إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الأرقام





لوحة الأعداد
وثيقة اكتشفت في العراق
أقدم الأرقام العربية
الرسوم المختلفة للصفر
الزوايا في الأرقام العربية
العصا الإنجليزية
استخدام الأصابع في العدّ
عد النقود




الفصل الثالث

عاشراً: أقسام الأعداد

قسَّم العرب الأعداد إلى قسمين:

أزواج وأفراد، وبينوا معنى كل منهما، وذكروا أنواعها بالتفصيل. وأن العدد من جهة أخرى ينقسم إلى ثلاثة أنواع: العدد التام، والناقص، والزائد، وعرفوا كذلك الأعداد المتحابة.

وكذلك عرف العرب المتواليات الحسابية والهندسية[7]، على أنواعها، وذكروا قوانين خاصة لجمعها، كما أتوا على قواعد لاستخراج الجذور، ولجمع المربعات المتوالية، والمكعبات، وبرهنوا على صحتها، وتوصلوا إلى نتائج باهرة.

هل علم الجبر من ابتكار علماء العرب المسلمين؟

    أطلق علماء العرب لفظة (جبر) على علم الرياضيات، الذي يُعتبر في الأصل تعميماً لعلم الحساب، وليس هناك أدنى شك أن علم الجبر علم عربي، فهم أول من أطلق عليه لفظة جبر، وعنهم أخذ علماء الغرب والشرق هذه اللفظة فصارت Algebra، واستعملوها في لغاتهم المختلفة حتى يومنا هذا. ومفهوم الجبر هو علم "النقل والاختزال" أو "علم المعادلات" بوجه عام. وكان أول من ألَّف فيه هو "محمد بن موسى الخوارزمي" في كتابه "حساب الجبر والمقابلة" وهو الكتاب الذي ـ شأن كتب الخوارزمي الأخرى ـ تُرجم إلى اللاتينية. وقد عرّف ابن خلدون الجبر بقوله:

    "هو صناعة يُستخرج بها العدد المجهول من قبل المعلوم المفروض إذ كان بينهما نسبة تقتضي ذلك، فاصطلحوا فيها على أن جعلوا للمجهولات مراتب من طريق التضعيف بالضرب، أولها العدد، لأنه به يتعين المطلوب المجهول باستخراجه من نسبة المجهول إليه، وثانيها الشيء، لأن كل مجهول فهو من جهة إبهامه شيء، وهو أيضاً جذر لما يلزم تضعيفه في المرتبة الثانية. وثالثها المال، وهو أمر مبهم، وما بعد ذلك فعلى سبيل الأسس في المضروبين، ثم يقع العمل المفروض في المسألة فتخرج إلى معادلة بين مختلفين أو أكثر من هذه الأجناس، فيقابلون بعضها ببعض، ويجبرون ما فيها من الكسر حتى يصير صحيحاً، ويحيطون المراتب إلى أقل الأسس، إن أمكن، حتى يصير إلى الثلاثة، التي عليها مدار الجبر عندهم، وهي العدد والشيء والمال، فإن كانت المعادلة بين واحد أحد تعيَّن فالمال والجذر يزول إبهامه بمعادلة العدد، ويتعين، والمال وإن عادل الجذور، فيتعين بعدتها، وإن كانت المعادلة بين واحد واثنين أخرجه العمل الهندسي من طريق تفصيل الضرب في الاثنين، وهي مبهمة فيعينها ذلك الضرب المفصل، ولا يمكن المعادلة بين اثنين واثنين وأكثر، وما انتهت المعادلة بينهم إلى ست مسائل، لأن المعادلة بين عدد جذر ومال مفردة أو مركبة تجيء ستة".

    اشتغل علماء العرب بالجبر، وأتوا فيه بأعمال جعلت أكبر علماء الرياضيات الغربيين يعترفون لهم بما قدموه للبشرية في هذا الحقل الحيوي. وقال أحدهم: "إن العقل ليندهش عندما يرى ما قدمه العرب والمسلمون في الجبر. فلقد كان كتاب الخوارزمي في حساب الجبر والمقابلة منهلاً نهل منه علماء المسلمين وأوروبا على السواء، واعتمدوا عليه في بحوثهم، وأخذوا عنه كثيراً من النظريات، لهذا يحق القول بأن الخوارزمي وضع علم الجبر على أسسه الصحيحة".     

