إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / الإسهال





آلية الامتصاص
ميكانيكية الجهاز الهضمي
الوصف التشريحي للجهاز الهضمي
الخملات أو الأهداب




مقدمة

المبحث الأول

الأمعاء وأنواع وأسباب الإسهال

أولاًً: الوصف التشريحي للأمعاء

الأمعاء هي الأنبوب الطويل الممتد من نهاية المعدة إلى فتحة الشرج. ويسمى جزؤه العلوي الأمعاء الدقيقة والسفلي الأمعاء الغليظة، وينقسم كل منهما إلى عدة أجزاء.

1. الأمعاء الدقيقة The Small Intestine

أنبوب طوله حوالي 6 أمتار، ويتكون من ثلاثة أجزاء هي:

أ. الإثني عشر The Duodenum

وسمى بذلك لأن طوله يقدر بعرض إثنى عشر إصبعاً، وهو بداية الأمعاء، ويشبه شكل الحدوة أو حرف C. والجزء الأول من الإثنى عشر أملس، وهو أول جـزء من الأمعاء يتعرض لحمض المعدة، ولذلك يكثر فيه حدوث القرحة الهضمية. أما جزؤه الثاني فتفتح فيـه قناة الصفراء "المرارية"، وقناة البنكرياس، ويصبان فيه إفرازهما.

ب. الصائم The Jejunum

وهو الجزء الثاني من الأمعاء، ويلي الإثني عشر مباشرة، ويبلغ طوله حوالي خُمسي طول الأمعاء الدقيقة كلها. ويشغل الصائم شمالي أعلى البطن.

ج. اللفائفي The Ileum

ويشمل الثلاثة الأخماس الباقية من الأمعاء الدقيقة، ومكانه في يمين أسفل البطن.

2. الأمعاء الغليظة The Large Intestine

الأمعاء الغليظة، أو القولون، توجد على شكل حدوة حصان، وطولها حوالي 1.5 متر ومحيطها ضعف الأمعاء الدقيقة، أو أكبر. ويبدأ القولون من الجهة اليمنى بالجزء الذي يسمى "القولون الصاعد" Ascending Colon، أو الأعور، أو المصران الأعور، وسمى كذلك لأن فتحته السفلي مسدودة، وله فتحة واحدة من أعلى متصلة بالقولون المستعرض. ويتصل بالأعور أنبوب ضيق على شكل دودة، لذلك سميت "الزائدة الدودية" Vermiform Appendix، وطولها، في المتوسط، حوالي 10 سنتيمترات، وهي جزء منقرض من الأعور، ولا وظيفة لها في الإنسان.

ويحتل القولون الصاعد الجهة اليمنى من البطن، ثم ينثني تحت الكبد مكوناً الزاوية الكبدية، ثم القولون المستعرض Transverse Colon، الذي يتجه إلى أعلى البطن من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، ثم ينثني تحت الطحال مكوناً الزاوية الطحالية، ثم يتجه لأسفل في الجهة اليسرى من البطن، ويسمى "القولون النازل" أو "الهابط" Descending Colon. ثم يأخذ شكل حرف S، ويحتل الجزء الأسفل من البطن والحوض، ويسمى "القولون السيني" Sigmoid Colon، ثم يعتدل مستقيماً ويتجه إلى أسفل، يُسمى "المستقيم" Rectum، ثم ينتهي بفتحة الشرج The Anus. ويعد كل جزء في الجهاز الهضمي، عضواً قائماً بذاته، نظراً لاختلاف الوظيفة، التي يؤديها كل عضو.

وتحرك الأمعاء الدقيقة والغليظة، عضلات في طبقتين: طولية خارجية، ودائرية داخلية؛ ويبطّنها من الداخل الغشاء المخاطي. ومهمة تلك العضلات، هي خلط الطعام وتحريكه، بفضل موجات من الانقباضات، تسمى الحركة الدودية Peristaltic Movement. ووظيفة الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، هي الهضم والامتصاص، بفعل إنزيمات الأمعاء والبنكرياس وصفراء الكبد، التي تحول الغذاء إلى مستحلب من الدهون والبروتينات، ثم يُمتص بفضل ثنيات الغشاء المخاطي وأهدابه المخملية الدقيقة، التي تزيد من سطح الامتصاص، وتنتقل المكونات الممتصة، إلى الدم مباشرة.

