إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / المياه




هنري كافينديش
آثار الأمطار الحمضية
أرنست روثرفورد
الأمواج الناتجة عن الرياح
النيل الأزرق
التلوث الكيميائي
التلوث الفيزيائي
الركام المزني
السمحاق الركامي
السمحاق الطبقي
الطخاء أو السمحاق
السحاب الطبقي المتوسط
السحب المزنية الطبقية
السحب الركامية
السحب الطبقية (الرهج)
الكرة الأرضية
بحيرة ماء عذب
تخزين النفايات الصناعية
بريستلي وشيلا
دلتا نهر النيل
خاصية التوتر السطحي
صور الماء المختلفة

منسوب الماء
الأمطار الحمضية
المد والجزر
المياه الجوفية
المياه الجوفية
المدارات الإلكترونية
التركيب الذري للهيدروجين
التركيب الذري للأكسجين
الجبال الجليدية
اندفاع المياه الجوفية من العين
الرابطة التساهمية
السحاب الناتج عن عملية النتح
السحب من البخر والنتح
تلوث الأنهار
تلوث المياه والأمطار الحمضية
تجاذب جزئي الماء
ترابط جزيئات الماء
تركيب الذرة
تركيب جزيء الماء
تركيز أيونات الهيدروجين
تكون الأنهار
جهاز قياس الأس الهيدروجيني
دورة الماء
حركة الأمواج
عملية البناء الضوئي
ذوبان ملح الطعام في الماء
قاع المحيط




مقدمة

ثالثاً: ماء البحيرات والمياه الجوفية

1. ماء البحيرات

لا تقتصر المسطحات المائية على سطح الكرة الأرضية، على البحار والمحيطات والأنهار فقط، فهناك البحيرات العذبة والمالحة، التي تمثل مصدراً ليس بالقليل من مصادر المياه، فوق الأرض. والبحيرات عبارة عن مسطحات مائية تحاط باليابس من جميع الجوانب. وقد نشأت هذه البحيرات، من تجمع المياه في الأراضي المنخفضة المحصورة بين أراضٍ مرتفعة.

ويختلف مصدر هذه المياه المتجمعة، فمنها ما هو نتيجة تجمع مياه السيول والأمطار، أو مصبات الأنهار، وفي هذه الحالة تعد البحيرة، مصدراً مهماً للمياه العذبة. ومثال لهذه البحيرات بحيرة فيكتوريا في المنطقة الاستوائية في أفريقيا بأوغندا، التي تُعد من منابع نهر النيل، وثالث أكبر بحيرة في العالم، وأكبر بحيرة مياه عذبة، حيث تبلغ مساحتها 69490 كم3.

وقد تكون البحيرة في مناطق جافة، ذات معدلات بخر عالية، مما يزيد نسبة الملوحة بها بعد فترة. أو تكون البحيرة متصلة بمياه البحر، عن طريق مضايق وبواغيز، لتصبح بحيرة مياه مالحة. ومن أمثلة البحيرات المالحة، بحيرات المنزلة والبردويل والبرلس في مصر، قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث تستقبل ماءها من مياهه.

وقد تزداد البحيرات المالحة في المساحة، حتى يطلق عليها في بعض الأحيان اسم بحار، مثل بحر قزوين، الذي يقع في غربي آسيا، ويُعد من أكبر بحيرات العالم من حيث مساحته، التي تقدر بحوالي 373 ألف كم3، وكذلك البحر الميت.

وعلى الرغم من أن معظم البحيرات في العالم، تعد من البحيرات الطبيعية، التي تكونت بفعل تجمُّع المياه في الأراضي المنخفضة، دون تدخل من الإنسان، إلاّ أن هناك البحيرات الصناعية التي أنشأها الإنسان للعديد من الأغراض، وتتباين هذه البحيرات تبعاً للغرض من إنشائها. فبحيرة السد التي تعد مخزوناً للمياه العذبة خلف السد العالي في مصر، تمتد جنوباً بطول حوالي 550 كم، وبعرض متوسط 10 كم، ويقع حوالي 200 كم من البحيرة داخل الحدود السودانية، وحوالي 350 كم داخل الأراضي المصرية. كذلك، هناك العديد من البحيرات الصناعية الأخرى في العالم، التي أنشئت لأغراض مثل ممارسة الرياضات المائية، أو الترفيه، أو تربية الأسماك. وتختلف مساحات هذه البحيرات، تبعاً للغرض من إنشائها.

