إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / أمراض الإنسان ومسبباتها




إدماء اللثة
مرض البلاجرا
مرض الجوثر
مرض الكساح
أعراض مرض أديسون
الجوثر البسيط
القراد (Ticks)
بعوضة على جلد إنسان
دودة الأسكارس
عيش الغراب (Mushroom)

مثيرات الحساسية
مراحل التهاب المفاصل
نزيف في الدماغ
نزيف في الفراغ تحت العنكبوتي
الأوعية الدموية في المخ
المفصل الطبيعي
التهاب مفصل الفخذ
التهاب المفاصل الروماتيزمي
التهاب فقرات الظهر
البكتيريا الواوية
البكتيريا الحلزونية
البكتيريا العصوية
الدودة الخطافية
الدودة الشريطية
الديدان الاسطوانية
الغدة الدرقية
الغدة الكظرية
تلوث البيئة
تركيب الخلية البكتيرية
تشخيص السكتة الدماغية
بكتيريا وحيدة الأسواط
بكتيريا المكوّرات العنقودية
بكتيريا عديدة الأسواط
بكتيريا ذات أسواط طرفيه
خلايا بكتيرية بها أهداب
دودة الترايكنيلا
دورة حياة البلهارسيا
رئة لمصاب بمرض تغبر الرئة
رأس الدودة الشريطية
عملية تنظيم السكر في الدم
فيروس ملتهم البكتيريا
فيروس مرض السعار
فيروس الإنفلونزا
فطر الخميرة (Yeast)
فطر عفن الخبز الأسود
قمل الرأس (Lice)




مقدمة

المبحث الأول

الأمراض غير المعدية

هي تلك الأمراض التي لا تسببها الميكروبات أو الجراثيم، وتشمل الأمراض التي تختل فيها وظائف الأنسجة والأعضاء الحيوية نتيجة عوامل وراثية، أو بيئية، أو تغذية غير متوازنة، أو أخطار وظيفية أو ضغوط نفسية وعصبية.

وتزداد نسبة انتشار هذه الأمراض ـ فيما عدا تلك الناتجة عن أسباب وراثية ـ بين كبار السن عنها في صغار السن والأطفال، إذ تحتاج تغيرات الأنسجة اللازمة لحدوث خلل وظيفي في معظم هذه الأمراض وقتاً طويلاً، لذا يطلق عليها "الأمراض المزمنة" Chronic Diseases. وتتعدد الأمراض غير المعدية، إلى الحد الذي يصعب معه إحصاؤها، فمنها ما يصيب الدماغ مثل السكتة الدماغية ومنها ما يصيب القلب ومنها ما يؤثر على الحالة النفسية أو الجهاز المناعي، وفيما يلي بيان لبعضها:

أولاً: السكتة الدماغية

هي موت أنسجة الدماغ. وقد تكون السكتة الدماغية كبيرة، وفي أنسجة مسؤولة عن إدارة وظائف حيوية في الجسم، فتؤدي إلى الوفاة، أو قد تكون صغيرة، فيتجاوزها المريض مع وجود بعض الإعاقات. ويختلف مكان الإعاقة ونسبتها باختلاف الجزء المتأثر من الدماغ، فقد ينتج عن السكتة عدم قدرة على الكلام وفقدان النطق، أو شلل في الأطراف.

وتحدث السكتة الدماغية، إذا انقطع إمداد الدم (أُنظر شكل الأوعية الدموية في المخ) إلى جزء من نسيج الدماغ، كأن يحدث انسداد في الأوعية الدموية المغذية لهذا النسيج، أو نزيف في الدماغ. فإذا انقطع إمداد الدم، حُرِمَت الخلايا العصبية في هذا الجزء من الدماغ من الأكسجين والغذاء، ثم لا تلبث أن تموت. فإذا ما ماتت هذه الخلايا ، فقدت مقدرتها على استقبال أو إرسال الإشارات الحسية والحركية للعضو، أو الجزء المنوط بها تنسيق وظائفه. الأمر الذي ينتج عنه فقدان وظيفة هذا العضو، فقداناً دائماً أو مؤقتاً.

وفي بعض الحالات، تقوم بعض الأنسجة السليمة في الدماغ بتعويض وظائف الأنسجة التالفة، فيستعيد العضو المتأثر وظائفه الطبيعية، فيما يعرف بالإعاقة المؤقتة.إلا أنه في أغلب الأحيان، لا تستطيع الأنسجة السليمة القيام بهذه الوظيفة، الأمر الذي ينتج عنه إعاقة دائمة.