ثانياً: رحلة الطعام داخل الجهاز الهضمي

يصل الطعام، بعد مضغه وابتلاعه، إلى المعدة، عبر مرحلتين أساسيتين، هما:

كسير الطعام بواسطة الإنزيمات الهاضمة، ثم دفعه إلى المكان الذي يليه في القناة الهضمية، في اتجاه واحد من المعدة إلى الأمعاء، وليـس العكس.

ثم تكسير وهضم هذا الطعام على نحو يسمح بامتصاصه إلى الدم، من خلال الأمعاء الدقيقة، ثم التخلص مما تبقى عن طريق الإخراج. ويصل الغذاء إلي نهاية الأمعاء الدقيقة بعد أربع ساعات من ابتلاعه، كما يصل إلى نهاية القولون بعد نحو 18ساعة. ودور القولون محدود بامتصاص الماء والملح، وتركيز البراز وخزنه إلى أن يحين وقت خروجه.

ويستلزم ذلك مرور التيار الدافع للهضم في اتجاه واحد منتظم، وكل ما يعيق هذه الرحلة، أو يبطئ حركتها، أو يعكس اتجاهها، يسبب اضطرابات وأمراض تصيب الجهاز الهضمي، مثل الحموضة الزائدة، والإمساك، والقيء، والإسهال، والمغص أو الغازات.

ومعظم هذه الأعراض تدل على أن مصدرها في الجهاز الهضمي. فمثلاً: القيء والحموضة يصدران من المعدة غالباً، والمغص يصدر من الأمعاء أو المرارة. وتوجد أعراض ثلاثة حدوثها غير محددٍ بمكان في القناة الهضمية، وهي الإمساك، والإسهال، والغازات، بل هي قد تنشأ نتيجة أمراض أخرى خارج الجهاز الهضمي.

1. هضم الطعام داخل المعدة

يفرز الغشاء المخاطي المبطن للمعدة ما يلي:

أ. الببسين Pepsin

وهو إنزيم مهضم، وظيفته هضم المواد البروتينية في الطعام.

ب. حامض الهيدروكلوريك Hydro-Choleric Acid: Hcl

وهي مادة حمضية، وظيفتها الأساسية تطهير الطعام مما يحمله من خلايا ضارة وبكتريا. وتوجد مادة مخاطية أخرى تغطى جدار المعدة كله، خصوصاً طوال فترة الراحة، أي في حالة عدم وجود طعام داخل المعدة، حتى تحمي الغشاء المخاطي من تأثير حامض الهيدروكلوريك، أو من الإصابة، أو المهاجمة، من أي ميكروب ضار في الطعام.

وتفرز المعدة هذه الإفرازات في حالتين هما:

أ. الرغبة في تناول الطعام، وهي تؤثر على المعدة عن طريق العصب الحائر، Vagus nerve، الذي يدفع المعدة إلى إفراز حامض الهيدروكلوريك والببسين، استعدادا لاستقبال الطعام.

ب. تناول الطعام، ووصوله للمعدة، يحفزها على إفراز حامض الهيدروكلوريك والببسين، لتبدأ عملية الهضم.

والهضم هو: موجات متعاقبة من الانقباضات في عضلات جدار المعدة، كل دقيقة، أو دقيقتين، ليتم خلط الطعام داخل المعدة، وطرده على هيئة دفعات متكررة، خلال فتحة الإثنى عشر، والمسماة الفتحة البوابية Pylorus (أُنظر شكل الوصف التشريحي للجهاز الهضمي)، ووظيفتها السماح للمواد المهضومة فقط بالمرور على شكل كرات مستديرة إلى الأمعاء الدقيقة. أما المواد الغير مهضومة، فلا يُسمح لها بالمرور.

وعند وصول الطعام إلى تلك الفتحة، وما يسبقهـا من اتساع بسيط في المعدة، يُفرز هرمون من خلايا هذه المنطقة، يسمـى هرمون الجاسترين Gastrin Hormone، ويؤدي إلى زيادة إفراز العصارات المعديـة، ليعجل عملية الهضم ويسرع بها.

وفي حال احتواء الطعام على مواد دهنية كثيرة، تفرز خلايا المعدة هرموناً آخر يسمى أنتروجاسترون Entro-gastrin Hormone، مهمته تعطيل عملية الهضم داخل المعدة، حتى تستعد العصارات، التي يفرزها البنكرياس والأمعاء الدقيقة والكبد، لاستقبال هذه الدهنيات.