2. المياه الجوفية

]وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ[ w (سورة المؤمنون، الآية 18).

بعد هطول الأمطار، يسلك جزء من مائها سبلاً فوق ظاهر الأرض، لتتجمع في الأنهار، بينما تتشرب مسام الأرض وشقوقها الكثير منها، حيث تتجمع تلك المياه في باطن الأرض، فوق طبقة من الأرض صماء، لا تسمح لهذه المياه بالانسياب من خلالها، فتتكون أحواض مائية في باطن الأرض، تسمى بالطبقة الحاملة أو المخزون الجوفي Aquifer (اُنظر شكل المياه الجوفية).

ولا تعد مياه الأمطار المصدر الوحيد للمياه الجوفية، فهناك مصادر أخرى لها من خلال تسرب المياه من البحيرات أو الأنهار القريبة، لكي تتجمع في تلك الأحواض في باطن الأرض. وتظل هذه المياه محبوسة في باطن الأرض، لا يمكن الوصول إليها، أو الاستفادة منها، إلاّ عن طريق حفر الآبار.

وقد تكون هذه المياه قريبة من سطح الأرض، فيستطيع الإنسان حفر الآبار للوصول إليها. وقد تكون بعيدة في باطن الأرض، فيضطر الإنسان إلى الوصول إليها عن طريق آلات الحفر العميقة، كما هو معروف في الآبار الارتوازية.

وقديماً ارتبط وجود الإنسان في أي أرض، بوجود المياه العذبة، التي يسكن بجانبها ويقيم حضارته. فإذا قلت مصادر المياه ارتحل عنها، وبدأ في البحث عن مصدر آخر للمياه، خاصة في المناطق البعيدة عن الأنهار، أو المناطق الجافة والصحراوية. وقد سجل التاريخ عن القدماء المصريين والصينيين، بحثهم عن مصادر المياه العذبة، عن طريق حفر آبار عميقة للحصول عليها. ففي سنة 2100 قبل الميلاد، وفي عصر الأسرة الحادية عشرة، كلف أحد قواد فرعون مصر أمنحتب، حوالي ثلاثة آلاف جندي بحفر 14 بئراً للمياه العذبة. ولكن البحث عن المياه الجوفية، الآن، أصبح متيسراً عن ذي قبل، بسبب ثورة المعلومات، وتطور الآلات. فاستطاع الإنسان تحديد أماكن الآبار الجوفية، عن طريق وسائل الاستشعار عن بعد Remote Sensing.

وقد استطاع العلم الحديث، تحديد كمية المياه الجوفية العذبة في العالم، وتقدير كمياتها، التي تعد أكبر بكثير، من تلك المتوافرة فوق سطح الأرض. فالمياه الجوفية تمثل ما يقرب من 98%، من مجموع المياه العذبة في العالم، إذا ما استثنيا الجبال الجليدية، بينما لا تزيد المياه العذبة، الممثلة في الأنهار والبحيرات العذبة والجداول والسحب الموجودة في الغلاف الجوي، عن 2%. كما تمثل المياه الجوفية، أيضاً، ما يقرب من 0.6% من مجموع المياه الموجودة على الكرة الأرضية، متضمنة مياهاً عذبة وأخرى مالحة.

وقد تكون المياه الجوفية متجددة وجارية تحت سطح الأرض، مكونة شبكة من المجاري والأنهار الجارية تحت سطح الأرض. وفي هذه الحالة، فإن هذه المياه تحافظ على منسوبها على الرغم من الأخذ المستمر منها. وتحافظ هذه المياه على منسوبها، وتتجدد باستمرار عن طريق مياه الأمطار، التي تسقط على هذه المناطق بصفة دائمة، أو عن طريق مياه الأنهار والبحيرات، التي تتخلل التربة وتصل إلى هذه المياه الجوفية. وقد تكون المياه الجوفية غير متجددة، لذا فإنّ منسوبها يقل بالأخذ باستمرار منها، وهي، غالباً، مياه جوفية تجمعت في باطن الأرض في قرون سابقة، خلال عصور ممطرة، إلاّ أن أنها غير متصلة بمنابع متجددة من المياه. وكثيرا ما تكون هذه المياه ذات صفات مميزة عن بقية المياه الجوفية، نتيجة وجودها في باطن الأرض منذ أزمان عديدة. وقد تتميز هذه المياه، في بعض الأحيان، بارتفاع درجة حرارتها عن مثيلاتها، وزيادة ما تحتويه من أملاح وغازات ذائبة.

