إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / السلوك الجمعي









الارتباط بالجماعة Sociability

السلوك الجمعي

Collective Behavior

يُشير السلوك الجمعي بشكل عام إلى استجابات وأنماط من السلوك متشابهة يقوم بها بعض الأشخاص استجابة لمؤثر مشترك. والسلوك الجمعي غير تقليدي، أي لا يخضع لمعايير مقررة واضحة. والمعايير الاجتماعية تحدد إلى حد ما السلوك الاجتماعي، إلا أنه في حالة السلوك الجمعي، فإن التوقعات تكون كامنة وغير محددة، وقد تكون في بعض الأحيان متعارضة بحيث تترك الموقف غير محدد إلى درجة كبيرة.

يختلف السلوك الجمعي عن سلوك الجماعة Group behavior، حيث يفتقد السلوك الجمعي التنظيم والتفاعل بين الأشخاص، اللذين يجعلان منهم جماعة اجتماعية. وتظهر أشكال السلوك الجمعي في صور مختلفة من سلوك الجماهير، منها انتشار التقاليد، وتكوين الرأي العام، وقيام الحركات الاجتماعية Social Movements.

والسلوك الجمعي، كما حدده "هربرت بلومر" في مقالته الكلاسيكية التي تحمل الاسم نفسه، والصادرة عام 1951، هو نمط معين من السلوك الاجتماعي لا يلتزم فيه الناس بمعايير الحياة اليومية، ويستجيبون للأحداث والظواهر والأفكار بطرق غير تقليدية، مثل الحركات الاجتماعية. يبدأ السلوك الجمعي غالباً بالحشد أو بمجموعة مؤقتة من الناس، ترتبط معاً بخبرات مشتركة، ويُصنف في أربعة أنماط هي:

1. السلوك الجمعي السببي.

2. السلوك الجمعي التقليدي.

3. السلوك الجمعي العاطفي.

4. السلوك الجمعي المرتبط بالعنف.

وقد اهتمت الدراسات المبكرة في علم النفس الاجتماعي بدراسة سلوك الحشد Crowd. وهو أنماط سلوكية غير منتظمة، تختلف عن السمات والطباع الشخصية الحقيقية للأفراد المكونين لهذا الحشد. ويرجع إلى "جوستاف لوبون" الفضل في الكشف عن دراسة سلوك الحشد الذي يراه بصورة عامة تجمعاً للأفراد في مكان معين حسب المهنة أو الجنس في فرص معينة، حيث يحفز كل منهم الآخر.

ويُفترض أن للحشد أهمية خاصة من وجهة النظر السيكولوجية، ففي ظروف معينة يتجمع الناس مكونين خصائص جديدة، تختلف عن خصائص الأفراد المكونين لهذا التجمع، فيأخذ إحساس وأفكار أشخاص هذا التجمع شكلاً خاصاً واتجاهاً واحداً.

ويتكون السلوك الجمعي بخصائصه المميزة، من ثلاثة عناصر رئيسية:

·   تجمع لكائنات إنسانية بصورة مؤقتة.

·   يتسم هذا السلوك بأنه دون تنظيم.

·   المشاركة الوقتية في انفعال أو اهتمام أو هدف عام.

وللحشد خصائص معينة، مثل:

1. يعتبر الحضور في مكان معين الخاصية الأولى له، ويوجد الحشد أو التجمع حينما يكون هناك تفرّق، ولذا فهو جماعة مؤقتة، أما إذا كان الانضمام مخططاً، فالحشد يكون في طريقه لأن يصبح جماعة لها تنظيم شعوري.

2. يتميز التفاعل الاجتماعي في الحشد بأنه غير مضبوط، ولا يمكن التنبؤ به.

3. السلوك الجمعي لأعضاء الحشد على درجة معينة من التشابه.

4. كما يوصف الحشد بأنه تجمع غريزي، ومن عوامل تكوينه الإعجاب بالقائد وشعور أعضائه بالأمن والضمان.