حادي عشر: الخوارزمي، والأعداد، والجبر:

    يقول الخوارزمي في كتابه: ".. وإني ألفت من حساب الجبر والمقابلة كتاباً مختصراً للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم. وإني لما نظرت فيما يحتاج إليه الناس من الحساب، وجدت جميع ذلك عدداً. ووجدت الأعداد إنما تركبت من الواحد، والواحد داخل في جميع الأعداد. ووجدت جميع ما يُلفظ به من الأعداد ما جاوز الواحد إلى العشرة يخرج مخرج الواحد، ثم تُثنى العشرة وتثلَّث، كما فُعل بالواحد، فتكون منها العشرون، والثلاثون إلى تمام المائة. ثم تثنى المائة، وتثلث، كما فُعل بالواحد وبالعشرة، إلى الألف. ثم كذلك تردد الألف عند كل عقد إلى غاية المدرك من العدد. ووجدت الأعداد التي يحتاج إليها في حساب الجبر والمقابلة على ثلاث ضروب:

    وهي جذور، وأموال، وعدد مفرد لا يُنسب إلى جذر ولا إلى مال. فالجذر منها كل شيء مضروب في نفسه من الواحد، وما فوقه من الأعداد، وما دونه من الكسور. والمال كل ما اجتمع من الجذر المضروب في نفسه. والعدد المفرد كل ملفوظ به من العدد بلا نسبة إلى جذر ولا إلى مال. فمن هذه الضروب الثلاثة ما يعدل بعضها بعضاً. وهو كقولك أموال تعدل جذوراً، وأموال تعدل عدداً، وجذور تعدل عدداً..".

    ويتضح من ذلك أن الجذر هو ما يُرمز إليه في الجبر الحديث بالرمز (س)، والمال (س2)، والعدد المفرد هو العدد الخالي من س.

    وقد أتى الخوارزمي على حل كل من هذه الأقسام بذكر الأمثلة، وإيضاحها بالتفصيل، ولم يستعمل في ذلك رموزاً، ومن يطلع عليها يدرك الجهد الكبير، الذي كان يبذله، هو وغيره من علماء العرب في حل المسائل الجبرية، والعناء الذي كانوا يلاقونه في إجراء العمليات الجبرية. ومن حلول هذه الأنواع، وشرحها بأمثلة عددية، يتبين أن العرب كانوا يعرفون حل المعادلات من الدرجة الثانية. وهي الطريقة نفسها، الموجودة الآن في كتب الجبر للمدارس الثانوية. ولننظر إلى المعادلة الآتية التي وردت في كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي:

"مالان وعشرة جذور تعدل ثمانية وأربعين درهماً" وكيفية الحل كما يلي:

مالان إذا جُمعا، وزيد عليهما مثل عشرة جذور أحدهما بلغ ثمانية وأربعين درهماً، فينبغي أن ترد المالين إلى مال واحد، وقد علمت أن مالاً من مالين نصفها، فاردد كل شيء في المسألة إلى نصفه. فكأنه قال: مال وخمسة أجذار يعدل 24 درهماً. ومعناه أي مال إذا زدت عليه خمسة أجذاره بلغ أربعة وعشرين، ننصَّف الأجذار فتكون اثنين ونصفا، فاضربهما في مثلها فتكون ستة وربعاً، فزدها على الأربعة والعشرين، فيكون ثلاثين درهماً وربع درهم، فخذ جذرها وهو خمسة ونصف، فانقص منها نصف الأجذار، وهو اثنان ونصف، يبقى ثلاثة، وهو جذر المال، والمال تسعة...،

ومعنى ذلك أن الحل بالرموز هو:

2 + 10 س = 48

أي:   س 2 + 5 س = 24

س  = + 24 - 5/2= 11/2 - 5/2= 3 وهذا هو جذر المال.  

والمال الذي هو س2= 3×3= 9  

وورد في كتاب الخوارزمي طرق هندسية لحل بعض معادلات الدرجة الثانية، نورد حل معادلة منها على سبيل المثال:

س 2 + 10 س = 39

نفرض أن ج ب = س، ثم ننشئ عليه المربع أ ب ج د، ونمد دأ، و  دج، إلى هـ، م بحيث يكون أهـ = ج م = 1/2 × 10 = 5

مساحة المربع      أج = س × س = س 2

مساحة المستطيل   ب هـ = 5 × س = 5 س

مساحة المستطيل  ب م = 5 × س = 5 س

وحينئذ س 2 + 10س تساوي مجموع مساحة المربع (أج) ومساحة المستطيلين ب هـ ،  ب م.

ولكن س 2 + 10س= 39

لذلك فإن مجموع مساحة المربع أج والمستطيلين ب هـ، ب م يساوي 39.

ولكن مساحة المربع ب ع = 5 × 5= 25

فإذا أضفنا مساحة المربع ب ع إلى كل من الطرفين ينتج أن:

س 2 + 10س + 25 = مساحة المربع أج + مساحة المستطيل ب هـ + مساحة المستطيل ب م + مساحة المربع ب ع

ولكن س 2 + 10س + 25 = 39 + 25 = 64

ومساحة المربع أج والمستطيلين ب هـ ، ب م، والمربع ب ع تساوي مساحة المربع دع

ومساحة المربع دع = 64 أي أن الضلع دم = 8

ولكن دم = س + 5 أي أن س + 5 = 8

س = 3 

وقدَّم الخوارزمي الحلول المثالية التي تساعد على عملية توزيع الإرث من جهة، وتوزيع الأنصبة للموصى لهم من جهة ثانية، ويجري كل ذلك حسب ما تقره الشريعة الإسلامية[8].