وفي بعض الأحيان، لا تحتاج المياه الجوفية حفر الآبار لظهورها، فقد تتفجر على هيئة عيون وينابيع، نتيجة لزيادة الضغط عليها في باطن الأرض، وضعف القشرة الأرضية في هذا المكان. وقد تتدفق المياه من العين على هيئة نافورة، نتيجة زيادة الضغط المتولد على هذه المياه (اُنظر شكل اندفاع المياه الجوفية من العين)، أو يقل الضغط فتسيل المياه المتدفقة على سطح الأرض، في مجارٍ تنحتها وتشقها هذه المياه. وقد تكون مياه هذه الينابيع ساخنة، مستمدة حرارتها من تلك الموجودة في باطن الأرض، أو نتيجة قربها من أماكن ذات أنشطة بركانية. أو تكون باردة، نتيجة خروجها من طبقات قريبة من سطح الأرض.

أ. المياه المعدنية

تُعدّ مياه العيون والينابيع، مثل مياه الآبار في التكون والنشأة والمواصفات. فنتيجة مرور مياه الأمطار، أو مصادر هذه المياه، من خلال مسام التربة، تُرشّح لها مما تحويه من شوائب وعوالق بيولوجية، وغير بيولوجية. كما أنها أثناء مرورها في طبقات التربة تُذيب العديد من الأملاح والعناصر الموجودة في التربة، مما يكسبها محتوى غير قليل من هذه الأملاح. لذا، يطلق عليها في بعض الأحيان "المياه المعدنية". وفي كثير من الأحيان استُغلت هذه المياه، الاستغلال التجاري الأمثل، فحللت بعض الشركات هذه المياه، لمعرفة محتواها الكيميائي والبكتري، ثم أعدّت الدعاية اللازمة لها، وعبأتها في زجاجات وباعتها. وقد أُنتجت أول زجاجة مياه معدنية في فرنسا عام 1968م، وكانت معبأة، آنذاك، في زجاجة بلاستيكية.

ب. المياه العلاجية "المياه الشافية"

منذ قديم الأزل عرفت الإنسانية بعض الصفات الشافية للماء. ولكن من الصعوبة تحديد متى بدأ الإنسان ارتياد هذه المياه، ومتى اكتشف القدرة الشفائية لبعض العيون.

فمنذ العصر الحجري الحديث، ومنذ حوالي أكثر من 4 آلاف عام، أخذ الناس في الذهاب إلى بعض ينابيع المياه، والاغتسال بها، معتقدين قدرة تلك المياه على تخفيف آلامهم وسرعة التئام جراحهم. واعتمدت معرفة خصائص المياه الشافية قديماً، على قوة الملاحظة والخبرة الجيدة. ثم انتقلت تلك المعرفة، من جيل إلى الجيل الذي يليه. وقد أوضحت الدراسات العلمية الحديثة، أن تلك المياه تختلف عن مثيلاتها في المحتوى الكيميائي والمعدني، إلاّ أن تلك الدراسات لم توضح بعد، كيف اختلفت مكونات هذه المياه عن مثيلاتها. ويعتقد البعض أن هذه المياه، التي لها صفات علاجية، قد تكوّنت مثل أي مياه جوفية، حيث بدأت كمطر أو جليد أو ندى أو نهر، ثم تسربت هذه المياه إلى باطن الأرض. وكلما زاد طول جريان الماء وتسربه خلال باطن الأرض، زادت نسبة المعادن والأملاح، التي تذوب فيه. فعلى سبيل المثال، عين المياه العلاجية في كارلوفي فاري Karlovy Vary، في جمهورية التشيك، تقذف إلى سطح الأرض سنوياً ما يقرب من 10 طن من سلفات الصوديوم، و12.5 طناً من فلوريد الكالسيوم.

