إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الرادار




أضخم رادار أمريكي
نظام "سمبلين"
المركبة سكاوت
الرادار APG-66
الرادار APG-66 (V)-2A
الرادار ARTHUR
الرادار COBRA
الرادار Cobra Dane
الرادار Hen House
الرادار RDM
الرادار Sea Giraffe AMB
الرادار SMART-L
الرادار TPQ-37
الرادار TPS-70
الرادار YJ-14
جهاز الرادار AN/FPS-6
رادار متعدد المهام
رادار محمول جواً
رادار مراقبة الصواريخ البالسيتية
رادار البحث والمراقبة
رادار دوبلر

هوائي قطع مكافئ
موقع نقطة التقابل
مبين الوضع الأفقي
مبين طرز A
نبضات الإشعال
مجموعة نماذج إشعاعية
مساحة التمييز
إشارة الهدف والضوضاء
مسقط مساحة خالية التمييز
النموذج المروحي والنماذج المتعددة
النموذج الإشعاعي
النموذج الإشعاعي القلمي
الهوائي المصطنع
الهوائي المصفوف
الوضع الزاوي للهدف
الإحداثيات الثلاثية للهدف
المقطع الراداري
الانتشار غير الطبيعي
الانعكاس الأرضي
انتشار الموجات السماوية
التغطية الرأسية
التفتيش القلمي
الرادار الخارق للأرض
الرسم الوظائفي العام للرادار
العناصر الرئيسية للمعدل
العلاقة الزمنية لتردد الإيقاع
توهين الموجات الملليمترية
تأثير الانعكاس
تمييز إشارة التداخل
تركيب الماجنترون
تركيب صمام الموجة المسافرة
تغير تردد المرسل
تقدير المسافة
جهاز استقبال
رادار موجة مستمرة
رادار اكتشاف الأهداف المتحركة
رادار تخصيص الأهداف
رادار دوبلر نبضي
رادار دوبلر محمول جوا
رسم لرادار موجة مستمر
صور بسيطة لجهاز الرادار
زاوية في المستوى الأفقي
عمل الصمام
ظاهرة المسارات المتعددة
ظاهرة الفصوص الإشعاعية




المبحث الرابع

المبحث الرابع

التداخل والتشويش

أولاُ: التداخل غير المرغوب فيه

تدل كلمة "تشويش" على عملية شغل الذهن، بالتعامل مع العديد من الأمور في وقت واحد، وبدرجات متفاوتة من الأهمية، وهو ما قد يصرف الانتباه عن حدث مهم، أو يجهد الذهن، فلا يستطيع أن يوفر العناية الكافية للأمور التي يحتاجها. الوظيفة الرئيسة لجهاز الرادار هي اكتشاف الأهداف واستخراج المعلومات المرتبطة بها، وأي فعل يمنع أو يقلل من كفاءة جهاز الرادار في تنفيذ هذه المهمة، يعد تداخلاً، وتشويش غير مرغوب فيه. هذا التداخل إما أن يكون غير مخطط، أي أنه يتم طبقاً لطبيعة البيئة والظروف المحيطة بجهاز الرادار، وإما أن يكون مخططاً، أي أنه توجد جهة أو شخص ما يعمل على منع الرادار من القيام بوظيفته بالتداخل في أدائه.

تشمل التداخلات والتشويش المؤثر على أجهزة الرادار، الانعكاسات المرتدة لجهاز الاستقبال من الأشجار والتجمعات النباتية، الجبال، المنشآت المختلفة وسطح البحر، كما تشمل، أيضاً، الانعكاسات من الغيوم خلال العواصف، والأمطار، والظواهر المناخية، كالانفجارات الشمسية والعواصف الرعدية؛ التداخلات أو التشويش يرتبط بطبيعة وظيفة الرادار، فعلى سبيل المثال، الانعكاسات من سطح الأرض تمثل تداخلاً لرادار الإنذار المحمول جواً، بينما يعد سطح الأرض هو الهدف بالنسبة لرادار رسم الخرائط المحمول جوّاً، وكذلك الانعكاسات من الظواهر المناخية المختلفة، هي بمثابة التداخل والتشويش على أداء معظم الرادارات، ولكنها هي الهدف المقصود بالنسبة للرادارات المستخدمة للتنبؤ بأحوال الطقس.