2. هضم الطعام داخل الإثني عشر

تبدأ المرحلة الثانية للهضم في الإثنى عشر، في الجزء الذي يسمى "الصائم"، حيث توجد إفرازات من البنكرياس، والأمعاء، ومن الكبد والحوصلة المرارية.

وإنزيمات البنكرياس ثلاثة أنواع، هي:

أ. إنزيم الاميليز Amylase Enzyme

ومهمته هضم المواد النشوية، وتحويلها إلى سكريات بسيطة.

ب. إنزيم الليبيز lipase Enzyme

ومهمته هضم المواد الدهنية، وتحويلها إلى أحماض دهنية بسيطة.

ج. إنزيمات التربسين Trypsen والكيموتربسين Chemotrypsen:

ومهمتها هضم المواد البروتينية، وتحويلها إلى أحماض أمينية.

وهذه الأنواع الثلاث من الإنزيمات الهاضمة، تهضم كرات الطعام القادمة من المعدة وتكسّرها إلى مواد بسيطة، يسهل امتصاصها بعد ذلك.

ولا تقتصر وظيفة البنكرياس على إفراز تلك الهرمونات فقط، بل يفرز كذلك مادة قلوية خاصة، لمعادلـة حامض المعدة المختلط بالطعام. وكذلك تفرز خلايا الغشاء المبطن للإثنى عشر سائلًا قلوياً، ليعادل تلك الحمضية؛ كما تفرز هذه الخلايا مادة مخاطية، تغطي الغشاء المخاطي للإثنى عشر، وتحميه من تأثيرات الطعـام الحمضي.

وتفرز الحوصلة المرارية Gall Bladder مادة الصفراء Bile، ومهمتها الأساسية، هي تحويل المواد الدهنية في الطعام، إلى مستحلب مما يسهل هضمها، بواسطة الإنزيمات الخاصة بذلك. كما تفرز خلايا الأمعاء الدقيقة، بعض الإنزيمات الهاضمة من الأنواع الثلاثة: الأميليز ـ الليبيز ـ التريبسين، لُتكمل هضم المواد، التي لم تهضم بأنزيمات البنكرياس. أي أن هذه الأنواع الثلاثة من الأنزيمات، يفرزها البنكرياس، كما تفرزها كذلك خلايا الأمعاء. ثم تُدفع بعد ذلك، المواد المهضومة إلى بقية الأمعاء الدقيقة، لإنهاء عملية الامتصاص الأساسية.

3. الامتصاص (أُنظر شكل الخملات أو الأهداب)

يجرى امتصاص نواتج الهضم بالكامل في الأمعاء الدقيقة، بعد أن تتحول المواد النشوية والسّكرية، والبروتينية، والمواد الدهنية، إلى مواد بسيطة سهلة الامتصاص. ويقوم بعملية الامتصاص مجموعة من الخلايا في الغشاء المخاطى المبطن لجدار الأمعاء الدقيقة، الذي يأخذ شكل زوائد تُسمى "الخملات" أو "الأهداب" Villi. وهذه الزوائد تزيد مساحة السطح المتاح للامتصاص بدرجة كبيرة جداً، ويوجد بها أوعية دموية وليمفاوية. إضافة إلى ذلك، فإن امتصاص الماء والأملاح المعدنية، خصوصا الكالسيوم والحديد ومجموعة من الفيتامينات، وأهمها فيتامين ب المركب، وفيتامين ب12 بصفة خاصة، تتولاه هذه الزوائد (الخملات).

أ. امتصاص النشويات Carbohydrates Absorption (أُنظر شكل آلية الامتصاص)

تتحول النشويات إلى مجموعة من السكريات الأحادية Monosaccharides، أهمها سكر الجلوكوز، وكذلك بعض السكريات الأخرى، المسماة السكريات الثنائية Disaccharides مثل: السكروز Sucrose "سكر القصب "، والمالتوز Maltose " سكـر الشعير"، واللاكتوز Lactose "سكر الألبان". وأكبر كمية من النشويات يجري امتصاصها في الصائم، وأقلها باللفائفي.

