إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الإذاعة




محطة راديو هواة
البث الإذاعي
العصر الذهبي للمذياع
تصنيع المذياع
جوليلمو ماركوني

موجات AM وFM
موجات الراديو
أجزاء راديو AM وFM
انتشار موجات البث الإذاعي




ثالثاً: الموجات الإذاعية

ثالثاً: الموجات الإذاعية (اُنظر شكل موجات الراديو)

1. إرسال موجات الإذاعة

يوجد المرسل، في بعض المحطات الإذاعية، في الغرفة نفسها، التي تحتوي على لوحة التحكم، التي تنتقل منها الموجات الكهربائية إليه، عبْر أسلاك. وفي محطات أخرى، يكون المرسل بعيداً، نسبياً، عن المحطة، في مكان قريب من هوائي الإرسال (الجهاز الذي يرسل الموجات الإذاعية عبْر الهواء)، حيث تُرسل إليه الموجات الكهربائية، بوساطة حزمة خاصة من موجات الإذاعة أو عبر أسلاك.

يقوِّي المرسل الموجات الكهربائية، التي تمثّل البثّ؛ وينتج، كذلك، موجات الإذاعة، التي تُسمَّى الموجات الحاملة؛ ثم يضمها، في عملية، تُسمَّى التضمين. والموجة الناتجة، هي الإشارة الإذاعية، التي تحمل البرنامج إلى الجهاز الإذاعي.

يرسل المرسل إشارة الإذاعة إلى الهوائي، الذي يرسلها، بدوره، على الهواء، في شكل موجات إذاعية. ويضع العديد من المحطات هوائياتها على أبراج، في أماكن عالية، أو مكشوفة، بعيدة عن المباني، التي قد تمنع انتشار الموجات. أما المحطات الصغيرة، فتضع هوائياتها في أعلى مبنى المحطة، أو بالقرب منها.

2. أنواع الموجات المرسلة (اُنظر شكل موجات AM و FM) و(جدول نطاق التردد) و(شكل أجزاء راديو AM وFM)

تُبَثّ برامج الإذاعة بطريقتَين، تعتمدان على كيفية ضم الموجة الحاملة وإشارة البرنامج؛ وهما: تضمين الاتساع AM، وتضمين التردد FM. وفي تضمين الاتساع، يتغير اتساع (قوة) الموجة الحاملة، بحسب تغيّرات الموجات الكهربائية، الآتية من الأستوديو. ويستخدم البث بطريقة تضمين الاتساع AM، عادة، نطاقات الموجات، الطويلة والمتوسطة والقصيرة. وفي طريقة تضمين التردد FM، يبقى اتساع الموجة الحاملة ثابتاً؛ ولكن الموجات الكهربائية، الآتية من الأستوديو، تغيّر تردُّد الموجة الحاملة (عدد اهتزازات الموجة، في الثانية الواحدة)؛ والبث بهذه الطريقة، يستخدم موجات أقصر من تلك، المستخدمة في الطريقة الأولى.  

يرسل الهوائي نوعَين من موجات الإذاعة: أرضية وسماوية. تنتشر الموجات الأرضية انتشاراً أفقياً، متبعة تعرج سطح الأرض، لمسافة قصيرة نسبياً. بينما تنتشر الموجات السماوية في اتجاه الفضاء، وبوصولها إلى طبقة الغلاف الأيوني، فإنها تنعكس في اتجاه الأرض؛ ما يتيح وصول البثّ الإذاعي إلى أماكن بعيدة جداً عن هوائي الإرسال. ويعكس الغلاف الأيوني موجات الإذاعة المتوسطة، خلال الليل، عكساً أوضح؛ ما يجعل التقاط محطات إذاعية بعيدة، تستخدم هذا المجال الترددي، أوضح في الليل منه أثناء النهار.

وترسل هوائيات الأنظمة، المعتمدة على تقنية تضمين التردد FM، موجات، تسير في الاتجاه نفسه، الخاص بتضمين الاتساع AM؛ إلا أن الموجات المتجهة نحو الفضاء، لا تنعكس إلى الأرض عند وصولها إليه؛ وإنما تتابع انتشارها فيه، عبْر طبقة الغلاف الجوي. أما الموجات أفقية الانتشار، فتسير عبْر ما يُسمَّى بخط النظر؛ ما يعني أنه لا يمكن التقاطها في مكان أبعد من الأفق، الذي يُرى من الهوائي. ويمكن التقاط موجات تضمين الاتساع من مسافات أبعد، نظراً إلى انعكاسها، عند اصطدامها بطبقة الغلاف الأيوني، عائدة إلى الأرض.

