إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الأثر النفسي لتطبيق الحدود الشرعية









3

3. حدّ الزنا

     تُعَدّ الغريزة الجنسية إحدى الغرائز الأساسية لدى الإنسان، وهي التي تحفظ له البقاء والاستمرار، من خلال التناسل. والإنسان بعد البلوغ، تتفجّر لديه هذه الطاقة، وتصبح مُلِحّة في أن تُشْبَع. وأحد التحديات في مرحلة المراهقة، هو كبْت تلك الطاقة، وإعلاء الغريزة، تفرغاً للإجادة في التعلم أو اكتساب مهنة، حتى يصل الإنسان إلى مرحلة الرشد، ويصبح قادراً على اختيار شريكه من الجنس الآخر، يقِيم عَلاقة دائمة به، من خلال الارتباط برباط مقدّس، هو الزواج، كي يَجِد الأبناء، الذين سوف يُولَدون من خلال العَلاقة الزوجية، ظروفاً ملائمة، لرعايتهم وتنشئتهم في كَنَف أُسرة تُعِدّهم ليكُونوا أفراداً صالحين في المجتمع. وبذلك، تَكُون الأُسرة نِواة للمجتمع، تُشبِع حاجات أفرادها، وتُوفّر لهم الشعور بالأمان، وتعطيهم الرعاية اللازمة، وتُعِدّهم لحَمْل أمانة المستقبل للأُسرة والمجتمع والدولة. أمّا إذا تم إشباع الغريزة الجنسية بعد البلوغ، من خلال عَلاقة غير مشروعة، فإن هذا سوف يتبعه ميلاد أطفال السِّفَاح، غير الشرعيين، الذين لن يجدوا أُسراً في انتظارهم، وسوف يصبحون لُقَطاء، ويَكثُر أطفال الشوارع والمشردون، وغالباً ما يضطرب سلوكهم، ليهدِّدوا أمْن المجتمع واستقراره. وإذا سلّمنا بأن وسائل مَنْع الحَمْل المختلفة، قد تنجح في مَنْع الإنجاب، والحدّ من هذه الظاهرة، فإنها من ناحية أخرى، تبدد طاقة الحب في عَلاقات غير مثمرة سوى اللَّذة الوقتية، وتؤجّل العَلاقات المشروعة، التي تقِيم الأُسر، وتَهَب المجتمع أبناء يحملون أمانة مستقبله. فيتهدَّد المجتمع بالفَناء، كما هو الحال في كثير من الدول الغربية، التي يتناقص عدد سكانها، ويمثّل تعداد سكانها بيانياً، بهَرَم مقلوب قمته، وهم كِبار السِّنّ، أكثر من عدد أطفاله، وهم قاعدة الهرم. ولعلّ ما تقدّمه تلك الدول الغنية إلى دول العالم الثالث، من دَعْم لبرامج تنظيم الأُسرة، قد يكْمُن خلْفه خوفها من التفوّق العددي، الذي قد يغزوها يوماً ما. ومن ثَمّ، فإن العَلاقات الآثمة المحرّمة، تبدِّد طاقة الحب لدى الفرد، دون عائد، أو ينتج منها ولادات السِّفَاح، ويَكثُر في المجتمعات فاقِدو الأب واللُّقَطاء، فيهتز استقرار المجتمع.