    وقد طبق المسلمون علم الحساب في تجارتهم اليومية، وعلم الجبر في علم الميراث، المعروف بعلم "الفرائض"، ولم يجعلهم ذلك يقفون عند حده، بل دفعهم إلى البحث عن معرفة أوقات الصلاة، التي تختلف حسب المواقع، ومن يوم إلى آخر، ومن المعروف أن حسابها يحتاج إلى معرفة عرض الموقع الجغرافي، وحركة الشمس في البروج، وأحوال الشفق الأساسية، هذا بالإضافة إلى اتجاه المسلمين إلى الكعبة في صلواتهم، مما يستلزم معرفتهم سسمت القبلة، وهناك صلاة الكسوف أو الخسوف، التي تقتضي معرفتها استعمال الحسابات الدقيقة. وهناك أيضاً هلال شهر رمضان، وأحكام الصوم، مما حمل الفلكيين على البحث عن مسائل عويصة تتصل بشروط رؤية الهلال، وأحوال الشفق، فبرزوا في ذلك، واخترعوا حسابات دقيقة لم يسبقهم إليها أحد.

ثاني عشر: العرب واللوغاريتمات

    وتعريف اللوغاريتمات كالتالي: "اللوغاريتمات في الأصل حد في متوالية حسابية تبدأ بالصفر يقابل الحد المطلوب في متوالية هندسية يبدأ بالواحد. وفي الاصطلاح: هو الأس الدال على المقدار الذي يجب أن نرفع إليه عدداً معيناً أكثر من الواحد، نسميه الأساس حتى نحصل على العدد المطلوب".

    وكان اكتشاف علم اللوغاريتمات ذا أثر كبير في تقدم الرياضيات بوجه عام، حيث أن علم اللوغاريتمات هو الوسيلة الوحيدة لتبسيط العمليات الحسابية التي ترد في مسائل العلوم التطبيقية، مثل: الفيزياء، والهندسة والإحصاء، والحساب التجاري، وغيرها. وتعريف اللوغاريتمات المتداول في معظم كتب الرياضيات التقليدية والحديثة هو: لوغاريتم العدد (ع) هو أس القوة التي يُرفع إليها عدد ما، وليكن (ن) ويسمى العدد (ن) الأساس، لينتج العدد (ع)، كما يتضح ذلك في العلاقة "ع= نم ". وقد اتفق على استعمال (لو) اختصاراً لكلمة لوغاريتم، وتسمية (م) بلوغاريتم العدد (ع) للأساس (ن). لذا يُكتب قانون اللوغاريتمات بالصيغة الآتية: لوع= م  .

    إن المبدأ الذي تعتمده اللوغاريتمات بسيط جداً، بالرغم من أن الجداول التي تستعملها، قد تبدو معقدة للوهلة الأولى، وفيما يلي النظام الأساسي، الذي تعمل اللوغاريتمات وفقاً له:

8192

4096

2048

1024

512

256

128

64

32

16

8

4

2

1

13

12

11

10

9

8

7

6

5

4

3

2

1

0

فإذا ضربنا أي عددين من أعداد السطر الأول، فسنجد أن حاصل الضرب هو أيضاً أحد أعداد السطر ذاته.

فنأخذ مثلاً حاصل ضرب 16×64= 1024، وإذا نظرنا إلى أعداد السطر الأسفل المدرجة تحت الأعداد التي استعملناها في المثل، الذي أوردناه، فنرى أنها 4، 6، 10، ونلاحظ أن 4+6= 10 فنستنتج من ذلك، أننا إذا أردنا أن نضرب 32×128، فيمكننا أن نستخرج العددين المدرجين في السطر الأسفل قبالة 32 و 128 فنحصل على 5 و 7 فنجمعهما معاً فيكون حاصل الجمع 12، ثم ننظر في السطر الأعلى إلى العدد المقابل للرقم 12 فنجد أنه 4096.

ومن ذلك نرى أن الضرب يمكن إتمامه عن طريق الجمع، وهذا ما يوفر كثيراً من الوقت. كذلك يمكن إجراء القسمة بهذه الطريقة: فلقسمة 512 على 16 نطرح 9-4، تكون نتيجة الطرح 5: ننظر فوقها نجد حاصل القسمة وهو 32.

أما عن كيفية كتابة الجدول السابق، فكالتالي:

أعداد السطر الأعلى هي على التوالي:

2 0  2 1 2 2  2 3  2 4  2 5 2 6  2 7  2 8   2 9   2 10  ...

وأعداد السطر الأسفل هي على التوالي:

القوى الموجودة فوق الرقم 2

فالعدد 16 مثلاً يُكتب 2 4= 2 × 2 × 2 × 2 = 16

وهنا نرى أن أرقام السطر الأسفل من الجدول هي عدد الإثنينات التي يجب ضربها بعضها في بعض، للحصول على العدد المدرج فوقها. فالرقم 6 من السطر الأسفل يعني ضرب الرقم اثنين 6 مرات بذاته، فيكون حاصل الضرب 64، أي الرقم المدرج فوقه في السطر الأعلى. فتكون التسمية الرياضية للرقم (2) "الأساس" الرقم الأسفل هو لوغاريتم الرقم الأعلى للأساس (2).