وعلى الرغم من أن موجات تضمين التردُّد،هي ذات مدى محدد؛ إلا أنها تتميز بأن إرسالها لا يتأثر بالتشويش، مقارنة بموجات تضمين الاتساع. فمعظم إشارات التشويش، هي إشارات تضمين اتساع؛ بينما هُندِست دوائر استقبال تضمين التردّد هندسة، تجعلها لا تتأثر بتلك الإشارات. ويتصف إرسال تضمين التردد FM، بشدة نقائه، ومحاكاة أصواته الأصوات الطبيعية. ويستخدم إرسال تضمين الاتساع، الموجات متوسطة الطول، التي يراوح نطاق تردداتها بين 525 و1605كيلوهرتز. وبسبب العدد الهائل لمحطات الإرسال، فقد يستخدم كل مرسل حزمة ضيقة، ذات ترددات، تراوح نطاقاتها بين 8 و10 كيلوهرتز. ولا تستطيع مرسلات تضمين الاتساع، بثّ إشارات سمعية عالية النقاء؛ لأنها تحتاج إلى عرض نطاق، لا يقلّ عن 20 ألف كيلوهرتز؛ فضلاً عن أن أيّاً منها، لا تستطيع نقل أصوات، ذات ترددات أعلى من 8 كيلوهرتز.

وتستخدم المرسلات، العاملة بتضمين التردد، نطاقات ترددية واسعة، تراوح تردداتها بين 88 و108 ميجاهرتز. وفي بعض الدول، تبثّ تلك المحطات برامجها، على ترددات، تقع بين 65.8 و72 ميجاهرتز؛ وبذلك، يستطيع كل مرسل تضمين تردُّد، أن يشغِّل نطاقاً ترددياً عريضاً، يكفي لإرسال الطيف الصوتي بكماله، أي الترددات السمعية حتى 20 ألف هرتز؛ ومن ثَم، فإن الأصوات الناجمة، تكون عالية الجودة.

ومنذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، تبنَّى عدد من الدول تقنية، تسمى البثّ السمعي الرقمي. وفي عام 1995، أصبحت هيئة الإذاعة البريطانية، هي أول محطة إذاعية، تقدم الخدمة الإذاعية، باستخدام البثّ السمعي الرقمي. وقد وجهت هذه الخدمة إلى منطقة محدودة، حول لندن، ووصلت إلى 20% فقط من سكان بريطانيا.

وتختلف إشارة البثّ السمعي الرقمي، عن إشارة كلٍّ من تضمين الاتساع وتضمين التردد. ففي البثّ الإذاعي التقليدي، أو القياسي، تحمَّل كل خدمة إذاعية على الترددات الخاصة بها. أما في البثّ السمعي الرقمي، فتستخدم كتلة واحدة من الترددات، تسمى المضاعف، في حمل عدد من الخدمات. وفي المملكة المتحدة، خصصت الحكومة سبعة مضاعفات، على الطيف الإذاعي 217.5 ـ 230 ميجاهرتز، لاستخدام هيئة الإذاعة البريطانية، والمحطات الإذاعية المستقلة، القومية والمحلية. كما اتجه عدد من الدول الأوروبية، كذلك، إلى تخصيص مضاعفات للإرسال بالبث السمعي الرقمي.

ويعمل البثّ السمعي الرقمي بالجمع بين تقنيتَين: الأولى، هي تسجيل الصوت رقمياً (أي في شكل سلسلة من الوحدات والأصفار)، عوضاً عن الإشارة التقليدية؛ ما يتيح استخراجاً دقيقاً للصوت، من دون فقدان جودة النوعية. والثانية، هي ضغط البيانات. وحتى وقت قريب، كان ترقيم الصوت يتطلب نطاقاً واسعاً من الطيف الإذاعي؛ ما جعل البثّ غير عملي. ولكن التقدم التقني، أدى إلى تطوير نظام، يجدد فقط أجزاء الإشارة، التي تعرضت للتغيير بعد إرسالها؛ ما أتاح التخلص من المعلومات غير الضرورية، والذي أدى، بدوره، إلى تقليل كمية المعلومات الرقمية، المطلوبة للبثّ.

ويضمن البثّ السمعي الرقمي، إمكانية الاستقبال الجيد للإشارات المرقمة، في كل المناطق، بما فيها تلك المعرضة للتداخل، مثل أجزاء المدن ذات الأبنية العالية، وأنفاق الطرق والسكك الحديدية. وتستخدم هذه العملية علاقة رياضية دقيقة، لتجزيء الإشارة الرقمية بين 1.356 تردداً حاملاً مختلفاً، في فترات زمنية مختلفة. ويتطلب ترتيب الترددات الحاملة، وتوزيع مكونات الإشارة عليها ـ دقة عالية. ويستطيع جهاز الاستقبال التوليف بين مكونات الإشارة، وتخزين الإشارة الأصلية، في كل الظروف، بما في ذلك تلك التي يتأثر الاستقبال فيها بالتداخل.

