إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / المياه




هنري كافينديش
آثار الأمطار الحمضية
أرنست روثرفورد
الأمواج الناتجة عن الرياح
النيل الأزرق
التلوث الكيميائي
التلوث الفيزيائي
الركام المزني
السمحاق الركامي
السمحاق الطبقي
الطخاء أو السمحاق
السحاب الطبقي المتوسط
السحب المزنية الطبقية
السحب الركامية
السحب الطبقية (الرهج)
الكرة الأرضية
بحيرة ماء عذب
تخزين النفايات الصناعية
بريستلي وشيلا
دلتا نهر النيل
خاصية التوتر السطحي
صور الماء المختلفة

منسوب الماء
الأمطار الحمضية
المد والجزر
المياه الجوفية
المياه الجوفية
المدارات الإلكترونية
التركيب الذري للهيدروجين
التركيب الذري للأكسجين
الجبال الجليدية
اندفاع المياه الجوفية من العين
الرابطة التساهمية
السحاب الناتج عن عملية النتح
السحب من البخر والنتح
تلوث الأنهار
تلوث المياه والأمطار الحمضية
تجاذب جزئي الماء
ترابط جزيئات الماء
تركيب الذرة
تركيب جزيء الماء
تركيز أيونات الهيدروجين
تكون الأنهار
جهاز قياس الأس الهيدروجيني
دورة الماء
حركة الأمواج
عملية البناء الضوئي
ذوبان ملح الطعام في الماء
قاع المحيط




مقدمة

ثانياً: ماء الأمطار والأنهار

1. ماء الأمطار

]وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[ w  (سورة الأعراف: الآية 57).

عَرف الإنسان منذ القدم الأمطار مصدراً رئيسياً، من مصادر المياه العذبة. وظل دائم الترقب لهطولها، لارتباطها بنمو الحياة، وازدهارها. ويُعد ماء الأمطار من أنقى أنواع المياه، وأقلها احتواء على الشوائب في الطبيعة. ولكن مع ازدياد التمدَّن وما صاحبه من تلوث الهواء، خصوصاً في المدن الصناعية، أصبحت الأمطار مصدراً للمياه الملوثة. ومن ضمن صور تلوث الأمطار ما يعرف بـ "الأمطار الحمضية" Acid Rain. وتعد الأمطار الحمضية من المشاكل المؤرقة لكثير من بلدان أوروبا وشمال أمريكا، إذ تحتوي على نسبة عالية من حمضي الكبريتيك، والنيتريك، الناتجين عن تفاعل أكاسيد الكبريت والنيتروجين، مع قطرات المطر.

ويبدأ تكوّن الأمطار من بخار الماء، الناتج من عمليات البخر، في المحيطات والبحار والأنهار والبحيرات، حيث تتأثر أسطح المياه بأشعة الشمس، وتكتسب منها طاقة تقدر بحوالي 99% من قيمة الطاقة التي تكتسبها المياه. وتعمل هذه الطاقة على تدفئة المياه، ومن ثم تحول بعضها إلى بخار يتصاعد، ويتجمع في سحب، تُكوِّن حوالي 85% من السحب والرطوبة الجوية. والجزء المتبقي من السحب والرطوبة الجوية، فمعظمه من نواتج عملية النتح Transpiration، التي تحدث في النباتات والغابات والحقول. فشجرة القضبان Birch Tree مثلاً، تُعطي حوالي 260 لتراً من المياه يومياً، على هيئة بخار ماء، ويُعطي حقل الذرة حوالي 37 متراً مكعباً من الماء لكل هكتار في اليوم (اُنظر شكل السحاب الناتج عن عملية النتح).