غير أن معرفة الرحلة، التي استغرقتها قطرة الماء منذ نشأتها حتى تتفجر من خلال هذه العيون، يعد من الصعوبة بمكان، حيث يتطلب ذلك تصوير مجرى تلك القطرة في باطن الأرض، بأشعة إكس "الأشعة السينية". ومؤخراً عُرَّف طول الرحلة، التي استغرقتها المياه في رحلتها تحت الأرض، في بعض ينابيع المياه العلاجية في سويسرا، باستخدام العنصر المشع الطبيعي (الأرجون ـ 39)، وقد استغرقت هذه الرحلة، ما يقرب من عشرة آلاف سنة تحت سطح الأرض، قبل تدفقها من هذه العين العلاجية. ويُعتقد أن هذه المياه تسربت إلى باطن الأرض، في صورة أمطار أو ثلوج ذائبة، في العصر الجليدي الأخير، حينما كانت أوروبا مغطاة جزئياً بالجليد. كما بينّت الأبحاث، التي أُجريت باستخدام الهيدروجين المشع "التريتيوم"، أن هذه المياه قد تسربت إلى باطن الأرض في درجة حرارة تقترب من نقطة التجمد.

ولا تُعدّ مياه هذا الينبوع من أقدم مياه الينابيع في العالم، فهناك مياه ينابيع علاجية، تضرب جذورها في أعماق التاريخ. وكل مياه ينبوع لها تاريخها الخاص، ومميزاتها ومكوناتها المعدنية، التي تختلف وتتباين عن غيرها مثل بصمة الإنسان. فبعض هذه المياه تكونت منذ زمن بعيد، أثناء تكون كوكب الأرض، حينما تمكنت كميات من مياه الأنهار والبحار والأمطار المتدفقة، آنذاك، من التسرب إلى باطن الأرض. وبقيت منذ ذلك الحين، وتشبعت بالأملاح المعدنية، والعناصر الكيميائية، مثل تلك المياه المالحة، التي تغذي ينابيع المياه المالحة Battaglia Terme، بالقرب من Padova في إيطاليا. وتلك التي توجد فيGmunden، في النمسا، حيث يقدر عمر هذه المياه، بحوالي 250 مليون عام.

وعلى الرغم من تقدم الطب الحديث، فهو لا يستطيع تجاهل التأثيرات العلاجية لهذه المياه، التي جرت ملاحظتها منذ قديم الأزل. فيحكي التاريخ عن هيبوقراط أبو الطب، الذي مارس الطب قبل الميلاد، عن وصفه حمّامات الشفاء، بأنها جزء من العلاج.

وقد انتشرت حمّامات العلاج في أوروبا في العصور الوسطى، بين الفقراء، الذين ليس لديهم القدرة على دفع نفقات العلاج، غير أنها بدأت في الأفول بعد أن ثبت مساعدة هذه الحمّامات في انتشار الكثير من الأمراض المعدية، مثل الطاعون والزهري.

وفي أوائل القرن العشرين، خضعت مياه بعض الآبار العلاجية لتحاليل كيميائية دقيقة، لإدراك الفرق بين طبيعة مياهها، ومياه الآبار العادية. وقد كُشف عن وجود بعض الفروق في المحتوى الكيميائي لبعض الآبار وعدم وجود أي فرق في الأملاح الذائبة في البعض الآخر. إلاّ أن ذلك لم يكن كافياً، حيث عزا العلماء البولنديون في عام 1945م القدرة العلاجية، لمياه بعض الينابيع العلاجية إلى وجود بعض الأنشطة الإشعاعية لهذه الآبار. ولكن هناك رأياً آخر، يرى أن عديد من الآبار والينابيع، التي كان لها مقدرة علاجية فقدت هذه المقدرة الآن، بفعل التحلل الكيميائي الذي حدث لهذه المياه، مما انحدر بها إلى مستوى مياه الآبار غير المعدنية. كما أن هناك رأياً علمياً آخذاً في التزايد، يرى أن ربط الصفات الكيميائية للمياه بقدرتها العلاجية، وجهة نظر قاصرة، ذلك أن الصفات العلاجية للماء، يمكن أن تعزى إلى خصائص خاصة في التركيب الداخلي لجزيئات تلك المياه العلاجية، التي تمكنها من أداء دورها العلاجي.

على الرغم من كل هذه الآراء المتباينة، بشأن المياه العلاجية، لا تزال العديد من العيون والآبار والينابيع العلاجية، تحتفظ برونقها ومقدرتها الفائقة وخواصها المميزة حتى الآن، مثل عيون موسى في شبه جزيرة سيناء بمصر، والعيون الكبريتية بضاحية حلوان في مصر. كما أن أشهر عيون المياه المعدنية على الإطلاق، التي تحظى بمنزلة خاصة في نفوس المسلمين، هي "عين زمزم" المباركة، التي قال الرسول r في وصف مائها ]ماء زمزم لما شرب له[ (مسند أحمد: 14320).