ولإشارة الإرسال، بالبثّ السمعي الرقمي، عرض نطاق كلي، قدره 1.356ميجاهرتز، مما يوفر سعة، قدرها 1.5 ميجابيت، لكل ثانية (البيت وحدة، تمثّل الرقم الثنائي، وتساوي فيه 1 أو صفراً). ويتكون مضاعف البثّ السمعي الرقمي، من مليونين و300 ألف بيت، تستخدم في حمل أصوات وبيانات وتكافؤ مبني داخلياً، أو نظام لتصحيح أخطاء الإرسال؛ مما يتيح مرونة عالية في الإرسال. ويمكن زيادة السعة، لإعطاء نوعية صوت جيدة، لقطعة موسيقية، على سبيل المثال. وعوضاً عن ذلك، قد تستخدم البيتات في الحصول على خدمات إضافية، مثل البثّ الحي لمادة إخبارية، أو حدث رياضي، من دون الإخلال بالبرمجة العادية. ويجري، الآن، تطوير البثّ السمعي الرقمي، لاستخدامه في تطبيقات أخرى، مثل نظُم توجيه السيارات، والأجهزة الإذاعية الموصلة بالحواسيب، وعرض الخرائط والصور. وللبثّ السمعي الرقمي عدد من الامتيازات، مقارناً بالبثّ بتضمين التردد، وتضمين الاتساع. وأهم هذه الامتيازات، هو نقاء الصوت، مقارناً بالفرق بين التسجيلات الطويلة الأمد، والأقراص المدمجة. وكما أن البثّ بتضمين التردد، هو أوضح؛ لأنه أقلّ عرضة للتداخل، مقارناً بالبثّ بتضمين الاتساع، فإن البثّ السمعي الرقمي، كذلك، أكثر وضوحاً، للسبب نفسه. ويعوق ارتداد الإشارات، الآتية من المرسلات، عن الأجسام الصلبة، مثل الأبنية والأشجار والجبال ـ استقبال تضمين التردد؛ ولكن نظام البثّ السمعي الرقمي، يستطيع استقبال مثل هذه الإشارات المعكوسة، بوضوح.

ومن ميزات البثّ السمعي الرقمي، كذلك، أنه يتطلب شبكة تردُّد واحدة، لتوفير تغطية واسعة؛ بينما يتطلب البثّ بتضمين التردد، جزءاً كبيراً من طيف البثّ. ويعني استخدام التردد الواحد، أن أجهزة الراديو لا تحتاج إلى إعادة توليف، عند الانتقال من محطة إلى أخرى، والتي تحدث، عادة، في حالة تضمين التردد.

بدأ عدد من الدول الأوروبية مشروعات البثّ السمعي الرقمي، في تسعينيات القرن العشرين، حين أجريت أولى التجارب، في استوكهولم، في السويد، في مارس 1992. وفي كندا، بدأ أول تشغيل تجاري للبثّ السمعي الرقمي، عام 1996، كما تقرر أن يكتمل إدخال هذا النظام، في معظم الدول الأوروبية، عام 1997. وتجرى التجارب على ذلك البثّ، كذلك، في الصين وأستراليا وكوريا الجنوبية. وبحسب التقديرات، سيتمكن نحو 80% من سكان أوروبا، من استقبال البثّ السمعي الرقمي، بحلول عام 2000.

وأهم عيوب البث السمعي الرقمي، هو أن المرسلات الحالية، ستتطلب إعادة تركيب، لمواكبته؛ وأن أجهزة الراديو الحالية، لن يكون في مقدورها استقباله. وفي منتصف تسعينيات القرن العشرين، بدأت الشركات الكبرى، في أوروبا واليابان، إنتاج راديوهات، يمكنها استقبال البثّ السمعي الرقمي.

3. قدرة الإرسال وتردُّده

يتأثر مدى انتشار البثّ الإذاعي بقدرة المرسل. وتمتلك محطات تضمين الاتساع القوية، قدرة، تعادل 50 ألف واط؛ ما يُمكِّن من التقاطها، على مسافات بعيدة جداً، وبخاصة أثناء الليل، حينما تكون الموجات السماوية فاعلة؛ فيمكن الاستماع، مثلاً، إلى المحطات البالغة قدرتها 50 ألف واط، على مسافة، تصل إلى 1600كم، أثناء الليل. وهناك بعض محطات تضمين الاتساع، البالغة قدرتها منخفضة (250 واط)، مخصصة لخدمة بلدة أو بلدتَين صغيرتَين. وتراوح قدرة محطات تضمين التردد، بين 100 و100 ألف واط، تصل إلى مسافة، تراوح بين 25 و100كم. أما المحطات غير التجارية منها، فقدرتها منخفضة، تقارب 10 واط، ولا تتعدى مسافتها بضعة كيلومترات.

