إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الأرقام





لوحة الأعداد
وثيقة اكتشفت في العراق
أقدم الأرقام العربية
الرسوم المختلفة للصفر
الزوايا في الأرقام العربية
العصا الإنجليزية
استخدام الأصابع في العدّ
عد النقود




الفصل الثالث

سابعاً: انتقال الأرقام إلى أوروبا

    من العجيب ان الأوروبيين لم يتمكنوا من استعمال هذه الأرقام إلا بعد انقضاء قرون عديدة من إطلاعهم عليها، أي أنه لم يعم استعمالها في أوروبا والعالم إلاّ في أواخر القرن السادس عشر للميلاد، وطغى على كل النظم القديمة، التي ظلَّت مستخدمة ألفي سنة. والحقيقة أن هذا الانتقال لم يكن فجائياً، ولكنه استغرق قروناً طويلة. وكان جيربرت، الذي صار بابا الفاتيكان باسم سيلف ستروس الثاني[4]، هو أول من نشر الأرقام العربية في أوروبا.

    تُرجمت مؤلفات الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية، وأطلق اسمه على الحساب بالأرقام العربية، وسُمي هذا الحساب بالجورزم Algorism، نسبة إلى الخوارزمي ثم أوجريمAugrim . ثم قدم عدد من طلاب العلم الأوروبيين إلى الأندلس، خلال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر، لدراسة علوم العرب. ومن بين هؤلاء الطلاب، الطالبان الإنجليزيان روبرت الشستري Robert Chester، وأثلارد الباثي Athelard of Path، إذ ترجم كل منهما مؤلفات الخوارزمي، مما عمل على تعريف أوروبا بالأرقام العربية. أما صاحب أكبر انجاز في نشر الأرقام العربية، في أوروبا، فهو ليونارد فيبوناكي [5]Leonardo Febonacci، صاحب كتاب "كتاب الحساب Liber Arabic" عام 1202م. يلي ذلك ظهور كتاب "Algorismos" أي "الحساب الخوارزمي" لمؤلفه جون هاليناكس John Halifax، المشهور باسم "ساكرو بوسكو "Sacrobosco حوالي عام 1250م.

    وهكذا انتشر استعمال الأرقام العربية من خلال كتابات هؤلاء الباحثين، السابق ذكرهم، إلا أن من الراجح أنه كان للمعاملات التجارية أثر بالغ في انتشار هذه الأرقام، والتي أخذت أشكالاً متنوعة كثيرة، يختلف بعضها عما هو مستخدم أيضاً، ولكن اختراع الطباعة أدى إلى توحيد أشكالها، وبقيت منذ ذلك الحين دون تغيير يذكر. وقد استغرق الانتقال إلى الأرقام الجديدة عدة قرون، إذ استمرت عادة استعمال الأرقام الرومانية، وأصر عليها كثير من المتعصبين، الذين أطلقوا على أنصار الأرقام العربية اسم "الخوارزميين "Algorismists، الذين كان أغلبهم من التجار". واستمر الصراع بين الفريقين إلى قرب نهاية القرن الخامس عشر الميلادي. وفي بعض الأماكن صدرت قرارات بتحريم استعمال الأرقام العربية في أي مستند أو مكاتبات رسمية، ومع ذلك، فقد ظل استعمالها سارياً بشكل خفي، وكان التجار جميعاً يستخدمون الحساب العربي كنظام سري بينهم. ولا يمكن تحديد يوم معين لانتصار اتخاذ النظام الحسابي العربي، ولكن في أوائل القرن السادس عشر استقر النظام الحسابي العربي بصورة شاملة. وبعد ذلك بنحو قرن من الزمان، طغى النسيان تماماً على المعداد الأوروبي القديم وأنصاره، وعلى الأعداد الرومانية، ومن أمثلة ذلك أن النظام العددي العربي كان يسمى، في ألمانيا النظام الألماني لتمييزه عن النظام الروماني، الذي اعتبروه نظاماً أجنبياً دخيلاً عليهم. وأما بالنسبة للمعداد نفسه، فلم توجد له آثار في أوروبا خلال القرن الثامن عشر. وحدث في القرن التاسع عشر أن وقع أحد القادة الفرنسيين، من قادة نابليون بونابرت في الأسر في روسيا، وظل هناك عدة سنوات. ولدى عودته إلى فرنسا أحضر معه بعض التحف منها معداد روسي، وظل هذا المعداد مثار دهشة وتعجب.