ب. امتصاص الدهون Fats Absorption  (أُنظر شكل آلية الامتصاص)

تتحول الدهون إلى مستحلب بواسطة إفرازات الحويصلة المرارية، ثم تتولى إنزيمات البنكرياس تحويلها إلى أحماض دهنية بسيطة، يتم امتصاصها إلى الكبد، ثم إلى الدم. أما الدهون الثلاثية Triglyceraides، فتُمتص من طريق الأوعية الليمفاوية، إلى الدم مباشرة دون المرور بالكبد، محدثه ما يسمى "تدهّن الدم"، بعد حوالي ساعتين من تناول الوجبـة الدسمة.

ج. امتصاص البروتينات Proteins Absorption (أُنظر شكل آلية الامتصاص)

يجرى تكسير البروتينات إلى مجموعة من الأحماض الأمينية، التي تُمتص إلى الدورة الدموية البابية Portal Circulation، ومنها إلى الكبد.

ويُلاحظ أن كل نواتج الهضم، من السكريات الثنائية أو البسيطة، والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية، تمتص في الدورة البابية إلى الكبد؛ ولكن الدهون الثلاثية تمتص في القناة الصدرية Thoracic Duct، عن طريق الأوعية الليمفاوية، ومنهـا إلى الدم مباشرة، أي لا تمر بالكبد. أما باقي المواد، كالماء والأملاح المعدنية والفيتامينات، فتمتص كلها في الدورة البابية، إلى الكبد مباشرة.

ثالثاً: ميكانيكية الجهاز الهضمي (أًُنظر شكل ميكانيكية الجهاز الهضمي)

تعتمد حركة الجهاز الهضمي أساساً على عضلات لا إرادية، في جدار القناة الهضمية، تتقلص في اتجاهات مختلفة لتدفع المحتويات إلى الأمام.

وفي المريء، يُدفع الطعام في شكل موجات سريعة، حوالي 2-3 سم في الثانية الواحدة، ليصل إلى فتحة الفؤاد Cardiac End، بين المعدة والمريء، فترتخي عضلات الفتحة الفؤادية في الحال، لتسمح بمرور الطعام، ثم تغلق بشدة، لمنع عودته إلى المريء مرة أخرى.

وبوصول الطعام إلى المعدة تبدأ موجات تقلصيه، بمعدل ثلاث مرات في الدقيقة، في اتجاه الفتحة البابية Pylorus. وهي موجات رقيقة وخفيفة، تؤدي إلى خلط الطعام جيداً بالعصارة المعدية، ثم دفعه إلى الإثنى عشر من طريق الفتحة البابية. وتكون الفتحة البابية مغلقة باستمرار، إلا عند مرور الطعام المهضوم، وذلك لمنع ارتداد العصارة الموجودة داخل الإثنى عشر إلى المعدة، وكذلك تحديد الكمية التي تمر من المعدة إلى الإثنى عشر مع كل دفعة من التقلصات المعدية، حتى لا تكون الكمية كبيرة ومتخمة للإثنى عشر.

ويصل الطعام المهضوم من المعدة، إلى الجزء الأول من الإثنى عشر، حيث يبقى فيه فترة، ثم يندفع بسرعة كبيرة خلال الأمعاء الدقيقة كلها، في موجات متعاقبة ومتلاحقة. وتحدث موجات دودية طاردة قوية في الأمعاء الدقيقة، تدفع كل موجة منها الطعام المهضوم إلى مسافة تصل ما بين 8 - 10سم في كل مرة. وتستمر الموجة لمدة ثانية واحدة فقط، وبين كل موجة وأخرى فترة استرخاء لمدة ثوان، أو أكثر من دقيقة. وهي فترة استرخاء للعضلات، استعدادا للموجة التالية.

يصل ما تبقى من الطعام، بعد امتصاصه، إلى فتحة في نهاية الأمعاء الدقيقة، وأول أجزاء القولون، تسمى، المصران الأعور. وهو غير الزائدة الدودية، يُسميها العامة خطأ. وتتحكم الفتحة المعوية القولونية، في مرور محتويات الأمعاء الدقيقة إلى القولون.