ويرتفع بخار الماء إلى طبقات الجو العليا مكوناً السّحب. ومع ارتفاع بخار الماء الموجود في السحب، تبرد درجة حرارته، إذ تنخفض درجة حرارة الهواء المُحمّل بالبخار بمعدل 6°م/ كم ارتفاع، فضلاً عن تمدد البخار، وزيادة حجمه، نتيجة وجوده عند ضغط منخفض، الأمر الذي يسبب انخفاضاً إضافياً في درجة حرارته، وفقاً لقوانين تمدد الغازات، حتى تصل درجة الحرارة إلى درجة أقل من درجة الندى Dew Point أو درجة التشبّع. عندئذ يبدأ بخار الماء في التكثف. ويتكاثف بخار الماء، الموجود في هذه السحب، حول حبيبات دقيقة من الأتربة والأملاح التي تثيرها الرياح، مكوناً قطرات صغيرة من الماء، تسقط على هيئة أمطار.

]وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ[ w (سورة الحجر: الآية 22).

وقد تتكون هذه الأمطار في مناطق باردة، فتتحول قطرات المطر أثناء هطولها، إلى قطرات من الثلج أو البرد. وتُقدر كمية المياه المتبخرة، من المسطحات المائية في المحيطات والبحار، بحوالي ألف مليون طن. فضلاً عن عدة ملايين أخرى، من الأطنان المتبخرة من مسطحات المياه العذبة. ولو هطلت كل هذه الكمية على هيئة أمطار، فوق الأرض، مرة واحدة، لأغرقتها. ولكن ينزل المطر بقدر، وفي أوقات معلومة، ومناطق متعددة، كما يسقط معظمه في المحيطات والبحار. إن نزول الغيث من السماء، نعمةٌ في كثير من الأحيان، إلاّ أنه في بعض الأحيان يكون نقمة، إذا ازداد سقوطه، وتحوّل إلى سيول تهلك الأراضي الزراعية، وتدمر القرى والمدن.

والنظر إلى مناطق سقوط الأمطار في العالم، يوضح أن بعض المناطق الجغرافية في العالم تتميز بغزارة وكثافة الأمطار التي تسقط عليها، مثل المناطق الاستوائية، حيث تتسبب حرارة الشمس المتعامدة عليها، في ارتفاع درجة الحرارة، وازدياد كمية البخر، الذي يرتفع في الهواء، ويتكاثف، ثم يسقط على هيئة أمطار غزيرة. وتتسبب الأمطار الغزيرة، المتساقطة في المناطق الاستوائية، في نمو الغابات الاستوائية، والأدغال، التي يصعب اختراقها، مثلما هو في وسط أفريقيا، والبرازيل، والساحل الشرقي لأمريكا الوسطى، والساحل الغربي للهند، وإندونيسيا.

ولا تسبب عملية البخر من المحيطات والبحار، تناقص لمياهها، إذ تسقط معظم هذه الأمطار مرة أخرى في البحار والمحيطات. كما تصبح الأمطار، كذلك، مورداً مهماً من موارد المياه العذبة. فتروى الأشجار، والنباتات، والغابات، ثم يتسرب ما يتبقى منها، من خلال مسام الأرض، إلى المياه الجوفية، ليمدها بمصدر متجدد من المياه العذبة. ويصب الجزء الأخير في البحيرات، والأنهار، التي تصب بدورها في البحار والمحيطات، لتعويض ما فُقد من بخر، فيما يسمى بـ "الدورة المائية" Hydrologic Cycle.

ويعتمد سقوط الأمطار على عدة عوامل، أهمها:

أ. الرطوبة الجوية: وهي كمية بخار الماء في الهواء الجوي، ويُعبّر عنها بالعديد من المصطلحات العلمية، مثل:

(1) الرطوبة المطلقة: وهي كتلة بخار الماء في حجم من الهواء.

(2) الرطوبة النوعية: وهي كتلة بخار الماء في كتلة من الهواء.

(3) الرطوبة النسبية: وهي النسبة المئوية، بين كمية بخار الماء في الهواء في حيز معين، وكمية بخار الماء اللازمة لتشبع الهواء ببخار الماء، عند درجتَي الحرارة، والضغط نفسيهما.

ب. درجة الحرارة: تزداد كمية بخار الماء التي يحملها الهواء الجوي، بازدياد درجة الحرارة، حتى يبلغ الهواء درجة التشبع، التي لا يستطيع بعدها، حمل أي زيادة من بخار الماء.

2. السحاب

]اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا[ w (سورة الروم: الآية 48).