    هكذا أخذ الأوروبيون الأعداد العربية، وأهمها الصفر الذي لا يزال يحتفظ بتسميته ذاتها في لغاتهم، إذ كان في البداية Cipher وChiffre، ثم في مطلع القرن الثالث عشر سُمي باللاتينية Zephirum، ومنها الإيطالية Zero، والألمانية Cifra وإلى جانب الصفر، أخذ الأوروبيون عن العرب منازل الأرقام، وهي الخانات، الآحاد والعشرات والمئات، وهلم جرا. وظل الصفر بالنسبة للأوروبيين سراً غامضاً أتى إليهم من الشرق، لا معنى له بمفرده، لأنه لا شيء، ولكنه، في الوقت نفسه لديه قوة سحرية، لأنه ينقل الرقم من الواحد إلى العشرة أو المائة أو الألف، وفي الوقت نفسه، يمكنه أن يتعامل مع عمليات الحساب جميعها، كالجمع والطرح والضرب والقسمة. وبقي الصفر حديث الساعة، وموضوعاً للجدل، بين الأوروبيين، على مدى القرن السادس عشر. وكان تفهّم الناس لمعنى الخانات، وقيمة الأرقام في العشرات والمئات أكبر مشكلة تواجه الراغبين في تعلم الأرقام العربية، وركّزت عشرات من كتب الحساب جهودها لإفهام الناس معنى الخانات، وطرق استخدام تلك الأرقام.

    وهناك منظومة ألمانية، من شعر العصور الوسطى، تبين أهمية موقع الصفر، والصعوبة التي واجهها الناس، في تلك الفترة، وكانت تلك المنظومة يتم تلقينها للدارسين، ويُطالبون بحفظها، وهي كالتالي:

تُنطق كلها دون لبــس

الأرقــام تسعة فاحترس

أنا الصفر لا يُنطق بـي

ولكن انتبه أيضاً لـــي

لي قيمة في المعاملـة

دائرة مستديرة متكاملــة

أُصبح عشرة أمثالــه

إن أضفتني إلى يُمنى عدد

فتتضح الأعداد وتستقيم

وبي تستطيع الترقيـــم

    وفي تعليق منقول عن ترجمة لكتاب الخوارزمي باللغة اللاتينية، يرجع إلى عام 1200م:

    "إن الله يتمثَّل في ذلك الصفر، الذي لا نهاية له ولا بداية. وكما لا يمكن للصفر أن يتضاعف أو ينقسم، كذلك الله لا يزيد ولا ينقص. وكما أن الصفر يجعل من الواحد الصحيح عشرة، إن وضع على يمينه، كذلك فإن الله يضاعف كل شيء آلاف المرات، والواقع، إنه يخلق كل شيء من العدم، ويبقيه، إن شاء، ويسيِّره".

ثامناً: العرب والكسور

1. الكسور العشرية

    من الأمور المسلَّم بها أن علماء العرب هم الذين ابتدعوا الكسور العشرية، فكان أبو الحسن أحمد بن إبراهيم الإقليدس، هو أول من وضع الكسور العشرية، وكان يكتبها عبارة عن شَرطة تفصل الأرقام الصحيحة عن الكسرية، وذلك في عام 341 هجرية (953 ميلادية). ولكن الذي أبرزها ونشر استخدامها فهو العالم الرياضي المسلم جمشيد بن محمود غياث الدين الكاشي (المتوفي عام 839 هجرية ـ 1436 ميلادية)، والذي ترك كتاباً يسمى "الرسالة المحيطية"، توصَّل فيه إلى معرفة النسبة بين محيط الدائرة، وقطرها، وهي ما يطلق عليها "ط"، بالكسر العشري، مقربة لستة عشر رقماً عشرياً كالآتي: 2ط= 6.283185071795865 ولم يسبقه أحد في إيجاد هذه النسبة بهذه الدقة المتناهية. ولقد ادعى الغربيون، تعصَّباً، أن العالم الأوروبي ستيفن، هو مبتكر الكسر العشري، رغم أن ستيفن هذا أتى بعد الكاشي بنحو 175 سنة.

