إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / الإسهال





آلية الامتصاص
ميكانيكية الجهاز الهضمي
الوصف التشريحي للجهاز الهضمي
الخملات أو الأهداب




مقدمة

المبحث الثاني

الإسهال وأمراضه الشائعة وعلاجه

أولاً: كيفية حدوث الإسهال

يحدث الإسهال نتيجة لإفراز كميات كبيرة من السوائل، من جدار الأمعاء الدقيقة بسبب الضغط الأسموزي؛ ما يؤدي إلى حدوث إسهال مائي شديد وجفاف، مثل حالات الكوليرا. أو نتيجة لعدم امتصاص الماء بواسطة القولون، فتصبح كمية السوائل المفقودة أقل والبراز أكثر تماسكا، مثل حالات الدوسنتاريا. ولدى الأطفال يحدث النوعان معاً، بسبب مهاجمة الميكروبات الضارة لكل من الأمعاء الدقيقة والقولون.

ويعد حدوث المغص في نوبات متتابعة، دليلًا على أن الإصابة في الأمعاء الدقيقة، لان إصابة القولون لا تحدث مغصاً حاداً إلاّ في حالات نادرة، مثل حدوث انسداد معوي.

ثانياً: خطورة الإسهال

تؤدي الأمعاء الدقيقة وظيفة غاية في الأهمية، للمحافظة على صحة الجسم وحيويته، وعلى توازن أملاح الدم، كالصوديوم والبوتاسيوم. ويوجد الصوديوم على شكل كلوريد الصوديوم، وهو العامل الأساسي في الجسم للمحافظة على معدل ضغط الدم؛ بينما يوجد البوتاسيوم على شكل بيكربونات البوتاسيوم، ولابد من توازنٍ بين الصوديوم والبوتاسيوم. وإذا حدث خلل في هذا التوازن، انهارت الدورة الدموية. ويجري امتصاص الصوديوم والكلوريد، في القولون، كما يُفرز، في الوقت نفسه، البوتاسيوم والبيكربونات.

وعند حدوث إسهال، يفقد الجسم جزءاً كبيراً من كلوريد الصوديوم فقط؛ ما يؤدي إلى زيادة مستوى البوتاسيوم والبيكربونات، وحدوث خلل في التوازن، وهو ما يؤدي إلى انهيار الدورة الدموية، واحتمال الصدمة والوفاة. لذلك، فإن التعويض بالماء فقط لا يجدي، بل لا بد من التعويض كذلك بأملاح الصوديوم والجلوكوز، لتعويض النقص في امتصاص المواد السكرية.

ويحتوى الجدار المبطِّن للأمعاء الدقيقة، على نوعين من الخلايا: أحدهما وظيفته الامتصاص، والثاني وظيفته الإفراز. وعند الإصابة بالإسهال الميكروبي، نتيجة إفراز سموم، فإنها تؤثر على خلايا الإفراز، ولا تؤثر على خلايا الامتصاص، التي تظل تعمل بشكل شبة طبيعي، على الرغم من زيادة الإفراز من الخلايا الأخرى.

ثالثاً: تشخيص الإسهال

1. الاهتمام بالتاريخ المرضى بكل دقائقه، مثل معرفة شدة الإسهال، وعدد مرات التبرز، وقوام البراز، ووجـود دم في البراز. والسؤال عن أعراض أخرى، مثل: الانتفاخ والغازات وآلام البطن، وفقدان الوزن، وارتفاع درجة الحرارة، والعرق الغزير.

2. فحص مريض الإسهال، وليس فحص الجهاز الهضمي فقط، بل يشمل الفحص أجهزة الجسم الأخرى. وفحص البراز بالعين المجردة، وكذلك فحص الشرج والمستقيم بالإصبع والمنظار العادي، وفحص الأمعاء بأشعة الباريوم، ثم منظار الألياف الضوئية، الذي يستطيع أن يستكشف مناطق من الأمعاء لا يصل إليها المنظار العادي. وذلك لتشخيص التهابات الأمعاء المختلفة، ولتشخيص أورام الأمعاء وتحديد طبيعتها، وأخذ عينات من جدار الأمعاء، أو من الأورام، من طريق المنظار، للفحص الباثولوجي.

3. ولمعرفة الإسهال الناتج عن سوء الامتصاص من الأمعاء الدقيقة، يُحدد نسبة الدهن في البراز، وقياس قـدرة المريض على امتصاص سكر اللاكتوز، وأخذ عينات من الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء الدقيقة، من طريق المنظار.

4. استعمال النظائر المشعة لقياس قدرة الأمعاء عـلى الامتصاص، أو تحديد نسبة فيتامين ب 12، أو حمض الفوليك في الدم. ولتشخيص الحساسية ضد مادة الجلوتين، الموجودة في القمح، يمتنع المريض، عن أي طعام يحتوى على القمح، فإن تحسنت حالته كان ذلك دليلا على احتمال إصابته بهذا المرض، كما يكون في الوقت نفسه، طريقة العلاج.

5. عمل صورة دم كاملة وسرعة ترسيب، وقياس الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفات والحديد والألبيومين في الدم، وعمل أشعة موجات فوق صوتيـة، أو أشعة مقطعية بالكمبيوتر، على البطن.