السحاب، في حقيقته، ما هو إلاّ مجموعة من قطرات الماء، المتناهية في الصغر، إذ تصل أقطارها إلى حوالي 10 ميكرون. ويحتوي السنتيمتر المربع منها، على حوالي 100 قطرة. وتحمل الرياح السّحب من مكان إلى آخر، حتى تسوقه إلى المكان المقدر هبوط المطر فيه، فتنخفض درجة حرارته إلى أقل من درجة التشبع، أو الندى، فيسقط المطر.

وهكذا تنتقل المياه، التي تبخرت من البحار والمحيطات، إلى أماكن أخرى فوق اليابس.

والسحب أنواع، منها ما هو منخفض قريب من سطح الأرض، لم يصل بعد إلى حد التشبع، ومنها ما هو بعيد، ووصل إلى حد التشبع. وأهم أنواعها:

أ. الطخاء أو الطخاف أو السمحاق Cirrus: وهي سحب رقيقة، تتكون على ارتفاع من 6 – 12 كم. ويظهر السمحاق على شكل خيوط بيضاء رقيقة، ممتدة في السماء (اُنظر صورة الطخاء أو السمحاق).

ب. السمحاق الركامي Cirrocumulus: وهي سحب محببة بيضاء، ملتحمة، تظهر، عادة، في السماء على ارتفاع 5 - 7 كم، بعد مرور السمحاق (اُنظر صورة السمحاق الركامي).

ج. السمحاق الطبقي Cirrostratus: وهي سحب شفافة، تكون، عادة، بنية اللون، تسمح بمرور أشعة الشمس أو القمر، وتؤدي، غالباً، إلى ظهور هالة حول القمر. وتكون هذه السحب، عادة، على ارتفاع من 4 – 10 كم (اُنظر صورة السمحاق الطبقي).

د. السحب الطبقية (الرهج) Stratus: وهي رمادية اللون، تنتشر في الجو على ارتفاع قريب من سطح الأرض لا يتجاوز 2 كم، وهي عبارة عن ضباب مرتفع يعطي رذاذاً خفيفاً، ولا تسقط أمطاراً، إذ إنها لم تصل إلى حد التشبع (اُنظر صورة السحب الطبقية (الرهج)).

هـ. السحاب الطبقي المتوسط Altostratus: هو سحب كثيفة، لونها أزرق، على ارتفاع من 1.5 - 6.5 كم. وتحمل هذه السحب المطر أو الثلج، وفقاً لدرجة الحرارة السائدة (اُنظر صورة السحاب الطبقي المتوسط).

و. السحب الركامية Cumulus: وهي سحب بيضاء اللون على شكل بالات القطن، ذات لون داكن في أسفلها. وتتراكم هذه السحب في الجو، كالقباب أو الجبال الصغيرة، على ارتفاع من 0.5 – 4 كم من سطح الأرض. ويشير هذا السحاب إلى الطقس الجيد (اُنظر صورة السحب الركامية).

ز. السحب المُزنية الطبقية Nimbostratus: وتظهر على هيئة كتل داكنة، على ارتفاع من 2 - 8 كم، وتعطي مطراً أو ثلجاً وفقاً للفصل، الذي تتكون فيه (اُنظر صورة السحب المزنية الطبقية).

ح. الركام المُزني Cumulonimbus: وهو سحب منتفخة، داكنة اللون، تكون، عادة، مشتقة من الركام، وتتكون على ارتفاع من 0.5 – 18 كم. وينشأ، عادة، عن هذه السحب الأمطار الغزيرة والبَرَد (اُنظر صورة الركام المزني).

وتُقسّم الأمطار، حسب طريقة سقوطها، إلى نوعين:

أ. الأمطار الطبيعية Natural Rain

وتحدث عند ارتفاع الهواء المحمل بالبخار إلى طبقات الجو العليا، حيث تتكون السّحب ويزداد حجم هذه السحب بازدياد الارتفاع، ثم تبدأ نويات الثلج الصغيرة في التكون، حول ذرات الغبار والأتربة الدقيقة أقل من 0.1 ميكرون.

