إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / جهاز المناعة




أحد أعراض مرض الإيدز
مرض الذئبة الحمراء
نظام عمل الخلايا القاتلة
أعراض مرض الروماتويد
تورم الغدة الدرقية

مكونات الجهاز المناعي
نظام عمل الخلايا الأكولة
نظام عمل الخلايا التائية
الخلايا البائية والتائية
استجابة الخلايا التنفسية للأنتيجين
تأثير السيكلوسبورين على المناعة
طريقة التهام الخلايا الأكولة




جدول توصيف الأشكال

سادساً: أمراض المناعة الذاتية

تحدث أمراض المناعة الذاتية Autoimmune Diseases، عندما تُهاجم خلايا المناعة، والأجسام المناعية، خلايا الجسم. ويحدث ذلك عندما يفشل جهاز المناعة في معرفة البصمة الجينية الخاصة بكل خلية، فتختل وظائفه، فيُهاجم خلايا الجسم على أنها غريبة عنه. وقد يؤدي ذلك إلى ضرر شديد، ومضاعفات خطيرة بالجسم، قد تنتهي بالشلل أو الوفاة. وهذا الخلل في جهاز المناعة قد يحدث في مكان واحد، أو عضو من أعضاء الجسد، أو أكثر، وقد يؤدي إلى حدوث مرض، أو مجموعة أمراض، تُسمى أمراض المناعة الذاتية Autoimmune Diseases. فإذا هاجم جهاز المناعة، مثلاً، الجهاز العصبي، فإنه يهاجم جزءاً معيناً من جدار الأعصاب، مسبباً حالة تسمى "التصلب المتعدد" Multiple Sclerosis، وهى تؤدي إلى حدوث شلل بالجسم كله.

أما إذا هاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس، فيؤدي ذلك إلى تدمير هذه الخلايا، ومن ثم يقل إفراز الأنسولين اللازم لحرق الجلوكوز، مما يسبب الإصابة بمرض البول السكري Diabetes Mellites. وفي حالة مهاجمة الجهاز المناعي لمكان اتصال الأعصاب بالعضلات Neuro- Muscular Junctions، يحدث ضعف، وارتخاء شديد بالعضلات، يسمى، "وهن العضلات الوخيم" Myasthenia Gravis. وقد يهاجم الجهاز المناعي، صمامات القلب، كما في حالات الحمى الروماتزمية Rheumatic fever، أو يهاجم الجلد ويسبب احمراراً بالوجه، في شكل جناحي فراشة على الخدين، كما في حالات الذئبة الحمراء Lupus Erythematosis. ويهاجم الجهاز المناعي أحياناً المفاصل مسبباً "روماتيزم المفاصل" Rheumatoid arthrites. وقد يهاجم جهاز المناعة أكثر من عضو بالجسم، مثل الجلد، والقلب، والكبد، والكلى، والطحال، كما في مرض الذئبة الحمراء Systemic Lupus Erythematosis.

1. أسباب حدوث أمراض المناعة الذاتية

أ. الوراثة

يسمى تحديد البصمة، أو الشفرة الجينية، الخاصة بكل إنسان، "مولّد المضاد الليمفاوي البشرى Human Lymphocyte Antigen. وهو عبارة عن بروتين معين موجود على جدار كل خلية، وتختصر إلى كلمة هلا HLA. وتُميّز هذه البصمة، أو الشفرة الجينية، كل إنسان عن الأخر، ولا يمكن تكرارها، إلاّ في حالات التوائم المتطابق Identical Twins. وقد أدرك العلماء أن هذه البصمة، أو الشفرة الجينية، هي التي تحدد من هم الأكثر تعرضا للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، أي أن هناك استعداداً وراثياً، يعني أن أمراض المناعة الذاتية، تحدث في عائلات أو أفراد، يحملون النوع نفسه، من البصمة الجينية. وقد أظهرت الأبحاث أن مرض "الروماتويد" Rheumatoid، يحدث في أشخاص، لهم بصمة جينية متشابهة، وكذلك مرض السكر.

ب. المشابهة في التركيب الكيميائي

عند حدوث عدوى بأحد الميكروبات، التي تشبه جزئياً في تركيبها الكيميائي خلايا أخرى بالجسم، يُفرز جهاز المناعة، أجساماً مضادة لهذه الميكروبات لتُهاجمها. وقد تخطئ هذه الأجسام، فتهاجم خلايا العضو المشابهة للميكروب، في التركيب الكيميائي. ومثال ذلك ما يحدث في حالة الإصابة بالميكروب السّبحي، الذي يحتوي على كبسولة خارجية، بها نوع خاص من البروتينات مشابهة للبروتين الموجود في صمامات القلب، خصوصاً الصمام الميترالي Mitral Valve، وكذلك في خلايا الكلى، مما يُحدث حمى روماتيزمية Rheumatic Fever، أو التهاباً بالكلى Glomerulonephritis. وقد تحدث أمراض المناعة الذاتية، كذلك، بسبب التصاق الجسم الغريب بخلايا الجسم البشرى، مما يجعل جهاز المناعة يهاجم ويتفاعل، مع الاثنين معاً.