وتختلف أسباب السكتة الدماغية، من مريض إلى آخر، بحسب عمره والظروف المحيطة به. ففي المسنين غالباً ما يكون ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، هما الطريقان المؤديان إلى السكتة الدماغية. فازدياد ضغط الدم، يؤدي إلى ازدياد الضغط المبذول على الأوعية الدموية الرقيقة في الدماغ، التي غالباً ما تكون قد فقدت مرونتها مع تقدم العمر، فتنفجر محدثة نزيفاً (أُنظر شكل نزيف في الدماغ)، و وسكتة دماغية (أُنظر شكل تشخيص السكتة الدماغية).

وقد تحدث السكتة الدماغية في صغار السن، إلا أنها غالباً ما تكون نتيجة لعيب خِلْقيّ، في شرايين الدماغ، بما يؤدي إلى تسرب الدم من شرايين الدماغ. وعادة ما يتجمع هذا الدم في الفراغ تحت العنكبوتي، محدثاً ما يسمى بنزيف الفراغ تحت العنكبوتي Subarachnoid Hemorrhages (أُنظر شكل نزيف في الفراغ تحت العنكبوتي). وقد يكون سبب السكتة كذلك، انسداد في الأوعية الدموية للدماغ، نتيجة تكون جلطة دموية به، أو حدوث سدة Embolus في وعاء دماغي دموي.

ثانياً: التهاب المفاصل Arthritis

هو واحد من الأمراض غير المعدية، الذي يصيب المفاصل (أُنظر شكل المفصل الطبيعي)، فيحد من حركتها الطبيعية، ويسبب آلاماً مبرحة. ويعد التهاب المفاصل الروماتيزمي Rheumatoid Arthritis أحد أكثر صور التهاب المفاصل شيوعاً. وأسباب هذا المرض غير معروفة على وجه التحديد إلا أنه يعتقد أنه أحد أنواع أمراض المناعة الذاتية Autoimmune Diseases، التي يقوم خلالها الجهاز المناعي بمهاجمة أنسجة الجسم وإفراز مضادات لها. ولا يفرق هذا المرض بين رجل وامرأة، أو صغير وكبير؛ فقد يصيب جميع الأعمار من الجنسين على السواء، إلا أن إصابته للأعمار الكبيرة تكون أكثر حدوثاً.

وعادة ما يصيب هذا المرض مفاصل الجسم الصغيرة، مثل مفاصل اليدين والقدمين. فتصبح هذه المفاصل ملتهبة، ومتيبسة، ومتورمة، وعاجزة عن الحركة. ويصاحب هذا، التهاب أغشية المفاصل Synovial Membranes وتورمها. ثم يبدأ بعد ذلك تآكل الغضاريف والعظام عند سطح التمفصل فيصبح المفصل مشوهاً (أُنظر شكل مراحل التهاب المفاصل) و(شكل التهاب المفاصل الروماتيزمي).

ومن الأعراض المميزة لهذا المرض، ظهور آلام شديدة في المفاصل عند الصباح، ثم تقل وتهدأ أثناء النهار. ويتسبب المرض كذلك في حدوث حمى وضعف عام، وشحوب في لون المريض. ويكون التشخيص النهائي للمرض عن طريق إجراء  اختبار للدم للكشف عن المضادات المصاحبة لالتهاب المفاصل الروماتيزمي.

وقد يصيب هذا المرض أكثر من عضو في الجسم في وقت واحد، إذ يمكن أن تتأثر كذلك أنسجة العين، والقلب، والرئتان، والأعصاب، والجلد.

وعلى الرغم من عدم وجود علاج حاسم لالتهاب المفاصل الروماتيزمي، فإنه يعتقد أن أدوية تثبيط المناعة القوية قد تكون ذات تأثير جيد. ويفضل مع تعاطي هذه الأدوية، التزام المريض الراحة التامة، والاستعانة بمسكنات للآلام أثناء نوبات الألم الشديد، وإجراء بعض التمارين الرياضية للمحافظة على حركة المفاصل المتأثرة، كيلا تتيبس تماماً، وتتشوه، ويصعب تحريكها.

أما مرض التهاب المفاصل العظمي Osteoarthritis، فهو يختلف عن التهاب المفاصل الروماتيزمي من عدة نواح. فالتهاب المفاصل العظمي، غالباً ما يصيب مفصلاً واحداً فقط، ولا يصيب أعضاء الجسم الأخرى. ويبدأ هذا المرض بتآكل في غضاريف المفصل، بما يجعلها رقيقة وخشنة ثم يَعْمُق هذا التآكل، حتى تحتك العظام بعضها ببعض عند سطح التمفصل مباشرة، وتصاحب هذا الاحتكاك آلامٌ شديدة، والتهاب في المفصل المصاب (أُنظر شكل التهاب مفصل الفخذ)، و(شكل التهاب فقرات الظهر). وأسباب هذا المرض عديدة، منها ما يكون ناتجاً عن عدوى ميكروبية أو استعداد وراثي أو كدمة شديدة في المفصل.