هناك نوع آخر من أنواع التداخل، ينتج عن الانعكاسات المرتدة من الرقائق المعدنية، المصنعة عادة من مواد خفيفة، مثل الألومنيوم، والتي تلقيها الطائرات المعادية، لإرباك أجهزة الرادار الصديقة؛ وقد يحدث التداخل، أيضاً، نتيجة دخول إشارات كهرومغناطيسية لا علاقة لها بالإشارة المرتدة بعد انعكاسها من على سطح الهدف؛ هذه الإشارات قد تكون ناتجة عن أجهزة مشعة صديقة قريبة من جهاز الرادار بقدر، يجعل بينهما تأثيراً متبادلاً، أو قد تكون ناتجة عن عمل معادٍ مقصود.

انعكاسات التداخل، قد تنشأ عن جسم صغير يقال له "جسيم نقطة"، وهو صغير بدرجة أنه يقع بكامله داخل اتساع النموذج الإشعاعي، ومن أمثلة ذلك انعكاس الأشعة من خزان مياه مرتفع أو برج إضاءة، ويمكن أن تنشأ التداخلات من أجسام مركبة، وهي التداخلات الأكثر انتشاراً، ومن أمثلتها التداخلات الأرضية، أو تداخلات سطح الماء، أو الانعكاسات من الرقائق المعدنية، وهي تتكون من العديد من الجسيمات العاكسة المتجاورة الواقعة معاً داخل حيز تغطية النموذج الإشعاعي للرادار، وهي تحد إلى درجة كبيرة من إمكانات الرادار في اكتشاف الأهداف. التخلص من آثار هذه الانعكاسات غير المرغوب فيها، يشغل نسبة كبيرة من المجهود المبذول عند تصميم أي جهاز رادار، وكذلك عند التخطيط لاختيار موقعه وارتباطه كجزء ضمن شبكة نظام الإنذار.

الفارق الرئيسي بين التداخل، التشويش، والضوضاء، هو أن الأخيرة ذات طبيعة متغيرة، فتأثيرها على جهاز الرادار يختلف من نبضة إلى أخرى، ومن دورة بحث إلى أخرى، بينما الأولى فتأثيرها شبه ثابت، ولا يتغير من نبضة إلى أخرى، أو من دورة بحث إلى أخرى؛ التداخل من الأجسام الأرضية، أو من سطح البحر، أو من الظواهر المناخية، ناتج من انعكاس أشعة الرادار نفسه. أما إشارات التداخل الخارجية، فهي تكون ناشئة من جهاز رادار آخر، أو وسائل الاتصال، أو أي أجهزة أخرى تشع طاقة، كما أنها قد تكون ناتجة من وسائل معادية يطلق عليها أجهزة الإعاقة الإلكترونية، أو الإجراءات الإلكترونية المضادة، وهي تهدف إلى شل جهاز الرادار وإرباكه، والإقلال من كفاءته في تنفيذ مهامه.

ثانياً: التداخل غير المخطط

1. التداخل من سطح الأرض Ground clutter

أ. طبيعة الانعكاسات الأرضية

الانعكاسات من سطح الأرض تؤثر على أداء أجهزة الرادار المحمولة جوّاً، وكذلك الرادارات المتمركزة على سطح الأرض؛ فكلما ارتفع جهاز الرادار عن مستوى سطح الأرض، كان حجم الانعكاسات من سطح الأرض التي تؤثر عليه أكبر. بالنسبة للرادار المتمركز على سطح الأرض، تكون معظم الانعكاسات الأرضية، ناتجة من ظواهر ثابتة، ولكن بالنسبة للرادار المحمول جوّاً، فإن الظواهر المسببة للتداخل تتغير بصفة مستمرة نتيجة لحركة الطائرة0

المنشآت والمباني والأبراج لها انعكاسات أقوى من تلك المرتدة من الظواهر الطبيعية الأخرى، وذلك بسبب استواء أسطحها العاكسة، وكذلك وجود الكثير من الأركان العاكسة بها؛ بعض الأسطح والمساحات تشتت الطاقة الكهرومغناطيسية الساقطة عليها، والبعض الآخر يمتصها، ومثل هذه المساحات تظهر على شاشة مبين الرادار أقل وميضاً، أو تظهر كبقع سوداء بين بقع مضيئة، تمثل التداخلات المحيطة التي تعكس الطاقة.

