحات جهاز الإنذار فلن يتم الإنذار المطلوب.

2. التمييز الزمني

لما كانت معظم نظم الليزر الميدانية، المعروفة حالياً، تعمل بالنظام النبضي، فهناك إمكانية خداعها بواسطة مصدر إضاءة نبضي، وبالتالي لا يمكن تحديد المعلومات المطلوبة لتحديد مصدر التهديد، وهي: الطول الموجي الذي يعمل عليه التردد النبضي، وعرض النبضة. وهذه المعلومات ضرورية لتحديد هوية مصدر الليزر.

ومن هذا المنطلق، فقد كان لزاماً استحداث نظم إنذار جديدة قادرة على استطلاع هذه المعلومات. وتقوم نظرية عمل هذه النظم الجديدة على استغلال خاصية شعاع الليزر التي يتميز بها عن أي إشعاعات كهر ومغناطيسية أخرى، سواء الضوئية أو غيرها، وهي خاصية التقارب. فشعاع الليزر أحادي الطول الموجي، وذو زاوية طورphase angle محدودة، وبالتالي فإن شعاعين من الليزر، من الطول الموجي نفسه، سيكونان قادرين على التداخل معاً، (اُنظر شكل كيفية التداخل الصوتي وإنتاج ما يسمى بـ "هدب التداخل "Interference Fringes"، والذي يتكون من حلقات مضيئة ومظلمة على التبادل، (اُنظر شكل تداخل شعاعين ضوئيين). وبواسطة هذه الحلقات يمكن تحديد الطول الموجي للأشعة المتداخلة، وكذا زاوية سقوطها. وبينما تتداخل أشعة الليزر، فإن أي إشعاعات خلفية، أو ضوضاء، لن تكون قادرة على إنتاج هدب تداخل إطلاقاً بسبب طبيعتها غير التقاربية.

وتقوم بعض النظم الحديثة القائمة على استخدام أنواع متقدمة من أجهزة التداخل التي يمكنها تسجيل هدب التداخل على مصفوفة Array مكتشفات، يتوقف نوعها على النطاق الطيفي للتهديد، إذ أن هدب التداخل لن تكون مرئية إلا إذا كان الليزر يعمل في نطاق الأشعة تحت الحمراء. وفي هذه الحالة فإن هدب التداخل ستحتاج إلى مصفوفة مكتشفات حرارية لالتقاطها وتصويرها، تمهيداً لاستنتاج البيانات المطلوبة بواسطة كمبيوتر مبرمج لهذا الغرض، يحتفظ في ذاكرته بمكتبة التهديدات المحتملة.

وهناك فكر طموح يهدف إلى استخدام معدات الرؤية التي تعتمد على تكوين صور تليفزيونية، سواء في الطيف المرئي أو بالاستشعار الحراري، وتوقيع مصدر أشعة الليزر على شريحة التصوير الإليكترونية لتحديد الاتجاه بدقة كبيرة. وهذا الفكر الجديد يمثل أهمية خاصة للاستخدام في الدبابات، إذ قد يتيح فرصة للطاقم للتعامل بالنيران بسرعة مع مصدر الليزر.

ويمكن أن تعمل نظم الإنذار من الليزر منفصلةً، أو أن تكون أحد مدخلات لنظام إنذار متعدد، يستقبل المعلومات من مجموعة متنوعة من المستشعرات، إذ يتم معالجتها وترتيب أولويات التهديد لاستخدام وسائل المقاومة. وقد تستخدم وسائل الإنذار من الليزر لتأكيد أي معلومات عن التهديد أو استكمالها.

ويؤكد فكر نظم الإنذار المشترك أن عديداً من نظم الليزر للإضاءة تستخدم مع نظم رادارات الإنذار، أو إدارة النيران، سواء للتتبع، أو لقياس المسافات في بعض حالات الإعاقة الرادارية، أو لتوجيه الصواريخ. ويساعد وجود الإنذار من الليزر النظام المشترك في التقاط التهديد وتحديده.

وتختلف أساليب مقاومة التهديد الليزري اختلافاً كبيراً، فقد تكون مجرد مناورة سريعة للمعدة، كافية للخروج من دائرة التهديد المباشر. ويظهر ذلك غالباً في الطائرات الخفيفة. وقد يحتاج الموقف إلى اتخاذ إجراءات مقاومة يصعب تنفيذها خلال الزمن المحدود للغاية، والمتيسر من لحظة الإنذار، وحتى وصول المقذوف، مما يزيد العبء على النظام، إذ يحتاج بالتالي إلى ضرورة توفير قدرة لتحليل التهديد بسرعة بالغة، وتحديد نوعه واتجاهه بدقة مناسبة. وتظهر خطورة هذا الموقف بالنسبة للدبابات، إذ أن الزمن المتيسر من لحظة التقاط الإنذار إلى وصول المقذوف من الأسلحة المضادة للدبابات قد يقل كثيراً عن الوقت المطلوب للمناورة أو للرد بالنيران، ولا يبقى بالتالي إلا اتخاذ وسائل مقاومة سلبية سريعة ومناسبة.