    وكذلك أدخل الكاشي، في كتابه "مفتاح الحساب"، فصولاً في الكسور الستينية والعشرية واستعمالها. ويوجد من هذا الكتاب عدة مخطوطات. وفي مستهل المخطوطة، وعلى الصفحة الخامسة منها، يذكر الكاشي أنه قد اخترع الكسور العشرية ليسهل الحساب على الذين يجهلون الطريقة الستينية ويذكر في الباب السادس، من المقالة الثالثة، من كتابه مفتاح الحساب، اختراعه للكسور العشرية، وطريقة تحويل الكسور العشرية إلى الستينية، وبالعكس. حيث يقول:

    "الباب السادس في تحويل الأرقام الستينية إلى الهندية، وبالعكس، صحاحاً وكسوراً، وتحويل كسورها إلى مخرج آخر، ومعرفة الكسور التي وضعناها على قياس الكسور الستينية. ولنقدِّم هذا لما استخرجنا نسبة المحيط إلى القطر في رسالتنا المسماة بالمحيطية، وبلغنا الكسور إلى التاسعة، أردنا أن نحولها إلى الرقوم الهندية، لئلا يعجز المحاسب، الذي لم يعرف حساب المنجمين. أخذنا كسر المحيط، من مخرج عشرة آلاف مكررَّة خمس مرات، وهذا عدد مجرد؛ فكأننا قسمنا الواحد الصحيح عشرة أقسام، وقسمنا كل عشرة أقسام، ثم كل قسم منها عشرة أقسام، وهكذا بالغاً ما بلغ؛ فسمينا الأقسام الأولى أعشاراً لكونها كذلك، والثانية ثاني الأعشار، والثالثة ثالث الأعشار. وهكذا بالغاً ما بلغ، ليكون مراتب الكسور والصحاح على نسبة واحدة، على قياس المنجمين، وسميناها بالكسور الأعشارية".

2. العمليات الحسابية، وطرق إجرائها عند العرب

    أتى العرب بطرق جديدة، وأسلوب خاص، في إجراء العمليات الحسابية، منها ما يصلح للتعليم في المراحل الأولية، ومنها ما يصلح لأبعد من ذلك.

    توصل علماء العرب إلى طريقة جديدة، في أسلوب سهل ومتميز، في عملية الجمع، فقد وضعوا الآحاد فوق بعض والعشرات فوق بعض.. الخ، ثم جمعوا الآحاد مع بعضها، ووضعوا المحفوظ في سطر خاص تحت العشرات، وكذلك مع المئات، والآلاف، كالمثال التالي:

                   44568

                    9423

                    15087

                    1111           المحفوظات

                    69078          المجموع

    أما الطرح، ويسمونه التفريق، فقد اتبعوا فيه طريقة وضع المنقوص منه تحت المنقوص، ثم تدوين الباقي، ثم بدَّلوا الأوضاع فجعلوا المنقوص تحت المنقوص منه، ثم تدوين الباقي مثال:

                   6453                    المنقوص

                    258737                المنقوص منه

                    252284                الباقي

    أما الضرب، فقد استعمل العرب طرقاً عديدة ومختلفة، في بعضها طرافة وابتكار، يمكن للمعلمين أن يستفيدوا منه وأن يستعملوه في تدريس الحساب للصفوف الابتدائية. ولعل طريقة (الشبكة) من أطرفها وأمتعها، وهي مذكورة في كتاب "الخلاصة" لبهاء الدين العاملي، وفيها تُقسَّم ورقة أو لوح الكتابة إلى مربعات تشبه لوح الشطرنج، وتوصَّل الأقطار. وكمثال على ذلك لضرب 527 × 432، نتبع الخطوات التالية:

    نرسم مستطيلاً، ونكتب العدد 527 فوق المستطيل، والعدد 432 على جانبه، ثم نضرب الأرقام بعضها في بعض، نضرب أول رقم من جانب المستطيل في أرقام العدد الذي يعلوه، ثم ثاني رقم، ثم الثالث، ونضع حواصل الضرب في مربعات في صفوف، ثم نجمع الأعداد، فينتج حاصل الضرب وهو 227664.

    وتوجد طرق أخرى، غير هذه الطريقة، في بعضها صعوبة، ولكنها لا تخلو من متاع للذين يهتمون بالرياضيات.