رابعاً: علاج الإسهال

1. التعويض السريع للنقص في السوائل والأملاح، عن طريق تناول محلول معالجة الجفاف بالفم، أو بالوريد، حسب حالة المريض. كما يؤخذ مضادات المغص أو خوافض الحرارة، إذا لزم الأمر.

2. محاولة إيقاف الإسهال بسرعة، باستعمال العقاقير التي تبطئ من حركة الأمعاء، أو تلك التي تحتوى على مواد تزيد من قوام البراز وتماسكه، مثل مادة البكتين أو الكاولين وغيرهما.

3. علاج سبب الإسهال، سواء كان ذلك بعلاج الميكروبات، أو بإزالة الأسباب، كما هو الحال في الإسهال الأسموزي Osmotic Diarrhea، وإسهال المليّنات.

4. علاج حالات العدوى بالتيفود والسالمونيلا والدوسنتاريا الباسيلية، بالمضادات الحيوية المناسبة؛ وكذلك علاج العدوى بالأميبيا والجيـارديا والحالات العاجلة، مثل إسهال المسافرين والسياح.

5. الراحة ضرورية لعلاج الإسهال، كما أن تناول الأطعمة ينبغي أن يخضع إلى نظام دقيق؛ فعلى الرغم من أن الامتصاص لا يتأثر كثيراً، إلّا أنه يجب تناول الأطعمة التي لا تحتاج إلى مجهود من الجهاز الهضمي لامتصاصها، مثل: السوائل والنشويات البسيطة، والبروتينات الخفيفـة. كما يجب الابتعاد عن تناول المواد الدهنية والزيوت، التي تحتاج إلى مجهود مضاعف للهضـم والامتصاص، وتزيد من إفراز السائل المراري من الحوصلة المرارية، وهو سائل يزيد من حركة الأمعاء الدقيقة، مما يزيد الإسهال سوءاً.

خامساً: أمراض الإسهال الشائعة وطرق علاجها

1. أمراض الإسهال الناتجة عن سوء الامتصاص

تنجم عن قصور في الهضم، أو خلل في امتصاص الأمعاء نفسها.

أ. أسباب قصور الهضم

(1) أمراض المعدة المزمنة والأورام، أو استئصال جزء من المعدة جراحياً".

(2) أمراض البنكرياس المزمنة والأورام.

(3) أمراض الكبد والمـرارة، مثل تليف الكبد، وانسداد قنوات الصفراء.

ب. أسباب اختلال الامتصاص من الأمعاء نفسها

(1) ضمور الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، بسبب حساسية لمادة الجلوتين، الموجودة في بروتينات بعض الحبوب كالقمح والشعير. وتظهر أعراضه في الأطفال، عادة، على شكل إسهال مستمر، وقد يتأخر ظهور الإسهال حتى البلوغ.

(2) التهاب الغشاء المخاطى المبطن للأمعاء بعدوى ميكروبية، كالدرن، أو طفيلية، كالجيارديا، أو دون سبب معروف، كمرض "كرون" Chron's Disease، الذي سمى باسم بالطبيب الأمريكي الذي أكتشفه لأول مرة عام 1932، وهو مرض يصيب آخر جزء في الأمعاء الدقيقة، ويندر حدوثه، في البلاد العربية.

(3) إصابة الأوعية الدموية أو الليمفاوية أو الأعصاب المتصلة بالغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، في مرضى البول السكري، وتصلب الشرايين، والأورام الليمفاوية، وكذلك مضاعفات بعض الأدوية، أو تعرض الأمعاء للإشعاع.

(4) نقص المساحة المتاحة للامتصاص من الأمعاء، نتيجة استئصال جراحي، أو ناسور داخلي يوصل بين المعدة والأمعاء، أو بين الأمعاء بعضها ببعض، ويختزل طولها.

ج. الأعراض

أعراض سوء الامتصاص وعلاماته كثيرة، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة مجموعات، هي:

(1) أعراض إصابة الأمعاء نفسها

كالإسهال والمغص والانتفاخ وكثرة الغازات والرّيح. ومن أهم أعراضها، كذلك، البراز الدهني، وهو براز كبير الحجم، فاتح اللون، لامع، كريه الرائحة.

(2) أعراض نقص مكونات الغذاء وسوء التغذية

كالهزال والأنيميا ولين العظام والتهاب الفم واللّسان، والتهاب الجلد، وسيولة الدم مع سرعة النزف، وتورم القدمين بسبب قلة البروتين، وضعف المقاومة، وكثرة الإصابة بالعدوى والنزلات.

(3) الأعراض المرتبطة بالمرض الأصلي المسبب لسوء الامتصاص

مثل مرض الدرن أو البول السكري، أو الأورام الليمفاوية، وتليف الكبد.

د. التشخيص

يعتمد تشخيص سوء الامتصاص، إضافة إلى الفحص الإكلينيكي، والسؤال التفصيلي عن تاريخ المرض، على وسائل وتحاليل معملية متعددة، مثل:

(1) تحاليل كيميائية هدفها اختبار الامتصاص من الأمعاء، وتشمل:

(أ) قياس نسبة الدهن في البراز

وهي لا تتجاوز، عادة، 6جم في اليوم الواحد، ولكنها في مرضى البراز الدهني قـد تصل إلى 20جم أو أكثر.