وتبثّ كل إذاعة على قناة، أو تردد مخصص لها، مما يقلل من تداخل الإذاعات. ويقاس التردد بوحدة، تُدْعى الهرتز، تمثل عدد الاهتزازات، في الثانية الواحدة. ويعادل الكيلوهرتز ألف هرتز، بينما يعادل الميجاهرتز مليون هرتز. وتبثّ محطات تضمين الاتساع على ترددات، تراوح بين 525 و1605 كيلوهرتز (موجات متوسطة). وفي أوروبا، يراوح هذا النطاق بين 150 و285 كيلوهرتز (موجات طويلة). وهناك العديد من المحطات، التي ترسل بثّها في نطاق الموجات القصيرة، وبترددات، تراوح بين 1.5 و30 ميجاهرتز.

وينتقل البرنامج المنقول بموجات الإذاعة، بسرعة الضوء، أي 792 299كم/ث؛ بينما تنتقل الموجات الصوتية نفسها، في الهواء، بسرعة 300م/ث. ويؤدي التفاوت، في سرعتَيهما، إلى مفارقات غريبة؛ فالمستمعون للإذاعة، في الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، يمكنهم سماع مقطوعة موسيقية، تُبَثّ، مباشرة، من قاعة على ساحلها الشرقي، قبْل المشاهدين، الموجودين في الصف الأخير من القاعة.

4. كيف تُسْتَقبل البرامج الإذاعية (اُنظر جدول نطاق التردد)

تزوَّد أجهزة الاستقبال بما يمكّنها من التقاط البثّ بإحدى طريقتَين: تضمين الاتساع أو تضمين التردد، أو بكلتيهما معاً؛ ما يتيح للمستمع أن يحرك مؤشر الجهاز، لاختيار أيٍّ منهما. وتوفر أجهزة الاستقبال متعددة النطاقات، إمكانية استقبال نطاقات أخرى، مثل الموجات القصيرة، والاتصالات الجوية والبحرية.

وتعمل أجهزة المذياع بالقدرة الكهربائية المنزلية، أو بالبطاريات الجافة؛ إضافة إلى نوع ثالث، شاع في بدايات البثّ الإذاعي، ويُسمَّى الإذاعة البلورية، ويعمل بوساطة قدرة الموجات الإذاعية الملتقطة.

ويتكون الجهاز الإذاعي، العامل بالقدرة الكهربائية، من أربعة جزاء رئيسية: الهوائي، الموالف، المضخمات،الهوائي.

أ. الهوائي

قضيب، أو سلك فلزي، يلتقط موجات البثّ الإذاعي، ويمررها إلى الجهاز. وقد يكون كلّه داخل الجهاز؛ أو يكون جزءٌ منه داخله والجزء الآخر خارجه، كما هو حال جهاز السيارة. ويتكون الهوائي، في معظم مستقبلات الموجات، الطويلة والمتوسطة، من ملف موضوع حول قضيب من أداة مغناطيسية، تسمى الفريت.

وعند صَدْم موجة إذاعية الهوائي، تولد تيارات كهربائية ضعيفة جداً. وبسبب استقبال الهوائي للعديد من المحطات، في وقت واحد، يجب على المستمع أن يولف المستقبل على محطة معينة.

ب. الموالف

هو الجزء الذي يمكّن الجهاز، من تحسس ترددات معينة. ويوضح ناخب متصل بالموالف، ترددات، أو قنوات المحطات المولفة فيه؛ فلتوليف الجهاز، للاستماع إلى محطة الإذاعة البريطانية، مثلاً، التي تبثّ على تردُّد، قدره 684 كيلوهرتز، يجب اختيار الرقم 684 على مجال الموالف.

ويسمى قلب الموالف أو مؤشر الاختيار المكثف المتغير، ويتكون من مجموعتَين متداخلتَين، من ألواح شبه دائرية، إحداهما ثابتة، بينما تتحرك الأخرى، عند تحريك مفتاح التوليف. وينتج هذا التحرك تغييرات في دوائر جهاز المذياع،  تجعله حساساً إزاء الترددات المختلفة.