ج. الغدة الصعترية أو التيموسية

أثبتت بعض الأبحاث أن الخلايا التائية T-cells، التي تنتجها الغدة التيموسية، يخرج معها كذلك خلايا تثبط عمل هذه الخلايا T-suppressor cells. فإذا قل إنتاج هذه الخلايا المثبطة، تستمر الخلايا التائية في نشاطها المناعي، ومهاجمة خلايا الجسم المختلفة، بعد انتهاء عملها مع مولدات المضادات، مسببه أمراض المناعة الذاتية. وقد لوحظ أن استئصال "الغدة التيموسية"، ينتج عنه أمراض تماثل أمراض المناعة الذاتية.

د. أسباب أخرى

تناولت الأبحاث الخاصة بأسباب حدوث أمراض المناعة الذاتية، عامل العمر، حيث ثبت أن هذه الأمراض تزيد نسبتها مع تقدم عمر الإنسان. وكما تُصاحب أمراض نقص المناعة، أيضاً زيادة في نسبة حدوث أمراض المناعة الذاتية. وكذلك أثبتت الأبحاث، زيادة نسبة أمراض المناعة الذاتية، في الإناث أكثر من الذكور.

2. أنواع أمراض المناعة الذاتية

تشمل هذه المجموعة من الأمراض، عدداً غير قليل، يصيب بعضها عضواً واحداً من الجسم، وبعضها عدة أعضاء في أن واحد. ومن أهم هذه الأمراض:

أ. مرض الذئبة الحمراء Systemic lupus Erythematosis

يعد مرض الذئبة الحمراء، من أشهر أمراض المناعة الذاتية، ويصيب هذا المرض الجلد ويحدث خللاً في معظم أعضاء الجسم. ونسبة الإصابة به في الإناث، أربعة أضعاف نسبتها في الذكور. وهو يتميز بفترات نشاط، تعقبها فترات قد يتحسن فيها المريض، وتقل حدة المرض.

(1) التفسير المناعي للذئبة الحمراء

يُعزى حدوث هذا المرض إلى وجود أجسام مضادة للحامض النووي DNA وهو اختصار لمصطلح Desoxy Nucleic Acid. في جسم المريض، وكذلك وجود خلايا ذات شكل خاص تحت المجهر، سميت: خلايا الذئبة الحمراء Lupus Erythematosis cells، وتختصر L.E. cells. وتوجد هذه الأجسام المضادة في الدم، والأنسجة المصابة، مثل الجلد، والكلى. ولم يُعرف، حتى الآن، سبب وجود هذا الجسم المضاد للحامض النووي، الذي يسمى Anti- DNA. كما اكتشفت أجسام مضادة أخرى، ضد كرات الدم الحمراء، والبيضاء والصفائح الدموية. ويؤدي ذلك إلى حدوث نزيف وأنيميا.

تعد زيادة الإصابة في بعض الأفراد، والعائلات، دليل على الاستعداد الوراثي للمرض، وذلك في بعض الحالات، التي تحتوي على نوع معين من البصمة، أو الشفرة الجينية HLA.

أثبتت الأبحاث أن هرمون الأنوثة Estrogen Hormone، يساعد على تكوين الأجسام المضادة للحمض النووي، كما يساعد، كذلك، على زيادة حدة الأعراض. وعلى العكس من ذلك، فإنّ هرمونات الذكورة Androgens، تقلل من تكوّن الأجسام المضادة للحامض النووي. وهذا يفسر حدوث المرض في الإناث، بدرجة أكبر من حدوثه في الذكور.

(2) الأعراض

(أ) الجلد

تُعد إصابة الجلد هي الأكثر شيوعاً عن باقي الأعضاء، وتظهر على هيئة بقع حمراء مغطاة بقشور رقيقة على الخدين، والأنف. وتزداد هذه البقع عند التعرض للشمس، وتأخذ أحيانا شكل الفراشة Butterfly Shape، أي يعد الأنف هو جسم الفراشة، والبقع على الخدين تمثل أجنحتها. وقد تختفي هذه البقع بلا أثر، وقد تسبب ندبة بسيطة بالجلد. (أُنظر صورة مرض الذئبة الحمراء)

(ب) الفاصل والعضلات

تُعد إصابة المفاصل والعضلات، وحدوث آلام بها، من أكثر أعراض مرض الذئبة الحمراء حدوثاً. وهي تصيب كافة مفاصل الجسم.

(ج) الأغشية البلورية والبروتينية

يُحدث مرض الذئبة الحمراء، التهاباً بالغشاء البللوري المحيط بالرئة، ويصاحبه ألم وصعوبة في التنفس؛ كذلك يحدث التهاب في الغشاء المبطن للقلب، يسبب هبوطاً حاداً بالقلب. كما يمكن أن يصل الالتهاب إلى الغشاء البريتوني المحيط بالأمعاء، ويصاحب ذلك ألم بالبطن، وقيء مستمر، قد يؤدي إلى الوفاة، ما لم يعالج فوراً.

(د) الكلى والجهاز العصبي

يُحْدِث ترسيب للمركبات المناعية بأنسجة الكلى، مما يسبب فشلاً كلوياً وارتفاعاً في الضغط. وكذلك قد يُحدث ترسيب لهذه المركبات المناعية في المخ، مسببة، اكتئاباً، وصداعاً نصفياً أو شللاً.