وتبدأ جُزيئات بخار الماء في التكثف، حول تلك النويات الصغيرة. ويزداد حجمها ووزنها حتى تصل إلى حوالي (0.2 ـ 0.5 ملم). ويعجز الهواء عن حمل هذا الحجم من القطرات، ومن ثم تبدأ في السقوط بفعل الجاذبية على شكل قطرات من الماء. وفي كثير من الأحيان، تتبخر هذه القطرات، قبل وصولها إلى سطح الأرض. فقد وجد العلماء أن قطرة الماء، التي يبلغ قطرها 0.1 ملم، يمكنها قطع حوالي ثلاثة أمتار، أثناء هبوطها في هواء تبلغ رطوبته النسبية 90%، قبل تبخرها، بينما يمكن لقطرة الماء، التي يبلغ قطرها 0.5 ملم، أن تقطع 1980 متراً، قبل أن تتبخر.

وتُقسّم الأمطار، تبعاً لكميتها وحجم قطراتها المتساقطة، إلى:

(1) رذاذ: الأمطار التي تكون قطر قطراتها أقل من 5 ملم، ويصل معدل الكمية المتساقطة إلى 1 ملم/ ساعة.

(2) أمطار خفيفة: وفيها يزيد قطر القطرات المتساقطة عن 5 ملم، ويصل معدل كميتها المتساقطة إلى حوالي 2.5 ملم/ ساعة

(3) أمطار شديدة: وفيها يزيد قطر القطرات المتساقطة عن 5 ملم، ويزيد معدل الكمية المتساقطة عن 7.6 ملم/ ساعة.

ب. الأمطار الاصطناعية Rain Making

في كثير من الأحيان، تمر السّحب على كثير من الأراضي الجدباء، دون أن تمطر، على الرغم من الحاجة الماسة لهذه الأراضي، لقطرة واحدة من الماء. وقد دعت هذه الحاجة الإنسان إلى التفكير جدياً في استمطار السّحب، عن طريق المطر الاصطناعي.

وتعود فكرة استمطار السحب، إلى العالم الألماني فنديسن Findeisen، عام 1938، حينما رأي إمكانية مساهمة نويات الثلج المضافة للسحب، في إسقاط المطر. غير أن هذه الطريقة، لم تطبق من الناحية العملية، إلاّ في عام 1946، حينما أجرى العالم الأمريكي شيفر Scheefer، أول تجربة حقلية للمطر الاصطناعي، عن طريق رش حوالي 1.5 كجم من الثلج المجروش، عند درجة حرارة 20°م، في سحب مارة، فبدأ المطر والثلج في التساقط لمسافة 610 متر، قبل التبخر والتبدد في الهواء.

وبعد ذلك، بدأ الاهتمام بطرق استمطار السحب بالطرق الاصطناعية، فأصبحت هناك أكثر من طريقة لاستمطار المطر، منها:

(1) رش السحب الركامية المارة برذاذ الماء، بواسطة الطائرات، للمساعدة على تشبع الهواء، وسرعة تكثف بخار الماء، لإسقاط المطر. إلاّ أن هذه الطريقة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.

(2) استخدام الطائرات في رش السحب المارة ببلورات من الثلج الجاف، المكون من ثاني أكسيد الكربون المتجمد، للمساعدة على تكثف قطرات البخار

(3) رش مسحوق أيوديد الفضة، بواسطة الطائرات، للعمل كنويات صلبة، لتجميع جزيئات بخار الماء، وتكثيفها حوله، وسقوطها على هيئة أمطار.

وعلى الرغم من تزايد الاهتمام بعملية المطر الاصطناعي، إلاّ أنها لا تزال طور البحث، ولم تخرج إلى حيز التنفيذ العملي، إذ تُعد غير اقتصادية، ومكلفة.