ج. المضخمات

وهي تضخم إشارة البرامج، المستقبلة بوساطة الموالف. والمضخمات في المذياع العادي، أجزاء من دائرة، تسمى الدائرة المغايرة الفوقية. وأهم أجزاء تلك الدائرة، الآن، هي الترانزستورات والدوائر المتكاملة. وكان معظم الأجهزة الإذاعية، المصممة قبل عام 1960، تستخدم صمامات، تسمى الصمامات المفرغة.

وتتكون الدائرة المغايرة الفوقية، من أربعة أجزاء رئيسية، هي: المحول، مضخم التردد المتوسط IF، الكاشف، مضخم التردد السمعي AF. ويتولى المحوّل، أولاً، تحويل إشارات البثّ المستقبلة الضعيفة، إلى إشارة ذات تردُّد أقلّ، يسمى التردد المتوسط. ثم تضخَّم الإشارة، بتمريرها ضمن مرحلة تضخيم التردد المتوسط، المكونة من مضخم واحد، أو عدة مضخمات IF. وتمر الإشارات، بعد ذلك، عبْر دائرة الكاشف، الذي يحذف الموجة الحاملة، مبقياً على التردد السمعي، الذي يمثل البرنامج المذاع. وأخيراً، يعمل مضخم التردد السمعي على تضخيم الإشارة، ثم يرسلها إلى المِجْهار.

د. المِجْهار (مكبر الصوت)

يحوّل المجهار الإشارة الكهربائية إلى شكلها الأصلي، أي الترددات السمعية. ويتكون من جزءَين أساسيَّين، هما: المغناطيس الدائم؛ وملف من الأسلاك، يسمى ملف الصوت، يرتبط ببوق، يصنع من الورق المقوى. وتمر الإشارة السمعية، الآتية من المضخم الأخير، خلال الملف وتمغنطه، فيتحرك في مجال المغناطيس الدائم؛ ما يجعل البوق يهتز، نتيجة تواتر الإشارة الصوتية، المارة في الملف، فيولّد اهتزازه موجات صوتية، تشبه تلك التي بُثَّت من خلال المجهار، منتجاً الصوت الأصلي.

5. مستقبلات الصوت المجسّم (الستريو)

يستطيع هذا النوع من المستقبلات، استقبال البرامج، المذاعة بطريقة الصوت المجسم، التي يحتاج تحققها إلى ثلاثة مجاهير أو أكثر، تجعل الأصوات تبدو للمستمع، وكأنه في مسرح أو قاعة كبيرة، تذاع فيها الموسيقى. ومثل أُذَني الإنسان، "تميز" المجاهير بين الأصوات، الصادرة عن الأماكن المختلفة من المسرح؛ وتستخدم تقنية، تدعى التجميع، لإرسال الصوت المجسم، باستخدام مرسل واحد. ويحتوي المستقبل على مجهارَين، على الأقل: أحدهما، خاص بالأصوات المنبعثة من جهة اليمين؛ والآخر، خاص بالأصوات الآتية من جهة اليسار. ولضمان جودة الصوت، يوضع المجهاران خارج المذياع، على مسافة محددة منه؛ ما يتيح للمستمع التحكم في مكانَيهما، حتى يحصل على نسخة مطابقة للصوت الأصلي.

6. إذاعة الموجات القصيرة

يعمل العديد من محطات البثّ الإذاعي، ضمن نطاق الموجات القصيرة، التي تراوح تردداتها بين 1.5 و30 ميجاهرتز. ويحدِّد طول الموجة المجالات الترددية للبثّ الإذاعي؛ فيسمَّى، مثلاً، نطاق التردد 17.7 ـ 17.9 ميجاهرتز، النطاق 16م. والنطاقات الأخرى، التي تستخدم الموجات القصيرة في البثّ هي النطاقات 11، 13، 19، 25، 31، 41، 49م. وفي المناطق المدارية، تستخدم النطاقات 60، 75، 90، 120م في البث الإذاعي؛ بينما تخصص الترددات الباقية لهواة الإذاعة، وأنظمة الاتصالات العسكرية، والملاحة البحرية والفضائية، وخدمات التلكس. بسبب الانعكاس، الذي يحدُث في طبقة الغلاف الأيوني (طبقة في الجو، تعكس الموجات الإذاعية)، يمكن الترددات القصيرة الانتقال إلى مسافات بعيدة؛ بل يمكن القول إنها هي الطريقة الوحيدة للاتصالات، في الأماكن غير المأهولة بالسكان، من الكرة الأرضية.

7. البثّ بالموجات القصيرة

يشغل أكثر من ثمانين بلداً في العالم، محطات بثّ إذاعي، تعمل على الترددات القصيرة. وتختلف برامجها عن تلك التي تبثّها المحطات المخصصة للمستمعين المحليين؛ إذ توجَّه الأولى إلى مستمعين بعيدين جداً؛ وتكون برامجها بلغة البلد الوطنية، خدمة لمواطنيه، الذين يعيشون خارجه، أو يعملون على متن السفن التجارية.

