إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / غسيل المخ









غسيل المخ

غسيل المخ

تُعد مجاهل النفس، ومعرفة حقائقها، ونوازعها، تحديّاً كبيراً لمحللي النفس البشرية. ولكل إنسان مجموعة من الصفاتِ العقلية، والخلقية، والمزاجية، والجسمية التي تميز هذا الشخص عن غيره. ويُقر العلماء أنه إذا أصيب الشخص بصدمة عصبية أكبر من أن يتحملها إدراكه، تُصاب شخصية هذا الفرد باضطراب يختلف في درجاتهِ وعنفه بحسب نوع الصدمة، ودرجتها، قوة وضعفاً، فبعض هؤلاء قد يكتفي بالتوقف عن العمل، وبعض آخر يلجأ إلى الانزواء، والانسحاب من المجتمع، بحيث يعيش عالمه الخاص الذي يكون غالباً مفارقاً للواقع، وبعيداً عن معطياته، وهؤلاء يمكن أن يمثلوا - بمرور الوقت - خطراً على المجتمع والحياة معاً.

وغسيل المخ طريقة استحدثت منذ قديم الأزل للتأثير على الناس لتغيير معتقداتهم، ولإحلال أفكار جديدة مكان أفكارهم القديمة. وتوجد عدة طرق لغسيل المخ تختلف تبعاً لشخصية الضحية، ومنصبها، ووضعها الاجتماعي، وثقافتها، وطريقة تفكيرها.

فمع الأشخاص المعروفين بالموضوعية في التفكير يتم فتح حوار تُناقش فيه الحجة بالحجة في محاولة لإظهار المعتقدات بصورة خاطئة، أو إثبات أن تصرفات القائمين عليها قد سببت ألماً شديداً وخسارة لأبرياء.

فإذا ما وُجد تجاوبٌ، تبدأ مرحلة غسيل المخ التالية، وهي الإقناع بالفكرة المضادة، وغالباً ما يكون ذلك بالترغيب الذي يسير جنباً إلى جنب مع محاولات الإقناع الفكرية.

أما المرحلة الأخيرة، فغالباً ما يكثر فيها التلويح بأساليب الترهيب، إذا ما ارتد الشخص عن الاعتقاد الجديد الذي تم إقناعه به.

وأحياناً كثيرة تتم عملية غسيل المخ بتعريض الشخص لصدمة عصبية عنيفة تصيبه باضطراب داخلي؛ بحيث تقلل من عوامل استقرار شخصيته.

وغسيل المخ عملية صعبة وشاقة، ويقوم بها أخصائيون متدربون. وكان المصطلح يشير- في أول أمره - إلى طُرق التأثير التي مارسها الشيوعيون الصينيون على مخالفيهم في المعتقدات. وقد وصف هذا المصطلح برامج تجديد الفكر التي طوروها بعد السيطرة على الصين عام 1949م.

وأثناء الحرب الكورية (1950 ـ 1953م)، استعمل الصينيون والكوريون الشماليون أساليب غسيل المخ لتحويل السجناء الأمريكيين إلى شيوعيين. وكان ذلك يتم بأن يعزل الضحايا في زنزانة في السجن أو في غرفة صغيرة. ويكرر على مسامعهم وبطريقة قاسية فظة أن معتقداتهم الاجتماعية، والدينية، والسياسية غير صحيحة، ثم تُعرض عليهم ـ بعد ذلك ـ صورة مثالية للشيوعية.

ومن أساليب غسيل المخ بالإكراه ترك الضحايا يتضورون جوعاً، وعدم السماح لهم بالنوم إلا قليلاً، وممارسة التعذيب العقلي والجسدي معاً، الأمر الذي يجعل كثيرين يتخلون عن معتقداتهم ويتقبلون بدلاً منها معتقدات معتقليهم. ولكن سرعان ما يعود معظم الضحايا إلى معتقداتهم الأصلية عند عودتهم إلى بيئتهم الطبيعية، ولكن يصاحب ذلك أحياناً اضطرابات اجتماعية، أبرزها مخاصمة المجتمع، والنقمة عليه.