     كما أن هذه العَلاقة المحرّمة مع امرأة متزوجة، ارتضت الارتباط بزوج، وقبِلت أن تكُون أمّاً لأولاده، وشريكة له، يجعلها تتمرد على حياتها مع زوجها، بل ترفضه جنسياً، اكتفاء  بما تحقِّقه من إشباع، من خلال عَلاقة آثمة، مما يترتب عليه مشكلات، تهدِّد استقرار الأُسرة وراحة أطفالها. ويروي أحد الأطباء النفسيين قصة سيدة كانت راضية بعَلاقتها الزوجية، على الرغم من عدم الارتواء من زوجها، إذْ كانت العَلاقة الزوجية بينهما رتيبة، غير باعثة على الإثارة. استدرجها زميلها، في العمل، برضاءٍ منها، لإقامة عَلاقة به، حركت الإثارة لديها، وشعرت بالإشباع، فبدأت في رفض زوجها، عاطفياً، وافتعال المشاكل معه لأَتْفَه الأسباب، وهدَّدت بتَرْك البيت، بل تركته عدة مرات، على الرغم من أن لديها ثلاثة من الأبناء. وانعكس عدم استقرار البيت، وتوتر جوّ الأُسرة، في مرض أحد الأبناء الثلاثة، نفسياً، وتطلَّب علاجه النفسي البحث عن السبب، الذي تمثَّل في عصبية الأمِّ، وسرعة استثارتها، وعدم تحمّلها. وكان لا بدّ من علاج السبب، وهي الأمّ، التي اعترفت، خلال العلاج النفسي، بعَلاقتها غير المشروعة. ومن خلال تقوية الذات، والاستبصار بالواقع الذي تعيشه، وبتحقيق قَدْر من النضج والشعور بالمسؤولية، وَاتَتْها القدرة على قَطْع عَلاقتها غير المشروعة، حفاظاً على بيتها وأولادها. ومن خلال بعض الإرشادات المساعدة، حققت الإشباع في عَلاقتها بزوجها، وكان لذلك تأثير إيجابي في نفسيتها، إذْ إنها كانت في صراع نفسي تجاه تلك العَلاقة غير المشروعة، وكثيراً ما كانت تكتم صوت ضميرها، وتغالط نفسها. وكانت في اندفاعها وراء الغريزة، في غربة عن نفسها، وعن قِيمها التي تربّت عليها، ومن ثَمّ، بعيدة عن رَبِّها. فاللجوء إلى المتعة الوقتية، على الرغم من أنه حقق لها الارتواء الجنسي، إلا أنه أفقدها التوازن النفسي، إذْ مالت إلى الغريزة على حساب القِيم، متناسية الواقع الذي تعيشه، فاختل أداؤها لهذا الواقع، وهو حياتها الزوجية كزوجة، واختل أداؤها لدورها كأمّ، وظهر ذلك في مرض أحد أطفالها، نفسياً.

     وإذا كان هذا مثالاً لزنا المرأة المتزوجة، فهناك أمثلة عديدة لزنا الرجال المتزوجين، وللأسف إن بعضهم يَعُدّ هذا تأكيداً لرجولته، وأن امرأة واحدة لا تكفيه. وقد جعل الإسلام علاجاً لهذه القضية، بأن أحلّ للرجل أربعاً من النساء، يجمع بينهن. ولكن، يكُون لدى الزاني، أحياناً، عقدة الميل إلى المرأة التي تكُون في عِصمة رَجل آخر، وتلك عقدة قد تكُون من بقايا الطفولة، حين كان يتطلّع إلى أمّه ( التي هي النموذج الأول للمرأة في حياته )، وهي في عِصمة أبيه. ومن ثَمّ، فإن الإغراء، الذي يحسه تجاه المتزوجة يكُون لديه أقوى من الذي يحسه تجاه غيرها، لأن العَلاقة بها، تمثل انتصاراً على رجولة رَجل آخر، وهو ما كان يشعر بافتقاده عندما كان صغيراً، يقارن نفسه برجولة أبيه، فكان يُحْبِطه أنه ليس كفؤاً لمنافسة هذا الأب القوي. لذا، فإن عَلاقة الزنا بالمتزوجات بشكل خاص، هي إشباع وتعويض لهذا النقص، وتأكيد للرجولة المشكوك فيها، مقارنة برَجل آخر، وبحثاً عن انتصار على رَجل آخر، تعويضاً عن الانهزام السابق في الطفولة.

     وبافتراض وجود المجتمع، الذي يبيح الزنا، ويُعْلِي قِيمة اللّذة الوقتية على قيمة الأُسرة، فلا شك أن روابطه سوف تتفكك، ولن يعرف الأبناء آباءهم، والعكس صحيح أيضاً. الأمر الذي يترتب عليه عدم شعور الآباء بالمسؤولية تجاه هؤلاء الأبناء أو رعايتهم والعمل على رفاهيتهم، فما الذي يَدفع الرَّجل إلى الارتباط بعمل، إذا لم يشعر بمسؤولية وأهمية وجوده واستمراره من خلال أُسرة أو أبناء يرعاهم!