وتوجَّه البرامج، التي تستخدم لغات أخرى، إلى أقطار معينة. فهيئة الإذاعة البريطانية، مثلاً، لا تقتصر على البثّ باللغة الإنجليزية، بل تتعدّاها إلى لغات أخرى، كالروسية، والعربية، والفرنسية، والألمانية.

ويبثّ معظم محطات الموجات القصيرة، على العديد من الترددات، والعديد من النطاقات الترددية، في وقت واحد؛ لكي تضمن استقبالاً مؤكداً لمستمعيها، في أنحاء العالم كافة؛ فيستطيع المستمع في أوروبا، على سبيل المثال، التقاط محطة أمريكية قصيرة الموجة التقاطاً واضحاً، صباحاً، على النطاق 19م، ومساءً على النطاق 31م.

وتتكون برامج الموجات القصيرة، من الأخبار، العالمية والوطنية، والتعليقات والمقابلات والبرامج الثقافية، والمنوعات الأخرى. كما تشمل، في بعض الأحيان، الأغراض التعليمية، مثل تعليم اللغة الإنجليزية. لا تبثّ محطة الموجات القصيرة كثيراً من البرامج الموسيقية؛ نظراً إلى تأثّر الاستقبال بالتداخلات والظروف الجوية، ما يفقده نقاءه.

وتُستخدم الموجات القصيرة، كذلك، في أغراض الدعاية السياسية؛ ومصداق ذلك، ما حدث خلال فترة الحرب الباردة، حين عمد بعض الحكومات، في أوروبا الشرقية، بخاصة الدول التي تسيطر على إذاعاتها إلى التشويش على الدول الغربية.

8. مستقبلات الموجات القصيرة

للعديد من أجهزة الاستقبال نطاق واحد، أو عدة نطاقات، من الموجات القصيرة؛ إضافة إلى نطاق تضمين التردد ،ونطاق الموجة المتوسطة لتضمين الاتساع. ولأن الموجات، العاملة في نطاقات الموجات القصيرة، هي مكتظة، فإن عملية الموالفة، لاستقبال تردُّد معين، تكون صعبة جداً؛ إذ تكون ترددات الموجات القصيرة متقاربة تقارباً، يجعل الفاصل بين تردد وآخر 5 كيلوهرتز فقط؛ ما يؤدي، في كثير من الأحيان، إلى سماع محطتَين، في آن واحد. وللتغلب على ذلك، تُهندَس مستقبلات للموجات القصيرة، تدعى بالمستقبلات الاتصالية، ذات حساسية أعلى، تمكِّن المستمع من انتقاء محطات ضعيفة، متجاورة على مفتاح الانتخاب.

ويمكّن بعض أجهزة الاستقبال المتطورة، المستمع، من التحكم في الاختيار، أو في عرض النطاق؛ فزيادة عرض النطاق، تُحسِّن استقبال الصوت، إلا أنها تجعل الفصل بين محطة وأخرى، أكثر صعوبة. وتشمل مستقبلات الموجات القصيرة، على جهاز لضبط الموالفة الدقيقة (وهو قابض، يسمح بالموالفة، على مدى تردُّد ضيق)، يسمح بموالفة أكثر سهولة لمحطات البثّ. ويُزوَّد بعض مستقبلات الموجات القصيرة، بمقياس شدة الإشارة، أو مؤشر الموالفة؛ وبدائرة، تبدِّد، أو تقلّل من التشويش الناتج من التداخل.

وتستخدم مستقبلات الموجات القصيرة سلكاً، أو هوائياً، على هيئة قضيب، يوضع خارج الجهاز، حيث لا تستطيع هوائيات الفريت، الموضوعة داخل مستقبلات الموجات، الطويلة والمتوسطة ـ التقاط البثّ بالموجات القصيرة.

وثمة مستقبلات، ذات قدرة على الموالفة بشكل رقمي. وتزوَّد هذه الأجهزة، آلياً، بلوحة إدخال رقمية، شبيهة بتلك الخاصة بأجهزة الهاتف، ذات المفاتيح المرقمة؛ وما على المستمع، إلا إدخال رقم، يمثّل التردد المراد الاستماع إليه، فيظهر هذا الرقم على شاشة إظهار صغيرة، مصنوعة من بلور سائل. ويمكن تخزين عدد من الترددات، في ذاكرة جهاز الاستقبال، يمكن استدعاء أيٍّ منها، بالضغط على رقم؛ ففي إمكانك، على سبيل المثال، تخزين الترددات، في نطاق ترددات مختلفة للمحطة نفسها، واختيار نطاق الموجة الأفضل استقبالاً لتلك المحطة.