(ب) اختبار كفاءة الأمعاء في امتصاص السكريات المختلفة

مثل امتصاص الجلوكوز، للتفريق بين أمراض البنكرياس وأمراض الأمعاء كسبب للبراز الدهني"، أو امتصاص سكر اللاكتوز، الذي يحتاج إلى إنزيم خاص يسمى اللاكتاز Lactase Enzyme، موجود في جدار الأمعاء. وفي حالة نقص هذا الأنزيم، يخرج السكر في البراز مسببا إسهالاً شديداً. كما توجد اختبارات خاصة لقياس امتصاص فيتامين ب12، أو حمض الفوليك، اللذين يسبب نقصهما نوعا خاصا من الأنيميا. ومن الممكن استخدام فيتامين ب 12 المشع في تشخيص مثل هذه الحالات.

(ج) فحص الأمعاء الدقيقة بالأشعة العادية

أو أشعة بالصبغة باستخدام مادة "الباريوم" بالفم، وهي تظهر العلامات المميزة لسوء الامتصاص، مثل أتساع الأمعاء، أو تسطح خملات الامتصاص وكثرة تعرجات الباريوم داخل الأمعاء. وتظهر، كذلك، التغيرات النوعية والتشوهات، التي تصيب الأمعاء، كالقرح أو الناسور، أو الالتهاب، أو الورم.

(د) فحص نسيج الأمعاء عن طريق أخذ عينة من الجدار

بوساطة المنظار، أو كبسولة خاصة لتحديد أمراض الأمعاء المختلفة، خاصة ضمور الغشاء المخاطي، والالتهاب بأنواعه، والأورام، وتمدد الأوعية الليمفاوية، وأمراض الطفيليات، كالبلهارسيا والجيارديا، وأمراض نقص التغذيـة.

هـ. العلاج

علاج سوء الامتصاص أساساً، على تحديد سببه ومدى إصابته:

(1) هناك أمراض يكفي لعلاجها الامتناع عن تناول نوعٍ معين من الغذاء، مثل الامتناع عن شرب اللبن في حالات نقص إنزيم اللاكتاز، والامتناع عن تناول الأغذية، التي تحتوي على القمح والشعير، وذلك في حالات حساسية الجلو تين، كالخبز والمكرونة والبسكويت والكعك والبقسماط والفطائر والعجائن المصنوعة من دقيق القمح. أما الحـالات المزمنة والشديدة، فيحتاج علاجها، عادة، إلى مركبات الكورتيزون.

(2) علاج حالات الالتهاب النوعي، كالدرن Tuberculosis، وغير النوعي، كمرض كرون Chron's Disease، بأدوية الالتهاب المعروفة؛ وكذلك علاج الأورام جراحياً، أو كيميائياً.

(3) يؤدي سوء الامتصاص، على اختلاف أسبابه، إلى مضاعفات متعددة، يمكن تعويضها من طريق الحقن، لأن الامتصاص من خلال الفم والأمعاء غير مضمون. فالسعرات الحرارية، والبروتينات اللازمة لبناء الجسم، وإمداده بالطاقة، يمكن تغذيتها بالمحاليل، وكذلك المعادن الأساسية والفيتامينات.

2. الإسهال الناتج عن القولون العصبي Spastic Colon

يُحدث حالة من الألم أو الضيق بالبطن، مصحوباً بشعور الامتلاء والانتفاخ واضطراب البراز، دون مرض عضوي واضح. وهو من أكثر أمراض الجهاز الهضمي شيوعاً، وذلك لارتباطه بالتوتر، والأرق.

أ. الأعراض

أعراضه الثلاثة الرئيسية هي:

(1) ألم البطن

يتفاوت الألم، من مجرد شعور بالضيق، إلى ألم شديد بالبطن، ويصيب أي جزء منه، خصوصاً أسفل البطن، في الجانب الأيسر. وألم القولون يعقب ـ عادة ـ تناول الطعام، ويزول بعد التبرز، أو يزداد عقب التبرز.

(2) اضطرابات التبرز

مثل الإسهال، أو الإمساك، أو الحالتين معا. ويكثر إفراز المخاط، مع عدم وجود دم في البراز.

(3) الانتفاخ

شعور بالامتلاء، والضيق والألم، قد يكون موضعه الناحية اليسرى من البطن، وهو أعلى جزء من القولون، فيظن المريض أنه يعانى من مرض بالقلب أو الطحال. وقد يكون الانتفاخ والألم بالجانب الأيمن، فيتوهم المريض أنه يعانى مرضاً في الكبد أو المرارة. أو قد يكون الألم في الناحية اليمنى أسفل البطن، مثل التهاب الزائدة الدودية. ولدى النساء قد تماثل آلامه الآلام الخاصة بالتهاب المبيضين. وكثيراً ما تختلط أعراض القولون العصبي، بأعراض الألم الناتج عن أمراض المسالك البولية، أو الظهر.

ب. التشخيص

فحص المريض لتحديد موضع الألم. ومع أن استعمال المنظار القولوني لن يكشف أكثر من تقلص الأمعاء، وغزارة الإفراز المخاطي، لكنه يساعد في استبعاد الأمراض العضوية الأخرى وأهمها الأورام. وكذلك يفحص القولون بأشعة الباريوم. أما فحص البراز فقد يكشف عن مسببات أخرى بكتيرية أو طفيلية، خاصة في أمراض المناطق الحارة، كالدوسنتاريا والأميبا والبلهارسيا. وهذه المسببات يجب المبادرة إلى علاجها، لأنها قابلة للشفاء.