(هـ) الإجهاض المتكرر

يُعد حدوث إجهاض متكرر، دون سبب واضح، أحد أعراض هذا المرض. ويُنصح بعدم إقدام المصابات بهذا المرض، على الحمل، لخطورته على قلب وصحة الجنين والأم.

(3) التشخيص المعملي

(أ) سرعة الترسيب Erythrocytc Sedimentation Rate: ESR تكون عالية في معظم الحالات، وتدل على وجود نشاط زائد في الجهاز المناعي.

(ب) أنيميا لكل مكونات الدم Pancytopenia: تتميز بحدوث نقص في عدد كرات الدم الحمراء، ونقص في عدد كرات الدم البيضاء، ونقص في عدد الصفائح الدموية.

(ج) إجراء اختبارات خاصة: يُراد بها الكشف عن الأجسام المضادة للحامض النووي DNA، وكذلك الأجسام المضادة لعوامل التجلط وكرات الدم الحمراء.

(د) قياس معامل الروماتويد Rheumatoid factor: يوجد هذا المعامل، في بعض أنواع الروماتويد، وتسمى "معامل الروماتويد الموجبة"، وفي حالة عدم وجوده، تسمى "معامل الروماتويد السالبة". ويستخدم هذا المعامل لتقسيم أنواع الروماتويد. وقد ثبت أن 30% من حالات الذئبة الحمراء، تكون إيجابية لهذا المعامل.

(4) العلاج

(أ) علاج عام

ويشمل إعطاء الفيتامينات، وعلاج ارتفاع الحرارة، وتناول مهدئات لآلام المفاصل، وعلاج المضاعفات، مثل أمراض القلب والرئة، حسب درجة الإصابة الناتجة.

(ب) علاج متخصص

ويشمل استخدام الأسبرين، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج الملاريا، التي ثبتت فائدتها في علاج بعض حالات الذئبة الحمراء، مثل الكلوروكوين Chloroquine. وكذلك استخدام مركبات غير كورتيزونية. ثم يأتي العلاج الحاسم لمعظم هذه الحالات باستخدام مركبات الكورتيزون، إما موضعياً على الجلد المصاب، أو من طريق جرعات كبيرة بالفم، أو الحقن، مع التقليل التدريجي لهذه الجرعات عند تحسن الحالة.

ب. مرض الروماتويد Rheumatoid Arthritis

يُعد الروماتويد من الأمراض المزمنة، وهو يصيب مفاصل الجسم المختلفة بصورة أساسية، ولكنه يصيب، كذلك، أجهزة أخرى، مثل: الجهاز العصبي، والجهاز البولي، والجهاز الدوري. ومثل معظم أمراض المناعة الذاتية، فان نسبة الإصابة به في الإناث تزيد عنها في الذكور، إذ تصل إلى نسبة 1:3.

وتُعد المفاصل الصغرى بالكفين والقدمين، من أكثر المفاصل تعرضاً للإصابة بهذا المرض، الذي يمتد ليشمل باقي المفاصل. وقد يؤدي أحياناً إلى حدوث التهابات بالأوعية الدموية، أو الأوعية والغدد الليمفاوية. وكذلك يحدث نقصاً في كرات الدم البيضاء، وتضخماً في الطحال. ويُعزى حدوث مرض الروماتويد إلى الاستعداد الوراثي، والبصمة الجينية HLA، أو إلى وجود نوع معين من فصائل الخلايا البيضاء، حيث لوحظ ذلك في كثير من المرضى. كما أثبت بعض العلماء وجود علاقة بين مرض الروماتويد، وبين الإصابة بنوع معين من الفيروسات أو البكتريا.

(1) التغيرات المناعية، المؤدية إلى حدوث الأعراض

تُفرز الخلايا الليمفاوية الموجودة بالمفصل، أجساماً مضادة، تُسمى "عامل الروماتويد" Rheumatoid Factor، يعده الجسم غريباً عنه، فيفرز الجهاز المناعي أجساماً مضادة من النوع IgM, IgG. وتتحد الأجسام المضادة مع عامل الروماتويد، مكونة عقداً مناعية بروتينية، تترسب في خلايا الغشاء الزلالي للمفصل Synovial Membrane.

ويعمل هذا الترسيب، على تنشيط المركب البروتيني المكمل The complement، وتفرز مواد ونواتج لهذا التفاعل، تجذب كرات الدم البيضاء، ويزداد الالتهاب، ويزداد إفراز المواد، والأنزيمات والتفاعل، مع عامل الروماتويد، فتتكون عقد مناعية جديدة، تترسب في المفصل، ما يسبب ألماً شديداً فيه، خصوصاً عند الحركة. ومع استمرار عملية الترسيب هذه، يصبح سطح العظام عارياً من الغضاريف، التي تحمى نهايات العظام من الاحتكاك، بعضها ببعض، ويحدث تضخم في حجم المفصل، وارتخاء في الأربطة المحيطة به، وينتهي المرض بحدوث تشوهات في المفاصل. (أُنظر صورة أعراض مرض الروماتويد)