ويعتمد استقبال الموجات القصيرة، على عدة عوامل، تتعلق بالغلاف الأيوني. فالموجات الطويلة، تنعكس انعكاساً أفضل، أثناء الليل؛ بينما تنتقل الموجات الأقصر (10 ـ20م) إلى مسافات أبعد، خلال النهار. ويفسر ذلك قدرة على استقبال المحطات البعيدة، خلال أوقات محددة من اليوم.

يؤدي النشاط الشمسي دوراً مهماً، في الاستقبال بعيد المدى. فخلال فترة الأنشطة الشمسية العظمى، يعكس الغلاف الأيوني الموجات بشكل أفضل، ويزداد عدد المحطات البعيدة، الممكن استقبالها. ولكن العواصف المغناطيسية، الناجمة عن الوهج الشمسي، تؤثّر في ذلك، فيجب، أحياناً، استقبال الموجات القصيرة كلياً.

9. خدمات البث الإذاعي

يؤدي البثّ الإذاعي دوراً مهماً، في تهيئة فرص العمل، لآلاف العاملين في محطات البثّ، في كافة أرجاء العالم. فالمحطات الإذاعية وشبكاتها، تحتاج إلى مخططي برامج ومذيعين ومحررين وإخباريين وفنيين وعمال صيانة؛ كما تحتاج إلى كتّاب نصوص؛ إضافة إلى مسوّقي الإعلانات التجارية، الذين ينظمون الأعمال التجارية، مثل المحاسبة والعلاقات العامة، وغيرها.

ويتخصص موظفو المحطات الكبيرة، أو الشبكات، عادة، في أحد المجالات الأربعة التالية: البرمجة، الهندسة، المبيعات، الإدارة العامة. وتساعد الإعلانات التجارية على تسويق العديد من المنتجات، بدءاً من الغذاء وانتهاء بالسيارات. وتحصل الأغاني المذاعة والموسيقى، على شعبية كبيرة، تؤثّر في مبيعات تسجيلاتها تأثيراً فاعلاً. ويباع الملايين من أجهزة المذياع في أنحاء العالم، كل عام.

10. المحطات والشبكات

المحطات الإذاعية نوعان: إذاعة الخدمة العامة، وتموّلها الحكومة؛ ولكنها قد تتلقى إعلانات، كذلك. والإذاعة التجارية، وتمتلكها الشركات الخاصة، التي تحقق الأرباح من الإعلانات. وتموّل بعض الدول، كذلك، محطات إذاعية غير ربحية، توجَّه، عادة، إلى الأقليات، أو ذوي الاهتمامات الخاصة. ويختلف تنظيم البثّ الإذاعي، من بلد إلى آخر. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، أكثر من 10 آلاف محطة تجارية، ذات ملكية خاصة. كما يوجد في أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا، وأغلب الدول الأوروبية، محطات، تجارية وغير تجارية. ولا يوجد في بعض الدول، مثل الهند وماليزيا، محطات تجارية.

يتخذ النظام الإذاعي، في أستراليا، ثلاثة أُطُر: المحطات الوطنية، التي تموّلها الحكومة الفيدرالية؛ والمحطات العامة، التي تموّلها شركات ذات طابع غير تجاري؛ والمحطات التجارية. ويفوق عدد المحطات التجارية 130 محطة؛ وعدد المحطات العامة 32 محطة، إضافة إلى خدمة البثّ الخاصة، التي تشغل العديد من المحطات، الخاصة بالجنسيات والأعراق المختلفة، وتقدم خدماتها بنحو 45 لغة.

وهيئة الإذاعة البريطانية، هي المنظمة الإذاعية القومية الرئيسية، في بريطانيا. وهي غير تجارية. ولها خمس محطات قومية؛ إضافة إلى المحطات الإقليمية، مثل إذاعة السايمرو، الخاصة بمنطقة ويلز؛ وأكثر من 50 محطة محلية. وهذه المحطات، يمكن أن تُوصل بالمحطة القومية، بوساطة شبكات؛ فيصبح في الإمكان بثّ البرامج القومية من محطات محلية. ويوجد في بريطانيا أكثر من 180 محطة تجارية، قومية ومحلية.