ج. الأسباب

(1) القلق النفسي والاكتئاب، هما أهم الأسباب، ويعد القولون العصبي جزء من اضطراب عام يشمل القناة الهضمية كلها من المريء إلى الشرج، فيختل الأداء في عضلات القناة وأعصابها؛ ما يؤدي إلى سرعة مرور المحتويات والإسهال، أو العكس، أي تقلص العضلات واحتجاز المحتويات ما يسبب الإمساك. وهذا الاختلال الوظيفي قد يعم، فيشمل أجهزة أخــرى، كالمثـانة البولية أو الرحم، فيسبب كثرة التبول أو عسر الطمث.

(2) هناك أسباب أخرى للقولون العصبي لها ارتباط وثيق بنوع الغذاء، مثل عدم هضم اللبن لنقص أنزيم اللاكتاز، وحدوث الانتفاخ والغازات بالبطن عقب تناول أكلات معينة، كالبقول والبصل أو الثوم. إن نقص الألياف من الأغذية، مثل الردة واستخدام الدقيق الفاخر والرغيف الأبيض، يحرم الجسم من عنصر أساسي في الغذاء السليم، له دور مهم في تشكيل حجم البراز المطلوب، لتنبيه عضلات الأمعاء وحفز حركتها. وقد ساعد ذلك على انتشار متاعب القولون، لدى الشعوب المتحضرة

(3) من أسباب القولون العصبي كذلك، تعرض القولون إلى مرض سابق، وأن كان قد عولج منه مثل الحمى المعوية، أو الدوسنتاريا، أو البلهارسيا، فمثل هذه الإصابات السابقة، على الرغم من شفائها، فإنها تحدث نوعاً من الخلل الوظيفي في أعصاب وعضلات القناة الهضمية وعضلاتها، يصعب علاجه.

د. العلاج

يُعالج القولون العصبي، بعد معرفة أسبابه ودواعيه، على النحو الآتي:

(1) قيام علاقة متفاهمة ومتعاطفة بين الطبيب ومريضه، أساسها الوضوح والتشجيع والثقة، لأن السبب الرئيسي للقولون العصبي هو التوتر والقلق.

(2) تجنب تناول الأغذية، التي قد تسبب حدوثه مثل اللبن، والبقول، والتوابل والبصل، والثوم، والفلفل، وغيرها من الأغذية.

(3) هناك مصادر أخرى لمتاعب القولون سببها كثرة ابتلاع الهواء، مع بلع الريق، أو مضغ اللبان، ومص الحلوى، أو بلع الهواء أثناء التدخين، أو شرب المياه الغازية.وكذلك كثرة الإفرازات المتساقطة من الأنف والحلق والزور، وما يصاحبها، عادة، من كثرة بلع الريق. ويمكن علاج مثل هذه الحالات باستخدام أدوية طاردة للغازات، مثل الفحم أو زيت النعناع.

(4) لمنع تقلص الأمعاء وآلامها، هناك مجموعة كبيرة من الأدوية المضادة للتقلصات Antispasmodics، وأدوية مطمئنة للقلق Tranquilizers، أو أدوية مهدئة للأعصاب.Sedatives

(5) القلق كثيراً ما يصاحبه الاكتئاب، لذلك، فإن مثل هذه الحالات قد تحتاج إلى رعاية متخصصة، في الطب النفسي.

3. الإسهال الناتج عن أورام الأمعاء

أ. الأعراض والتشخيص

لا تكشف أعراض أورام القولون والمستقيم، عن علامات محددة في المرحلة المبكرة، ولكن عند حدوث إسهال أو إمساك، أو كلاهما، بعد منتصف العمر، مصحوباً بألم في البطن، أو دم في البراز، يوجب فحص القولون فحصاً شاملاً، في غاية الاهتمام والحذر. كما أن الفحص الإكلينيكي وفحص الشرج بالإصبع، قد يكشف عن ورم في القولون نفسه، كذلك المنظار القولوني باستعمال الألياف الضوئية، يُمكّن من أخذ العينات النسيجية للفحص الباثولوجي.

كذلك يمكن فحص المستقيم والقولون بأشعة الباريوم في الحقنة الشرجية، وفحص البطن بأشعة الكمبيوتر المقطعية، لتحديد مدى انتشار الورم من جدار القولون إلى الخارج.

ولمّا كان الكبد هو المحطة الأولى، التي قد ينتشر إليها الورم من الأمعاء، لذا ينبغي تقييم حالة الكبد، بالفحص الإكلينيكي، والموجات فوق الصوتية، والنظائر المشعة، وأشعة الكمبيوتر المقطعية. وكذلك عمل صورة الدم، وفحص البراز للدم المختفي، والبحث عن دلالات الأورام المختلفة.

ب. العلاج

(1) يكون علاج أورام القولون والمستقيم الصغيرة والمتعددة، سلائل Polyps، عادة باستئصالها من خلال المنظار، ثم فحصها باثولوجياً لمعرفة طبيعة الخلايا، وهل هي حميدة أم خبيثة. ويجب فحص القولون والمستقيم بالمنظار سنوياً، لاكتشاف أي أورام جديدة لاستئصالها.