مثلاً: لوغاريتم 64= لو2 2 6 = 6

ولوغاريتم 2048=  لو2 2 11 = 11

وهكذا، وفي الحسابات العادية يستعمل العدد 10 كأساس اللوغاريتمات بدلاً من العدد 2، ولكن مبدأ العملية لا يتغير:

10000

1000

100

10

1

4

3

2

1

صفر

وهذا الجدول يُقرأ هكذا:

لوغاريتم   1    =  صفر

لوغاريتم 10    =   1

لوغاريتم 10 2  =   2

لوغاريتم 10 6  =  6  

ولكل هذه الأعداد (من 1 إلى 10 إلى 100 وهكذا) لوغاريتماتها، التي سبق إعدادها لعدة أجزاء عشرية، وهي مطبوعة في جداول لوغاريتمية، يمكن الرجوع إليها بسهولة، وهي توفر ساعات طويلة من الحسابات المعقدة. وقد دخلت هذه الجداول اللوغاريتمية ضمن البرامج التي استعملتها الأجهزة الحاسبة، والإلكترونية الدقيقة فائقة السرعة.

وكان سنان بن الفتح الحراني، عالم الحساب، الذي ظهر في أوائل القرن الثالث الهجري، والذي وضع كتاباً سماه "كتاب الجمع والتفريق"، وفيه شرح كيفية إجراء عمليات الضرب والقسمة؛ باستخدام عمليات الجمع والطرح، هو أول من مهَّد لعلم اللوغاريتمات. ثم كان ابن يونس الصدفي المصري، هو الذي وضع القانون المعروف:

جتا أ جتا ب= 1/2 {جتا (أ + ب) + جتا (أ - ب)}  

وقدم بهذا القانون خدمة عظيمة لعلماء الفلك قبل جداول اللوغاريتمات، بل كان بمثابة اللبنة الأولى لاكتشاف علم اللوغاريتمات. ونورد مثالاً رقمياً على هذا القانون،

ولتكن الزاوية أ = 60 ْ، والزاوية ب = 45 ْ،

(أ + ب) = (60 + 45) = 105 ْ، (أ - ب) = (60 - 45) = 15

بتطبيق القانون نجد أن:

جتا 60 جتا 45     = 1/2 {جتا 105 + جتا 15}

                        = 1/2 { -0.2588  +  0.9659}

                         =  0.3535

ثم كان ابن حمزة المغربي، والذي يعد من كبار علماء القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، هو الذي أعطى العلاقة بين المتواليتين الحسابية والهندسية، وهذه الدراسة تعد، بلا شك، خطوة واسعة، بل حجر الأساس لعلم اللوغاريتمات، مما مهَّد الطريق أمام العالمين الإنجليزيين بنابيير، وهنري برجز عام 1594م، إلى اكتشاف اللوغاريتمات، حيث أن الفكرة الأساسية في اللوغاريتمات هي العلاقة بين سلسلتين، الأولى هندسية، والثانية عددية.

وهكذا كان للعرب دور بارز، وإسهام ملحوظ في العلوم المرتبطة بالأعداد، وتطورها، وكان الدين هو القوة الدافعة وراء ذلك. ويجدر بالبحث هنا أن يعرض للأعداد في كتاب الله.

ثالث عشر: الأعداد في القرآن الكريم

    تنوعت الآيات القرآنية التي تناولت الأعداد والحساب والجمع والطرح والضرب والقسمة، فقد قال الله عز وجل: ]وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا[ w، (سورة الجن: الآية 28) وقال: ]إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاَّ ءاتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا[ w، (سورة مريم: الآيتان 93، 94) وقال عن الحساب: ]وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا ءايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ[ w، (سورة الإسراء: الآية 12).

وقال ذاكراً العدد الواحد: ]وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[ w، (سورة البقرة: الآية 163).

وذكر العدد اثنين: ]وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ[ w، (سورة الرعد: الآية 3).

وذكر العد ثلاثة: ]قَالَ ءايَتُكَ أَلاّض تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا[ w، (سورة آل عمران: الآية 41).

وذكر العدد أربعة: ]فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ[ w، (سورة التوبة: الآية 2).

وذكر العدد خمسة: ]وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ[ w، (سورة المجادلة: الآية 7).

وذكر العدد ستة: ]إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ[ w، (سورة الأعراف: الآية 54).

وذكر العدد سبعة: ]إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف[ w،  (سورة يوسف: الآية 43)

وذكر العدد ثمانية: ]سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا[ w، (سورة الحاقة: الآية 7).