     والزنا، إضافة إلى ما يُحْدِثه من خَلَل في عَلاقة الأفراد بعضهم ببعض، ينشر الأمراض السارية، مثل الزهري والسيلان والإيدز، فيؤثر، سلباً، في الصحة الجسدية، كما يؤثر، سلباً، في الصحة النفسية. لذا، كان تحريمه ووضْع الحدّ لِمَن يخالف هذا التشريع، حتى يتجه الأفراد إلى إقامة عَلاقة مشروعة يرضى عنها الخالق ثم المجتمع، تثمر الأبناء، الذين يَجدُون من يرعاهم، ويوفر لهم الأمان، من خلال جوّ الأُسرة، التي تربّي قيماً، في أبنائها، وتُعِدّهم، من ثَمّ، للسعي مسلحين بقِيَم ومُثلٍ في حياتهم. وهكذا، تنتقل أمانة المسؤولية بين الأجيال في المجتمع الإسلامي من خلال القدوة  والإعداد الملائمين للأجيال التالية.

     إن الإسلام بوضع حدّ للزانية والزاني، وإباحة الطلاق، وتشريع تَعدُّد الزوجات، لم يترك ثَغرة، تُبيح للإنسان اقتِراف هذا الإثم، فقد أقفل أمامه كل ما يمكِن أن يتعلّل به، تحقيقاً لراحة الإنسان النفسية، فلا يتهدَّد عرضه من رَجل آخر، ولا يُهدِّد هو عِرض رَجل آخر، ليتفرغ أفراد المجتمع لأداء أدوارهم بالمَوَدَّة والرحمة، داخل الأُسرة لرعاية أطفالها، وخارجها بإجادة أعمالهم، وبناء حضارة راقية. ولا عَجَب أن الحضارات تقُوم عندما تُرشّد الغريزة بالطُّرق المشروعة، ويتمّ التسامي، إعلاءً للقِيم، وعملاً من أَجْل المستقبل.

الشُّــذوذ

     وهو الخروج عن الفطرة السَّوِيَّة، وهو عمل كان يفعله قوم لوط، من إتيان الرَّجل للرَّجل. ولكنه لا يقتصر على جنس الرجال فقط، فالنساء أيضاً قد يأتين النساء، في ما يسمى بالمساحقة. ولذا، كانت تسمية ( الجنسية المِثْلِيَّة ) أو ( الجَنُوسِيَّة ) أكثر دِقَّة، لأنها تشمَل وصفاً لما يقع بين أفراد كل من الجنسين ( الرجال والنساء ) من شذوذ. وفي الجنوسية الكاملة بين الرجال، تنتقل إلى الفاعل الإيجابي، من طريق الميكروبات والفيروسات والفِطريات، أمراض عدة، أخطرها، حتى الآن، مرض الإيدز ( مرض نَقْص المناعة المُكْتَسَب )، الذي ينتقل بين الجنوسيين بصفة خاصة. وهناك تأثيرات نفسية للأفعال الجنوسية، تعتمد على الموقف النفسي للجنوسيّ من الفعل، إذْ إن بعض الجنوسيين قد يفعلون ذلك بدافع نفسي لاشعوري، ثم يلوم الشخص نفسه على الفعل بعد انتهائه، ويندم، ويعاقب نفسه على ذلك، ويَصِل عِقاب النفس، أحياناً، إلى محاولات الانتحار، وأحياناً الانتحار فعلاً. وهذا النوع من الجنوسيين هم غير المتوافقين مع الجنوسية، إذْ يرغب كل منهم أن يكُون طبيعياً في ميوله، ولكن تَغْلِبه ميوله المِثلية ( أي تجاه أفراد جنسه )، ويسبب له ذلك معاناة نفسية فيشعر أنه ليس كبقية أفراد جنسه، ويشعر بأنه شاذّ، ويُكثِر من لوم نفسه، وينعزل ويَكتَئِب، ويفشل في إقامة عَلاقة مشروعة، من خلال الزواج، على الرغم من أن لديه رغبة في الزواج وإنجاب أبناء وتكوين أُسرة.