وتتأثر الفتحة المعوية القولونية، بتناول الطعام، حيث يحدث تأثير انعكاسي من المعدة إلى هذه الفتحة. وتتكون موجات تقلصيه طاردة، تفتح الممر إلى القولون. ويطلق على هذه العملية "التأثير المعدي القولوني للطعام" Gastrocolic Reflex. ويفترض أن ذلك يساعد على إخلاء الأمعاء الدقيقة، مما تبقى بها من محتويات، لكي تستعد لاستقبال الطعام الجديد.          

وتستغرق المدة بين تناول الطعام، ووصوله إلى الفتحة المعوية القولونية، حوالي 3-4 ساعات، وقد يبقى في نهاية الأمعاء الدقيقة لمدة قد تصل إلى حوالي الساعة؛ ثم يمر إلى المصران الأعور، ثم القولون الصاعد، وعندها تحدث موجات تقلصيه طاردة تدفع بالبراز، إلى القولون المستعرض والنازل والقولون الحوضي.

إن الوجبة التي يتناولها الفرد، تخرج على شكل براز، بعد فترة تختلف من شخص إلى أخر، وتراوح بين 24 إلى 72 ساعة، فإذا تأخرت عن ذلك كان الإمساك، وإذا أسرعت كان الإسهال.

عملية التبرز Defecation

1. يقصد بعملية التبرز إخراج بقايا الهضم والامتصاص. وهي عملية حيوية مبرمجة ومنظمة، بحيث أن تناول الطعام، يحرك خروج محتويات القولون.

وتحدث عملية التبرز نفسها عند وجود الرغبة في الإخراج، حين تبدأ موجات تقلصيه متعاقبة، تدفع بمحتويات القولون، لتتراكم في منطقة القولون الحوضي، حيث تحجزها عضلات عاصرة، ما بين القولون والمستقيم. ومع تراكم المحتويات يرتفع الضغط على العضلات العاصرة، فتفتح الطريق ليدخل البراز إلى المستقيم فجأة، فيشعر الإنسان بالرغبة الملحة في الإخراج.

ويندفع البراز إلى الخارج في موجات متعاقبة، فتخرج محتويات المستقيم، ثم محتويات القولون الحوضي، وهكذا.

ويساعد على الإخراج رفع ضغط البطن بإيقاف التنفس، وتقلص عضلات البطن إلى الداخل، ونزول الحجاب الحاجز إلى اسفل، وارتفاع عضلات الشرج والحوض إلى أعلى؛ فكل ذلك يساعد على دفع المحتويات إلى الخارج، مرة أو مرتين يومياً لدى الشخص العادي.

2. مكوّنات البراز

يحتوي البراز على بقايا الطعام المهضوم، التي لم تُمتص في الأمعاء الدقيقة، وهو خليط من الكالسيوم والفوسفات والحديد والماغنسيوم، وبعض من الأحماض الدهنية، والدهنيات الثلاثية، وكمية من الألياف النباتية، التي تأتى من تناول الخضراوات والفاكهة.

كما يحتوى على بعض البكتريا الميتة، والخلايا المتساقطة من جدار الجهاز الهضمي، طوال الرحلة الهضمية.

ويختلف حجم البراز من شخص إلى آخر، وفقاً لكمية الماء الذي يحتويه؛ فالماء هو ما يشكل الحجم الأكبر للبراز، ويمثل حوالي 60%-80% من وزنه. ويراوح متوسط وزن البراز لدى الشخص العادي 100-300 جرام.

أما رائحة البراز، فسببها وجود بعض المواد العضوية الناتجة من تفاعل البكتريا مع محتويات البراز، خصوصا الأحماض الأمينية والدهنية.

ويختلف لون البراز حسب نوع الأطعمة، التي يتناولها الإنسان؛ وكذلك نتيجة لوجود مادة تسمى الاستركوبلين Stercobilin، وتُنتج من أكسدة المادة الصفراء المتبقية في القولون بفعل البكتريا. ولهذا، ففي حالات الإسهال الشديد، لا يكون هناك وقت كاف للبكتريا لتؤدي عملها، فتظل المادة الصفراء بدون أكسدة، وتعطى الإسهال اللـون المائل للاصفرار.

رابعاً: أنواع الإسهال وأسبابه

1. التعريف

هناك عدد من التعريفات للإسهال، منها ما يلي:

أ. زيادة وزن البراز اليومي عن 350جم، ويصحب ذلك ـ عادة ـ زيادة في عدد مرات التبرز، وتغير في قوام البراز إلى السيولة.