وعلى الرغم من عدم إمكانية إصلاح الغضاريف والعظام المتآكلة، فإنه يفضل أولاً، إعطاء بعض الأدوية المسكنة للآلام، ثم حقن كورتيكوستيرويد Corticosteroid لتخفيف حدة الالتهاب.

وعادة ما يصيب هذا المرض ذوي الأعمار الكبيرة، إذ يمثل التقدم في العمر، وما يصاحبه من تآكل فسيولوجي في الغضاريف، أحد العوامل التي تزيد من قابلية الإصابة بهذا المرض.

ثالثاً: الأمراض الهرمونية

هي أمراض تحدث نتيجة خلل في وظائف الغدد المفرزة للهرمونات، ويطلق عليها الغدد اللاقنوية أو الغدد الصماء[1] Endocrine Glands. والهرمون مادة كيميائية تصنع في الغدد الصماء  ثم تفرز إلى الدم مباشرة، فتسير فيه، لتصل إلى أعضاء الجسم المختلفة، فتحدث تأثيرها. وهناك عديد من أمراض الخلل الهرموني الشائعة التي سنذكر بعضاً منها، بإيجاز.

1. الخلل الهرموني في غدة البنكرياس (مرض البول السكري) Diabetes Mellitus

يعد مرض البول السكري من أكثر الأمثلة شيوعاً للأمراض الناتجة عن الخلل الهرموني. ويحدث هذا المرض نتيجة لنقص إنتاج الأنسولين (Insulin)، المُفْرَز من البنكرياس، أو نتيجة لعدم مقدرة خلايا الجسم على الاستجابة للأنسولين.

والأنسولين هو أحد هرمونين، يفرزهما البنكرياس، (الهرمون الثاني هو الجلوكاجون Glucagon، ويضاد تأثيره تأثير الأنسولين)، ويكونان معاً مسؤولين عن ثبات منسوب الجلوكوز في دم الإنسان (أُنظر شكل عملية تنظيم السكر في الدم).

ويقوم البنكرياس بإفراز الأنسولين عند ارتفاع منسوب السكر في الدم، وغالباً ما يحدث ذلك بعد الوجبات الغذائية مباشرة، فيسير الأنسولين في الدم ليصل إلى خلايا الجسم، وخصوصاً خلايا الكبد والأنسجة العضلية والدهنية، ويحثها على التقاط الجلوكوز من الدم، حيث تقوم بتمثيله غذائياً وتخزينه على هيئة سكر عديد يطلق عليه سكر الكبد أو "الجليكوجين". ولا يكتفي الأنسولين بهذه الوظائف فحسب، بل يقوم كذلك بحث الجسم على بناء البروتينات والدهون وتثبيط تكسرهما. لذا فإن الأنسولين يعمل على خفض منسوب السكر في الدم، وبناء مخزون للجسم من المواد الغذائية.

فإذا ما انخفض إفراز الأنسولين، أو فقدت الخلايا مستقبلات الأنسولين الموجودة على سطحها أصيب الجسم بمرض "البول السكري" Diabetes Mellitus. وفي هذا المرض تفقد الخلايا مقدرتها على التقاط الجلوكوز، المستخدم في إنتاج الطاقة من الدم، فيزيد تركيز الجلوكوز في الدم، فيعمل الجسم على التخلص منه مع البول مصاحَباً بكميات كبيرة من الماء، الأمر الذي يعطي إحساساً دائماً بالعطش. كما يُلجئ الجسم إلى استخدام مخزونه من الدهون والبروتينات للحصول على الطاقة، فيصاب المريض بالضعف والهزال.

لذا فإن من أبرز أعراض هذا المرض شيوعاً، زيادة عدد مرات التبول، مع ظهور سكر في البول، وإحساس غير عادي بالعطش، وضعف عام، وانخفاض ملحوظ في الوزن، ورغبة في هرش الجلد، وخصوصاً المنطقة التناسلية، واضطراب في الإبصار.

وهناك نوعان من مرض البول السكري هما، مرض البول السكري المتعلق بالأنسولين Insulin Dependent Diabetes Mellitus، ومرض البول السكري غير المتعلق بالأنسولين Insulin Independent Diabetes Mellitus.

فأما مرض "البول السكري المتعلق بالأنسولين"، فيحدث نتيجة عدم إفراز البنكرياس لهرمون الأنسولين، نتيجة خلل أو تدمير خلايا جزر لانجرهانز Islets of Langerhans، لأي سبب من الأسباب، كالعدوى ببعض الفيروسات مثلاً. ويُعالج هذا المرض بإعطاء جرعات يومية من الأنسولين عن طريق الحقن.