التداخلات الأرضية تظهر على شاشة الرادار كبقع مضيئة صغيرة، أو كبقعة متسعة نسبيّاً طبقاً لخواص النموذج الإشعاعي للهوائي، وهى بصفة عامة تحجب الانعكاسات المرتدة من الأهداف عن الظهور على المبين في الرادارات التي لا تحتوي على دوائر اكتشاف الأهداف المتحركة، وإذا كانت التداخلات كثيرة وكبيرة نسبيّاً، فإنها قد تؤثر، أيضاً، على رادارات اكتشاف الأهداف المتحركة MTI حيث إن تلك الرادارات لا تستطيع إلغاء الأهداف الثابتة ذات الحجم الكبير.

ب. مساحة المقطع الراداري للتداخلات Clutter Cross Sections

إذا كان عرض نبضة الرادار زمنيّاً هو t، وسرعة انتشار الموجة الرادارية هو C، فإن جميع المساحات العاكسة الواقعة خلال البعد  تشارك في تكوين صدى التداخل الراداري المركب؛ المعامل ½ يعبر عن قطع المسافة ذهاباً و إياباً، بين الرادار والسطح العاكس، (اُنظر شكل مسقط مساحة خالية التمييز)، نجد أن مساحة الجزء من سطح الأرض الذي يسهم في انعكاسات التداخل يطابق مساحة المستطيل الأفقي abcd وهي تساوي:

حيث R هي المدى، و qB هو الاتساع الأفقي للنموذج الإشعاعي، مقاساً بين النقط التي تنخفض فيها القدرة المشعة إلى النصف إذا كانت s هي مجموع مساحات المقاطع الرادارية للأجسام العاكسة داخل مساحة المستطيلabcd ، فإن كثافة المقطع الراداري العاكس  هي:

العوامل التي تؤثر على المواصفات العاكسة لسطح الأرض كثيرة، أهمها خشونة السطح، وزاوية سقوط الأشعة عليه، واستقطاب هوائي الرادار، وثابت العزل الكهربي للسطح، وتردد الموجة الحاملة.

ج. رسم الخرائط راداريّاً

الانعكاسات الأرضية التي تمثل تأثيراً غير مرغوب فيه لمعظم الرادارات، تعد الانعكاس المفيد عند استخدام الرادار لرسم الخرائط، أو للتصوير الراداري من الجو. الترددات الرادارية في الحيز الأعلى للموجات المتناهية في القصر، هي الترددات المناسبة لرسم الخرائط راداريّاً، والتصوير الراداري من الجو، إذ يمكن الحصول على نماذج إشعاعية ضيقة، ذات درجة تمييز عالية. التمييز الزاوي الجيد بواسطة الرادارات المحمولة جوّاً، يحتاج لمساحة فعّالة كبيرة لهوائي الرادار، وهذا يتعارض مع كون الرادار محمول جوّاً. رادار الرؤية الجانبية يستخدم تقنية الهوائي المصطنع التي تستخدم حركة الطائرة وإمكانات الحاسب الآلي المحمول في معالجة البيانات، للحصول على قدرة تمييز عالية للنموذج الإشعاعي، وكأنه ناتج من هوائي ضخم، طوله يساوي حاصل ضرب سرعة تحرك الطائرة، في الفترة الزمنية التي يجمع فيها الحاسب بيانات الإشارات المرتدة.