ب. إخراج براز سائل أو مائي لا قوام له، عدة مرات متتابعة، وفي كمية تزيد على 300جم في اليوم.

ج. إخراج براز سائل، أو شبه سائل، يكون مصحوباً، عادة، بكثرة عدد مرات التبـرز، كما يتجاوز وزن البراز المتوسط الطبيعي المعروف 200جم.

والإسهال المائي الشديد، الكثير العدد، المصحوب بمغص، يكون غالباً من الأمعاء الدقيقة؛ أما إسهال الأمعاء الغليظة، فلا يصاحبه مغص شديد، ويكون البراز فيه متماسكاً وبه مخاط، وأحيانا به دم، وعدد مراته أقل.

ويُعد الإسهال حاداً إذا توقف خلال فترة أقل من أسبوع، بصرف النظر عن كونه شديـداً أو بسيطاً. كما يُعد مزمناً إذا استمر أكثر من أسبوعين.

2. الإسهال الحاد

يحتوى البراز في حالة الإسهال الحاد، على كمية كبيرة من الماء، ويصاحبه زيادة عدد مرات التبرز، ويكون مصدره، وغالبا،ً الأمعاء الدقيقة. ويستمر الإسهال على الرغم من عدم تناول سوائل أو أطعمة، لمدة لا تزيد عن أسبوع. وهو نتيجة إفراز سوائل كثـيرة من جـدار الأمعـاء الدقيقة. والإسهال الحاد نوعان: نوع ناتج عن أمراض غير معدية Infectious Diarrhea Non-، ونوع ناتج عن أمراض معدية Infectious Diarrhea.

ويتسبب الإسهال الناتج عن أمراض معدية، في وفاه أكثر من 4 ملايين طفل سنوياً، في الدول النامية، وسببه عدم توفر مياه الشرب الصالحـة، وعدم وجود صرف صحي، والزيادة السكانية، وقلة النظافة الشخصية، ونقص الخدمات الصحية، والفقر والجهل. كما يكثر انتشار الإسهال في المعسكرات والمصحات والملاجئ والمستشفيات، لأن العدوى تنتقل عم طريق الفم بتناول طعام أو شراب ملوث ببراز آدمي أو حيواني. أسباب هذا النوع من الإسهال. نتيجة الإصابة بعدوى ميكروبية، أو طفيلية، أو فيروسية، أو فطرية، ويصاحب الإسهال الميكروبي، عادة، أعراض عامة، كارتفاع درجة الحرارة والغثيان أو القيء، وآلام في البطن.

ومن أهم أسباب الإسهال الحاد الناتج عن أمراض معدية:

أ. أسباب ميكروبية

(1) الكوليرا Cholera Disease

وتنتشر في صورة أوبئة، وفي مناطق متوطنة من بلاد العالم الثالث. ويكون البراز شديد السيولة، وله لون ماء الأرز المغسول، ويصاحب ذلك تقلصات شديدة بالأمعاء، وعدم ارتفاع درجة الحرارة، تُعد من أهم العلامات المميزة للإصابة بالكوليرا.

(2) التسمم الغذائي بالميكروب العنقودي Staphylococcus

ويحدث الإسهال، عادة، بعد ساعات قليلة من تناول الطعام أو الشراب الملوث. ويصيب عدة أفراد تناولوا الطعام نفسه في وقت واحد.

(3) إصابة الأمعاء بميكروب التيفود Typhoid، أو الباراتيفويد Paratyphoid

يحدث الإسهال مبكراً أو متأخراً، وتصاحبه حرارة مرتفعة، مـع غثيان شديد وقيء أحياناً.

(4) إصابة الأمعاء بميكروب الدوسنتريا الباسيليه Bacillary Dysentery

أو الميكروب الذي يوصف حديثاً باسم كامبيلوباكتر، أو هيلكوباكتر Campylobacter or Hylicobacter، وقد يسبب ألماً شديداً يشبـه ألم التهاب الزائـدة الدودية.

(5) إسهال المسافرين Traveler's Diarrhea

يحدث إسهال المسافرين أو السّياح أثناء السفر أو بعده مباشرة، ويكون نتيجة عدوى بأنواع سامة من ميكروب الأشريشيا القولونية Escherichia Coli، أو ميكروب السالمونيلا Salmonella، أو طفيل الجيارديا أو الأميبا.