(2) أما سرطان القولون والمستقيم Cancer Colon، فعلاجه جراحي في المقام الأول، عن طريق الاستئصال الجذري، الذي يحتاج، عادة، لاستئصال نصف القولون، الأيمن أو الأيسر، حسب مكان الورم.

(3) أما علاج الأورام بالإشعاع، أو بالكيماويات، فيكون عقب العلاج الجراحي، أو في الأورام التي لا يمكن استئصالها جراحيا. ويجب متابعة المريض بالفحص الإكلينيكي، والمنظار، وتحليل الدم لدلائل الأورام، ثم فحص البطن بالموجات فوق الصوتية، للمراقبة المستمرة للكبد، بحثاً عن أي أورام ثانوية به، وقد تستجيب أحياناً للعلاج الكيمائي عن طريق شريان الكبد. وفي حالات نادرة يمكن استئصال فص من الكبد، إذا كان الورم الثانوي محدوداً.

4. إسهال التهابات الأمعاء

قد يكون التهاب الأمعاء حاداً أو مزمنا، وقد يصيب الأمعاء الدقيقة، أو الأمعاء الغليظة، وأحياناً يشملهما معا، وقد يمتد إلى المعدة.

أ. الأسباب

أسباب الالتهاب متنوعة، بعضها يوصف بأنه نوعى، أي أن سببه معروف ومحدد، وبعضها غير نوعي، أي مجهول السبب. وأسباب الالتهاب النوعي قد تنشا من ميكروبات معينة، منها الفيروسات والبكتريا، ومنها الطفيليات والفطريات.

وهناك أنواع أخرى من التهاب الأمعاء، تتميز باختلال جهاز المناعة في الجسم، مثل مرض الإيدز، حيث يؤدي نقص المناعة إلى العدوى بميكروبات غير عادية، لا تصيب الجسم في الأحوال العادية، ويصعب تشخيصها وعلاجها، مثل الفيروسات والفطريات الضعيفة.

ب. الأنواع

(1) التهاب الأمعاء الفيروسي

تدخل الفيروسات الجهاز الهضمي، عادة، عن طريق الفم والحلق، وتصيب الأمعاء والمعدة. ومن أهمها فيروس الروتا Rota Virus، الذي يسبب مرضاً حاداً لفترة قصيرة، يتميز بارتفاع الحرارة، والأوجاع والإعياء، والغثيان أو القيء، ثم مغص في البطن والإسهال. هذا الإسهال قد يكون شديداً يؤدي إلى الجفاف، ويمكن علاجه بالمحاليل المناسبة المحتوية على الجلوكوز والأملاح مثل الصوديوم، والبوتاسيوم، وأغلب المرضى يشفون قبل أن تتاح الفرصة لتشخيص الفيروس بصورة مؤكدة.

هناك أنواع أخرى من الالتهاب المعوي الفيروسي، يكثر حدوثها بين السياح ونزلاء الفنادق، بصورة شبه وبائية. كما توجد أسباب أخرى غير فيروسية لمثل هذا الإسهال، المسمى إسهال السياح، منها بكتريا الأمعاء، وبكتريا التسمم الغذائي، وبعض أنـواع من الطفيليـات، مثـل الجيارديا والأميبا. وكلها إصابات قصيرة المدة، وقابلة للعلاج.

(2) التسمم الغذائي

يحدث التسمم الغذائي نتيجة لابتلاع مواد ضارة، تلهب المعدة والأمعاء، وتؤدي إلى المغص والقيء والإسهال، وفقد الماء والأملاح الضرورية. هذه المواد الضارة قد تكون أنواعا من البكتريا الملوثة للغذاء، مثل بكتريا السالمونيلا وبكتريا الكلوستريديوم، ومصادرها اللبن واللحوم والدواجن، وتتكاثر داخل الجسـم. وتحتاج أعراض التسمم إلى بعض الوقت، حتى تظهر. وقد تكون سموماً Toxins متولدة من البكتريا، وجاهزة للإصابة مباشرة، خلال ساعة أو نحوها، فيؤدي القيء والإسهال الناجمان عنها إلى الجفاف وانخفاض الحرارة.

مثال لذلك سموم الميكروب العنقودي Staphylococcus Toxins، التي تنتقل إلى الطعام ممن يشتركون في تداوله وإعداده، كالطهاة.

وهناك نوع ثالث من التسمم، هو تسمم المعلّبات Botulism، ومصدره المأكولات المحفوظة والمعلبات الملوثة، ويؤدي إلى شلل الأعصاب والأطراف.

ويصيب التسمم الغذائي عدة أفراد بشكل وبائي، جميعهم أكلوا من طعام مشترك. وهناك أسباب أخرى للتسمم الغذائي، مثل تناول بعض أنواع النباتات السّامة كعش الغراب، أو أنواع أخرى من الفطريات تختلط بالحبوب، كالقمح. وهناك مصادر أخرى حيوانية كالأسماك والمأكولات البحرية، التي قد تسبب أحياناً التسمم، فضلاً عن التسمم الغذائي بالمواد الكيميائية، والمبيدات الحشرية.

ولا يكتفي العلاج في مثل هذه الحالات بغسيل المعدة وتسكين الألم، وتعويض الجفاف، بل يجب جمع مخلفات القيء والبراز وبقايا الطعام، للتحليل وتحديد السبب، وكذلك فحص الأفراد، الذين يتداولون مثل هـذه الأطعمة، لوقاية المجتمع.