د. التداخل من سطح البحر Sea clutter

تنعكس موجات الرادار من على المسطحات المائية، وتتداخل مع الإشارات المفيدة المرتدة من الأهداف، مسببة ما يطلق عليه التداخل من سطح البحر، الذي يحد من إمكانات الرادارات المحمولة جوّاً، أو المحمولة بحراً في اكتشاف الأهداف، وخاصة تلك التي تتحرك قريبة من سطح البحر، أو عليه مباشرة. قدرة الانعكاسات المرتدة من سطح البحر في اتجاه هوائي جهاز الرادار، تتوقف على زاوية سقوط الشعاع الرادارى على سطح الماء، وطول موجة الرادار، واستقطاب الموجة الرادارية، وحالة البحر، وطبيعة الرياح السائدة. يعد سطح البحر مجموعة من العواكس المفردة، التي يعكس كل منها الموجة الرادارية الساقطة بصورة مستقلة، لا تتأثر بالعواكس المجاورة له، وبناء على هذا التصور، تكون القيمة المتوسطة ri  للإشارات المرتدة من العاكس المفرد رقم i هي:

وتصبح القيمة المتوسطة r للإشارات المرتدة من العواكس المفردة المضاءة بواسطة النموذج الإشعاعي والممثلة لسطح البحر هي:

وإذا كانت  هي متوسط مساحة المقطع الراداري لوحدة المساحات، أي:

هذه العلاقة صحيحة في حالة زوايا السقوط الصغيرة جدّاً، الأشعة الرادارية شبه موازية لسطح البحر، وتصبح Pr كما يلي:

بمقارنة هذه العلاقة مع المعادلة الرادارية يتضح أن الطاقة المرتدة من الهدف، تتناسب عكسيّاً مع R4، أما الطاقة المرتدة من سطح البحر، فهي تتناسب عكسيّاً مع R3 فقط، أي أن إشارة الهدف تعاني توهيناً أعلى من إشارات التداخل من سطح البحر.

هـ. خفض تأثير التداخل غير المخطط Clutter reduction

تخفيض تأثير التداخل غير المخطط، هدف يسعى إليه مصممو أجهزة الرادار؛ لأنها علاوة على أنها قد تحجب بعض الأهداف، فهي، أيضاً، تسبب إجهاداً عصبيّاً لعامل تشغيل الرادار، يفقده قوة التركيز المناسبة ليحسن أداء مهامه. أهم طرق خفض هذا التأثير هي:

(1) استخدام رادار اكتشاف الأهداف المتحركة MTI .

(2) استخدام دوائر "التحكم في حساسية الاستقبال طبقاً للزمن" Sensitivity time control، هذه الدوائر توفر تغييراً مبرمجاً لمعامل تكبير جهاز الاستقبال طبقاً للمدى، أي أن معامل تكبير جهاز الاستقبال ينخفض بالنسبة للإشارات المرتدة من مسافات قريبة، ويزداد كلما ازداد المدى؛ هذا الأسلوب غير دقيق للأسباب الآتية:

(أ) اختلاف الانعكاسات، باختلاف زاوية البحث الأفقية، وهذا يلزم استخدام قيمة متوسطة لمعامل التكبير تناسب إلغاء معظم الانعكاسات.

(ب) احتمال فقد بعض الانعكاسات من الأهداف، نظراً لوقوعها بالقرب من، أو على حدود منطقة الانعكاسات غير المرغوب فيها.

(ج) استخدام جهاز استقبال ذي خاصية تكبير لوغارتيمية، وهو يختلف عن الأسلوب السابق، في أن خفض معامل التكبير، لا يتم طبقاً لمدى الأجسام العاكسة، ولكن يتم آليّاً طبقاً لشدة الانعكاس؛ هذا الأسلوب لا يؤدي إلى احتمال فقد الأهداف القريبة من مصادر الانعكاسات الضارة، كما في حالة التحكم المبرمج في الحساسية.

2. التداخل الصديق

الاستخدام المتزايد لأجهزة الرادار، ووسائل الاتصال الإلكترونية المختلفة، والمعدات التي تشع موجات كهرومغنطيسية، يزيد من احتمالات التداخل المتبادل بين الأجهزة الصديقة، أي أن الإشعاع الصادر من جهاز معين، يتداخل مع استقبال الإشارات في جهاز آخر؛ الإشارات الدخيلة قد تكون نبضات أو موجة مستمرة، أو موجة مستمرة معدلة.