ب. أسباب فيروسية Viral Infection

يُعد الإسهال الفيروسي من أكثر أنواع الإسهالات حدوثا في فصل الشتاء. وينتج عن الإصابة بفيروس روتا Rota Virus، أو فيروس الأنفلونزا. ويحدث فجأة، ودون سابق إنذار، ويستمر يومين أو ثلاثة أيام فقط. وقد يصاحبه ارتفاع قليل في درجة الحرارة بسيطة وسعال أو زكام. ويتميز هذا النوع بأنه لا يستجيب للمضادات الحيوية، بل للراحة وتناول السوائل بكثرة.

ج. أسباب فطرية Fungal Infection

يعود سببه إلى فطريات تهاجم الغشاء المبطن للقولون بصفة خاصة، نتيجة هبوط مناعة الجسم العامة. وأهم هذه الفطريات النوع المسمى مونيليا Monilia، وتكثر الإصابة به، بين مرضى الأورام الخبيثة، نتيجة تناول العلاج الكيماوي. كذلك تحدث بعد استعمال مضادات حيوية قوية، تقضـي على البكتريا النافعة الموجودة بالفم، التي تتوازن مع هذه الفطريات وتمنع تكاثرها. وتحدث الإصابة الفطرية، كذلك، في مرضى الإيدز، أو بعد زراعة الأعضاء، خصوصاً زراعة الكلى، نتيجة استعمال مثبطات المناعة، لمنـع طـرد العضو المزروع. ويتسم الإسهال الفطري بأنه ليس عنيفـاً ولا مندفعاً، كما أن له رائحة كريهة. وتكون السيطرة عليه بالقضاء على السبب إذا أمكن، أو تخفيف حدة الإصابة، باستعمال مضادات الفطريات لفترات متفاوتة.

د. الإسهال الطفيلي Parasitic Infection

ينتج عن الإصابة ببعض الطفيليات وحيدة الخلية، مثل الدوسنتاريا الأميبية Entamoeba Histolytica، أو طفيل آخر يُسمى الجيارديا لامبليا Giardia Lamblia. وينتشر هذا الطفيل في المناطق المزدحمة، وتحدث العدوى به نتيجة لتناول المياه والطعام الملوث. والأطفال أكثر إصابة به من الكبار. وتسبب الطفيليات إسهالاً مزمناً لفترات طويلة، تصاحبه تقلصات في البطن، كما يتسم بإفراز مخاطي ودم في البراز.

أما أسباب الإسهال غير الميكروبية والناتجة عن أمراض غير معدية فهي:

أ. الإسهال الكاذب

وهو كثرة عدد مرات التبرز دون زيـادة في وزن البراز، مثلما يحدث عند القلق، بسبب إفراز مادة الأدرينالين بكمية زائدة. فهذه المادة تحرك الأمعاء والقولون بسرعة، وتسبب الإسهال، أو كثرة التّبرز. وكذلك في حالات اضطراب الجهاز العصبي، أو التهاب البروستاتا، وزيادة نشاط الغدة الدرقية. وفي كل هذه الحالات تكون كمية البراز ثابتة، ولكنها لا تخرج مرة واحدة، بل على عدة مرات. وفي حالات التبرز اللاإرادي، يخرج البراز من الحين للآخر عـدة مرات، ويكون ليناً وربما سائلاً، فيعطى الانطباع بوجود إسهال.

ونادراً ما تحتاج هذه الحالات إلى علاج، لأنها تتوقف تلقائياً مع زوال السبب.

ب. إسهال سكر اللاكتوز Lactose Intolerance

يؤدي نقص إنزيم اللاكتاز Lactase Enzyme من جدار الأمعاء، إلى عدم امتصاص سكر اللبن، المسمى سكر اللاكتوز، مما يزيد من تركيز هذا النوع من السكر في تجويف الأمعاء، عن تركيزه داخل خلايا الجسم. وعندما يزداد الضغط، أو التأثير الأسموزى Osmotic Pressure داخل الأمعاء، يؤدي إلى سحب كميات كبيرة من الماء من داخل الخلايا، محدثه إسهالاً شديداً، وتراكم غازات كثيرة. ويحدث هذا النوع من الإسهال بسبب وجود محاليل سكرية، أو ملحية مركزة داخل الأمعاء، والأمثلة على ذلك هو استعمال المسهلات المعدنية، مثـل سلفات الماغنسيوم، أو السكريات المركزة مثل اللاكتوز.