والاستماع إلى الإذاعة في معظم أنحاء آسيا وأفريقيا، يختلف في أمريكا وأوروبا وأستراليا. ففي الهند، على سبيل المثال، حيث الإذاعة وسيلة مهمة، في مجالات متعددة، مثل التعليم، وتعرّف أساليب الزراعة المتطور ـ كثير من المواطنين، لا يمتلكون أجهزة مذياع؛ وإنما يستعيضون عنها بالاستماع إلى الإذاعات، في الأماكن العامة. وتبثّ إذاعة كل الهند بستين لغة ولهجة.

وتضمِّن محطات الإذاعة التجارية برامجها الإعلانات التجارية، الخاصة بالمعلنين، الذين يودون الوصول بمنتجاتهم إلى أكبر عدد من المستمعين، الذين كلما ازدادت أعدادهم، ازدادت رسوم الإعلانات. ويعقد بعض المحطات التجارية، اتفاقيات عمل مع الشبكات الوطنية، أو شبكات الخدمة على المستوى القومي، التي تقدِّم إليها بعض البرامج المحلية، مثل نشرات الأخبار.

وتكتسب محطات البثّ دوراً شديد الأهمية، في المجتمعات المحلية، حيث تعلن، مثلاً، مواعيد المناسبات والأحداث، ذات الصفة الخاصة؛ كما تفتح المجال أمام المستمعين، لمناقشة البرامج، من خلال الاتصال الهاتفي المباشر. ويمكن المستمعين، في المناطق الحضرية، متابعة النشرات، الخاصة بحركة السير وتغييرات نظام المرور.

11. التنظيم الحكومي للبثّ الإذاعي

تنظم الدولة استخدام موجات الإذاعة، بعدة وسائل، ولعدة أسباب، مثل وضع نظام لمستخدمي القنوات الإذاعية؛ ولولا ذلك لتداخلت الإشارات الإذاعية، فحالت دون وضوح الاتصال المطلوب. وينظم العديد من الحكومات استخدام موجات البثّ الإذاعي، لأسباب أخرى؛ فبعضها تستخدم الإذاعة في الترويج لأفكارها وسياساتها، والحيلولة دون بثّ الأفكار المعارضة.

وهيئة الإذاعة البريطانية هيئة غير تجارية، تُموّل من طريق الرسوم المحصلة من مالكي أجهزة التليفزيون. وتعين هيئة البثّ المستقلة (الهيئة الإذاعية المستقلة) الشركات التي تشغل المحطات التجارية، وتشرف على البرامج؛ إضافة إلى مراقبة الإعلانات. وتراقب البرامج الهيئة الخاصة بالمواصفات والمعايير، التي تنظر، كذلك، في شكاوى المستمعين من إذاعة برامج العنف والجنس، مثلاً.

وهيئة الإذاعة الأيرلندية مسؤولة عن البثّ الإذاعي، في جمهورية أيرلندا، حيث تحصل على دخْل، من إعطاء التراخيص والإعلانات. وتُعيّن الحكومة تسعة أعضاء في الهيئة، من بينهم المدير العام.

وتدار الإذاعة الوطنية في أستراليا، بوساطة هيئة الإذاعة الأسترالية. وتمنح الإذاعة تراخيص بثّ جديدة لمحطات، عامة وتجارية؛ وكذلك، تجدد التراخيص القديمة، وتراقب البرامج الإذاعية. وهيئة الإذاعة في نيوزيلندا، هيئة عامة، تتحكم في إدارة كل من الشبكات، التجارية وغير التجارية.

وتبثّ هيئة إذاعة جنوب إفريقيا أكثر من 20 خدمة إذاعية، خمس منها على المستوى القومي. ويعين رئيس الدولة أعضاء الهيئة. بينما يتولى إدارة العمال اليومية، المدير العام، ولجنة الإدارة.

وتتحكم حكومات العديد من الدول في البثّ الإذاعي. بيد أن بعض الدول، تمنح محطات الإذاعة الحريات نفسها، التي تمنحها مواطنيها. ويسمح معظم الدول الديموقراطية بحُرية كبيرة في البثّ؛ بينما تضع الحكومات الشمولية قواعد صارمة على البثّ الإذاعي، لأغراض سياسية، بل استخدم بعضها، خلال التاريخ المعاصر، الإذاعة كوسيلة سياسية. ففي عام 1930، وضعت الإذاعة الألمانية، في خدمة البثّ الدعائي، لزيادة شعبية القائد النازي، أدولف هتلر. واستخدمت، بالطريقة نفسها، من قِبَل الحكومات الشيوعية، لتقديم نظرة غير موضوعية إلى ما يجري في العالم. فالإذاعات في تلك الدول، لم تكن حرة في أن تخطط وتقدم البرامج الإذاعية؛ لكنها بدأت تحظى بدرجة من الحرية، خاصة بعد الإصلاحات الديموقراطية، التي شهدتها في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن العشرين.