وذكر العدد تسعة: ]وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَاتٍ بَيِّنَاتٍ[ w، (سورة الإسراء: الآية 101)

وذكر العدد عشرة: ]فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ[ w، (سورة البقرة: الآية 196)

ويوجد في القرآن آيات عديدة ذكرت أعداداً متفرقة، مثل العدد اثنتا عشرة: ]فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا[ w، (سورة البقرة: الآية 60)، والعدد تسعة عشر: ]عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر[ w، (سورة المدثر: الآية 30) ومنها العدد تسع وتسعون: ]إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ[ w، (سورة ص: الآية 23) والعدد مائة: ]قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ[ w، (سورة البقرة: الآية 259) والعدد ألف: ]وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين[ w، (سورة الأنفال: الآية 66)، والعدد خمسين ألف: ]تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة[ w، (سورة المعارج: الآية 4) والعدد مائة ألف: ]وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُون[ w،(سورة الصافات: الآية 147).

وورد في القرآن التسلسل العددي: ]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا[ w، (سورة المجادلة: الآية 7).

وكذلك في: ]سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ[ w، (سورة الكهف: الآية 22).

ونبَّه القرآن على مسألة العد والحساب، بل إن الله ـ عز وجل ـ سوف يسأل أهل الكفر يوم القيامة عن عدد السنين التي عاشوها في الدنيا: ]قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّين[ w، (سورة المؤمنون: الآيتان 112 و 113). وقد ذكر القرآن عملية الجمع بقوله: ]وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ[ w، (سورة الهمزة: الآيتان 1 و 2)، وبقوله: ]ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الاُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْن[ w، (سورة الأنعام: الآيتان 143 و 144).

كما ذكر عملية الطرح بقوله: ]وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا[ w، (سورة العنكبوت: الآية 14).

وأشار إلى عملية الضرب بقوله: ]وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ (65) الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[ w، (سورة الأنفال: الآيتان 65 و 66) وأشار إلى القسمة: ]وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ[ w، (سورة القمر: الآية 28)، وقوله: ]فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ[ w، (سورة القمر: الآية 28)،  وأشار إلى الكسور: ]فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ[  w، (سورة النساء: الآية 11)، وقوله: ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن[ w، (سورة النساء: الآية 11).

وهذا يدل على أن الأعداد وعمليات الجمع والضرب والطرح والقسمة، والكسور، وباقي العمليات الحسابية كانت أمراً مألوفاً عند العرب.  

رابع عشر: مميزات النظام العددي الحالي

    هكذا كانت رحلة الأعداد في تطورها، وتحدثت صفحات التاريخ عن نظم عددية مختلفة، ارتبط كل منها بحضارة من الحضارات القديمة، أهمها حضارات المصريين والبابليين والإغريق والرومان والهنود والعرب، إلا أن كلاً من هذه الحضارات كانت تضع لبنة، أو لبنات في بناء ذلك النظام العددي الذي يسود عالمنا المتحضر اليوم، وهو النظام الذي طغى على ما سبقه من نظم، حتى أصبح لغة عالمية واحدة، في كافة أرجاء العالم، في حين لم تصل اللغات بعد إلى ما يشبهها، ولولا الأرقام لما وجد اليوم دليل تليفونات، أو قائمة أسعار، أو تقارير للبورصة، ولما وجد هذا الصرح الشامخ من علوم الرياضة، والطبيعة، والفلك، بل لما وجدت الطائرات، التي تسبق الصوت، أو صواريخ الفضاء.

    وفي عصرنا هذا أصبح في استطاعتنا أن نكتب ما نشاء من الأعداد، بالغة ما بلغت من الكبر، سواء أكانت تمثل نفقات الحرب بالمليمات، أم الأبعاد الفلكية بالبوصات، بمجرد كتابة العدد اللازم من الأصفار على يمين عدد ما، وتستطيع أن تستمر في كتابة الأصفار حتى تكل يدك، وتكون قد كتبت، بدون أن تدري، عدداً يزيد حتى عن عدد الذرَّات التي بالكون، والذي يبلغ بهذه المناسبة: 3 وأمامها 74 صفراً

    وتستطيع أن تكتب هذا العدد بالصورة المختصرة 3×10 74 والعدد 74 المكتوب أعلى 10 إلى اليسار يدل على عدد الأصفار المكتوبة، أو بعبارة أخرى، إن 3 يجب أن تُضرب في 10 أربعاً وسبعين مرة.

يتميز النظام العددي الحالي بعدة مميزات، يمكن إيجازها فيما يلي:

1. استخدام تسعة أرقام والصفر

    باستخدام تسعة أرقام والصفر يمكن كتابة أي عدد مهما كانت قيمته، سواء أكان عدداً صحيحاً أم كسراً. ولسنا في حاجة لمعرفة أكثر من هذه الرموز العشرة لنبني منها الأعداد مهما بلغت قيمتها، بينما إذا نظرنا إلى النظم العددية القديمة، لوجدنا رموزاً مختلفة يتحتم حفظها لكتابة الأعداد الكبيرة، ومهما كبر العدد احتجنا إلى رموز أكثر، إلى جانب وجود تشكيلات مختلفة لهذه الرموز والعلاقة بينها، فالرمز الدال على العدد 5 في النظام العددي الروماني ـ مثلاً ـ لا علاقة له بالرمز الدال على 50 أو 500 أو 5000. 