(2) الأعراض

غالبية المصابين بمرض الروماتويد، من متوسطي العمر بين 20-40 عاماً. وتبدأ الشكوى بأعراض عامة، مثل الشعور بالإرهاق، وفقد الشهية، والوزن، مع ارتفاع طفيف في الحرارة. ويبدأ الشعور بتيبس في المفصل، أو حدوث ألم عند الحركة، خصوصاً في الصباح. ثم يبدأ التيبس، والألم في التحسن مع الحركة أثناء النهار. وأهم ما يميز أعراض آلام المفاصل لمرضى الروماتويد، عن غيره من آلام المفاصل وأمراضها، هو حدوث الألم في الصباح، وتحسنه، بعد ذلك.وكذلك حدوث تورم، واحمرار، وسخونة، في المفصل. كما أن الإصابة تبدأ في معظم الحالات بالمفاصل الصغرى، مثل أصابع اليد، والرسغين، وتحدث في الناحية اليمنى، واليسرى معاً وبالدرجة نفسها. وتستمر إصابة المفاصل لمريض الروماتويد، فتصل إلى مفاصل الفخذ والركبتين والقدمين والكتفين والكوع، بل قد تصل إلى الفقرات العنقية، أما باقي الفقرات فلا تتعرض للإصابة. وقد يمتد تأثير المرض إلى أجهزة أخرى في الجسم، مثل:

(أ) القلب

يصاحب مرض الروماتويد، التهاب في الجزء الخارجي لعضلة القلب Pericardium، ونتيجة لذلك قد يحدث ارتشاح Effusion في الغشاء المحيط بتلك العضلة Pericardial Membrane، ما يؤدي إلى ألم في الصدر، وارتفاع في الحرارة، وسرعة في التنفس.

(ب) الجهاز التنفسي

يحدث التهاب في الغشاء البلوري المبطن للرئة، وانسكاب بللوري، ما يؤدي إلى ضيق في التنفس.

(ج) الأوعية الدموية

تترسب العقد المناعية البروتينية في جدر الأوعية الدموية، أو داخلها، محدثة قصوراً في وصول الدم إلى بعض الأجهزة الحيوية، مثل القلب، فتسبب ذبحة صدرية، أو الكلى، فتؤدي إلى فشل كلوي حاد، أو الجهاز الهضمي، محدثة انسداداً معوياً.

(د) الجلد

وتترسب العقد البروتينية المناعية تحت الجلد، في المناطق المعرضة للضغط والاحتكاك، مثل أسفل الكوع، ومؤخرة الرأس، والفقرات العجزية. وهي غير مؤلمة، وتكون مستديرة، أو بيضاوية، ثابتة، أو متحركة.

(هـ) العين

يحدث جفاف في العين في حوالي 10% من الحالات، نتيجة لقلة إفراز الدموع بسبب ترسب العقد البروتينية المناعية في الغدد الدمعية. ويصاحب ذلك جفاف في اللّعاب، نتيجة حدوث ترسيب للعقد البروتينية المناعية، في الغدد اللعابية.

(و) فقر الدّم "أنيميا"

تقل نسبة الهيموجلوبين في دم المريض، كلما ازداد نشاط المرض؛ وتعود النسبة إلى طبيعتها عند حدوث هدوء نسبي لهذا النشّاط. وتحدث الأنيميا عموماً بسبب فقد الشهية، وسوء التغذية المصاحبة للمرض.

ومثل أمراض المناعة الذاتية الأخرى، يحتوى العلاج على الكورتيزون والمسكِّنات، مثل: الأسبرين، والباراسيتامول والأبيبروفين، وغيرهم.

ج. مرض السكر Diabetes Mellitus

يعد مرض السكر من أكثر الأمراض شيوعاً في مختلف أنحاء العالم. وهناك مراكز بحوث متخصصة لدراسة هذا المرض، وطرق علاجه، وأسبابه. ويقسّم مرض السكر إلى نوعين، حسب سن المريض عند الإصابة به. فإذا حدثت الإصابة في سن مبكرة من الشباب، أو عند الطفولة، فهي تسبب نوعاً يسمى "سكر الأطفال" Juvenile Diabetes. ويحدث في هذا النوع ضموراً، وتليفاً في خلايا البنكرياس، فلا يفرز أنسولين. وتبدأ أعراضه في الظهور وهي، ألم شديد بالبطن، مع قيء مستمر، يصاحبه ارتفاع في الحرارة. وتستمر هذه الأعراض حتى يصاب الطفل بجفاف، وارتفاع شديد في نسبة السكر في الدم.

ويعتمد علاج هذا النوع من السكر على الأنسولين، لذا يسمى Insuline Dependent Diabetes. أما النوع الثاني، وهو سكر البالغين Adult Diabetes، فتحدث الإصابة به في سن متأخرة، بسبب عوامل وراثية أو بسبب السمنة، إذ يحدث استنزاف للبنكرياس بسبب كثرة تناول المواد السكرية، فيقل إفراز الأنسولين، وتبدأ الأعراض في الحدوث مثل شدة العطش، وكثرة التبول، خصوصاً في الليل، وجفاف الحلق، ونقص الوزن.

