إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الانتحار









مقدمة

الانتحار

      الانتحار هو إنهاء الشخص لحياته عن قصد. ويُعَدّ الانتحار من أكثر الطوارئ النفسية، ويصعب التعرف على المنتحرين بدقة. وهم، غالباً، غير قابلين للعلاج في العيادة الخارجية، ويقاومون دخول المستشفيات، ويكونون عرضة لتكرار محاولة الانتحار، أثناء العلاج.

      ويصل معدل انتشار الانتحار في الدول المتقدمة إلى 25 حالة انتحار في كل مائة ألف من المواطنين، ويقلّ عن ذلك في الدول الأقل تقدماً، إذ يُقَدّر بعشر حالات في كل مائة ألف. ولكن، هذه الأرقام لا تمثل الحقيقة تماماً، إذ إن هناك من يموتون منتحرين من دون أن يعرف ذلك، ومن يلقون حتفهم في حوادث سيارات، ويكون الدافع الحقيقي هو الانتحار. وهناك من ينتحرون ببطء، مثل من يهمل في اتباع نظام غذائي أو علاجي هام لحياته، مثل مريض السكر وضغط الدم المرتفع. كما أن الإدمان، قد يكون هدفاً للانتحار البطيء، إذ يكون ظاهره الحصول على لذة المخدر، وباطنه عداء الشخص لنفسه ورغبته في تدميرها. وعلى الرغم من أن محاولات النساء الانتحارية أربع أمثالها بين الذكور، إلاّ أن الانتحار الذي يودي بالحياة، فعلاً، أكثر بين الذكور عنه بين الإناث بنسبة (1:3). ويظهر العنف، في الطرق التي يلجأ إليها الرجال خلافاً للنساء، فالرجال ينتحرون بإطلاق الرصاص على أنفسهم، أو الشنق أو إلقاء أنفسهم من مكان مرتفع، أما النساء فينتحرن عادة بابتلاع العقاقير أو السم ولعل المقارنة واضحة في قصة انتحار (أنطونيو) بالسيف، بينما انتحرت (كليوباترا) بسُم الأفعى. ويعزى السبب في ذلك إلى دور هرمون الذكورة المرتبط بالعنف.

وهناك عوامل ترتبط بالانتحار أهمها:

1.   وجود اضطراب نفسي: فقد لوحظ أن أكثر من 90% ممن ينتحرون، أو يحاولون الانتحار، لديهم اضطراب نفسي مما يلي:

أ. الاكتئاب: وهو أكثر التشخيصات النفسية ارتباطاً بالانتحار، إذ إن المكتئب محبط، ورافض للحياة. وينتحر حوالي 15% ممن لديهم اكتئاب شديد. ولوحظ أن 80% من المنتحرين كانوا يعانون من الاكتئاب. وتزداد خطورة الاكتئاب حين تصاحبه أعراض ذهانية، أي أعراض خلل عقلي، في صورة اضطراب العلاقة بالواقع والفهم له، والضلالات والهلاوس.

ب. الإدمان: لوحظ أن 25% من المنتحرين كانوا مدمنين. والادمان لبعض المواد يطلق التثبيطات لدى المرضى المكتئبين؛ فيجعلهم يقدمون على الانتحار. ولعل هذا يفسر موت  كثيرين بتأثير جرعة زائدة من المادة ذات المفعول النفسي، التي يدمنونها.

ج. الاضطرابات النفسية التابعة للولادة، والاضطراب السابق لنزول الحيض.

د. الذهان: الذي فيه هلاوس تحث على تدمير الذات، أو ضلالات الشعور بالذنب. وهذه تحمل أخطار شديدة للانتحار.

هـ. اضطرابات الشخصية: إذ إن مضطرب الشخصية المزمن للسأم والملل، كثيراً ما يحاول الانتحار.