2. الترتيب والقيمة المكانية للرقم

    يتميز النظام العددي الحالي بترتيب ثابت، لا يتغير: فمثلاً تأتي 4 قبل 5، و5 قبل 6، و8 بعد 7، وهكذا في أرقام الآحاد، والعشرات، والمئات..الخ، وهذا الترتيب الموضعي للرقم في غاية الأهمية؛ لأنه يبين قيمة العدد عند مقارنته بغيره من الأعداد، ويبين تدّرج الأعداد. وتختلف قيمة الرقم تبعاً لوضعه المكاني في العدد، فمثلاً العدد 4444 مكوّن من رمز واحد متكرر، وهو 4، لكن قيمة ال 4 تختلف حسب مكانها، فالأولى 4 وحدات، والثانية 4 عشرات، والثالثة 4 مئات، والرابعة 4 آلاف. وما ينطبق على هذا الرقم ينطبق على غيره من الأرقام في مختلف الأعداد. ولا ريب أن الصفر هو الذي سهل استخدام الخاصية المكانية للرقم، وسهل كتابة الأعداد، وإجراء العمليات المختلفة. فالعلاقة ـ مثلاً ـ بين 5 و 6 تعطي نفس المعنى بين 50 و 60، وبين 500 و 600 وهكذا. أي أن فكرة الآحاد تسري على العشرات والمئات والآلاف ... الخ. وهذا يساعد في سهولة تدريس الحساب للتلاميذ في المدارس؛ فمثلاً إذا عرف التلميذ مجموع 3 و 4 فإنه يستطيع بالطريقة نفسها، أن يجمع 30 و 40، ثم 300 و 400 وهكذا. وما ينطبق على جمع 7 و 5 لتساوي 12، ينطبق على 70 + 50 لتساوي 120، ثم 700 + 500 لتساوي 1200. وكذلك في الطرح والضرب والقسمة.

3. الأساس 10

    أساس النظام العددي الحالي هو العشرة، أي أننا بعد الأرقام التسعة الأولى، نكوِّن وحدة من عشرة، ونجمع بعد ذلك في وحدات من عشرات.

خامس عشر: أكبر عدد والسطر المطبوع

    لعل أكبر عدد تناولته الأقلام بالذكر هو الذي يتعلق بمشكلة "السطر المطبوع" المشهورة. ولتوضيح ذلك نفرض أننا صنعنا آلة طباعة، تطبع بصورة مستمرة سطراً بعد آخر، وتختار، من تلقاء نفسها، لكل سطر ترتيباً مختلفاً من الحروف ورموز الكتابة. وتحتوي مثل هذه الآلة على عدد من الأقراص المستقلة للحروف والرموز، وتتصل الأقراص ببعضها، بحيث إذا دار قرص تحركت الأقراص التالية.

    وتتحرك المطبعة، وتتابع السطور المطبوعة تلقائياً، حيث تُطبع جميع الترتيبات الممكنة لها للحروف والرموز. إننا عندئذ سنجد جُملاً كثيرة لها معنى، وجملاً أخرى لا معنى لها مثل: "أحب التفاح مطبوخاً في النفط"، أو "سمك لبن تمر هندي". وستطبع هذه المطبعة الآلية كل ما كُتب منذ أن عرف الناس الكتابة، من شعر ونثر، ومقالات، وإعلانات في الصحف، وجميع الكتب العلمية، والخطابات الغرامية، والفواتير المختلفة. بل، أكثر من ذلك، ستطبع كل ما سوف يُكتب في القرون العديدة القادمة، من شعر أو نثر، واكتشافات المستقبل، وحوادث التصادم، في طرق المواصلات، بين الكواكب عام 2541، على سبيل المثال، وصفحات من الأقاصيص والروايات. فإذا حسبنا عدد السطور، التي سوف تطبعها تلك الآلة، وتتضمن جميع الترتيبات الممكنة للحروف والرموز الكتابية الأخرى، إذا أخذنا في اعتبارنا أن عدد الحروف الهجائية 28 حرفاً، وبإضافة الهمزة تكون تسعة وعشرين حرفاً، وعدد الأرقام العشرة (من صفر إلى 9)، وإذا فرضنا أن عدد الرموز الأخرى، كعلامات الوقف، والتعجب، والفاصلة، والأقواس، يبلغ أحد عشر رمزاً، كانت جملة كل ذلك خمسين حرفاً ورمزاً. ولنفرض أن الآلة الطابعة بها 65 أسطوانة تناظر متوسط ما يتسع له السطر الواحد، وهو 65 مكاناً. ولما كان السطر الواحد يمكن أن يبدأ بأي واحد من تلك الرموز والحروف، فثمة 50 طريقة لشغل المكان الأول. ولكل طريقة من هذه الطرق 50 طريقة لشغل المكان الثاني، وبذلك يكون عدد طرق شغل المكانين الأول والثاني معاً 50 × 50 أي 2500 طريقة. ولكل ترتيب من هذه الترتيبات 50 طريقة لشغل المكان الثالث، وهكذا، فجملة الترتيبات المختلفة التي يمكن أن يُشغل بها السطر كله تبلغ 65 مرة / 50×50×50× ... ×50 أو 50 65، وهذا يساوي 10 110. ولكي ندرك ضخامة هذا العدد نفرض أن لدينا مطابع آلية بقدر عدد الذرات التي بالكون أي 3×10 74 مطبعة تعمل كلها معاً. ولنفرض مثلاً أن هذه المطابع بدأت العمل منذ 3 بليون سنة، (أي 10 17 ثانية) بلا توقف، وأنها تطبع بمعدل الذبذبات الذرية أي 10 15 سطراً في الثانية الواحدة، فيكون عدد الأسطر التي تم طبعها إلى الآن هو 3 × 10 74 × 10 17 × 10 15 = 3 × 10 106 سطراً تقريباً، وهو يساوي جزءاً من ثلاثة آلاف جزء من عدد الأسطر كلها!!