إشارة التداخل الناتج من جهاز رادار مجاور، تتكون من قطار من نبضات التردد العالي، train of RF pulses، التي قد يكون تردد موجتها الحاملة مطابقاً أو مخالفاً لتردد إشارة الرادار الأصلي، وبصفة عامة، فإن تردد تكرار الإشارة الدخيلة لن يكون مطابقاً لتردد تكرار نبضات الرادار الضحية، وحتى إذا تطابق الترددان، فإنه لن يكون بينهما تزامن، ونتيجة لعدم التزامن فلن تظهر النبضات الداخلية على مبين الرادار في المكان نفسه في كل دورة بحث.

لتجنب عملية التداخل البيني، بين الرادارات المتجاورة، تنتخب ترددات مختلفة لتلك الرادارات، مع الوضع في الاعتبار أن الطيف الترددي للموجات المرسلة، قد يمتد إلى ترددات تزيد على حيز تردد جهاز الاستقبال[1]، وهذا يؤدي إلى حدوث تداخل واضح مع رادارات تختلف اختلافاً كبيراً في تردد موجاتها الحاملة.

إضافة إلى التصميم الهندسي السليم لجهاز الرادار، تزود بعض الرادارات بوسائل تقنية لتقليل التداخل، تعتمد على التعرف على الاختلاف في بعض المواصفات، مثل تردد الموجة الحاملة، وزمن وصول الإشارات، وشكل موجة الرادار …إلخ.

أ. التمييز بواسطة عرض النبضة:

(اُنظر شكل تمييز إشارة التداخل)، يوضح دائرة بسيطة لإلغاء النبضات الدخيلة، التي يختلف عرضها الزمني عن عرض نبضات جهاز الرادار t؛ تدخل النبضات (أ) وعرضها الزمني t إلى دائرة التفاضل، وينتج منها النبضات الحادة (ب) بفاصل زمني t، التي تستخدم لتغذية دائرة تأخير زمني قيمته t، ودائرة عكس قطبية، بعد ذلك تدخل الإشارتان (ج)، (د)، إلى دائرة تطابق، التي لا يكون لها خرج إلا في حالة التطابق الزمني للإشارتين (ج)، (د)؛ التطابق الزمني لا يحدث إلا إذا كان عرض النبضة (أ) مطابقاً لزمن التأخير t، الذي يتم تحديده ليساوي عرض نبضة الرادار الأصلية، وبهذه الطريقة يسمح فقط بمرور نبضات الرادار الأصلية، بينما تختفي جميع النبضات الدخيلة التي يختلف عرضها الزمني عن عرض النبضة الأصلية.

ب. التمييز بواسطة تردد التكرار، وذلك باستغلال خاصية التزامن، وإظلام جهاز الاستقبال في اللحظات، التي يتم فيها إرسال الرادارات المجاورة؛ لكي ينجح هذا الأسلوب، يجب أن يتم الربط بين الرادارات المتجاورة، وخاصة بين وحدات التزامن بها.

ثالثاً: التداخل المخطط

جهاز الرادار العسكري، قد يتعرض لتداخل مخطط من جانب العدو، وللتفرقة بين هذا التداخل المقصود، والتداخلات الأخرى غير المقصودة، يطلق عليه اسم "الإعاقة الإلكترونية" أو "الإجراءات الإلكترونية المضادة". الإعاقة الإلكترونية إما أن تكون في صورة انعكاسات قليلة، تمثل أهدافاً كاذبة على شاشة الرادار الصديق، أو تكون في صورة انعكاسات كبيرة، تشغل جزءاً كبيراً من شاشة الرادار، وتمنع ظهور الأهداف المعادية. بصفة عامة، تهدف الإجراءات الإلكترونية المضادة إلى التداخل على أجهزة الرادار المعادية، والإقلال من كفاءتها، وكفاءة نظام التسليح الذي يستفيد من هذا الرادار.