  1. وجود تاريخ لمحاولات انتحارية أو تهديدات: فلقد لوحظ أن 25 إلى 50% ممن ينتحرون قد سبق أن حاولوا  الانتحار، حتى من يحاولون الانتحار كطريقة لجذب الانتباه، قد تنجح إحدى المحاولات المتكررة، في إنهاء حياتهم.
  2. السن: لوحظ أن الانتحار غير شائع بين الأطفال، ولكنه يكثر بين المراهقين، ويصل إلى قمته لدى الرجال، مع  تقدم العمر، ليصل إلى قمته عند عمر الخامسة والسبعين وفي النساء بين الخامسة والخمسين والستين. كما  لوحظ أن أزمة منتصف العمر تتناقص أهميتها في حدوث الانتحار.
  3. الجنس: الرجال أكثر انتحاراً، على الرغم من كثرة المحالاوت من النساء.
  4. العوامل الاجتماعية: إذ تزداد أخطار الانتحار بين غير المتزوجين والأرامل والمطلقين ومن يعيشون وحدهم وفشلوا في حياتهم العاطفية كما يكثر الانتحار في المناطق الحضرية عن  المناطق الريفية.
  5. العوامل المهنية: يكثر الانتحار بين غير المهرة من العمال، والعاطلين، وبين بعض المهن، مثل رجال البوليس والموسيقيين والمحامين والأطباء. كما أن الفشل المهني كثيراً ما يرتبط بحدوث الانتحار.
  6. عوامل صحية: لوحظ أن 50% ممن حاولوا الانتحار كانوا مصابين بمرض جسماني أو ألم مزمن أو أجرى لهم عملية جراحية حديثاً، أو أن مرضهم سوف يودي بحياتهم مثل السرطان أو الإيدز.
  7. وجود تاريخ عائلي لحالات انتحار أو محاولات انتحار.
  8. عوامل بيولوجية: إذ لوحظ نقص السيروتونين، واتساع بطينات الدماغ، وشذوذ تخطيط الدماغ، في بعض الحالات. وهناك نظريات تفسر حدوث الانتحار، أهمها النظرية الاجتماعية عن الانتحار، التي ذكرها (إميل دور كايم)، في كتابه عن الانتحار عام ( 1897)، إذ يرى، من منظور اجتماعي بحت، أن الإنسان ينتحر أو يعيش طبقاً لموقفه من الجماعة، التي يعيش فيها. فهو ينتحر عندما تقل ارتباطاته الاجتماعية. لذا فإن الانتحار أكثر بين المطلقين، الذين ليس لديهم أطفال. أي الشخص الذي يصبح وحيداً، لا يستمد دوافع لوجوده من خلال علاقات تربطه بالآخرين، أو أنه على النقيض من ذلك لديه روابط اجتماعية قوية جداً حتى أنه ليضحي بنفسه من أجل الجماعة، مثلما يحدث في بعض الطوائف اليابانية، أو أنه ينتحر لأن علاقاته الاجتماعية قد اضطربت، فلا يستطيع تحملها ويقرر إنهاء حياته.

      أما النظرية الدينامية فترى أن طاقة العدوان، تتوجه ضد الذات بدلاً من أن تتوجه إلى شخص المحبوب، الذي كان مفروضاً أن تتجه إليه. كما أن شدة وصلابة الأنا الأعلى وتسلطه وقسوته، تلعب دوراً مهماً في الشعور بالذنب، الذي يتقرر بعده الانتحار تحت تأثير الشعور لدى المنتحر بأنه سيئ ولا يستحق الحياة، ويجب أن يكفر عما اقترفه من ذنوب. قد لا تكون حقيقية.

ويجب تقويم المحاولة الانتحارية، نفسياً، من خلال الإجابة على الأسئلة الآتية:

  1. هل الطريقة التي اختارها خطيرة فعلاً؟
  2. هل دُهش المريض لنجاته من الموت؟ وهل كان يثق بأن الطريقة التي استخدمها سوف تودي بحياته؟
  3. هل كان المريض يرغب في توصيل رسالة لمن حوله؟ أو أنه فقط أراد الموت؟
  4. هل نَفّذ الخطة بطريقة يسهل اكتشافها أم لا؟
  5. هل كانت الخطة اندفاعية، أو أنها مخططة بتعقل وروية؟
  6. هل الظروف النفسية والحياتية، التي أدت إلى المحاولة، قد تغيرت أم لا؟

وهناك عوامل تزيد من احتمال حدوث الانتحار ينبغي الاهتمام بها، وهي:

  1. وضع خطة الانتحار.
  2. حدوث محاولة سابقة.
  3. وجود قلق أو اكتئاب أو إرهاق.
  4. توفر وسيلة للانتحار.

5.   التحدث عن الانتحار.

6.   تحضير نفسه للانتحار، بإعطاء حاجاته للآخرين، أو كتابة ذلك.

7.   أزمة حياتيه، مثل حزن حاد، أو إجراء جراحه ميئوس من نجاحها.

8.   الهدوء، الذي يبدو عليه بعد فترة توتر، فيبدو وكأنه قد حسم أمره.

9.   تاريخ أسرى للانتحار.

10. التحسن المفاجئ في حالته النفسية من دون وجود مبررات منطقية كافية.