    وهذا المثال يقصد أنه توجد أعداد لا نهائية، وهي أكبر من أي عدد يمكننا كتابته مهما أطلنا في الكتابة، ومن الواضح مثلاً أن عدد "جميع الأعداد" لا نهائي، وكذلك عدد النقط الواقعة على مستقيم ما. لا يمكن معرفة شيء عن هذه الأعداد سوى أنها لا نهائية، بل إن الأعداد الفردية وحدها لا نهائية، والأعداد الزوجية وحدها لا نهائية. فسبحان الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.


 



[1] عاش محمد بن موسى الخوارزمي في بغداد فيما بين سنة 164 و 235 هـ (780 ـ 850م) وتوفي هناك. وقد برز في زمن خلافة المأمون، ولمع في علم الرياضيات والفلك، حتى عيَّنه المأمون رئيساً لبيت الحكمة. ووضع تحت أمره المال والرجال، وسمح له بالارتحال إلى أي بلد شاء، طالما كان هدفه الدرس والبحث. طوَّر الخوارزمي علم الجبر ولقب بأبي الجبر، ونُسب إليه هذا العلم في جميع أنحاء المعمورة، وأوجد نظاماً لتحليل جميع معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية. وصفه جورج سارتون بأنه كان 'أعظم رياضي في ذلك العصر، بل هو أحد أعظم الرياضيين في كل العصور'. وقد ترجم الغربيون اسم الخوارزمي إلى Alchwarismi وAlgoritmi وAlgorism، ومن ذلك جاء اسم اللوغاريتم. وقد صار كتاب الخوارزمي المرجع الأول للمؤلفين والمترجمين من عرب وأعاجم. وظل كتاب الخوارزمي في الجبر معروفاً في أوروبا باللغة اللاتينية، إلى أن عثر على أحد نصوص الكتاب باللغة العربية في مخطوطة محفوظة في أكسفورد (مكتبة بودلين)، وصدرت في نشرة عربية بالحروف المطبعية عام 1831م.

[2] الجبر والمقابلة: الجبر أحد الفروع الرئيسية في الرياضيات، ومؤسسه العالم العربي الخوارزمي وهو أول من استخدم التعبيرات الجبرية وأول من حل معادلات من الدرجة الثانية الجبرية، والجبر تعبير استخدمه الخوارزمي من أجل حلّ المعادلات بعد تكوينها، ومعناه أن طرفاً من طرفي المعادلة يكمل ويزاد على الآخر، والأجناس المتجانسة المتساوية في الطرفين تسقط منها وهو المقابلة. واسم الجبر في جميع لغات العالم مشتق من كلمة الجبر التي استخدمها الخوارزمي.

[3] الصفر: عرَّفه ابن منظور بأنه: الشيء الخالي، وأنه، في حساب طريقة العد عند الهنود: الدائرة في البيت يفني حسابه. وقد ظهر عند أبي الحسن الإقليدس "الفصول في الحساب الهندي"، على شكل نجمة خماسية غير مفرغة من الداخل، وفي مخطوطات أخرى على شكل نقطة، وبأشكال أخرى.

