إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الألم









العوامل المؤثرة في ظاهرة الألم

العوامل المؤثرة في ظاهرة الألم

1. العوامل العضوية للألم

ويتأثر الألم بعوامل عضوية، مثل سلامة الألياف العصبية الناقلة للألم، وقدرتها على توصيل الإثارة المؤلمة لمراكز الإحساس العليا في المخ، ومستوى اليقظة (Consciousness)، للشخص الذي يقوم به الجهاز المنشط الشبكي (Reticular Activating System) (الذي يوجد أعلى جذع الدماغ، وأسفل قشرة المخ، وهو المسؤول عن حالة اليقظة)، وإفراز الناقلات العصبية داخل الجهاز العصبي مثل السيروتونين (Serotonin)، الذي يسكن الألم، وكذلك المواد الأفيونية التي سبقت الإشارة إليها وإلى دورها المهم في تسكين الألم. كما أن الإجهاد الجسماني ونقص القدرة على الاحتمال، تعدل من إدراك الألم، وتزيد الشعور به. فالشخص المجهد، جسدياً، تقل إطاقته للألم وقدرته على احتماله، فيزداد شعوره به، الأمر الذي يزيد من تعبه وإجهاده، فيزداد ثانية إدراكه للألم، وهكذا تحدث لديه دائرة مفرغه.

2. العوامل النفسية للألم

ويتأثر الألم بالعوامل النفسية، بدرجة كبيرة، فقد يكون الألم تعبيراً عن حالة مزاجية، أو تعبيراً عن صراع نفسي يعيشه المريض، إذ يكبت الصراع، ويعبر عنه، رمزياً، بالألم، ويكون هذا هو المكسب الأول، ويتبعه المكسب الثاني من الحصول على الاهتمام من المحيطين وإشباع احتياجاته، وهو المكسب الثانوي، وذلك كما يحدث في الهستيريا.

وقد يكون الألم تعبيراً عن عدوان كُبِتَ، أو تعبيراً عن شعور بالذنب وعقاب النفس، طلباً للمغفرة، وتكفيراً عن الذنب الذي يستشعره المريض. ولقد كان الألم يفهم، قديماً، على أنه ثمن للإثم الذي ارتُكب، لدرجة أن كلمة (Pain)، ومعناها الألم، مشتقة من كلمة يونانية تعني عقاب، ولا يزال هذا المفهوم سائداً في بعض الثقافات. إن طول فترة الألم والمعاناة، يُعَدّ تطهيراً للنفس والجسد من الذنوب التي اقترفها الشخص في مراحل حياته السابقة.

ولعل الفهم النفسي للألم، يفسر بعض الظواهر المؤلمة الغريبة، مثل الألم في حالات شبح الطرف (Phantom Limb)، وهو الطرف الذي بُتِرَ (Amputated)، ومع ذلك يشعر فيه الشخص بالألم على الرغم من أنه مبتور، وغير موجود بالجسد، لأن الجزء المبتور، ما زال جزءاً من صورة الجسد المتكونة في العقل، والتي لا يمكن تغييرها بسهولة. وكذلك ظاهرة الألم المزمن، في أحد أجزاء الجسم، والذي لا يوجد سبب عضوي لاستمراره، أو الألم الذي نتج بعد حادث في جزء كان مصاباً من الجسم، واسـتمر مؤلماً لفترة طويلة بعد الحادث، على الرغم من عدم وجود دلالات عضوية لأية آثار للإصابة تفسر استمرار الألم. وقد يكون دور العوامل النفسية هو تضخيم الشعور بالألم وتهويله، فمن المعروف أن هناك شخصيات تبالغ في إظهار الألم مثل الشخصية الهستيرية، التي تبالغ، بشكل عام، في إظهار انفعالاتها، ويكون تعبيرها عن الألم درامياً.

ولقد لوحظ أن المرضى الذين يصابون بالألم، كثيراً ما يظهرون ارتفاعاً على مقياس مينسـوتا المتعدد الأوجه ("M.MPI" "Minosota Multiphasic Inventory") الذي يُعَدّ مقياساً موسعاً لأبعاد وصفات الشخصية، في جزئيات توهم المرض (Hypochondriasis) والاكتئاب (Depression)، والهستيريا، وهذه الجزئيات الثلاثة، تعكس الميول الجسدية للانفعالات المختلفة، إذ يميل هؤلاء الأشخاص إلى التعبير عن معاناتهم الانفعالية، بصورة جسدية، إما في شكل اضطراب التجسيد (Somatization Disorder)، أو اضطراب التحول (Conversion Disorder)، أو توهم المرض (Hypochondriasis) ، أو الألم جسدي الشكل، أو اضطراب تشوه الجسد الوهمي (Body Dysmorphic Disorder).ويكثر انتشار الألم بين الإناث، فتصل نسبته إلى ضعفها لدى الذكور، وقمة انتشاره في العقدين، الرابع والخامس، كما يزداد انتشاره بين الطبقات الكادحة.

3. العوامل الاجتماعية للألم

يظهر مرضى الألم، غالباً، عدم رضى عن دورهم في الحياة، من عمل وعلاقات زواجية، وقد يصل الأمر إلى عدم الرضـا عن الجنس، كنوع للشخص. فإذا كانت امرأة، مثلاً، فإنها تكون غير راضية عن كونها أنثى، وتكره حدوث الدورة الشهرية (الحيض). كما يكون لدى المرضى صعوبة في التواصل مع بيئتهم. والمرض، في صورة الألم، يحقق لهم تواصلاً واهتماماً من المحيطين بهم، ولكن الاهتمام والرعاية من المحيطين، في الوقت نفسه، تنميان الدور المرضي (sick role) لدى هؤلاء المرضى، فيتمسكون بالمرض، أي بالألم، لما يحققه لهم من اهتمام ينالونه من الآخرين.