تنقسم الإجراءات الإلكترونية المضادة إلى قسمين رئيسين، طبقاً لتأثيرهما على جهاز الرادار، فإما أن يكون التأثير خداعيّاً، وذلك بإظهار أهداف وهمية على شاشة الرادار، تعمل على تشتيت الجهود الدفاعية المرتبطة بالرادار، وإما أن يكون التأثير في صورة ضوضاء إلكترونية، تماثل التداخل الناتج من سطح الأرض، أو سطح الماء، أو أي ظواهر طبيعية أخرى، ويظهر التأثير السلبي باختفاء الأهداف الحقيقية، أو تأخر ظهورها على شاشة الرادار، بحيث تنخفض فرصة قيام القوات المدافعة باتخاذ رد الفعل المناسب، في الوقت المناسب.

1. الإعاقة الضوضائية Noise Jamming

صورة بسيطة للإعاقة الإلكترونية، هي استخدام وحدة إرسال موجة مستمرة، تعمل على نفس تردد جهاز الرادار المطلوب التداخل عليه؛ يتم توجيه الموجة المستمرة في اتجاه هوائي الرادار. وبناءً على طبيعة الموجة الدخيلة، يمكن لجهاز الرادار التخلص من الإشارة الدخيلة. للحصول على أكبر تأثير على جهاز الرادار، يلزم أن تكون موجة الإعاقة مطابقة تماماً لموجة جهاز الرادار، وحيث إنه يصعب على العدو في معظم الأحوال أن يحدد جميع مواصفات الموجة الرادارية، فإن الحل البديل هو استخدام موجة حاملة لها نفس تردد الموجة الحاملة لجهاز الرادار، مع تعديلها بإشارة ضوضائية تغطي حيز المرور الترددي لوحدة الاستقبال في جهاز الرادار، و يطلق على هذا النوع من الإعاقة "الإعاقة الغلالية" Barrage Jamming. استخدام الإعاقة الإلكترونية الغلالية يستلزم إنتاج طاقة كبيرة، يصعب توفيرها في بعض الأحيان، مثل حالة المعدات المحمولة جوّاً، وخاصة إذا تم توزيع هذه الطاقة على حيز ترددي كبير، فيخفض متوسط الطاقة لكل تردد، وهذا قد يقلل من تأثير الإعاقة في إخفاء الأهداف المهاجمة، ويتيح لنظام الدفاع الصديق، تجنب تأثير الإعاقة الغلالية، باستخدام التنوع في ترددات الرادارات المكونة لشبكة الإنذار، علماً بأن ترددات الرادارات المكونة للشبكة تقع في نطاقات ترددية مختلفة ومتباعدة، حتى يضطر العدو إلى توزيع قدرة الإعاقة على حيز ترددي أكبر، فيقل أو ينعدم التأثير.

في حالة عدم توافر إمكانات إنتاج الطاقة الضوضائية، التي تغطي حيز مرور وحدة الاستقبال بالكامل، يتم استخدام حيز ترددي بسيط يمثل جزءاً فقط من حيز مرور وحدة الاستقبال، ويطلق عليه في هذه الحالة "الإعاقة المركزة" Spot Jamming ؛ وفي هذه الحالة يمكن لجهاز الرادار الصديق التخلص من تأثير الإعاقة الإلكترونية، بتغيير تردد الرادار داخل حيز التوليف الخاص به.

هناك أسلوب مؤثر آخر، وهو استخدام "الإعاقة المركزة الزاحفة" Swept Spot Jamming الذي يعتمد على تغيير التردد المركزي للإعاقة المركزة باستمرار ذهاباً و إياباً، داخل حيز مرور وحدة الاستقبال، وبذلك يتم تغطية حيز جهاز الاستقبال بالإعاقة على فترات زمنية متقطعة، ومتكررة، بفاصل زمني صغير، وليتجنب جهاز الرادار تأثيرات هذه الإعاقة يجب أن يكون قادراً على تغيير تردده بصفة مستمرة، ولا يثبت على تردد واحد، إلا لفترة زمنية قصيرة، تكفي لوصول الإشارة بعد ارتدادها من الهدف، ثم ينتقل ليعمل على تردد جديد، ويطلق على هذا الأسلوب "المرونة الترددية" agility.