    أما القسمة، فكان للعرب طرق متنوعة لإجرائها، فيها تفنن وإبداع، تدل على المدى، الذي وصل إليه العقل العربي في التلاعب بقوانين الضرب والجمع والقسمة. وقد عُثر على مخطوطة قيمة في عام 1971 في لندن، توضح الطريقة التي استعملها المسلمون، وهي أقدم طريقة للقسمة المطولة عُرفت في الدول الإسلامية، ومن أمثلتها:

اقسم 17568 على 472، ولإجرائها نقسم صفحة من الورق إلى أعمدة عددها مساوٍ لعدد الأرقام في العدد المراد قسمته، ويُكتب العدد المراد قسمته في أعلى الصفحة، ويُكتب المقسوم عليه في أسفلها، وذلك بجعل الرقم الأول لكل عدد في الجهة اليسرى في الورقة. فإذا أخذنا في ذلك الجهة اليمنى من الورقة نجد أن ناتج قسمة 1 على 4 هو صفر، لذلك فإن الرقم الأول في المقسوم هو صفر يُكتب تحت آخر رقم من المقسوم عليه. ثم نقسم 17 على 4  ونختار ال 3، ولذلك نكتب ال 3 تحت الرقم الأخير من المقسوم عليه، ثم نضرب 3×4= 12، نضعها تحت 17 في المقسوم، ثم نطرح، فيتبقى لنا 5568، ثم نضرب 3×7= 21، ونضعها تحت 55 ونطرح، يتبقى لنا 3468، ثم نضرب 3×2= 6 ونضعها تحت 6، ثم نطرح فنحصل على 3408، وتتكرر العملية ذاتها، أي بقسمة العدد 3408 على 472 يكون الناتج 37 والباقي 104، وهو موضح في الشكل التالي:

1
1

7
2

5

6

8

 

5
2

5
1

6

8

 

3

4

6
6

8

 

3
2

4
8

0

8

 

 

6
4

0
9

8

 

 

1

1
1

8
4

 

 

1

0

4

 

 

4

7

2

 

 

0

3

7

تاسعاً: النسبة والتناسب

    توسع العرب في بحوث النسبة، وقالوا بأنها على ثلاثة أنواع: العددية والهندية والتأليفية، وأبانوا كيفية استخراج الأنغام والألحان من الأخيرة. وكذلك أجادوا في موضوعات التناسب، وكيفية استخراج المجهول بوساطتها، وذكروا بعض خواص النسبة فيما يتعلق بالأبعاد والأثقال من العجائب ما يثير الدهشة، مثل قولهم، كما جاء في رسائل إخوان الصفا:

    "ومن ذلك ما يظهر في ميزان القباني، وذلك أن أحد رأسي عمود القبان طويل، بعيد عن المعلاق ـ أي عن نقطة الارتكاز ـ والآخر قصير قريب منه، فإذا عُلَّق على رأسه الطويل ثقل قليل، وعلى رأسه القصير ثقل كثير تساويا وتوازيا، متى كانت نسبة الثقل القليل إلى الثقل الكبير كنسبة بُعد رأس القصير إلى بُعد رأس الطويل من المعلاق. ومن ذلك أيضاً ما يظهر في ظل الأشخاص من التناسب بينها، وذلك أن كل شخص مستوي القد منتصب القوام، فإن له ظلاً، وأن نسبة طول ذلك الشخص إلى طول قامته في جميع الأوقات، كنسبة جيب الارتفاع في ذلك إلى جيب تمام الارتفاع سواء[6]، وهذا لا يعرفه إلا المهندسون، أو أساتذة الرياضيات. وذلك يظهر، كذلك، في الأجسام الطافية فوق الماء، والتناسب بين أثقالها، ومقعر أجرامها في الماء. وذلك أن كل جسم يطفو فوق الماء فإن مكانه المقعَّر يسع من الماء بمقدار وزنه سواء، فإن كل ذلك الجسم لا يسع مقعره بوزنه من الماء سواء فإن ذلك الجسم يغوص في الماء، ولا يطفو، وإن كان ذلك المقعر يسع بوزنه من الماء سواء، فإن الجسم لا يغوص، ولا يبرز فوق الماء، بل يبقى سطحه مستوياً مع سطح الماء سواء، ومن ذلك أن كل جسمين طافيين فوق الماء، فإن نسبة سعة مقعَّر أحدهما إلى الآخر كنسبة ثقل أحدهما إلى الآخر سواء.