(3) إسهال الكوليرا

مرض معدي وحاد، يتميز بإسهال شديد مع فقدان للسوائل والأملاح؛ ما يؤدي إلى جفاف الجسم وفشل الكليتين. وسببه ميكروب من فضلات الإنسان، يلوث المياه والطعام، ويعيش هذا الميكروب متوطناً في مناطق من آسيا خاصة الهند، وينطلق في موجات وبائية إلى بلاد كثيرة.

وتمر العدوى بميكروب الكوليرا بمرحلة حضانة، تستغرق عدة ساعات إلى أيام قليلة، ثم يحدث القيء والإسهال بصورة عنيفة، مصحوبين بالمغص وتقلص العضلات، وهبوط الدورة الدموية، وقد يفضي ذلك إلى الموت خلال 24 ساعة. وهناك حالات أخف من ذلك بكثير، كما يوجد حاملو الميكروب، الذين لا يشكون من أعراض، أو يشكون فقط من إسهال خفيف.

وقد اتضح أن سبب الكوليرا ليس خللاً في الأمعاء، وإنما فرط الإفراز منها. ويعتمد العلاج على تعويض الفاقد من الجسم، بإعطاء محلول الملح والجلوكوز، مضافاً إليه البيكربونات "لمنع حموضة الدم" والبوتاسيوم، عن طريق الفم، عادة، أو في الوريد، إذا لزم الأمر. وأما التطعيم فقيمته ومفعوله محدودان.

(4) إسهال التيفود والباراتيفويد

تسبب هذه المجموعة، من بكتريا السالمونيلا التيفودية والباراتيفويدية Salmonella Typhi & Paratyphi، حمى مستمرة لعدة أسابيع، مصحوبة باضطراب في الأمعاء. ويكون مصدر العدوى، غالباً، مياه الشرب، أو الأطعمة الملوثة بفضلات الآدميين، من المرضى أو حاملي الميكروب.

وتنتشر هذه الأمراض بصورة متوطنة في المناطق، التي لا يتم فيها مراعاة وسائل الصحة العامة والنظافة، في مياه الشرب والصرف.

ينتقل الميكروب، بعد ابتلاعه من الأمعاء، إلى الكبد والطحال والعقد الليمفاوية ونخاع العظم، حيث يتكاثر، وهي مرحلة الحضانة الكامنة. وتستغرق أسبوعا إلى ثلاثة أسابيع، ينتقل بعدها الميكروب ليغزو الدم بأعداد كبيرة. فتبدأ الحمى وتستمر في المتوسط ثلاثة أسابيع، تتراجع بعدها حتى تشفي. وفي أثناء المرض يشعر المريض باضطراب الأمعاء، وإمساك أو إسهال، وانتفاخ البطن، ويكون اللسان، عادة، مغطى بطبقة كثيفة، والطحال متضخماً محسوساً. أما في الأطفال، فيظهر التيفود، عادة، على شكل نزلة حادة في المعدة والأمعاء،ويغلب عليها الإسهال الشديد.

ويتأكد تشخيص المرض بزرع الميكروب من الدم أو البراز، كما يساعد الاختبار المسمى "اختبار فيدال" Vidal Test، في الكشف عن ظهور الأجسام المناعية المضادة في الدم.

ويعالج هذا المرض، عادة، بالمضادات الحيوية.

(5) الدوسنتاريا

يطلق اسم "الدوسنتاريا" على مجموعة من الأمراض المٌعْدية، التي تسبب التهاب الأمعاء الدقيقة والغليظة، وتتميز بالإسهال المصحوب بالمخاط والدم، مع آلام بالبطن. ومن أشهر أنواعها، الدوسنتاريا الباسيلية، والدوسنتاريا الأميبية.

(أ) الدوسنتاريا الباسيلية

يسببها ميكروب الشيجلا Shigella العصوي الشكل، وتنتقل العدوى في البراز من المريض، أو حامل الميكروب، عن طريق ماء الشرب، أو الأطعمة، أو الذباب، وتنتشر بين الأطفال في المدارس والمعاهد. وتصيب الدوسنتاريا أساساً، الأمعاء الغليظة، ويفرز الميكروب المادة السامة التي تنتشر، ويمتد ضررها إلى ما بعد الأمعاء.

يبدأ المرض عادة بصداع، وارتفاع في درجة الحرارة، وغثيان، ومغص وإسهال، قد يصاحبه دم. ويستمر المرض أياماً قليلة، يُشفي بعدها. ويندر أن يتحول المريض إلى حامل مزمن للميكروب. أما الحالات الشديدة، فترتفع فيها الحرارة، ويزداد ألم البطن والإسهال مع فقد السوائل، وحدوث مضاعفات خطيرة، كالتهاب الأمعاء، والتهاب الأعصاب، والتهاب قرحة العين، والتهاب البريتون.

ويعتمد علاج الدوسنتاريا الباسيلية على فصل الميكروب من البراز، والراحة، وتعويض السوائل المفقودة، وتناول المضادات الحيوية المناسبة.