2. الإعاقة الخداعية Deception Jamming

الهدف من هذا النوع من الإعاقة هو إظهار أهداف عديدة على شاشة الرادار، بغرض إرباك عامل التشغيل، وتشتيت انتباهه، وتكون النتيجة إما عدم اكتشاف الأهداف المهاجمة الحقيقية، أو إعطاء إنذار كاذب، واتخاذ الإجراءات الدفاعية المكلفة في مواجهة عدو وهمي، أو تشتيت الإمكانات الدفاعية وتوزيعها، للتعامل مع أهداف بعضها حقيقي وبعضها وهمي.

الإعاقة الخداعية التكرارية Repeater Jamming تتم باستخدام جهاز يستقبل الإشارات الرادارية من الرادار المطلوب إعاقته، وتأخيرها زمنيّاً لفترة مناسبة، ثم إعادة إذاعتها مرة أخرى، في اتجاه جهاز الرادار. عملية التأخير الزمني تؤدي إلى ظهور الأهداف الكاذبة عند مدى أو زاوية تختلف عن مدى وزاوية الهدف الحقيقي.

الإعاقة الخداعية الاستجابية تتم باستخدام جهاز ينتج موجة إعاقة، قد تكون مشابهة لموجة الرادار أو غير مشابهة، كلما استقبل نبضة من جهاز الرادار المطلوب إعاقته.

3. الإعاقة لكسر التتبع

رادارات التتبع، تعد من أخطر التهديدات التي تواجه الطائرة المهاجمة، حيث إن نجاح الرادار في عملية التتبع، يعني نجاح عملية التعامل مع الطائرة بالسلاح المدمر المناسب، ولذلك تم تطوير أساليب إعاقة كسر التتبع. يتم كسر التتبع إما بالأسلوب الذي يطلق عليه "سرقة بوابة المدى" Range gate Stealing أو بالأسلوب الذي يطلق عليه "سرقة بوابة السرعة" Velocity gate stealing.

4. الإعاقة السلبية Passive Jamming

أنواع الإعاقة، التي تعرضنا لها سابقاً، يطلق عليها "الإعاقة الإيجابية" Active Jamming، حيث إنها جميعاً تعتمد على قدرة كهرومغناطيسية، تطلق في اتجاه الرادار المطلوب التأثير عليه؛ ويوجد أسلوب آخر للإعاقة الإلكترونية، وهي تعتمد على الطاقة الصادرة من جهاز الرادار نفسه، بإعادة توجيهها بصورة معينة تعمل على شله وإرباكه.

5. الرقائق المعدنية

هي إحدى وسائل الإعاقة السلبية، إذ تقوم إحدى الطائرات المهاجمة بإلقاء كمية كبيرة من الرقائق المعدنية، خفيفة الوزن، تبقى عالقة في الجو لفترات زمنية طويلة نسبيّاً، وتكون أطوال هذه الرقائق متناسبة مع الأطوال الموجية للرادارات العاملة في المنطقة؛ يطلق على هذا الأسلوب " إنشاء الممر الخداعي"، إذ يمكن للطائرات المهاجمة استغلال هذا الممر في الاقتراب من أهدافها دون أن تكتشفها الرادارات العاملة في المنطقة.

6. العاكسات الخداعية Decoys

هي أجسام لها قدرات معينة عاكسة للأشعة الرادارية، تستخدمها السفن أو الطائرات، وأحياناً توضع في مواقع أرضية، إما لخداع أجهزة الرادار، إذ تظهر على الشاشات كأهداف حقيقية، أو لجذب الصواريخ المواجهة راداريّاً، وتوجيهها بعيداً عن الأهداف الحقيقية.



[1] الطيف الترددي الناتج عن نبضة مستطيلة حادة الأجناب  يحتوى على مكونات ترددية لها أربعة أضعاف تردد الموجة الحاملة، ومستوى قدرتها ينخفض حوالي 20 ديسبيل عن مستوى قدرة تردد الموجة الحاملة؛ كلما استدارت أركان النبضة قل محتوى الطيف الترددي من المكونات الترددية