وأما مرض البول السكري غير المتعلق بالأنسولين، فيحدث عادة نتيجة السمنة، وقلة المجهود البدني. وفي هذه الحالة، يفرز البنكرياس الأنسولين بكفاءة عالية، إلا أن خلايا الجسم لا تستجيب لتأثير الهرمون. ويُعتقد أن خلايا كثير من هؤلاء المرضى لا تحتوي على مستقبلات الأنسولين.

ويُلجَأ، في هذه الحالة، إلى إعطاء المريض بعض الأدوية التي تزيد من حساسية الخلايا تجاه الأنسولين، فتصبح لها مقدرة على التقاطه والاستجابة له. إلا أن أفضل طرق العلاج على الإطلاق في مثل هذه الحالة، هو التحكم في نوعية الغذاء، حيث يتجنب الأغذية ذات المحتوى الدهني المرتفع والسكريات، مع الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة.

2. الخلل الهرموني للغدة الكُظْريّة Adrenal Gland Disorders

تقع الغدة الكُظْريّة فوق الكُليتين وتسمى كذلك "الغدة فوق الكلوية" (أُنظر شكل الغدة الكظرية). وتقسم وظيفياً إلى منطقتين؛ المنطقة الداخلية ويطلق عليها النخاع Medulla وتختص بإفراز هرمونَي الأدرينالين Adrenaline والنورأدرينالين Nor-Adrenaline، المسؤولَين عن رد الفعل التلقائي للخطر. والمنطقة الخارجية ويطلق عليها القشرة Cortex، وتختص بإفراز هرمونات القشرة المسؤولة عن تنظيم الجلوكوز Glucocorticoids، وأشهرها الكورتيزول، وهرمونات القشرة المسؤولة عن تنظيم الأملاح Mineralocorticoids، وأشهرها الألدوستيرون.

ويعمل هرمون الكروتيزول على زيادة النشاط الجسمي وذلك برفع مستوى الجلوكوز في الدم، وزيادة معدلات تكسير البروتينات إلى أحماض أمينية، ثم يقوم الكبد بتحويل هذه الأحماض إلى جلوكوز. كما يعمل الكورتيزول، كذلك، على تقليل حدة الالتهاب الناتج عن الحالات المرضية المختلفة، مثل الورم الحاصل نتيجة التهاب المفاصل.

أما هرمون الألدوستيرون، فيعمل على تنظيم ضغط الدم، وذلك عن طريق التحكم في كمية الأملاح الخارجة عن طريق الكليتين.

أما عن أهم الأمراض، التي يمكن أن تصيب الإنسان نتيجة الخلل الهرموني للغدة الكظرية، فهناك مرضان شهيران الأول: مرض أديسون، والثاني أعراض كاشينج.

أ. مرض أديسون Addison Disease

يحدث هذا المرض إذا قلت إفرازات هرمونات قشرة الغدة الكُظْريّة. وفي هذه الحالة، يصبح المريض منهك القوى، إذ يقل منسوب الجلوكوز في الدم، كذا يصير معرضاً للعدوى بأي نوع من الميكروبات. ومن الأعراض الشائعة لهذا المرض كذلك، انخفاض ضغط الدم، وتغير لون الجلد فيصير برونزياً (أُنظر صورة أعراض مرض أديسون).

ب. أعراض كاشينج Cushing Syndrome

وهي أعراض تظهر نتيجة لزيادة إفراز هرمونات قشرة الغدة الكُظْريّة. وقد تظهر في بعض الأحوال المرضية، إذا وجد ورم في قشرة الغدة الكظرية. ويبدو المريض مع هذا المرض، أكثر بدانة. وتتركز السمنة في منطقة الوجه والعنق، فيبدو على الوجه آثار أورام، كما تزداد القابلية للإصابة بالبول السكري، ويزداد ضغط الدم.

3. خلل وظائف الغدة الدرقية Thyroid Gland

الغدة الدرقية هي غدة كبيرة توجد في منطقة العنق وتكون ملتصقة بالقصبة الهوائية أسفل الحنجرة مباشرة (أُنظر شكل الغدة الدرقية). وتفرز الغدة الدرقية هرمونَي؛ الكالسيتونين Calcitonin، والثيروكسينThyroxin . ولما كان عنصر اليود داخلاً في تركيب هرمون الثروكسين، فإن الغدة الدرقية تقوم بامتصاصه من الدم، وتركيزه في أنسجتها، ليصل تركيزه فيها في النهاية إلى 25 مرة، ضعف تركيزه في الدم.