     وهناك أمثلة عديدة لشباب عانوا هذا الاضطراب، ومَثُلوا للعلاج النفسي. ويذكر أحد أساتذة علم النفس، مِثالين، من هذا الاضطراب:

  1. شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، ومن أُسرة محافظة ومتديِّنة، وحاصل على مُؤَهّل جامعي، ويعمل في وظيفة مناسبة، تُلِحّ عليه أُسرته أن يرتبط بفتاة في خطوبة تمهيداً للزواج، وهو يرفض كل فتاة تُعرَض عليه، باختلاق عيب فيها، أو يتعلّل بعدم الارتياح إليها. وإزاء كَثْرَة إلحاح أُسرته عليه، حضر للعلاج النفسي، سِرّاً، من دون عِلم أُسرته، فأَفْضَى بسِرّه إلى الطبيب النفسي، وهو أنه لا يميل إلى جنس النساء، ويفضّل عليهن الرجال، ولكنه يعلم أن هذا الميل حرام، وغير مقبول، أخلاقياً واجتماعياً، فكان يكتم ميوله هذه وكان صراعه داخلياً ومعاناته ذاتية، ولا يقدر على الارتباط بأيّ من الفتيات، اللائِي عُرِضْنَ عليه. وهو وإن لم يرتكب عملاً جنوسياً بعد البلوغ، ولكن كان له خبرات جنسية مِثلية في الطفولة مع رفاقه من الصِّبْيَة، وعندما وصل البلوغ، عرف أن الجنوسية حرام، وأنها من فعل قوم لوط، الذين خُسِفَت بهم قريتهم من جرّاء تلك الفَعْلَة، فلم يَقْرَبها على الرغم من ميله إليها. ونظراً إلى قوة بناء جهاز القِيم لديه، ورغبته في العلاج، كان علاجه النفسي ميسوراً، وشُفِي، وتزوج فعلاً، وكوّن أُسرة.
  2. شاب في السابعة والعشرين من عمره، يحمل مُؤَهّلاً متوسطاً، ويعمل موظفاً في إحدى المصالح الحكومية، يقف على محطات الحافلات، ينظر إلى الرجال بصفة خاصة، حتى إذا وجد من لديه ميول مشابهه، ظَلاّ يتبادلان النظرات، ثم يتبع أحدهما الآخر إلى مكان يناسب الجنوسية الكاملة، التي يمارسها، حتى إذا ما انتهي من فَعْلَته، لا ينظر إلى وَجْه رفيقه، ويمضي مسرعاً، شاعراً بالخجل والمهانة والذلة. وعلى الرغم من ذلك، يعود مرة أخرى، ليكرّر فَعْلَته بعد فترة من الزمن. وبعد عدة أشهر، بدأ يَضِيق بهذا السلوك الجنوسي الرخيص، خاصة عندما بدا له أن زميلة في العمل، تميل إليه، وترغب في الاقتران به، وهو لا يجِد في نفسه ميلاً تجاه النساء. وعلى الرغم من أنه حضر للعلاج، إلا أن اللقاءات الشاذّة، كانت تُضعِف من إرادته واستمراره في العلاج. لأن الزواج يتطلّب منه عملاً موجباً، لا يقدِر عليه، ولا يشعر بميل إلى أدائه.

ولعلّنا نتساءل: ما الذي يَحدُث في البناء النفسي للشخص، ويجعله جنوسياً بهذا الشكل؟