(ب) الدوسنتاريا الأميبية

يسببها طفيل "أنتميبا هستولتكا Entaemeba Histolytica، الذي يعيش في القولون ويهاجم جدار الأمعاء، وقد ينتقل إلى الكبد فيحدث فيه خراجاً أو أكثر. أو قد يتحوصل الطُفيل في أكياس منيعة تستقر في جوف الأمعاء، ثم تخرج مع البراز، ومنه تنتقل إلى شخص آخر، عن طريق الفم وتلوث مياه الشرب والأطعمة، والذباب.

وأكثر مناطق الأمعاء إصابة بالأميبا، هي القولون السيني والمستقيم، وتهاجم الأميبا الغشاء المخاطي وتسبب تقرحه. وهذه القروح المتناثرة، تترك بقية الغشاء المخاطي سليماً فيما بينها، وتلتئم دون أن تترك ضرر.

ويبدأ المرض، عادة، في صورة، إسهال خفيف؛ وألم بالبطن وارتفاع بسيط في الحرارة، مع زيادة مرات التبرز، ووجود دم بالبراز.

وتشخيص الدوسنتاريا الأميبية يكون من طريق فحص القولون بالمنظار، الذي يبيّن القروح المتناثرة، تاركة بقية الغشاء المخاطي سليماً فيما بينها. وهو شكل يختلف عن الدوسنتاريا الباسيلية، وعن التهاب القولون غير النوعي، حيث يكون غشاء الأمعاء ملتهباً التهاباً شاملاً منتشراً. أما تحليل البراز فيجب أن يكون بعد التبرز مباشرة، حتى يُمكن التّعرف على الأميبا وهي نشيطة، وقبل أن تسكن وتتحوصل. وتعالج الدوسنتاريا الأميبية بأدوية متعددة، أكثرها استعمالاً المترونيدازول Metronidazol.

(ج) بلهارسيا الأمعاء

يُصيب مرض البلهارسيا، ملايين الناس خاصة في المناطق الريفية، وهو يستحق اهتماماً خاصاً، نظراً لمضاعفاته الخطيرة على المسالك البولية والأمعاء والكبد والرئة، وغيرهـا من أعضاء الجسم.

تظهر أعراض بلهارسيا الأمعاء كألم في البطن، وإسهال، ومخاط غزير ودم في البراز. إضافة إلى مضاعفاته بسبب الأنيميا وسوء التغذية من النزف.

ويعتمد تشخيص بلهارسيا الأمعاء، على رؤية البويضات في البراز بالميكروسكوب. أما منظار الشرج والقولون، فيستخدمان لأخذ عينة من الغشاء المخاطي، للبحث عن البويضات الكامنة. كما يساعد أيضاً التحليل المناعي في التشخيص.

وقد أصبح علاج البلهارسيا عن طريق استخدام دواء Praziquantel بالفم وليس بالحقن، في أقراص تعطى جرعة واحدة فقط. ويعد هذا الدواء أحدث ثورة في علاج البلهارسيا ومكافحتها، لأنه دواء سهل التناول، قصير المدة، وفعال وخال من الآثار الجانبية الخطيرة.

(6) تدرن الأمعاء والبريتون

يندر مرض تدرن الأمعاء في الدول المتقدمة، بينما عدد من الدول النامية، لا تزال تعاني منه. إلا أنه أصبح، في الغالب، أولياً بسبب تناول لبن ملوث، وليس ثانويا بسبب "تدرن الرئة".

يبدأ المرض باستقرار ميكروب الدرن في النسيج الليمفاوي للأمعاء، خاصة بقع باير Payer's patches، المتجمعة في نهاية اللفائفي، عند اتصاله بالقولون الأعور. وتتكدس الخلايا الملتهبة في تجمعات صغيرة كالدرنات، تدفع طريقها إلى الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، محدثة قرحاً دائرية مستعرضة الشكل، أو تجد طريقها إلى سطح الأمعاء، وتنتشر في الغشاء البريتوني وتلهبه. ويمتد الالتهاب من الأوعية الليمفاوية إلى الغشاء البريتوني؛ ما يؤدي إلى التصاق الأمعاء وانسدادها.

يصيب تدرن الأمعاء الصغار والكبار، وأعراضه ألم بالبطن وغثيان وإسهال، ثم أعراض عامة كارتفاع الحرارة والإعياء ونقص الوزن. ويبين الفحص الإكلينيكي ألماً في الجانب الأيمن السفلي من البطن، وقد يحس كالورم إذا كان التليف كثيفاً. ومثل هذه الحالات تصاحبها أعراض الانسداد المعوي الجزئي، كالمغص الشديد والانتفاخ، أو تتلاصق أجزاء من الأمعاء وتتصل بينها النواسير Fistulae، فتسبب سوء الامتصاص. وأحياناً ينتشر الالتهاب الدرني، فيشمل الغشاء البريتوني المبطن لتجويف البطن كله، ويصبح ملمس البطن أشبه بالعجين، وقد يمتلئ البطن بانسكاب السائل الناتج من الالتهاب، مسببا الاستسقاء Ascitis.

ويندر أن يكشف التشخيص من طريق فحص البراز عن وجود ميكروب التدرن، وإنما يُكتشف بسبب ارتفاع سرعة ترسيب الدم، واختبار الجلد للدرن، وفحص الأمعاء بأشعة الباريوم وبمنظار الأمعاء،والمنظار البريتوني لتشخيص التدرن والاستسقاء. ويستكمل فحص المريض بأشعة الصدر فحصاً روتينياً، وإن كانت النتيجة، عادة، سلبية.