وتطور شركة "لوكهيد" الأمريكية نظاماً فضائياً للجيل الثاني من منظومة الأقمار الصناعية للإنذار والتعقب التي تعتمد على أشعة الليزر والمعروفة باسم SPIRS، وسوف تقوم المنظومة بالإنذار عند بداية اكتشاف هجوم صاروخي باليستي على الولايات المتحدة، أو أحد حلفائها، أو على قواتها المنتشرة. ويقوم النظام بالإنذار والتحذير من الصواريخ في نفس وقت إطلاقها، ويمرر معلومات الإنذار إلى نظام إدارة المعارك والدفاع ضد الصواريخ، وسوف يحل نظام SPIRS الفضائي للإنذار محل برنامج الأقمار الصناعية للدعم الدفاعي، وسوف يبدأ البرنامج بإطلاق خمسة أقمار متزامنة في المرحلة الأولى لنشر النظام.

سابعاً: الإعاقة على أشعة الليزر

وتقوم فكرة الإعاقة على أشعة الليزر، عموماً، على منع وصول شعاع الليزر المعادى إلى الهدف، وذلك باستخدام عديد من الأساليب الفنية التي تحول دون استمرار تقدم الشعاع وانعكاسه من الهدف، وهي تشبه بقدر كبير الإعاقة الإلكترونية السلبية التي تستخدم مع الرادارات.

ومن أبسط الأساليب التي تستخدم لمنع وصول شعاع الليزر إلى الهدف، استخدام ستائر الدخان المختلفة، وهو أسلوب سهل وسريع الاستخدام، يقوم على إطلاق خراطيش دخان من المعدة ذاتها، في اتجاه مصدر أشعة الليزر المعادية، فيعمل الدخان على امتصاص هذه الأشعة، أو على الأقل، امتصاص أكبر قدر منها، بما يمنع وصول الشعاع إلى الهدف.

ويراعى أهمية التأكد من فاعلية هذه السواتر المختلفة في امتصاص الأشعة، في الحيز المحدد الذي تعمل خلاله أجهزة الليزر. وتجدر الإشارة هنا إلى قدرة أشعة ليزر ثاني أكسيد الكربون على اختراق ستائر الدخان والضباب، مما يستدعي عدم إمكانية الاعتماد على الدخان المستخدم لمواجهة هذا النوع من الليزر، وضرورة استخدام أنواع أخرى مختلفة من الدخان، ذات قدرة امتصاص أكبر خلال هذا الحيز من الترددات.

وهناك أسلوب تشتت أشعة الليزر الذي يعتمد على استخدام ستائر من الأيروسولات التي تطلق في الجو، وهي عبارة عن جسيمات دقيقة ذات أحجام تتناسب مع الطول الموجي لأشعة الليزر التي تعمل على مقاومته، فتسبب تشتت أشعة الليزر الساقطة عليها قبل وصولها للهدف، فتمنع بالتالي الوصول، بالإضافة إلى ما تسببه من امتصاص جزء من الأشعة الساقطة.

وتمتاز فكرة استخدام الأيروسولات كذلك بسهولة الاستخدام من خراطيش أو دانات، مثل الدخان تماماً، كما قد تنثر من مستودعات في الطائرات. وتمتاز كذلك بطول فترة عملها، إذ تبقى في الجو بطبيعتها لفترات زمنية قد تطول إلى 80 ثانية.

هذا وتقوم عدة شركات بتطوير نظم تشويش ليزرية عالية الشدة، لإعاقة الجيل الجديد من الصواريخ، الذي يعمل على الموجة التي طولها 4 - 5 ميكرون[9]، وهي موجة طويلة نسبياً. وتتطلب عملية حماية الطائرات من خطر الصواريخ الحديثة التي تعمل على هذه الموجة عدداً من نظم التشويش الليزرية. فمثلاً تحتاج طائرة النقل الأمريكية C-130 إلى وحدتين من النظام المذكور لحمايتها. كما أن حماية الطائرة المقاتلة F-15 يكون أكثر صعوبة نظراً لصغر حجمها.



[1] كلمة "رادار" RADAR هي الحروف الأولى من عبارة Radio Detection and Ranging ، وتعني الكشف وقياس المدى بواسطة موجات الراديو

[2] سرعة الضوء = 300 ألف كم/الثانية

[3] هي ذخيرة مدفعية أمريكية الصنع عيار 155مم، وتقوم الدانة بعملية توجيه ذاتي على الهدف الذي يتم إضاءته بالليزر من مصدر أرضي، أو من طائرة عمودية، أو من طائرة موجهة من دون طيار

[4] صاروخ جو/ أرض تم تطويره ليوجه بالليزر

[5] صاروخ جو / أرض مضاد للمدرعات، ويمكن إطلاقه من طائرة عمودية، ويكون جهاز الإضاءة إما على الأرض، أو على الطائرة التي تقوم بالإطلاق

[6] استخدمت هذه القنبلة أثناء حرب تحرير الكويت لسد مضخة البترول التي أصيبت. وقد تم إضاءة المضخة بشعاع ليزر من طائرة، ثم قامت طائرة أخرى بإلقاء القنبلة موجهة بهذا الشعاع، وأحدثت موجة انفجارية مركزة في بقعة محددة دون أن تنتشر في مساحة واسعة، وبذلك أمكن سد فوهة المضخة وإغلاقها بدقة

[7] في عام 1983 أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان هذه المبادرة، وحورت وسائل الإعلام مسماها، وأطلقت عليها "حرب النجوم"، أو "حرب الكواكب". وكان هدفها نقل ساحة الحرب من الأرض إلى الفضاء

[8] النانو = جزء من البليون

[9] الميكرون = جزء من الألف من الميليمتر