وقد تنخفض نسبة اليود في الغذاء، فتفقد الغدة الدرقية مقدرتها على إفراز الثيروكسين، وتكبر في الحجم. ويسمى هذا المرض بتضخم الغدة الدرقية البسيط، أو "الجوثر البسيط" Simple Goiter (أُنظر صورة الجوثر البسيط). ويمكن التغلب على هذه الحالة، باستخدام أملاح اليود كإضافات غذائية، أو باستخدام الملح المزود باليود Iodized Salts، في الطعام.

ويعد هرمون الثيروكسين مسؤولاً عن زيادة التمثيل الغذائي في الجسم. ولا يعمل هذا الهرمون على نوع واحد من الخلايا، أو يؤثر على عضو بعينه، وإنما يمتد تأثيره إلى خلايا الجسم كلها، فيحثها على زيادة الإسراع في التمثيل الغذائي، واستهلاك الجلوكوز، وإطلاق الطاقة التي يستخدمها الجسم في أنشطته كلها. وقد يصاب الإنسان  بقصور في وظائف الغدة الدرقية Hypothyroidism، متمثلاً في اختلال قدرتها على إفراز هرمون الثيروكسين، ومن ثم تظهر أعراض الميكسيديما أو الخزب Myxedema. وهو مرض جلدي، يتميز بجفاف الجلد، وفقدان الوزن، وتساقط شعر الجسم، وبطء نبضات القلب، وانخفاض درجة الحرارة، وفقدان النشاط الجسمي والعقلي للإنسان. وتعالج مثل هذه الأعراض بإعطاء جرعات علاجية من هرمون الثيروكسين، وذلك حتى يستعيد الجسم نشاطه الطبيعي.

وعلى جانب آخر، قد يصاب الإنسان بازدياد إفرازات الغدة الدرقية من هرمون الثيروكسين، على نحو ما يكون لدى إصابتها بورم أو سرطان، الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بمرض ازدياد نشاط الغدة الدرقية "مرض جريفز" Hyperthyroidism Graves Disease. وفي هذا المرض يزداد حجم الغدة الدرقية، وبالتالي يزداد نشاطها، بما يجعل المريض عصبي المزاج حاد الطباع، ويطرأ حدوث نشاط غير عادي، وأرق، وانخفاض الوزن، وبروز مقلتي العينين، لذا يسمى هذا أيضاً المرض بـ "الجوثر المُصَاحَب بجحوظ العينين" Exophthalmic Goiter (أُنظر صورة مرض الجوثر). ويمكن التغلب على هذا المرض باستئصال النسيج ذي النشاط غير العادي، في الغدة الدرقية، أو تدميره. وغالباً ما يُستخدم في تدميره اليود المشع، إذ تلتقطه الغدة الدرقية من الدم، ليتركز بها، حتى يصل إلى منسوب سامٍّ وكافٍ لتدمير النسيج المصاب.

كذا هناك عديد من الأمراض تنتج عن الخلل الوظيفي في عدد من الغدد الصماء الأخرى، كالخلل في المهاد، والغدة النخامية، الذي ينشأ عنه التقزم والتضخم.

رابعاً: الأمراض الوراثية

هناك بعض الأمراض، التي تورث للجنين من الأب، أو الأم، أو كليهما معاً. ويُعد كل من مَرَضَيْ سيولة الدم "الهيموفيليا" Hemophilia، وأنيميا الخلايا المنجلية Sickle Cell Disease من أشهر الأمراض الوراثية التي تصيب الدم. وهناك أمراض وراثية أخرى تصيب الجهاز العصبي، وبقية أعضاء الجسم وقد تظهر أعراض هذه الأمراض في مراحل مبكرة من العمر، أو في مراحل متأخرة . وقد تؤدي إلى الوفاة أحياناً.

كما أن هناك أمراضاً أخرى شائعة قد تورث في العائلة، مثل: أمراض ضغط الدم والسكر، إذ ترتفع نسبة الإصابة بهذه الأمراض في بعض العائلات، عنها في عائلات أخرى. الأمر الذي يُرَجِّح وجود عامل وراثي، يتحكم في مثل هذه الأمراض. وسوف نلقي الضوء هنا على نماذج لهذه الأمراض التي ثبت انتقالها عن طريق الوراثة.

1. مرض هانتجتون Huntington Disease

هو خلل يصيب الخلايا العصبية في الدماغ مؤدياً في النهاية إلى تحللها، وحدوث تشنجات عصبية عضلية.

ويبدو معظم المصابين بهذا المرض في حالة عادية جداً، إلى أن يبلغوا منتصف العمر. ثم تبدأ علامات المرض في الظهور. وقد يكون منهم من تزوج بالفعل قبل هذه المرحلة، وورَّث أولاده هذا المرض من دون أن يدري. وتظهر أول أعراضه على الأولاد في هذه الحالة في مرحلة المراهقة، أو قبل ذلك. ولا يوجد علاج معروف لهذا المرض حتى الآن. وتستمر الأعراض مده تراوح من 10 إلى 15 عاماً، وتنتهي بالوفاة. وفي عام 1993، وبعد جهود مضنية، تم عزل الجين المسؤول حدوث عن هذا المرض حيث تبين أنه يقع في الكروموسوم رقم 4. ولا تزال الأبحاث العلمية مستمرة للتوصل إلى علاج لهذا المرض الخطير.