3. مياه الأنهار

حينما تبخرت مياه البحار والمحيطات، وارتفعت في السماء مكونة السحب، وساقت الرياح هذه السحب إلى أماكن سقوط الأمطار، تكثفت قطرات البخار، وبدأت الأمطار في الهطول. جزء من هذه الأمطار ارتوت منه الأرض والنبات، وجزء سلك طريقه إلى باطن الأرض، إلى مخازن المياه الجوفية. أمّا الجزء الأخير فسقط على الجبال والمرتفعات، ثم سلك سبلاً في فجاج الأرض. وكونت هذه السّبل شعباً، ثم تجمعت في روافد، وبدأت الروافد في تكوين نهير، ثم تجمعت النهيرات لتكون أنهاراً تجري في الأرض، حيث تعد مياه الأنهار من أهم مصادر المياه العذبة في العالم.

ويكون مجرى النهر، غالباً، ما متعرجاً ليس مستقيماً، حيث تشق المياه، أثناء حركتها من منبع النهر إلى مصبه، طريقها متحاشية الأراضي المرتفعة، والعوائق الصلبة، مفضلة الأرض المنخفضة الممهدة، التي يسهل تكون السيل فيها. وأثناء هذه الرحلة من المنبع إلى المصب، التي قد تبلغ آلاف الكيلومترات، تختلط مياه النهر بتربة الأرض، التي تجري عليها، فيذوب فيها عددٌّ تجري من عناصر التربة. وتحمل معها في سيرها، ما تحمله من رواسب وطمي، مغيرة من معالم وتضاريس الأرض، التي تجري فيها حاملة الخير لكل الكائنات، صغيرها وكبيرها. وتنتهي رحلة مياه الأنهار، غالباً، عند مصب الأنهار في البحار أو المحيطات، مستكملة دورة الماء في الحياة، حيث تصب مياهها، وما تبقى فيها من رواسب وصخور، جرفتها من منابعها وأثناء سيرها (اُنظر شكل تكون الأنهار).

وغالباً ما تتجمع هذه الرواسب والصخور، بمرور مئات السنين، عند مصبات الأنهار لتكون يابسة تسمى دلتا الأنهار، كما هو الحال في دلتا النيل بمصر، والتي كانت يوماً ما جزءاً من البحر الأبيض المتوسط، وقد تكونت بفضل نهر النيل، أطول أنهار العالم، إذ يبلغ طوله حوالي 6600 كم، ويجري في شمال أفريقيا، من وسطها إلى شمالها، ويصب في البحر الأبيض (اُنظر صورة دلتا نهر النيل). ويليه في الطول نهر الأمازون، الذي يجري في أمريكا الجنوبية من الغرب إلى الشرق، ويصل طوله إلى حوالي 6240 كم.

ويحتوي ماء الأنهار على كميات مختلفة، من المواد الذائبة والصلبة الموجودة في التربة، نتيجة جريان الماء في تلك الأنهار. وتُقدر كمية الرواسب والصخور والطمي، التي تقذف بها الأنهار في البحار والمحيطات، عند مصبات هذه الأنهار، بحوالي 17 ألف مليون طن، منها أربعة آلاف مليون طن من العناصر الذائبة، وثلاثة عشر ألف مليون في حالة ترسيبات من مياه هذه الأنهار، في البحار والمحيطات. إلاّ أنه مع زيادة عدد السكان في العصر الحديث، وازدياد الطلب على الماء العذب، بدأ الإنسان في نصب السدود والحواجز والقناطر على الأنهار، لتخزين مياهها والتحكم في مستوى جريان النهر، وتغيير مجاري بعضها في بعض الحالات، لاستصلاح أراضٍ جديدة.

غير أن بناء السدود على مجاري الأنهار، تسبب في تقليل سرعة الماء وترسيب ما تحمله من طمي ورواسب وراء تلك السدود، وحرمان الأراضي والأماكن، التي كانت في حاجة إليها منها. وعلى الرغم من هذه المساوئ فإن هذه السدود حمت البلدان من الجفاف، وساعدت على استصلاح الأراضي لزراعتها. كما أمكن، في كثير من الأحيان، استخدام هذه السدود في توليد الطاقة، لاستخدامها في خير الإنسان ورفاهيته. (اُنظر جدول قائمة بأطول أنهار العالم، ومساحة أحواضها، وتصرف مياهها)