    وبحث العرب استخراج المجهولات، وبرعوا في الطرق التي اتبعوها لذلك، فقالوا باستخراج المجهولات بالأربعة المتناسبة، وبحساب الخطأين، وبطريقة التحليل والتعاكس، وبطريقة الجبر والمقابلة، وكانوا يكثرون من الأمثلة والتمارين في مؤلفاتهم، ومن أمثلة حساب الخطأين:

مسألة: "إذا قيل لك مال جُمع ثُلثه وربعه فكان واحداً وعشرين" وجاء الحل على الصورة الآتية:

ضع الواحد والعشرين على القبة، واتخذ إحدى الكفتين من 12 والثانية من 24، هكذا

الكفة الأولى                   الكفة الثانية

- ثم قابل الجزء من الاثني عشر بها على القبة {إذا فرضت المال 12 فإن ثلثه وربعه= 7}

- تجد الفضل بينهما {أي بين 7 و 21} أربعة عشر ضعها تحت الكفة الأولى.

- ثم افعل ذلك في الكفة الثانية تجد الفضل بينهما 7، ضعها تحت الكفة الثانية.(21-14=7)

- ثم اضرب فضل الكفة الأولى وهو 14 في الكفة الثانية يخرج لك 336، احفظه، (14×24=336)

-  ثم اضرب فضل الكفة الثانية وهو 7 فيما في الكفة الأولى يخرج لك 84،(7×12=84)

- اطرحها من المحفوظ يتبقى 252،(336-84=252)

- اقسم على 7 وهو الفرق بين فضل الكفة الأولى والثانية(14-7=7)، يخرج لك 36 وهو العدد المجهول".(252÷7=36)

ويمكن التوضيح بشكل آخر:

أي أنك إذا فرضت المال 12 فإن 1/3 × 12   +   1/4 × 12 =7

                    12 - 7 = 14 تضعه في أسفل الكفة اليمنى

ثم تفرض المال 24 فإن 1/3 × 24   +    1/4 × 24   =    14

                    21 - 14 = 7  تضعه في أسفل الكفة اليسرى

ولإيجاد المال نجري العمل هكذا (14×24-7×12)  ÷  (14-7)  =  36 وهو المطلوب.

أما طريقة استخراج المجهولات بطريقة التحليل والتعاكس، فهي "العمل بعكس ما أعطاه السائل، فإن ضعف فنصِّف، وإن زاد فانقص، أو ضرب فاقسم، أو جذَّر فربِّع، أو عكس فاعكس، مبتدئاً من آخر السؤال ليخرج الجواب مثال: لو قيل إن عدداً ضُرب في نفسه، وزيد على الحاصل اثنان وضعف، وزيد على الحاصل ثلاثة دراهم وقُسم المجموع على خمسة، وضرب الخارج في عشرة حصل خمسون".

نقسم الخمسين على 10 ينتج 5، نضربها في مثلها ينتج 25 ننقص منها 3 ينتج 22، ومن نصفه (11) ننقص 2 ينتج 9، وجذره التربيعي هو 3.

وتوضيحها كالتالي:

(1)  50 ÷ 10          =          5

(2)  5   ×  5          =          25

(3)  25  -  3         =          22

(4)  22  ÷  2         =          11

(5)  11  -  2         =          9

(6)              =          3

    وكان العرب يأتون بمسائل عملية تتناول ما كان يقتضيه العصر، وبدور على المعاملات التجارية، والصدقات وتقسيم الغنائم، وإجراء الرواتب على الجنود، كما تطرق إلى البريد، وطرق البيع والشراء، وهذه ميزة تميزت بها المؤلفات العربية القديمة.