ج. الإسهال الكيماوي Chemical diarrhea

يحدث نتيجة تناول طعام ملوث بكيماويات، مثل المبيدات الحشرية والمبيدات الزراعية؛ وكذلك قد تسبب بعض العقاقيـر الطبية، مثل مضادات الحموضة، والمضادات الحيوية إسهالاً حاداً لدى بعض الناس. وقد لا يكون سبب إسهال المضادات الحيوية حساسية فقط للدواء، بل قد ينتج عن كبت بكتريا الأمعاء الطبيعية، واستبدال ميكروبات أخرى بها لا تتأثر بالدواء، وتحدث التهاباً حاداً في الأمعاء.

3. الإسهال المزمن، أو المتكرر

يُعد الإسهال مزمناً، إذا أستمر أكثر من أسبوعين، وقد يكون سببه أمراضاً معدية، مثل إصابة الأمعاء بالدرن، وقد يصاحب ذلك الدرن الرئوي أو يحدث مستقلاً. وكذلك العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، والبلهارسيا المعوية، والأميبا، والجيارديا، التي قد تصبح مزمنة.

أما أمراض الأمعاء غير المعدية، المصحوبة بالإسهال، فأشهرها:

أ. أورام الأمعاء، أو الاستعمال المزمن للأدوية المسهلة، أو إدمان الكحول والمخدرات.

ب. أمراض سوء الامتصاص

تحدث بسبب مرور البراز بسرعة عبر القولون، دون أن يأخذ الوقـت الكافي لامتصاص السوائل منه وتجفيفه. ومثال ذلك مرض القولون العصبي، وما يسببه من تشنجات وتقلصات في جدار القولون، نتيجة التوتر. أو بسبب التهاب حادٍ في جدار القولون، يمنع امتصاص السوائـل في البراز. وقد يحدث كذلك بعد استعمـال المضادات الحيوية القوية، أو نتيجة لانسداد جزئي بالقولون، يؤدي إلى تراكم البراز ونمو ميكروبات ضارة داخله، تسبب التهاب الجدار. ومن الصفات التي يتسم بها انسداد الأمعاء الجزئي، حدوث نوبات متتابعة من الإمساك الشديد، ثم الإسهال الحاد المتتابع كريه الرائحة، بين نوبات الإمساك.

وهناك أسباب أخرى كثيرة لالتهاب الجدار المبطن للقولون، مثل الإصابة بالقولون التقرحي والبلهارسيا، وأحياناً حويصلات القولون المزمنة عند كبار السن، ومرضى الإمساك المزمن، أو مدمني استعمال الحقن الشرجية والملينات العنيفة. ويتسم الإسهال المزمن بحدوث نوبات من التقلصات المعوية، خصوصاً في وسط البطن، ثم الرغبة الملحة والسريعة في التبرز، ووجود كمية من المخاط بالبراز. وقد تحدث تعنيه شديدة إذا امتدت الإصابة إلى المستقيم بصفة خاصة. ونادراً ما يصحب الإسهال القولوني ارتفاع في الحرارة أو قيء.

وقد يحدث الإسهال، كذلك، نتيجة لقصور البنكرياس، أو استئصال الأمعاء الجراحي، والغزو البكتيري للأمعاء الدقيقة، والانسداد المراري، واحتباس الصفراء، أو بسبب انسداد الأوعية الليمفاوية.

وتعد أهم مشكلة لتشخيص الإسهال المزمن وعلاجه، هي التفريق بين الأسباب العضوية وبين الإسهال العصبي، الذي يستمر سنوات عديدة دون أن تصاحبه أعراض عامة، كفقد الشهية أو نقص الوزن، وتكون نوباته مرتبطة، عادة، بالتوتر والقلق النفسي. وينبغي البحث عن سبب عضوي للإسهال، إذا كان حديث العهد لدى مريض مسن، أو إذا صاحبته أعراض وعلامات في أجهزة الجسم الأخرى، كقروح الفم والتهابات العين، وآلام المفاصل، والطفح الجلدي، والبواسير والناسور. ويقتضي وجود الدم بالبراز، استعمال كل وسيلة ممكنة لتحديد مصدره وسببه.