(1) التفسير المناعي لمرض السكر

يوجد في البنكرياس غدد كثيرة، منها ما يفرز العصارة البنكرياسية، التي تحتوي على أنزيمات تشارك في عملية الهضم، ومنها خلايا تفرز الهرمونات، تسمى "خلايا لانجرهانز" Langerhan's cell. ومن هذه الخلايا نوع يسمى، "خلايا بيتا" Beta-cells، وهي التي تفرز هرمون الأنسولين. ويتوقف عمل هذه الخلايا على نسبة السكر في الدم، فتزاد إفراز كميات الأنسولين، مع زيادة نسبة السكر في الدم، وتقل مع هبوط هذه النسبة. وتشير بعض الأبحاث إلى أن سبب مرض السكر، هو عدوى فيروسية، لأن ظهور المرض يحدث في بعض الحالات، عقب الإصابة بالغدة النكفية، أو الأنفلونزا، أو تغير في نوع البروتين الخاص بخلايا بيتا، بعد مهاجمتها وإصابتها بالفيروس.

وفي هذه الحالة يهجم جهاز المناعة على هذه الخلايا البنكرياسية، في عملية متخصصة لا تشمل خلايا البنكرياس الأخرى، التي تفرز العصارة البنكرياسية، أو أي نوع آخر من خلايا البنكرياس، بل تستهدف فقط "خلايا لانجرهانز" من نوع محدد، هو البيتا فقط، التي تفرز الأنسولين. ويدمّر جهاز المناعة هذه الخلايا محدثاً نقصاً في إفراز الأنسولين، بما يؤدي إلى عدم احتراق السكر في الدم، لتوليد الطاقة اللازمة للجسم. فتظهر نسبة الجلوكوز عالية بالدم، وتفوق هذه النسبة قدرة الكلى على منع مرور السكر في البول، لأن لها طاقة وقدرة محددة، مما يتسبب في نزول السكر بالبول، ومن ثم يرتفع تركيز السكر في مجرى البول عن باقي الجسم، فيتم سحب الماء من الجسم، ويحدث الإحساس المستمر بالعطش، وما يؤدي إلى شرب سوائل كثيرة لتعويض الجفاف الذي يحدث، فيشكل عبئاً على عمل الكلى أكثر من اللازم للتخلص من السكر الزائد، والماء المصاحب له، فتحدث كثرة التبول.

وفي الوقت نفسه، يحدث تغيير في نوع المواد المستخدمة لتوليد الطاقة، وإمداد الجسم بها؛ فالطريقة العادية لاحتراق سكر الجلوكوز وخروج الطاقة لا تعمل، لقلة الأنسولين اللازم لهذا الاحتراق، فيحاول الجسم الحصول على طاقة من المواد البروتينية، والمواد الدهنية فيقوم بتكسيرها لتوليد الطاقة اللازمة للجسم، ويؤدي ذلك إلى نقص في الوزن، وهو أحد أعراض مرض السكر. ومع استمرار احتراق المواد الدهنية والبروتينية، تنتج مواد حمضية غير مرغوب فيها، مثل الأسيتون Acetone، وحمض اللبنيك Lactic acid، فيسبب ذلك ارتفاعاً في حموضة الدم، ينتهي بغيبوبة السكر، التي قد تؤدي إلى الوفاة، إذا لم يعالج المريض.

(2) الأعراض

تتميز أعراض النوع الأول من مرض السكر، الذي يصيب الأطفال والشباب، بحدوث نوبات ألم في البطن، وقيء، وغيبوبة سكر. أما النوع الثاني، الذي يصيب الكبار بعد سن الأربعين، فأعراضه، عادة، نقص في الوزن، وكثرة التبول، وعطش شديد. وقد تحدث غيبوبة سكر في حالة عدم العلاج.

(3) المضاعفات

يمتد تأثير مضاعفات مرض السكر، إلى الكلى، محدثاً فشلاً كلوياً، أو إلى عصب البصر، ما ينتج عنه عمىً كاملاً. وكذلك يمتد إلى الجهاز العصبي، فيحدث التهاب بالأعصاب الطرفية، فتفقد القدرة على الإحساس، وتصبح الجروح الطرفية غير مؤلمة؛ وكذلك تتأثر الأوعية الدموية ولا توصل الدم إلى تلك الأطراف، ما يتسبب في صعوبة معالجة الجروح، بل حدوث تلوث شديد فيها.

(4) العلاج

يعتمد علاج النوع الأول من مرض السكر، الذي يصيب الأطفال والشباب، على حَقْن الجسم بالأنسولين تعويضاً عن عدم وجوده بالبنكرياس، ويستمر ذلك مدى الحياة. ويراعى، متابعة الحالة الصحية، والنفسية، والاجتماعية، للمصاب، مع تثقيف أسرته بكل المعلومات اللازمة لهذا المرض. ونجحت الآن عمليات زرع البنكرياس، وكذلك زرع خلايا البنكرياس في الغشاء البريتونى، لتُفرز الأنسولين. وهناك تجارب علاجية لاستخدام عقار السيكلوسبورن Cyclosporne، لتثبيط جهاز المناعة فلا تُهاجم خلايا البنكرياس، التي تفرز الأنسولين. وقد نجحت هذه التجارب في وقف إعطاء حقن الأنسولين لهؤلاء المرضى، ولكن تحدث مضاعفات لهذا العقار، مثل تثبيط الجهاز المناعي في أماكن أخرى، مما يؤدي إلى إصابات أي عدوى ميكروبية، قد تؤدي للوفاة. وهناك محاولات لإصلاح الجينات المسؤولة عن تنشيط جهاز المناعة، وذلك بعد اكتشاف هذه الجينات في المرضى.