2. الورم الليفي العصبي Neurofibromatosis

وهو من أكثر الأمراض الوراثية شيوعاً في العالم؛ إذ يصيب واحداً من بين كل ثلاثة آلاف، ولا يفرق هذا المرض بين جنس، أو عرق، أو شعب.

وتبدأ أول أعراض هذا المرض، عند الولادة، بظهور حوالي 6 بقع سمراء كبيرة على الجلد. وقد تزيد هذه البقع حجماً وعدداً واسوداداً. ويعقب ذلك ظهور أورام حميدة في أماكن هذه البقع، أو في أماكن أخرى من الجسم. ويطلق عليها الأورام الليفية العصبية، إذ تنشأ عن تجمعات من: الخلايا العصبية، والخلايا الليفية، وخلايا أخرى. وقد يعيش المريض حياة طبيعة في ظل هذه الأعراض، في أغلب الأحيان. وقد يصاب بتشوهات عظمية، أو بالصمم أو العمى. وذلك إذا ما ظهرت الأورام الليفية في أعضاء الحس المختلفة.

وقد استطاع الباحثون عزل الجين المسؤول عن هذا المرض في عام 1990، حيث تبين وجوده في الكروموسوم رقم 3 في الإنسان.

خامساً: التشوهات الخِلْقِيّة

تبلغ نسبة الأمراض الناتجة، عن تشوهات خلقية، حوالي 2% من أمراض الأطفال. وتُعد أمراض تشوهات القلب، أكثر هذه الأمراض انتشاراً، وأشدها خطورة؛ إذ تؤدي، في كثير من الأحيان، إلى فشل وظائف القلب. وقد تودي بالحياة كذلك. في حين تؤدي تشوهات الجهاز العصبي إلى تخلف عقلي، وإعاقة ذهنية دائمة، تستمر معها معاناة الفرد، ومن حوله، مدى الحياة.

وغالباً ما يكون سبب هذه التشوهات تعرض الأم أثناء الحمل[2] إلى أنواع من الإشعاع أو المواد الكيميائية أو الأدوية. لذا، تنصح الأم في الثلث الأول من الحمل (مرحلة تكوين أعضاء جسم الجنين) بعدم تعاطي أي أدوية أو مواد كيمائية والابتعاد عن التدخين، حفاظاً على الجنين وحماية له من هذه التشوهات الخلقية.

سادساً: الأمراض البيئية

هي أمراض تنتج عن التعرض للعوامل البيئية الضارة (أُنظر شكل تلوث البيئة). ويمكن تصنيف هذه العوامل إلى:

1. عوامل ناتجة عن الصناعة الحديثة

وتشمل ملوثات الهواء، مثل عوادم السيارات وأدخنة المصانع، وحرائق القمامة. وتسبب هذه الملوثات عدداً من الأمراض التنفسية، والالتهابات الرئوية. كذا تؤدي، في بعض الأحيان، إلى العمى، أو اضطراب الإبصار الناتج عن تلف أغشية العين.  

وهناك أيضاً ملوثات المياه المتمثلة في صرف المخلفات الصناعية والمجاري ونحوهما في الأنهار والمجاري المائية، الأمر الذي يؤدي ـ عند الاستهلاك الآدمي لهذه المياه ـ إلى عديد من أنواع السرطان والالتهابات الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي.

كما تُعد آلام الأذن والصمم الناتجان عن التلوث السمعي من أخطر الأمراض البيئية، إذ تؤدي الضوضاء الناتجة عن إدارة الآلات والميكنة الحديثة، والاستخدام المسرف لأبواق السيارات، ومكبرات الصوت إلى هذا النوع من التلوث.

2. عوامل ناتجة عن سوء استخدام الإنسان للمواد الكيميائية

وتشمل الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية التي تستخدم في مكافحة الآفات التي تهاجم ثمار الفواكه والخضروات المختلفة، إلا أنها تسبب أمراض الكبد والفشل الكلوي. كما تشمل كذلك، المواد الكيميائية التي تضاف إلى الأغذية المعلبة، لحفظها من التغير أو التعفن. ويطلق عليها المواد الحافظة. وقد ثبت، في كثير من الأبحاث العلمية، علاقة هذه المواد بنمو سرطانات مختلفة داخل الجسم.