[4] سلفستروس الثاني. طفل لقيط، وجده الرهبان أمام باب أحد الأديرة في فرنسا عام 920م، فالتقطوه، وأطلقوا عليه اسم جيربرت، وعاش في الدير نحو اثنين وعشرين عاماً، تعلَّم خلالها قواعد اللغة والحساب والموسيقى على يد رئيس الدير. وفي عام 967، أعجب الكونت يوريل البرشلوني بالراهب "جيربرت"، فأستأذن الرهبان في اصطحابه معه إلى أسبانيا وأمضى جيربرت ثلاثة أعوام في أسبانيا وسمع أحاديث كثيرة عن الأمراء المسلمين، وولعهم بالعلوم والآداب، فتعلق بهم، وعشق دراسة الرياضيات والفلك على أيدي أساتذة عرب، وكان من أهم ما تعلَّمه الأعداد العربية. ثم فر إلى فرنسا إثر اضطرابات في البلاط الملكي، ثم في عام 991، اختاره أعضاء مجلس الأساقفة لرئاسة الأسقفية، ودخل في نزاعات مع البابوية بسبب رفض البابا اعتبار انتخابه قانونياً. فعاد إلى أسبانيا والتحق ببلاط الإمبراطور الجديد أوتو الثالث. وفي عام 998 عينه أوتو رئيساً لأساقفة رافنا، إحدى مدن إيطاليا في عام 999 توفي البابا جريجوري الخامس، فعُيَّن جيربرت في مكانه في 9/ 4/ 999، واختار لنفسه اسم سيلفستروس الثاني. وقد اشتهر بإنجازاته الفكرية والعلمية المتعمقة، ومن أشهر كتاباته، كتاب "المعدادAbacus " عن استخدام الأرقام العربية، التي تعلمها في الأندلس، ولكنه فشل هو وتلاميذه في نشر هذه الأرقام التسعة، وإرسائها في أوروبا رغم أن الغرب كله لم يعرف علم الرياضيات كعلم له أصوله قبل هذا الرجل. توفي في 12/ 5/ 1003، وظهرت الأساطير عن سعة معرفته، وعزاها البعض إلى إنه كان "ساحراً"، وعزاها آخرون إلى أنه كان معه شيطان يعلمه وأنه كان يهرب ليلاً من الدير إلى أسبانيا ليتعلم على يد العرب علم الفلك والعلوم الأخرى، وإنه تعلم على أيديهم إحضار الجان، وفنون السحر والإضرار بالناس، وقال آخرون أنه كان لديه رأس اصطناعي يجيب على الأسئلة الموجهة إليه.

[5] ولد ليوناردو في سبعينات القرن الثاني عشر في مدينة بيزاPisaبإيطاليا وكان والده يعمل موظف جمارك في شمال أفريقيا، وقنصلاً للجالية البيزية هناك، حيث اختلط بالتجار العرب القادمين من بلاد المغرب، واعتاد على طرق كتاباتهم وحساباتهم السريعة. وتلقى ابنه ليوناردو تعليمه على يد معلم عربي يسمى `سيدي عمر`، فدرس الرياضيات العربية. ثم زار الشاب ليوناردو مصر وسورية وصقلية، ودرس سبل استخدام الجداول الحسابية، والمعادلات المتنوعة. ثم ألف كتابه `كتاب الحساب` في عام 1202م، الذي استسهله بقوله: `إن الأرقام التسعة ومعها الصفر يمكن كتابة أي عدد بها`. جذب هذا الكتاب انتباه الامبراطور فردريك الثاني، فاستدعى ليوناردو إلى البلاط، وهناك أدهش رجال البلاط معلومه الرياضيه وذكائه الحاد في حل معضلات المسائل. وكان ليوناردو يقرأ الأرقام، كالعرب، من اليمين إلى اليسار. في عام 1225، أهدى مؤلفه `كتاب الأعداد التربيعية` إلى الامبراطور. وفي عام 1228، أصدر نسخة معدَّلة من كتابه الأول. ولا يُعرف عنه شيء، منذ ذلك العام حتى عام 1240، عندما خصَّصت له بيزا مرتباً سنوياً، مدى الحياة، مقداره عشرون ليرة سنوية، مع مخصصات أخرى، مقابل الخدمات التي أداها لمدينته.

[6] في أي مثلث قائم الزاوية (كالموضح في الشكل) تكون نسب أضلاعه متساوية وثابتة وتسمى النسب كالتالي:جيب الزاوية (جا) = طول الضلع المقابل للزاوية/طول الوتر = س/ص جيب تمام الزاوية (جتا)= طول الضلع المجاور للزاوية/طول الوتر = ع/ص ظل الزاوية (ظا)= طول الضلع المقابل للزاوية/طول الضلع المجاور للزاوية = س/ع

[7] مثال المتوالية الحسابية: أ1، أ2، ... ، أن، ... مثلاً: 0، 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، ... مثال المتوالية الهندسية: أ، أس، أس2، أس3، أس4، ...، أسن-1، ... مثلاً: 2، 4، 8، 16، 32، 64، 128، ...

[8] يقترن الجبر في العصر الحديث باسم عالم الرياضيات الفرنسي فيثViete، فهو أول من ترك طريقة الخوارزمي في استعمال ألفاظ اللغة، واقتصر على استعمال حروف الهجاء. فميز ما كان يسمى حينئذ Logistica Numerosa أي `حساب العدد`، عما يسمى الآن Logistica Speciosaأي `علم الأنواع` أي علم الجبر والرمز.