وهناك تفسيرات مختلفة للسلوك الجمعي، فبعضها يرجعه إلى الانتشار والعدوى، مثل جوستاف لوبون. والعدوى ظاهرة عن طريقها يكون من السهل بناء السلوك الجمعي، فكل إحساس أو سلوك جمعي في الحشد إنما هو عدوى، بمعنى أن الفرد مستعد للاستجابة للمصالح الجمعية. وتفسيرات أخرى تنظر للسلوك الجمعي بوصفه تعبيراً عن تقارب الأفراد في الميول، والاستعدادات، والأفكار، والأهداف، والآمال. وترى نظريات أخرى بأنه سلوك منظم من طريق معيار اجتماعي يظهر في موقف أو مواقف اجتماعية معينة.

وعلى هذا فالسلوك الجمعي نتيجة مباشرة لمواقف عامة، تتميز بالتفاعل الواضح بين الأفراد، فتظهر الدوافع والنزعات، وتنتشر وتنتظم وتتحرك في اتجاه معين. وقد وصف "روبرت بارك" هذا السلوك في مقال له، يحمل عنوان "السلوك الجمعي" بقوله: "إنه السلوك الناتج من أي نوع من التماثل بين الكائنات الإنسانية، حينما يتحرك كل فرد ويفكر ويسلك تحت تأثير نزوع معين أو حالة عقلية، يشترك فيها مجموعة أفراد، بغض النظر عن الظروف العامة".

وقد انتشر هذا المصطلح بين علماء الاجتماع الأمريكيين، واستخدمه علماء النفس الاجتماعي، وعلماء السياسة في الإشارة إلى سمات معينة ترتبط بالسلوك الجمعي، مثل الإثارة الجمعية، والتوتر، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والتمرد، والحركات الثورية، والحركات الإصلاحية، والاستهتار، والانفعال، والهوس الجمعي. فكأن السلوك الجمعي له خصائص متميزة تجعل منه شكلاً خاصاً من أشكال السلوك الاجتماعي.

وعليه توجد مجموعة من القضايا التي تعتبر أساساً للسلوك الجمعي:

1. يظهر عند وقوع حادث معين يُشبه حادث وقع في الماضي، إلا أنه يحدث في الحاضر. أي أن دافع الموقف الحاضر مأخوذ من الماضي.

2. إن نشاط الإنسان يؤثر في نشاط الآخر، كما قد يخضع الآخرون لهذا النشاط الإنساني.

3. إن وحدة النشاط التي يتلقاها الإنسان من الآخرين أكثر قيمة، بل إنه يعطي النشاط قيمته من خلال نشاط الآخرين.

4. يتوقع الإنسان نشاط الآخرين بدرجة عالية.

5. يستاء الإنسان لاضطراب العدالة وما ينتج منه من فشل في تقصي الحقيقة.

لذا اهتم نفر غير قليل من علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي بدراسة السلوك الجمعي أو سلوك الجمهور، وذلك لرغبتهم في معرفة الحقائق الموضوعية المتعلقة بالجمهور وأفراده، وطريقة سلوكهم وتفاعلهم الواحد مع الآخر وقت اجتماعهم. فقد شاهد هؤلاء العلماء التغير الملحوظ الذي يطرأ على سلوك الأفراد وقت تجمهرهم واجتماعهم في مكان معين، خصوصاً عندما يتسم سلوكهم بصفات غريبة تختلف كل الاختلاف عن الصفات الاعتيادية التي تميز سلوكهم عندما يكونون في حالة استقلال وانفراد.

فسلوك الأفراد المتجمهرين يتسم عادة بالطابع الانفعالي والعاطفي، وذلك لما يقومون به من أعمال شاذة وغريبة لا يقومون بها في حياتهم الاعتيادية ـ كأعمال العنف والصياح والركض والقتل والحرق... إلخ.

وعلى الرغم من أن دراسة الجمهور تركز في الناحية غير المنظمة للسلوك الجمعي، إلا أن هناك صوراً أخرى من السلوك الجمعي المنظم الذي يتعلق بالجماهير، مثل المودات، وتعاقب حركات الركود والانتعاش الاقتصاديين.