وتؤدي الأدوية التي يساء استخدامها، في كثير من الأحيان، إلى نتائج عكسية، وأعراض مرضية، من بينها التسمم. كما ترتبط كثير من الصبغات التي تستخدم في الحياة اليومية، مثل صبغات الشعر والصبغات المضافة إلى الأكل، بظهور عديد من السرطانات، والفشل الكلوي، والفشل الكبدي.

سابعاً: الأمراض المهنية

وهي التي تنتج عن تعرض الإنسان لمسببات الأمراض الضارة الموجودة في بيئة عمله. فعلى سبيل المثال، يتعرض عمال المناجم ومصانع الحديد والتعدين، بصفة دائمة، لاستنشاق الغبار الملوث، الذي يؤدي إلى أمراض عديدة في الرئة، منها مرض تغبر الرئة أو الغبارية Pneumoconiosis (أُنظر شكل رئة لمصاب بمرض تغبر الرئة).

كما يتعرض العمال في مصانع الكيماويات كذلك، في كثير من الأحيان، للمواد الكيميائية السامة، التي قد تخلف آثاراً مدمرة، وأمراضاً فتاكة. ويتعرض الفلاحون كذلك، بصفة دائمة، إلى الكيماويات المستخدمة لمقاومة الحشائش والحشرات. وبشكل عام، تسبب كل هذه الكيماويات كثيراً من الأمراض الخطيرة، إذا دخلت الجسم عن طريق الاستنشاق أو البلع أو ملامسة الجلد.

كما يؤدي التعرض الدائم للإشعاع، كما هو حاصل مع فنيي الأشعة والعاملين في المجالات النووية، إلى تدمير المادة الوراثية، أو خلل دائم بها قد يورث فيما بعد. كذا تزداد نسبة الإصابة بالسرطانات المختلفة.

ثامناً: أمراض سوء التغذية

قد يعيش بعض الناس، في بعض بلدان العالم، تحت حد الفقر، فلا يجدون ما يقتاتون به، أو قد يجدون أقل القليل من الغذاء غير المتوازن، فيصابون بأمراض نقص التغذية. وهي أمراض تصيب الإنسان في مثل هذه الحالات، وتختلف أعراضها باختلاف نوع النقص وكمه.

فإذا عرفنا أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون تحت حد الفقر، فإن معنى هذا أن أغلب سكان الأرض معرضون لأمراض نقص التغذية Nutritional Deficiency. والأطفال هم أكثر الفئات تأثراً بهذه الأمراض، لمرورهم بأطوار نمو أولية لبناء أنسجة الجسم؛ يحتاج الجسم فيها إلى التغذية الصحيحة أكثر من أي مرحلة أخرى.

ونقص التغذية له أعراض عامة تظهر على المريض، مثل: شحوب اللون، والهزال، وضعف المناعة العامة للجسم، والنمو البطيء في حالة الأطفال.

وقد يكون مرض نقص التغذية، ليس عن قلة غذاء، وإنما عن نقص أحد عناصر الغذاء الهامة للجسم. وفي هذه الحالة، تظهر أعراض مرضية على الجسم، بحسب نوع العنصر. فنقص الكالسيوم أو الفوسفور، وهما عنصران هامان لبناء هيكل الجسم العظمي والأسنان، يصاحبه أعراض لين العظام وتآكل الأسنان.

أما نقص البروتين، فقد يؤدي إلى عدة أعراض، أهمها: الضعف العام، والهزال، وضعف المناعة. ونقص فيتامين (A)، قد يصاحبه مرض العشى الليلي، وضعف نمو العظام والأسنان. أما نقص فيتامين (D)، فيصاحبه الكساح في الأطفال، وهشاشة العظام في البالغين (أُنظر صورة مرض الكساح).

وقد يؤدي نقص فيتامين (C)، إلى الإصابة بمرض الأسقربوط Scurvy (أُنظر صورة إدماء اللثة). ومن أعراضه سرعة إدماء اللثة، وتأخر التئام الجروح. أما نقص فيتامين (B3)، أو النايسين Niacin، فيؤدي إلى الإصابة بمرض البلاجرا Pellagra، ومن أعراضه ظهور حروق والتهابات شديدة في مناطق الجلد التي تتعرض للشمس (أُنظر صورة مرض البلاجرا). وهناك أمراض، لا حصر لها تصيب الإنسان، نتيجة نقص التغذية، بصفة عامة، أو نقص عنصر هام من عناصرها بصفة خاصة.

ومن ناحية أخرى، قد يسرف الإنسان في مأكله ومشربه، بحيث يتجاوز في ذلك حاجة الجسم من الطاقة، فلا يجد الجسم مفراً من تخزينها، فيصاب بالتخمة، ويعاني من السمنة، وأمراض مختلفة مرتبطة بالسمنة.