    ولم يقف العرب عند هذا الحد، بل أخذوا الأعداد، وتعمقوا في نظرياتها، وأنواعها، وخواصها، وقال علماؤهم في خواص بعض الأعداد ما يلي: "ما من عدد إلا وله خاصية أو عدة خواص. ومعنى الخاصية أنها الصفة المخصوصة للموصوف، الذي لا يشاركه فيها غيره. فخاصية الواحد أنه أصل العدد ومنشؤه، وهو يعد العدد كله، أزواجه وأفراده جميعاً. ومن خاصية الإثنين أنه أول العدد مطلقاً، وهو يعد نصف العدد، الأزواج دون الأفراد. ومن خاصية الثلاثة أنها أول عدد الأفراد، وهي تعدُّ ثلث الأعداد تارة، وتارة الأزواج. ومن خاصية الأربعة أنها أول عدد مجذور.


 



[1] عاش محمد بن موسى الخوارزمي في بغداد فيما بين سنة 164 و 235 هـ (780 ـ 850م) وتوفي هناك. وقد برز في زمن خلافة المأمون، ولمع في علم الرياضيات والفلك، حتى عيَّنه المأمون رئيساً لبيت الحكمة. ووضع تحت أمره المال والرجال، وسمح له بالارتحال إلى أي بلد شاء، طالما كان هدفه الدرس والبحث. طوَّر الخوارزمي علم الجبر ولقب بأبي الجبر، ونُسب إليه هذا العلم في جميع أنحاء المعمورة، وأوجد نظاماً لتحليل جميع معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية. وصفه جورج سارتون بأنه كان 'أعظم رياضي في ذلك العصر، بل هو أحد أعظم الرياضيين في كل العصور'. وقد ترجم الغربيون اسم الخوارزمي إلى Alchwarismi وAlgoritmi وAlgorism، ومن ذلك جاء اسم اللوغاريتم. وقد صار كتاب الخوارزمي المرجع الأول للمؤلفين والمترجمين من عرب وأعاجم. وظل كتاب الخوارزمي في الجبر معروفاً في أوروبا باللغة اللاتينية، إلى أن عثر على أحد نصوص الكتاب باللغة العربية في مخطوطة محفوظة في أكسفورد (مكتبة بودلين)، وصدرت في نشرة عربية بالحروف المطبعية عام 1831م.

[2] الجبر والمقابلة: الجبر أحد الفروع الرئيسية في الرياضيات، ومؤسسه العالم العربي الخوارزمي وهو أول من استخدم التعبيرات الجبرية وأول من حل معادلات من الدرجة الثانية الجبرية، والجبر تعبير استخدمه الخوارزمي من أجل حلّ المعادلات بعد تكوينها، ومعناه أن طرفاً من طرفي المعادلة يكمل ويزاد على الآخر، والأجناس المتجانسة المتساوية في الطرفين تسقط منها وهو المقابلة. واسم الجبر في جميع لغات العالم مشتق من كلمة الجبر التي استخدمها الخوارزمي.

[3] الصفر: عرَّفه ابن منظور بأنه: الشيء الخالي، وأنه، في حساب طريقة العد عند الهنود: الدائرة في البيت يفني حسابه. وقد ظهر عند أبي الحسن الإقليدس "الفصول في الحساب الهندي"، على شكل نجمة خماسية غير مفرغة من الداخل، وفي مخطوطات أخرى على شكل نقطة، وبأشكال أخرى.