أما النوع الثاني من السكر، الذي يصيب الكبار فوق سن الأربعين، فيعتمد علاجه أساساً على الالتزام بأنواع معينة من الأغذية، لا تحتوي على سكريات، أو نشويات، لأن البنكرياس قد استنفذ كل طاقته في إفراز الأنسولين لفترات طويلة، وأصبحت العادات الغذائية لهؤلاء المرضى فوق قدرة الأنسولين المتاح، من هذا البنكرياس المتعب.

ويؤدي الالتزام بالغذاء الخاص بمرضى السكر، إلى إعطاء البنكرياس فرصة يلتقط فيها أنفاسه من الإجهاد الشديد، ومن ثم تتحسن خلاياه بالتدريج، وتصبح كمية الأنسولين، التي يفرزها البنكرياس قادرة على التعامل مع كمية الجلوكوز القليلة، مما يحدث توازناً في الجسم، يؤدي إلى اختفاء الأعراض تماماً. ويجب الالتزام التام بهذا النظام الغذائي والاستمرار عليه، مع ممارسة الرياضة اليومية، وأفضلها المشي.

وتتجه بعض الأبحاث إلى وقف استخدام العلاج الدوائي لمرض السكر، الذي يؤدي إلى تنشيط خلايا البنكرياس لإفراز أنسولين، لأن البنكرياس في حالة إرهاق شديد، فلا يقُبل إرهاقه أكثر لإفراز أنسولين.

وفي بعض الحالات الحرجة والطارئة، مثل الجراحة، أو خلع الأسنان، أو دخول المستشفي للعلاج من أمراض أخرى، يفضل الأطباء استخدام الأنسولين فقط للسيطرة على نسبة السكر. وبعد شفاء المريض من الحالة الطارئة، يعود إلى النظام الغذائي، والرياضة، أو العلاج الدوائي.

د. أمراض الكلى

تعد أمراض الكلى الناتجة عن تغيرات مناعية بالجسم، من أكثر الأمراض الكلوية التي تنتهي في مراحلها الأخيرة بالفشل الكلوي، وتمثل حوالي 50% من جميع أمراض الكلى.

(1) الأسباب المناعية لأمراض الكلى

يبدأ المرض بتكوين أجسام مضادة لخلايا الكلى، تتحد مع الخلايا الكلوية، فيؤدي ذلك الاتحاد إلى تنشيط وتكوين المركب البروتيني المكمل. وتعمل الخلايا البالعة، على التخلص من هذه المركبات، التي تتزايد باستمرار، حتى تصل إلى مستوى معين يفوق قدرة الخلايا البالعة، فتحتجز هذه المركبات وترسبها بالكلى، مُحدثة التهابات، وأمراضاً مختلفة، تختلف باختلاف مكان الترسيب. وسبب تكوين هذه الأجسام المضادة، هو وجود مولدات مضادات من خارج الجسم، مثل الميكروب السبحي، الذي يؤدي إلى حدوث الحمى الروماتيزمية، إذا هاجمت الأجسام المضادة القلب، أو إلى التهاب في الكلى، إذا هاجمتها الأجسام المضادة. وهناك ميكروبات أخرى، وفيروسات، وطفيليات، مثل الملاريا أو البلهارسيا، تؤدي إلى تكوين هذه الأجسام المضادة.وكذلك توجد بعض الأدوية، واللقاحات، مثل الهيروين، وحقن الذهب المستخدم في علاج بعض مرضى الروماتويد، التي تؤدي إلى النتيجة نفسها.

وكذلك مولدات المضادات، التي تأتى من داخل الجسم، وتسبب تكوّن أجسام مضادة، تهاجم الكلى، مثل بعض حالات مرض الذئبة الحمراء، الذي يتكون فيها أجسام مضادة للبروتين النووي DNA. وكذلك، في بعض أنواع الأمراض السرطانية التي تحفّز جهاز المناعة إلى عمل تلك الأجسام المضادة.

(2) الأعراض

تختلف الأعراض حسب درجة إصابة الكلى، مكان التفاعل المناعي بها. ويظهر ـ عادة ـ الزلال في البول، وقد تكون كمية قليلة أو كثيرة، فإذا زادت نسبته يحدث تورم بالجسم، نتيجة لاحتجاز الماء فيه. وقد يحدث كذلك ارتفاع في ضغط الدم، ويتطور المرض سريعاً إلى أن ينتهي بفشل كلوي.

هـ. أمراض الدم

يبدأ الجسم في تكوين أجسام مضادة لمولدات المضادات Antigens، والموجودة على سطح كرة الدم الحمراء غير السليمة. وعند مهاجمة هذه الأجسام كرات الدم الحمراء، تُحدث بها تكسير يؤدي إلى فقر الدّم "أنيميا". وهذه الأجسام المضادة من النوعين IgM, IgG، يمكن التفريق بينهما، بناء على درجة الحرارة التي تتفاعل عندها هذه الأجسام، مع مولدات المضادات. فالأجسام من النوع IgG تتفاعل مع مولدات المضادات في درجة حرارة 37 مئوية، أما النوعIgM، فيتفاعل عند درجات حرارة أقل من 37 مئوية.