     إن الإنسان يمرّ، في نموّه النفسي، بمرحلة حُبّ الذات والانشغال بها وبحاجاتها، بعيداً عن العالَم، وهو ما يطلق عليه النرجسية الأولية. ثم ينمو إلى مرحلة أخرى، وهي حُبّ المَثيل أو الشبيه، وهي مرحلة الانتماء إلى الجماعات من الجنس نفسه، في المرحلة الابتدائية. فيلعب الصبيّ مع الصبيان وتلعب البنت مع البنات. وقد يمارس الشذوذ في هذه المرحلة، وقد يجلب لذّة للطفل، وقد يعتادها الطفل في غياب التوجيه من الأهل. ويزيد الأمر سوءاً أن يكُون من يمارس الشذوذ مع الطفل شخصاً بالغاً، فيُوصِل إلى الطفل رسالة مفادها أن هذا الشذوذ أمر مرغوب فيه من الأشخاص البالغين، ولكنه يتمّ سِرّاً. ويحاول أن يظهر للطفل حُبّاً واهتماماً هو في حاجة إليهما، فيرتبط فعل الجنسية المِثلية بالحصول على الحُبّ والاهتمام. وبتكرار ذلك، يَثْبُت في نفس الطفل هذا الارتباط، ويصبح جزءاً من تكوينه النفسي، ويتوقف النمو النفسي للحُبّ لدى الطفل عند هذه المرحلة، والذي كان يجب أن ينتقل إلى المرحلة الثالثة، وهي حُبّ الجنس الآخر ( المغاير )، الذي يبزغ مع بداية البلوغ، تحت تأثير الهرمونات الجنسية. ولكن التوقف عند المرحلة السابقة، كما هو واضح، يُثبّت مشاعر الغريزة تجاه الجنس عينه، ويظل الفيصل بعد ذلك جهاز القِيم لديه، هل يتوافق مع طريقة الإشباع هذه للغريزة ؟ أو أنه لا يقبَل بذلك؟

     وإذا كان جهاز القِيم لدى الشخص لا يقبَل بذلك، فهذا هو النوع غير المتّسق مع الذات، إذْ يرفض الشخص شذوذه، وهو ما تَحدَّثنا عنه في السطور السابقة. أمّا إذا كان جهاز القِيم لدى الشخص قابلاً لهذه الطريقة الشاذّة لإشباع الغريزة، فهذه هي الجنوسية المتّسقة مع الذات. والمُصابون بها ليس لديهم مشكلة مع أنفسهم، ولكن مشكلاتهم مع المجتمع، الذي يَصِمهم بالشذوذ، ويرفضهم. وقد تكوّنت لهم جماعات في بعض دول العالَم، بل أصبحوا يمارسون ضغوطاً انتخابية لِكَسْب التأييد من السلطة المرشَّحة، بل أصبح لضغطهم صدًى إلى درجة أن شذوذهم ( الذي من هذا النوع ) تم حَذْفه من نطاق الانحرافات الجنسية النفسية في بعض التصنيفات للأمراض النفسية، كخطـوة للاعتراف بأن ممارستهم الجنوسية طبيعيـة، وليست شـاذة. وهـذا النوع من الجنوسيين لا يَشْكُون ولا يطلبون العلاج، إلا إذا اصطدموا بتشريعات المجتمع.

     إن إقامة الحدود في كل حالات الزنا أو الشذوذ، تساعد الفرد على تجنّب تلك الجرائم، وتُعِينه على أن يسيطر على الغريزة الجنسية، التي تُعَدّ من أقوى الغرائز، وذلك لأن الإنسان يُمكِنه أن يزين لنفسه طريق الفضيلة، كما يُمكِنه أن يزين لها طريق الرذيلة، وذلك من طريق تفكيره الهادف، الذي يتجه به إلى ما يشاء. فتفكير الإنسان السَّويّ يخضع لإرادته، ويُمكِنه أن يوجهه إلى تخيّل الحلال ومعايشته بدلاً من الحرام، خاصة إذا حافظ على المدخلات الحسية إلى عقله، من طريق السمع والبصر وباقي الحواس الخمس، بعيدة عما يؤدّي إلى المحرّمات. وإذا أَمكَن أن يتجنب الفرد ما يَضُرّ بصحته النفسية، ففي ذلك حفاظ أيضاً على وحدة بناء المجتمع، وهي الأُسرة، وسوف ينعكس هذا، بلا شك، على المجتمع ككل. ويأمن المسلمون على أعراضهم، ويَسْمُون بالغريزة، فتتجه طاقاتهم إلى بناء الحضارة المرجوّة لأُمّة هي "خير أُمّة أخرجت للناس".