[4] سلفستروس الثاني. طفل لقيط، وجده الرهبان أمام باب أحد الأديرة في فرنسا عام 920م، فالتقطوه، وأطلقوا عليه اسم جيربرت، وعاش في الدير نحو اثنين وعشرين عاماً، تعلَّم خلالها قواعد اللغة والحساب والموسيقى على يد رئيس الدير. وفي عام 967، أعجب الكونت يوريل البرشلوني بالراهب "جيربرت"، فأستأذن الرهبان في اصطحابه معه إلى أسبانيا وأمضى جيربرت ثلاثة أعوام في أسبانيا وسمع أحاديث كثيرة عن الأمراء المسلمين، وولعهم بالعلوم والآداب، فتعلق بهم، وعشق دراسة الرياضيات والفلك على أيدي أساتذة عرب، وكان من أهم ما تعلَّمه الأعداد العربية. ثم فر إلى فرنسا إثر اضطرابات في البلاط الملكي، ثم في عام 991، اختاره أعضاء مجلس الأساقفة لرئاسة الأسقفية، ودخل في نزاعات مع البابوية بسبب رفض البابا اعتبار انتخابه قانونياً. فعاد إلى أسبانيا والتحق ببلاط الإمبراطور الجديد أوتو الثالث. وفي عام 998 عينه أوتو رئيساً لأساقفة رافنا، إحدى مدن إيطاليا في عام 999 توفي البابا جريجوري الخامس، فعُيَّن جيربرت في مكانه في 9/ 4/ 999، واختار لنفسه اسم سيلفستروس الثاني. وقد اشتهر بإنجازاته الفكرية والعلمية المتعمقة، ومن أشهر كتاباته، كتاب "المعدادAbacus " عن استخدام الأرقام العربية، التي تعلمها في الأندلس، ولكنه فشل هو وتلاميذه في نشر هذه الأرقام التسعة، وإرسائها في أوروبا رغم أن الغرب كله لم يعرف علم الرياضيات كعلم له أصوله قبل هذا الرجل. توفي في 12/ 5/ 1003، وظهرت الأساطير عن سعة معرفته، وعزاها البعض إلى إنه كان "ساحراً"، وعزاها آخرون إلى أنه كان معه شيطان يعلمه وأنه كان يهرب ليلاً من الدير إلى أسبانيا ليتعلم على يد العرب علم الفلك والعلوم الأخرى، وإنه تعلم على أيديهم إحضار الجان، وفنون السحر والإضرار بالناس، وقال آخرون أنه كان لديه رأس اصطناعي يجيب على الأسئلة الموجهة إليه.

[5] ولد ليوناردو في سبعينات القرن الثاني عشر في مدينة بيزاPisaبإيطاليا وكان والده يعمل موظف جمارك في شمال أفريقيا، وقنصلاً للجالية البيزية هناك، حيث اختلط بالتجار العرب القادمين من بلاد المغرب، واعتاد على طرق كتاباتهم وحساباتهم السريعة. وتلقى ابنه ليوناردو تعليمه على يد معلم عربي يسمى `سيدي عمر`، فدرس الرياضيات العربية. ثم زار الشاب ليوناردو مصر وسورية وصقلية، ودرس سبل استخدام الجداول الحسابية، والمعادلات المتنوعة. ثم ألف كتابه `كتاب الحساب` في عام 1202م، الذي استسهله بقوله: `إن الأرقام التسعة ومعها الصفر يمكن كتابة أي عدد بها`. جذب هذا الكتاب انتباه الامبراطور فردريك الثاني، فاستدعى ليوناردو إلى البلاط، وهناك أدهش رجال البلاط معلومه الرياضيه وذكائه الحاد في حل معضلات المسائل. وكان ليوناردو يقرأ الأرقام، كالعرب، من اليمين إلى اليسار. في عام 1225، أهدى مؤلفه `كتاب الأعداد التربيعية` إلى الامبراطور. وفي عام 1228، أصدر نسخة معدَّلة من كتابه الأول. ولا يُعرف عنه شيء، منذ ذلك العام حتى عام 1240، عندما خصَّصت له بيزا مرتباً سنوياً، مدى الحياة، مقداره عشرون ليرة سنوية، مع مخصصات أخرى، مقابل الخدمات التي أداها لمدينته.

[6] في أي مثلث قائم الزاوية (كالموضح في الشكل) تكون نسب أضلاعه متساوية وثابتة وتسمى النسب كالتالي:جيب الزاوية (جا) = طول الضلع المقابل للزاوية/طول الوتر = س/ص جيب تمام الزاوية (جتا)= طول الضلع المجاور للزاوية/طول الوتر = ع/ص ظل الزاوية (ظا)= طول الضلع المقابل للزاوية/طول الضلع المجاور للزاوية = س/ع

[7] مثال المتوالية الحسابية: أ1، أ2، ... ، أن، ... مثلاً: 0، 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، ... مثال المتوالية الهندسية: أ، أس، أس2، أس3، أس4، ...، أسن-1، ... مثلاً: 2، 4، 8، 16، 32، 64، 128، ...

[8] يقترن الجبر في العصر الحديث باسم عالم الرياضيات الفرنسي فيثViete، فهو أول من ترك طريقة الخوارزمي في استعمال ألفاظ اللغة، واقتصر على استعمال حروف الهجاء. فميز ما كان يسمى حينئذ Logistica Numerosa أي `حساب العدد`، عما يسمى الآن Logistica Speciosaأي `علم الأنواع` أي علم الجبر والرمز.