ولا تقل أمراض زيادة التغذية، خطورة عن تلك الناتجة عن نقص التغذية؛ إذ ترتبط زيادة نسبة الدهون والبروتينات في الأكل، بصفة عامة، بازدياد نسبة الإصابة بأمراض القلب والسرطان.

فكثرة تناول الدهون تزيد قَطْعاً من نسبة الإصابة بسرطانات القولون، والكبد، والبنكرياس. كذا لوحظ وجه ارتباط بين كثرة تناول الأحماض الدهنية المشبعة الموجودة في اللحوم والزبد، وبين أمراض القلب والأوعية الدموية؛ إذ تترسب هذه الأحماض مع الكوليسترول على جُدُر الشرايين، فتعمل على إفقادها مرونتها الطبيعية، ومن ثم تصلبها، فيرتفع ضغط الدم، ويصاب الإنسان بأمراض القلب التابعة له. لذا يفضل استخدام زيوت الزيتون و الكانولا Canola في الطعام، وذلك لاحتوائها على أحماض دهنية غير مشبعة بحيث لا تترسب على جدران الأوعية الدموية.

تاسعاً: ًالأمراض العضوية النفسية

الأمراض العضوية العصبية هي عبارة عن خلل عضوي يحدث نتيجة شد عصبي أو نفسي. فازدياد الضغوط في العمل، والدراسة، والضغوط المالية، والصدمات العاطفية، تُعد من مسببات هذه الأمراض. ويتعامل بعض الناس مع هذه الضغوط عن طريق إخراجها، ومناقشتها مع الآخرين، لذا يتلاشى تأثيرها عليهم، في حين لا يستطيع آخرون إخراج مثل هذه الضغوط، ويميلون إلى كبتها بداخلهم، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث خلل عضوي. ومن أكثر الأمراض العضوية العصبية شيوعاً، الصداع العصبي، والقولون العصبي، وآلام الصدر والذراع والرجل والمعدة. كما يؤدي الكبت إلى تقليل مناعة الجسم ضد الأمراض المعدية، وغيرها من الأمراض.

عاشراً: أمراض متعلقة بالمناعة

هي أمراض تحدث إما نتيجة لعدم قدرة الجهاز المناعي على أداء وظائفه المنوطة به، من الدفاع عن الجسم، فتسمى هذه الحالة بأمراض نقص المناعة، وإما نتيجة لازدياد نشاط الجهاز المناعي في غير اتجاهه الصحيح. وفي هذه الحالة، تختلف الأمراض بحسب اختلاف رد فعل الجهاز المناعي.

فأمراض الحساسية، مثل: حمى القش Hays Fever، والشَّري[3]  Hives، ما هي إلا رد فعل عنيف وغير متوازن للجهاز المناعي، تجاه بعض الأجسام الغربية عن الجسم. فعند تعرض أولئك الأشخاص ذوي الحساسية لبعض مثيرات الحساسية Allergens، مثل: غبار المنزل، وشعر الحيوانات الأليفة، وحبوب اللقاح، أو إلى لدغ النحل (أُنظر شكل مثيرات الحساسية)، فإن الجهاز المناعي يتفاعل معها بشدة. وتظهر آثار هذا التفاعل في صورة احمرار في العين، وسعال، وطفح جلدي، وحكة شديدة. وقد تؤدي الحالة بمضاعفاتها إلى الوفاة.

وفي بعض الأحيان، يقوم الجهاز المناعي بالتعرف على أنسجة الجسم بوصفها أنسجة وأجساماً غريبة، ويبدأ في مهاجمتها وتدميرها. ويطلق على هذه الحالة رد الفعل المناعي الذاتي Autoimmune Reaction. ومن أشهر أمثلة هذه الحالة المرضية، مرض الذئبة الحمراء Lupus Erythematosus؛ وفيه يقوم الجسم بتكوين مضادات لأنسجته ذاتها، فتتحد بها، ويترسب ناتج هذا الاتحاد في أعضاء الجسم المختلفة، وخصوصاً الجلد والمفاصل. وفي الحالات الشديدة يترسب الناتج على الكلية والجهاز العصبي، مؤدياً إلى الوفاة. كما يعتقد الأطباء أن التهاب المفاصل الروماتيزمي، هو كذلك، رد فعل مناعي ضد أنسجة الجسم.



[1] هي غدد ليس لهما قنوات لحمل إفرازاتها وإنما تصب بإفرازاتها مباشرة إلى الدم.

[2] تقسم فترة الحمل إلى ثلاث مراحل، تكون أخطرها المرحلة الأولى، حيث تتكون فيها جميع أعضاء الجسم.

[3] طفح جلدي على هيئة بثور مصحوب بحكة شديد.