كيف تجري عملية تكسير كرات الدّم الحمراء

يلتصق الجسم المضاد IgG، بسطح كرة الدم الحمراء، فيُسهِّل ذلك من التصاقها بمستقبل موجود على سطح الخلية البالعة، فيبتلعها وقد يسبب التصاق الجسم المضاد بكرة الدم الحمراء، على أنها تغييراً أو تشويهاً في شكلها، فيتم حجزها في الطحال على أنها غير سليمة. وكذلك، ينشط المركب البروتيني المكمل، الذي يقوم بدوره في تكسير كرات الدم الحمراء. وأهم الأسباب المناعية لحدوث "الأنيميا"، هو عدم توافق فصائل الدم، أو تناول بعض الأدوية، التي تسبب تكسيراً في كرات الدم الحمراء، أو بسبب بعض الأمراض الوراثية، مثل "أنيميا الفول"، التي يسببها نقص أنزيم معين في جدار كرة الدم الحمراء ما يؤدي إلى تكسير هذه الكرات، إذا تناول المريض فولاً أو مثلاً أو خلافه. وكذلك يحدث تكسير لكرات الدم الحمراء، في بعض أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل الذئبة الحمراء.

و. أمراض الجهاز الهضمي

تمثل أمراض الجهاز الهضمي جزءاً كبيراً من أمراض المناعة الذاتية، ويسببها، غالباً، وجود بكتريا غير ضارة، أو بعض الجزيئات البروتينية، داخل الجهاز الهضمي، التي تتميز بقدرتها العالية على إحداث استجابة مناعية.

ومعظم أمراض المناعة الذاتية، التي تصيب القناة الهضمية، سببها خلل في الجهاز المناعي، تجاه مولدات المضادات الخارجية، وغير الضارة، أو الذاتية، ما يؤدي إلى تغييرات مرضية، تسبب حدوث هذه الأمراض.

(1) حساسية الأمعاء لمادة الجلوتين Gluten Hypersensitivity

توجد هذه المادة في القمح، والشعير، وهي مادة بروتينية، يفرز الجسم عند تناولها، أجساماً مضادة لها من النوع IgA، وذلك لدى بعض الأشخاص، الذين لديهم استعداد وراثي لهذا المرض. ويؤدي التفاعل المناعي، إلى ضمور في زوائد الأمعاء الامتصاصية، فتقل قدرتها على الامتصاص، فيحدث إسهال مستمر، ونقص في الوزن، وتأخر في النمو عند الأطفال، مع زيادة كمية الدهون في البراز. كما يحدث، كذلك، ضعف في التجلط، نتيجة لنقص فيتامين Vitamin K. ويُشخص هذا المرض بأخذ عينة من الأمعاء وفحصها، بواسطة منظار الجهاز الهضمي، حيث يظهر ضمور الزوائد الامتصاصية المبطنة للأمعاء. وتختفي الأعراض، والتغيرات الباثولوجية في الأمعاء، في حالة توقف المريض عن تناول المواد الغذائية المحتوية على الجلوتين. وإذا تناولها مرة أخرى، تعود الأعراض للظهور من جديد.

(2) التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis

هو التهاب مزمن بالقولون، يكون مصحوباً بظهور قرح صغيرة في الغشاء المخاطي المبطن للقولون، وذلك لتكوين أجسام مضادة للقولون، لسبب غير معروف حتى الآن.

وقد لوحظ انتشار هذا المرض في الدول الصناعية، وبين اليهود أكثر، كما أن نسبة حدوثه في الإناث تساوى، أو تزيد، قليلاً عن الذكور، ولا يوجد استعداد وراثي للإصابة به. كما أن أعراضه تحدث بصورة مفاجئة، أو تدريجية و تشمل:

(أ) إسهال شديد

(ب) رغبة في التبرز دون حدوث ذلك، وهو ما يسمى "التعنية".

(ج) خروج الدم من الشرج مع التبرز.

(د) تضخم القولون، وقد يستمر ذلك حتى يُحْدِث سرطاناً بالقولون.

ويعتمد تشخيص هذا المرض على أخذ عينة من القولون، من طريق منظار الجهاز الهضمي، وقياس الأجسام المضادة للقولون.

3. أمراض الكبد

يعد التهاب الكبدي الوبائي من أكثر أمراض الكبد انتشاراً، وهو يحدث نتيجة إصابة الكبد بفيروسات عديدة، أشهرها A, B, C, D, E، كما اكتُشف حديثاً غيرهم. ويعد الالتهاب الكبدي أA الأكثر حدوثاً، لأن العدوى تحدث من طريق تناول أطعمة ملوثة، ولكنه الأقل خطورة، إذ لا يتسبب في التهابات مزمنة بالكبد، أو مضاعفات أخرى. وأعراض الالتهاب الكبدي الوبائي هي: فقدان الشهية، وقيء، وارتفاع في الحرارة مع اصفرار بالعين، وتغير في لون البول. وتظهر التحاليل ارتفاع نسبة الصفراء بالدم، مع وجود أجسام مضادة خاصة بفيروس A. ويشمل العلاج عزل المريض لمدة ثلاثة أسابيع، مع إلزامه استخدام أدوات طعام خاصة به فقط، والامتناع عن أكل الدهون، والنشويات. أما الوقاية فتكون بالامتناع عن أكل الأطعمة المكشوفة.