ويُعالج تدرن الأمعاء بأدوية التدرن الرئوي المعروفة لمدة 18-24 شهراً. أما الجراحة فتستخدم عند حدوث مضاعفات، كانسداد الأمعاء أو تكوين القرح، أو النواسير.

(7) مرض "كرون" Chron´s Disease

هو التهاب مزمن مجهول السبب، يصيب القناة الهضمية، ويتميز بتكوين تجمعات خلوية حبيبية. ويتميز مرض كرون بأنه متقطع، يصيب منطقة محدودة من الأمعاء،، ثم ينتقل إلى منطقة أخرى، وأحياناً يصيب القولون أو المستقيم، أو يصعد إلى المعدة أو الفم. ويبدأ الالتهاب تحت الغشاء المخاطي، ويمتد ليشمل كل جدار الأمعاء، فتضيق وتتكون النواسير، وتتضخم العقد اللمفية المجـاورة له.

وأعراض مرض كرون هي: ألم متكرر بالبطن، وإسهال ممتزج بالدم، وتشققات حول الشرج، وارتفاع الحرارة ونقص الوزن، والتهاب المفاصل أو العين أو الجلد أو الكبد. ومن علامات المرض وفرة التليف وتكوين النواسير. ويحتاج تشخيص المرض إلى فحص الأمعاء بالأشعة والمنظار، وأخذ عيِّنة من الجزء المصاب، وأحياناً أخرى يضطر إلى فتح البطن، واستكشاف المرض.

والعلاج، عادة، تكون فائدته محدودة بالأدوية، مثل مركبات الكورتيزون أو السلفا، لذلك يُلجأ إلى الجراحة لاستئصال الجزء المريض،أو لعلاج المضاعفات كالنواسير أو انسداد الأمعاء.

(8) التهاب القولون التقرحي: Ulcerative Colitis

ينشأ هذا المرض، عادة، كالتهاب في الغشاء المخاطي، وتكوين خراريج صغيرة تنفجر وتصبح قروحا سطحية، في المستقيم والقولون، والأمعاء الدقيقة.

وأعراضه هي: إسهال متكرر أو مزمن، وبراز يغلب عليه المخاط، وأحياناً الصديد والدم، وقد يؤدي إلى فقد السيطرة على التحكم في الشرج،. وفي الحالات الشديدة يصبح القولون مؤلماً، قابلاً للتمدد والانتفاخ. إضافة إلى الأعراض العامة، مثل: التهاب المفاصل، والتهاب الجلد، والعين، والتهاب الكبد والقنوات المرارية، وارتفاع الحرارة، ,تورم أطراف الأصابع، والأنيميا، والهزال.

وقد يكون هذا المرض خفيفاً، يمر دون أن يشعر به أحد، أو يتكرر وينتشر ويتحول إلى السّرطان. وخطورته أنه يشخص خطأ كبواسير نازفة، أو إسهال عصبي، أو دوسنتاريا أميبية أو بكتيرية، ويظل يعالج شهوراً طويلة بأدوية كثيرة، على الرغم من استمرار الإسهال، ونزول الدم من الشرج.

ولذا، يجب فحص القولون بالمنظار، وأشعة الباريوم في كل حالة نزف من الشرج، خصوصاً بين كبار السن. أما المنظار فيكشف عن التهاب الغشاء المخاطي المبطن للمستقيم، ووجود قرح منتشرة، أو احتقان وتورم في الأنسجة المتهتكة. وأثناء الفحص المنظاري، ينبغي أخذ عينة نسيجية من الغشاء المخاطي لتحديد طبيعته. أما فحص القولون بأشعة الباريوم الشرجية، فيكشف عن علامات المرض الأخرى، مثل، قصر القولون وضياع تجاعيده، وانتشار القروح في جداره. كما يحدد الفحص، كذلك، مدى إصابة الأمعاء بالمرض. ويعتمد علاج التهاب القولون التقرحي على السّلفا ومركبات الكورتيزون.

وتستخدم الجراحة إذا فشل العلاج الباطني، أو إذا خِيف من حدوث السّرطان. وفي هذه الحالة يُستأصل القولون المصاب فقط، ويترك المستقيم والشرج، حتى يحتفظ المريض بالسيطرة والتحكم في الإخراج، وأحيانا يُستأصل المستقيم، وتستعمل فتحة خارجية في جدار البطن لجمع البراز.

(9) سلس البراز أو التبرز اللاإرادي Fecal Incontinence

يحدث سلس البراز إذا قلت مساحة المستقيم، نتيجة جراحة في هذا المكان، فيصبح غير قابل للتمدد. أو قد تحدث في المستقيم التهابات شديدة وحادة، عند الإصابة بالدوسنتاريا مثلاً، فيفقد قدرته على التمدد والتحكم. كما قد تصاب الأعصاب المنظمة للإخراج بالفشل، نتيجة إصابة في النخاع الشوكي، أو بسبب التهاب الأعصاب المصاحب للسكر. كذلك قد تصاب العضلة العاصرة بالفشل نتيجة أمراض في الشرج، كالبواسير والناسور، أو بعد إجراء عملية لإزالة أورام أو بواسير داخلية.

ويعتمد العلاج أساساً على إزالة السّبب أو التأقلم على الوضع الجديد، واستعمال الوسائل المناسبة مثل الحفاضات وغيرها.