أما الالتهاب الكبدي من النوعين B, C، فتحدث العدوى بهما من طريق استخدام الحقن غير المعقمة، أو من طريق نقل الدم، أو العلاقات الجنسية. وكذلك قد ينتقل الالتهاب من الأم المصابة إلى الجنين. وقد ثبت إمكانية العدوى بهذين النوعين من طريق أدوات الحلاقة، أو أدوات طب الأسنان. ويكون تشخيص الالتهاب بهذين النوعين، غالباً، من طريق الصدفة، أثناء الكشف الدوري، أو عمل تحاليل قبل نقل الدم، للتأكد من خلو الدم من هذا الفيروس أو الإيدز. ولهذين النوعين كذلك مضاعفات، مثل التحول إلى التهاب مزمن يتميز بارتفاع مستوى أنزيمات الكبد بالدم، وحدوث تليف بالكبد، وإصابته ببعض الأورام.

ولهذا فالوقاية هي أهم جزء من محاربة هذين المرضين، حيث لا يوجد علاج ناجح لهم حتى الآن، وذلك من طريق التأكد من خلو الدم من هذا الفيروس، ومن الإيدز، قبل إجراء عمليات نقل الدم، واستعمال الأطباء وهيئة التمريض القفازات الطبية والحقن البلاستيكية، وإعدامها بعد استخدامها.

وقد اكتشف حديثا المصل الواقي من بعض أنواع هذا المرض، حيث يحصن الأطفال إجباريا ضد الكبد الوبائي  B، في عمر شهرين، وأربعة شهور، وستة شهور. وكذلك يحصن الأطفال من عمر سنة ضد الكبد الوبائي A، وينطبق ذلك على الكبار. أما التهاب الكبدي من النوع C، فلم يتوصل حتى الآن إلى تحصين واق منه. ومن المهم أن تتخذ كل الإجراءات السّابقة، في حالة مرضى أنيميا البحر المتوسط، الذين يحتاجون إلى نقل دم شهرياً، أو مرضى الغسيل الكلوي، الذين يمارسون عملية الغسيل أسبوعياً، لتعرضهم، بصورة أكثر من غيرهم، لهذه الفيروسات.

4. أمراض الغدد الصماء Endocrinal disorders:[1]

  تتعرض الغدد الصماء بالجسم، إلى بعض مولدات المضادات، مثل ميكروب يصيب الغدة، يحمل تركيبة تشابه تركيب بروتينات خلايا هذه الغدد، فيفرز الجسم أجساماً مضادة تهاجم الميكروب، وتهاجم معه خلايا الغدة، فيحدث نقص في إفراز الهرمون الخاص بهذه الغدة. وقد تُحدِث هذه الميكروبات، أحياناً، التهاباً في خلايا الغدة، ما يؤدي إلى إفراز مواد مثل الأنترفيرون، أوالأنترليوكين Interferon or Interlukin، تحدث تغييراً في البروتينات الموجودة بسطح خلايا الغدة، فيعدها جهاز المناعة غريبة عنه، فتفرز لها أجساماً مضادة تهاجمها، وتتلفها، وينتج عن ذلك، نقص في إفراز الهرمون، مع زيادة هجوم الأجسام المضادة لخلايا أخرى، وهكذا تستمر هذه العملية.

ومن أشهر الأمراض المناعية، التي تصيب الغدة الدرقية Thyroid gland، مرض "الغدة الدرقية المزمن" Hashimotou disease الذي يصيب السيدات، ويؤدي إلى توقف عمل الغدة نتيجة تلف الخلايا. ويصاحبه ظهور أعراض نقص إفراز الغدة الدرقية، مثل الخمول، والكسل، والإمساك، وخشونة الجلد، وتغيير الصوت، وتتضخم الغدة، ما يستلزم إعطاء الهرمون كعلاج طبي، وأحياناً يُتطلب التدخل الجراحي.

وهناك كذلك مرض جريفز Grav's disease، الذي يتميز بحدوث زيادة في إفراز الهرمون، وزيادة في نشاط الغدة الدرقية، فيؤدي إلى رعشة في اليدين، وجحوظ في العينين، وعصبية زائدة، وسخونة الجلد، وزيادة في سرعة ضربات القلب. وتعالج هذه الحالة باستئصال الغدة، واستخدام اليود المشع لتقليل نشاط الغدة الدرقية. (أُنظر صورة تورم الغدة الدرقية) أما في حالة الغدة الجار كلوية Adrenal gland، فأشهر الأمراض المناعية التي تصيبها، هو مرض أديسون Addison's disease، الذي كان يحدث في الماضي ـ غالباً ـ بسبب ميكروب السّل. والآن كثيراً ما يحدث بسبب وجود أجسام مضادة لخلايا الغدة. ويؤدي ذلك إلى فقد الملح من الجسم، وهبوط في الضغط، وفقدان للشهية، وهزال.



[1] الغدد الصماء: هي الغدد التي لا توجد لها قناة يخرج منها إفرازها، بل تفرز الهرمونات في الدم مباشرة.